الجالية الأرمنية في المهجر العربي

صورة العضو الرمزية
أبو شادي
عضو مميز
عضو مميز
مشاركات: 1208
اشترك في: الخميس فبراير 19, 2009 2:17 am

الجالية الأرمنية في المهجر العربي

مشاركة غير مقروءة بواسطة أبو شادي »

تأسست في حلب اثنتان وخمسون جمعية ثقافية أرمنية بدءا من 1846

للجاليات الأرمنية في البلاد العربية، مكانة متميّزة في تاريخ الجالية الأرمنية في المهاجر، ولها مكانة خاصة في تاريخ الجاليات الأجنبية الموجودة في البلدان العربية، لعراقتها وقدمها وللدور المهم الذي لعبته في تاريخ تلك الدول عامة، وفي تاريخ الثقافة الأرمنية خاصة.
بين العديد من تلك الجاليات، جاليات ثلاث تنفرد بمكانتها الخاصة، وهي جاليات القاهرة والقدس وحلب. فالأولى معروفة بما أنجبته من شخصيات ورجال سياسة كوزراء وحكام منذ بدايات القرون الوسطى، والثانية معروفة على الأغلب بفضل مركزها الديني وبالبطركية الموجودة فيها، والتي لعبت دوراً ثقافياً دينياً عبر التاريخ، أما جالية حلب الأرمنية، فقد عُرفت على الصعيد الديني والثقافي والتجاري على حد سواء.

لم يكن تاريخ الجالية الأرمنية في حلب مجهولاً للباحثين، فهناك العديد من الكتب والدراسات التي تناولت هذا الموضوع، خاصة كتاب المطران اردافاست سورميينان «تاريخ الأرمن في حلب (1908 ـ 1933)»، الذي يسرد تاريخ الجالية مرتبطاً بالتاريخ الديني والثقافي، وكتاب «تاريخ الجاليات الأرمنية في سورية ولبنان (1841 ـ 1946)»، لهوفهانيس طوبوزيان، إلا أن تاريخ المنظمات والجمعيات الثقافية للجالية لم يأخذ حقه الكامل من الدراسة والبحث حتى الآن، ولسدّ هذه الثغرة في تاريخ الجالية أقدمت الباحثة فارتي كيشيشيان، المتخصصة في تاريخ الجالية الأرمنية في حلب، على دراسة تاريخ تلك المنظمات الاجتماعية والثقافية بكتابها هذا الذي نحن بصدده.

يبدأ الكتاب بمقدمة مطوّلة تحتل الصفحات الأربعين الأولى منه، وهي مدخل إلى الموضوع ونظرة عامة على مصادر البحث، حيث تتطرق فيها إلى الأسباب التي دعتها للقيام بهذا العمل، وهي عدم وجود دراسة شاملة إلى الآن عن الحياة الثقافية الأرمنية في تلك الفترة الغنية بالنشاط والحيوية في تاريخ الجالية، ومن ثم تبدأ بإلقاء نظرة عامة على تكوّن الجالية.

إذ تذكر أن أول شهادة صريحة على وجود جالية أرمنية منظمة في حلب عُثر عليها في حاشية مخطوط منسوخ بحلب في عام 1329، حيث تُذكر فيها كنيسة السيدة العذراء، ثم تتطرق إلى وضع الجالية في القرون التالية، وعن أسباب الهجرات الأرمنية إليها، حيث كانت حلب مدينة آمنة نوعاً ما من الناحية السياسية بالمقارنة مع باقي مدن الامبراطورية العثمانية، لذلك استقطبت أعداداً كبيرة من المهاجرين الأرمن من المدن المجاورة والبعيدة، وكانت كذلك مركزاً للتجار الأرمن الآتين من أصفهان في طريقهم إلى أوروبا.

كانت حلب في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وحتى في بعض عقود القرن التاسع عشر، المحطة الرئيسية الآمنة لرؤساء الدين الأرمن في (سيس)، واكتسبت بذلك صفة رسمية كونها مركزاً روحياً لأرمن المنطقة.

بعد هذه المقدمة الوافية تتطرّق المؤلفة إلى الموضوع الأساسي للكتاب، فتتحدث عن اثنتين وخمسين جمعية ثقافية أرمنية ظهرت في حلب، بدءاً من عام 1846 إلى عام 1915، وهو تاريخ بدء الهجرات الأرمنية إلى حلب وتشكيل الجالية الأرمنية الجديدة فيها.

قسّمت الباحثة دراستها إلى ثلاثة فصول رئيسية، فالفصل الأول، وهو الأوسع بين فصول الكتاب، مخصّص للجمعيات التي أسست في حلب وكان هدفها مساعدة أبناء الجالية الأرمنية فيها أو السعي إلى تنشيط الحياة الثقافية والتربوية بدعمها للمدارس أو غير ذلك. ومن أهم هذه الجمعيات: جمعية «أغبور»، «النبع»، التي كان لها فضل السبق في نشر أول مجلة أرمنية في حلب في عام 1911، وكذلك إنشاء أول فريق كرة قدم في المدينة، وربّما في سورية كلها، ونظمت العروض الرياضية و«الأولمبية»، كما كانوا يسمّونها حينذاك، وجمعية «هايوهياتس» «الأرمنيات»، التي لعبت دوراً كبيراً في العناية بالفتيات ودعم المدرسة الخاصة بهن، حتى انها في عام 1908، أرسلت إحداهن إلى مدينة أدابازار القريبة من استنبول لتتخصّص هناك في علم التربية والتدريس وإدارة دور الأطفال واستلمت إدارة مدرسة الفتيات في حلب بعد تخرجها وعودتها إلى مسقط رأسها، وقامت الجمعية كذلك بدفع الأقساط المدرسية لكثير من الفتيات اللواتي درسن في المدارس العليا في حلب، ومن ثم قمن بالتدريس في مدارس الفتيات بعد تخرجهن.

ولا بد لنا أن نذكر أيضاً الجمعية الخاصة للعناية بالمهاجرين الأرمن الشبّان الآتين من منطقة صاصون في أرمينيا: فمن المعروف أن أعداداً كبيرة من شبّان تلك المنطقة كانوا يهاجرون إلى حلب بحثاً عن لقمة العيش، وكانوا يعملون على الأغلب في الأفران والمطاحن، حتى أن كلمة «صوصاني» ما زالت تعني الفرّان في لهجة حلب، وكان هؤلاء الشبان يعيشون في حلب حياة صعبة من دون عناية من الأهل ويموت منهم 25 ـ 28 شاباً كل عام، ومن أجل الاعتناء بهم تم تأسيس جمعية في عام 1908، قامت بعد حين بتأسيس مشفى خاص بهم يرعاهم ويعتني بصحتهم، وثمّة جمعية أخرى أسّست لجمع التبرعات للمتضررين من المجاعة الحاصلة في أرمينيا، وأخرى من أجل تنظيم الحفلات الموسيقية والمسرحية، والطريف ان إحدى تلك الجمعيات ـ والتي كانت تدعى باسم البطل الشعبي الأرمني «انترانيك» ـ مثّلت، ولأول مرة في سورية، مسرحية «هاملت» لشكسبير في عام 1911.

خصّصت المؤلّفة الفصل الثاني للجمعيات التي تم تأسيسها في حلب على أساس جغرافي من قبل المهاجرين من المدن والقرى المختلفة في المملكة العثمانية، حيث كانت كل جمعية تجمع المهاجرين من مدينة أو قرية معيّنة، وكانت غايتها مساعدة أهالي تلك القرية أو المدينة والسعي للنهوض بها بتأسيس مدرسة فيها أو مساعدة مدرسة قد تكون موجودة هناك، وذلك بإرسال مبلغ من المال إلى الوطن بين حين وآخر. لقد ذكرت المؤلّفة سبع مدن وقرى كان لأبنائها عشرون جمعية خاصة بها في حلب عبر أزمنة مختلفة، والطريف أن معظم هذه الجمعيات كانت لمهاجري مدينة عربكير وقراها، وكان عددهم كبيراً في حلب، حتى ان إحدى بوابات حلب القديمة سمّيت بـ «باب العربكليّة» نسبة إليهم، لوجودهم بكثرة في تلك الحارة.

اما الفصل الثالث من أبواب الكتاب، فمخصّص لجمعيتين أسّستا في حلب كفروع لجمعيتين مؤسستين خارج حلب، الأولى كان مركزها في أورفة، والثانية في استنبول، كما نجد في هذا الباب جمعية للأرمن الحلبيين المهاجرين إلى ساو باولو في البرازيل والتي أسست هنا في عام 1912، بغية مساعدة أبناء الجالية في حلب.

هناك العديد من أوجه الشبه بين أنشطة كل هذه الجمعيات التي كانت أساليبها تختلف فيما بينها أحياناً وتتشابه أحياناً أخرى، وكان تنظيم العروض المسرحية الغنائية والموسيقية والمحاضرات وتنظيم الاحتفالات هي من السمات العامة الرئيسية بينها، وبذلك ساهمت بشكل كبير في ازدهار الحركة الثقافية في المدينة، إلى جانب دعمها للحياة التربوية برعايتها المدارس المحلية وتقديم الدعم لها وكذلك إنشاء المكتبات العامة فيها.

لقد لعبت هذه الجمعيات دوراً كبيراً في الحياة الثقافية لأرمن حلب، فبفضلها كانت البدايات الأولى للمسرح الأرمني، وكذلك كانت البدايات الأولى للفرق الموسيقية والغنائية، اضافة إلى تأسيس الصحافة الأرمنية وكذلك الحياة الرياضية فيها.

والكتاب غني أيضاً بالصور التي لها علاقة بالموضوع، كصور الشخصيات التي لعبت دوراً مهماً في تاريخ تلك الجمعيات أو نماذج لأختام الجمعيات وصور بعض الوثائق التاريخية ذات الصلة بالكتاب.

* المنظمات الاجتماعية والثقافية للجالية الأرمنية (في حلب 1846 ـ 1915)

* المؤلفة: فارتي كيشيشيان

* دار نشر كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس ـ انطلياس، بيروت ـ لبنان 2001

* 280 صفحة قطع كبير
يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي
ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فهذه هي الكارثة


http://www.facebook.com/group.php?gid=1 ... 545&v=wall
صورة العضو الرمزية
dyra 3laya
عضو مميز
عضو مميز
مشاركات: 323
اشترك في: الأربعاء مارس 25, 2009 9:08 am
مكان: Nederlands

Re: الجالية الأرمنية في المهجر العربي

مشاركة غير مقروءة بواسطة dyra 3laya »

يسلموا عاشت الايادي على الموضوع الرائع
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الارمني“