المرأة السريانية الشماسة!

المشرفون: ابو كابي م،مشرف

صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مشرف
مشرف
مشاركات: 533
اشترك في: الأحد أكتوبر 24, 2010 7:36 pm

المرأة السريانية الشماسة!

مشاركة غير مقروءة بواسطة إسحق القس افرام »

من جملة العادات التي تسلّمناها من آبائنا هي عدم السماح للمرأة من دخول قدس الأقداس، وقد منعت من ذلك حتى الطفلة البريئة التي بعد أن تنال نعمة سر العماد المقدس، لا يسمح أن تزيّح داخل قدس الأقداس كالطفل الذكر. قد يكون سبب ذلك حرصاً على سمعة المسيحية التي اتهمت في بدء تاريخها بأنها ديانة إباحية.
وقد يكون للحذر من السقوط في الخطية نتيجة اختلاط الجنسين في قدس الأقداس، خاصة وأن الوثنية كان لها كاهنات يبعن أجسادهن في أسواق الدعارة لجمع المال للهيكل الوثني. وقد كانت العادة التي تسلمتها الكنيسة من التقليد الكنسي أن يكون للرجال موضع خاص في الكنيسة وللنساء موضع آخر ويفصل بين الموضعين حاجز من خشب، وهذا ما نفهمه أيضاً من أحد خطب القديس يوحنا فم الذهب (407+)، وكانت آثار هذه الطريقة ظاهرة في بعض كنائسنا القديمة في جداً قبل بضعة سنوات فقط وقد شاهدناها بأم عينا.
ويبرر مار يعقوب السروجي (421+) ملفان الكنيسة القديس عادة عدم السماح للمرأة من دخول قدس الأقداس، بأحد ميامره الذي يقول فيه على لسان آدم وهو يعلم أولاده ما معناه «لا أرسل بيد حواء حنطة منقاة تقدمة للرب بلئلا تقدمها إلى مشاورها (الشيطان) ولا أقدّم ذبيحة للرب لأنني لست طاهراً إذ لا يحق للكاهن المطرود أن يقوم بذلك. إن الرِجْل التي سعت ماشيةً إلى شجرة الحياة لا يحق لها أن تطأ الموضع المخصص للأحبار (والكهنة) وإن اليد التي قطفت الثمرة (المحرمة) في فردوس عدن لا يحق لها أن ترفرف فوق القربان الإلهي».

والكنيسة ولئن منعت المرأة من دخول قدس الأقداس ولكنها سمحت لزوجة القسيس المكرّسة قسيسة، وللأرملة المكرّسة شماسة، بدخوله أحياناً في حال عدم وجود قسيس أو شماس أو أي رجل فيه.
ومن المفيد أيضاً أن نذكر في هذا المجال أنّ لدينا نحن السريان طقساً لرتبة تكريس القسيسات وآخر لتكريس الشماسات. ومن كتاب الهدايات في الشرع الديني والمدني للعلامة الكبير مار غريغوريوس أبي الفرح الملطي مفريان المشرق المشهور بابن العبري (1286+)(ب 7 ف 7) نعلم: أن الشمّاسة كانت تؤخذ من الأرامل التقيات اللواتي تتوفر بكل واحدة منهن شروط، منها أن تكون قد تزوّجت مرة واحدة فقط، وأنها بعد ترمّلها قد لازمت الكنيسة بأصوام وصلوات ولها سمعة طيبة لدى القريب والغريب، وخدمتها بعد تكريسها مقتصرة على مساعدة الكاهن والشماس خارج قدس الأقداس في طقس تعميد الكاهن للنساء والفتيات البالغات ومسحهن بالميرون، وفي تفقّد المؤمنات المريضات وخاصة في الدور التي تسكنها نسوة وحدهن ولا يرسل إليها الأسقف شماساً، لئلا تتولد شكوك لدى غير المؤمنين، فيرسل الأسقف شماسة لتهتمّ بالمؤمنات المريضات. وإذا تزوجت الأرملة المكرّسة ثانية بعد أن تعيّن شماسة تحرم هي ومن تزوجها. وتحدد بعض القوانين الكنسية عمر الأرملة التي تكرّس شماسة بأربعين سنة، وبعضها لا تحبذ أن تكرّس شماسة قبل بلوغها الستين من عمرها.

ويذكر مار سويريوس الكبير (538+) في القرن السادس، أنه كانت في بلاد المشرق (تحت ولاية الكرسي الأنطاكي) عادة أن ترسم رئيسات الأديرة شماسات ويحق لكل واحدة منهن أن تقوم بتوزيع القربان المقدس على الأخوات اللواتي تحت رئاستهن عندما لا يوجد كاهن أو شماس. ولا تقوم بخدمتها في حضور أحدهما وتضع تلك الشمّاسة هراراً على كتفها كما يفعل الشماس الإنجيلي.
وعندما لا يتوفر قسيس أو شماس في دير الأخوات، يحق لها أيضاً أن تدخل قدس الأقداس (بية قودًشا) (بشرط ألا تكون حائضة حينذاك) وعلى أن تكون مع أخواتها الراهبات فقط وتناولهن القربان. ولا تفعل ذلك للذكور حتى للأطفال منهم إذا بلغوا الخامسة من عمرهم أو تجاوزوا ذلك.

وعندما تضع هذه الشماسة (البخور) لا يحق لها أن تتلو الصلاة الخاصة التي يتلوها الكاهن عادة، لكن تتلو سرّاً صلاة التوبة.
وبإذن من الأسقف بإمكانها أن تمزج الخمر والماء في الكأس وإذا كانت مريضة بإمكانها أن تسمح لإحدى الأخوات لتدخل إلى قدس الأقداس لتكنسه وتوقد الشموع.
لا تلام الشماسة إذا قرأت الأسفار المقدسة حتى الإنجيل المقدس في اجتماع الأخوات العام في الأعياد.

وبحسب تعليم مار يعقوب الرهاوي (708+) «أنه ليس للشماسة عمل في قدس الأقداس أبداً ويحق لها فقط دخوله عندما تكنسه لتنظفه وتوقد الشموع فيه. وفي دير الأخوات إذا لم يكن هناك قسيس أو شماس قريب (منهن) يحق لها أن تأخذ القربان الذي يوضع عادة في مخزن الأسرار (الذي هو عادة شبه كوّة تحفر في الحائط الشرقي الذي وراء المذبح) ولكن لا يحق للشماسة أن تقترب من المذبح، ويحق لها أن تناول القربان المقدس للأخوات والصبيان الصغار دون الخامسة مع عمرهم فقط، وتساعد الكاهن في القيام بسر عماد النساء الكاملات البالغات بالسن وتمسحهن بالميرون المقدس وتزور النسوة المريضات».

أما من كانت تدعى قسيسة، فهي زوجة القسيس بعد أن تكرّس تدعى العهيدة برة قيما وقسيسة. وطقس تكريسها يحتفل به رئيس الكهنة بعد الانتهاء من القداس الإلهي حيث تجثو زوجة القسيس أمام باب قدس الأقداس منحنية ويبدأ رئيس الكهنة الصلاة بالابتهال إلى الله أن يؤهل المؤمنين بالتشبه بالعذارى الخمس الحكيمات في إنارة السرج بزيت الأعمال الصالحة وباليقظة والسهر لانتظار العريس السماوي في مجيئه الثاني ليدخلوا معه إلى العرس المملوء أفراحاً ويمجدوه. هكذا تسير الأدعية والصلوات في الطقس بطلب التوبة والصلاة لأجل المدعوة لهذه الخدمة كي يمنحها الرب الحكمة. والصلوات تدور حول مثل العذارى (مت 25: 1ـ13) ومثل الدعوة إلى الوليمة وإلزام الناس لدخول دار الداعي والمشاركة بالوليمة (مت 22: 1ـ14).
ثم يأمر رئيس الكهنة أن يسدل ستار يخفي المتقدمة لتتكرّس، فتخلع حليها من يديها، وثيابها الخارجية وتلبس (تنورة) ثوباً واسعاً ينزل من الخصر إلى القدمين بلون أزرق وتُمنطق بزنار أسود اللون كما يلبسونها كساءً أسود أو أزرق يوضع على الكتفين، ثم يأخذ رئيس الكهنة قناعاً أسود يرسم عليه علامة الصليب ثلاث مرات ويشده على رأسها مثل قلنسوة وهو يتلو الصلاة التالية: «حماكِ الرب وسترك بيمينه الإلهية ونجاك من تجارب الروح والجسد لتنالي نعمته إلى أبد الآبدين آمين».


ثم يتلو أحدهم فصلاً من سفر أعمال الرسل عن إحياء بطرس لطابيثا (أع 9: 36ـ42) وفصلاً من رسالة الرسول بولس إلى أهل كولوسي بدءاً من «فالبسوا كمختاري الله القديسين والمحبوبين أحشاء رأفات ولطفاً وتواضعاً ووداعة وطول أناةٍ... وكما غفر لكم المسيح...»(كو 3: 12ـ17).

ثم يتلو رئيس الكهنة الفصل العاشر من بشارة لوقا ابتداءً من العدد (38) وحتى العدد (42) عن مرتا ومريم حيث يقول الرب لمرتا: «مرتا، مرتا، أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمورٍ كثيرةٍ ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها»(لو10: 41و42).
ثم يرسم رئيس الكهنة على جبينها علامة الصليب ثلاث مرات وهو يقول: «تُختَم وتوسم وتكمل (فلانة) أي تكرّس قسيسة حقيقية لخدمة أبناء الكنيسة المقدسة فيصرخ الأرخدياقون قائلاً: بارخمور أي بارك يا سيدي. فيردف رئيس الكهنة قائلاً: باسم الآب + ويجيب الشماس (آمين) والابن + ويجيب الشماس (آمين) والروح الحي القدوس للحياة الأبدية ويجيب الشماس (آمين).
ثم يتلو رئيس الكهنة صلاة الشكر (سراً) ثم يتلو علناً صلاة لأجل المكرسة قسيسة ثم صلاة يا رب ارحمنا. والصلاة الربانية.

ونفهم من مجريات الطقس والقوانين الكنسية والصلاحيات التي كانت تُمنَح للمكرسة قسيسة، على أن تكريس القسيسة ليس سوى تكريس وتخصيص وتفرغ لا رسامة ولا رتبة كهنوتية.
ولا نعلم بالتأكيد متى ألغي هذا التكريس. ولئن كنا ندعو في أيامنا هذه زوجة كل قسيس (برة قيما). أي العهيدة كما كانت تدعى المكرّسة فقط. ولا بد أن ننوّه ههنا أن زوجة القسيس في أيامنا هذه ولئن لم تكن قد كرّست إذا حدث أي عماد للبالغات تساعد زوجها فيه ولكننا لا نعتبرها مكرّسة.

أما تكريس الشماسات فقد أعيد في عصرنا هذا وابتدأنا تكريس بعضٍ منهن مرتلات أي عضوات في جوقة الترتيل ونسميهن شماسات. وليس لهن من هذه الصفة سوى الاسم فقط وعندما يكرسن يذكر رئيس الكهنة أن فلانة تكرس شماسة مرتلة، ولا تلتزم هذه المرتلة بالقوانين التي كانت تلتزم بها الشماسة في الماضي. كما ليس لها حقوق تلك أو امتيازاتها ولا واجباتها فهي مجرد مرتلة في الكنيسة، وغالباً ما تكون خادمة في مراكز التربية الدينية. وهي كسائر الفتيات متى شاءت تزوجت وتبقى مكرسة شماسة مرتلة ومعلمة ومرشدة في مراكز التربية الدينية. قد تكون هذه خطوة مشجعة ليعاد إلى الكنيسة تكريس الأرامل شماسات، كما كان في الماضي.
وقد يعاد النظر بتقليد الكنيسة في حقوق التي تدعى شماسة أو قسيسة وواجباتها في خدمة النساء والأطفال الصغار وتنظيف قدس الأقداس وإيقاد الشموع فيه وكل ذلك وغيره قد يحدث في الكنيسة إذا ما اقتضت الحاجة في عصرنا هذا لبنيان النفوس وتقدم الكنيسة وازدهارها، ولكن لا يمكن أن يُسمَح يوماً ما في كنيستنا السريانية الأرثوذكسية الرسولية برسامة قسيسات بوظيفة الكهنة الذين يقرّبون الذبيحة الإلهية، كما يجري في بعض الكنائس غير الرسولية التقليدية. لأن هذا الأمر لا يستند إلى الكتاب المقدس فعندما اختار الرب يسوع اثني عشر رسولاً وسبعين مبشراً لم يختر في عدادهم واحدة من النساء اللواتي كن يخدمنه. وكذلك خلال عشرين قرناً لم ترسم عندنا قسيسة بوظيفة الكاهن الذي له سلطان حلّ الخطايا وربطها، وتقديم الذبيحة الإلهية غير الدموية، وغير ذكل من الخدمات الكهنوتية المعروفة.

وقد تبوأت المرأة السريانية في أيامنا هذه مراكز سامقة في جميع الميادين الثقافية والاجتماعية والدينية. فهي الطبيبة والمحامية والقاضية والمهندسة والمدرسة وعضوة البرلمان، كما أنها في الكنيسة عضوة المجلس الملي والجمعيات الخيرية والشماسة المرتلة ومعلمة مدارس التربية الدينية، وفي كل هذه المراكز هي مساوية للرجل في الحقوق والواجبات والإكرام

قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول
عيواص
فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ صورة
صورة العضو الرمزية
بنت السريان
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 715
اشترك في: الجمعة يناير 15, 2010 9:27 pm

Re: المرأة السريانية الشماسة!

مشاركة غير مقروءة بواسطة بنت السريان »


cro2: mari:
شكرا ملفونو اسحق المبارك لنشرك هذا الموضوع القيّم
والعمر الطويل لقداسة سيدنا البطريرك لتوضيحه لنا ما يخص الشماسة وزوجة الكاهن
يحفظه الرب ويباركنا بصلواته
مجدا لاسم الرب
ang4:
بنت السريان
صورة
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مشرف
مشرف
مشاركات: 533
اشترك في: الأحد أكتوبر 24, 2010 7:36 pm

Re: المرأة السريانية الشماسة!

مشاركة غير مقروءة بواسطة إسحق القس افرام »

تودي ساكي حوثو كاشيرتو برثو سرييتو
لتواجدكِ الدائم في صفحتي
المراة هي اخت الرجل وزوجته وأمه ومكملته وهي ايضاً نصف المجتمع، والشماسة هكذا هي المرأة
سَلَام الْمَسِيْح مَعَكُ
سنة مباركة.
فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ صورة
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: المرأة السريانية الشماسة!

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

ميلاد مجيد وعام سعيد
أشكرك أخي الحبيب على هذه المقالة الرائعة
التي نقلتها لنا بقلم قداسة البطريرك المعظم
هذا هو رأي الكنيسة السريانية في عمل المرأة
في مجال الكهنوت والحدمة
ربما للكثير أعتراض عليه وهناك بعض الكنائس
تسمح للمرأة بالقيام به
الخدمة هي خدمة داخل وخارج الكنيسة المهم
هو خدمة كلمة الرب في أي مجال
بركة الرب معك
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”التارخ والحضارة السريانية“