” التمثال ” الشهير ” الإلهة المعتلية على العرش “

” التمثال ” الشهير ” الإلهة المعتلية على العرش “

” التمثال ” الشهير ” الإلهة المعتلية على العرش ”

ماذا نعرف عن هذا” التمثال ” الشهير ؟
هنري بدروس كيفا
١ – لقد إكتشف فون إبنهايم الألماني هذا التمثال سنة ١٩١١ و منذ اليوم أطلقوا عليه إسم ” الإلهة المعتلية على العرش ” . إشتعال الحرب ( التي ستعرف لاحقا بالحرب العالمية ثما فيما بعد بالحرب العالمية الأولى ) سيدفع فون إبنهايم الى إعادة و إخباء كل التماثيل المكتشفة لأنه لم يكن يستطيع نقلها سنة ١٩١٤ .
٢- لا شك أن القارئ المثقف يعرف أن هذا التمثال قد وجد في تل حلف أو غوزانا عاصمة مملكة بيت بحياني الآرامية . من أجل الدقة التاريخية و الجغرافية يجب أن نعلم أن مملكة بيت بحياني كانت متواجدة في منطقة ” نهريما ” أي في منطقة الجزيرة السورية اليوم . بعد إنتشار الآراميين المكثف في بداية القرن الثاني عشر ق٠م و صهرهم لبقايا الشعب الميتني فإن هذه المنطقة ستعرف ب ” آرام نهرين ” في أسفار التوراة و ” بيت نهرين ” في المصادر السريانية .
٣ – هذا التمثال سيصبح في أواسط القرن العشرين – بعد إفتتاح متحف برغامون في برلين – من أهم التماثيل المكتشفة لأن فون إبنهايم بعد نهاية الحرب العالمية ( لم تكن تعرف بالأولى بعد ) عاد الى سوريا و كانت تحت الإنتداب الفرنسي و و أكمل عمليات التنقيب و نقل قسما كبيرا من المكتشفات الى ألمانيا . هنالك صور عديدة لفون ابنهايم مع هذا التمثال كما أن المعرض الأخير الذي أقيم في متحف اللوفر في باريس كان قد نشر صورة هذا ” التمثال ” !
٤ – لقد طرح هذا التمثال عدة مشاكل مهمة على علماء الآثار و البحثين المهتمين في تاريخ أجدادنا الآراميين . سوف أعرض ثلاث مشاكل و أحاول أن أجد حلول علمية لها : علما أن الإجابة بطريقة علمية يتطلب من الباحثين التعمق في الآثارات الميتنية و الحثية و الآرامية!
٥ – المشكلة الأولى : هل هذا التمثال هو ميتني أم حثي أم آرامي ؟
كان هنالك شبه إجماع في الخمسينات من القرن الماضي بأن هذا التمثال هو آرامي : لأنه وجد في مدينة و مملكة آرامية خاصة لأنه وجد ضمن أكثر من ٥٠٠ قطعة أو تمثال أغلبيتها هي آرامية . و هؤلاء العلماء يتحججون أنهم وجدوا عدة كتابات آرامية على بعض التماثيل ! اليوم هنالك تشكيك كبير بأن يكون هذا التمثال آرامي و إنني لا أعتقد بأنه آرامي للأسباب التالية :
أ – شكل التمثال لا يتطابق مع بقية التماثيل الآرامية المكتشفة خاصة تمثال ” الجدين ” !
ب- ” ضفائر الشعر ” هي البرهان الساطع أن هذا التمثال ليس آراميا لأن الآراميين لم تكن عندهم العادة أن يربطوا شعرهم بضفائر كما نرى في هذا التمثال !
ج – تمثال ” الجدين ” يجلسان على المقعد بنفس الوضعية و هما آراميان و لكن قد يكون الآراميون قد تأثروا بالحثيين و الميتنيين الذين كانوا متواجدين في نهريما قبلهم ؟
د- إنني أرجح أن يكون هذا التمثال حثي أو ميتني أكثر من أن يكون آرامي .
٦ – المشكلة الثانية : هل هذا تمثال إمرأة أم رجل ؟
أ-كان فون إبنهايم و بعثته يرددون إنهم إكتشفوا تمثال إلهة ضخمة و ذلك منذ سنة ١٩١٢ و ظل فون ابنهايم يؤكد أنه تمثال إمرأة بسبب الضفائر! عدد كبير من العلماء قد صدقوا ما يردده فون ابنهايم ربما لأنه المكتشف و لكن اليوم هنالك شبه إجماع بأنه تمثال ” رجل ” و ليس إمرأة !
ب – إذا تعمقنا قليلا في تمثال الجدة و الجد لرأينا بكل وضوح أن الفنان الآرامي كان يفرق بين تمثال إمرأة مع صدرين و تمثال رجل !
ج – حتى الثياب كانت مختلفة بين ثياب إمرأة و ثياب رجل : ثياب لإله حدد و أبنه لهي مختلفة عن زوجته الإلهة شوال ( أنظر الى نسحة التماثيل الآرامية في مدخل متحف حلب الوطني ).
د – أن يكون هذا التمثال هو لرجل و ليس لإمرأة يؤكد لنا بطريقة غير مباشرة بأن هذا التمثال هو لرجل هندو أوروبي و ليس لرجل شرقي!
٧ – المشكلة الثالثة : هل هذا تمثال ملك أم تمثال إله ؟
أ – السرياني المثقف الذي يتابع الدراسات العلمية حول أجداده الآراميين يعرف أن الإله الآرامي يجب أن يكون له ” قرنين “. إذن هذا التمثال ليس ” إلاها آراميا “.
ب – كما لا يخفى على المهتمين أنه كان قد وجد أمام هذا التمثال حفرة صغيرة قد وجد فيها بعض الخواتم و الحلي الذهبية و كذلك كمية من الرماد . و قد أكد علماء الآثار أن الآراميين في غوزانا كانوا يحرقون جثث أمواتهم . أو أن الآراميين في غوزانا قد تأثروا بعادات الشعوب الحثية و الميتنية الهندو أوروبية التي كانت متواجدة قبلهم .
نحن نعلم أن بقية الآراميين كانوا يدفنون أمواتهم في المقابر و قد وجد علماء الآثار مقبرتين ملكيتين في سمأل : ربما الآراميون قد صاهروا بقايا الحثيين قبل أن تنصهر تلك البقايا كليا بالآراميين أجدادنا .
ج – يبقى السؤال مطروحا : هل هذا تمثال إله حثي أم ملك حثي قبل أن يسيطر الآراميون على غوزانا ؟
٨ – أخيرا – لمن لا يعرف – لقد وقعت عدة قنابل خلال الحرب العالمية الثانية على متحف برغامون و دمرت جميع التماثيل. أمر فون ابنهايم أن يحافظ على جميع قطع التماثيل المحطمة . و بعد حوالي ٦٠ سنة أعيد ترميم تلك القطع لأثرية المهمة .

الخاتمة
أ -نعم هنالك شك كبير بأن يكون هذا التمثال هو آرامي و إن كان مكتشفه فون إبنهايم قد إدعى ذلك
ب- إحذروا من السريان المنافقين المدعين بالتسمية لأشورية المزيفة لأنهم يدعون أن جميع آثارات تل حلف هي حثية !