الشماس أو الخادم في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية
الجزء الأول
المؤهلات والهدف من وجود هذه الرتبة واخلاقية الخادم في المذبح :
“الشماس” مشمشونو (ܡܫܰܡܫܳܢܳܐ) خادم كلمة سريانية جاءت من ܬܶܫܡܶܫܬ̊ܳܐ (تِشمِشتو) خِدمة وܡܫܰܡܫܳܢܽܘܼܬ̥ܳܐ. ܫܰܡܳܫܽܘܼܬ̥ܳܐ اسم مصدر
والشماس هو خادم الكنيسة وهو من يقوم بمعاونة الكاهن في أداء الخدمات الدينية والصلوات الكنسية.
وجدت هذه الرتبة الكنسية من عهد الرسل الأطهار حيث يخبرنا سفر أعمال الرسل في الأصحاحات الخمسة الأولى عن نمو وتوسع الكنيسة الأولى ومع تزايد العدد واتساع الخدمة ظهرت مشاكل داخلية والتزامات يصعب أن يقوم بها الرسل الذين كان عملهم هو الكرازة. من هنا ظهرت الحاجة إلى سيامة أول مجموعة من الشمامسة.
وجاء في الاصحاح السادس : فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا: «لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ. فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَال مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ، فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هذِهِ الْحَاجَةِ. (أع 6 : 2 – 3)
من هذه الآية يا أحبائي نفهم أن يكون الخادم مشهوداً له بالتواضع والمحبة وبذل الذات وممتلئاً من الروح القدس أي مؤمناً وغيوراً .
اخلاقية الشماس في المذبح:
كلنا نعلم أن إلهنا إله نظام وترتيب وليس إله فوضى وتشويش وعشائرية ومحبة للظهور يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس 14 : 40
وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ. ويقول كذلك “أنذروا الذين هم بلا ترتيب، أختبروا كل شيء. تمسكوا بالحسن.”
الجميع قاطن أو قادم من الشرق الاوسط والجميع عانى ويعاني من مشاكل جمة في تلك المجتمعات وأخطر المشاكل هي المشاكل النفسية والخلقية , نعم أحبائي كلنا أولاد تلك البيئة وتربينا هناك وترعرعنا مع مجتمعات متنوعة ومختلفة عن عاداتنا وتقاليدنا ولهذا نجد اليوم البعض وليس نقول الكل , هنالك البعض يتصرف داخل مذبح الرب وكأنه في مقهى أو شارع أو كافتريا ونسيّ أنه أمام هيبة الله وامام مذبحه المقدس وأمام جسده ودمه الأقدسين , لقد نشأنا في مجتمع فوضوي , لا أبالي وهنالك ظواهر غريبة في الشارع العربي وأخطرها والتي تناقلناها حتى البعض في بيوتهم ألا وهي ظاهرة الافتقار إلى النظام والترتيب….. لا نود الدخول بالتفاصيل ونبتعد عن مضمون درسنا فلابد ان نضع النقاط على الحروف وأن نوجه أحبتنا الشمامسة المبتدئين التوجيه السليم الذي يرضي ربنا هنالك نقاط رئيسية لابد أن يلتزم الشماس بها داخل المذبح والكنيسة وهي :
1 – أن يتصف بالتواضع والمحبة لأن خادم الرب يجب أن يكون متواضعاً , مطيعاً , محباً , متفاني في خدمته , غيوراً على بيت الرب , هذه الصفات متلازمة مع بعضها البعض أي كيف يكون متواضعاً ولا يطيع الكبار أو المعلمين والأب الكاهن ؟ علمنا رب المجد معنى التواضع حين غسل أرجل تلاميذه وقبل ذلك نزوله من عليائه والملائكة تخدمه , نزل وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وصار يخدم البشرية على الارض وقالها بفمه المبارك : “كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».” (مت 20: 28). وقبوله كل الاهانات والالام والشتم والبصق من أجلنا هذه هي المحبة الحقيقية والتفاني من أجل الآخرين , قبول النقد بروح رياضية وبرحابة صدر والطاعة والاحترام المتبادل هي بداية المشوار في الخدمة.
2 – علينا ان نعمل بترتيب ونظام لان الهنا اله ترتيب واله نظام واذا ما وجد الترتيب والنظام وجدت البركة والنعمة تأمل يا عزيزي في المعجزة التي صنعها السيد المسيح له المجد عند اشباعه الجموع من الخمس خبزات والسمكتين كيف امر التلاميذ ان يتكئوا الجموع فرقا فرقا خمسين خمسين ألم يدل هذا على الترتيب والنظام ولعلك تقول :وما هو الداعي لذلك او ما هي المناسبة ؟… اقول لكم: يجب من الضروري ان توجدوا الترتيب عندكم , في حياتكم اليومية , في كل شيء وفي كل مفردات الحياة التي تعيشوها ومنها تنطلقوا في خدمة المذبح وفي الحياة العملية , يقول الكتاب المقدس : “فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” (مت 5: 16). كل عمل حسن نقوم به يعكس صورة الأب السماوي أمام الأخرين فلنجعل حياتنا اليومية انجيلاً مفتوحاً والنظام والترتيب ليس بجديد فمنذ بدء الخليقة وجدهما الله عندما خلق الارض وما فيها في ستة ايام مما يدل على الترتيب أي كان بمقدوره ان يصنعها بيوم واحد.
يتبع الجزء الثاني
الجزء الثاني
من البديهي لكل الكنائس الرسولية هنالك دستور لترتيب وضع الخدام من قداسة البطريرك الى اصغر خادم وكنيستنا السريانية الارثوذكسية واحدة من هذه الكنائس التي وضعت دستوراً للأكليروس .
في البداية علينا ان نعرف رتب الشماسية في كنيستنا :
1- الشماس المرتل ܡܙܰܡܪܳܢܳܐ مزَمرُنو
2- الشماس القارئ ܩܳܪܽܘܝܳܐ قُرويو
3- الشماس الأفدياقون ܗܽܘܦܶܕܝܰܩܢܳܐ هوفِديَقنو
4- الشماس الإنجيلي ܐܶܘܰܢܓܶܠܳܝܳܐ إوَنجِلُيو
5- الشماس الأرخدياقون ܐܰܪܟ̣ܶܕܝܰܩܽܘܢ أَرخِديَقون
1- الشماس المرتل ܡܙܰܡܪܳܢܳܐ مزَمرُنو : ويتضح من اسمه دوره في حفظ الألحان الكنسية والترنيم ولا يمنع من تقديمه لخدمة بيت الرب منذ نعومة أظفاره فالكتاب المقدس يقول: “من أفواه الأطفال والرضع هيأت تسبيحاً”. مز 8: 2 وفي كل أول درجة من الرسامة يُقص شعر المرتسم على شكل صليب إشارة إلى قطع الأهواء الرديئة والأفكار الشريرة.
2- الشماس القارئ ܩܳܪܽܘܝܳܐ قُرويو : تليها درجة القارئ على أن لا يقل عمره 12 سنة ومن وظائفه قراءة الرسائل وترانيم التسبيح والتمجيد بالسريانية وبلغة البلد الذي يعيش فيه .
3- الشماس الأفدياقون ܗܽܘܦܶܕܝܰܩܢܳܐ هوفِديَقنو : ثم يترقى إلى درجة الأفدياقون وهي كلمة يونانية وتعني مساعد الشماس ويجب أن لا يقل عن السبعة عشرة عاماً. ويُزكى عامة من الشعب والإكليروس ويكون مشهوداً لخدمته الفاضلة وأعماله الصالحة من قبل الجميع. وكانت وظيفته في البداية تقضي بحراسة أبواب الكنيسة من دخول الهراطقة والمحرومين، ويقف في مدخل الكنيسة وينظم جلوس المؤمنين من النساء والرجال في أماكنهم الخاصة، خاصة أنه في بدء المسيحية كان هيكل الكنيسة يُقسم إلى قسم خاص بالمؤمنين والمعمدين والتائبين وكانت وظيفة الأفدياقون أن يدل كل واحد على مكانه. بالإضافة إلى تحضير المبخرة وإيقاد شموع الكنيسة وحفظ الكتب الكنسية وتوضيب ثياب الكهنة والخدام بعد الإنتهاء من الذبيحة المقدسة.
4- الشماس الإنجيلي ܐܶܘܰܢܓܶܠܳܝܳܐ إوَنجِلُيو : وتعتبر درجة سامية وأول درجات الكهنوت الشريف، ومن ينال هذه الدرجة عليه أن يكون قدوة في الكلام والتصرف والمحبة والطاعة وبلا لوم كما يقول الكتاب المقدس: “وهؤلاء أيضاً ليُختبروا أولاً ثم يتشمسوا إن كانوا بلا لوم”. 1تي 3: 10 كان الإنجيلي سابقاً يكتب أسماء مقدمي القرابين والعطايا للكنيسة ليذكرهم الكاهن في القداس الإلهي، كما من وظيفته تنظيف الهيكل وترتيب المذبح قبل حضور الكاهن وبعد انتهاءه من القداس الإلهي. وإذا ارتسم شماساً انجيلياً وهو أعزب فلا يحق له أن يتزوج بعدها، وإذا ماتت زوجته بعد رسامته شماساً انجيلياً لا يحق له أن يتزوج كذلك وإذا حدث وتزوج فإنه يفقد رتبته الأخيرة. وتُمنح هذه الرتبة لمن لا يقل عن عشرين عاماً. وكان القديس الشهيد اسطيفانوس شماساً انجيلياً.
5- الشماس الأرخدياقون ܐܰܪܟ̣ܶܕܝܰܩܽܘܢ أَرخِديَقون: وتعني رئيس الشمامسة، ومن يحظى بهذه الدرجة السامية من الدرجات الشماسية فهذا يعني أنه عالماً بالكتاب المقدس ومتبحراً بالطقوس الكنسية والألحان البيعية، وملماً بكل وظائف الرتب الشماسية. ويُعتبر رئيساً للشمامسة ويقودهم ويدبرهم في الصلوات والمناسبات ويُعتبر أذن الأسقف وعينه ويُساعد الكاهن في المناولة إذا دعت الضرورة. ويكون مثالاً لجميع الشمامسة في مخافة الرب والعمل الصالح وطاعة رؤساؤه الروحيين.
وهذه هي الصفات التي ينصح بها الرسول بولس لشمامسة الكنيسة أن يكونوا قريبين من الله، خدومين ومتواضعين ومحبين للجميع وبلا لوم قائلاً: “كذلك يجب أن يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين غير مولعين بالخمر الكثير ولا طامعين بالربح القبيح ولهم سر الإيمان بضمير طاهر. وإنما هؤلاء أيضاً ليُختبروا أولاً ثم يتشمسوا إن كانوا بلا لوم. كذلك يجب أن تكون النساء ذوات وقار غير ثالبات صالحات أمينات في كل شئ، ليكن الشمامسة كل بعل امرأة واحدة مدبرين أولادهم وبيوتهم حسناً لأن الذين تشمسوا حسناً يقتنون لأنفسهم درجة حسنة وثقة كبيرة في الإيمان الذي بالمسيح يسوع”. 1تي 3: 8 – 10
وجاء في دستور كنيستنا في الفصل الثامن الكهنة والشمامسة وواجباتهم
الـمادة 120:
لا يرسم أفودياقوناً من لم يبلغ السادسة عشرة من عمره، وشماساً إنجيلياً من لم يكمل العشرين من عمره على أن يتدرج بالدرجات الصغرى وهي: المرتل، القارئ والأفودياقون.
الـمادة 121:
لا يرسم أرخدياقوناً إلا من بلغ الأربعين من عمره وعرف بحسن السيرة والعلم الديني والطقس الكنسي، ولا يكون إلاّ أرخدياقون واحد في الأبرشية.
الـمادة 122:
لا ترسم شمّاسة مرتلة من لم تبلغ الخامسة عشرة من عمرها.
الـمادة 123:
إذا مرق أحد الإكليروس من الكنيسة وتبع مذهباً آخر ثم ندم ورجع إلى أحضانها، فلا يسمح بترقيته إلى درجة أعلى من الدرجة التي كان عليها عند مروقه، ولو كان أهلاً لها. كما لا يُرقّى من عوقب بتأديبات كنسية شديدة.
الـمادة 124:
إذا انضمّ إكليريكي إلى الكنيسة لا يُرقَّى إلى درجة أعلى من التي كان عليها إلاّ بموافقة قداسة البطريرك.
الموضوع يطول كثيراً وربما قد نسيت شيئاً فمعذرة منكم وأتمنى من كافة أحبائي الشمامسة أن نكون قدوةً حسنة ونقتدي بمعلمنا ورئيسنا بكر الشهداء مار اسطيفانوس ولتكن بركة صلواته معنا وتعضدنا في خدمة مذبح الرب وله كل المجد والاكرام آمين .
الخادم بنعمة الرب
سمير يونان زكو
10 / 11 / 2022