عندما ننوي إنقاص الوزن، فإن أول ما نفكر فيه هو القلق على محيط الخصر والقد المياس، أكثر من القلق على الصحة. صحيح أن تخفيف الوزن يسمح لنا بارتداء مقاسات أصغر من الثياب وبالتالي تحسين المظهر، لكن الأهم من هذا كله النتائج الإيجابية التي يتركها إنقاص الوزن على الحالة الصحية وعلى مختلف أعضاء الجسم خصوصاً الشرايين. وفي السطور الآتية نعرض أبرز الفوائد التي نجنيها من إنقاص الوزن.
- الفائدة الأولى: خفض ضغط الدم المرتفع. إن كثيــرين من الأشخاص الذين يعانون زيادة في الوزن يشكون من ارتفاع في أرقام ضغط الدم، وكل البحوث أشــــارت إلى وجود رابط ما بين زيادة الوزن والإصابـــة بالأمراض القلبية الوعائية. وكلما كان ضغط الدم منخفــضاً في اتجاه حدوده الدنيا المعتـــرف بهـــا طبياً قلّ خطر التعرض للأزمات القلبية والدماغية في المستقبل. إن اطاحة حوالى تسعة كيلـــوغرامات من الوزن الفائض تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم وبالتالي إلى انحسار خطر التعرض للأزمات القلبية بنسبة تقارب الـ 20 في المئة.
- الفائدة الثانية: خفض خطر الإصابة بالداء السكري - النوع الثاني. أن 80 في المئة من البالغين الذين يعانون زيادة في الوزن يشكون من الداء السكري النــــوع الثاني (أي غير المعتمد على هورمون الأنسولين)، وتفيد الإحصاءات بأن هذا المرض الذي كان سابقاً لا يشاهد إلا في فترة متقدمة من العمر، أصبحـنا نراه اليوم يصيب الذين لم يقطعوا بعد سن الأربعيـــن، ويعـــزو العلماء هذا الأمر إلى تفشي زيادة الوزن بين الناس أكثر من السابق. وغني عن التعريف المضاعفات التي يسببها السكري، بدءاً بالتذبذبات التي تحصل في مستوى السكر في الدم صعـــوداً وهبوطاً، مروراً بالأمراض التي يخلفها الداء علـــى القلب والعيون والكلى والأعصاب، وانتهاء بالعجز الجنسي. لقد كشفت الدراسات أن خفض الوزن المدعوم بنشاط بدني فاعل لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، يساهم في إبعاد خطر التعرض للداء السكري بمعدل 50 في المئة على الأقل.
- الفائدة الثالثة: خفض خطر التعرض لمرض القلب. إن زيادة الوزن تعتبر من العوامل المهمة التي تسبب مرض القلب. إن بقاء زيادة الوزن تعرض القلب عاجلاً أم آجلاً إلى الإفلاس، وفي هذا الإطار سجل الباحثون معدلات عالية من الإصابة بأمراض القلب لدى أصحاب الوزن المرتفع بسبب العبء الذي تلقيه الزيادة على القلب من أجل تأمين ضخ الدم إلى مختلف أنحاء الجسم.
- الفائدة الرابعة: خفض مستوى الكوليسترول العام في الدم. المعروف أن ارتفاع الكوليسترول في الدم يخلق الفرصة المناسبة لبناء الصفائح الدهنية على البطانة الداخلية لجدران الشرايين خصوصاً الدقيقة منها، وتشكل هذه الصفائح يمهد لتشييد تضيقات في الأوعية تخلق عراقيل أمام ضخ الدم في شكل طبيعي ما يجعل القلب الذي لا حول له ولا قوة يعمل بجهد أكبر لتأمين تدفق الدم. إن إنزال الوزن يخفض مستوى الكوليسترول السيئ ويزيد مستوى الكوليسترول الجيد في الدم، ما يقلل خطر التعرض لمرض القلب والأوعية الدموية.
- الفائدة الخامسة: خفض مستوى الشحوم الثلاثية في الدم. هناك علاقة وثيقة بين زيادة الوزن وارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية في الدم، خصوصاً لدى من كان محيط خصره تجاوز 102 سنتيمتر للرجل و88 سنتم للمرأة. إن ارتفاع الشحوم الثلاثية يشكل خطراً على القلب والأوعية الدموية تماماً كما الحال مع ارتفاع الكوليسترول السيئ. وفي حال الارتفاع الشديد للشحوم الثلاثية، يزداد خطر التعرض للإصابة بالتهاب البانكرياس القاتل وانسداد الشرايين في العين. إن مجرد نقص بسيط في الوزن يمكن أن يحدث هبوطاً معتبراً في مستوى الشحوم الثلاثية في الدم في شكل يضاهي عمل الأدوية التي تستخدم لهذا الغرض إن لم يكن أكثر.
- الفائدة السادسة: خفض خطر التعرض للسكتات الدماغية. إن زيادة الوزن تشكل عامل خطر يفتح الباب على مصراعيه أمام الإصابة بالسكتة الدماغية التي تحصل نتيجة عجز الدم عن الوصول إلى الخلايا العصبية للمخ فلا تنال ما يلزمها من الغذاء والهواء فتتعرض للتلف ويعجز المخ عن القيام بوظائفه الجوهرية.
- الفائدة السابعة: خفض التعرض لأمراض المفاصـــل. فــــي دراسة أجريت فــــي أستراليا على عدد مــــن الأشخاص كشف البحاثة أن هناك رابطاً ما بيــــن زيادة الوزن وخطر حصول مرض خشونــــة المفاصل. وطبعاً فإن زيادة الوزن تخلق عبئاً لا يستهان به على مفاصل الطرف السفلي للجسم، كما أن الدهون المتراكمة في الجسم تحرض على إفـــــراز مركبات السيتوكين المتورطة في آلية تدمير البنى الغضروفية التي تغطي سطوح المفاصل.
- الفائدة الثامنة: خفـــض مظاهر مرض الربو. إن إنقــــاص الوزن عند المصابين بمرض الربو يساهم في التقليل من حدة عوارض المرض، وكذلك في تحسين الحالـــة العامـــة لهؤلاء. وفي هذا الإطار بينت دراســة حديثة أن الأطفال البدناء هم أكثر تعرضاً لداء الربـــو من غيرهم، وأن إنزال الوزن في عمر مبكر يقلل من خطر وقوع هذا الاحتمال. وهناك تفسيرات عـــدة للعلاقة بين الربو والسمنة، أهمها تلك التي تقـــول بوجود كميات عالية من هورمون الليبتين تطرحها المخازن الدهنية للمصابين بزيادة الوزن.
- الفائدة التاسعة: تحسين النوم. إن زيادة الوزن تقف وراء حدوث انقطاعات متتالية في نظم التنفس وما تودي إليه من يقظات متكررة تحرم صاحبها من الحصول على النوم العميق الذي يؤمّن الراحة الذهنية والنفسية والجسمانية لصاحبه. إن إنزال الوزن الزائد يحد من حدوث التوقفات التنفسية، ويسمح بنيل نوم أفضل يمكن من شحذ الجسم والعقل كي يقوما بعملهما على النحو الأفضل.
- الفائدة العاشرة: تعزيز الثقة بالنفس. إن الشخص البدين الذين يخفض وزنه يرى نفسه في حال أفضل، وتتحسن نظرة الآخرين إليه، وهذا ما يترك انعكاسات ايجابية على صعيد الصحة النفسية والحياة الشخصية والمهنية و... حتى الزوجية.
مسك الختام إن خفض الوزن الزائد له فوائد جمة، لكنه يجب ألا يتم خبط عشواء، بل يجب أن يرتكز على خطة سليمة تقوم على اتباع نظام غذائي يومي صحي وفي شكل مستمر، مع الأخذ في الاعتبار أهمية تحقيق التوازن بين عدد السعرات الحرارية التي تدخل الجسم وتلك التي تخرج منه. وحبذا لو تم السير على خطى حمية البحر الأبيض المتوسط التي أثبتت الدراسات الميدانية فائدتها على كل الصعد.
ويجب أن تكون الخضروات والفواكه والحبوب حاضرة بقوة في الوجبات اليومية، مع عــــدم المبالغـــة في أكل الشحوم واللحوم والحلويات، واختيار المواد الدسمة غير المشبعة، والابتعاد كل البعد عن الوجبات السريعة والجاهزة والمآكل المقلية لما تحمله من مفاجآت خفية وعلنية.
وبالطبع يجب ألا ننسى ممارسة الرياضة اليومية لمدة كافية. ومن الضروري جداً عدم العجلة في خفض الوزن، لأن السلوك في هذا المسار يترك الكثير من السلبيات، من بينها سهولة العودة إلى الوزن السابق بسرعة، وترهل الجلد، وخلق بلبلة في وظائف أعضاء الجسم.
2012/1/12