من يريد "وأد " اللغة الآرامية حية ؟ و لماذا ؟ القسم الثاني
ثالثا - من هم الذين يريدون " وئد " لغتنا الآرامية ؟
وردني تعليق من أحد الإخوة الغيورين قال فيه " إن الاستاذ افرام عيسى يستخدم تعبير " اللغة السريانية " في كتبه و ان سيادة المطران جورج صليبا الموقر هو معلم و محب للغة السريانية و له قصائد عديدة و هو لم يقل أن لغتنا متحدرة من الأشورية ! " الأخ السرياني الغيور قال لي " من الأفضل عدم ذكر إسم المطران جورج صليبا ضمن الذين يريدون " وئد " لغتنا أو تزوير إسمها التاريخي ! أتمنى على الأخ السرياني الغيور ، أن يعيد ما ذكرته في القسم الأول كي يتأكد إنني أرد على " عزيز " الذي علق على مقال لي ، و يظهر أنه يخجل من ذكر إسمه الحقيقي ، و له تعليق وحيد في موقع الناقد ، ذكر " "الآرامية يا أستاذ تسمية ميتة أو هوية ميتة " .
من الطبيعي ألا يكون سيادة المطران جورج صليبا ضمن هذه الفئة من إخوتنا اللذين يدعون أن اللغة الآرامية هي ميتة و أن اللغة التي نتكلمها اليوم هي " الاشورية " أو سليلة اللغة الاكادية ! إنني لم أنقل " حديثا " عن سيادة المطران صليبا من نوع " أخبرني فلان ان سيادة المطران صليبا قد قال أن لغتنا أو لهجة طورعبدين هي اكادية " و لكنني ذكرت ما كتبه سيادة المطران بنفسه في مقدمة كتابه ، و إنني أتمنى على سيادته أن يشرح لنا كيف تكون لهجة طور عبدين هي اكادية عتيقة ؟ ما هي البراهين التي تدفعه الى الإعتقاد بهذه الفكرة الثورية ؟ الثورية أي الجديدة لأنها غير مذكورة في بحوث علماء اللغة الآرامية السريانية ؟
أخيرا كيف يتكلم سكان طور عبدين اللغة الأكادية ؟ متى بدأ سكان طور عبدين أي سكان بيت نهرين التاريخية بالتكلم باللغة الاكادية ؟ هل كان سكان بيت نهرين ( الجزيرة و ليس العراق ) من الشعب الاكادي أو الاشوري أم من الشعب الآرامي ؟ بعبارة أخرى هل سريان طور عبدين هم أحفاد الاكاديين و الاشوريين و قد حافظوا على " لغتهم الاكادية " أم هم آراميون - تخلوا عن لغتهم الأم المنتشرة في كل الشرق - و ظلوا يتكلمون لهجة طور عبدين التي هي أكادية عتيقة ! علما إن اجدادنا الآراميين قد " إستوطنوا " بلاد بيت نهرين / الجزيرة بعد سقوط الدولة الميتنية ! و إن الشعب الأشوري بالرغم من إحتلاله لبلاد بيت نهرين / الجزيرة فإنه لم " يستوطن " هذه البلاد التي بقيت معقلا لأجدادنا الآراميين ! لقد دونت أسفار التوراة في حوالي القرن السادس قبل الميلاد أي حوالي 300 سنة بعد إحتلال ملوك أشور لبلاد بيت نهرين . التوراة يستخدم تعبير " آرام نهرين " أي بلاد بيت نهرين / الجزيرة الآرامية .
ليت المثقفين السريان يطلبون من سيادة المطران جورج صليبا الموقر أن يشرح في مقال أو محاضرة لما يتبنى هذا الموقف أي ” لهجة طور عبدين هي أكدية عتيقة " .
لقد زرت دير العطشانة في بداية السبعينات من القرن الماضي ، و كان سيادة المطران صليبا مديرا للإكليريكية و قد إستقبلنا بحفاوة و قدم لنا الفاكهة و المرطبات و كان يكلمنا باللغة الآرامية/السريانية قائلا لكل منا "ܫܡܫ ܢܦܫܟ ܒܢܦܫܟ" أي " أخدم نفسك بنفسك " . لقد مضى حوالي 35 سنة و إنني لم أنس إنني تعلمت هذه الجملة السريانية من سيادة المطران صليبا لذلك أتمنى عليه أن يزيل الغموض حول فكرته " لهجة طور عبدين هي أكدية عتيقة " لأننا لا نريد- لا سمح الله - أن يعتقد المثقفون السريان أن سيادة المطران جورج صليبا " يؤيد" محاولات بعض إخوتنا المتطرفين اللذين يعملون في السر و العلن على تزوير إسم لغتنا الآرامية السريانية و هويتنا الآرامية السريانية التاريخية.
رابعا- الغاية و الوسيلة : اللغة الآرامية في مواجهة بعض المتطرفين .
لا شك أن القارئ قد سمع بمبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " و هو من أهم مبادئ السياسي الناجح . و لكن بعض إخوتنا من السريان المشارقة (النساطرة ) يؤمنون بالفكر الاشوري الذي يدعي بإنتماء السريان الى الشعب الاشوري و أن اللغة التي نتكلمها هي " اللغة الاشورية الحديثة". بالرغم من أن الشعب الأشوري كان يتكلم اللغة الاكادية ، لا يزال بعض من إخوتنا يضيعون وقتهم و يدعون أن لغتنا الآرامية/ السريانية هي اللغة الاشورية الحديثة. و بما أن الشعب الاشوري لم يكن له لغة أشورية خاصة به ، فإن إخوتنا يحاولون دفن لغتنا الآرامية و ذلك كي يحلوا لهم إستخدام هذا التعبير " اللغة الاشورية " .
لا أحد يستطيع أن يمنع البعض من الإعتقاد أن جذورهم اكادية أو اشورية أو كنعانية أو إسبانية ! و لكن إذا كنا نريد فعلا أن ننشر التاريخ الأكاديمي ( و ليس السياسي المتقلب ) علينا أن نحترم تاريخ اللغة الآرامية/ السريانية و معرفة مراحل تطورها . من المؤسف أن بعض السريان الغربيين يؤيدون الفكر الاشوري و لا يتنبهون الى الأخطاء التاريخية التي يحملها ، و منهم من يعتقد أنه يوجد " لغة أشورية حديثة " و منهم من يستخدم هذا التعبير الخاطئ " اللغة الأشورية الغربية " .
لقد نجح الفكر الاشوري في تضليل بعض البسطاء السريان و ذلك لأن السريان قد تقاعسوا عن الدفاع - في الماضي القريب - عن إسم لغتهم الآرامية / السريانية المقدسة . إن محاولات التضليل لم و لن تتوقف و كان د . عبدالله مرقس رابي قد حاول - بإسم علم الإجتماع - أن يجد طريقة كي يحرف و يزور إسم و هوية لغتنا الآرامية . و قد رديت عليه "هل يستطيع " علم الإجتماع " أن يبدل إسم لغتنا الأرامية؟"
تجدون الرد على هذا الرابط
http://www.annaqedcafe.com/showthread.p ... #post15970
و كان هذا الأكاديمي قد إدعى أنه بما أن لكل شعب لغته الخاصة : الكورد يتكلمون اللغة الكوردية و العرب يتكلمون اللغة العربية إذن يجب أن نسمي لغة الكلدان باللغة الكلدانية و لغة الأشوريين باللغة الأشورية!
خامسا - الداء و الدواء و العلاقة بين المشكلة و الحل .
لا يوجد أي طبيب يحترم الطب يقبل أن يصف الدواء قبل معرفة الداء ، لذلك لقد ذكرت مرارا أنه لا يوجد " مشكلة اكاديمية " حول أصول و جذور اللغة الآرامية / السريانية . لا يوجد أي خلاف أو حتى دراسات حول اللغة الآرامية يذكر فيها الباحثون أن اللغة الآرامية هي سليلة اللغة الاكادية . ”السيد" عزيز " و قد يكون من كتاب موقع الناقد عليه أن يذكر لنا من أين إستقى معلوماته الخاطئة ؟ المشكلة هي " مفتعلة " و هي " رغبة " بعض إخوتنا المنخدعين بالتسمية الاشورية و الهوية الاشورية المزورة ، أن يجدوا " حلا " يسمح لهم حسب إعتقادهم " أنهم أشوريون يتكلمون اللغة الأشورية " .
من المؤسف أن الأستاذ أفرام عيسى يبحث عن " الحل " قبل أن يبحث عن " المشكلة المفتعلة"! و هو يدعي - بدون براهين - أن اللغة الآرامية هي سليلة اللغة الاشورية ثم يطالب من المعارضين أن يطرحوا " موضوع جذور اللغة الآرامية " على العلماء المتخصصين هذا موقف غير علمي من أستاذ أكاديمي ، لأنه كان عليه أن يتحقق بنفسه أولا قبل " الإدعاء " أن اللغة الآرامية هي سليلة اللغة الأشورية ! "الإدعاء " أن اللغة الآرامية هي سليلة اللغة الأكادية ليس هو " مشكلة أكاديمية " و لكنه " مشكلة نفسية و نزعة غير علمية " عند بعض إخوتنا الذين يؤمنون بالهوية الأشورية ، فإنهم بدل أن يصححوا بعض طروحاتهم الخاطئة - " اللغة الأشورية " - فإنهم يرددون نفس الأخطاء كأنهم يراهنون أن المثقف السرياني في القرن الواحد و العشرين لا يستطيع أن يطلع و أن يتعلم و أن يدافع عن تراثه الحقيقي ! "الإدعاء " أن اللغة الآرامية هي سليلة اللغة الاكادية أو سليلة اللغة " الاشورية " صار يشبه المرآة التي تعكس لنا أخطاء الفكر الأشوري الذي يزور إسم لغتنا السريانية المقدسة الى تسمية " أشورية" غير علمية .
إن " الإدعاءات المضللة " حول هوية لغتنا الآرامية لا تشكل أي "مشكلة " لغوية أو تاريخية حول إسم و تاريخ اللغة الآرامية / السريانية. هذه " الإدعاءات المضللة " تفضح أولا من يؤمن بها ، لذلك أتمنى من سيادة المطران جورج صليبا الموقر أن يصحح ما ذكره في مقدمة كتابه ، لأننا نراهن أن الأجيال القادمة من المثقفين السريان سوف تتعرف على تاريخ اللغة الآرامية / السريانية و سوف تجد أن لا علاقة بين الأبجدية الآرامية و الكتابة المسمارية ، و أن لهجة طور عبدين المحبوبة قد دخلتها مفردات عربية أكثر من المفردات الأكادية