أيها الأهل تحلوا بهيبة ممزوجة بالمحبة

صورة العضو الرمزية
أبو شادي
عضو مميز
عضو مميز
مشاركات: 1208
اشترك في: الخميس فبراير 19, 2009 2:17 am

أيها الأهل تحلوا بهيبة ممزوجة بالمحبة

مشاركة غير مقروءة بواسطة أبو شادي »

لا تربية دون سطوة كما أنه لا حياة لمجتمع دون رأس يدير دفة أموره بفطنة وروية. وكيف يمكن للمربي أن ينير ويقوّم ويرشد ويوجّه إذا لم يتمتع بالهيبة والحزم والنفوذ تجاه من وكل إليه مهمة تنشئته. ولذا ليس من المدهش المستغرب أن نرى الوالدين الذين ليس لهم سطوة على أولادهم يعجزون عن السهر عليهم، وإبعاد الأخطار التي تحدق بهم، والمحافظة على أخلاقهم الحميدة رغم كل ما يبذلونه من جهود وتفان.

1- قلة الهيبة تضعف المحبة وتنكد العيش

فالأب الذي يخشى الأمر والنهي أو يتردد فيهما لا يمكنه مثلاً أن يمنع ولده من الرجوع إلى البيت في ساعة متأخرة من الليل أو ارتياد هذا المسرح أو تلك السينما. والأم الضعيفة الإرادة التي تهرب من مشقة قهر ابنها أو مشهد اغتمامها لرفضها لها رغبة ما يستحيل عليها أن تقوّم اعوجاجها وتحذر عليها مثلاً قراءة هذا الكتاب أو مرافقة تلك الفتاة أو التردد إلى ذلك المكان.

وفقدان السطوة في الوالدين يسلبهم محبة أولادهم لهم وتعلقهم بهم. فإنه مهما تضاءل حزمهم ونفوذهم وتمادوا في الصف والتذبذب لا يمكنهم في بعض الأحيان أن يلزموا الصمت أو يظلوا مكتوفي الأيدي أمام ذنوب أولادهم وجرائرهم. فماذا يحث آنئذ؟

ترى الولد الذي لم يتعود هيبة والديه وإتمام إرادتهما يستصعب الملاحظة والتأنيب ويجيب ويتمرد وأحياناً بسفاهة وقحة، فيضطر الوالدان إلى استعمال التهديد المتواصل أو الإكثار من القصاص، فتتعكر سلامة العائلة، ويستولي الحزن والكدر على الأفئدة، وينكمش قلب الولد على ذاته، فتضعف أواصر المحبة والثقة بينه وبين والديه. ويصبح الولد في تلك الحال حملاً ثقيلاً على والديه انى رافقهما، لأن قلة سطوتهما تجعله يتصرف على هواه فيأتي بأعمال وحركات أو يتفوه بكلمات وعبارات يشمئز منها المجتمع ويلوم عليها مربيه مما يحط من مقام الوالدين ويغض من قدرهما ويخزلهما.

2- ما هي الصعوبات التي تتصدى لهيبة الوالدين؟

يستولي أحياناً على الوالدين تجاه أولادهم نوع من الخشية والخجل. فبدل الأمر الواضح القاطع الذي لا يرضى بالجدل والتردد نرى والدين يظنون أنفسهم مضرين، لحمل أولادهم على الطاعة والخضوع إلى أن يلجأوا مثلاً إلى المقابلة والتشبيه فيستعينون بمثل أولاد آخرين لكي يبرروا طلباً أو نهياً أو نصيحة انظر إلى ابن عمك كيف أنه يطيع حالاً وبدون جواب!

ونصادف بعض الوالدين، حين يرغبون في إرشاد أولادهم أو توبيخهم أو إبداء ملاحظات لهم، بدل أن يوجهوا الكلام لبنيهم مباشرة وبحزم يتمتمون لذاتهم أمامهم مثل هذه الأقوال: آه من هذا الولد فقد أصبح حمله لا يطاق، بتنا لا نعرف أي طريق نسلكه معه! لا يؤثر فيه شيء، لا الكلام الحلو ولا التوبيخ ولا القصاص! كأنه يتصرف عمداً هذا التصرف ليحزن قلبنا! ماذا ينال من عناده ومسلكه هذا المخجل! والأغرب من ذلك هو حين يعمد الوالدان إلى التوسل والتضرع والإلحاح لينالوا من بنيهم الامتثال لإرادتهم.

ما هو وقع جميع هذه الوسائل المعوجة في تربية الولد؟ لم يرد الوالدان أن يسطوا على أولادهم فها أولادهم يسطون عليهم. هم ينصتون بصمت واحتقار إلى كلامهم لأنهم يجدون فيه الضعف والتردد ثم يسيرون على هواهم لأنهم بدأوا يدركون أنه لا خوف عليهم من إرادة والديهم وغضبهم وقصاصهم. ويضحي هؤلاء المرؤوسون رؤساء، نافذي الكلمة، أحرار الإرادة، طليقي التصرف.

إن الوالدين يرغبون في المحافظة على الهيبة في التربية والتمتع باحترام أولادهم وحبهم الحقيقي ينبغي لهم أن يعمدوا إلى الحزم والقوة في الأمر والنهي ممزوجين باللين والرفق. ومثل ذلك مثل من يريد أن يوجّه غصناً. فإن كان الغصن قوياً قوبل بآلة قوية ليبلغ الغاية. وحينما يتأكد من أن الغصن وجّه حيث يجب أن يوجّه يكفي ربطه بقصبة ضعيفة أو بخيط دقيق لكي يظل في ذلك التوجيه. هكذا الولد، حين يكون صغيراً لا يفقه ولا يعقل ولا يدرك، يكفي للوالدين أن يأمروا بسلطة ليحظوا بطاعة سريعة فرحة. ولكن إذا شبّ الولد ونما فيه الفهم والتعقل يجدر بالوالدين أن يعمدوا إلى الإقناع والعاطفة دون التجلي عن السلطة والهيبة. فحيث لا ينجح الإقناع والعاطفة فليلجأوا إلى الصرامة فلا مندوحة عنها في تربية سديدة صالحة.

3- إياكم وخداع الأولاد للحصول على طاعتهم

إن إكثار الوعود للولد دون القيام بها لمما يؤذي بتربيته. فإننا نرى بعض الوالدين يرقبون ما يتوق إليه أولادهم ويعدونهم بتلبية هذه الرغبة وتلك جزاء لطاعتهم. فإذا خضع البنون وتمموا إرادة والديهم ونال الوالدون مبتغاهم نسوا وعودهم أو أهملوها.

والولد يصدق مرة ومرتين وثلاثة هذه الوعود لأنه مدفوع بطبيعته إلى الثقة، ولكنه لا يعتم أ، يتحقق، بعد انتظار طويل للمكافأة دون جدوى، انه أصبح ألعوبة بين أيدي والديه يسخران منه ويستغلان سذاجته وسرعة تصديقه. ويعتقد آنئذ أن الكذب ليس بعيب إذ ان والديه يعمدان إليه في تصرفاتهم معه ويشرع بإظهار خشيته من الخداع لدى كل وعد ويتردد في القيام بما يطلب منه قبل تتميم الوعد ويتجلى أيضاً استغلال ثقة الولد في خداعه بالكلام دون أن تكون هناك وعود فتقول الأم لابنها مثلاً: ذق هذا الدواء ما أطيب طعمه، بعد أ، تكون ذاقته هي وتحققت مرارته، أو هلمّ لنذهب معاً إلى النزهة، وهي ترغب في الحقيقة أن تقوده إلى طبيب الأسنان ليقلع ضرسه، والولد لا ينسى الخديعة لأنه يعدّها تحقيراً وذلاً، فتولّد فيه أحياناً الحقد والميل إلى الانتقام، ودوماً فقدان الثقة بكلام من وكِّلَ إليه مهمة تربيته الخطيرة.

4- لا تبعثوا الغيرة والحسد في قلوب الأولاد نحو بعضهم بعضا

وحذار أيضاً من تفضيل ولد على ولد. فقد نصادف والدين يشعرون بعطف خاص نحو أحد أولادهم لأنه أقرب تشابهاً بهم، أو لما يتصف به من مزايا خارجية تحببه أكثر من غيره للقلب كالجمال واللطف والذكاء، أو لما يعقد عليه من آمال في المستقبل، فيهتم الوالدان بهذا الولد اهتماماً خاصاً، يسهرون على راحته أكثر مما يعتنون براحة أخوته ويجتهدون بتلبية رغباته وغض النظر عن عيوبه وأحياناً يقدمونه كمثل لأخوته دون أن يستحق ذلك، والعاقبة أن هذا الولد يصبح متكبراً، محتقراً لغيره، وتدبّ الغيرة والضغينة إلى الأخوة ويستولي عليهم الغم وتنقبض قلوبهم بدل أن تتفتح فرحة في جو العائلة البهيج.
وختاماً لهذا الحديث يحسن بنا أن نفكر قليلاً بهذه العبارات المريعة التي كتبها مرب حكيم واسع الاختبار: "أيها الوالدون لا تدعوا أحد أولادكم يسلب منكم صولجان الهيبة وإلا ضرب به قلبكم."
يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي
ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فهذه هي الكارثة


http://www.facebook.com/group.php?gid=1 ... 545&v=wall
أضف رد جديد

العودة إلى ”قسم عام“