معركة حلب : الدولة ضمنت النتائج لكن لماذا اختلفت عن دمشق؟

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

معركة حلب : الدولة ضمنت النتائج لكن لماذا اختلفت عن دمشق؟

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

معركة حلب : الدولة ضمنت النتائج لكن لماذا اختلفت عن دمشق؟

03-08-2012 13:50
صحيفة البناء
بات من المؤكد ان معركة حلب ستنتهي في غير صالح محور العدوان على سورية رغم كل ما سخر لها من وسائل ورغم ما حشد لها من طاقات وعول عليها من اهداف. وقبل ان نعرض لاهم الاسباب التي حددت الآن مسار المعركة ونتائجها، لا بد ان نذكر بحجم الهجوم وو سائله لنخلص الى مفاعيل الخسارة على اطراف جبهة العدوان ومكوناتها.

فمن حيث الوسائل، نعلم ان قيادة العدوان حشدت اكثر من 12 الف مسلح من جنسيات سورية وعربية واسلامية، وخصصت المعركة بخبراء من الحلف الاطلسي تولوا مهامهم في دائرتين: ميدانية مباشرة عبر الاشراف على المسلحين وتوجيه النصح لهم في عملياتهم الارهابية، ومركزية تتولى تخطيط وقيادة العملية عبر غرفة عمليات احدثت في تركيا – اضنة – على الحدود مع سورية لضبط مسارها واستثمار النجاح إن تحقَّقَ ومعالجة الاخفاق ان امكن. وقد زودت القوى المهاجمة بالاسلحة والذخائر والتجهيزات الحديثة التي تعطيها دفعا معنوياً، فضلاً عن رفع المستوى القتالي لديها، عمل ترافق مع حرب نفسية مكثفة ضد الشعب السوري وجيشه وحكومته.

وضعت خطة الانقضاض على حلب بإحكام، وقدر واضعها حتمية النجاح الذي يتحقق برأيه بعد ان يتمكن المهاجمون من الوصول الى نصف المدينة على الاقل في القفزة الاولى، ثم التمدد الى معظم أحياء المدينة والسيطرة على المقرات الرسمية في خطوة ثانية لا تتجاوز في مهلتها مع الاولى ال 5 ايام كحد اقصى، وقد عولت القوى المهاجمة على اكثر من عامل مؤثر في المواجهة لصالحها كما اعتقدت، وتحديداً على:

قرب حلب من الحدود التركية وتواجد المسلحين بكثاقة في ريفها، ما يجعل طرق الامداد مفتوحة وآمنة ويمكن من تعزيز المعركة بما تحتاجه من عديد وسلاح وعتاد.

انشغال القوى المسلحة السورية المختصة في اماكن اخرى، خاصة انشغالها في معركة دمشق بشكل اساسي، كما وفي متابعة الوضع في مناطق حمص ودرعا، مع تصور لدى المعتدين بانه لن يكون بمقدور الدولة، وفي مهلة الايام الخمسة المحددة، ان تحشد ما هو مطلوب من قوى للدفاع عن حلب او منع اجتياحها من قبل «جيش الارهاب الاميركي الحر» الذي انضوى في صفوفه كما بات معلوما مرتزقة ومضللون ومجرمون من مختلف الجنسيات. وقد راهنت تلك القوى المعتدية على هذا الانشغال لانها لاحظت ان الوحدات القتالية السورية المعدة للدفاع عن سورية بوجه «اسرائيل» لم تُحرَّك ولم يُلجَأ اليها رغم كل الضغوط لان الدولة حسمت امرها في ان لا تقع في فخ المعتدي وتكشف نفسها امام «اسرائيل» كما اراد المعتدون.

دوافع الثأر وخوف جزء من المسلحين من المستقبل، ما يدفعهم للقتال بذهنية قتال المستميت الذي لا يرى بدا من وجوب الانتصار، ذهنية تحكمت بالمقاتل الارهابي في الميدان وحكمت سلوك قيادته الميدانية والأبعد قليلاً ايضاً.

كما ان المهاجم لحظ الفوارق الاخرى بين معركة دمشق ومعركة حلب، تلك الفوارق التي تمكن من التفلت من نقاط قوة الدولة في المعركة الاولى وتفاديها في المعركة الثانية خاصة لجهة:

حضور القوى اللازمة وجهوزها في دمشق، ما مكنها من المبادرة الى معالجة الموقف دون ان تهدر دقيقة انتظار في التحشيد او وضع الخطة او اتخاذ القرار، وما ان حصل الهجوم حتى حصل الرد السريع ما سبب الصدمة والانهيار الادراكي لدى قسم كبير من المسلحين .

تنفيذ العملية العسكرية الدفاعية عن دمشق تحت تأثير الزخم النفسي والمعنوي للقوى المسلحة نتيجة العملية الارهابية التي ادت الى استشهاد اربعة من كبار الاعضاء في خلية الازمة.

الواقع الجغرافي للأحياء التي تم الدخول اليها من قبل المسلحين، وهو واقع لم يمنح لهم فرص الاستفادة من خصائص حرب الشوارع والقتال في المناطق الآهلة، ومكن الجيش من استعمال قدراته العسكرية دون خطر، او حذر شديد من إلحاق الاذى بالمدنيين الابرياء. ولاجل ذلك اتجه المسلحون في حلب الى اختيار الأحياء القديمة والتاريخية واتخاذ المواطنين دروعاً بشرية لعرقلة عمل الدولة بالصيغة والخطة اللتين طبقتا في دمشق.

ج. لكن رغم كل حشد المعتدي، ورغم كل الاحتياطات والاستفادة من دروس معركة دمشق، يبدو ان معركة حلب باتت محسومة لصالح الدولة من حيث نتائجها، لكنها تنطوي على امرين لا يمكن اغفالهما ، وهما: الوقت اللازم لانهائها، والثاني الثمن والكلفة اللازمين لانجازها.

فمن حيث الوقت، بات من المؤكد ان الدولة لن تقع في فخ نصبه المعتدي في حلب، وهي لن تعتمد في اي حال استراتيجية «قبضة النار المدمرة «– والدولة تملك من القدرات العسكرية المناسبة لهذه الاستراتيجية، وهي سياسة اذا اعتمدت تسرع في حسم الموقف لكنها تتسبب في خسائر فادحة بالانفس والاموال. ولذلك، لجأت الدولة الى» استراتيجية الاحتواء والقضم المتدرج»، والمعالجة الموضعية لكل خلية ارهابية تظهر دون ان تمس المواطنين المحاصرين بنار الارهابيين.

اما من حيث الثمن فلا يمكن التغافل عن حجمه في وجهيه: البشري وما يمكن ان يقع من خسائر في صفوف العسكريين وكذلك بعض المدنيين، والاقتصادي والمالي من جراء العمليات العسكرية والاضطرار الى وقف الدورة الاقتصادية في محيط ميدان العمليات.

لكن، وكما قلنا، فان النتائج في حلب باتت محسومة لصالح الدولة بالاستناد الى مجريات المعركة القائمة، فضلاً عن عوامل ظهرت وطبعت هوية المعركة في حلب يمكن ذكر بعضها كالتالي:

تمكن القوى التي كانت متمركزة في حلب ومحيطها من استيعاب القفزة الاولى للمسلحين ووقفهم عند مساحة لا تتجاوز سدس المدينة (5 أحياء من اصل 29 حياً )، ثم قيامها بعملية الاحتواء الاولي بانتظار التعزيز والتحشيد اللازمين للمعركة الحاسمة.

قدرات القيادة السورية على تعزيز وتحشيد القوى في حلب بوحدات قتالية مختصة تتميز بالليونة والمرونة اللازمتين للقتال وفقاً لاستراتيجية القضم المتدرج، مع توفر طاقات معتبرة للإسناد الناري المركز والموضعي.

انخراط فئات الشعب في حلب بصيغة او بأخرى في العملية الدفاعية عن المدينة، سلوك ادى الى اظهار المهاجم بمثابة المعتدي الآتي لاحتلال المنطقة، فكانت ردة الفعل الشعبية رائعة هنا، لجهة حرمان الارهابيين من البيئة الحاضنة لهم، رغم كل ما قاموا به من ترغيب وترهيب. طبعاً، لا يمكن ان نغفل وجود فئات تعاونت مع المسلحين في بعض الاماكن، ولكنها تبقى شرائح محدودة الاثر والفعالية والحجم.

التفاوت في المستوى القتالي بين القوى الارهابية المقتحمة، والقوى العسكرية السورية المدافعة، وهو واقع قاد قيادة محور العدوان للتحذير من مجزرة قد تقع بهؤلاء في معركة غير متكافئة مع القوى النظامية التي لن تسمح باي حال من الاحوال من بقاء الارهابيين في اماكن تواجدهم في حلب.

هذه الحقائق رسمت مسار معركة حلب ونتائجها، وبات الارهابيون يدركون عجزهم عن استثمار وجودهم في حلب لتحويله الى سيطرة، وباتت قيادتهم تعلم استحالة ذلك، ما حملها على اعتماد نهج جديد في العدوان وهو الميل الى المناورة التأخيرية من اجل كسب الوقت ومنع الانهيار السريع، في حين ان الحكومة السورية تملك من الطاقات والعزم على تطهير المدينة من الارهاب ما يكفي، وان المسألة مسألة وقت فقط ، وان اعتماد الدولة لاستراتيجيتين مختلفتين لكل من دمشق وحلب لا يدل إلا على مدى الاحتراف والحرص اللذين تبديهما، حيث تكون السرعة من غير تسرع حيث يجب، ويكون التمهل من غير اهمال حيث يفرض الحال.
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”قسم عام“