الآرامیون في التاریخ- حَماة - لعُش

المشرفون: ابو كابي م،مشرف

صورة العضو الرمزية
henri bedros kifa
مشرف
مشرف
مشاركات: 273
اشترك في: الأربعاء مارس 31, 2010 8:36 am

الآرامیون في التاریخ- حَماة - لعُش

مشاركة غير مقروءة بواسطة henri bedros kifa »


الآرامیون في التاریخ
حَماة - لعُش
الأب المؤرخ ألبير أبونا
لقد تطرقنا سابقاً إلى منطقة بيث أغوشي أو مملكة أرباد. والآن نتناول بالبحث منطقة حَماة لُعُش، وهي من المناطق الآرامية المهمة التي لعبت دوراً في التاريخ الآشوري.

فنتكلم الآن عن جار "بيث أغوشي" الجنوبي، أي عن مملكة "حَماة – لُعُش" المزدوجة. وسنتوقف طويلاً عند "ُلعُش". فإن هذه المنطقة التي لم تحظ كثيراً باهتمام المؤرخين، يبدو انها كانت، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الأقرب من أرباد، آرامية قبل حَماة. ولكننا نتتبع أحداثها التاريخية إبتداءً من الزمان الذي وقعت فيه في حوزة الآراميين ١. وسنتناول هنا المقال ثلاثة مواضيع: لُعُش، وعهد ز ّ كور، الذي يبرز كأول رئيس آرامي في هذه المنطقة، ومملكة حَماة الآرامية.

لُعُش

لُعُش وآشور ناصربال وشلمناصر

خلال الحملة التي قام بها الملك آشورناصربال الثاني على "پاتينا" في نحو سنة ٨٧٠ ق.م، أحال مدينة "أريبوا" إلى مستعمرة آشورية. وكانت هذه المدينة قلعة حصينة للملك "لوبرنا". واقترف الملك الآشوري فظائع في "لوهوتي" البلدة المتاخمة لمدينة "أريبوا". وقد نستشفُّ من ظروف هذه الرواية ان "أريبوا" كانت من قبل تشكل جغرافياً جزءاً من "لوهوتي". وكانت تجسّد الوصاية الپاتينية على هذه المنطقة المتميزة. مهما يكن من أمر، فإن قساوة المجابهة فريدة طوال هذه الحملة كلها. وعدم توّفر غنيمة جديرة بالذكر، وعدم الإشارة إلى سلالة ما، أو إلى عجلات حربية شبيهة بتلك التي كانت في حوزة "بيث بخياني" أو "بيث أديني" كل هذا يحدونا إلى التفكير في مجتمع ديني، حريص على حريته، ولكنه ما يزال غير منظم على مختلف الصُعد: السياسية والإقتصادية والعسكرية. وهذا ما يتجاوب حسنًا مع الصورة التي تمثلناها عن الشعوب الآرامية الأولى.

يصعب علينا تحديد موقع "لوهوتي" التي يرد ذكرها في عهد آشورناصربال. واجتياز هذا الملك الآشوري نهر الأورونت (العاصي) إنطلاقًا من "كونولوا" يوحي إلينا انه يّتجه نحو الجنوب. وجبل "يراقو" الذي يحاذيه في طريقه، سيكون أيضاً جزءاً من مسيرة شلمناصر الثالث من امانوس إلى مملكة حَماة. ويمكننا تشخيص هذا الجبل "بجبل بريشا". أخيراً يسمي آشورناصربال النهر "سَنغورّا"، وقد يكون لهذا الاسم شيء من الشبه باسم "جسر الشغور".

وكان على الملك الآشوري أن يقطع ثلاث مراحل في سبيل الوصول إلى "أريبوا". وهذا كله يوجهنا نحو نقطة في وادي الأورونت، في السهل الخصيب الذي يقطعه من الشمال جبل "زوية" الذي تجتازه الطريق التقليدية بين حَماة وحلب.

لا بدّ أن "لوهوتي" كانت منطقة واسعة، إذ سيسميها شلمناصر الثالث بدوره، في مجمل غزواته الذي يحتوي على بلاد بعيدة مثل دمشق، ولكنه لا يذكر "حَماة". من الواضح، في منظور هذا النص، ان "لوهوتي" تمّثل حَماة أيضاً. وهذا قد يوحي إلينا أن البلدين مرتبطان. وهذا الإرتباط يُستش ّ ف أيضاّ من قصة زحف الملك شلمناصر إلى قرقر. فبعد أن ترك الملك حلب، استولى على ثلاث مدن من ملك حَماة، ومن بينها، في الأقل، "مدينة ملوكية"، وذلك قبل بلوغه إلى قرقر. وبالرغم من عدم الدقة في ذكر مواقع المدن في هذا النص، فالانطباع يبقى أن الإعتداء على حَماة كان يبتدئ في "لوهوتي". وهكذا نرى عدم استقرار هذه المنطقة في القرن التاسع قبل الميلاد. فبعد أن فرضت "پاتينا" سيطرتها عليها جزئياً، بترها آشورناصربال. أما ما تبقى، فقد تشبّث بحَماة، أو طالبت به حَماة، إلا انه إنتُزع منها على يد شلمناصر الثالث، لكي يعود فيقع في حالة مرتبكة حينما ضعفت سلطة الآشوريين في غربي الفرات لمدة ربع قرن. ولم تنتهِ هذه التأرجحات سريعاً!

كتابة زكّور ومضامينها الجغرافیة

إن نصب النص الآرامي لزكّور، وهو أثر إكتُشف في "تل أفيس" ٢ ويمكن تحديد تاريخه في السنوات العشر الأولى من القرن الثامن قبل الميلاد، يوحي إلينا أموراً ثلاثة :

١- إن هذا النصب أُقيم في أو قرب مدينة مهمة تسمى "حزرك".

٢- إن حزرك كانت في قلب بلاد تُدعى "ُلعُش" في هذا المصدر عينه ٣

٣- إن حزرك كانت تقع شمالي سوريا، ولكن جنوبي "بيث أغوشي". وهناك من يرى أن "حزرك" كانت في موضع تل أفيس الحالي، إذ أن هذا التل كان في العصر الحديدي أهم موقع مسكون في المنطقة التي تقع حزرك ضمنها.

تل أفیس والتنقیبات الآثاریة في لُعُش

إن وصف "لوهوتي" كمنطقة ريفية يسكنها آراميون يتناسب مع معطيات علم الآثار عن المنطقة الواقعة بين الأورونت وقويق، شمالي "غاب". فمن حلب حتى افامية، يخلو السهل من آثار حثية حديثة. إنه يحتوي على أطلال عدة مدن قديمة، مثل "تل مرديخ" (إبلا) ٤، و"تل طوقان" ٥ إلا أن عدد سكانه كان قد قلَّ كثيراً في العصر البرنزي الحديث، بعد أن بلغ ذروته في العصر البرنزي الوسيط ولكن لم تكن هناك عادة سوى قرى صغيرة أو تجمّعات مثل "تل مرديخ". لا شك أن "تل أفيس" إزدهرت كثيراً، حتى انها غطت مساحة ٣٢ هكتارا" ٦

إن التنقيبات الآثارية التي أُجريت في السنوات ١٩٧٠ و ١٩٧٢و ١٩٧٨ ، والتي ما تزال مستمرة منذ سنة ١٩٨٦ ، ترى أن "تل أفيس" كانت مسكونة منذ النصف الأول من الألف الرابع قبل الميلاد، وإن هذا الموقع اجتاز في العصر البرنزي الوسيط بفترة من التمدّن، وأُقيم سور عظيم حول المدينة. وبدأ العصر الحديدي هناك في القرن الثاني عشر، بدون قطيعة حقيقية مع العصر البرنزي الحديث ٧. وتُظهر بدايات العصر الحديدي بالطبع علامات الافتقار، إلا أن استمرارية التقليد السيرامي مع الماضي مدهش، وإذا كانت الخزفيات تختلف عمّا في الجنوب، فإن المخازن الخاصة بالعصر الحديدي الأول كثيرة هنا، شأنها في فلسطين.

ولكن لا شيء في هذا الاستعراض لثقافة "تل أفيس" المادية ولما يجاورها من المواقع يتيح لنا بالتأكيد أن نشخص هذا الموقع بمدينة "حزرك". ومع ذلك، فنحن لا نشك في أن "تل أفيس" كانت تشكل جزءاً من "لوهوتي- لُعُش"، لأن المعطيات التي قدمناها تُظهر أن هذه المنطقة كانت تقريباً خالية من الحياة المدنية في نحو سنة ٨٧٠ ق.م، وانها لم تعرف استعماراً حثياً -حديثاً رصيناً، وأن الحياة المدنية لم تتأكد فيها إلا في عهد متأخر، في القرن التاسع، وان رئيسها كان آنذاك يتكلم الآرامية.

إن النمو الذي عرفته تل أفيس في ذلك العصر لم يكن بغير صلة مع الأحداث التي يرويها نصب "زكّور". فطوال الأزمنة التي فيها ضعفت الغزوات الآشورية، بعد سنة ٨٣٨ ق.م، فإن ُلعُش التي أهملتها الإمبراطورية التي كانت قد إنتزعتها من "حَماة"، لا بدّ انها إجتذبت "ز ّ كور" فاستقر فيها. وإذا كانت "تل أفيس" هي حزرك حقًا، فإن توسع هذا الموقع وتحصّنه كانا من عمل هذا الزعيم الطموح الذي أراد أن يضمن الأمن في أراضيه الشمالية إزاء مملكة "أرباد" التي كانت في ذروة ازدهارها. مهما يكن من أمر، فلا شيء يشير إلى أن "ُلعُش" كانت مملكة منظمة قبل "زكّور".

عهد زكّور

أصل زكّور

لقد افتتح عهد زكّور حقبة جديدة في تاريخ "لُعُش". وبما أن زكّور هو أيضاً أول ملك آرامي لحَماة، فإنه سيحظى من الآن باهتمامنا الخاص.

والسؤال الأول يدور حول أصله. فعلى النقيض من الكتابات الملكية السامية الغربية لا تسمي KAIو٢٠٢ أبا الملك. أما الملوك الذين حكموا حَماة قبله في القرن التاسع قبل الميلاد، فإنهم كانوا يحملون أسماء حورية. ويتفق المؤرخون على اعتباره مغتصباً آرامياً وضع حداً للسيطرة الحثية الحديثة على حَماة.

إن الإشارة الوحيدة التي لدينا عن أصل زكّور هو تقديمه نفسه مثل "إش أنه" في السطر الثاني من كتابته. إلا أن ترجمة "أنه" بـ "المتواضع" لا تتجاوب مع أسلوب الكتابات الملكية ولا مع بقية النص. "أنه" تمثل بالأحرى مدينة "أنه" (عانة) (بالأكدية خناتو) الواقعة على الفرات الأوسط.

الإستیلاء على السلطة

إن "عانة" وطن زكّور كانت أحد المراكز الرئيسية لمقاطعة "سوحو". والطبقة السائدة في البلاد كانت بابلية، وكانت البلاد رسمياً خاضعة للإمبراطورية الآشورية في نحو سنة ٨٠٠ ق.م. إلا ان السهب المحيط بها كان مسكونًا بالآراميين. ونستطيع أن نتصور زكّور مثل زعيم فرقة آرامية في الفرات الأوسط استولى على حَماة واقتطع له مملكة صغيرة في سوريا الوسطى، مثلما استولى داود على أورشليم، أو رازون الذي احتلّ دمشق. لكن المسافة التي يجب قطعها كانت كبيرة في حالة زكّور. إلا أن إمكانية القيام بمثل هذه المغامرة لها ما يؤيدها في الغزو الآرامي الزاحف إلى "لاقو" بقيادة رجل من حَماة. ونجد روايات عديدة لهذا الحدث في كتابات "نينورتا - كودورّي – اوصور"، حاكم سوحو بعد مجيء زكّور إلى حَماة بنحو ثلاثين سنة.

من الصعب أن نعرف البلاد التي أصبحت وسيلة لاكتساب بلاد أخرى. ولكنها من الأرجح أن تكون حَماة. فإن الطريق الإعتيادية للفئات الآرامية من الفرات الأوسط إلى سوريا الغربية كانت تمر إما بجبل بشري وتدمر كما في عهد تغلاتفلاصر الأول، وإما بمضايق بيث أديني السابقة. وكانت الطريق الأولى تؤدي ليس إلى "ُلعُش" بل إلى حَماة. أما الطريق الثانية فكانت أكثر اعتيادية للقوات الكثيرة، ولكنها كانت في نهاية القرن التاسع في قبضة "شمشي – ايلو". فسواء أظهر زكّور انه من الموالين للآشوريين أم لا، فإن ُلعُش لم تكن آنذاك تحت سيطرة الآشوريين، وكان لمبادرة زكّور فائدة وهي إضعاف التناسق السوري، و"تورتان" الماهر ما كان ليتصدّى لعبوره.

إن التشديد على "حزرك" في KAI و ٢٠٢ والتجانس المفترض بين زكّور وثقافة آرامية مثل ثقافة "لُعُش"، قد تدفع إلى الإعتقاد ان عهده في غربي الفرات كان قد بدأ هناك، وانه كان قد جعل "حزرك" عاصمة دويلاته. إلا أن هذا الإفتراض ليس أكيداً، لأن "زكّور حَماة" دون ذكر لحتاريكا أو لُعُش هو الذي سيظهر مع نصب انطاكيا الذي كُتب في نحو سنة ٧٩٠ قبل الميلاد. ويكون هذا المعطى ملائماً بقدر ما تطال المقاسمة التي قررها "شمشي – ايلو" الجزء الشمالي من دول زكّور.

ردّة فعل البلدان المجاورة

العدوان الذي أثاره صعود زكّور

لو سار ز ّ كور رأساً إلى لُعُش، لاقتضى الأمر منه أن يجتاز أو أن يلتفَّ حول الجنوب الشرقي من ممتلكات "أرباد". فإن الوسائل كانت محدودة لدى "عطار سمك" بعد فشله سنة ٨٠٤/٨٠٥ ق.م، ولما استطاع أن يمنع زكّور من الدخول إلى لُعُش من خلال أراضيه، ولما كان يستطيع مقاومة هجمة زكّور لو أتته من الجنوب إنطلاقاً من حَماة. ومع ذلك فقد كان لملك أرباد أطماع في لُعُش التي كانت شاغرة نوعاً ما سياسياً. وكان حقده وقلقه كبيرين حينما رأى أن هذه المنطقة انتُزعت منه، وكانت واقعة في الامتداد المباشر لتوسعه نحو الجنوب.

ولم يكن "عطار سمك" وحيداً في الاستياء من صعود زكّور. فطوال الربع الثالث من القرن التاسع، لم يكتفِ حزائيل الدمشقي بالاحتفاظ باستقلاله تجاه الإمبراطورية الآشورية والسيطرة على جيرانه في الجنوب، بل قد تدخل في شؤون "اونقي پاتينا"، وحتى تجاوز قليلاً إلى ما وراء الفرات. ولما كانت هذه العمليات ممكنة بدون بعض التعاون من حَماة، ولا شك أن شلمناصر كان قد أفلح في نحو سنة ٨٤٢ ق.م. في إخضاع هذه البلاد. فالملك "اورهيلينا"، الذي كان أولاً روح المقاومة، إنتهى بدفع الجزية للإمبراطورية الآشورية. وفي عهد خلفه، تطلعنا رسالة على ان ابنه "اوراتاميس" كان في علاقات تجارية مع "مردوخ ابلا اوصور" ملك سوحو الذي أدى الجزية لشلمناصر الثالث بين سنة ٨٤٢ ق.م. وسنة ٨٣٢ ق.م. وكان حزائيل قد أفلح في قلب هذه السياسة وفي إخضاع حَماة لخططه، وإلاّ لما كانت عملياته الحربية في شمال سوريا ممكنة. ولم يكن في استطاعة وريثه "بر – هدد" أن يظل غير مبالٍ أمام نهضة حَماة لُعُش التي كانت تُسيء إلى ما كان والده قد أنجزه، سواء أكان ثمة اصطدام مع الإمبراطورية أم لا، فإن اتساع حَماة الذي يؤكد نمو لُعُش كان نذيراً لتحررها من دمشق، وكان يستطيع أن يسمح لها بإبرام إتفاقات تجارية على حسابها الخاص ٨.

التحالف ضد زكّور

تروي لنا الأخبار ان "أدد نراري" الثالث كان منشغلاً في الشمال وفي الشرق من سنة ٨٠١ حتى سنة ٧٩٧ . وكانت هذه فرصة أتاحت لعطار سمك وحُلفائه الحثيين الحديثين أن يستردوا قواهم بعد فشلهم في "باكاراهوبوني" وفي حزرك، لكي ينضمّوا إلى التحالف الكبير الذي كان "بر هدد" يُعدّه ضد زكّور. لا شك ان أرباد هي التي دفعت "قوِي" وعمق" (پاتينا) و"كركم" و"سمأل" و"ميليد" (ملاطية) إلى الإنضمام إلى الممالك الست عشرة التي خيّمت جيوشها حول حزرك. غالباً ما يفترض البعض أن الرغبة في مقاومة الإمبراطورية الآشورية كانت وحدها قادرة أن توحد جميع هؤلاء الملوك، وأن تجتذب مشاركين بعيدين عن حزرك، مثل "قوِي" و"ميليد". وربما استهدفت حرب حزرك إضطرار زكّور إلى الإنضمام إلى هذا التحالف.

ويبدو أن هذا التحالف لم يكن موجّهاً ضد الإمبراطورية الآشورية، إذ إن "أدد – نراري" الثالث لا يظهر انه مارس انتقاماً ضد حلفاء الشمال. للحصول على العمليات الحربية الآشورية ضد أرباد و حُلفائها، يجب الإفتراض أن دمشق والمجموعة الشمالية إّتحدوا حالاً بعد معركة "باكاراهوبوني" (سنة ٨٠٥ )، وان هجومهم على حزرك عوقب بالحملات الآشورية ضد "حزازو" (سنة ٨٠٤ ) و"بعلو" (سنة ٨٠٣ ). ولكن من الصعب الاعتقاد أن "بر هدد" استطاع الاعتماد على بلدان الشمال، وان هذه قامت بالحملة حالاً بعد فشلها. ثم أن "بر هدد"، وهو معاصر ليوآش ملك إسرائيل، لم يكن على عرش دمشق منذ سنة ٨٠٤/ ٨٠٥ ق.م.

نجاة حزرك

كيف يمكننا أن نشرح فشل هذا التحالف الكبير؟ إن كتابة زكّور، في حالتها المبتورة، لا تنسب نجاة حزرك إلاّ إلى "بعل شماين". وكان من شأن الأعجوبة أن تتلبس أشكالاً أخرى، ولكننا أمام هذا الحدس، قد يسعنا أن نشرح نجاة حزرك بتدخل آشوري. ويذكر التاريخ حملة قام بها الملك الآشوري "أدد – نراري" الثالث يمكن أن تطابق مع رفع الحصار عن حزرك.

فبعد أن أفلح "أدد – نراري" في قمع أرباد وحلفائها في الشمال، وانشغل في مواضع أخرى، من سنة ٨٠١ حتى سنة ٧٩٧ ، عاد إلى سوريا سنة ٧٩٦ ق.م. ثم توجّه إلى "منصواة"، وهي منطقة يمكن تحديدها حول بعلبك في الشمال الغربي من دمشق. وبالرغم من هذا الاتجاه الغامض، كانت حملة سنة ٧٩٦ ق.م. تبدو الوحيدة التي يمكن تشخيصها (تمثيلها) مع الحملة التي قام بها "أدد – نراري" حتى دمشق والتي أخضعت لسلطته الدول الواقعة جنوبي سوريا.

في هذا الزمان، يدّعي الملك الآشوري انه أخذ جزية باهظة من "ماري" ٩ وذلك "في دمشق مدينته الملوكية، داخل بلاطه". وحالما نميز الانتصار على دمشق عن الحملات على سوريا الشمالية في سنة ٨٠٥ / سنة٨٠٤ ، لا يبقى لنا سبب لنفترض أن "ماري" هو حزائيل. فالتاريخ يميل بالأحرى إلى وريثه "بر هدد" الذي يجعله نصب "الرماح" والعهد القديم معاصراً ليوآش ملك إسرائيل.

وهكذا قد يتسنى لنا تخيّل الأحداث التي جرت إبان نجاة حزرك. بينما كان الحلفاء أمام أسوار المدينة، أوعز إليهم "أدد – نراري" بالتفرّق - فامتثل معظمهم هذا الأمر. وسواء أظهر "بر هدد" العناد، أو أن أدد - نراري انتهز هذه الفرصة الرائعة لكي يفرغ حقداً قديماً، فإنه سار ضد إبن حزائيل، وانتصر عليه في "منصواة"، في البقاع الدمشقي، وقد يكون الملك الآشوري الأول الذي دخل إلى دمشق.

حَماة - لُعُش بعد حرب حزرك

لم تدم حظوة زكّور لدى أدد نراري الثالث مدة طويلة، سواء ان زكّور لم يظهر ولاءً كافياً نحو البلاد الآشورية، أو ان الملك الآشوري فضّل مراعاة بيث أغوشي، لاسيمّا أن موقع هذه البلاد الأخيرة الاستراتيجي كائن في مفترق الطرق بين سوريا الشمالية وبلاد الأناضول وكان من ثمة يضمن له تأثيراً مستمراً في جيرانه ويجعل تعاونه مرغوباً. ويشير نصب أنطاكيا ان أدد نراري حكم لصالح ملك أرباد في خصام حدودي بين عطار سمك وزكّور، في شأن مدينة "تخلسي" الواقعة بالقرب من الأورونت. ان هذا الحادث متأخر بالتأكيد عن سنة ٨٠٥ ، إذ خلافًا للاحتكام بين كوموخ وكركم، يظهر شمشي - ايلو طرفًا معنياً، وسمو- رامات لا تُذكر من بعد، كذلك تسوية "تخلسي" يجب أن تكون متأخرة بضع سنوات عن حرب حزرك، لأن أدد نراري كان حذراً من أرباد، بعد تدخل سنة ٧٩٦ ، مثلما بعد حرب سنة ٨٠٤/٨٠٥.

لا بدّ ان حدود أرباد حَماة كانت وعرة شأن سائر الحدود، والامتيازات التي أُعطيت ههنا لأرباد قد لا تكون نافذة إلا لوقت محدود، بالقرب من المنعطف الكبير لنهر الأورونت، الذي ترك القسم الكبير من مجراه في سلطة زكّور. وهذا ما توحي به لوائح القرن الثامن، لوائح المدن الأربادية التي ذكرناها، وكذلك لوائح المقاطعات التي ألحقها بها تغلاتفلاصر الثالث في سنة ٧٣٨ ق.م. وهذه الأخيرة لا تضم "الجبل الأقرع" و"جبل بريشا" فحسب، بل كذلك حزرك باسمها الآشوري "حتاريكا"، والمدن الواقعة أكثر إلى الشمال، مثل "إليّتاربي" (وهي تريب الواقعة على مسافة ٣٠ كم غربي حلب) و"زيتانو" (زيتان الواقعة على بعد ٢٠ كم في الجنوب الغربي من حلب). وبما إن هذه اللوائح تتضمن أيضاً مناطق ساحلية مثل "سيميراً" و"أسنو" التي كانت ما تزال مستقلة في زمان حرب قرقر، وربما في زمان زكّور أيضاً، فعلينا أن نحسب أيضاً جملة من التوسعات الحدودية لحَماة - لُعُش نجهل تاريخها، وانه لمن المدهش أن يكون "أدد – نراري" قد انتزع حزرك من زكّور. إلا أن مدنًا أخرى، مثل ايليتاربي وزيتانو، قد لا تكون وقعت تحت سيادة حَماة إلا في وقت لاحق، في القرن الثامن، أو أنها قد انتُزعت من زكّور في زمان نصب أنطاكيا، قبل أن تُعاد إليه أو إلى أحد خلفائه.

مملكة حَماة الآرامیة

جغرافیة حَماة

حينما استولى زكّور على مقاليد السلطة في حَماة، لم تتلاشَ فيها الكتابة الهيروغليفية المستعملة في القرن التاسع بين ليلة وضحاها. فبالإضافة إلى نصبه الآرامي، هناك كتابات أخرى باللغة عينها تؤكد حلول توازن ثقافي جديد.

إن دراسة جغرافية حَماة كان يجب أن تنطلق مبدئياً من زمان "اورهيلينا" الذي عرف أن يكتسب لقضيته قسماً كبيراً من الدول السورية ضد الاحتلال الآشوري في السنوات ٨٥٣ و ٨٤٩ و ٨٤٨ و ٨٤٥ ، وقد أقامت سلالته "الحيّ الملكي" في القسم الجنوبي من قلعة حَماة الحالية. وكانت المملكة في ذلك الزمان تحدّها من الشمال پاتينا ولُعُش، ومن الشرق الصحراء السورية، ومن الجنوب مملكة دمشق، ومن الغرب سلسلة طويلة من دويلات ساحلية، معظمها في الجهة الشرقية، يحاصرها "جبل انصارية".

إن هذه الحدود مبهمة، ولا ندري أي جزء من السهب الشرقي كانت حَماة تطالب به. وهذه القضية تبدو غير منفصلة عن قضية حدود حَماة -دمشق التي لم تؤدِّ البحوث عنها حتى الآن إلى نتائج ثابتة. وفي الجنوب الغربي كانت تنفتح فتحة حمص الواسعة. وحكمت حَماة هذه المنطقة في نحو منتصف القرن الثامن. وفي أزمنة أخرى، وقعت الهجمة انطلاقًا من الساحل، أمورو في العصر البرنزي الحديث، وارادوس (أرواد) بعد غياب حَماة. ومدّت هذه الدول سيطرتها من الساحل نحو الداخل. ولا بدّ أن هذه الحدود كانت متحركة في العصر الحديدي. إلاّ أننا لسنا مطلعين بكفاية على تقّلباتها.

إن اللوائح القديمة للمدن، لوائح سنة ٧٣٨ ق.م. وتلك التي يدّعي شلمناصر الثالث انه احتلها سنة ٨٥٣ أو سنة ٨٤٨ ، لا تتيح لنا حقًا أن نرسم حدود حَماة كما كانت قبل عهد زكّور. وفي سبيل تحديد النواة الأولى لحَماة نعتمد اكتشافات كتابات في جنوبي حلب وفي منطقتها أكثر من اعتمادنا اللوائح القديمة للمدن. فخمس من هذه الكتابات هي من حَماة، وواحدة أخرى من أفامية (قلعة المديق) ١٠ ، وغيرها من "مخارد" وسيفار ١١ ، وكتابة أخرى مماثلة لكتابة "المديق" وجُدت قرب "رستان" ١٢ . وتأتي هذه الأنصاب من "اورهيلينا" ومن ابنه "اورتامي"، وكلها تقريباً تطري المنشآت الملكية. إنها في مواقع استراتيجية حسنة للسيطرة على الجزء الأفضل من وادي الأورونت. وكانت أفامية تسيطر في آن واحد على الجنوب الشرقي من "غاب" وعلى السهل ذي المناخ الصحي الممتد شرقًا وجنوباً. ويكتنف الأورونت سيفار من جانبيها، مثل حَماة. وهذان الموقعان، إضافةً إلى "رستان"، يشغلان نقاط الملتقى بين الطرق الرئيسية لوسط سوريا والأورنت. أما "تل اشارنة"، فلا بدّ انه كان يشكّل جزءاً من شبكة النقاط المحصّنة. إنه يسيطر على معبر هام من الأورونت وعلى طريق تجتاز بجبل أنصارية. إنه تل ضخم يضاهي حجم قلعة حَماة، وقد أقام فيه سرجون الثاني نصباً حينما وضع حداً لمملكة حَماة سنة ٧٢٠ ق.م.

إن هذه المواقع تحدّد نواة حَماة التي تتمحور حول هذا الجزء من وادي الأورونت الذي ليس مغلقًا من الجهة الشرقية بالجبال، وحيث يبتعد النهر تدريجياً عن جبل أنصارية. ويستفاد من مياه النهر للري بواسطة النواعير. وذلك لأن الأمطار لا تكفي لتأمين الزراعة التي تشكّل أهم مورد للسكان.

من الصعب تقدير الازدهار المادي لحَماة. ولقد عُثر في قلعة حَماة على أسلحة معدنية وأغراض كمالية، كما عُثر على آثار أخرى في هذه المملكة، وفي غيرها من البلدان أصلها من حَماة. وتُظهر هذه الاكتشافات ان المملكة كانت تنتج الأشياء نفسها مثل سائر الدول السورية. وكان لها مدارس للمهنيين. ويدهش المرء حينما يلاحظ ان عاصمة هذه المملكة كانت أقل إمتداداً من عاصمة مملكة سمأل الصغيرة.

تاریخ حَماة بعد زكّور

علاقات متوترة مع الإمبراطوریة الآشوریة

إن تاريخ حَماة لُعُش بعد زكّور غامض جداً. ورأينا ان الإمبراطورية الآشورية، بعد بضع سنوات من حرب حزرك، كانت قد مالت إلى أرباد، أثناء خصومة حدودية بين عطار سمك وزكّور، في شأن مدينة "نخلاسي" يبدو ان هذا التوّتر قد استمرّ في عهد خلفاء زكّور الذين نجهل أسماءهم.

من المؤكد ان "شمشي - ايلو" قد اجتاز بحَماة، حينما زحف إلى دمشق سنة ٧٧٣ ق.م، ثم صعد بعد ذلك نحو "كوموخ". لا شك أنه يجب وضع هذا الحدث في صلة مع أولى من الحملات الثلاث ضد "حتاريكا" (حزرك) التي تحدّدها التواريخ بالسنوات ٧٧٢ و ٧٦٥ و ٧٥٥ . وربما ان اجتياز الجيش الآشوري قد أثار في الشمال مظاهرات الحقد والكراهية، ظن الآشوريون إن من واجبهم معاقبتها. إن حَماة المركزية ظلت في الخفاء، في حين ان حزرك كانت في مجابهة آشور. وربما ان الناس في حزرك أكثر منهم في حَماة كانوا متأثرين بأرباد، جارهم القريب والعدو العنيد للإمبراطورية الآشورية. وهذا من شأنه أن يساعدنا في فهم حملات سنتي٧٦٥ و ٧٥٥ . مهما يكن من أمر، فإن التضامن بين قطبي الملكية المزدوجة لا يبدو كبيراً جداً.

إلحاق الإمارات الساحلیة

تجدر الإشارة إلى التوسع الحدودي الذي تشهد له نصوص عديدة من القرن الثامن. وقد لاحظنا في نهاية عهد زكّور، انه ضمّ مدنًا شمالية عديدة إلى لُعُش. وأسهل من ذلك هو أمر ضمّ دويلات ساحلية كانت تنعم بحكم ذاتي سنة ٨٥٣ ق.م. ونجدها بين " ١٩ مقاطعة من حَماة" ألحقها تغلاتفلاصر الثالث سنة ٨٣٨ . وبين الأعداء الذين جابههم شلمناصر الثالث في "قرقر"، نلاحظ خمس دول هي صومور وايرقاتو، وارواد، واوزاناتو وشبانو. ولا بدّ انها كانت تشغل كل الساحل السوري اللبناني بين طرابلس واللاذقية. وهذه البلدان تشكّل هنا جزءاً من لائحة من الدول التي تنعم بحكم ذاتي نسبي. ويُذكر ملكا ارواد وشبانو باسميهما الصريحين. ونعجب من إجماع هؤلاء الجيران في مساندة حَماة، ونشعر بأن هذه القوة كانت تنعم من الآن بتأثير كبير في منشآت الساحل قبل الحالة التي تكشف عنها نصوص تغلاثفلاصر بوقت طويل.

نهایة حَماة

كانت حَماة قد امتدت كثيراً منذ عهد زكّور، ولكنها انهارت بعد أقل من قرن بعده. وكانت نهايتها على مرحلتين غامضتين. فبعد فشل المعاهدة بين "سردور" الثاني و"متي – ايلو"، قام زعيم لا نعرف سوى اسمه (أز -ري - يا - ا - دَ بالمسمارية) بإثارة مناطق جنوبي أرباد وغربيها ضد تغلاثفلاصر الثالث. وكانت هذه المناطق على الخط الأول من التقدم الآشوري. فقاومت لُعُش السابقة والمقاطعات الساحلية لحَماة الملك الآشوري وقامت "اونقى" (پاتينا)، التي تقّلصت في الواقع إلى ما حول "كونولوا"، ولكن ملكًا خاصاً بها "توتامو" ما يزال يحكمها، بإضافة مقاومتها إلى مقاومتهم. وفي حملة نجهل تفاصيلها، تم سحق الحلفاء. وفي سنة ٧٣٨ ، أُحيلت المقاطعات الثلاث التي ذكرناها إلى مقاطعات آشورية يُشار إليها بمراكزها الرئيسة: كولاّنيا (كونولوا سابقًا) وصيمرّا (صومور) وحتاريكا (حزرك). ومن الجدير بالملاحظة وبالأهمية لفهم البُنى السياسية الآرامية ان "ي - ني– ايلو" يُذكر كملك حَماة في لوائح الملوك الذين أدوا الجزية لتغلاتفلاصر سنة ٧٣٨ ق.م. وشأن "احوني" ملك بيث أديني في السابق أثناء حرب "كبرابو"، لقد ظل "ايني – ايلو" على هامش المعركة التي خاضها جزء من المملكة، ولم يلق المنتصر أي مسؤولية عليه.

لقد طال انتظار نهاية هذه المملكة المبتورة حتى سنة ٧٢٠ ق.م. وإذ ذاك قام الملك "يوبيعدي" بآخر معركة ضد آشور. وربما كان "يوبيعدي" مغتصبًا آخر. وسرجون الثاني الآشوري الذي يعلنه "دون حق على العرش" يسلخه حياً. وكان قد لقي مساندة من المقاطعات السورية الملحقة حديثًا، من أرباد حتى السامرة. وقد اشتركت ارواد نفسها في هذه الانتفاضة الأخيرة. وأسفرت المعركة، الحاسمة عن الاستيلاء على قرقر التي يصفها سرجون مثل المدينة المفضلة ل"يوبيعدي". لكن التمرّد لَقي عقاباً صارماً أيضاً في المقاطعات المخالفة الأخرى، وهي أيضاً، مثل حَماة، تعرضت للسبي. فتعرضت قلعة حَماة للدمار والنهب. وقد خّلد سرجون انتصاره هذا على نصب أقامه في "عشارنة".

وقد استمر موقع حَماة محتلاً في عهد السرجونيين وفي العهد البابلي- الحديث. ولكن بعد انهيار المملكة، لا تُذكر حَماة من بعد حتى مثل مقاطعة. فهنا، كما في سائر سوريا، كانت المواقع المدنية والنشاط الاقتصادي يتمركزان أكثر من أي وقت آخر في المناطق الساحلية.

(يتبع الجزء التاسع)

١ لم تكن حَماة آرامية حينما كان الصراع قائماً ضد الملك الآشوري شلمناصر الثالث، إبتداءً من سنة ٨٥٣ ق.م.

٢ يقع هذا الموضع على مسافة نحو ١٢ كم في الجنوب الشرقي من "أدلب"، وعلى نحو ٤٠ كم في الجنوب الغربي من حلب.

٣ تظهر لُعُش أيضاً على ظهر قطعة عاج من نمرود (كالح). وكانت قطعة أمامية في طقم فرس، وكانت القطعة مزينة بنقش بارز.

٤ تقع ” إبلا “ على مسافة نحو ٥٠ كم في الجنوب الغربي من حلب، على ١٠ كم جنوبي تل أفيس.

٥ يقع تل طوقان على مسافة نحو ٤٥ كم في الجنوب الغربي من حلب، وعلى ١٠ كم في الجنوب الشرقي من تل أفيس.

٦ وهي تقرب من مساحة زنجرلي، ولكنها أقل من كركميش مثلاً.

٧ حتى لقد وجدوا في أحد القطاعات بيتًا من العصر الحديدي الأول قد أُقيم فوق بيت من العصر البرنزي الحديث، بدون تغيير في مخططهما.

٨ كانت دمشق، بسبب موقعها الجغرافي، تسيطر على جزء هام من "طريق الملك"، وكان اقتصادها يتعلق بمبادلاتها الدولية. وهناك، في الكتاب المقدس، ما يشير إلى أهمية هذا العامل في علاقات دمشق / إسرائيل (راجع ١ ملوك ٣٤ / ٢٠).

٩ قد يكون "ماري – مري" لقباً لملوك دمشق في ذروة عظمتهم، وهناك من يرى فيه اسم علم لأخي "بر هدد" يكون قد سبقه على العرش فترة وجيزة.

١٠ افامية الإغريقية والرومانية، على ٤٥ كم في الشمال الغربي من حَماة.

١١ مخارد قرية كبيرة تقع شرقي الطريق المؤدية إلى حَماة، على مسافة ١٤ كم في الشمال الغربي من حَماة. أما "سيفار" أو شيزار فتقع على شاطئ الأورونت الأيمن، على مسافة ٢٣ كم في الشمال الغربي من حَماة.

١٢ تقع "رستان" على الشاطئ الشمالي من الأورونت، عند منتصف الطريق بين حمص وحَماة.
صورة

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

الاختصاصي في تاريخ الآراميين
أضف رد جديد

العودة إلى ”التارخ والحضارة السريانية“