الفراشة والعجوز

المشرف: الأب الياس عبدو

صورة العضو الرمزية
ابو كابي م
مشرف
مشرف
مشاركات: 2136
اشترك في: الثلاثاء يناير 26, 2010 10:00 pm

الفراشة والعجوز

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو كابي م »

الفراشة والعجوز

حدث في زمانٍ ما وفي أرضٍ بعيدة جداً، أن كان يعيش رجل عجوز طيب القلب أحب كل شيء حتى الحيوانات, والطيور، والعنكبوت، والحشرات.

وفي يومٍ ما بينما كان يتمشى في الغابات المحيطة بمنزله، وجد هذا الرجل الطيب القلب شرنقة. وإذ كان يحس بالوحدة، قرر أن يأخذ هذه الشرنقة إلى بيته ليُشاهد عملية التحوُّل الجميلة من شرنقة صغيرة لطيفة المنظر إلى فراشة جميلة.

ووضع الشرنقة برفق على المنضدة بالمطبخ، وأخذ يُراقبها بدقة لمدة أيام عدة. وفجأة، وفي اليوم السابع بدأت الشرنقة تتحرك وكانت تتحرك بعنف. وأحس العجوز بأسف على الفراشة الصغيرة التي داخل الشرنقة. وكان يراقبها وهي تجاهد وتجاهد وتجاهد من داخل الشرنقة لكي تشقها!

وأخيراً، أشفق العجوز على فراشة الشرنقة، فاندفع إلى معونتها بمشرط جراحي، حيث شقَّ به الشرنقة برفق شديد شقاً طولياً حتى يمكن للفراشة من الداخل أن تخرج منه وتبدو للعيان!

وكانت هي الفتحة، حيث خرجت منها الفراشة حُرَّة، ولكن لكي تستلقي وهي ذاوية بلا أي حراك تماماً.

ولم يعرف العجوز حتى أن يفكر. فهل هو قتل الفراشة الصغيرة عن غير قصد؟ لا، فها هي تتحرَّك قليلاً! ربما كانت عليلة!

ومَن ذلك الحكيم الذي يستطيع أن يدلَّه عمَّا حدث لها؟ وأُحبط، وتحيَّر! وقال لنفسه: ”ماذا عليَّ أن أفعل“؟

وفي حسرته عما فعل لهذا المخلوق الصغير، قرَّر أن أفضل ما يفعله هو أن يُرجعها برفق شديد إلى شرنقتها مرة أخرى.

وهكذا فعل، ولحم الشقَّ الذي فتحه بقليل من العسل، وترك الفراشة تتقوقع مرة أخرى في حالتها الطبيعية الأولى داخل الشرنقة.

وفي اليوم التالي لاحظ أن الشرنقة تتحرَّك مرة أخرى. يا لله! إنها تتحرك وتتحرك والفراشة من الداخل تجاهد وتجاهد. وأخيراً انطلقت الفراشة حرَّة من شرنقتها، وفرَدت جناحيها طولاً وعرضاً!

ما أكثر الوقت اللازم لكي يظهر الفجر! ها هي بجناحيها الملوَّنين المليئين بالنقوش البديعة! وطارت داخل الغرفة ثم خرجت من النافذة وهي في منتهى الجمال!

وكاد العجوز أن يطير من الفرح! وظل يراقبها وهي تطير في الخارج حتى غابت عن نظره. ما أعظم الفرح الذي أصابه!

ثم بدأ يُفكر، ما الخطأ الذي فعلته وأنا أحاول أن أساعد هذه الفراشة الصغيرة الجميلة على الخروج من شرنقتها المرة الأولى؟

وتوجه العجوز إلى المدينة، وبحث عن المكتبة العامة، وأخذ يفتش في كل كتاب وجده عن الشرنقات والفراشات.

وأخيراً، عثر على الإجابة. فالفراشة كان لابد أن تجاهد وتجاهد داخل الشرنقة. وهذه هي الطريقة التي تحصل بها على القوة. وهذا ما دبره الله لها لكي تقدر أن تقاوم، لكي تخرج قوية وجميلة!

ولا حاجة إلى القول إن العجوز اندهش، وحزِن، ولكنه استراح أخيراً.

الآن عرف السبب فيما حدث منه للفراشة. فكان لابد للفراشة أن تجتاز هذا الموقف الصعب لكي تخرج إلى الحرية وتطير بحرية. كما عرف الرجل أنه كثيراً إذا ما أحببنا شيئاً أو شخصاً ما، فلابد أن نصلي من أجله ونشجعه على الجهاد.

وتحقق أيضاً أن الله عجيب في حكمته، وأنه كثيراً ما يكون المظهر الخارجي غير ما نظن أنه هو الحقيقة في نظرنا.

فنحن جميعاً نشبه الفراشات الجميلة، ولابد لنا من الجهاد لكي نصير على ما نحن عليه من جمال.


+ + +

- وما أصدق قول الرب في الإنجيل حينما قال:

+ «ادخلوا من الباب الضيِّق... ما أضْيَق الباب وأكْرَب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة»

(مت 7: 14،13


- كما يقول القديس بطرس الرسول:

+ «إن كان يجب تُحزنون يسيراً بتجارب متنوعة، لكي تكون تزكية إيمانكم، وهي أثمن من الذهب الفاني، مع أنه يُمتحن بالنار؛ توجد (تزكية إيمانكم) للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح»

1بط 1:
ابوكابي م
أضف رد جديد

العودة إلى ”القصص والقصائد الدينية“