مقابلة الأسد مع جريدة سويدية

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

مقابلة الأسد مع جريدة سويدية

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »


انتم مهددون
دمشق
الرئيس السوري بشار الاسد يشيد بدور السويد الانساني لاحتضانها عشرات الالاف من اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب في سوريا. ولكنه يحذر من خطر الارهاب على السويد واوروبا.
في مقابلة حصرية مع مراسل اكسبرسن قاسم حمادي يقول الاسد ان السلطات السورية تملك معلومات عن ارتباط السويد بارهاب تنظيم “الدولة الاسلامية” ويقول:
“اخطر قادة “الدولة الاسلامية” في المنطقة هم من الاسكندينافيين”

للقاء: الرئيس السوري بشار الاسد يستقبل مراسل اكسبرسن الى الشرق الاوسط قاسم حمادي في قصر الضيافة الروضة في العاصمة السورية دمشق
Bashar al-Assad warns of terror threat
Text: Kassem Hamadé

اخطوعلى اخر درجات الطابق العلوي لقصر الروضة الذي تجاوز عمره المئة عام والذي يقع في وسط العاصمة دمشق. صبية شعرها اسود تساعدني في ربطة العنق وتشير الى الاتجاه نحو مكتب الرئيس. رائحة الربيع في الهواء والحرارة تجاوزت الخمسة عشر. يمكنني ان ارى شوارع دمشق من هنا. زحمة سير خانقة في هذا الصباح الباكر. مضى على قدومي الى العاصمة اقل من اسبوع وانا انتظر هذا اللقاء.
الرئيس بشار الاسد يقف في باحة دار القصر محاط بمستشاريه ولا اشاهد اي من مرافقيه. امد يدي والقي التحية.
بلاده مدمرة جراء حرب عمرها اربع سنوات. الملايين من المتضررين. والملايين من النازحين داخل وخارج البلد. اكثر من مئتي الف قتيل والكثير الكثير من الجرحى.
نتبادل اطراف الحديث قبل ان ندخل الى مكتبه. يسآلني عن السويد. اشكره على حسن لطفه. يتمتع بالهدؤ وحب المعرفة. كل البلد من حولنا تحترق. له العديد من الاعداء كدول مثل السعودية وقطر وتركيا.
اروى له اني قمت بتغطية الحرب السورية منذ اربع سنوات. يضمن لي انه بامكاني طرح اي سؤال اريد بكامل حرية.
نجلس وتبدآ الكاميرات بالتصوير. اشعر برغبة قوية ان اطرح اسئلتي عن الحرب والارهاب وحزب الله وايران والاسلحة الكيميائية والمستقبل ومباحثات السلام وتنظيم “الدولة الاسلامية” ومستقبل النظام.
سيادة الرئيس، أود أن أتقدم منكم بجزيل الشكر نيابة عن اكسبرسن لمنحنا هذه المقابلة. شكراً جزيلاً لكم. بينما نجلس هنا، نجري هذه المقابلة، تجتاح منظمة داعش الإرهابية مخيم اليرموك للاجئين. وفي الوقت نفسه، تسيطر جبهة النصرة على الحدود السورية – الأردنية، كما فرضت سيطرتها على إدلب. ما مدى خطورة الوضع الآن من وجهة نظركم؟
طالما تتحدث عن الإرهاب، فهو دائماً خطير، في أي زمان أو مكان وفي أي حالة كان. هذا ما يمكن قوله دائماً عن الإرهاب وهذا لا يرتبط مباشرة بالمثال الذي ذكرته، لأن ما ذكرته يشكل أحد تجليات الإرهاب فقط. إنها عملية طويلة بدأت قبل سنوات، حتى قبل بداية الأزمة في سورية. الإرهاب خطير لأنه لا يعرف حدوداً ولا قيوداً، ويمكن أن يضرب في أي مكان. الإرهاب ليس قضية محلية. ولا حتى إقليمية. إنها مشكلة عالمية. ولهذا السبب نقول إن الإرهاب خطير دائماً. في حالتنا، يمكن القول إنه أكثر خطورة والوضع أكثر سوءاً بسبب الوضع العسكري الذي ذكرته في سؤالك. في الواقع، هذه المرة تنبع خطورته من تمتعه بمظلة سياسية يوفرها عدد من الدول والزعماء والمسؤولين، بشكل أساسي في الغرب. العديد من أولئك المسؤولين لم يروا الواقع على حقيقته في البداية. لقد بات الأمر أكثر خطورة الآن بسبب غياب القانون الدولي وعدم وجود منظمة دولية فعالة يمكن أن تحمي بلداً من بلدٍ أخر يستخدم الإرهابيين كعملاء ووكلاء ليدمروا بلداً آخر. هذا ما يحدث في سورية. ولهذا أقول: نعم الوضع خطير، لكن في الوقت نفسه، فهو قابل للعكس. وطالما كان قابلاً للعكس، فإن الأوان لم يفت للتعامل معه. سيكون الأمر أكثر خطورة بمرور الوقت عندما يشحن الإرهابيون قلوب وعقول الناس.
إلا أنهم يسيطرون على المزيد من المناطق في سورية. هل باتت القوات السورية والجيش السوري أضعف من ذي قبل؟
هذا أمر طبيعي، فهذه تداعيات أي حرب. أي حرب تضعف أي جيش بصرف النظر عن مدى قوته وحداثته. إنها تقوض وتضعف كل مجتمع، بكل ما للكلمة من معنى: في الاقتصاد، والمجتمع، والأخلاق، وبالطبع الجيش كجزء من هذا المجتمع. هذا طبيعي.
لكن هل بات الجيش أضعف من ذي قبل؟ أطرح هذا السؤال لأننا كنّا نرى في الماضي أن الجيش ينتقل من نصر إلى نصر، وكنتم تسيطرون على مناطق أوسع. كانت سيطرتكم أكبر على منطقة القلمون ومناطق أخرى. أما الآن فهم يسيطرون على إدلب، على سبيل المثال.
هذا لا علاقة له بتلك القضية، أعني كون الجيش أقوى أو أضعف. كما قلت، فإن أي حرب تضعف أي جيش. هذا هو المسار الطبيعي للأحداث. لكن في حالتنا، عندما تنظر إلى سياق الحرب خلال السنوات الأربع الماضية، تجد أن هناك كرّ وفرّ. أحياناً تكسب وأحياناً تخسر، وذلك يعتمد على عدة معايير، بعضها يتعلق بالمعايير والعوامل الداخلية، وهنا يكون الأمر أكثر دقة. لكن بعضها يتعلق بمدى الدعم الذي يقدم للإرهابيين. على سبيل المثال، وفي المثال الأخير الذي ذكرته حول إدلب، فإن العامل الرئيسي كان الدعم الهائل الذي قدمته تركيا؛ الدعم اللوجستي، والدعم العسكري، وبالطبع الدعم المالي الذي تلقوه من السعودية وقطر.
مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، السيد ستيفان دي ميستورا يخطط لعقد سلسلة من المشاورات التي ستبدأ في أيار أو حزيران لتقييم فرص إيجاد أرضية مشتركة بين الدول الرئيسية المهتمة بالصراع. ما رأيكم في ذلك؟
في الواقع، أنا أتفق مع دي ميستورا حول هذه النقطة لأننا إذا أردنا أن ننظر إلى الصراع في سورية على أنه مجرد صراع داخلي بين فصائل سورية، فإن ذلك غير واقعي ولا موضوعي. في الواقع، فإن المشكلة ليست معقدة جداً، لكنها أصبحت معقدة بسبب التدخل الخارجي، وأي خطة تريد أن تنفذها في سورية اليوم من أجل حل المشكلة – وهذا ما واجهته خطة دي ميستورا في حلب – ستفشل بسبب التدخل الخارجي. هذا ما حدث في حلب، عندما طلب الأتراك من الفصائل أو الإرهابيين الذين يدعمونهم أو يرعونهم أن يرفضوا التعاون مع دي ميستورا. وهكذا أعتقد أنه يعلم أنه ما لم يتمكن من إقناع هذه البلدان بالتوقف عن دعم الإرهابيين وترك السوريين ليحلوا مشكلتهم، فإنه لم ينجح.
ما رأيك بجهود دي ميستورا؟
ناقشنا معه خطته من أجل حلب، وهي منسجمة مع جهودنا في إجراء مصالحات في مناطق مختلفة من سورية. وهذا ما نجحنا به، وهنا يمكن جعل الأمور أفضل، عندما تساعد الناس على العودة إلى حياتهم الطبيعية وعندما تمنحهم الحكومة العفو ويسلموا أسلحتهم. إذاً، خطته من أجل حلب تنسجم مع نفس مبادئ المصالحة، ولذلك دعمناها من البداية، ولا زلنا ندعم جهوده في هذا الصدد.
سيادة الرئيس، السويد هي البلد الوحيد في أوروبا الذي يمنح حق الإقامة الدائمة للأشخاص الذين يهربون من الحرب في سورية. ما الذي يعنيه ذلك، وكيف تنظرون إلى سياسة السويد؟
أعتقد أن هذا موضع تقدير في سائر أنحاء العالم وليس فقط في بلدنا. هذا الموقف الإنساني الذي تتخذه السويد محط تقدير فيما يتعلق بمختلف الصراعات بما في ذلك الصراع في سورية. إذاً من الجيد أن يُمنح الناس مأوى، لكن إذا سألت السوريين الذين هربوا من سورية:" ماذا تريدون؟" فإنهم سيقولون لك إنهم لا يريدون أن يهربوا من سورية بسبب الحرب؛ إنهم يريدون إنهاء تلك الحرب. هذا هو هدفهم، وهذا هو هدفنا. بالتالي، أعتقد أن من الجيد أن تمنح الناس المأوى، لكن الأفضل هو أن تساعدهم على العودة إلى بلادهم. كيف؟ أعتقد أن السويد بلد مهم في الاتحاد الأوروبي. يمكنه أن يلعب دوراً محورياً في رفع العقوبات لأن العديد من السوريين الذين ذهبوا إلى السويد أو إلى أي بلد آخر، لم يذهبوا بسبب الأعمال الإرهابية فقط؛ لقد ذهبوا بسبب الحصار أيضاً لأنهم فقدوا مصادر رزقهم، ولأنهم يريدون الحصول على أساسيات حياتهم اليومية. كان عليهم مغادرة سورية بسبب الحصار، إذاً: رفع الحصار الذي أثر على كل سوري، وفي نفس الوقت منع أي بلد أوروبي من منح الإرهابيين مظلة تحت أسماء مختلفة، سواء سموها معارضة سلمية، أو معارضة معتدلة. لقد بات من الواضح اليوم، ولقد تم إثبات ذلك أن هذه المعارضة الذي كانوا يدعمونها هي نفسها كجبهة النصرة والقاعدة، والإخوان المسلمين. الأمر الثالث الذي يمكن أن يقوموا به هو أن يضغطوا على الدول التي تدعم الإرهابيين وتمنع أي خطط للسلام في سورية، أقصد كتلك الخطة التي ذكرتها، والتي طرحها السيد دي ميستورا. إنهم يمنعون تنفيذ ذلك في سورية، وبشكل أساسي السعودية، وقطر وتركيا. بالتالي أعتقد أن هذه أفضل مساعدة إنسانية وسياسية يمكن أن تقدمها السويد للشعب السوري.

الحصار والحرب، وملايين اللاجئين أو الهاربين من البلاد. لقد وصف هذا الوضع بأنه أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. ما مدى مسؤوليتكم، سيادة الرئيس عن هذا الوضع؟
أعتقد أن مقارنة ما يحدث في سورية، حتى من وجهة نظر إنسانية، وما حدث في الحرب العالمية الثانية، نوع من المبالغة الكبيرة. لا نستطيع أن نجري تلك المقارنة لأسباب سياسية. لكن بصرف النظر عن هذه المبالغة، لدينا ملايين الناس الذين هُجروا من مناطقهم إلى مناطق أخرى بسبب الأعمال الإرهابية وهذا عبء كبير. في الواقع، فإننا نتحمل العبء الأكبر للأزمة. تسمع الكثير من الضجيج حول ما تفعله المنظمات الدولية أو الكيفية التي ينفق بها من يسمون أنفسهم – "أصدقاء سورية" المال ويقدمون الدعم والهبات للسوريين. في الواقع إذا أردت أن تحصل على فكرة بسيطة عما يحدث، على سبيل المثال عام 2014 العام الماضي، فإن جميع الدول والمنظمات قدمت في المجال الغذائي 22% فقط مما نقدمه كدولة خلال الحرب. هذا فرق كبير، حوالي واحد إلى خمسة أمثال.
داخل البلاد؟
داخل سورية، نعم. فيما يتعلق بقطاع الرعاية الصحية مثلاً، كانت النسبة 1 على 18 لصالحنا. إذاً، وفي الواقع، فإننا نتحمل العبء الأكبر. إضافة على ذلك، لا زلنا ندفع الرواتب ونرسل اللقاحات للأطفال، ونوفر المتطلبات الأساسية للمستشفيات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين. إذاً، لا زلنا ندير البلاد ونتحمل العبء الأكبر.
طبقاً لوكالة المخابرات السويدية، فإن الجهاديين العائدين – وهناك العديد منهم هنا في سورية الآن – يشكّلون أكبر خطر محلي يهدد السويد اليوم. هل تتفق مع هذا الرأي؟
لا أعتقد أن من الصحيح النظر إلى الإرهاب كقضية محلية أو إقليمية. كما قلت، إنه مشكلة عالمية. إذا أردت التحدث عن السويد كجزء من أوروبا أو المجموعة الاسكندنافية في أوروبا، ينبغي أن تأخذ في الاعتبار أن أكثر قادة داعش خطورة في منطقتنا اسكندنافيون.
هل هذه معلومات؟
نعم، هذه معلومات. هذا ما لدينا من معلومات. وهكذا، لا تستطيع أن تفصل هذه المجموعة من البلدان، أو السويد عن أوروبا. طالما ينمو الإرهاب في بلدان أوروبية مختلفة، لا تستطيع السويد أن تظل آمنة. وطالما كانت الحديقة الخلفية لأوروبا، خصوصاً حوض المتوسط وشمال إفريقيا في حالة من الفوضى وتعج بالإرهابيين، لا يمكن لأوروبا أن تكون آمنة. وبالتالي، نعم أتفق مع الراي القائل بأن هذا يشكل تهديداً رئيسياً، لكن لا يمكن أن تسميه محلياً، بل هو تهديد.
هل طلبت منكم السويد تبادل المعلومات حول مقاتلي داعش هؤلاء أو حول جهاديين آخرين؟
لا، ليس هناك اتصال بين أجهزة المخابرات في بلدينا.
سيادة الرئيس، في كانون الأول 2010، نفذ تيمور عبد الوهاب، وهو إرهابي سويدي تدرب في العراق وسورية، هجوماً انتحارياً في استوكهولم. ومؤخراً، كان هناك نفس السيناريو في باريس، أعني الهجوم على تشارلي ابيدو، وحتى في كوبنهاغن. هل تعتقد أن البلدان الغربية ستواجه نفس السيناريو في المستقبل؟
في الواقع، كل ما حدث في أوروبا، أعني من هجمات إرهابية، حذرنا منه منذ بداية الأزمة، وقلت إن سورية تشكل خط فالق الزلزال، وعندما تعبث بهذا الخط سيكون لذلك أصداء وتداعيات في مناطق مختلفة، وليس فقط في منطقتنا، حتى في أوروبا. في ذلك الوقت، قالوا إن الرئيس السوري يهدد. في الواقع، لم أكن أهدد، بل كنت أصف ما سيحدث. الأمر ليس بحاجة لعبقرية، لأن هذا هو سياق الأحداث التي جرت عدة مرات في منطقتنا، ولدينا خبرة بهؤلاء الإرهابين منذ أكثر من خمسين عاماً. لم يصغوا لنا، وقد حدث ما كنا قد حذرنا منه، وما رأيناه في فرنسا، في حالة تشارلي ابيدو، والهجمات الانتحارية في كوبنهاغن ولندن، وإسبانيا، قبل عشر سنوات، هذا يشكل قمة الجبل الجليدي، الإرهاب جبل هائل. هذه ليست أحداثاً معزولة. عندما يكون هناك مثل تلك الأحداث المعزولة عليك أن تعرف أن لديك جبلاً كبيراً تحت البحر لا تراه. إذاً، نعم، أتوقع أنه طالما كان هناك هذا الجبل، وطالما لا يزال المسؤولون الأوروبيون يبجلون دولاً مثل السعودية وقطر بسبب أموالها وحسب، وتبيع قيمها وتسمح للأيديولوجيا الوهابية الظلامية بالتغلغل وأن تُزرع في بعض المجتمعات في أوروبا، علينا أن نتوقع المزيد من الهجمات في هذا الصدد.
ماهي أكثر الطرق فعالية في التعامل مع الإرهابيين؟
أولاً، الإرهاب ليس حرباً. إنه حالة ذهنية، ثقافة. ولذلك ينبغي التعامل مع هذه الثقافة. وينبغي التعامل معها بطريقة أيديولوجية، وهذا يتضمن التعليم والثقافة. ثانياً، أولئك الإرهابيون يستغلون الفقراء. ينبغي أن تعالج الفقر وبالتالي فإن النمو الاقتصادي والتنمية أمران مهمان جداً، ثالثاً، عليك التعامل مع القضايا السياسية التي يستخدمها هؤلاء الإرهابيون لتعبئة عقول الشباب أو الأطفال لحل المشاكل السياسية في منطقتنا. على سبيل المثال فقد كانت قضية السلام واحدة من الأسباب الرئيسية التي تمكّن الإرهابين من حشد وتعبئة إرهابيين آخرين.
أي سلام؟ هل تقصد عملية السلام؟
أقصد بين العرب وإسرائيل. ينبغي حل هذه المشكلة، لأنها تشكل أحد أسباب اليأس، وعليك التعامل مع يأس ذلك الشباب الذين أرادوا أن يذهبوا ويموتوا من أجل يذهبوا إلى الجنة ليعيشوا حياة أفضل. هكذا يفكرون. إذاً، ينبغي أن تتعامل مع حالات اليأس هذه. التدبير الأخير يكون من خلال تبادل المعلومات بين أجهزة المخابرات. الحرب تستعملها للدفاع عن نفسك ضد الإرهاب. لا تستطيع أن تواجه الإرهاب بحرب. لكنك تستطيع الدفاع عن نفسك فقط باستعمال الأدوات العسكرية. هكذا يُحارب الإرهاب.
سيادة الرئيس لقد طلبت داعش من أنصارها في سائر أنحاء العالم القدوم إلى سورية والعراق ليعمروا ما يسمى بالخلافة. كيف ترى مستقبل داعش؟
لا أعتقد أن داعش يمتلك حتى الآن حاضنة في مجتمعنا. دعني أتحدث عن سورية أولاً، حيث لا أستطيع أن أتحدث عن مجتمعات أخرى في منطقتنا، لأنك عندما تتحدث عن داعش فأنك لا تتحدث عن قضية سورية، فهو موجود في سورية، والعراق، ولبنان، وليبيا، ومصر. لكن فيما يتعلق بسورية فإنهم لا يمتلكون حاضنة، إذاً إذا أردت أن تتحدث عن المدى القصير فإنه ليس لداعش مستقبل. لكن على المدى المتوسط، وخصوصاً فيما يتعلق بالشباب والأطفال، فإن أمام هذه المنطقة مستقبل واحد فقط هو مستقبل القاعدة، أي داعش، والنصرة، والإخوان المسلمين. وهذه ستشكل الحديقة الخلفية لأوروبا.
على المدى المتوسط والطويل، هذا خطير جداً.
بالطبع، لأنك تستطيع اتخاذ التدابير ضد العديد من الأشياء، لكنك لا تستطيع السيطرة على الأيديولوجيا. عندما تُزرع في الذهن، يُصبح من الصعب التخلص منها. ولذلك، عندما تترسخ في الأذهان، فإن هذا هو المستقبل الوحيد للمنطقة.
داعش والنصرة يتلقيان الدعم من الخارج، وأنت ذكرت تركيا، وقطر، والسعودية وغيرها، لكن هناك جانبكم أنتم. حزب الله يقاتل معكم. هل تحتاجون لحزب الله هنا في سورية؟
أنت كمواطن سويدي لا تقبل أن يطلب منك أحد أن تقارن بين تيمور عبد الوهاب على سبيل المثال، بوصفه إرهابياً، وحكومتك، بصرف النظر عما إذا كنت تتفق مع حكومتك ـأو تعارضها. الأمر نفسه ينطبق على شارلي ابيدو والإرهابيين والحكومة الفرنسية. لا تستطيع المقارنة. وهكذا، لا نستطيع كسوريين أن نقبل بالمقارنة بين الدولة والمنظمات الإرهابية. مهمتنا مساعدة البلد، والدفاع عن المواطنين، بينما لا أعتقد أن هذا هو الدور الذي يلعبه داعش أو النصرة أو الإخوان المسلمين. في الواقع فإن دورهم أن يقتلوا ويرهبوا الناس وحسب. ولذلك لا تستطيع المقارنة. ثانياً، فإننا كحكومة لنا الحق بأن نطلب الدعم من أي دولة أو منظمة أو كيان يمكن أن يساعدنا في حربنا ضد الإرهاب. ثالثاً، ولأنني عندما قلت إن الإرهاب لا يمكن أن يكون قضية محلية، وأن من الخطأ النظر إليه كقضية محلية فإن الأمر الجيد هو أن يكون هناك تعاون مع مختلف القوى في المنطقة. على سبيل المثال، فنحن كسوريين تعاونا مع العراقيين حتى قبل صعود داعش مؤخراً في الصيف الماضي في الموصل. قبل ذلك كان بيننا تعاون جيد، تعاون استخباراتي وحتى عسكري، ولسبب وحيد وهو أن العراقيين يعرفون أن الإرهاب سينتقل إلى العراق، وهذا ما حدث في الموصل. ويحدث الشيء نفسه بالنسبة إلى لبنان. وهكذا، فإن حزب الله يعي بأن الإرهاب في سورية يعني إرهاباً في لبنان، وأن الفوضى هنا تعني الفوضى هناك. بالتالي، فإن هذا النوع من التعاون مهم جداً لنا جميعاً.
سيادة الرئيس، لقد حدث خلاف دبلوماسي بين السويد والسعودية. ما تحليلك للأزمة بين السويد والسعودية؟
عندما تريد مناقشة أي علاقة بين أي بلدين، فإن السؤال الأول الذي يُطرح يكون حول الأشياء المشتركة، ما هي القيم المشتركة بين البلدين؟ في هذه الحالة بين السويد والسعودية، أطرح سؤالاً بسيطاً عن القيم المشتركة: هل تتعلق بالنظام السياسي، أو الديمقراطية، أو الانتخابات، أو حقوق الإنسان، أو حقوق المرأة، حيث لا يُسمح للنساء حتى بقيادة سيارة، أو بقطع الرؤوس في الساحات العامة، أو بجلد الناس لأنهم يعبرون عن آرائهم على تويتر أو على أي شبكة تواصل اجتماعي بشكل علني.. هل هذه هي القيّم المشتركة؟ طالما ليس هناك هذه القيّم المشتركة فإننا نتوقع هذا النوع من الخلاف. هناك حالة واحدة يمكن لهذا الخلاف ألا يحدث: إما تبجيل السعوديين من أجل أموالهم، أو بيع قيمك التي تفخر بها مقابل بترودولاراتهم. طالما تمسكت بمبادئك عليك أن تتوقع هذا النوع من الخلاف.
ألم تفاجأ؟
لا، على الإطلاق، في الواقع فإن الكثيرين فوجؤوا ربما بهذا الموقف السويدي الإيجابي، لأن ما اعتدناه من أوروبا هو تبجيل المسؤولين الأوروبيين للسعوديين، والتحدث عن الديمقراطية في سورية، على سبيل المثال، في حين أن أعزّ اصدقاءهم هم السعوديون، الذين لديهم دولة من القرون الوسطى، وبالتالي اتباع هذه المعايير المزدوجة. وهكذا فقد فوجئنا بأن السويد استعملت معياراً واحداً، بصراحة لكن مفاجأتنا كانت إيجابية.
تعني أن سورية والسويد، على سبيل المثال، لديهما من القيم المشتركة أكثر مما بين السعودية والسويد؟
لا أريد المبالغة والقول بأن لدينا نفس المستوى من الأنظمة، لأن لدينا مجتمعنا وظروفنا، لكن سورية كانت على الأقل في طريقها إلى الديمقراطية، وعلى الأقل لدينا برلمان منذ أكثر من ثمانية عقود، لدينا نساء في البرلمان منذ ذلك الحين، ولهنّ الحق بالانتخاب، أيضاً، منذ بداية القرن الماضي. لا تستطيع مقارنة سورية بالسعودية. لكننا في طريقنا نحو مزيد من الديمقراطية، وهذا هو المسار الطبيعي. الديمقراطية ليست وصفة، وليست قوانين ومراسيم وحسب، في الواقع إنها عملية طويلة، إنها عملية اجتماعية وتشريعية في الوقت نفسه. وهكذا، فإننا نتحرك في ذلك الاتجاه، بينما السعودية لم تعرف شيئاً عن معاني هذه الكلمة. لم يتحركوا، لم يحاولوا فهمها، ولم يقبلوها كمبدأ. إذاً، هذه هي المقارنة التي أود التحدث عنها إذا أردت التحدث عن السعودية، والسويد وسورية.
لقد قلت شيئاً مهماً جداً الآن: لقد كانت سورية على الطريق نحو مزيد من الديمقراطية، ألم يفهم الغرب ذلك قبل الحرب؟
كثيرون في الغرب فهموا هذا، لكنّهم في الواقع اقتيدوا في بداية الأزمة بالدعاية القطرية والبروباغندا والمخابرات السعودية. وهكذا فإن بعضهم كان يعرف وآخرين لايعرفون. خدعوا بما كانوا يسمعونه من تلك البلدان، لكنهم كانوا يعرفون قبل الأزمة بأننا كنّا نتحرك في ذلك الاتجاه، لكن المشكلة مع الغرب هي أنهم ينظرون إلى الديمقراطية كهدف، وهي ليست هدفاً بل سيرورة. الهدف هو الرخاء. الديمقراطية أداة لتحقيق الرخاء ونحن نستخدم هذه الأداة ونتحرك في ذلك الاتجاه. إذاً الأمر يأخذ وقتاً، وهذا طبيعي.
هل ينطبق هذا على المرحلة الراهنة؟
الآن، في الأزمة، أولوية الشعب السوري هي البقاء، لأن الشعب السوري يتعرَّض لتهديد وجودي. عندما تتحدث عن الإرهاب فهو تهديد وجودي. وهكذا، فإن الناس يفكرون أولاً بسلامتهم وسلامة بلادهم. كيف يمكن أن تتمتع بالديمقراطية وأنت لا تتمتع بالحياة أصلاً؟ أنت بحاجة للحياة أولاً، بحاجة للأمان، وللأمن، ثم يكون بوسعك التحدث عن الديمقراطية. لا تستطيع عكس الأمور.
ما نصيحتك للسويد فيما يتعلق بالسعودية والخلاف السويدي – السعودي؟
ما نريد أن نراه في كل بلد من بلدان العالم، لكن خصوصاً في الغرب – لأننا اعتدنا على رؤية المعايير المزدوجة -نريد أن نرى الجميع يتمسكون بمبادئهم كالسويد، ونريد أن تتمسك السويد بمبادئها، لأن تلك المبادئ هي التي تضمن مصالحك كمواطن سويدي. ونحن كبلد نامٍ لنا مصلحة في تمسككم بمبادئكم. لدينا نفس المصالح في تلك القيم، بينما عندما يكون هناك معايير مزدوجة، فإنك لا تحقق مصالحك كما ترغب وستدفع الثمن، وهذه نصيحتي الوحيدة. نريدهم أن يتمسكوا بقيمهم.

سيادة الرئيس، لقد قمت بتغطية الحرب في سورية على مدى السنوات الأربع الماضية. والقيت مجموعات مختلفة ونشطاء كانوا ضالعين في الصراع. التقيت حتى بجنود من جيشكم هنا. بعض أولئك النشطاء ليسوا إسلاميين في الواقع. قيل لي إنهم يحاربون من أجل الحرية. ما الذي تريد أن تقوله لهم؟
لم نقل يوماً إن كل مقاتل إسلامي. نعلم أنهم هم الطرف السائد الآن، أعني الإرهابيين وداعش والنصرة، لكن إذا أردت التحدث عن الحرية، فإن الحرية غريزة طبيعية في كل إنسان منذ أبينا آدم، وهذا أمر مُقدس لكل من يطلبه، ولذلك من غير المنطقي وغير الواقعي وغير المنسجم مع طبيعة الأرض والناس أن يكون المرء ضد الحرية. لكن علينا أن نطرح بضعة أسئلة بسيطة. هل قتل الناس جزء من تلك الحرية؟ هل تدمير المدارس ومنع الأطفال من الذهاب إلى مدارسهم جزء من تلك الحرية، هل تدمير البنية التحتية والكهرباء، والاتصالات، وأنظمة الصرف الصحي، وقطع الرؤوس، وتقطيع أجسام الضحايا جزء من تلك الحرية؟ أعتقد أن الجواب على هذا السؤال واضح جداً لكل شخص بصرف النظر عن ثقافته. إذاً، فإننا ندعم كل شخص يعمل للحصول على مزيد من الحرية، بطريقة مؤسساتية، وفي إطار دستور البلاد، وليس بالعنف والإرهاب وتدمير البلاد. ليس هناك علاقة بين ذلك وبين الحرية.
إنهم يتهمون الجيش السوري بارتكاب نفس الأشياء، كما في حالة القتل وما شابه.
عليهم إثبات ذلك. أعني أن الجيش يقاتل منذ أربع سنوات كيف يمكن أن تصمد في حرب ضد هذا العدد الكبير من البلدان، بلدان عظمى وبلدان غنية، بينما أنت تقتل شعبك، كيف يُمكن أن تستمر بالتمتع بدعم شعبك؟ هذا مستحيل. هذا منافٍ للواقع ولا يُمكن قبوله.
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”قسم عام“