الفانوس السحري

المشرف: مشرف

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

الفانوس السحري

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

الفانوس السحري
أنه السبت الأول من الشهر حيث يقام فيه بازار أو سوق شعبية
في منطقتنا فيحضر بائع بضاعته ليعرضها للبيع والجميل في السوق
هو تنوع البضائع من أصغرها كالأبر والخيوط إلى أفران غازوغيرها
والأكثر جمالاً هو تلك الأثريات والأدوات القديمة التي كسها غبار السنين
بعد أحتساء فنجان هوتي خرجت للتجوال في السوق والتمتع بما تحويه
وجلت بعيوني بعد أن وصلت على العربات والبسطات المتلاصقة
وأتفحص ما عليها وأستمع لتبادل الأحاديث بين المشتري والبائع
برغم من سعرالمواد المنخفض لكن المساومة لابد منها .
وبينما أعبر على أحدى البسطات لفت أنتباهي فانوس قديم يشبه الفانوس في بلادي
باللاشعور تناولته بسرعة وسألته عن سعره وبالطبع ساومته لكن بدون اصرار
لرغبتي في شراءه مهما كان ثمنه وأتفقنا على سعر بسرعة لا مثيل لها لأن هذا الفانوس
أخذني في ذاكرتي لسنوات مضت عشتها في وطني الحبيب حيث كنا نجتمع حوله
لنستمد منه النور وفي الشتاء بعض الحرارة وكنا نتبادل أطراف الحديث حوله .
تناولته وأسرعت بالعودة للمنزل لكي أخبر زوجتي بما أشتريته والتي كانت تعاتبني
في كل مرة لأنني أشتري أغراض لا قيمة لها أوالفائدة منها نادرة .لا أعرف لما كنت
أشتري تلك الأدوات والمواد لكن كنت أشعر بقوة تجذبني لها فكنت أشتريها .
وبعد أن وصلت للمنزل ناديت على زوجتي تعالي وأنظري ماذا أشتريت ؟
فجائني صوت من المطبخ تقول : كالعادة أشتريت أغراض بلا فائدة وبلا طعم!
أخفيته خلفي وقلت لها أحزري ماذا أشتريت ؟ فذكرت العديد من الأغراض لكنها
لم تنجح في معرفته فطلبت مني المساعدة كوصف له أو لما يستخدم .
فقلت لها : هذا الغرض كان يجمعنا حوله ويحرض فينا الخيال ويمدنا بالحرارة
فقالت :أكيد ليس موقد لأنك لا يمكنك أن تخفيه خلفك فهو أكيد صغير الحجم
وهنا إن لم تخوني الذاكرة هو لمبة أو شيئ مثله !
قلت: لها لقد حزرت أخيراً أنه فانوس .
وعندما شاهدته أخذته من يدي بسرعة .اليوم فقط أشتريت شيئاً عليه القيمة.
وبدأت تداعبه وتقلبه بين يديها وتنهدت نهدة طويلة ..... أيه الله يرحم أيام زمان .
وتركتها تلاعبه كأنها تلاعب طفلها المولود حديثاً والفرحة تغمرها .
والمستغرب منها لم تسأل عن ثمنه وهي المرة الأولى لم تسأل !
فقلت لها علي أن أنظفه قليلاً من بعض الأوساخ العالقة عليه
فأحضرت مواد التنظيف ووضعته على الطاولة وبدأت في تنظيفه
بدأً من الزجاجة وأنتهيت من تنظيفه من الخارج وأثناء تنظيفه كنت أسمع
صوت مواد داخل خزان الوقود فقررت أن أخرجها منه وربما يمكننا أن نشعله
ولو لمرة واحدة وحاولت فك السدادة لكنها كانت قاسية بعد جهد تمكنت من فتحها
وفجأة خرج منها دخان أسود وبعد لحظة تحول إلى أبيض فهربنا أنا وزوجتي
وتركنا الفانوس على الطاولة وخرجنا من المطبخ وأقفلنا الباب خلفنا .
هنا رودتنا الأفكار وأخذتنا إلى عالم آخر ما عسى أن يكون هذا ؟
هل يعقل أن تكون تلك الغازات سامة ؟ وبينما كنا في حيرتنا سمعنا صوت
من الداخل يقول أين هربتم مني أنا خادمكم مارد الفانوس .
لم أصدق أذني فقلت لزوجتي هل سمعتِ ما سمعته ؟
فقالت أجل فأعاد النداء مرة أخرى وفتح الباب فدهشنا من منظره
أنه حقاً مارد كما في القصص وهنا تذكر علاء الدين وفانوسه.
فقال لي المارد : شبيك ولبيك المارد بين أيديك أطلب وأتمنى
لكن فقط طلب واحد يحق لك أن تطلب مني !
فقلت له بعد أن جمعت شجاعتي لما طلب واحد أيها المارد الطيب ؟
فقال لأنكم في عصر متطور وتم تأمين الكثير لكم وهذا لم يكن في السابق
فطلبت منه أن يمهلنا بعض الوقت لنفكر في الطلب !
فقال لنا: معكم فقط خمس دقائق لأن الوقت من الذهب .
ومرت الخمس دقائق ونحن نتحاور ماذا نطلب .فقلت له هل يحق لنا أن
نطلب أي شيئ فقال لنا أي شيئ وأنا مستعد لتلبيته لكم .
فقلت له: نحن نريد السعادة فقط !
قال هذا طلب غريب لم أسمعه من قبل لكن علي تحقيقه لكم .
فقلت له: إن لم نشعر بالسعادة ماذا ستفعل .
فقال: سوف أسعى لتحقيقها لكم بكل الطرق .
فقال المارد في نفسه: يقال السعادة هي في المال والقصور
سوف أبني لهم قصراً كبيراً وأغمرهم بالمال .
ومرت لحظات أخذنا لقصر كبير ورائع ومنحنا كنوزاً كثيرة
بعد أعجاب وفرحة بالمشهد لكن السعادة لم تدخل قلوبنا
فهناك شيئ ناقص فقالت له :لم أشعر بالسعاد أيها المارد
صحيح فرحت به لكنه لم يشعرني بالسعادة !
فقال: سوف أحول حديقة القصر لأجمل حديقة في العالم
وحقاً تحولت حديقة القصر لحديقة رائعة الجمال بأزهارها وأشجارها
وطيورها وو.. حقاً كانت رائعة الجمال وعجيبة بطيورها وحيواناتها
تجولنا فيها مع فرح كبير لكن السعادة لم تكن موجودة كما كنا نتمنى
فقلت له: هناك شيئ ناقص ولا نعرفه فقال لنا سوف أترككم هنا لأسبوع وأعود
ومرت الأيام ونحن نستمتع بخدم ومال وقصر رائع وحديقة غناء لكن السعادة
شبه مفقودة هناك فرح وبهجة لكن ليس كما أحببنا أن تكون !
فقلت لزوجتي : ماذا ينقصنا هنا قالت الناس ورائحة التراب التي عشقناها
فقلت لها لقد أصبت نحن نحنوا للوطن وفيه تركنا السعادة .
فناديت على المارد :أيها المارد أظهر عليك الأمان
فظهر المارد قائلاً لم يكتمل الأسبوع بعد !
فقلت له:لقد عرفنا مكان السعادة نريد منك أن تعيدنا إليه
فقال أين ؟
قلت له: أن تعيدنا للوطن وإلى بيتنا الترابي الذي بعناه لنأتي
لهذه البلاد بحثاً عن السعادة معتقدين بأنها فيه.
وإلى أناس هجرناهم كانوا لنا الرفيق والصديق والأخ
فقال لنا المارد: الرب وهبني قوة لتغيير المستقبل ولكن من المستحيل العودة
بالزمن بيتك لقد بعته وأصبح ملكاً لغيرك وهذا هدّه وبنى مكانه بناء أسمنتي كبير
يمكنني فقط أن أعيدك للوطن لكن ربما في مكان آخر مدينة أخرى وحي آخر
فقلت له: في قريتي هناك متسع من الأرض يمكنك أن تبني لنا منزل هناك
لنعيش فيه فنحن لا نريد قصراً بلا بشر ومال بلا محبة وحديقةلا تبعث رائحة
تراب الوطن .فقال لنا المارد :هذه عدة طلبات فقط يمكنني أن أحقق لكم واحدة منها
فقلت له: فقط خذنا للوطن ونحن سنبني المنزل والمحبة ستغمرنا من الأحبة .لنعيش
بقية حياتنا مع ذكرياتنا ومع من تبقى من أخوتنا في الوطن .
بهذه اللحظة سمعت صوت يقول لي هيا قم ألا تذهب لسوق البازار ؟
فتحت عيني شاهدت زوجتي ترفع اللحاف عني .هيا أنها الساعة التاسعة
فقلت لها: لما أيقظتيني من حلمي لم أنتهي منه بعد .
فقالت :أي حلم هذا شدك إليه ؟
فقلت لها: كدنا أن نعود للوطن لكنك لم تتركينا نعود .
فقالت : يا رجال لقد تبدل الحال والأحوال ولا يمكننا أن
نعيد الزمن للوراء لقد بعنا الوطن بتذكرة طائرة
واليوم تقول لي أنك تريد العودة للوطن .
فقلت لها الوطن سوف يفرح بنا كما تفرح الأم بطفلها
فقالت لي زوجتي كلامك صحيح لكن أين هم ناسنا ؟
ربما لم نجد أي منهم فتغير الزمان وأكيد تغير الناس
ربما منهم من هاجر وآخر قد رحل عن الدنيا وووو
قلت لها هل نبقى في هذه الغربة فنحن سنبقى غرباءفي هذه البلاد
مرت ثلاثون سنة ونحن بعد غرباء وهل يعقل أن يتغير الحال ؟
فقالت لي هيا تناول فنجان القهوة وأذهب للسوق وعشت لحظات
كالتي كنت تعيشها في الوطن وأعد بعض الذكريات بأدوات تأخذك معها
فقالت لها هل كنت معي بالحلم هذا ما شاهدته .فهرعت مسرعاً من فراشي
لأشرب قهوتي وأذهب للسوق ربما أجد الفانوس الذي شاهدته بالحلم .
ابن السريان 17.02.2014


أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”القصة القصيرة“