"دير مار موسى" ملتقى الثقافات والأديان

المشرفون: ابو كابي م،مشرف

صورة العضو الرمزية
ابو كابي م
مشرف
مشرف
مشاركات: 2136
اشترك في: الثلاثاء يناير 26, 2010 10:00 pm

"دير مار موسى" ملتقى الثقافات والأديان

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو كابي م »

"دير مار موسى" ملتقى الثقافات والأديان صورة
2011-07-25
على بعد /17/ كم من بلدة "النبك" في ريف "دمشق"، يقبع "دير مار موسى" ضمن سلسلة "جبال القلمون"، ومنذ إعادة اكتشافه قبل نحو /30/ عاما أصبح الدير مكانا للحوار بين الأديان والثقافات.


الراهب "بطرس عبو" يعيش في هذا الدير منذ حوالي /15/ عاماً روى لموقع eDamascus الرواية الشعبية لهذا الدير: «يعود دير مار موسى الحبشي إلى القرن الثالث الميلادي فقد كان برجاً رومانياً جاء إليه "موسى ابن ملك الحبشة" هرباً من بطش أبيه حيث مرَّ بعدة مناطق قبل وصوله إلى هنا وكان مقتله في هذا المكان على يد جند أبيه وبقي جثمانه فيه، حتى أصبح بعد ذلك مزاراً دينياً يقصده المؤمنون وديراً لطلاب السكينة من الرهبان والمتزهدين، ثم هُجر الدير وطُمست معالمه في القرون الماضية حتى إنه أصبح مكاناً يزوره الرعيان مع أغنامهم».

من "روما" محملاً بحكايات الشرق القديمة وصل إلى "دمشق" المُستشرقُ الشاب "باولو اليَسوعي"، وبعد دراسته للأدب العربي في "دمشق"، اتجه "باولو" إلى "دير مار موسى" صيف عام /1982/، طالباً قضاء عشرة أيام فيه من أجل خلوة روحية، ثم بدأ بتنظيم عملية ترميم الدّير في صيف عام /1984/ بالتعاون مع البعثة الإيطالية- السورية والفاتيكان. وقد تطوّع الكثير من الشبان للمُساهمة في أعمال الترميم وأمضَوا وقتَهم بين الصلاة والعمل.

استمر ذلك النشاط - حسب الوثائق الموجودة بالدير- حتى صيف عام/1991/، حيث بدأ الأب "باولو" بإعادة الحياة الرهبانية إلى هذا المكان مع الشّماس الحلبيّ "يعقوب مراد".

ويتحدث الراهب "عبو" عن رسائل "دير مار موسى": «اختصر لك رسائل الدير بكلمات قليلة: الضيافة الإبراهيمية؛ التأمل؛ العمل اليدوي؛ تفاهم الأديان، حيث يؤم هذا الدير أشخاص من جنسيات وأديان متعددة يشاركوننا حياتنا اليومية ونشاركهم ثقافتهم والحوار معهم».

الكنسية التي تقع في قمة الدير هي محور حكايته بسبب أهميتها التاريخيّة وقيمة الرسوم الفنية الدينية الباقية منذ مئات السنين، تحدث عنها الراهب فقال: «على جدران
الأب "باولو"
الكنيسة يوجد ثلاث طبقات من اللوحات وهي فن إسلامي وبيزنطي وسرياني في الوقت ذاته، الطبقة الأولى تعود إلى /1058/ ميلادي أي منذ إنشاء الكنيسة ومنها لوحة "مار الياس الحي" وتعد لوحة الدينونة أهم لوحة في صدر الكنيسة وهي الأكثر وضوحا من بقية اللوحات».

ويوجد في قلب الكنيسة لوحات مخططة لآيات من القرآن الكريم كآية "بسم الله الرحمن الرحيم" الموجودة عند مدخل الكنيسة، فالرهبان هنا يعتبرونها افتتاحية دينية لجميع الطوائف وتكريساً لحوار الأديان كما يقول الأب" باولو" رئيس الدير ويضيف حول فلسفة الدير: «إن أُولى الأولويات الثّلاثة في هذا التأسيس المُجدَّد، هي استعادة اختبار المعنى المطلق للحياة الروحية في حياة الصّلاة بتمام المجانية، حيث شكَّلَ هذا الديرُ السرياني القديم شهادةً فعّالةً لقيمة الحياة الروحيّة في ماضي هذه المنطقة، أمّا الأولويّة الثانية، فهي الحاجةُ إلى خلق نوع من حياة رهبانيّة تعبِِِّرُ عن البساطة الإنجيليّة، التي يتجسّد فيها سويّةً التّناغم مع البيئة الطبيعيّة من جهة، والمسؤوليّةُ تِجاهَها وتِجاه المجتمَع المحيط بها من جهة أُخرى. ما يدعو إلى إعادة اكتشافِ قيمة العمل اليدويّ مع قيمة الجسد والأشياء، في سبيل إظهار جماليّة ملؤها الإنصاف والمجانيّة، والأولويّة الثالثة هي الضّيافة. فقد كان لممارسةِ الضيافة الإبراهيميّة معنىً مقدّساً لدى الرّهبان القدماء، بناء على قيمة اعتبِرت ربّانيّة في هذه المنطقة عبر العصور».

واختار جماعة الدير اللّغة العربيّة كلغة للرهبان في الحياة الاجتماعيّة والتعبّدية وقد أدّى هذا إلى إنشاء مكتبة مختصّة لخدمة الباحثين والمدرّسين في ميدان الحوار بمساعدة عددٍ من أصدقاء الدير. ولا تقتصرُ مواضيعُ الكتب المقتناة على المجالات التقليديّة في العلوم الدينيّة المسيحيّة أو الإسلاميّة، بل تشملُ العلومَ الإنسانيّة أيضاً، وقد نظمت جماعة الدير العديد من الندوات
اللوحة الجدارية داخل الكنيسة
الحوارية حتى الأمسيات الموسيقية التي تعبر عن ثقافات متعددة.

يختار الكثير من الشبان والشابات العيش لفترات متقطعة في هذا الدير منهم من يأتي لقضاء خلوة في الجبال حيث تنتشر غرف صغيرة للتأمل في أنحاء الجبال المحيطة بالدير، ومنهم من يأتي للعمل بالدير، "سمر قزعور" إحدى الشابات التي عاشت بالدير وعملت في تنظيم مكتبته وقالت: «المكتبة تضم كمية كبيرة من الكتب منها منشورات تصدر في البلاد العربية وأخرى من الدول الأجنبية باللغات العربية والانكليزية، الفرنسية، الإيطالية، الفارسية، الصينية، وغيرها، وفيها نظام تصنيف يراعي موضوع الكتاب واسم المؤلف وبعضها حسب دار النشر، وتضم المكتبة صحفاً ودوريات ومجلات، أشرطة فيديو، موسوعات عربية وأجنبية البعض منها نادر، والموضوعات أغلبها يهتم بالحوار المسيحي- الاسلامي، من لاهوت، تصوف، تفسير القرآن الكريم، أدب عربي، أدب أجنبي، وكتب في مجال الزراعة، تربية المواشي، وكتب قانون».

تشعر "سمر" بأن المكان هنا بيتها: «هو مكان يسكن في داخلي، وجماعة الدير هم عائلتي وأصدقائي لم أغادره يوماً خالية الوفاض، كرم أهل المكان، ابتسامتهم، عملهم الجماعي، إسلوب حياتهم، بساطة معشرهم، الأب باولو رئيس جماعة دير مار موسى، الرائع بكل تفاصيله واسلوب تفكيره وإرشاده».

أبواب الدير مفتوحة للجميع فهو يستوعب حوالي /200/ شخص كمقيمين بذات الوقت ويوم الجمعة أحيانا يصل العدد إلى /1000/ زائر بين سائح ومصلّ ومستشرقين يأتون لقضاء خلوات روحية فالجنسيات هنا متعددة.

الدير مادياً يعتمد على شقين كما صرح الأب "ميشيل طعمة" وهو أحد الذين أقاموا بالدير لأكثر من ثلاث سنوات: «الشق الأول التبرعات الداخلية والخارجية من صندوق التبرعات الموجود على باب الدير إلى التبرعات والرعاية التي تأتيهم من هيئات أوروبية».

ويضيف: «ثقافة العمل اليدوي هي السائدة هنا

فنحن نستقبل جميع الناس ونجعلهم يشاركوننا طقوسنا وصلاتنا لكنهم يشاركوننا العمل اليدوي والإنتاج حتى تتم المشاركة الكاملة ونشعر بقيمة العمل. ومن أشكال هذه الأعمال رعاية بعض الحيوانات وتربيتها كالغنم والماعز والزراعة والمساعدة في صناعة الجبن داخل معمل خاص بأدوات بسيطة في الدير».


ابوكابي م

العودة إلى ”مواقع ومدن تاريخية“