السريان والأرمن ( شهادة مشتركة ).....

المشرفون: ابو كابي م،مشرف

صورة العضو الرمزية
ابو كابي م
مشرف
مشرف
مشاركات: 2136
اشترك في: الثلاثاء يناير 26, 2010 10:00 pm

السريان والأرمن ( شهادة مشتركة ).....

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو كابي م »



السريان والأرمن ( شهادة مشتركة ) ... بقلم :الأب أيوب اسطيفان
تقديم
المطران ماسيس زوبويان
مطران الجزيرة للأرمن الأرثوذكس

الإهداء
إلى قداسة البطريرك
مار أغناطيوس زكا الأول عيواص
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس
و قداسة الكاثوليكوس آرام الأول
كاثوليكوس الأرمن في بيت كيليكية
وريثي مجد الأمتين العريقتين في الإيمان والتاريخ
السريان والأرمن
عربون محبة وتقدير

ولدكم القس أيوب اسطيفان

من خطاب قداسة البطريرك
مار اغناطيوس زكا الأول عيوا ص
بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس الذي ألقاه في كاتدرائية اتشميازين 26/9/1982

في هذه المناسبة التاريخية الجليلة وفي هذه اللحظات المقدسة, حيث يحتفل بالقداس الإلهي بهذه الكاتدرائية العريقة في القدم، ومن هذا المنبر المقدس، يسرنا ويشرفنا أن نخاطب الشعب الأرمني المسيحي المؤمن، وتعود بنا الذكرى في هذه اللحظات إلى سنين غابرة ونحن نسبر أغوار التاريخ الكنسي فنرى آباءنا السريان الذين حملوا مشعل الإنجيل المقدس وخاطبوا الشعب الأرمني في هذا المكان المبارك، باللغة السريانية فدانوا للمسيح، وهذا ما يزيدنا فخرا بآبائنا وآبائكم الميامين، أيها الشعب المبارك، إن كنيستنا السريانية وكنيستكم الأرمنية تستمدان عقائدهما من الوحي الإلهي المعلن في الكتاب المقدس بحسب تفسير الآباء القديسين، وثانيا من التقليدين الرسولي والكنسي الشريفين والكنسيتان تعترفان بعقيدة الإيمان المقررة في المجامع المسكونية الثلاثة مجمع نيقية 325 ومجمع القسطنطينية 381 ومجمع افسس431 .
أجل إن آباءنا وآباءكم على الرغم من الصعوبات ثبتوا على صخرة الإيمان، وسلمونا مشعل العقيدة السمحة منيرا مشعا، والتاريخ يشهد بأن كنيستينا كانتا ولا تزالان تتمسكان بهذا الإيمان المستقيم الرأي المسّلم اليهما مرة من القديسين، وكانتا عبر الدهور جنبا إلى جنب تدافعان ببسالة غير آبهين بالآلام والمتاعب والمشقات.
أيها الشعب المبارك، إننا نفتخر بكم وببلادكم العريقة بالحضارة والقدم والتي في الوقت نفسه قد تطورت وسارت في مضمار التقدم والازدهار شوطا عمرانيا وصناعيا وثقافيا، انكم شعب عظيم يحب أرضه، ويحب كنيسته وقد حافظ على تراثها الثمين ولغته الأرمنية الأصيلة، وقد سمعتم بشارة الإنجيل في القرون الأولى وهكذا دمتم للمسيحية واستنرتم بنور الإنجيل فاستمروا سائرين بالنور كما سار آباؤكم الأبرار.ليبارك الرب الإله شعبكم وأرضكم وكنيستكم دائما أبدا أمين.

مقدمة
بقلم المطران ماسيس زوبويان
مطران الجزيرة للأرمن الأرثوذكس
إلى جانب مختلف الشعوب في العالم, فإن الشعب الأرمني من خلال تاريخه الطويل وعلاقاته السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية، كانت له علاقات مميزة مع الشعب السرياني.
كان السريان عبر التاريخ أغنياءً بثقافتهم, وكانوا معروفين في القرن الأول الميلادي بأنهم تجار مهرة في الشرق والغرب، وقد استطاع رجال الدين السريان أن يصلوا إلى الهند ويبشروا هناك بإيمانهم المسيحي وثقافتهم أيضاٌ, وقد التقوا خلال هذه الرحلات بمختلف الشعوب, وتعرفوا إلى ثقافاتهم وعاداتهم.
وباعتبارنا أمتان جارتان كانت العلاقات الأرمنية - السريانية قوية, ووفقاً للمصادر السريانية فإن تجار ورجال الأعمال السريان كانوا يعملون في أرمينيا, حتى أنهم أسسوا فيها مدارسهم الخاصة وشكلوا جالية, وبالإضافة إلى تدريسهم الديانة المسيحية قاموا بتدريس اللغة والأدب السريانيين، كما كان رجال الدين الأرمن يمارسون طقوسهم وصلواتهم باللغة السريانية واليونانية.
استطاع السريان الذين كانوا يدرسون التعليم المسيحي في مدارسهم أن يذهبوا إلى خارج أرمينيا وخاصة مدرسة مار أفرام السرياني المشهورة في يديسيا (الرها).
وبعد اختراع الأبجدية الأرمنية كانت ترجمة الكتاب المقدس عن السريانية إلى الأرمنية أول عمل قام به (الآباء المترجمون).
إلى جانب المراجع السريانية هناك مراجع أرمنية تشير إلى العلاقات الطيبة بين الشعبين، ومن هذه المراجع ( تاريخ أكاتانكيغوس) لبافستوس البيزنطي (أعمال ماشتوتس) لكوريون, (تاريخ الأرمن) لغازار الباربي, و(تاريخ الأرمن) لموفسيس خوريناتسي.
عند دراسة العلاقات السريانية الأرمنية يجب ألا ننسى (كيرك توختوتس) كتاب المراثي الذي يجمع المراسلات التي تمت بين القرنين الخامس والسابع الميلاديين بين رجال الدين الأرمن والسريان, بالإضافة إلى اليونان والجورجيين, حيث كانوا يناقشون مختلف المسائل المتعلقة بالكنيسة والإيمان.
ضمن هذا الإطار تأتي مساهمة الأب أيوب اسطيفان الذي يعتبر من رجالات الدين البارزين في كتيبه (الأرمن والسريان شهادة مشتركة)، هذا الكتيب الذي يسلط الضوء على الشعبين الأرمني والسرياني وعن تاريخهما الكنسي ابتداء من الجد الأول للأرمن هايك ناهابيت وصولاً إلى القرن الحادي والعشرين، لذلك نوصي أبناءنا قراءة هذا الكتيب والتعرف عن كثب إلى العلاقات الأرمنية السريانية.
أخيراً نثمن عالياً للأب أيوب اسطيفان العمل المتقن الذي يعيدنا إلى التاريخ المشترك بين الشعبين, إلى العادات والتقاليد والثقافة, وإلى القيم التي لا تقدر بثمن, بالإضافة إلى الأحداث والوقائع فهو يتحدث عن وجوه ساهمت في تأسيس وإغناء الشهادة المشتركة للشعبين.

السريان والأرمن شهادة مشتركة
إن العلاقات التي تربط هذين الشعبين عريقة قديمة قِدم هذين الشعبين، فهما جاران لهما حدود مشتركة، يقول العلامة اوكين منا عندما يحدد منطقة عيش الشعب السرياني: يحدهم بلاد الأرمن شمالا ، هذه الجيرة تفرض علاقات ممّيزة من تبادل تجاري وزيارات متواصلة وبالتالي علاقات اجتماعية وثقافية وغيرها.
فلا يستطيع أحد أن يسبر غور هذه العلاقات لأنها كثيرة متأصلة متعددة، وللأسف فان الكتّاب والدارسين الذين تناولوا هذه العلاقة هُم قّلة قليلة نسبة إلى عراقة هذه العلاقة.

وهذه محاولة متواضعة ندلو بها بدلونا عسى أن تقدم خدمة في هذا المجال.
الأرمن (هم شعب يعود نسبهم إلى هايك ابن جومر بن يافث بن نوح، ويقول التاريخ إن هايك كان من المناظرين على بناء برج بابل إلا انه آبى السجود لبيل الجبار وهو نمرود الذي كان حينئذ ملك بابل فسار بعائلته وجماعته وكان عددهم 300 رجل إلى الجهات الشمالية قاصدا إقليم ارارط فبنوا مدينة سموها هايكاعمار أي مدينة هايك وملكوّه عليهم وذلك قبل المسيح بـ2167 سنة .
ثم أخذت دولة هايك تقوى والشعب ينمو والبلاد تمتد حتى صارت دولة ملكت نحو 3500 سنة وهكذا انتسبوا أولا إلى هايك هذا فكانوا يسمون هايكانية). فالشعب الأرمني هو من الجنس الهندوأوروبي، شعبا قويا صبورا على أعمال الزراعة، يحّذق الصناعات اليدوية ولإيجاريه شعب آخر في براعته التجارية، استغلوا أرضهم أحسن استغلال وأنتجوا الكثير من الثروة ما يكفي ليعيش ملوكهم معيشة الترف. أحتفظ الأرمن بحكومتهم المستقلة وعاداتهم وفنونهم الخاصة قروناً بدأت قبل فجر التاريخ المدون واستمرت إلى أن بسط الفرس سلطانهم على آسية بأكملها واثروا (الأرمن) في أيام ارجستس الثاني أعظم ملوكهم (حوالي 708 ق.م) من تعدين الحديد و بيعه إلى بلاد آسية واليونان وبلغوا درجة عظيمة من الرخاء وسهولة العيش والحضارة والآداب العامة وشادوا المباني العظيمة من الحجارة وصنعوا المزهريات والتماثيل الصغيرة الجميلة الدقيقة .

السريان هم من الشعوب السامية ينتسبون إلى آرام الابن الخامس لسام بن نوح (تك22:10)
(فهم إذا أبناء عم) وكانوا في أول عهدهم قبائل متنقلة تجوب الصحراء السورية وتضرب شمالاً باتجاه بلاد ما بين النهرين حتى وصلت إلى حران (على نهر البليخ ) ومنذ القرن الرابع عشر ق.م توجهوا إلى سورية حيث أخذوا بالاستقرار وإقامة المساكن الدائمة, لم يكن لهم دولة واحدة تجمع شتات المدن العديدة التي أقاموها بل كانت كل مدينة من مدنهم مملكة مستقلة، كانت دمشق أكبر الممالك الآرامية في سورية والى جانبها ممالك مستقلة أخرى مثل حلب وحماة وزنجرلي وصوبا وكركم وأرام النهرين وغيرها، وتذكر التوراة إن أسماء 33 ملك أراميا حكموا سوريا في آن واحد (1مل1:20). كان كل واحد ملكا على مدينة مستقلة وتربطه بالآخرين معاهدات وتحالفات وكانت قوة هذه الممالك في سهولة دخولهم في أحلاف مؤقتة لمجابهة عدو مشترك. وحق للمؤرخين أن يقولوا: لو استطاع السريان الآراميون أن يتحدوا لوحدوا كل بلاد الشام وجعلوا منها قوة توازي أي قوة أخرى في الشرق الأوسط خلال الشطر الأعظم من الألف الأول قبل المسيح.

لعب الآراميون دورا مهما في بناء الحضارة الإنسانية ساعدهم على ذلك ازدهار الزراعة والصناعة في زمانهم مما زاد في ثرائهم وغنى مدنهم وقد عكر هذا الازدهار مضيقات منها
1. عدم استمرارهم كدولة مستقلة لأمد طويل.
2. الهجمات الآشورية.
3. هجرة بعض تجارهم إلى المراكز التجارية العالمية خارج دولتهم وغير ذلك.
غير إن هذه الهجرة التي أضعفتهم من الداخل قد جعلتهم سادة التجارة العالمية ولعل أهم النتائج التي نجمت عن هذا النشاط التجاري الواسع إن أصبحت اللغة الآرامية اللغة العالمية الأولى. وغدا الطلب شديدا على الذين يعرفون هذه اللغة، فأستدعى الملوك الآشوريون الكتاب بهذه اللغة وضموهم إلى حاشيتهم، وكذلك الأخمينويون الفرس وحتى في فلسطين تراجعت العبرية وحلت محلها الآرامية وهكذا فقد ظلت الآرامية والتي اشتقت منها السريانية لغة التجارة والسياسة والثقافة لا في سوريا وحدها بل في الشرق الأدنى بكامله ومصر وأسيا الصغرى وحتى الصين.
هذان الشعبان ولعامل الموقع الجغرافي المتجاور فرض علاقات كثيرة . يقول المطران صليبا شمعون في كتابه الممالك الآرامية: (في القرن الحادي عشر قبل الميلاد استطاع الآراميون إن يوسعوا منطقة نفوذهم فكانت حدودهم من الصحراء السورية جنوبا حتى أرمينية شمالا ومن حوض الليطاني غربا حتى بلاد أشور شرقا). وفي القرن الأول قبل الميلاد كانت المملكة الارمنية تمّد سلطانها لتشمل البلاد المجاورة كما حصل أيام الملك ديكران الثاني (94-55ق.م) الذي امتدت إمبراطوريته من بحر قزوين إلى البحر الأسود ومن حدود فارس إلى البحر المتوسط إلى فلسطين، أو كما حصل في أيام التدمريون عندما هزم التدمريون الفرس في طشقونة وطردوهم من أراضيهم (261 م) فأن ملكهم اوناتس نادى بنفسه ملكا على سوريا وكليكية وبلاد العرب وكبدوكية وارمنيا عام (266 م).

إن الموقع الجغرافي المهم لبلاد مابين النهرين وأرمينيا الذي هو قلب العالم القديم. يربط شماله بجنوبه وشرقه بغربه هذا الموقع كان من الأسباب التي جعلت السريان والأرمن سادة التجارة العالمية، كانوا يتحكمون بطرق التجارة وكانت قوافلهم التجارية تجوب وتنفل من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب ولم يكونوا في ذلك تجاراً فقط بل نقلوا أيضا علومهم وصناعتهم وآدابهم.
هذا بالإضافة إلى الهجرات /من والى/، منها الطوعية أثناء السلم ومنها القسرية أثناء الحروب.
هذه التحركات أي خلال وجود السريان في بلاد الأرمن أو الأرمن في بلاد السريان أفرزت علاقات اجتماعية جديدة وأدبية وثقافية عديدة وقد زادت أواصر الصداقة بيت هذين الشعبين العظيمين اعتناقهما الدين المسيحي، فبعد أن تذوق السريان حلاوة طعم الدين المسيحي خرجوا ليبشروا أشقائهم وجيرانهم بهذا الدين.

العهد المسيحي: من المعروف إن القديسين تداوس وبرثلماوس وصلا إلى أرمينيا سنة 43م وبشرا بالإنجيل، وأيضا يقول البطريرك افرام الأول برصوم إن مبشرين سريان من مدينتي الرها ونصيبين قد حملوا مصباح الدين المسيحي إلى بلاد الأرمن وظلت المسيحية تنتشر بهدوء في صفوف الشعب الارمني إلى إن أعلنت رسميا دينا للدولة سنة 301 وذلك بنعمة الله وبركة وجهاد القديس (كريكور) غريغوريوس المنور (لوسافوريتش) والملك درطاد الثالث الملقب (درطاد الكبير).
وطبيعي جدا إن يتأثر الأرمن بالسريان الذين بشروهم بالدين المسيحي ولم يجد الأرمن حرجا من ذلك وسوف يتبين لنا هذا في سياق الحديث.
كانت السريانية معروفة في الأوساط الأرمنية الدينية والأدبية والعلمية والشعبية حتى أواخر القرن الثالث عشر وبالمقابل كانت الارمنية أيضا معروفة في الأوساط الدينية والأدبية والعلمية السريانية، نذكر من العلماء السريان الذين كانوا يجيدون الارمنية:
- المطران دانيال السرياني الذي ترجم الكتاب المقدس إلى الأرمنية وسوف يأتي عنه الحدث.
- المطران يونا الافسسي 587 الذي كتب تاريخ ضمنه إخبار الغساسنة والأرمن.
- يوليان الثاني سنة 595 كانت له مراسلات عقائدية مع سرجيس مطران الرها الأرمني.
- مار يعقوب الرهاوي سنة 708 له خطب منثورة عن بعض الأمور الدينية.
- مار جرجس أسقف العرب و قسطنطين مطران الرها سنة 725.
- نونا النصيبني 845 ارخدياقون كنيسة نصيبين كان كاتبا بليغا حَذِقّا في الجدال أوفده البطريرك قرياقس إلى بلاد أشوط ليجادل ثاودورس أبا قره الذي كان يحاول إبدال معتقد الأرمن بالمذهب الملكي ففاز على خصمه، فسر إنجيل يوحنا سنة 840 وترجمه إلى الأرمنية سنة 856 .
- البطريرك يوحنا أبن شوشان 1072 له مراسلات عقائدية بينه وبين الجاثليق كريكور الثاني.
- الراهب سرجيس 1058 كتب أيضا أحدى عشر رسالة في المجادلات اللاهوتية مع الأرمن.
- المطران يوحنا ابن اندراوس مطران منبج 1156 حَذَقّ آداب السريانية والأرمنية وكان يكتب الشعر الأرمني وله إشعار ومقالات عديدة.
- إيليا مطران كيسوم 1171 أوفده البطريرك اثناسيوس الثامن ليمثل السريان في المحاولات التي كان يقوم بها القيصركومين الأول (1143-1180) لتوحيد الأرمن والسريان والروم.
- ديونسيوس يعقوب ابن الصليبي مطران آمد (1171) كتب تاريخ فيه تسعة فصول عن الأرمن وكتب في جدال مع جاثليق الأرمن كيورك الثالث.
- القس يشوع أل توما الحصكفي (1248) ترجم كتاب (التاريخ الديني والمدني) الذي ألفه البطريرك مار ميخائيل الكبير سنة 1193 إلى الأرمينية ومعه الراهب وارتان الأرمني وذلك بطلب الجاثليق الأرمني قسطنطين الأول.
- المفريان ابن العبري الذي أيضا كان يجيد الأرمنية.
- المطران وانيس الوانكي مطران كبادوكية والرها 1624 ترهب في دير السيدة العذراء ورئس دير مار برصوم الذائع الصيت، سِّيم مطرانا على كبادوكية والرها وكان ارمني الجنسية.
- أبن الصليبي له مقالات جدلية لاهوتية مع الجاثليق كيورك 7 وغيرهم كثير.
وفي هذا الزمان على سبيل المثال لا الحصر المطران أفرام برصوم مطران بيروت الذي شارك في تنصيب كاثوليكوس كل الأرمن كراكين الأول سركيسيان في ييرفان يوم 9/5/1995 وألقى كلمة بالأرمينية قائلا: (إني أتحدث إليكم بالأرمينية إنما بالأبجدية السريانية التي استعملها أجدادكم لسنوات طويلة هذا بالإضافة إلى رابط القربى والتربة والنكبات التي عانينا منها معا).
أما من العلماء الأرمن الذين يجيدون السريانية نذكر أيضا بعض الشخصيات:
- العلامة ميسروب الذي اخترع الأبجدية الأرمنية فكان يجيد السريانية واليونانية إضافة للأرمنية وعاصره مترجين آخرين مثل اسحاق و كورين ويزنيك.
- (معلم الاعتراف أبراهام زيناكي (القرن الخامس) الذي ترجم كتاب شهداء المشرق لمؤلفه السرياني ماروثا الميافارقيني.
- الراهب وارتان الأرمني ودير ميناسيان وغيرهم كثير، وصولاً إلى المطرانين كوميداس وسيبوه سركسيان والى الدكتور ليون دير بدروسيان رئيس جمهورية أرمينيا السابق والذي له اختصاص في مجال المثاقفة الأرمنية السريانية، فقد نال درجة الدكتوراه على أطروحته العلمية وعنوانها (الصلات الأدبية الأرمنية - السريانية خلال القرنين الرابع والخامس) والتي تناول فيها ثلاث فصول.
1. تسرب القيم الشرق متوسطية إلى أرمينية بواسطة السريان.
2. الترجمات الأرمنية لروائع الآداب السريانية.
3. تأثيرات اللغة السريانية على اللغة الأرمنية القديمة، له ست كتب وأكثر من سبعين مقالة علمية مكرسة جميعها عن العلاقات الأرمنية - السريانية لعل أهمها كتاب: (دور السريان في الحياة الثقافية في كيليكيا خلال القرنين 12-13) إضافة إلى ترجمة بعض الكتب من السريانية: مار ميخائيل السرياني الكبير والرهاوي الجهول وابن العبري.
هذه بعض أسماء في حقب زمنية متلاحقة منذ اعتناق الأرمن الدين المسيحي وحتى هذا اليوم تبين عمق وتواصل علاقات هذين الشعبين.
وللأهمية الترجمة عند الأرمن فأن الكنيسة الأرمنية قد حددت اليوم التاسع من الشهر العاشر من كل سنة دعته عيد المترجمين ولهذا معنى عميق فهي بذلك تقدر حق هؤلاء العلماء وتكّرم تعبهم وتجعلهم قدوة للأجيال وتبرز أهمية الترجمة كونها تعني الانفتاح والتواصل مع الأخر.
كان الأرمن يستخدمون الحرف السرياني في لغتهم الأرمنية حتى القرن الرابع أيام الملك فرام شابوه (406م) والبطريرك ساهاك الكبير حيث أرسلوا الربان العلامة ميسروب ماشدوتس إلى المطران دانيال السرياني في أرزن وهذا بغيرة الجار المخلص تعاون معه وكان نتيجة هذا التعاون ميلاد الأبجدية الأرمنية, ومن ثم تعاونا في ترجمة الكتاب المقدس إلى الأرمنية، وأول ما فعله البطريرك ساهاك والقديس العلامة ميسروب ماشدوتس إرسال مجموعة من الشبان والرهبان إلى مراكز الإشعاع الروحي والأدبي السرياني في سميساط ونصيبين والرها لتعلم السريانية وترجمة أمهات آدابها إلى الأرمنية، وهناك الكثير من المؤلفات ضاعت في الأصل السرياني وبقيت محفوظة في الأرمني ومنها تفسير مار أفرام لرسائل بولس الرسول الأربع عشر وتفسير اعمال الرسل ومجموعة الأناشيد الروحية – التبريكات (51 مدراشا) وسقوط نقوميديا (16 ميمرا) وتفسير كتاب الدياطسرون.
ونتيجة لذلك فقد دخلت كثير من الكلمات السريانية في الأرمنية وأيضا من الأرمنية في السريانية كما صرح بذلك قداسة البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص، وتقول أحدى الدراسات يوجد أكثر من 200 كلمة سريانية دخلت في الأرمنية القديمة (الغرابار). وعلى مر العصور نرى بأن هناك تعاون بين الشعبين نذكر منها بعض الحوادث:

1. تشترك الكنيستان مع شقيقتهما القبطية في وحدة الإيمان فهذه الكنائس الثلاثة تقبل فقط المجامع المسكونية الثلاثة المنعقدة في نيقية 325 وقسطنطينية 381 وأفسس 431.
2. ويشارك في حفل تنصيب البطريرك في أي كنيسة (وضع اليد) بطريرك أو مطران من الكنيسة الثانية وذلك تعبيرا عن وحدة الإيمان.
3. إثر مجمع خلقيدونية سنة 451 نشب خلاف في المسيحية فقد رفضت الكنائس الشرقية السريانية والأرمينية والقبطية نتائج ومقررات هذا المجمع مما أثار القيصر مرقيان وأصدر مرسوما بعزل الأكليروس وأصحاب المناصب في الجيش والدولة إذا هم خالفوا تعاليم ومقررات مجمع خلقيدونية فأستشهد ألوف من الأساقفة والكهنة والرهبان والمؤمنين فلم يبق كهنة أو رهبان أو مطارنة يخدمون الكنائس علناً بل من بقي كان يخدم سراً، إلى سنة 559 حيث نهض القديس مار يعقوب ألبرادعي وتفقّد بلاد المشرق وأرمينيا ومصر مُبشرا ومُثبتا العقيدة المسيحية ويرسم الكهنة والأساقفة، ولم يحن القرن السادس حتى كانت العقيد المسيحية الصحيحة قد انتشرت ثانية في سورية وأرمينية ومصر.
4. في إبان الحكم الفارسي وحوالي سنة 480 فتك الملك الفارسي نيروز بأبناء الكنيسة السريانية في بلاد فارس والعراق إذ أمر أن يصلب المفريان بابوه وعاث جنوده فسادا في البلاد فاستشهد عدد كبير من الأساقفة والكهنة ورهبان دير مار متى في جبل الفاف الموصل فالتجأ أغلب الناجين من الشعب والأكليروس السرياني بأشقائهم الأرمن في أرمينيا التي لم يتمكن الفرس الوصول إليها لبعدها عن ساحة الصراع بين الدولتين الفارسية والرومانية.
وعلى اثر تلك الشدة احتاجت الكنيسة السريانية في بلاد فارس والعراق إلى أساقفة وكهنة وبما إن هذه البلاد كانت معزولة عن بطريركيتها الأنطاكية للظروف السياسية القاهرة حيث كان مقر البطريرك في المنطقة الخاضعة للدولة الرومانية عدوة الدولة الفارسية لذلك جاء جاثليق الأرمن إلى نينوى وكان سرياني الأصل ورسم الراهب كرماي من رهبان دير مار متى مطرانا على الدير كما رسم الراهب احودامه البلدي مطرانا على أبرشية بعرباي، التي كان أهلها من بني طي وعقيل وتنوخ الضاربين في البراري الواقعة بين الموصل وربيعة.
5. كانت الكنيستان الشقيقتان تعالجان الأمور دوماً بروح منفتحة وحوارية، تعقدان مجامع كنسية مشتركة لبحث الأمور المشتركة أو تُعالج ما يطرأ من خلافات في وجُهات النظر كما حصل سنة 726 عندما عُـقد مَجمَع مانازغرت برئاسة الكاثوليكوس هوفهانيس اوتزنتزي والبطريرك اثناسيوس السرياني، يقول المطران يعقوب بن الصليبي عن هذه المرحلة لما كان الفرس قد استولوا على بلاد الأرمن، فإنهم بدؤوا بالنزوح إلى سورية، وعندما رأى البطريرك مار اثناسيوس إن الأرمن القادمين من أرمينيا يدخلون المذهب الخلقيدوني لعدم وجود أساقفة يقومون برعايتهم، كتب للكاثوليكوس هوفهانيس الذي أرسل ثلاثة أساقفة إلى سورية لرعاية الأرمن المهاجرين ووهب البطريرك اثناسيوس ديرا لكاثليكوس الأرمن يقع على الحدود السورية الأرمنية وكان الطلاب الأرمن والسريان يتلقون تعليمهم هناك ويتقنون اللغات فترجموا كتب الكنيسة السريانية إلى الأرمنية وأيضا في القرن الثاني عشر عقد مجمع برئاسة البطريرك ميخائيل والكاثليكوس نرسيس ذي النعمة.
أما اللقاءات والزيارات على مستوى البطريرك والكاثوليكوس فهي متواصلة حتى يومنا هذا.
6. التشابه في العقلية في معالجة الأمور والتمسك الجدي بالعقيدة حتى الدم، فعندما اعتنق السريان الدين المسيحي أحرقوا وأتلفوا كل ما يتعلق بالوثنية من كتب وعلوم اجتماعية وأدبية. أيضا الأرمن نفس الأسلوب فقد حرقوا وأتلفوا كل ما يتعلق بالوثنية ديانة آبائهم من علوم وآداب رغم أنه تسبب بخسارة تراث هائل من الآداب والعلوم الإنسانية لدى الشعبين.
7. أيام هجوم المغول على بلاد المشرق وسقوط بغداد بيد هولاكو 1256 شعر السريان بالخطر المحّدق بهم وبتراثهم فجمعوا ما استطاعوا (وترجموه بعدئذ إلى الأرمنية) وأودعوه إلى أمة صديقة تحفظ الأمانة إذ هم بعيدون عن الخطر، فحفظ الأرمن الوديعة محافظتهم على أدبهم وتراثهم وإيمانهم.
8. يذكر التاريخ الكنسي أيضا إن البطريرك مار اغناطيوس داوود الثاني كان على علاقة قوية مع الأرمن فقد كتب في وصيته أن يكون الجاثليق الأرمني وارثا لتركته وعندما توفي البطريرك قام الجاثليق بمأتمه خير قيام ودفن في الجهة الشرقية من كنيسة الأرمن في القدس.
9. قام البطريرك مار اغناطيوس الرابع 1264-1283 بالاحتفال بتنصيب المطران مار غريغوريوس يوحنا ابن العبري مفريانا على المشرق وذلك بكاتدرائية الأرمن في سيس/كليكية بحضور هيوم ملك كليكية الأرمني ورجال حكومته ومطارنة السريان والأرمن وبعد الاحتفال رحب الملك الأرمني في بلاطة بالبطريرك والمفريان الجديد والأعيان .
10. في أحداث تشرين الأول 1895 مجازر السلطان عبد الحميد الثاني التي ذهب ضحيتها آلاف من الأرمن والسريان, ففي منطقة ديار بكر وبعد تدخل البطريرك السرياني عبد المسيح الثاني جعل كنيسة السريان المعروفة بـ (مريمانا) ملجأ التجأ إلية الأرمن والسريان وقد بلغ عدد الملتجئين ثمانية آلاف نفس. كما إن هناك كثير من العائلات الأرمنية التجأت إلى قرى سريانية هربا من بطش العسكر فمنهم بقي في تلك القرى وتسّرين ومنهم من رجع بعد أن زال الضيق إلى بيته ومدينته.
11. ومن الجدير ذكره انه يوجد مطارنة من أصل سرياني سقفوا على الأرمن مثل الجاثليق مار خرسطوفوروس، ويوجد مطارنة من اصل ارمني سقفوا على السريان مثل وانيس الوانكي.
مما يدل على وحدة الكهنوت، وأيضا في كل زمان وحتى في أيامنا هذه هناك عائلات أرمنية تتبع الكنيسة السريانية وعائلات سريانية تتبع الكنيسة الأرمنية ولا مجال لتعدادها فهي معروفة عند الجميع.
12. حقا إن وحدة الشهادة هي اكبر رابط تجمع هذين الشعبين العريقين فمنذ عصور وأزمنة بعيدة والى يومنا هذا خَتَم السريان والأرمن شهادتهم بالدم، تعرضوا لاضطهادات وضغوط وتهجير وإبادة، ولكنهم أقوى من كل قوى الشر.
أنهار الدماء التي سالت، لونت التراب فغدا لونه أحمر، تلك التربة القرمزية غذّت أشجار الغار والسنديان والبـلوط والسوسة, فألبستها حـلة خضراء واكتست هي بثوب سندسي مطرز بأزهار نيسان الحمراء لتصفو السماء وتهب نسمات الربيع الهنية لتداعب الخدود البشرية.
من أكثر المجازر ترويعا ما تعرض له الأرمن والسريان خلال سنة 1915 أو ما يعرف بالفرمان.
يقول البطريرك مار أغناطيوس أفرام الأول برصوم في خطابه أمام زعماء الغرب في مؤئمر باريس 1919 وأيضا أمام عصبة الأمم في لوزان 1927 إن عدد ضحايا السريان هي أكثر من 90000 نسمة بينهم 154 رجل دين كانوا يعيشون في 346 مدينة وقرية خرب معظمها, كما تهدمت 156كنيسة ودير. و في دراسة جديدة للمؤسسة الأمريكية للدراسات السريانية إنه وحسب إحصائيات جمعية حقوق الإنسان في هيئة الأمم إن عدد الضحايا هو272 ألف شهيد سرياني منهم 96 ألف شهيد في ماردين فقط.
أما ضحايا الأرمن هي أكثر بكثير، فحسب نشرة البطريركية الأرمنية في اسطنبول إن عدد الأرمن كان 2,660,000 نسمة قتل منهم مليون ونصف المليون أي الـثلث بوسائل وحشـية، بالإضافة إلى المجازر وقد بلغ عدد الكنائس المدمرة 2050 كنيسة و203 أديرة. وقد دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها الصادر في 9/12/1948هذه المجازر واعتبرتها جريمة دولية.
فإذاً إضافة إلى الجيرة والعقيدة جمعتنا رابطة ثالثة مهمة هي رابطة الشهادة بالدم.
تراب، دم ، إيمان. أخوة في التراب, أخوة في الإيمان, أخوة في الدم
فهل هناك روابط أقوى من هذه الروابط الثلاث.
وتكريما لتلك الأرواح البارة والدماء الطاهرة فإن الكنيستين تعيدا لهم باسم عيد الشهداء، فالكنيسة السريانية تعّيد سنويا في منتصف الصوم الكبير باسم عيد الشهداء السريان والكنيسة الأرمنية تعيد في 24 نيسان باسم عيد الشهداء الأرمن.

عندما أكون في كنيسة أو في ناد أو في مجتمع أرمني أشعر إني في بيتي

من خطاب قداسته أثناء زيارة كنيسة الأرمن ببغداد

الوقت الحاضر: نأتي إلى الفقرة الأخيرة ونبدأ من البطريرك يعقوب الثالث عندما شارك في تنصيب الكاثوليكوس زاري كاثوليوس بيت كيليكيا في بيروت سنة 1956 ولقاءاته الكثيرة مع الكاثيوليكوس، وصولا إلى قداسة البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص الذي استهل عهد بطريركيته بالذهاب إلى أرمنية بتاريخ 24/9/1982 للقاء أخيه في الإيمان فاسكين الأول بطريرك الكنيسة الأرمنية والرسميين والشعب الارمني, وتمتينا للعلاقات الأخوية فقد زارها ثانية بتارخ 17/10/2002 وفي أثناء هذه الزيارة قال قداسة الكاثوليكوس كاراكين الثاني في استقباله لقداسة البطريرك (أنتم تزورنا هذه المرة كجمهورية مستقلة فما يثير إعجابنا الكبير هو محبتكم الأخوية تجاه الكنيسة الأرمنية الرسولية والأمة الأرمنية) وزار قداسته أيضا رئيس جمهورية أرمينيا الذي احتفى ورحب به اشد الترحيب وتبادلا معا الكلمات المعبرة عن أواصر الأخوة والصداقة.
وقد اتفق البطاركة الثلاثة السريان والأرمن والأقباط على أن يلتقوا سنويا، يُستضاف اللقاء في إحدى البطريركيات وبالتناوب، ولقاؤهم الأخير الذي تم في دير القديس مار أفرام السرياني – معرة صيدنايا – دمشق سورية من 9-10 كانون الأول 2005 كان اللقاء الثامن. بالإضافة إلى اجتماعات اللجان والمؤسسات الشبابية الكنسية فهي كثيرة ومتواصلة.ومن بين ما أتـُفِقَ عليه هو تبادل الطلاب في الكليات اللاهوتية.
أختُم كلامي بما قاله الطيب الذكر المطران كوميداس مطران القامشلي للأرمن الذي تعلم السريانية وصلى بها قال مرة في احتفال كنيستنا السريانية بعيد مار افرام وكان هو مترأس الاحتفال: إني أقـف الآن في كـنيسـتي.. وقال أيضا إننا شـعب واحـد.. كنـيسة واحـدة نُسـبح الله بلـغتـين.

المصادر:
1. الكتاب المقدس.
2. اللؤلؤ المنثور.
3. المورد العذب للبطريرك مار افرام برصوم.
4. تاريخ الأرمن لموسيس خورينتاسي.
5. المجلة البطريركية: الأعداد 19 /141،142،143/ 204،205،206/ 214،215/ 218،219،220 .
6. شهداء المشرق للدكتور ليون دير بدروسيان.
7. مقدمة الكتاب للمطران مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم.
8. مجلة الحكمة: السنة الـ 16 صيف وخريف2002.
9. قصة الحضارة ول ديورانت.
10. تاريخ الزمان لأبن العبري.
11. الممالك الآرامية للمطران صليبا شمعون.
12. الجاليات الأرمنية في البلاد العربية للمهندسة هوري عزازيان.
13. مقدمة قاموس اوكين منا.
14. تاريخ موجز الحضارة.
15. الموسوعة العربية الميسرة.
16. جريدة نيشا العدد33/2004.


الأب أيوب اسطيفان ـ السويد
ابوكابي م
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: السريان والأرمن ( شهادة مشتركة ).....

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

سلام الرب معك
اخي الحبيب أبو كابي
امهلني فترة لأتمكن من قراءة الموضوع ثم أعقب
شكراً على نشره
دمتم بألف خير
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”التارخ والحضارة السريانية“