فاديا حنا ..إمراة من وطني ..بقلم : أ . يعقوب مراد

يعقوب مراد
عضو جديد
عضو جديد
مشاركات: 5
اشترك في: السبت يوليو 14, 2012 9:13 am

فاديا حنا ..إمراة من وطني ..بقلم : أ . يعقوب مراد

مشاركة غير مقروءة بواسطة يعقوب مراد »

فاديا حنا ..إمراة من وطني ..بقلم : أ . يعقوب مراد

هي إمرأة من وطني ., وابنة مدينتي محرده المطلة على نهر العاصي ., هذه المدينة الصغيرة كأميرة تزهو بعنفوان الوفاء ., والمحبة , والكرم ..

هي صديقة عزيزة ابتعدت بجسدها عن وطنها ., واستقرت مثلي بالسويد , ولكن روحها بقيت في الوطن مثلها مثل كل السوريين ...

أتصلت بي منذ أكثر من شهر , وأخبرتني بأنها قررت قضاء عطلة الصيف في سوريا ..وتسألني إن كنت أوصيها شيئاً تحمله لي من الوطن ..

قلت لها : كنت أعرف بأنك ستذهبين ..كل أحاديثنا السابقة كانت تنبئ بذلك ولكن ...

ولم تدعني أتم كلامي فقاطعتني قائلة : أعرف كل ماتريد قوله ..وقد تكون مغامرة أن أسافر لسوريا مع أولادي الصغار في ظل هذه الظروف الصعبة ولكن لايهم ..أنا سورية مثلي مثل ملايين السوريين في سوريا ..وسأذهب لأكون معهم , ولأرى بعيني كل مايحدث على أرض الواقع في وطني .

.ثم أنهت حديثها تسألني إن كنت أوصيها شيئاً تحمله لي من الوطن ..

فطلبت منها بعض أغاني لمطرب محرده الاصيل أبو سهيل دعاس ..وأن تكتب لي باستمرار لأطمئن ..وسافرت ., وأنا فخور بشجاعتها وأصالتها ووطنيتها , وأبتسمت فرحاً لاحساس راودني أن الوطن سيبقى بخير طالما السوري يفضل وطنه رغم كل شيء مهما أبتعد..يبقى الوطن هو الانتماء الأول والأخير ...

ومرت الأيام , وتوالت الأحداث الصعبة على وطني .., وبات منظر الدم والموت مرعباً, وأحاديث الخطف والتفجيرات , وأصاب محرده تفجيراً أودى بعدد من أبنائها , وأستقبلت محرده بعد ذلك أحد أبنائها من حماة الديار شهيداً ..ومرت الأيام عصيبة ليس على محرده فحسب بل على سوريا كلها ..وعادت ابنة بلدي للسويد , وتحدثنا وروت أن كل شيء على مايرام ..وأن الناس تذهب إلى أعمالها بطريقة عادية جداً ., وأن الناس تقضي إجازتها في البحر أو في الجبل ومناطق الكفرون ومشتى الحلو تغص بالسواح والمصطافين..

وقالت بأنفعال : لاتصدق كل مايقال ..فكله كذب ..كذب ...

وشعرت من حديثها..بدفاعها عن وطنها , وحزنها على التحريض الطائفي وحملة التضليل الاعلامي لكل مايقال من كذب وافتراء ..

وسألتها عن الناس ومدى تأثير مايحدث ..فانبرت تتحدث بقوة بأن كل الذين التقتهم متفهمين جداً., لهذا فهم يقفون مع قائد الوطن., ويدعمون الجيش السوري بوجه أقذر وأكبر مؤامرة تشنها دولاً عديدة بأدوات عصابات اجرامية تحت اسم براق يسمى الجيش السوري الحر..

وسألتها عن أكثر شيء شاهدته وأثر بها جداً ..

فقالت بغصة : هذه الازمة برغم كل سيئاتها ., ورغم انها تحدث للمرة الاولى في سوريا إلا انها كشفت عن معدن الأنسان السوري الأصيل ..

لن أنسى أبداً محبة أهل محرده وغيرتهم وأندفاعهم للمساعدة بكل شيء أثر الانفجار ..

ولن أنسى كيف خرجت محرده كلها لتشارك في جنازة البطل الشهيد فادي ...

ولن أنسى الدور الايجابي والكبير لبعض الجمعيات التي أستوعبت المتطوعين الذين هبوا للمساعدة في تأمين الاحتياجات الضرورية للمدينة ..

هذه الصورة الرائعة التي تجلت في أحلى صورها جعلتني أبتسم راضية ومؤمنة جداً بأن شعباً يملك كل هذه المحبة والتضحية ستعطيه القدرة الكبيرة على التغلب على المحنة وكل المصائب, هذا الشعب لن يهزم أبداً ..

وقبل أن تنهي حديثها قالت مستدركة : سأخبرك بحكاية صغيرة , ذات يوم كنا في طريقنا من محرده الى كفربهم لحضور حفل زفاف ..وقبل وصولنا لمدخل مدينة حماه توقفنا عند حاجز للجيش فتقدم منا جندي شاب يتصبب عرقاً وبابتسامة كبيرة سألنا : إلى أين ..؟ فأخبرناه عن وجهتنا فضحك قائلاً: أذهبوا وأفرحوا نحن هنا لسلامتكم ..ولكن لاتنسوا أن تحضروا لي عروس ...ثم ضحك , وتابعنا سيرنا ..وكنت كل الطريق أفكر بهذا الجندي الرائع الذي يقف تحت الشمس الحارقة من أجل حمايتنا فشعرت بنفسي صغيرة جداً ..أمام ثقته وفرحه وروحه المرحة ...ولاأعرف كيف سألت نفسي : من يحمي الوطن ..هذا الجندي تحت هذه الشمس المحرقة أم ذاك الذي يجلس في فنادق خمس نجوم في قطر وينتقل من فضائية لأخرى وهو يحرض ويشتم بأسم الوطن ...؟ وشعرت بأن لامجال للمقارنة أبداً ..وعاتبت نفسي ..وبعد اسبوعين عدت الى السويد ..ويوم امس عرفت بأن سيارة يقودها انتحاري فجر نفسه في نفس الحاجز الذي توقفنا عنده ..وأودى بحياة أكثر من عشرين جندياً من حماة الديار ., وشعرت بغضب وحزن ., وأنا أتذكرضحكة ذلك الجندي الشاب الذي كان يريدنا أن نحضر له عروساً ..فهاهو الآن قد زف بروحه لحبيبته سوريا وقدم دمه مهراً لتراب الوطن ..

وبقيت كلمة : أريد أن أشكر السيدة فاديا حنا ., وأشد على شجاعتها ومصداقيتها ., وأحيي وطنيتها . فهي امرأة أفتخر بأنها من وطني الغالي سوريا , ومن مدينتي الرائعة محرده
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الأدبي و الثقافي“