حذار من الثعالب الصغيرة بقلم بنت السريان

صورة العضو الرمزية
بنت السريان
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 715
اشترك في: الجمعة يناير 15, 2010 9:27 pm

حذار من الثعالب الصغيرة بقلم بنت السريان

مشاركة غير مقروءة بواسطة بنت السريان »


حذار من الثعالب الصغيرة
بقام بنت السريان

بدأت شمس الاْصيل تتوارى خجلة وراء الافق البعيد, توّدع نصف عالمنا الارضي,
في زيارة حتمية لها للنصف الآخر من الكرة الارضية, ونحن نرقب أختفاء قرصها الذهبي تدريجيا ,وقد أطبق الصمت على جميعنا.
فروعةالمنظر, روعة تفوق أن يرسمها رسام عبقري,أويترجم مكنوناتها إنسان ترابي.
خرجت من صدري حسرة, أحسست بحرارتها تلذعني ,و كآبة إجتاحت كياني ,لعلّي هكذاترجمت نهاية عمرالإنسان,فالمسألة حتمية ولا إرادة لنا فيها.
تساؤلات هاجمتني, ترى ! ما هذا الكون العجيب.
أخذتِ السماء تزهو بحلتها,وكأنّي بها عروس بدأت تلبس ثوب عرسها,نجوم تعبّر عن فرحتها ,تتحاكى بصمت لا تسمع نبرات حديثها,والأفلاك تسير في مداراتها,لا تتعدى حدودها,وقمر تربّع كبد السماء, نوره يشق عتمة الليل,يرشد من أضاع السبيل,ويكون له هدى ودليل.
سبحانك يارب كم أحببت البشر؟!!
حان موعدالصلاة , إجتمع الكل لسماع تلاوة الأنجيل, وموعظة اليوم قبل ان نخلد للنوم,والموعظة كالعادة مباراة بين الأعضاء, في اكمال النص والفائدة المرجوّة منه, وقوة التعبير والتأثير في السامع .
عصّت قاعة الدير بالزوار من جميع الفئات,وعلى غير عادتنا تقدّم عجوز كهلٌ وقال :
إسمحوا لي سأقول اليوم كلمتي وإن لم أكن في الحسبان,من يدري قد تشيعوني غدا إلى مثواي الأخير.
إشرأبّت الاْعناق لمشاهدة المتكلم , والدهشة مرسومة على محيّاالحاضرين,الكل أعطى أذانا صاغية, ولسانه قد أُلجم عن الكلام ,ينتظر موافقة رئيس الدير, تمت الموافقة وابتدأ الكهل بالحديث قائلاٌ:
آه ياأحبائي, حذار من الثعالب الصغيرة, تلك التي تعمل في الخفاء,
وما أدراك ما الثعالب الصغيرة؟!
تلك التي أحاطتني من كل صوب دون أن أدري, قادتني إلى المهالك في غفلة مني,حولت حياتي إلى جحيم , أسلحةخفيّة لم يفطن لها الإنسان .
أبليس ذكي بما فيه الكفاية ,إنه يعلم أنّ اسلحته المكشوفة, قد يُعِدّ لها الانسان العذّة ويحتاط لها,فالخطايا الظاهرة والمعروفة,
لا تقتل- لا تزن- لا تسرق - وصايا الله العشر المدونة,قد يتسلح الانسان بمضاداتها
ويكون في حذر منها.
لذاأطبق قبضته ,في توجيه الثعالب الصغيرةالمستترة, تحت عباءة مزركشة تبهرالعين ما
أن يرتديها الانسان,إلا ويرى نفسه وسط شبكة صيد مجكمة ,أعدها ابليس لا مناص منها,
ويصبح في ورطة ويندم ولات ساعة مندم ,ويكون قدأساء لأخ له وأحزنه ,أو ألحق الضرر به من حيث يدري ولا يدري.
وثعلبٌ آخر,
يعطيك من طرف اللسان حلاوة,,,,,,,,,ويروغ منك كما يروغ الثعلب
يأخذك بالمدح والثناء ويحفر لك ابارا لا ماء فيها.
وصغير آخر من ثعالب ابليس,يوهمك بتصنّع البراءة,
- وكثيرا ما تحصل -
فتوعد أخاك الذي إحتاج إليك,وينتظرك ساعات ,وأنت على علم, من انّك اخلفت الوعد
تهربا ,او عدم رضا بالمساعدة ,لكذا سبب, او انه ليس من الوجهاء ,وعندما يعاتبك تقول له لقد نسيت .
ولكي تقنعه ومما يزيد في الطين بلّة,تقسم اليمين على ذلك ,هل رايت أغرب من هذه الثعالب, التي توقعك في شرك الخطيئة ؟!!!!!!
وهنالك الثعالب الأقوى شراسة , تلك التي توغر صدرك بالحقد والحسد والكراهية,
لا لسبب يذكر بل لمجرّد أن صاحبك ,سعيد بحياته, مرموق في مجتمعه ,متمسك بإيمانه مستقيم في سلوكه, ومحبوب لدى الجميع .
وبدل ان تشارك الجميع بمحبتك له ,وتنسج على منواله كي تكون احسن منه, يلجأابليس لان يوغرصدرك ضدّه,فتتحين الفرص للايقاع به ,أو تحاول أن تجدشيئاً ما يعيبه,كي تشاهر به, فيكون أسوأ جرم تقترفه في حياتك ودون أن تدري.
أتر كم سيّء أنت أيّها الإنسان!!!!!!!!!!
و ثعالب أُخر كثيرة فلا تملّ من الاستماع, لكن واجه حقيقتك وتأمل في مصيرك,
مؤامرات الناس الأشرار الخفية’عليك ان تميّزها,عليك ان تحاجج نفسك وتحكّم ضميرك أولا .
اليس خلقك الله إنسانا عاقلاٌ ومخيّرا ,لمَ تكون تابعا لغيرك وتمحي شخصيتك!!!!
ثمَّ مأسي الحياة وعاديات الزمن ,إن لم تتصرف بحكمة إزاءها, قد تقودك لاقتراف أبشع الخطايا.
أحبّائي
ليجلس كل منكم وليتأمل, نوع الثعالب التي توسوس في صدره, وليأخذ منها الحذر
قبل ان تهلكه .
الخطايا المستترة انت فقط تعلمها,لانها في داخلك مخفية, وهي الثعالب التي أقصدها في حديثي.
ومن هو ساهر لا ينام ,إلهك الذي قال كل كلمة بطّالة عليها دينونة ,وستدفع عنها حسابا يوم الدين,هو يعلمها , تصنعها في الخفاء لكنّه يراها.
لذا انصحك بالكتاب المقدس,
عليك به فهوصالح للتعليم وللتوبيخ,لانه موحى به من الروح القدس .
تركَنا العجوز ونحن في وجوم وتأمل لما سمعنا منه ,فقد أيقظنا من غفوة كان لابد لنا من ان نستيقظ منها .
عزيزي القاريء
في اليوم الثاني استيقظنا مبكرين , على صوت دقات الناقوس الحزينة المتقطّعة,والتي تعلن رحيل أحدهم إلى الآخرة , لقد كان فعلا واعظنا العجوز الذي وعظ بنا يوم أمس,
وكأني به قدتنبّأ بموته ,كما قال لنا في بداية حديثه.نعم إنّه قد رحل.
وهكذاكلنا سنرحل,لذا علينا قبل ان يأتي الاجل, ان نتخذ مما نسمع لانفسنا العبر.
cro2:

بنت السريان
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى بنت السريان“