حذر بعض أساتذة المخ والأعصاب من التأثير السلبي الكبير لبعض الاهتمامات والأنشطة التي يحرص معظم المراهقين على مزاولتها، وعلى رأسها ألعاب الفيديو ومشاهدة التليفزيون، ووصفوها بـ "أسوأ" الأنشطة لأنها تضر بنمو وتطور المنطقة الأمامية من القشرة المخية لدى المراهق.ففي أحد الأبحاث المهمة التي أجريت على منطقة الفص الأمامي لقشرة مخ الإنسان في مرحلة المراهقة، أظهرت النتائج حقائق تدعو للدهشة. فهذه المنطقة تمر في مرحلة المراهقة بتغيرات وتطورات تشبه نمو وتطور المخ في السنوات الثلاث الأولى من عمر الإنسان.
ولذلك يحذر الخبراء من أن الاهتمامات والأنشطة التي يمارسها المراهق في هذه المرحلة الفاصلة من نمو المخ، قد تؤثر بشكل جذري – إما سلبا أو إيجابا- على أداء المخ مدى الحياة. وحذر أساتذة المخ والأعصاب تحديدا من بعض الأنشطة كمشاهدة التليفزيون وألعاب الفيديو لأنها قد لا تساعد على تحفيز خلايا المخ بالشكل المطلوب لتحقيق القدر المطلوب من التعلم والنجاح مستقبلا.
معلومات عن الفص الأمامي للقشرة المخية
يقع الفص الأمامي للقشرة المخية خلف جبهة الإنسان مباشرة، وغالبا ما يطلق عليه "العقل المفكر"، فهو المنطقة المسئولة عن مهارات التركيز عالية المستوى مثل حل المشاكل والحكم على النتائج والتحكم في الانفعالات.
نمو القشرة المخية الأمامية في مرحلة الطفولة
ينمو المخ بمعدلات كبيرة جدا خلال العام الأول من عمر الإنسان، فينتج مخ الطفل في هذه المرحلة العديد من الخلايا العصبية كما يحقق تواصلا فيما بينها. وكلما استخدمت هذه الخلايا العصبية والجسور الموصلة بينها بكثرة ازدادت قوتها وارتباطها بشبكة العمل التي تجمع بين أجزاء المخ المختلفة. وبعد هذه الطفرة المبدئية من النمو لا يتم استخدام هذه الخلايا العصبية النشطة والروابط الموجودة بينها بشكل دائم. ومع مرور الوقت تضمر هذه الخلايا العصبية وبالتالي لا تدخل في التكوين الدائم للمخ.
وفي عمر الثالثة، يكون المخ البشري قد اختار الخلايا العصبية التي سيحتفظ بها ويوظفها مستقبلا، ويتجنب أخرى لم يتم استخدامها لفترة طويلة فضمرت واتخذت طريقها للتلاشي.
القشرة المخية الأمامية في مرحلة المراهقة
توصل العلماء من خلال بحث شامل أجري على المراهقين، وتم من خلاله عمل مسح ضوئي شامل ودقيق للمخ، أنه بحلول العام العاشر من عمر الفتيات والثاني عشر من عمر الفتيان، يعود المخ لتكثيف إنتاج الخلايا العصبية مرة أخرى كما فعل في فترة الطفولة المبكرة، وفي هذه المرحلة تحدث نفس العملية التي وقعت في السابق، فتواصل الخلايا والروابط المستخدمة نشاطها وتطورها، بينما تضمر أخرى تم إهمالها ولم تستخدم بصفة دائمة.
علاقة اهتمامات المراهق بتطور مخه
يتضح مما سبق أن المراهق هو الذي يقرر ويختار أي الخلايا العصبية يحتفظ بها مخه ويطورها ويواصل استخدامها، وأيها يهملها المخ ويتركها جانبا حتى تضمر وتذهب بغير عودة لعدم الحاجة لها. وهذا يتحدد ببساطة من خلال اهتمامات المراهق والأنشطة التي يواظب على أدائها كجزء من نمط حياته اليومي. فلو اختار المراهق التركيز على مشاهدة التليفزيون وممارسة ألعاب الفيديو لساعات طويلة يوميا، فإن خلاياه العصبية التي يستخدمها في ممارسة هذه الأنشطة هي التي ستنشط وتبقى.
ولكن ما هي الأنشطة المفيدة لنشاط المخ وتطوره؟
يرى الباحثون أن أفضل الأنشطة التي يمكن للمراهق ممارستها لتنشيط وتطوير مخه تتضمن الأنشطة البدنية والتعليمية والفنية، ولذا فإذا اقتصر اهتمام المراهق على أنشطة أخرى غير مفيدة بنفس الدرجة مثل مشاهدة التليفزيون وممارسة ألعاب الفيديو (والتي لها سلبياتها غير الهينة أيضا) فإن الخلايا العصبية المسئولة عن الإبداع والتفكير وغيرها ستضمر لعدم استخدامها بالدرجة المطلوبة.
