النحات والخياط والراهب

المشرف: مشرف

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

النحات والخياط والراهب

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

النحات والخياط والراهب
يحكى أنه في قديم الزمان سافر نحات ماهر وخياط ماهر وراهب في رحلة إلى بلد لطلب المزيد من العلم والمعرفة وبينما هما في الطريق أعياهم التعب فجلسوا لقضاء ليلتهم في العراء على ضفة واحة وتقاسموا
الحراسة خوفاً من وحش أو ضبع يهجم عليهم وهم في رقادهم وربما لن يشعروا به من شدة تعبهم لذا أقترعوا
على الحراسة فكان الأول النحات ثم الخياط فالراهب .
بدأت نوبة النحات بالحراسة فقال لنفسه لو بقيت هكذا ساكتاً ربما أنام لأفعل شيئاً ما فتجول في المنطقة وكانت الليلة مقمرة ويعكس القمر نوره على سطح الماء فلمح من بعيد جذع شجرة فتخيل له أمرأة فهرع نحوه وجره خلفه
إلى موضع رفاقه وأخرج عدته وجلس ينحت فيه فصنع منه أمرأة فمن خلال عمله أراد أن يظهر لرفاقه بأن ماهر بعمله وفنان وبعد أن أنتهت نوبته بالحراسة كان قد أنتهى من العمل فوضعها في مكان مقابل لموضع جلوسهم ثم جاء ليوقظ رفيقه الخياط لينوب عنه بالحراسة فقام الخياط ليحرس رفاقه ورقد النحات على أمل أن يستقظ في الصباح البكر على صوت رفاقه وهم مندهشون مما صنع .
بدأ الخياط حراسته في رسم مستقبله بعد زيادة معرفته وعلمه بعلوم الخياطة فبدأ يتجول في المنطقة فلمح أمرأة واقفة كأنها تنادي عليه فأعتقد بانها هلوسة التعب فرك عيونه لكن الصورة بقيت مكانها فتقدم نحوها وإذ بها أمرأة
متناسقة الجسد وجميلة الوجه كأنها تحفة فعلم بأن صديقه هو من قام بصنعها ليظهر لهم عبقريته وفنه بالنحت
وهنا بدأ التنافس بينه وبين النحات فقرر أن يخيط لها ثوب ويكسي جسدها ليعطيه الجمال الكامل ويظهر فنه بعمله
فأخذ من جعبته بعض الأقمشة التي جلبها معه وبدأ بخيط ثوب لها وبعد ان مرت الساعات كان منتهي من عمله
وبعد أن فرغ من عمله أنتهت نوبته من الحراسة فطلب من الراهب أن يقوم بدوره بحراستهم بعد أن ترك الفتاة الجميلة في الشكل والمظهر كأنها تنطق فخلد الخياط لنومه من جديد ليستيقظ على أندهاش رفاقه ويتميز عليهم بمهارته ولم يترك النحات يضع عليه نقطة أو ينتصر بهذه الجولة .
بعد أن قام الراهب لحراسة رفاقه بدأ في صلواته لله عز جلاله وقرر أن يصلي مدة حراسته خوفاً من أن ينام ويغدر بهم وحش كاسر بعد مدة شعر بالنعاس يغزو عيونه فقرر التجوال في المنطقة وبينما هو يتجول لمح أمرأة ممشوقة القوام بزي رائع فظن بأنه الشيطان قد تمثل بصورة أمرأة فلعنه وبدأ يصلي لكن المرأة بقيت في مكانها لم تذهب وهنا أقترب منها وبدأ يحدثها من أنت ومن إين قدمت فلم تجبه ولم تتحرك أقترب أكثر منها وكانت المفاجأة كبيرة له فهي عبارة عن لعبة صنعها النحات فأبدع بصنعها وكساها الخياط بثوب رائع فأبدع بتصميمه وهنا علم بأن كل منهما قام بأظهار مهارته وهنا أصابته الصدمة فهو لا يعرف غير التعبد والصلاة فكيف يظهر لهم بأن عمله مقبول لدى الله وصلاته يسمعها الرب فطلب من الله أن يحيي هذه اللعبة ولتدب فيها الروح فتنطق وبدأ في الصلاة مدة حراسته وفي لحظات بزوغ النور والشمس تنشر أشعتها الذهبية على سطح الأرض سمع الله صلوات الراهب فنطقت المرأة تلقي السلام عليه صباح الخير يا سيدي لقد سمع الله صلاته وهنا أسرع ليوقظ رفاقه ليخبرهم بان الله سمعه الآن وكان يسمعه طوال حياته .أستفاقا الأثنان على صراخ الراهب فكل منهما أعتقد بأنه أذهل بما أبدع في صنعه أعتقد النحات بأنه فاز بهذه الجولة وكذلك الخياط ولكن لم يتوقعا بان تكون المفاجأة بأن الراهب لم يسيلم بل قام بمبارزتهم بأن الله مستجيب للصلوات ويسمعه وبعد أن تناولوا الفطور دخلوا في سجال لمن تعود ملكية هذه المرأة ونشب صراع بينهم فقال النحات لولا صنعي لما كانت هذه بموجودة والخياط قال لولا ثوبي لكانت عارية ولما ظهرت بهذا المظهر أم الراهب فقال وانا صليت للرب ليضع فيها الروح .وهنا كانت المرأة في حرية لمن ستكون فالجميع لهم فضل في وجودها بينهم فقررت أن يحتكمو لحاكم البلدة التي سوف يصلون لها قريباً فوافق الجميع على طلبها وبما يقرر الحاكم يطيعون .
وصلوا الأربعة إلى البلدة وبعد ترحيب من الحاكم لهم وتناول طعامهم دعاهم لسماع مطالبهم ولما قدموا لبلدته فحضروا جميعاً بدون المرأة التي أختلفوا عنها فسمع لحججهم وهنا بدأ يفكر وبعد فترة تفكير وقف وطلب جلب المرأة لمجلسه فجاءت فكانت في غياة الجمال والروعة والحسن والجمال قال الحاكم لقد أبدعتما أيها النحات والخياط بما قمتما وأما الراهب كان فكانت صلاته مسموعة لله عز جلاله والعدل يقضي بأن يأخذ كل واحد منكم ما قام به كانت فرحة النحات كبيرة لأنه أعتقد بانه المنتصر وكذلك الخياط وأما الراهب أحتار في أمره كيف يأخذ ما وهبه الله فقال الحاكم أيها الخياط خذ الثوب وأستروا المرأة بقماش أبيض فخاب ظن الخياط لكن النحات أعتقد لهذه اللحظة بانه الرابح وهنا طلب الحاكم من الراهب أن يصلي لربه ليرجع ما وهبه فصلى الراهب والدموع تنهمر من عيونه وبعد صلاته رفعت الروح لمن وهبها فتحولت المرأة إلى لعبة خشبية فقال له الحاكم خذ أنت أيها النحات لعبتك الخشبية فيكون مصيرها النار بعد مدة وثوبك أيها الخياط يصيبه الأهتراء والتلف فلم ولن يبق غير الروح فالروح خالدة .فعاد الجميع بعد أن علما مهما زاد الأنسان علماً يبقى بحاجة للمزيد والحياة أكبر مدرسة وكل شيئ فاني في الحياة والخالد هو الروح التي يهبها لنا الله عز جلاله . لنعمل لأجل الروح وليس الجسد والمظهر فهذا كله زائل .أخوكم أبن السريان
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”القصة القصيرة“