كالنقــــــــــــــــــش على الحجر

المشرف: حنا لبيب خوري

حنا لبيب خوري
مشرف
مشرف
مشاركات: 163
اشترك في: السبت مارس 28, 2009 9:59 am

كالنقــــــــــــــــــش على الحجر

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا لبيب خوري »



اذا اراد احدنا ان يعود بذاكرته الى الوراء ويتذكّر بعض الحوادث في حياته ، فانّه يعود بشكل تلقائي الى زمن طفولته ويتذكّر بعض لحظاتها التي لن تعود . وتحضره مباشرة بعض المواقف وقلة من الحوادث لأن ايام بل سنين الطفولة لا تُنسى ابدا .. والأنسان بطبيعته يحب بل يحن الى ايام طفولته وصباه وان يعود الى حضن امّه لأن لو لم تكن مرحلة الطفولة هي الأجمل في حياة الأنسان ... لما حسده فيها الخالق بذاته وبقدرة جلاله وعظمته اراد ان يُجَرّبها وان يعيش طفلا صغيرا بشخص يسوع المسيح بين احضان امه العذراء الكلّية الطوبى .
ومعظم البشر لا يستطيعوا ان ينسوا مرحلة طفولتهم وحوادثها الخالدة في ذاكرتهم ... فانا على سبيل المثال أذكر هذه الحادثة وانا طفل لا اتجاوز التاسعة من عمري .
كنتُ يومها في الصف الثاني في المدرسة وكانت مدرستنا الخاصّة تبعد عن بيتنا مسافة تقارب الكيلومتر والنصف .. في الشتاء كان الأهل يلبسوننا الملابس الصوفية الدافئة لأن الشتاء كان قارسا بشكل عام وكانت ( جناتينا ) المدرسية التنك تسليتنا في الطريق عندما نبتعد عن المنزل وعن عيون الأهل فنسرع الى رميها في الأرض مستغلينها ككرة قدم نركلهم لبعضنا البعض حتى نصل الى المدرسة حيث لم تكن الزحمة الحالية للسيارات يومها كانت الحناتير كالتكاسي لها شارع موقف طويل وغاص فيها وكل حنطور معه سائق على اهبّة الأستعداد لتلبية اي طلب على الفور ... نعم كانت عملية الركل للمحفظات التنك توصلنل الى المدرسة .
كانت ملابسنا موحّدة الصدرية السوداء وفوقها حول الرقبة قبّة بيضاء من البلاستيك ... نصطف صف الصباح ننشد النشيد السوري ثم جولة تفتيش على الأظافر ومنديل الأنف ... والويل وكل الويل للوسخ او لصاحب الأظافر الوسخة فكان عقابه جـــــــب الفار .. وهذا الأسم مجرّد ذكره في تلك المرحلة من العمر كان يعتي لنا العقوبة القصوى .. لأن حسب مفهومنا آنذاك من يذهب الى جب الفار لن يعود اطلاقا الى هذه الدنيا ثانية كمن يُســــاق الى الجهادية ايام العثمانيين ... ولا زلتُ الى الآن اسمع صراخ وعويل المعاقبين من زملائي .
وكنا قد ابتُلينا بمعلّمة من جهنّم حسب تفكيرنا آنذاك وكانت المدارس ايامها مختلطة ذكورا واناثا وكان معنا طالب يدعى .. عبد الوهاب .. كان فقير الحال اذا ما قارناه بأحوال اغلبنا .. كان قليل الكسوة في عزّ الشتاء لضيق اليد لأنه كان لا يرتدي في تلك الأيام الباردة غير قميصا طويلا اي ما يُسمى ( كلابيــة ) فقط وكان عندما يجلس للمقعد يُشَمِر عن ساقيه فتتباين لنا أعضاؤه الذكورية فما يكون من البنات الاّ الضحك والضجيج .. وعندما ترى المعلّمة هذه الوصلة من الفوضى تبدأ بمعاقبتنا بالركوع على حفنات من الرمل الخشن الذي تحتفظ بكيسه في زاوية الصف .
ولا انسى ولن انسى طبعا ما حييتُ ذلك اليوم المأساوي في تاريخ حياتي الذي تفقّدت فيه تلك المعلّمة ـــ لا بارك الله بها ـــ حسب مستواي يومها ... يوم تفقّدت وظائفنا وتوقفت عند دفتري لترى واجبي وعلى الأخص خطّي الهمايوني الهيروغليفي الذي لا يشبه ولا يُصَنّف تحت اي مسمى من اسماء الخطوط العربية العديدة .
عندها جرّتني من ثيابي وعلّقت دفتري على ظهري بحيث يظهر الخط الجميل الذي خططتُه انا ويرى الطلاب جماله وروعته ويتعلّموا منه فن الكتابة ويكون حافزا لهم ليقلّدوه وبدأت تزوّرني كافة الصفوف قائلة في كل دخلة
تمتّعوا بجمال الخط وتعلّموا الكتابة
وانا ابكي على حظي السيء والعن في اعماق نفسي ابو هيك مدير الذي قبل بهذه المعلّمة .. وادعو الله ان يمنح تلك المدرسة زلزال او فاجعة لا ينجو منهم غيري .
بعد هذه الحادثة بدأتُ بمشروع تحسين خطّي ..... والى الآن عندما ابدأ بكتابة سطر ما اتأنّى جيدا لأني اقوووول في قرارة نفسي
اخاف بكرا تشوفو المعلمة وتقوم بفتلي على كــــــــــــــــــــــــــــــل الصفـــــــــــــــــــوف
فلستُ على استعداد ان اُهــــــــــــان ثانــية
صورة العضو الرمزية
ابو كابي م
مشرف
مشرف
مشاركات: 2136
اشترك في: الثلاثاء يناير 26, 2010 10:00 pm

Re: كالنقــــــــــــــــــش على الحجر

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو كابي م »

الأخ العزيز حنا خوري المحترم
يعطيك العافية ومشكور جداً على هذه الذكريات الجميلة عن المدرسة وأعتقد أننا جميعاً مررنا بها
ولو بأشكال مختلفة إلا أنها محفورة بأذهننا الى اليوم .
الرب يوفقك
ابو كابي
ابوكابي م
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: كالنقــــــــــــــــــش على الحجر

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

سلام الرب معك
أشكرك أخي الكبير والحبيب حنا
أجل ما حفره التاريخ في صغرنا لن تمحوه الأيام
وكما ذكرت في كل لحظة تمر عاينا نرجع بها لطفولتنا بعفوية
وفيها الحلو والمر المفرح والمحزن ولكنها تبقى رائعة وجميلة
لنأخذ موضوعك بداية مشوار لكل أخوتنا لدونوا لنا في كل مرة
ذكرى لهم من أيام الطفولة وهكذا نحصل على الكثير منها
لتكون عبرة للجميع ممن يأتي بعدنا
بركة الرب معك بأنتظار الجديد منك
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
حنا لبيب خوري
مشرف
مشرف
مشاركات: 163
اشترك في: السبت مارس 28, 2009 9:59 am

Re: كالنقــــــــــــــــــش على الحجر

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا لبيب خوري »

الأخ ابو كابي
اشكرك بدوري واتمنّى لك حسن وجمال ذكريات كهذه الذكريات البسيطة لنتمتّع بطفولتنا التي فقدناها ..
باركك الله عزيزي
حنا لبيب خوري
مشرف
مشرف
مشاركات: 163
اشترك في: السبت مارس 28, 2009 9:59 am

Re: كالنقــــــــــــــــــش على الحجر

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا لبيب خوري »

عزيزي وحبيبي م . ســـــــــــــمير
يشتاق المرء فينا دائما الى الرجوع لأيام الطفولة والى ذكراها وحوادثها .. واعتبره انا رد جميل نوعا ما الى تلك الحقبة الذهبية من اعمارنا
ارجو ان يأخذ الجميع بفكرتك وهكذا نسبح في بحور من ذكريات جميلة وبريئة

بركة عزرت آزخ معك
أضف رد جديد

العودة إلى ”ذكريات الطفولة“