ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج4

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج4

يتبع ج3

لقد افترض النساطرة أنفسهم أنهم أحفاد الآشوريين القدماء ووجدوا لهم مدافعاً كبيرا هو الدكتور وليم ويكرام في البعثة الأنكليكانية الذي كتب لهم بعد الحرب العالمية الأولى، كتاب الآشوريون وجيرانهم، وكتاب وحليفنا الصغير، ومن خلاله شاع اسم الآشورية حيث اطلع العالم على المأساة التي حلَّت بأحفاد شلمنصر [68]، وخلال مرحلة بين الحربين العالميتين سمع العالم كثيراً عن هؤلاء الآشوريين الجدد من خلال الصحف والمنتديات وعصبة الأمم، وبدأ النساطرة تدريجيا يطلقون على أنفسهم بلغتم السورث (أي السريانية) اسم (Aturaye الآشوريين)، وقبل ذلك كان النساطرة يدعون أنفسهم دائماً (سريان، Suraye) وكان أمرا طبيعياً بالنسبة لهم التحدث عن أنفسهم كسريان، ولا يزال السريان الأرثوذكس إلى الآن يُسَمُّون أنفسهم بهذا الاسم (Suroyo السريان)، ولأن النساطرة كانوا يُسَمُّون أنفسم (Syrians، Suraye، سريان) فقد بذلوا جهوداً مضنية لإثبات أن كلمة (Suraye السريان) هي شكل من أشكال كلمة (Ashuraye الآشورية)، وأن المصطلحين مترادفين وكأنهم كانواا قد خسروا الحرف الأول A الذي كان موجوداً في أصل الكلمة ولكنه لم يكن يُنطق، فتم إضافة حرف A لتصبح (ASuraya آسورَيَا) لتعني (Ashuraya الآشوريين) كما هي بالعبرية والأكدية، وكذلك لتعني (Aturaya أثوريين) كما هو اسمهم في الآرامية (السريانية)، والتي يستخدمها الشعب عادةً.

قراءة المزيد

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج3

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج3

الآشوريون –ا

يتبع ج2، ونظراً لطول فقرة (الآشوريون) نوعاً ما، قسَّمنا المقال إلى: ا و ب (ونُذكِّر بأهمية الهوامش)

كان ذلك في عام 1843م عندما بدأ القنصل الفرنسي في الموصل، بول إيميل بوتا، عملية التنقيب في مدينة خورسيباد على بعد حوالي 12 ميلاً شمال الموصل، فكشف عن أنقاض قصر سرجون الثاني ملك آشور (722-705 ق.م.)، وفي العام نفسه اكتشف المنقب البريطاني أوستن هنري لايارد القصر المهيب لشلمنصر الأول يعود لحوالي 884-860 ق.م.، مع الثيران المجنحة، تبعها لاحقاً اكتشاف مكتبة آشور بانيبال (66 8-626 ق.م.) ومجموعة كبيرة من الألواح المسمارية، هذه المجموعات الرائعة وغيرها هي التي ستُزين قريباً متاحف لندن وباريس وبرلين، والأهم من ذلك كله، سيتم استرجاع فصل ضائع في تاريخ الحضارة.

قراءة المزيد

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج2

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج2

يتبع ج1 (ونذكّر بأهمية الهوامش)

السريان (Suraye / سورايي، السرياني / Suryani)، الآراميون ( (Armeans

طوال القرن التاسع عشر كان النساطرة يُشار إليهم باسم السريان من الرحَّالة الأوربيين والكتاب، والواقع أن (السريان، Suraye، سورايي، سورَيَا، سورَايَا) هو اسم النساطرة واليعاقبة معاً، وكانوا يطلقونه على أنفسهم حتى بعد الحرب العالمية الأولى، بعد ذلك تم استبدال اسم (Suraye، السريان) تدريجياً من قِبل النساطرة إلى (Aturaye، آشوريين أو أثوريين)، لكن اليعاقبة بقيوا مواصلين تسمية أنفسهم سورايي (السريان) [35]، وقد تم اشتقاق تسميات سوريا والسريان من اليونانية قبل المسيحية لفترة طويلة [36]، وعندما أصبح اليونان أكثر إلماماً بالشرق الأدنى، خصوصا بعد الإسكندر الأكبر الذي أسقط إمبراطورية الأخمينيين في القرن الرابع قبل الميلاد، أصبح اسم سوريا محصوراً بأراضي غرب الفرات فقط، وخلال القرن الثالث قبل الميلاد عندما ترجم الكتاب المقدس العبرية من علماء اليهود في الترجمة السبعينية اليونانية لاستخدامها من قِبل يهود مدينة الإسكندرية المتأثرين باليونانية، تمت ترجمة مصطلحات آرام والآراميين من اللغة العبرية إلى سوريا وسريان، بما فيها اسم اللغة (الآرامية إلى سريانية) [37]، وفي فلسطين نفسها ووفقا لتيودور نولدكه فإن اليهود والمسيحيين هناك وإلى وقت لاحق يُشار إلى لهجتهم الآرامية السريانية، وفي بابل سَمَّى كل من اليونان والفرس الآراميين بالسريان [38]، وفي القرن الثاني قبل الميلاد قال المؤرخ اليوناني بوسيدونيوس (51–135 ق.م.) من مواليد سوريا أن الشعب الذي يُسَمِّيه اليونان، سرياناً، كانوا يُسَمُّون أنفسهم آراميين، أي شعب سوريا (السريان) هم الآراميون [39].

قراءة المزيد

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون ج1

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون ج1

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون ج1

البروفيسور جون جوزيف (1923-)، مسيحي سرياني شرقي (نسطوري)، أي من الكنيسة التي سمت نفسها حديثاً آشوريين، وهو من أصل إيراني نزحت عائلته للعراق إبان الحرب الأولى، نشأ وترعرع في العراق، وهاجر إلى الولايات المتحدة سنة 1946م، وأصبح مؤرخاً في دراسات الشرق الأوسط ودرَّس تاريخ الشرق الأوسط في كلية فرانكلين آند مارشال، بنسلفانيا، وطبعاً البرفسور القدير جوزيف يؤكِّد ما أقوله أنا بصورة قاطعة إن الآشوريين الحاليين (المتأشورين) هم سريان انتحل لهم الغرب اسم الآشوريون أسوةً بأشقائهم الكلدان الحالين (المتكلدنين) الذين انتحل لهم الغرب اسم الكلدان، والاسمان غرضمهما سياسي طائفي، وهو يتحدث عن الكلدان أيضاً لكنه طبعاً يركز أكثر على الآشوريون واسمهم المخترع، مستنداً إلى أدق المراجع العالمية الرصينة والتفاصيل والمعلومات عن السريان النساطرة وبصورة مباشرةً من ناس عملوا معهم وعاشوا بينهم، والكتاب الأول، اسمه:

قراءة المزيد

الفرق بين اللغة الآرامية أو السريانية، والأكدية بلهجتي بابل وآشور ج3

الفرق بين اللغة الآرامية أو السريانية، والأكدية بلهجتي بابل وآشور ج3

1: يقول الدكتور إبراهيم السامرائي: اللغة الأكدية بلهجتيها البابلية- الآشورية، تبتعد كثيراً عن أخواتها الساميات حتى إن جماعة من المعنيين بالآشوريات يرون أن اللغات السامية جميعها بما في ذلك العربية والحبشية تؤلف مجموعة مستقلة بالقياس إلى الآشورية التي فقدت الكثير من السامي القديم كفعل الماضي وأصوات الحلق، ولذلك فالآشورية تدرس مع البابلية فقط. (التوزيع اللغوي والجغرافي في العراق، ص59-60).
2: في كتابه، التأويل Scholion، يقول الراهب السرياني الشرقي النسطوري ثيودوروس بركوني سنة 600 تقريباً، وهو من قلعة سكر العراقية حالياً، من كنيسة الآشوريين والكلدان الجدد الذين سَمَّاهم الغرب: إنك لو قابلتَ اللغة البابلية القديمة مع السريانية فلن تجد فيها واحداً بالمئة من السريانية. (التأويل، باريس1910م، سرياني مج1 ص113. نشره المطران أدّي شير).
3: يقول المؤرخ أحمد سوسة: تُعد اللغة الأكدية فرعاً من لغة الجزيرة العربية الأم، وأصبحت اللغة الرسمية في العراق القديم بابل وآشور، وهي تتميز عن اللغات السامية الغربية، أي لغات سوريا، واستمرت حتى العصر البابلي الثاني أواخر القرن السابع قبل الميلاد، ثم أزاحتها اللغة الآرامية وأزالتها من التداول، وقد اقتبس الأكديون خطهم من السومريين وحوروه ليتلاءم مع لغتهم، وقد استعارت اللغة الأكدية عبارات جمة من اللغة السومرية. (تاريخ حضارة وادي الرافدين، ج2 ص24).

قراءة المزيد

الفرق بين اللغة الآرامية أو السريانية، والأكدية بلهجتي بابل وآشور ج2

الفرق بين اللغة الآرامية أو السريانية، والأكدية بلهجتي بابل وآشور ج2

بعد اكتشاف اللغة الأكدية من قِبل علماء الآثار أصبح لها متخصصون ولغويون بها وألَّفوا قواميس وكتباً، واختصاصيو ولغويو اللغة الأكدية يختلفون عن لغويي ومؤلفي اللغة السريانية الآرامية وهم كثيرون ومعروفون، أمَّا اختصاصيو ولغويو ومؤلفو قواميس اللغة الأكدية فمنهم: شارل فوسي، تيرو دانجان، ماجي روتن، ريننية لابات، الأب شيل، فون تسودون وغيرهم، وقواميسها هي قاموس ديليش، بتسولد، ماس- أرنولت، وباسم ميخائيل جبّور، وعلي ياسين الجبوري، وعامر سليمان، والمعجم البابلي السومري للأب دايميل، وغيرهم.
بعدها أُلِّفت عدة كتب وقواميس وقواعد للغة الأكدية، أو قواميس لشرح القاموس المذكور أو تكملته أو شرحه مع لغة كالإنكليزية والعربية، وكلها باسم قاموس أكدي، وتقول إنها لغة بابل وآشور، مثل:

Babylonian and Assyrian: A History of Akkadian بابل وآشور: تاريخ الأكدية، 2004م
A Grammar of Akkadian, Indiana, U.S.A. قواعد الأكدية، أمريكا، إنديانا 2012م
English-Akkadian Dictionary قاموس أكدي إنكليزي، 2014م
Supplement to the Akkadian Dictionaries تكملة القواميس الأكدية، 2018م

قراءة المزيد

الفرق بين اللغة الآرامية (السريانية)، والأكدية بلهجتي بابل وآشور، ج1

الفرق بين اللغة الآرامية (السريانية)، والأكدية بلهجتي بابل وآشور، ج1

نكتب هذا المقال نزولاً عند رغبة بعض القرَّاء الكرام، وأيضاً لكشف تزوير بعض المتكلدنين والمتأشورين، أي السريان الذين انتحل لهم الغربيون حديثاً اسمين من اسمائ حضارات العراق القديم، فسَمَّوهم، كلداناً وآشوريين، لأغراض سياسية عبرية وطائفية.

مصطلح اللغات السامية هو مصطلح حديث أطلقه الألماني شلوتسر سنة 1781م، ورغم أنه أصبح مصطلحاً مقبولاً ومتداولاً، إلاَّ أنه ليس مصطلحاً لغوياً علمياً بحتاً، والمصطلح العلمي الصحيح اليوم للغات السامية هو، اللغات الجزرية، نسبةً إلى الجزيرة العربية- السورية التي تقع غرب الفرات من اليمن إلى غرب الفرات شمالاً في سوريا، وهي الموطن الأصلي للساميين ولغاتهم، واعتمد شلوتسر على سفر التكوين لأبناء سام إصحاح 10، في تقسيمه للغات، لكنه استثنى العيلامين والليديين رغم أن عيلام ولود هما ابنا سام، وفي نفس الوقت عَدَّ الكنعانية والحبشية في اللغات السامية رغم أن الكنعانيين والأحباش أي الكوشيين أو الأثيوبيين في سفر التكوين ليسوا من أبناء سام، بل من أبناء حام. (نيسكو: هناك من يرى أن سفر التكوين كان هدفه سياسي يهودي، فجعل كنعان ملعوناً وعبداً لإخوته ليستولوا على فلسطين أرضهِ، وقد ألمح بعض المؤرخين السريان والعرب واليونان إلى التسمية السامية لعوائل اللغات والشعوب أو علاقة اللغات ببعضها مستندين إلى العهد القديم قبل الاكتشافات الأثرية العلمية، مثل يعقوب الرهَّاوي وابن العبري وابن حزم والمسعودي وأوسابيوس القيصري وغيرهم، ويرتأي عدد من الباحثين اللغويين العراقيين اليوم أن يكون اسم السامية هو، اللغات العاربة أو العربية القديمة، وإني أرى أن مصطلح اللغات الجزرية أكثر توفيقاً كيلا يختلط مع اللغة العربية أولاً، ولأن الأقوام التي سكنت الجزيرة العربية- السورية أو نزحت منها، كان لها لغات خاصة بها كالآراميين والكنعانيين والحبشيين والعبريين ثانياً، وكيلا يؤول الموضوع سياسياً فيخلق مشاكل ثالثاً).

إن اسم اللغة تحدده خصائص كثيرة كالقواعد والاشتقاق والبيان والأفعال وتصريفها والإعراب والإبدال والحركات والصوائت والصوامت والحلقيات وأسماء الإشارة وعدد الحروف والأرقام والإبدال والإدغام..إلخ، وليس تقارب بعض الألفاظ في اللغات الذي هو نسبي، فالمعروف أن هناك بحدود 2500-3500 لغة في العالم (امييه وكوهين، عدد اللغات الحية في العالم 1952م، وجراي، أصول اللغة 1950م).

قراءة المزيد

البطرك ساكو مجدداً: الكلدان والآشوريون أصلهم يهودٌ، لا عراقيون

                         موفق نيسكو

البطرك ساكو مجدداً: الكلدان والآشوريون أصلهم يهودٌ، لا عراقيون

قبل أسبوع في 23/ 3/ 2021م صرح البطرك ساكو مجدداً في مقاله (الكلدان والآشوريون والسريان إخوة متنوعون)، أن الكلدان والآشوريين الحاليين، ليس أصلهم عراقيين، بل يهوداً عبرانيين من أسباط إسرائيل العشرة الذين سباهم الآشوريون والكلدان القدماء، كما أكَّد تزويره سنة 2015م، ويبدو أن قيام بعض الكُتَّاب بكشف التزوير الذي يقوم به بعض الكلدان والآشوريين الحاليين منذ سنة 1912م لتاريخ العراق كوطن والمسيحية كدين، بدأ يأتي ثماره، خاصة بعد الضغط وكثرة المقالات عن انتقاد زيارة البابا لأور السومرية التي يدعي زوراً بعض الكلدان أنها كلدانية، كذلك انتقاد اقتراح البطرك ساكو قبل أسبوعين في 17/ 3/ 2021م تسمية كنيستهُ، بغداد الكلدانية، مما دفع ساكو لتصريحه الأخير، والبطرك ساكو كان معتدلاً إلى سنة 2015م، بعدها تحول إلى شخص سياسي، همه السلطة فقط، وخضع للمتشددين، فبدأ يزوِّر التاريخ الذي كتبه بنفسه وأضاف كلمتي كلدان وآشوريين في كتبه السابقة، وحوَّر تفسير النصوص، واستعمل كلمات تمويه ملغومة لتمرير فكره السياسي على الناس البسطاء، واستعمل مفردات غير لائقة ببطرك في الرد على منتقديه، وهو دليل ضعف شخصيته وحجته، فالذي يبني أقوله على زور، يُكشف بسهولة لعدم استطاعته ربطها ببعضها، ومنها تصريحه الأخير، وأبدأ بالاقتباس منه جملة جملة:
https://saint-adday.com/?p=42371

قراءة المزيد

العلاَّمة ألفونس منكانا وتاريخ أربيل لمشيحا زخا

العلاَّمة ألفونس منكانا وتاريخ أربيل لمشيحا زخا

 

من المعروف أن الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد لا علاقة لهم بالقدماء، إنما هم سريان لكن الغرب (روما والإنكليز) انتحلوا لهم حديثاً اسمي كلداناً وآشوريين لأغراض سياسية طائفية عبرية، وذكرنا ذلك أكثر من مرة.

 

ولد العلاَّمة السرياني ألفونس منكانا لعائلة سريانية شرقية (كلدانية) في قرية شرانش محافظة دهوك في العراق في 23 كانون الأول 1878م حسب الوثيقة العثمانية (في بعض المصادر ولادته في 1881م)، واسمه الحقيقي هرمز بن بولس منكانا، وكان والده كاهناً في الكنيسة الكلدانية، دخل معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل وتثقف في العلوم الفلسفية والتاريخية واللغات الشرقية، رسمه البطريرك عمانوئيل الكلداني كاهناً باسم ألفونس سنة 1902م، ومارس الخدمة الكهنوتية مدة قصيرة في قريته، وكان منكانا أحد طلاب المطران العلاَّمة أوجين منا الكلداني صاحب القاموس الشهير (دليل الراغبين في لغة الآراميين) المطبوع سنة 1900م، والذي يؤكد فيه المطران أن الكلدان والآشوريين الحاليين هم سريان (ملاحظة مهمة: أُعيد طبع القاموس سنة 1975م بتمويل من ابن عم بطريرك الكلدان روفائيل بيداويد واسمه متي بيداويد وهو متعصب اشترط التمويل بكتابة قاموس كلداني عربي وعلى الغلاف فقط)، وقد شغف منكانا بالتاريخ السرياني واللغة السريانية وتبحر فيهما وعُيِّن أستاذاً للغة السريانية في معهد مار يوحنا، وعكف على جمع المخطوطات السريانية وأخذ يتجول في المكتبات والكنائس وحتى بيوت الناس لجمع المخطوطات والمجلدات القديمة عندهم، وجمع كثيراً منها ونشرها فيما بعد علماً أن قسماً منها احترق في الحرب العالمية الأولى، وسنة 1903 أُنيطت به مهمة تصحيح مطبوعات مطبعة الدومنيكان في الموصل، وسنة 1905م نشر كتابين مهمين هما، قواعد اللغة السريانية، وميامير نرساي السرياني، مع مقدمة عن سبب تأسيس المدارس (مدرسة نصيبين) لبرحذبشابا العربي، وسنة 1907م اكتشف منكانا تاريخ أربيل أو مشيحا زخا 550م تقريباً، ونشرهُ بالفرنسية، وقد حاول بعض رجال دين كلدان وبعض المستشرقين معاداة منكانا وكتابه والتشكيك به في البداية شأن أي كتاب جديد خاصةً أنه لا يوافق آراءهم الطائفية والسياسية التي أثبت منكانا أن كنيسة المشرق هي أنطاكية سريانية، ولذلك حصلت له مشكلة مع البطريرك الكلداني، وهجر العراق إلى بريطانيا سنة 1913م.

 

في برمنكهام حلَّ في ضيافة الباحث رنديل هاريس ثم انتقل إلى كلية سيلي أوك لتدريس العربية والعبرية، بعدها صادق عدداً من الباحثين الإنكليز المهتمين بالتراث السرياني مثل، اكنيز سميث لويس، مركريت دانلوب، دافيد صمؤئيل ماركوليث، ونشر معهم عدداً من المقالات وتواريخ المسيحية المبكرة، وكانت له مكانة خاصة عندهم، وفي 7 تموز 1913م أنهى بحثه أناشيد سليمان، وفي تشرين الثاني منه اكتشف مع زملاء انكليز باحثين في التراث السرياني مخطوطات قديمة من القرآن تعود لزمن الخليفة عثمان بن عفان، وسنة 1915م التحق بمكتبة جون لايند، وعاش في مانجستر سبعة عشر عاماً وعمل محاضراً للغة العربية في جامعتها إلى سنة 1923م، وعندما أراد البروفسور الشهير دافيد صمؤئيل مراكوليث في جامعة أكسفورد التقاعد طلب أن يحل منكانا مكانه، لكنه اعتذر، وفي مرحلة الحرب العالمية الأولى طلبت منه وزارة الحرب البريطانية عمل قاموس لمساعدة قواتها في الشرق، فألَّف قاموساً فارسياً، كوردياً، أرمنياً، تركياً، سريانياً، كما عمل رقيباً على رسائل اللاجئين السريان الشرقيين (الآشوريين)، وفي سنة 1922-1923م نشر لأول مرة في التاريخ كتاب الدين والدولة لسهيل علي بن ربن الطبري المولود سنة 760م تقريباً، وهو طبيب مسيحي نسطوري اعتنق الإسلام وصاحب عدة مؤلفات منها فردوس الحكمة، والرد على أصناف النصارى، وقد حاول بعضهم التشكيك في الكتاب، لكنه ثبت أن منكانا كان مصيباً في أصالته لكتاب سهيل الطبري، وكتب عن الكتاب بحثاً في أعمال الأكاديمية البريطانية، المجلد السادس عشر، ثم طبعت الكتاب دار الآفاق الجديدة في لبنان سنة 1982م، والحقيقة أن كتاب الدين والدولة مهم جداً حيث ترد فيه مقاطع من أول ترجمة عربية للكتاب المقدس في التاريخ كان يعتقد أنها مفقودة (الخوري بولس الفغالي، المحيط الجامع للكتاب المقدس والشرق القديم، ص338). وهي الترجمة التي قام بها البطريرك الأنطاكي السرياني الأرثوذكسي يوحنا الثالث أبو السدرات (631–648م) نحو سنة 643م استجابة لرغبة عمير بن سعد بن أبي وقاص الأنصاري الأوسي أمير الجزيرة حين استدعى الأمير البطريرك يوحنا، وسأله عن روح الكتاب المقدس، فأجابه البطريرك ببراعة وبراهين كتابية، فاندهش الأمير من غزارة علمه وطلب منه ترجمة الإنجيل من السريانية إلى العربية بشرط حذف ما يدل على إلوهية المسيح وعبارة ابن الله وكلمة الصليب والمعمودية، فأجابه البطريرك: حاشا لي أن أهمل حرفاً أو سطراً من إنجيل ربي ولئن اخترقتني سهام معسكرك كلها، فلما لاحظ الأمير شجاعته، قال له: اذهب واكتب كما تشاء، فجمع البطريرك الأساقفة وعلماء اللغة العربية من السريان الأرثوذكس من قبائل طيء تنوخ، عقيل، والكوفيين، ونقلوا الإنجيل إلى العربية وقدموه للأمير (تاريخ ميخائيل السرياني الكبير، ج2 ص328، ويؤكد بعض المستشرقين وجود هذه الترجمة، انظر (جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج6 ص533)، وقد نشر منكانا كتباً كثيرة منها دفاع الجاثليق طيمثاوس +823م عن المسيحية أمام الخليفة المهدي، وكتب مقالات بخصوص الحالة السياسية والاجتماعية في الشرق، ورحل إلى لبنان وسوريا والعراق وإيران سنة 1924م، 1925م لجمع المخطوطات السريانية والتي شكَّلت مجموعة منكانا، وسنة 1925م نشر وثيقة فليكسينوس المنبجي التي أثبت فيها تبعية كنيسة المشرق لأنطاكية السريانية، ورحل سنة 1929م إلى مصر وجزيرة سيناء لجلب مخطوطات كثيرة بلغات متعددة، واستطاع جمع ما يقرب من 2000 مخطوط شرقي، وهو جهد شخصي فريد في التاريخ، وتم نشر مخطوطاته وأعماله بمجلدات عديدة، وتعد مخطوطاته الثالثة في الغرب بعد المكتبة البريطانية ومكتبة الفاتيكان، وتوفي العلاَّمة في 5 كانون أول سنة 1937م غريباً في المهجر.

 

ألفونس منكانا وتاريخ أربيل لمشيحا زخا

سنة 1907م اكتشف منكانا تاريخ أربيل لمشيحا زخا سنة 550م تقريباً، وهذا التاريخ مذكور في فهارس عبديشوع الصوباوي 1318م، ويثبت هذا التاريخ كنيسة المشرق (الآشوريين والكلدان الحاليين الجدد) هي كنيسة أنطاكية أساساً، ، وقد قامت الكنيسة الكلدانية والمستشرقين بمعاداة منكانا، لنشره الكتاب ولأن منكانا كان عصامياً واتسمت حياته بالمنازعات بسبب نزاهته العلمية وقلِّة دبلوماسيته مع الرئاسة الكنسية الكلدانية والمستشرقين، ففي تحليل منكانا لكتاب تاريخ أربيل، شكَّكَ في قصة أدّي وماري التي يعتمد عليها الكلدان والآشوريون الحاليون في تبشير مدينة ساليق قطسيفون (المدائن) المقر الأول لكرسي كنيسة المشرق، وعَدَّها منكانا أسطورة، وأثبت أن كنيسة المشرق في المدائن هي سريانية أنطاكية، وأكد رسالة آباء أنطاكية السريان لأول أسقف للمدائن فافا +329م، ونشر ذلك في الطبعة الفرنسية سنة 1907م، ص78 ، 122، فطلب منه البطريرك الكلداني عمانوئيل الثاني توما +1947م حذف هذه الأمور كما حاول إيقاف طبع الكتاب، لكن منكانا رفض وأصرَّ على طبعه، وطبعه بموافقة المطران أدّي شير، فساءت علاقته بالبطريرك وغضب البطريرك على منكانا وأدّي شير أيضاً، وعلى إثرها هجر منكانا كلية اللاهوت والكنيسة الكلدانية (ويُقال إنه طُرد) وغادر العراق في ريعان شبابه في 17 آذار سنة 1913م ليستقر في بريطانيا، وقطع علاقاته مع جميع العراقيين باستثناء صديقه الحميم البطريرك السرياني العلاَّمة مار أفرام الأول برصوم (1933–1957م).

 

أمَّا سبب معاداة المستشرقين لمنكانا فهو أنه كان يستخف بالغربيين وعاملهم باستعلاء واشمئزاز لعدم معرفتهم بالثقافة السريانية ومعاني اللغة السريانية وأبعادها الفكرية وأنهم لا يستطيعون قراءة وفهم السريانية إلاَّ بالعودة إلى القواميس السريانية أو الاستعانة برجال دين سريان خبراء في اللغة، وكان يسخر منهم ويرد عليهم بعنف وصيغ تهكمية ساخرة، ويُسَمِّيهم: (المُتسرينين المعاصرين nos syrologuse modernes)، وقد دحض محاولتهم الطائفية والمذهبية والسياسية لتقسيم السريان وتشويه تاريخهم، وأثبت أن كنيسة المشرق في المدائن هي سريانية أنطاكية، وأن قصة أدّي وماري هي أسطورة، كما أن المستشرقين كانوا يغارون منه فاتهموه زوراً بحجج تافهة منها أنه عندما طبع كتاب ميامر نرساي السرياني سبق اسمه على غلاف الكتاب حرف D.، ففسرها الغربيون أنها لقب دكتور، لكن ذلك غير صحيح لأنه كتب اسمه بالسريانية على غلاف الكتاب (القس ألفونس منكانا) وحرف D. مختصر لكلمة الكاهن باللاتيني (Dominus) التي اعتادت الجامعات الكاثوليكية استعمالها وتقابل كلمة كاهن (Reverend)، لذلك لقد صدق منكانا في استخفافه بالغربيين الذين لم ينتبهوا لذلك.

 

لذلك ادعى قسم من المستشرقين أن منكانا ألَّفَ كتاب تاريخ أربيل ونسبه إلى مشيحا زخا، وأن شخصاً اسمه أوراها الألقوشي ساعده بذلك، وسانده آخرون، وقاد حركة التشكيك لاحقاً الفرنسي جان فييه الدومنيكي +1995م بأسباب واهية بدون أي دليل على كلامه، ونسي هؤلاء إن كان إدعاؤهم صحيحاً أم لا، فتلك معجزة وأكبر شهادة على أن منكانا كان عبقرياً، فكيف استطاع شاب عمره بحدود 27 سنة تأليف تاريخ نادر بلغة سريانية بليغة ومعلومات كنسية وتاريخية اكتشفت فيما بعد؟، فلو عمل كل العلماء الذين عارضوه مجتمعين لمدة 27 سنة لما استطاعوا تأليف كتاب كهذا، والجدير بالذكر أن صديق منكانا الحميم العلاَّمة البطريرك السرياني الأرثوذكسي أفرام الأول برصوم كان يُشاطر منكانا في رده واستخفافه بالمستشرقين، أمَّا بالنسبة لأوراها الألقوشي +1930م فهو كاهن من بيت إسرائيل الألقوشي من عائلة شكوانا ذات الأصل اليهودي المعروفة بتزمتها الذي لم يرقْ له كلام منكانا وإثباته أن كنيسة المشرق هي أنطاكية حيث كانت قد ظهرت النظرة العبرية من جديد لدى قسم من كُتَّاب ومثقفي كنيسة المشرق بشقيها واسميهما الجديدين الكلداني والآشوري بداية القرن العشرين والقول إن كنيسة المشرق سليلة ووريثة كرسي أورشليم، وقد ساير المستشرقين بمعاداتهم لمنكانا وكتابه بعض كتبة السريان من الكلدان والآشوريين بمحاولتهم جعل كنيسة المشرق نشأت مستقلة عن أنطاكية كالمطران أدّي شير الذي كان معتدلاً إلى سنة 1912م ولكنه تعصَّب لأغراض سياسية واخترع زوراً تسمية كلدو-أثور، وكذلك عاداه البطاركة عمانوئيل توما، لويس شيخو، الأب يوسف حبي، لأغراض سياسية وطائفية، وإلى حد أقل البطريرك دلي الذي قال: إن صَحَّ تاريخ أربيل، فهو الأكثر أصالةً وتماسكاً مع المعطيات التاريخية، أمَّا استعمال البطريرك دلي عبارة، إن صَحَّ، وليس، تاريخ أربيل الصحيح، فسببه أن البطريرك دلي مع أنه معتدل، لكنه لا بد أن يقول ذلك لأسباب سياسية وطائفية ويساير ولو قليلاً ما دَرج عليه كُتَّاب كنيسة المشرق بعد سنة 1912م، ومن طريف الأمور أن المطران بطرس عزيز الكلداني مُترجم تاريخ أربيل إلى العربية في مجلة النجم 1929-1931م، توقف عن الترجمة عندما وصل إلى القرن الخامس بسبب بروز العقيدتين الأرثوذكسية والنسطورية ورموزها في الكتاب، كما أنقل ملاحظتي الشخصية عن جان الدومنيكي أنه كان يحرض الأطفال في الموصل بترك مدرسة مار توما للسريان الأرثوذكس الابتدائية والالتحاق بمدرسة المُنذرية للكلدان الكاثوليك.

 

لقد أثبتت كل الوقائع صحة تاريخ أربيل الذي نشره منكانا، بل أصبح الكتاب يُعدُّ الأكثر متانة وتماسكاً ومصداقية في تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية على الإطلاق وأجاب عن غموض البداية، والحقيقة أن زخا اعتمد على مؤرخ قبله يُسَمِّيه العلاَّمة هابيل، وطبع الكتاب في مطبعة وزارة التربية أربيل 2001م وقام الأستاذ عزيز نباتي بتحقيق علمي رائع له أثبت بما لا يقبل الشك صحة الكتاب ومكانة العلاَّمة منكانا، فبعد سنين من وفاة منكانا تم اكتشاف آثار لوقائع وتواريخ وظواهر كالكسوف مذكورة في كتاب زخا بدقة كاملة، وقمتُ أنا بتحديد أسماء خمس قرى قديمة من سبعة لم تكن معروفة لمنكانا أو المحقق، وهي: ريشي في كتاب تاريخ أربيل ص55، حيث أنها قرية رشو الأربجية قرب نينوى في دليل المواقع الأثرية في العراق، وزارة الإعلام، مديرية الآثار العامة، بغداد 1970م ص239، وقرية زيرا عند زخا ص58 هي زيورة قرب شقلاوة في الدليل ص20، وقرية تلنيحا (تل نيخا) في كتاب زخا ص112، هي مقبرة قرب عينكاوا التي اسمها تلنيتا في الدليل ص11، ودايرونا ص101، هي ديورنه قرية آشكه، أربيل في الدليل ص20، وبيث بهقرد (مهقرد) عند زخا ص101، هي أسقفية بيت الكورد في مجمع إسحق 410م (مجامع كنيسة المشرق ص78)، وأضيف دليلاً آخر على صحة ومتانة تاريخ أربيل هو استشهاد الأساقفة الأوائل كان من نصوص العهد القديم المعروفة، ثم تم الاستشهاد من العهد الجديد بالتدريج، وهو دليل واضح على وصول وانتشار تعاليم العهد الجديد شيئاً فشيئاً في القرون الأولى، ويُعدُّ دي فريز تاريخ أربيل وقضية نشأة كنيسة المشرق أفضل ما قدم من المصادر، وكل العناصر فيه صحيحة، وهارناك في أعمال الشهداء يجدد تأكيداً للوصف الذي يعرضه تاريخ أربيل بشأن انتشار المسيحية في بلاد فارس، ونفس الأمر عند ساخو الذي يخلص إلى التحقق من الانسجام بينهما، وكذلك أوربينا، وتدعم آراء أفراهاط الفارسي ما جاء في تاريخ أربيل (مجلة بين النهرين 1975م، نشأة بطريركية كرسي المشرق، ترجمة المطران سرهد جمو، مستنداً على هارناك، إرساليات2، ص694، 5، وساخو، انتشار المسيحية في آسيا، أكاديمية المعارف البروسية، قسم الفلسفة والتاريخ، برلين 1919م، ص10، ألماني).

وشكراً/ موفق نيسكو

 

 

أزمة وصف البطرك ساكو طقس الآشوريين بحديقة حيوانات

أزمة وصف البطرك ساكو طقس الآشوريين بحديقة حيوانات

لا يكفي العراق مصائبه الكثيرة حتى شكَّل الفيديو الأخير لموعظة بطرك الكلدان ساكو الثلاثاء الماضي 20/ 10/ 2020م، وخلافة مع السفير البابوي في بغداد، أزمة وفضيحة عراقية جديدة مسيحية، وصدمةً وغضباً كبيرين وانتقاد واسع النطاق في المواقع الثقافية ومواقع التواصل الاجتماعي المسيحية العراقية بين الكلدان والآشوريين الجدد، وبكلمات قاسية جداً ورسوم كاريكاتيرية وشتائم للبطرك ساكو، تستعمل لأول مرة في التاريخ مع رجل دين مسيحي، والسبب أن البطرك ساكو في القداس وبملابس الكهنوت، وصف في الثانية 55 طقس كنيسة الآشوريين، بحديقة حيوانات، ورافق الوصف حركات جسدية تظهر انفعال البطرك ساكو:

https://www.youtube.com/watch?feature=youtu.be&v=RcYe9T_Vmyk&app=desktop
قراءة المزيد