من ايامنا الشبابية الثورية

حنا لبيب خوري
مشرف
مشرف
مشاركات: 163
اشترك في: السبت مارس 28, 2009 9:59 am

من ايامنا الشبابية الثورية

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا لبيب خوري »

كنا في ريعان الشباب وفي الثامنة عشرة من اعمارنا وكانت تلك المظاهر السياسية القوية الجارفة والأحزاب التي كانت تنمو وتكبر وتتسع جماهيريتها في قلوب الشباب حتى كنت ترى في الستينات من القرن الماضي احياء كاملة تكون في شعبية الحزب الشيوعي والحي المقابل في خانة البعث وتلك المنطقة اخوان والأخرى القومي السوري او الوطني .
كانت فورة سياسية لم نشب او نتراهق في التسكع في الشوارع ونسترق النظر الى الفتيات كانت هذه الطرق غير محببة لدى شباب جيلي بل كل ما هنالك كنا نشارك وبقوة في اية ندوة سياسية او تجمّع او مسيرة او مناظرة بين هذا الحزب او الآخر مثقفين ومطّلعين على ما كتبه الفلاسف من ماركس وانجلس وعفلق وسعادة والعطار لنناقش على قدر ما نستطيع .. كانت تلك السنين مشبعة بالحرية وحرية التظاهر ... وقل ما تشاء وناشد الجهة التي تريد هنا الهتافات في صالح الغرب وهنا للاشتراكية وهنا للعروبة وتلك للهلال الخصيب وبعدها للعيش في ظل التعاليم الأسلامية .
كان من مدينتي القامشلي شاب فلسطيني ثوري مناضل اصبح له تاريخ في الحياة الفلسطينية رافق عرفات وكان له المرافق الخاص وقتل في احد المخيمات في لبنان . نعم كنا اصدقاء كان قد فهم من يومها اللعبة السياسية في الوطن العربي ... والتي بدات تنكشف هذه الأيام .
في احدى المظاهرات قال لنا ... ردّوا على ما اهتف بكلمة واحدة فقط ــــ عربيــــة ـــ حملناه على الأكتاف لحلاوة صوته وقوته لم يكن حينها لا مكرفونات ولا اي شئ يضخّم الصوت سوى قوة الحنجرة ولقدرته كان باستطاعته ان يهتف طوال اليوم فلو كانت يومها مجموعة جينس لكان احد ابطالها . حملناه من قبالة البلدية وباتجاه السبع بحرات وبدأ يهتف ونحن نعيد وراءه بكلمة ــ عربيـــة ــ وجعل يعيد اسماء ويعدد اسماء الدول العربية كلها وبعد ان انتهت نظرنا اليه مستفسرين عن مغزى هذه الهتافات فلم يلتفت الينا وتابع موشّحه ونحن نرد عربية و .. فلسطين .. عربية وهكذا حتى وصلنا الى مبنى القامقامية اعتقد الآن هو مقر شعبة الحزب . انزلناه وقلنا له الا يوجد لديك من الهتافات غير هذه الأسطوانة ؟؟؟ رد علينا قائلا .. وستبقى هذه الأسطوانة لأن قادتنا سيحكموننا بها .
نعم كانت هذه حكمة صديقي يومها . وفي ذكرى وعد بلفور وباعتباره فلسطيني لكنه يعيش هو وأفراد عائلته في مدينتنا .. اجل في تلك الذكرى ونحن نستنكر المناسبة ونشتم بلفور وابو اللي خلّف بلفور وننادي بأقوى حناجرنا يسقط وعد بلفور ... يسقط وعد بلفور .. وترد علينا الجماهير بصوت اقوى .
اقترب احد اصدقائنا من الريف البدوي لكنه يدرس في الثانوية وتبرّع ان يشارك هو ايضا بهذه المناسبة ورغب في ان يندد ببلفور واقترب من صديقي الفلسطيني طالبا المساعدة في مشروعه وبعد ما همس صديقي في اذنه واشعل حماسه واعطاه زخما قوميا واندفاعا وطنيا حملنا البدوي على الأكتاف وبدا يهتف
يسقط ... واحد .. من .. فوق . يسقط .. واحد .. من .. فوق .
كانت المفاجأة فالفوق في الشرفة المطلّة على الجماهير المحتشدة كانت تجمع كافة مسؤولي المنطقة من مدير المنطقة وقائد الدرك وممثلي الأحزاب وقادة المباحث وبعض الشخصيات السياسية . ولم يمضي دقائق حتى حاصرتنا الشرطة واخذتنا جميعا الى المخفر حيث امضينا ليلتنا هناك بعد ما حققوا معنا ومن هو المقصود بانزاله من فوق .
ولم يطلقوا سراحنا حتى تأكدوا ان صاحبنا من شدة ادفاعه ووطنيته البالغة اختلط عليه المعنى فبدلا من ان يسقط وعد بلفور كان يسقط واحد من فوك
نعم كانت ايام نضالية ووطنية وثورية
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الأدبي و الثقافي“