السنونو الوفي قصة الأمس واليوم والغد

المشرف: مشرف

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

السنونو الوفي قصة الأمس واليوم والغد

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

السنونو الوفي قصة الأمس واليوم والغد

السنونو الوفي
في بداية صيف كل سنة كانت تحل أسراب طيور السنون بترحالها على سورية
فكانت تمضي فترة الصيف كلها في ربوع سورية وتمارس طقوسها في التزاوج وكانت تبني أعشاشها
على الشجر وبين الحجر وفي أسقف المنازل المسكونة والمهجورة أيضاّ فكانت تعيد لها الحياة بعد هجرها
فيتم التزاوج بينها لتضع بيضها في أعشاشها وبعد أيام تفقس فراخاً رائعة الجمال ذات منقار ذهبي أصفر
وتسمع صوتها وهي تنادي على الوالدين ليطعماها وتجيب الأم بأنها قادمة بالطعام والأب يحلق باحثاً عن طعام
وهكذا تمر الأيام وتكبر هذه الفراخ في موطنها سورية وبعد ان تتمكن من الطيران فتقرر الطيور الترحال
لموطنها الثاني ليكتمل نموها لتعود لموطنها الأصلي سورية لتمارس دورتها الطبيعية في الحياة .
كالعادة بذات سنة قدمت أسراب طيور السنونو لموطنها الذي ولدت فيه لتمضي صيفها فيه وتمارس
طقوسها التي وهبها الله لها ما أن أقتربت من حدود الوطن فاحت عليها روائح الموت والقتل والدماء بدلاً
من رائحة الحياة والطيب من التراب ونسمات الأنهار والبحيرات والجبال والهواء العليل المحمل
برائحة الياسمين والفل والجوري والنرجس والأقحوان .
أستغربت الطيورهل هي بطريقها الصحيح أم ضلته !
فحدثت بلبلة بينها وعلت الأصوات وضاعت بوصلتها الجميع يسأل :
ما هذه الروائح التي لم نعرفها من قبل ومن أين هي قادمة ؟
هل هذه هي حدود سورية أم بلد آخر ؟
لكن لم يدم جدالهم طويلاً فكان الجواب سريعاً برشقات رصاص وقذائف هاون
وصواريخ مختلفة الأنواع أخترقت أسراب الطيور فسقط الكثير منهم بين قتل وجريح ومحترق
وأختلطت دماء السنونو بدماء الشهداء لتسقي تراب الوطن ليزهر في العام القادم وتفوح منه العطور
وأما الطيور التي لم يصبها الموت ولت هاربة مشتتة كل مجموعة هربت باتجاه
لتبحث عن موطن آخر لتمضي فيه صيفها ثم تعود لموطنها الثاني
منها من عاد لموطنها لتخبر أخوانها من الطيور بأن لا تسافرلسورية لأنها أصبحت خطرة
بعد أن كانت بلد الأمن والأمان والسلام وكانت تحل فيها كل طيور العالم فكأنها تزور مكاناً مقدساً
وتحتفل بأيام مقدسة ومباركة .وعندما علمت الطيور بما جرى لسورية بدأت تبحث عن موطن آخر
لتمضي فيه صيفها الكل فكر أي بلد في العالم يشبه سورية لمتضي فيه تلك المرحلة من حياتها
فلم يتمكن أي طير منهم أن يجد بلداً مثل سورية لكن لا مفر لابد من الترحال فالشتاء سيحل عليهم
فقرر كل سرب الترحال باتجاه وبلد وهكذا تشتت الطيور بعد أن كانت سورية تجمعهم .
وفي ذاك الصيف هجرت الطيور سماء الوطن سورية فأصبحت خالية إلا من الرصاص والهاون والصواريخ
وأما في سهولها وجبالها لقد حل مكان السنونو العصابات والجماعات التكفيرية والقتلة والمجرمين
فكانت عصابات الموت تسكنها وتنشر القتل والموت والرعب والدمار كل مكان
بدلاً من السنونو التي كانت تملئ أغانيها سماء الوطن بهجة وفرح وتزين جبالها
وسهولها بلونها الأسود الممتزج بالبياض الناصع يعانق خضرة البلاد وزرقة السماء.
مرت الأيام بصيفها الحارق وشتاء قارص وربيع باهت على غير عادته وها هو الصيف
على الأبوابفقررت الطيور قبل رحيلها أن تتأكد من الأوضاع في سورية فهي لا تعرف
ماذا جرى ويجري لأنها لا تملك قنوات ولا أعلام ليس لها غير غريزتها التي تشدها نحو الوطن
فما كان منها غير أن ترسل بعض الطيور لتفقد الأوضاع وعلى أخبارها تقرر الطيور وجهتها
فطلب زعيم الطيور متبرعين لهذه المهمة فهب الجميع لها وعلت الأصوات وبعد صراع طال
خرج صوت يطلب من الجميع الصمت وأستأذن الزعيم بالحديث فسمح له الزعيم .
قال الطير يا زعيم أرى أن يكون في هذه المهمة طيور لها خبرة في الطيران وتعرف الطريق
وأن تكون قد أخذت نصيبها من الحياة أي أن يكون قد تزوج وأنجب ولم يبق له أحلام بعد .
فوافق الزعيم بل الجميع على مقترحه فطلب الزعيم مجموعة من الطيور لها خبرة .
وومنحها مهلة أطول بأسبوع من رحلة الذهاب والعودة وبعد أنقضاء المهلة وعودتهم
يقرر الزعيم بموجب تقريرهم وفي حال أستشهادهم ليكون القرار بالرحيل لبلد آخر .
وهنا صاحت أنثى على كل زوج يقوم بهذه المهة أن ترافقه زوجته لأننا لن نعيش بدونهم
أما أن نعيش معاً أو نموت معاً فأثنى عليها الزعيم وأما زوجها فحلق في السماء من فرحه
وفخره بزوجته المخلصة فطلب من الزعيم أن يسمح لهما القيام بهذه المهمة من ضمن المجموعة
وهكذا في اليوم التالي ودعت تلك المجموعة أخوتها وطارت نحو سورية الوطن أما الشهادة فيه
أو الحياة والعودة أليه .
مرت الأيام وأقترب أنتهاء المهلة بيوم لاح في السماء أحد أفراد المجموعة وقد أعياه الطيران المتواصل
فسقط بين أخوته في رمقه الأخير وأخبرهم بان الوضع أخطر مما كان فالموت في كل مكان والقتل
والدمار والحرق والاغتصاب فلم يترك الأشرار من شرهم لا حجر ولا شجر ولا بشر.
وأما رفاقه وزوجته لقد قتلهم قاذف هاون كان قد أطلقته المجموعات التكفيرية على الأبرياء المدنيين
بعد أن أوصل الرسالة فارق الحياةمتأثراً بجراحه ليلتحق برفاقه لكن بفارق صغير هم عانقوا تراب الوطن
أما هو فمات غريباً لكن نال شرف الشهادة والبطولة لأتمامه المهمة .وهكذا قرر الزعيم الرحيل لبلد آخر
ومرت الأعوام وهم على هذه الحال .
ذات يوم ذهب أحد الطيور إلى الزعيم وكان قد شاخ وطعن بالسن فقال له الطير
يا زعيمنا ها انت شخت ونحن مثلك لكن نحن ولدنا في سورية لذا لن ننساها لكن من ولد في موطن آخر
فلن يتذكرها وتضيع كل عاداتنا وتقاليدنا التي توارثناها عبر قرون .
فقال له الزعيم صدقت أيها المخلص ما العمل ؟
فقال له أما أن نرحل العام القادم لنعيد تاريخنا ونمارس طقوسنا ونحافظ على أرثنا او نموت جميعاً
لأن الموت أهون من فقدان الوطن .
فقال له الزعيم أصبت بقولك وهذا العام لن نرسل أحداً بل كلنا سيعود للوطن ونعيد أيامنا السابقة .
أما الحياة فيه وممارسة طقوسنا المتوارثة أو الموت فيه ونسقي بدمائنا ترابه المبارك .ليبزغ أمل جديد
فتم تعميم الخبر على الجميع فمن كان يعرف سورية طار وحلق في السماء لفرحه
وأما من لم يعرفها فكان يحلم في معرفتها لأن الحديث عنها كان على كل لسان الطيور
وهكذا قررت طيور السنونو العودة للوطن برغم كل الظروف .
هل سيعود السنونو لسورية وهي تنعم بالامن والخير ؟
هل قرر أبناء سورية العودة للوطن كما قرر السنونو ؟ ابن السريان 17.10.2012
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”القصة القصيرة“