رد على مقال ميشيل كيلو حول المسيحيين في سوريا

المشرفون: ابو كابي م،مشرف

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

رد على مقال ميشيل كيلو حول المسيحيين في سوريا

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

رد على مقال ميشيل كيلو حول المسيحيين في سوريا
المقال التالي منقول عن موقع "الحوار المتمدن"، و"موقع سما القامشلي " لا يتبنى مضمونه إذ أنه يعبر عن رأي كاتبه فقط، ولكن ارتأينا نشره لأنه رد على مقال للكاتب المعارض ميشيل كيلو المنشور في صحيفة "السفير" والتي أعادنا نشره سابقاإ":
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
من مفارقات الأزمة السورية أنها أتحفتنا بباقة كبيرة و ملونة من الحكواتية و أصحاب القيل و القال نقلاً عن هذا و ذاك . و مفارقة المفارقة تكمن في نجاح الحكواتية السوريين على لبس بدلة المنظرين الأنيقة و شدها بحزام الليبرالية باحكام على وسطهم . و للأمانة يقال أن هذه البدلة تملتك ماركة مسجلة تعطي لابسها حصانة الخوض بما يشاء لتحليل ما يشاء و الافتاء بما يراه بصرف النظر ان كان موضوع الفتوى ضمن نظاق معرفته أو ان كان مصدر معلوماته دقيق و موضوعي . و لم لا فالبدلات الليبرالية تبقى دائماً براقة و عصرية مهماً عتقت ، كما ان لها صفة فريدة عن باقي الألبسة و هي عدم اهترائها و حصانتها ضد التبقعات و الاستعمال و يمكن ارتدائها في كل المناسبات فهي دائماً معصومة و فوق المسائلة .
فاجأنا أحد كتاب الثورة السورية المقدسة مؤخراً بمقال انبرى فيه واعظاً ورسولاً من منبره الخاص ليعطي خلطة سورية جديدة تجمع الفتوى مع القداس مع السياسة في طبق واحد مملح بملح الرجال و منكه ببهارات الثورة و خبريات حواري و زواريب المعارضين . فالرسول العصري قد أفتى بأن تعاليم السيد المسيح تنص أنه على المسيحيين السوريين أن ينزلوا إلى الشوارع نصرة لأخوتهم في الوطن و عليهم المشاركة في الثورة التي هي واجب مقدس و فيها ارضاء للمسيح و نصرة للحق؟! لكن رسولنا الجديد نسي أن يذكر لنا ما هو حكم حمل السلاح من وجهة نظر الانجيل ضد الجيش و الأمن ؟؟ و حكم من يأخذ من اخوته من المسلمين و المسيحيين ثمانمائة مدني بقوة السلاح كرهائن و يجعل منهم حاجز وقائي يرد عنه هجوم قوات الأمن السوري و يتعامل بهم ككرت لعب يساوم عليه عند نفاذ صبر الجيش منه؟؟ كما و فات على ملاك الرب (كلمة ملاك تعني رسول) أن يبشرنا كم من العيون الحور يا ترى يخصصها الرب في الفردوس لمن يهجر كل اخوته من المسيحيين في بلدة القصير من منازلهم بنداء واحد فقط تحت طائلة القصاص الرادع ثم يلتفت إلى الجهة المقابلة و بنفس النفس يملأ الدنيا زعيقاً لنصرته ضد من يستهدفه طائفياً !!!
ان بشارة (كلمة بشارة تعني الانجيل) القرن الواحد و العشرين واضحة بالنسبة لملاكنا العصري و هي تقول بأن المسيحيون قد فهموا طوال ألفي سنة قصد المسيح من قوله "اعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله" بشكل معكوس ، و رئيس الملائكة ميخائيل الذي كان أول من نقل بشارة قيام المسيح من الموت ليقهر الموت قد أصبح موضة قديمة و اسماً غير رنان في زمننا هذا و يجب نطقه باللفظ الفرنسي "ميشيل" الذي يكتسي ببذلة علمانية مناسبة لأضواء الاعلام و يتفوق على اللفظة المحلية "ميخائيل" بالرطانة و بتفسيره لجوهر الرسالة المسيحية التي باتت حسب التفسير المعتمد غيرعملية و ليست مجدية في زمن رسل الحدث السوري . و ميزان الصائغ الدقيق (حسب الملاك إياه) الذي وزن به المسيحيون طوال تاريخهم في الشرق كلام الانجيل لم يعد ينفع في هذه الأيام فهو قد بات دقيقاً جداً ليزن أحداث العصر الثقيلة بموضوعية و عملية تناسب الواقع و يجب تحديثه بميزان أكبر لبياع خضارأو بياع كلام يزن بال "كيلو" ليتلائم مع حجم الأوهام التي ما زالت تتحدث عن الشارع السوري دون ذكر سلاحه و تتغنى بالمتظاهر السلمي في سوريا الذي يساوي حسب قناة الجزيرة و فيصلها عشرين ألفاً من المتظاهرين دون ذكر عدد المهجرين المسيحيين من حمص وحدها نتيجة لثورته السلمية و الذي قارب المائة و الأربعين ألف مهجر .
اسم ميخائيل يعني (من مثل الله) و قد استحق رئيس الملائكة هذا الأسم لأنه قاوم خداع الشيطان له و تحرر من ألاعيبه و مجد الخالق عندما نهر الكذاب الذي كان يحاول استمالته لضمه إلى قواته و قال له "من مثل الله" أي بما معناه "من مثل الحقيقة" فلم تخدعه الحجج الملونة لابليس و المغلفة بمنطق واه ، و لم يستسلم إلى كبرياء امتلاك المعرفة التي تنتج الجهل و السقوط في الهاوية . و في المقابل فلنتصور مالذي سيكونه التاريخ المسيحي المشرقي فيما لو استقبل المسيحيون البشارة منذ البدء حسب رؤية الملاك "ميشيل" الليبرالي المعاصر و وزنوها بميزان ال "كيلو" و ليس بميزان الذهب ، فعلى سبيل المثال : بدلاً من أن يفسر المسيحيون قول المسيح عن أن الحصن يهدم من الداخل بأنه دعوة للفرد المسيحي لتحصين نفسه ضد نوازع التعصب و رواسب العنف المتجذرة في داخله ، و يعمل بالتالي على بناء اسرته على قيم السلام وليس على قيم الشارع كوسيلة وحيدة فعالة لخلق الانسان الحضاري المسؤول و بالتالي المجتمع المسالم و الراقي الذي يفرز بدوره نظام العدل . بدلاً من ذلك يفهمون من القول ذاته على أنه دعوة لهم لاسقاط أنظمة الحكم التي لا تروقهم (و ما أكثرها في تاريخنا) عن طريق تخريب البلد من الداخل ، و عليه فمن الحقبة الرومانية إلى العربية مروراً بالعثمانية حتى الأن لما توقف المجتمع المسيحي عن معارضة الحكام و النزول إلى الشوارع و محاربة العسكر بالسلاح الذي كدسوه في فترات الراحة القصيرة ، مما كان سيؤدي إلى خلق ردات فعل أعنف من الطرف المقابل يرد عليها بعنف انتقامي أكبر من المسيحيين و هكذا يدخل الجميع في تاريخ مغلق لا نهاية له من الانتقام يطحن الانسان في دوامات من الألم و الدماء . و لأجل التفريق بين هذين المفهومين عن بناء الانسان و المجتمع أطلق المسيح على ذاته صفة ابن الانسان الذي جاء من عمق الألم الانساني ليزيله بارساء قاعدة بناء الذات و تنقيتها كدرب لبناء مجتمع الأمن السلام وليس كما فسر ملاكنا المودرن بأن ابن الانسان تعني انجرار المرء مع ابن جلدته كيفما اتفق على مبدأ "عليهم يا رجال" .
في جوهر العقيدة المسيحية ترتبط حرارة الايمان و التقرب من الله بالسلام الداخلي و بزيادة البصيرة عند المؤمن ، و هذه الصفات على عكس ما هو شائع في مجتمعاتنا غير مرتبطة بسن المرء أو بلقبه أو بتاريخه السياسي ، فقول المسيح "من ثمارهم تعرفونهم" واضح المعنى و فيه المعيار للتفريق ما بين صاحب البصيرة و من لا يستطيع البصر إلى ما هو أبعد من موطئ قدميه ، و حسب الثمار(الأرقام) يعتبر الربيع العربي أسوأ الفصول التي مرت على أبناءه كما و يعتبر كل من زمر و طبل له مشارك في الزرع و الحصاد ، ولا فرق هنا ان كان عن قصد و عن دراية بالعواقب أو بغير قصد ، فالثمار لا تحددها النوايا بل نوع البذار، و البذار التي ابتلي بها ربيعنا هي للأسف من نوع فريد تم استحداثه في المختبرات الأميركية و هي لا تنمو إلى باروائها بدماء محلية الشيء المتوفر في سوريا بكثرة تنفطر لها القلوب . فالاختلاف في الرأي يجب أن يفضي إلى دماء في وطني كما أن سوء التقدير يفضي إلى دماء أيضاً و ربما بغزارة أكبر ، و هذا مما فات على كاتبنا الذي اشتكى في مقاله الأخير من اتهام بعضهم له بالتحريض على قتله و هو الذي لم يحمل سوى القلم في حياته و ليس له صلة بأي حامل سلاح . كاتبنا صادق في ادعائه هذا و كلنا نعرف ذلك و لكن مشكلته تكمن في أنه لم يتمتع و لو بجزء بسيط من البصيرة ليرى خطورة ذكره بالأسم لواحد من كبار رجال الدين في طائفته ، و اتهامه له مباشرة بالعمالة للأمن السوري و بأنه يقيم أفراح موت للأحتفال بمقتل أبناء من الوطن ، و كل ذلك بناء على رواية من طرف واحد لشاب أو اثنين من رواد الزوايا و المقاهي !!! و لم يستطع مفتي الثورة القديس أن يبصر بأنه يتهم طائفة بكاملها بالاجرام و لم يدرك بأنه يحشرها في مقاله هذاً حشراً في ساحة الاقتنال و هي التي جاهدت من بداية الأزمة لتكون في موقع المسالم الذي يرفع الصلوات لأجل جميع أبناء الوطن . و خيانة البصيرة لملاكنا العصري قد أوصلته لمرحلة لم يستطع فيها أن يرصد أنه و على بعد عدة بوصات من قدميه يوجد قاتل قد أعدم جاره لمجرد الشك به و مثل بجثته و صورها متشفياً و عرضها على اليوتوب منتشياً ليراها الملأ و هو يحتاج إلى أقل من شاهد من أهلها ليوسع من دائرة قصاصه و يفتح أبواب جديدة للعنف .
من الملاحظ في كتابات كل منظري الحراك السوري (باستثناء واحد له موقع ينشرفيه الفضائح السياسية لطرفي النزاع في سوريا) أنه ولا واحداً منهم قد أقر ولو مرة واحدة بحادثة قتل قام بها أي من مقاتلي الثورة السورية ضد مواطن سوري ، حتى لو كان القتل على المكشوف في الساحات العامة و استكمل بالتنكيل في الجثث فالشجب ليس في وارد منظري الثورة . و هذا برأي أمرغريب و يجب أن يخضع للدراسة ، فالجميع يتعامل مع الأمر و كأنهم مربوطين برباط واحد غير مرئي يعطيهم رؤية و تفسير خاصين لعمليات التصفية التي يمارسها المسلحون!! بينما نلاحظ عند الفريق المقابل بأن الجميع يعترف حتى الأمن و الجيش أنفسهم بقساوتهم و بطشهم . كما أنه لم يحدث سابقاً أن كاتباً غير متفق مع الثورة قد أنكر بأن قوات الأمن و الجيش السوري يضغطون على الزناد . و السؤال الأن ما هو مصدر هذا العناد الاعلامي و الكبرياء المعرفي عند كتاب الثورة السورية ؟؟؟ فهم لم يحاولوا قط أن يشحذوا من بصيرتهم و لو قليلاً ليواجهوا أسئلة تسطع على الساحة السورية بقيظ أقوى من حرارة شمسنا الصيفية ، و هي أسئلة كنت قد طرحت بعضها في مقالات سابقة لي و لم أجد شخصياً جواباً لها حتى الأن مثل: لماذا لم نرى و لا صورة واحدة أو فيديو لأحد أطفال درعا ممن قلعت أظافرهم و التي فجرت قصتهم الأحداث في سوريا؟؟؟
سؤال أخر : على اعتبار أن المعارضة السورية بكل أطيافها لم تتوقف عن الحديث عن قيمة الانسان السوري و عن حقن دمائه و تصرخ مناشدة المساعدة رحمة لأبناء سوريا و أطفالها ، لماذا لم نسمع و لا مرة أن معارض سوري كان قد نادى باصلاح قوانين السير أو الطرقات العامة في سوريا و التي تحصد أرواح أكثر من عشرة ألاف سوري سنوياً بسبب حوادث القيادة أغلبهم من النساء و الأطفال ، أو أنه تظاهر منادياً بتحسين الخدمات الطبية مثلاً ؟؟؟
و أخيراً سؤال كان قد طرح في موقع الحقيقة من خلال رسالة مرسلة من شاب درعاوي يسرد فيها القصة الحقيقية لموت حمزة الخطيب ( أيقونة الثورة السورية و قرة عين كلينتون التي أتت على ذكره أكثر من مرة في تصريحاتها عن سوريا ) و بصرف النظر عن دقة محتوى الرسالة المنشورة فأن السؤال الوارد في نهايتها منطقي جداً و حساس و هو : ان كانت أجهزة الأمن السورية قد عذبت حمزة الخطيب و قطعت عضوه التناسلي لماذا سلمت جثته إلى أهله و لم تتخلص منها بهدوء و دون شوشرة ؟؟؟
يقول الانجيل عن الخطيئة بأنها "طرحت كثيرين جرحى و كل قتلاها أقوياء" لينبهنا بأنه لا يوجد معصومين عن الخطأ ، بل على العكس فالخطيئة تكبر بكبر و مكابرة الخاطئ ، لذا وجب على الانسان أن تتضمن صلاته اليومية مراجعة لأخطائه و مواجهاتها و الاقرار بها نادماً ليتم له التحرر منها ، فالزمن قصير و الألم كبير و الوطن ينتظر منا شجاعة الاقرار.
عادل أسعد / الحوار المتمدن
منقول...

أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”مقالات مختارة“