الممالك والقبائل الآرامية في الجزيرة السورية

الممالك والقبائل الآرامية في الجزيرة السورية

يهدف كتاب “الممالك والقبائل الآرامية في الجزيرة السورية” لمؤلفه خليل اقطيني إلى تسليط الضوء على الشعب الآرامي الذي قطن منطقة الجزيرة السورية، منذ منتصف الألف الثاني قبل الميلاد.إن كلمة “آرام” التي اشتق الآراميون منها اسمهم.

وهي تسمية جغرافية أطلقت على سوريا الحالية وموجودة في الكتابات الآرامية القديمة. وأطلق العهد القديم تسمية “آرام نهرين” على منطقة الجزيرة السورية كلها، كما انتشرت تسمية “بيت آرامي” أي بلاد الآراميين على جنوب ووسط العراق، وانتهت الدولة الآرامية التي لم تكن موحدة سياسياً في عام 720 ق.م.، على يد سرجون “شيروكين” ملك نينوى.نشأت أولى الدول الآرامية في منطقة الفرات الأوسط، وسميت “آرام نهرين” الفرات ورافده الخابور.

وهناك “فدان آرام” وكان مركزها مدينة “حران”، وفي الجنوب تأسست “آرام دمشق” وتطورت فأصبحت مملكة كبرى تمتد على الفرات من جهة واليرموك من جهة أخرى، وكانت هناك “مملكة صوبا” قرب بلدة عنجر جنوب زحلة في البقاع. وفي الشمال نجح الآراميون في التسلل إلى وادي “كارازو” وأسسوا في سفوح جبال الأمانوس مملكة شمال، وجعلوا مدينة “زنجرلي” عاصمة لها. وفي الجنوب خضعت حماه مع وادي نهر العاصي الأوسط لسلطة الآراميين، ثم قاموا بتشكيل مقاطعات إدارية عديدة.

وشكلوا “إمارة صوبا” التي تقع في سهل البقاع، وتقع “إمارة بيت رحوب” إلى الجنوب منها، و”إمارة ماكاح” وتشمل منطقة تل القاضي والجولان، وإمارة جيشور التي تقع إلى الشرق منها، بين دمشق ونهر اليرموك. ومملكة “بيت آغوشي” وعاصمتها “أرفاد” القابعة أطلالها في تل رفعت.

و”كركميش” جرابلس، و”شمال” زنجر لي في تركيا.لقد احتكر الآراميون تجارة سوريا الداخلية، وكانت قوافلهم تجوب الشرق الأدنى بكامله، تحمل الأرجوان من فينيقيا والأبنوس والعاج من أفريقيا واللؤلؤ من الخليج، كما تاجروا بالألبسة والنحاس واستخدموا النقود في تجارتهم، عثر في أطلال آشور ونينوى على أوزان نحاسية آرامية، كما أجادوا صناعة التحف العاجية وصياغة الحلي الذهبية والفضية والنحاسية، وصناعة الأسلحة والمركبات الحربية.

وقد عثر في تل حلف على إناء برونزي منقوش. وكانت مملكة “بيت زماني” تعتمد في اقتصادها على استخراج النحاس المحلي من منطقة المناجم الواقعة على بعد 60 كم إلى الشمال الغربي من ديار بكر، وورد ذكر القصدير في حولياتهم مع المعادن الأخرى، وخاصة الذهب والفضة.اعتمد الآراميون في غذائهم على الحبوب والخضروات والفاكهة، فقد ذكرت النصوص أنّ أهم أنواع الحبوب كانت الشعير ثم القمح، حيث كان الشعير وسيلة الدفع في الحضارة الرافدية القديمة، قبل أنّ تصبح الفضة والذهب هي الوسيلة في وقت لاحق.

وتذكر النصوص أنّ زراعة الكرمة والأشجار المثمرة ترافقت مع زراعة الحبوب. أمّا تلقيح النخيل فكان يتم يدوياً، وقد تمّ تصوير ذلك في الأشكال الفنية، إذ وجدت في “جوزن” منحوتة من القرن التاسع تمثل رجلاً يتسلق شجرة نخيل بواسطة السلم، من أجل القيام بتخصيب الشجرة الأنثى ثمّ يقوم بوضع الزهر الذكري بوساطة كوز مخروطي.

كشفت الحوليات اقتصاداً مختلطاً من تربية المواشي والزراعة، عن طريق الذكر المتكرّر لضرائب تتألف من الغنم والثيران والأغنام، وذكرت الحبوب والتين والجياد والبغال. فرضت اللغة الآرامية نفسها على المنطقة، يساعدها على ذلك النشاط التجاري للمتحدثين بها، ومنذ القرن السادس ق.م. غدت اللغة الآرامية اللغة السائدة بين مقاطعات الإمبراطورية الفارسية الواسعة الأرجاء، لقد حصل الأرمن والفرس والهنود على أبجديتهم من مصادر آرامية.

وحروف الفهلوية والسنسكريتية هي من أصل آرامي، وحمل الكهنة البوذيون الأبجدية السنسكريتية إلى قلب الصين وكوريا واليابان، وكان عدد المتكلمين بالآرامية في بلاد آشور أكثر من المتكلمين باللغة الآشورية، لغة حيّة تطورت من لغة مجتمع بدوي إلى لغة مجتمعات حضارية مستقرة، وبقيت لغة الثقافة والتجارة والإدارة والفكر والأدب فترة طويلة تقرب من ألفي عام.

اهتمّ الملوك الآراميون بتحصينات المدن وبناء القصور الضخمة والواجهات الكبيرة، وقد درجوا على عادة تزيينيها من الخارج باللوحات المنقوشة، وأكثر المنحوتات تأثيراً، التماثيل الثلاثة التي تحمل السقف الخشبي للمدخل، إذ يقف كل منها على أسد وثور، بينما تقف المرأة على لبؤة.

الكتاب: الممالك والقبائل الآرامية في الجزيرة السورية

تأليف: خليل اقطيني

الناشر: دار الروضة دمشق 2011
https://www.albayan.ae/paths/books/2011-09-04-1.1496950