قصة النائمين السبعة اعداد القس فيليكس الشابي

المشرف: ابو كابي م

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

قصة النائمين السبعة اعداد القس فيليكس الشابي

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

قصة النائمين السبعة

********************************

اعداد القس فيليكس الشابي

مقدمة: اثناء تبادل اطراف الحديث مع الناس أشرت الى قصة "الفتيان السبعة من افسس" ورأيت أن هناك بعضا من الناس يعرفها، في حين ان قسما اخر لم يسمع بها على الاطلاق. لذا قررت مراجعتها وكتابتها لكم، لانني كنت قد قرأتها منذ ما يزيد على ال12 سنة! اتمنى للجميع قراءة مفيدة وممتعة.

ألاضطهادات: في القرن (3م) حكم الامبراطورية الرومانية ملك وثني اسمه داقيوس (249-251م) وكان هذا كارها ومضطهدا للمسيحية. اذ اصدر امرا بمتابعة المسيحيين وقتلهم ان لم يرجعوا الى عبادة الاصنام. وفي احد الايام ذهب الملك الى افسس في اسيا الصغرى (تركيا الحالية) وسمع بوجود سبعة شبان من ضباط الجيش قد اصبحوا مسيحيين، فناداهم ووبخهم ليرجعوا الى الوثنية، الا انهم أبوا ذلك. فامر بان يُطردوا من الجيش، وامهلهم مدة يسيرة للتفكير ريثما يكمل جولته ثم يعود الى افسس!

السبات: استغل الفتية فترة غياب الملك فذهبوا الى بيوت اهاليهم واخذوا منهم المال والذهب وتصدقوا به على الفقراء، ثم اختبأوا في كهف بجبل (أنكليوس) كي لا يتابعهم الناس. وكان احدهم وإسمه يمليخا ينزل الى المدينة كل صباح ليبتاع الطعام مرتديا ملابس الشحاذين كي لا يجذب اليه الانتباه. وفي احد الايام سمع يمليخا بان الامبرطور قد عاد وهو يبحث عنهم، وبانه قد إستجوب اهاليهم عن مكانهم فابلغوه "انهم في جبل انكليوس". رجع يمليخا وهو مرتعب واخبر رفاقه بالمصاب الجلل، فركعوا يصلون الى اللـه عساه ينجيهم من هذه المحنة. ثم قاموا فأكلوا ما أحضره يمليخا من الطعام وناموا في سبات عميق!

ارسل الملك جنوده الى الجبل وأمرهم بسد باب الكهف على الشبان ليصبح مقبرة جماعية لهم، ودرسا يعتبر به الاخرون. جاء الجنود، والشباب السبعة نائمون، فبنوا حائطا على مدخل المغارة. وكان هناك رجلان مسيحيان باران يعملان في بلاط والي افسس، ذهبا سرا في الليل ووضعا صندوقا نحاسيا بباب الكهف يحوي بداخله صحيفتين من الرصاص مكتوب عليهما اسماء الشبان، وقصتهم، وصورة ايمانهم (وهذه هي أسماؤهم: مكسيمليانوس أبن الوالي ويمليخا ومرتينيانوس وديونيسيوس، ويوآنيس، وسرافيوس، وقسطنطينوس، وأنطونينوس).

الافاقة: بعد مجيء الملك قسطنطين (313م) الى حكم الامبرطورية صارت المسيحية دين الدولة الرسمي. وفي مطلع القرن (5) تربع على كرسي الامبراطورية الرومانية الملك المؤمن ثيودوسيوس (408-450م) وفي زمانه انتشرت البدع ضد الايمان ومن جملتها انكار قيامة الموتى! أصاب الملك الطيب حزن شديد لما آل اليه شعبه، فاتشح بالمسوح وافترش الرماد طالبا الغفران من اللـه. على ان رجلا صالحا اسمه أداليس إشترى الحقل الموجودة فيه المغارة، وباشر ببناء حضيرة فيه لخيوله، ولما أحتاج الى حجارة للبناء، أمر العمال باخذ حجارة الحائط الذي بباب الكهف!

هكذا شاء اللـه ان يبعث الروح ثانية في اجساد هؤلاء الشبان، فافاقوا من سباتهم وعيونهم مملوءة حزنا وكآبة (لخوفهم من الملك) دون ان تتبين عليهم علامات الموت! خرج صديقهم يمليخا كعادته بملابس المتسولين ليبتاع الطعام من افسس. ففاجأه منظر المدينة وتنكرت له بناياتها، وجدرانها، وبواباتها، وكنائسها الضخمة المزينة بالصلبان، وسمع الناس يذكرون اسم المسيح ويحلفون به فلم يصدق نفسه. فقرر العودة مباشرة الى رفاقه لكنه في طريقه وجد مخبزا فدخله مسرعا ليشترى خبزاً. وعندما حاول دفع ثمن الخبز قدم دراهمه الفضية فتمعن بها الخباز، ولما رآها مختلفة عن دراهمهم، ناولها الى زملائه فقالوا له "لابد وان الشاب قد وقع على كنز ثمين للملوك الاقدمين!" فامسكوه لكي يخبرهم عن مكان الكنز. أقسم يمليخا المسكين بانه لم يجد اي كنز وانما هذه هي نقوده ... واحتشد الناس في السوق من حوله، فما صدقوه وقرروا ان ياخذوه الى الاسقف.

المحاكمة: شاءت العناية الالهية ان يكون الوالي في تلك الايام في زيارة الى افسس. ووصل الجمع ومعهم يمليخا الى دار الاسقف بحضور الوالي. فسألوه عن النقود فاجاب بانه كان يشتري بها الطعام الى يوم أمس! فأخبره الوالي بان الكتابة والصورة الموجودة على نقوده تسبق زمن الامبراطور داقيوس. فقال يمليخا وهو مرتعب: "وماذا حصل للملك داقيوس، فاننا مرتعبون من رؤيته؟ اجابه الوالي بان الملك داقيوس قد قضى نحبه منذ ما يزيد على ال200 سنة! لم يستوعب يمليخا ما يسمعه، وطلب اليهم ان يرافقوه الى حيث رفاقه ليتبينوا امره. أحس الاسقف بان للـه يدا في هذه القصة. فذهبوا مع يمليخا الى الكهف ورأوا اصحابه الستة ووجوهم مشرقة، كما ووجدوا الصندوق النحاسي الذي بباب الكهف فسلموه للاسقف، ففتحه ووجد فيه الصفحات الرصاصية المكتوب عليها أسماؤهم، وقصة دفنهم احياء مع قانون ايمانهم. انذاك عانقهم الاسقف جميعا ومجد اللـه.

قدوم الامبراطور: أرسل الوالي والاسقف خبرا عاجلا الى الامبراطور كي يأتي ويرى آيات اللـه بين البشر في عهده. ما ان بلغ الخبر الامبراطور حتى نهض من الرماد ونزع عنه المسوح، وقَدِم مسرعا من القسطنطينية بمعية الاساقفة وكبار الدولة. فما ان رأى الفتيان حتى عانقهم وافترش الارض معهم، وقال لهم "برؤيتي لكم فاني ارى المسيح الملك". ثم حدثه مكسيمليان قائلا: "اسمح لنا ان نودعك بسلام وليكن الامان في مملكتك". فناموا ورقدوا واضعين رؤوسهم على التراب واسلموا ارواحهم بموجب ارادة اللـه. فبكاهم الملك وغطاهم بثياب ملوكية وامر بان تصنع لهم ثمان بدلات ذهبية كفنا لهم. فتراءى له في الحلم احد الشبان يقول: "من التراب تنبعث الاجساد وليس من الذهب والفضة، فاتركنا بمغارتنا، على التراب راقدين!" فامر الملك بان يوضعوا في توابيت ترابية يزينها الذهب. واقر مجمع الاساقفة في القسطنطينية عيدا عظيما لذكرى هؤلاء القديسين.

خاتمة: هذه القصة هي من ضمن قصص الادب اليوناني المسيحي في القرون المسيحية الاولى، وقد كتبت لندافع عن العقائد الايمانية المسيحية الاساسية مثل القيامة، وكنيستنا الكلدانية تعرف هذه القصة ايضا وكانت تحتفل بها في يوم 4 تشرين الأول/ أكتوبر حيث يطلق عليها "عيد الفتيان الثمانية من أفسس" طبقاً لكتاب شهداء المشرق في قائمة الأعياد والتذكارات المأخوذة من تقويم قديم كان محفوظا في دير مار يعقوب الحبيس بجانب سعرد (تركيا)، وآخر مُدرَج في أنجيل قديم كان محفوظا بالقلاية البطريركية الكلدانية في العراق! منقول مشكور كاتبه الأب الموقر فيليكس الشابي

أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”سيرومعجزات القديسين“