ربيع سبيطلة ! بقلم : أ . يعقوب مراد

[ابن السريان]

ربيع سبيطلة ! بقلم : أ . يعقوب مراد
ربيع سبيطلة.. سبيطلة الشامخة في سفوح تونس الخضراء.. تفتح ذراعيها بشوق.. لتحتضن باقات من الياسمين والحبق والجوري الدمشقي؛ في ربيعها المقبل ستزهو بحلتها الخضراء المبتهجة بورود حملتها القلوب من دمشق.. تنضح حبا" بالوطن.. وتئن ألما" بجراحاته.. وتضيء سماؤها ببريق عيون سوريّة تشعّ أملا" وإصرارا" على متابعة نضال سلاحه الفكر الحضاريّ ورداؤه الكرامة ومذهبه المحبة والإخاء.. حين اتصل بي صديقي الفنان ممدوح الأطرش يخبرني عن موعد انعقاد مهرجان سبيطلة الدولي في دورته لهذا العام، غمرني فرح حقيقي للنجاح الذي يسجله هذا المهرجان، ونجاح هذا العام متعدد.. النجاح الأول: هو إصرار الفنان المخضرم عدنان الهلالي على انعقاد المهرجان في موعده ليعلن بصوت عال ٍ أننا أهل ثقافة الحياة والفرح والمحبة رغم كل الإنكسارات والهزائم؛ والصدمات المتلاحقة الغير متوقعة من الفوضى الخلاقة التي اجتاحت البلاد العربية باسم الربيع العربي، والربيع منها براء لأنها لم تقدم لنا إلا مزيداً من الأسى والضياع، وما كانت إلاّ زوبعة شر تحمل القتل والدمار وتنشر الرعب والهلع.. النجاح الثاني: هو النجاح الكبير والدولي لهذا المهرجان الذي أصبح علامة مميزة على الصعيد الدولي واستمر بثبات رغم كل التحديات والصعاب، وهاهو يعلن عن انعقاد دورته لهذا العام مابين 30 مارس و6 إبريل، ولم يكتف بهذا بل سينظّم المهرجان تظاهرة ضخمة في شارع بورقيبة بعنوان / مسيرة الزهور في الثلاثين من آذار وسيشارك فيها حشد كبير من الفنانين والإعلاميين والأدباء وعامة الشعب. وهذا يسجل إنتصاراً للسلام على الحرب، وإنجازاً حقيقياً للحياة في زمن الموت.. النجاح الثالث: هو اختيار الفنان الأسطورة ممدوح الأطرش رئيساً لنادي اصدقاء سبيطله في العالم لهذا العام، وهو غنيّ عن التعريف لما يمثّله من تاريخ إنساني وفني ووطني.. تاريخه الإنساني الذي يشهد له نشاطه ومشاركته ودعمه لكلّ المبادرات العلمانية والإنسانية من أجل رقيّ الإنسان العربي، وتاريخه الفني الحافل على مدى عدة عقود في الإخراج والتمثيل والكتابة حتى غدا أسطورة فنية لاتتكرر. وتاريخه الوطني: هو انتماؤه المشّرف كونه سليل عائلة قائد الثورة السورية سلطان باشا الأطرش، وكأن اختياره رئيساً لأصدقاء سبيطله في العالم ومشاركته الفعالة في دورة المهرجان الحاليه هو تذكير بالمعنى الحقيقي للثورة السورية الكبرى بقيادة شرفاء الوطن التي أدت بسوريا إلى الاستقلال، ورفض الثورة ـ العبرية ـ التي تشهدها سوريا هذه الأيام التي عملت على إضعاف هذا البلد المقاوم عرين الأسد وقلب العروبة النابض وبيت العرب. من دمشق إلى تونس سينطلق إبن سوريا البار.. إبن الجبل الأشم.. الفنان ممدوح الأطرش محمّلاً بالياسمين الشامي الأصيل.. ليكون صوت سوريا وسفيرها إلى تونس يقول كلمتها، رافعاً علمها الوطني؛ العلم الذي أثبت للعالم بأثره أنه راية الكرامة والإباء؛ راية المجد والصمود.. هو فنان سوريا الذي نال مع بداية هذا العام الوسام الذهبي لاتحاد المجموعات الوطنية تقديراً لكل ماقدمه خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء منذ عام 1969 وحتى الآن وماحصده من تكريم وجوائز في المحافل المحلية والعربية والدولية ولأنه مصدر فخر لكل مواطن سوري وطني شريف. وتبقى كلمة لابد منها: سينجح مهرجان سبيطلة رغم كل الظروف، وسيثبت على الملأ بأن ثقافة الحياة هي التي ستستمر لأنها مضمّخة بعبق المحبة والأصالة والوطنية، ليكون مفخرة لكل العرب، وليسجل التاريخ أنه المهرجان الوحيد الذي استمر وتألق في ظروف استثنائية جداً، وسيكون لنا شرف الحضور بتلبية الدعوة لنشارك ونمد أيدينا لأخوتنا في تونس الذين وقفوا وقفة عزّ تستحق كل تقدير واحترام، رسالتنا القادمة ستكون من تونس الخضراء إن شاء الله . يعقوب مراد / السويد