كلمة الأب طوني دوره في أمسية الصلاة من أجل السلام في سوريا

المشرف: ابو كابي م

صورة العضو الرمزية
ابو كابي م
مشرف
مشرف
مشاركات: 2136
اشترك في: الثلاثاء يناير 26, 2010 10:00 pm

كلمة الأب طوني دوره في أمسية الصلاة من أجل السلام في سوريا

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو كابي م »

كلمة الأب طوني دوره في أمسية الصلاة من أجل السلام في سوريا
صورة
أيُّها السُورِيُّونَ الشُرَفاء، يا أبناءَ قَومِي وَجِلدَتِي وَأُمَّتِي:
بِالفِصحِ الماضِي، تَوَجَّهتُ بِالمُعايَدَةِ إلى إسلامِ سُورِيا: مَسِيحِيِّينَ ومُسلِمينْ! إيمانًا مِنِّي أَنَّ المَسِيحِيَّ مُسلِمٌ إلى اللهِ بِإنجِيلِهِ، والمُسلِمَ هُوَ للهِ بِقُرآنِهِ.

وهَا إِنِّي اليَومَ، أَتَوَجَّهُ بخطابي إِلى مَسِيحِيِّي سُورِيَا، وَلَكِن أَيضًا: مَسِيحِيِّينَ وَمُسلِمِين! فَعِندَمَا أُخاطِبُكُم بِكَلِمَةِ "سُوريّ"، أقصد اللَّفظَةِ التي ظَهَرَت في التارِيخِ وَأُطلِقَت على مَن اعتَنَقَ الإيمانَ المَسيِحِيَّ مِن أجدادِنا الآرامِيِّين، وهُم أسلافَنا مِنَ السُورِيِّينَ الأصلِيِّين.

وَلأَنَّ المَسِيحيَّةَ هي وَليدَةُ أصالَةِ الوُجدانِ الرُوحِيِّ السُورِيِّ، قَبلَ أن تكونَ دِيانَةً عالَمِيَّةً: فَإنِّي أقولُ لكُم انَّ كُلَّ السُورِيِّينَ هُم "مَسِيحِيُّونَ" بِأَصالَةِ وُجدَانِهِم المَورُوث. والمَسِيحِيَّةُ بِهذا المعنى، لَيسَت دِينًا و معتقد، بِقَدرِ ما هِيَ رُوحانِيَّةٌ تَتَجَسَّدُ قِيَمَ ثَورَةِ المَحَبَّة، بِأدواتِ الحقيقَةِ والمُساواةِ والشفافِيَّةِ والعَدالَةِ الاجتِماعِيَّةِ، واحتِرامِ الخُصُوصِيَّةِ، لِتُشرِقَ شَمسُ الحُرِيَّةِ على ظُلُماتِ الفَسادِ والإلغَاءِ والطائِفِيَّةِ. وهُنا فَقَط، يَشهَدُ عِندَها التارِيخُ لِلسُورِيِّينَ أنَّهُم مَن أسلَمُوا حياتَهُم إلى اللهِ، فَسَلَّمَهُم اللهُ سَلامَهُ.
إنَّ الحَربَ التي فُتِحَت على سُورِيا، لم تكُن حَربًا على نِظامٍ، أو على أَشخاصٍ، بِقَدرِ ما هِيَ حَربٌ لإسقاطِ سُورِيا الحالة "سوريا الحُضورٍ، و سوريا َكَنزِ التارِيخْ".

فَسُوريا، كنزٌ بخيراتِها وثروَاتِها وموقِعِها، والأَهَمُّ والأغلى، أنَّ سُوريا كنزٌ بِأصالَةِ وُجدانِ إنسانِها. هذا الوُجدانُ الذي شَكَّلَ تارِيخَهُ، فأظهَرَ تاريخ إنساننا، لا بِالحُروبِ و لا باغتصاب الحقوق، وَلا بِسَفكِ الدِماءِ، التي ارتُكِبَت، وما زالَت تُرتَكَبُ، بِحَقِّ شَعبِنا؛ وإنَّما بِقُوَّةِ إنسانِيَّةِ تارِيخِنا، الذي غَزَا غُزاتَنا ثقافَةً وَحَضارَةً وَتَعَدُدِيَّةً، فَغَدا هذا الكُلِيُّ المُشتَرَكُ السُورِيُّ، عابِرًا لِلثقافاتِ والحَضاراتِ والاختِلافاتِ و الديانات و المذاهب، لِيُؤَلِّفَ الحالَةَ السُورِيَّةَ، العَمِيقَةَ وَالمُؤَثِرَةَ، لِحِراكِ البشرية.

هذَا ما استُهدِفَ لأَجلِهِ وَطَنُنا. إنَهُ استِهدافُ التَعَدُّدِ لصالِحِ العَدَدِيَّةِ، واستِهدافُ الأَصالَةِ لِصالِحِ الأُصُولِيَّةِ، واستِهدافُ عِزَّتِنا الوَطَنِيَّةِ و كرامتنا لِصالِحِ العُبُودِيَّةِ والتَبَعِيَّةْ!

نقولُ لِهَؤُلاءِ، مِن كَنيسَةِ الصَلِيبِ المُبارَكَة:
لَسنَا تَبَعِيِّينَ نَفعِيِّينَ! ولم نكن مستزلمين وصوليين وَلَن نَكُونَ مُستَذَلِّينَ ذُمِيِّين! وَلَن نَعرِفَ هُوِيَّةً إلاَّ "سُورِيِّينَ وَطَنِيِّين"!
لِذا أقُولُ لِنُسُورِ سُورِيَّا: آنَ أوانُ استِنهاضِ الهِمَمْ، وتَحرِيرِ الإراداتِ الخَيِّرَة، وإعمالِ العُقُولِ النَيِّرَة، وتَفجِيرِ طاقاتِكُمُ الوَفِيرَةِ لاستِنهاضِ القِيامَةِ السُورِيَّةْ! فَالشَعبُ الذي أنتَجَ أسطُورَةَ العَنقاءِ المُنبَعِثَةِ مِن الرَمادِ، واحتَضَنَ قِيامَةَ حَقِيقَةِ الحُرِيَّةِ المَسِيحِيَّةِ، وعَولَمَ الإسلامَ شَرقًا وغَربًا، مِن عاصِمَةِ الأُمويِّينَ الدِّمَشقِيّة: لن يَغفُرَ لهُ التاريخُ إجهاضَ الوِلادَةِ الجديدةِ لِمَهدِ العالَمِ: سُورِيّا.

لِذا، أدعُو الشَبابَ السُورِيَّ، بِكُلِّ أطيافِهِ، لِلإِنخِراطِ بالعَمَلِ السِياسِيِّ الحضارِيِّ والجادّْ، يدًا بِيَدْ، مُعتَمِدِينَ ثقافَةَ الحِوارِ، لأنَّنا شعبُ "الكلِمة" وهذا أغلى ما نملك. فَبـ"الكلمة" أوجدَ اللهُ العالَمَ في إنجيلِ يُوحنّا، وَبِكلِمَةِ "إقرَأ" بَدَأتِ الرِسالَةُ المُحَمَدِيَّة.

أيُّها السُورِيُّونَ الأعِزَّاء:
نحنُ مُقبِلُونَ على استِحقاقاتٍ كُبرَى. وعلى وِلادَةِ حياةٍ سِياسِيَّةٍ، شكلُها ومَضمُونُها رَهنُ خَيَاراتِنا. (فَعُوُا) و تيقظوا جَسامَةَ ما نحنُ مُقدِمونَ عليه.ليسَ من المقبُولً بأحدٍ التخاذُلُ أو الإنسِحابُ أو السَلبِيَّة. فَإنَّ إرادةُ اللهِ قد شاءَت أن نقِفَ اليَومَ على مفاصِلِ تارِيخِ هُوِيَّتِنا الوطنِيّة! فالشُعُورُ الطائِفِيُّ الإنعزالِيُّ، مَغلُوطٌ! والكلامُ بِالعَدَدِيَّةِ مَرفُوضٌ! فلا أَحَدَ يستَطيعُ أن يُلغيَ أحدًا، لأنَّ صرحَ الوطنِ يقُومُ على أعمِدَتِهِ المُختَلِفة، وسُقُوطُ أحدِها هُوَ سُقوطُ الصرحِ على الجميع. لِذا، الكُلُّ أعَمُّ من الجِزء، و حياة الجزء بحياة الكل.
أما لمدّعي الدفاع عن الله أقول لهم دعوني أرى حميتكم للإنسان الذي تروه لأصدق دعوتكم في حب الذي لا تروه ،فأديانُنا ستبقى بِمورُوثها المُقدَس، موضع استِلهامِ الأخلاقِ، ومعيارَ الأداءِ الضمِيرِيّ، لِمُجتَمَعٍ لن يُبنى إلاّ على هُوِيَّةالمواطنة فالدِينُ جِزءٌ مُقَدَّسٌ منها، والوطنُ هُو كُلِّيَتُها.

فنحنُ إن كُنّا مسيحيينَ مما يزيدُ على ألفي عامٍ، ومُسلِمينَ بما يزيدُ على ألفٍ وأربَعِمائَةِ عامْ، فنحنُ سُورِيِّينَ مُنذُ أكثَرِ من عَشَرَةِ آلافِ عامْ.

لذا، أقيمُوا وُرَشَ العملِ، واستَنسِبُوا الأدواتِ الأَنجَعِ في إدارةِ الحِوار، واستَبطِنُوا مِن كَنزِ الكلِمَةِ الحضارِيِّ في بَواطِنِكُم، واغتَنُوا بِاختِلافَاتِكُم، وكامِلُوا مَواهِبَكُم، واطَّلِعُوا على تجارِبِ الآخَرِين، لِتَدعَمُوا تجرِبَتَكُم، وَتُنهِضُوا سُورِيَّا: بِنضال أبنائِها، وإحياءِ تارِيخِها.

لِتَحيَوا. وتَحيا سُورِيا

الأب طوني دوره
دمشق 23/6/2011
ابوكابي م
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الديني العام“