يا ما أحلى الأمّية بقلم حنا لبيب خوري
مرسل: السبت سبتمبر 01, 2012 8:30 am
كنا أكثر من صديقين قريب جدا من العائلة حتى الخصوصيات لم تكن سرية بيننا ،عملنا واستراحاتنا ،أوقات فراغنا ،وعطلنا كن نقضيها سوية ،إذا احتاج أحدنا لأي شيئ صديقه يقوم بما يحتاج.
كان رب عائلة بكل معنى الكلمة ، لا ينقصه شئ سوى أنه أمي اي لا يعرف الكتابة لا القراءة .حالته المادية لا بأس بها ،رجل في مستوى العمر ،تخطى الأربعين من العمر ، ثلاثة أولاد من ألمع طلاب المدرسة .زوجته مثال للأم الحنون، محبة لأصدقاء زوجها .مرحة النفس ،عاشقة الفرح والسرور ،لا تعقيد في حياتها مع العلم أنها متعلمة وزوجها أمــــي.
أذكر أنه عندما فتح باب التسجيل لفصل محو الأميـة ذهبنا وسجلنا اسم صديقي وكم كان منظره رائع وهو حامل للدفتر والكتاب والقلم ـ ابو المحاية ـ .وما أجمل صوته وهو يغرد عـاد عـيد عـود.
أخبتني زوجته يوما أن الصغير مريض وزوجها في مهمة لن يعود حتى المساء ،فأسرعت وأخذناه الى الطبيب المختص ،وبعد فحص الولد خرجنا بنتيجة ان الولد لديه بعض الإلتهابات في الأمعاء ،كتب لنا وصفة وخرجنا وبعد مرورنا الى الصيدلية وأخذ الدواء قصدنا البيت.
دخلنا البيت وما إن جلسنا حتى أقبل صاحبي مسرعا بعد أن ابلغوه أن ابنه مريض. سألنا عن النتيجة ولما ارتاح نفسيا جلسنا للغداء .ونحن نتسامر نهض صاحبي وعزيزي عن الطاولة وإتجه الى علبة الدواء وفتح العلبة ،وتمسك بالورقة المرفقة في العلبة التي تشرح ما هي تركيبة الدواء وكمية إعطاءه وأين صنع ..
لاحظت امرا غريبا على صديقي ، أمسك الورقة وقلبها رأسا على عقب ، وتمتم شيئا لم أفهمه .ثم عدل الورقة وقربها الى عينيه مع ذلك لم يصل الى نتيجة
جال نظره فينا كمن يبحث عن منقذ لم نفهم قصده سألته هل هناك أمر ما ؟قال لا فقط أريد أن استعلم عن الدواء. هنا أراحني جوابه كوني أعلم أنه طالب في مشروع محو الأمية .وعدنا انا وزوجته للحديث وهو يجري تجاربه اللغوية على تلك الورقة .
وبينما نحن هكذا حتى رأيناه وبصوت عال وجهوري يقرأ لنا كمن كمن يقرأ نشـــرة أخبار...
در من در درمان بها خطات ...
وهنا سقطنا من شدة الضحك وإلاستغراب وأسرعت زوجته قائلة يكفي يكفي وتناولت الورقة من يده وأرتني إياها ونحن نغشى من الضحك.
كانت الورقة مكتوبة باللغة الفارسية لأن الدواء إيراني الصنع واللغة الفارسية حروفها عربية ولكن معناها يختلف طبعا.
وهكذا اراد صاحبنا ان يمتعنا بفهلويته العلمية ويتفوق علينا باللغة وقواعدها ويثبت لنا بالفعل ..
أن الأمــــــية أحلى من هكذا قـــراءة....