موفق
بطرك الآشوريين، وأكيتو المنتحل، والأمة النينوية

موفق نيسكو

بطرك الآشوريين، وأكيتو المنتحل، والأمة النينوية

يَحتفل من يُطلق على أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين بعيد أكيتو المنتحل في الأول من نيسان، وقد ذكرت سابقاً قصة هذا العيد المسروق من حضارات العراق القديم، والخُدع التي يستعملها رجال دين وسياسيو الآشوريين والكلدان الحاليين الجدد، ففي كل عام يأتون بخُدعٍ جديدة ليزوِّرا تاريخ العراق وتاريخ المسيحية فيه، ويغشوا الناس البسطاء لأغراض سياسية، ومن هذه الخُدع رسالة بطرك الآشوريين آوا الثالث هذه السنة لرعيته، مستعملاً مصطلحاً سياسياً جديداً هو: (الأمة النينوية، ويجب أن نتحد كأبناء وبنات أمة نينوية واحدة)، ناسياً أن الآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء ولا بنينوى، إنما هم سريان آراميون ينحدرون من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، ونتيجة انقسامات الكنسية، سرق لهم الغرب (روما والإنكليز) بعد القرن السادس عشر الميلادي، اسمي كلدانٍ وآشوريين القديمين، وسَمَّوهم بهما، ثم قام مطران الكلدان أدي شير سنة 1912م باختراع اسم مزور جديد لربط الاسمين معاً هو، كلدو وأثور، والادعاء أنهم سليلو الآشوريين والكلدان القدماء، لكن محاولته خاصة بعد سنة 2003م، أثبتت فشلها في كل شيء، إلاَّ في أمر واحد هو أن الكلدان والآشوريين الجدد، هم أعداء كما كان الكلدان والآشوريون العراقيون الحقيقيون القدماء، حيث تحوَّل الطرفان إلى أعداء حقيقيين في مسالة فرض الاسم الآشوري على الكلدان، وبالعكس، فالآشوريون يُعيِّرون المتكلدنين، أنكم آشوريون سمَّتكم روما كلداناً، والكلدان يُعيِّرون المتأشورين أنكم كلدانٌ سمَّوكم الإنكليز آشوريين.

والحقيقة إن الآشوريين والكلدان الحاليين الجدد، في كل تاريخهم ووثائقهم، تبدأ سنتهم في الأول من تشرين الأول، وكلمة تشرين نفسها في قواميسهم ولغتهم السريانية، تعني البداية، وسنذكر وثائق نهاية المقال، منها جديدة، وعلماء العرب والمسلمين كانوا مستقلين، ولم يكونوا مسيحيين أو سرياناً، فكتبوا ما موجود في عصرهم من أعياد المسيحيين، ومنهم السريان النساطرة أي الآشوريون والكلدان الحاليون، فسمَّوها، أعياداً وسنيناً وشهوراً سريانية، فالبيروني الخوارزمي في القرن العاشر ذكر بوضوح تواريخ وأعياد المسيحيين الموجودة في زمنه، وأن السنة السريانية تبدأ في شهر تشرين الأول، علماً أنه ذكر أعياد شهر نيسان، لكنه لم يذكر وجود عيد اسمه أكيتو (الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص70، 119-123، 255-288)، ويؤكد محمد بن عبد المنعم الحميري أن السنة السريانية تبدأ في تشرين أول، ويقول: يجمع الصابئة في مواقيت صومهم ومناسكهم بين الشهور الشمسية والقمرية، ويُسَمَّون الشهر الهلالي بما يتفق أن يقع فيه من شهور السريانيين، فيقولون: هلال تشرين الأول، هلال تشرين الثاني (الروض المعطار في خبر الأقطار، ص192).

إن أكيتو هو عيد سومري لاستسقاء المطر، وجزء من شعائره الموجهة للإله ننكال كانت مخصصة للشاذين جنسياً (راجحة خضر عباس النعيمي، أعياد حضارات وادي الرافدين، ص73)، ويبدو أنه كان مخصصاً لمدينة أور فقط، وأقدم ذكر لنواة معبد أكيتو هو في عهد أمار سين (2046-238 ق.م.)، ثالث ملوك سلالة أور الثالثة، ولا يُعرف معنى كلمة أكيتو ولا أصلها بالضبط إن كانت سومرية أو أكدية أو غريبة، كما اختلف توقيت شهر ويوم الاحتفال بأكيتو، ثم أخذ البابليون أكيتو ونظمُّوه بصلوات موجهة للإله مردوخ، بعدها غزا الملك الآشوري توكلتو ننورتا الأول 1208 ق.م. بابل وسرق تمثال مردوخ كغنيمة، واحتفل به إرضاءً للبابليين لبسط سيطرته عليهم، وليس تقديساً له، وانتهى ذكرالعيد قبل الميلاد، ولم يُحتفل به مطلقاً بعد الميلاد، لا من المسيحيين، ولا من غيرهم، وبعد قيام الإنكليز بتسمية السريان النساطرة، آشوريين، ونزوح العديد منهم في الحرب العالمية الأولى من إيران وتركيا إلى العراق الذي آواهم، خانوا العراق وتنكروا للجميل، وبدؤوا يطالبون بدولة آشور معتبرين أنفسهم زوراً سليلي الآشوريين القدماء، يساندهم قلة من الكلدان، وبتشجيع من الإنكليز بعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور وفي 28 كانون الثاني 1918م أعطاهم الكابتن كريسي وعداً بإقامة كيان آشوري، وضعت نقاطه في بيان المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس في 31 أيار 1924م، وحدث نزاع الآشوريين مع الدولة العراقية، انتهى بفشلهم سنة 1933م في سميل، ونُفي بطركهم إيشاي إلى أمريكا.

منذ خمسينيات القرن الماضي شكَّل السريان المتأشورون أحزباً سياسية كثيرة في أمريكا والمهجر، ولأن كل عمل سياسي مبني على خدعة، يحتاج لخُدع تعزز فكرته وموقفه مثل: علم، عيد، رموز، شعارات..إلخ، فقد غاصوا في بطون كتب تاريخ العراق، ووجدوا ضالتهم في عيد أكيتو، وسنة 1968 قرر حزب الاتحاد الآشوري العالمي AUA، في استراليا، ألاحتفال به باعتباره رأس السنة الآشورية، واحتفلوا به رسمياً لأول مرة سنة 1970م، لكن المتكلدنين لم يُعيروا له أهمية ويحتفلوا به في البداية، وبعد الاحتلال سنة 2003م، بدأ المتكلدنون أيضاً الاحتفال به نكاية بالمتأشورين، لكن باسم كلداني وبابلي، وبعد 2003م بدأ بطاركة الآشوريين توجيه رسالة تهنئة لرعيتهم في العيد، ناسينَ أنه عيد وثني ومن الصدف أنه مرتبط بكذبة نيسان، تبعهم سنة 2018م، بطرك الكلدان ساكو بتوجيه رسالة تهنئة لرعيته، وقد توقفوا سنتين عن توجيه رسالة عندما وجهت أنا لهم رسالة انتقاد سنة 2016م، لكنهم عادوا بتوجيه رسائل تحت ضغط المتعصبين الذين عيَّروهم بأنهم خضعوا لكاتب مثلي.

نتيجة لردة الفعل القوية من الكلدان والسريان برفض الاسم الآشوري الذي كان يُلمح به رجال دين الآشوريين دائماً، معتبرين الجميع آشوريين، فقد ابتدع بطرك المتأشورين هذه السنة مصطلحاً جديداً لدغدغة مشاعر المسيحيين وخداعهم، فشرح لهم تاريخ نينوى القديم عاصمة الآشوريين، المدني والديني، معتبرها عاصمته أمته المقبلة، وأن كل السريان والكلدان والآشوريين هم أبناء أمة نينوية واحدة، قائلاً: (واضح وجلي أن الآشوريين والكلدان والسريان أبناء أمّة نينوية واحدة، ويجب أن نتحد كأبناء وبنات أمة نينوية واحدة)، وبذلك اعتقد انه قد حلَّ المشكلة بتبديل اشوريين إلى نينويين، ولأن هذا البطرك وغيره من رجال الدين على شاكلته يخدعون شعبهم، وهم سياسيون بثوب ديني، ويرأسون كنيسة هي حزب سياسي، وليس كنيسة مسيحية، فهؤلاء جاهلون بتاريخ كنيستهم، فمع الاعتزاز بمدينة الموصل، نينوى العريقة، لكنها آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية حيث دخلتها في القرن السادس، وكانت نينوى إلى عصر دخول الإسلام قرية صغيرة فيها محلتان واحدة للفرس والثانية للجرامقة الآراميين، ثم بُنيت الموصل في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بالقرب من نينوى القديمة (مطران الكلدان أدي شير، التاريخ السعردي، ج2 ص308)، وأول ذكر لأسقف نينوى في تاريخ كنيسة من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين هو آحودامة في مجمع يوسف سنة 554م وكانت أسقفية نينوى تابعة لمطرانية حدياب، أربيل التي كانت مرتبتها في الكنيسة السريانية الشرقية (أي كنيسة الكلدان والآشوريين الحاليين)، هي السادسة حسب القانون 21 لمجمع إسحق 410م، وعندما أصبحت الموصل كبيرة بعد الإسلام، أصبح فيها مطران سنة 828م، لكنها بقيت تابعة لحدياب ولم تستقل كأبرشية إلى سنة 1188م، ومنذ القرن 16 بدأت أبرشية الموصل تظهر أكثر من أربيل عندما انفصل السريان الشرقيون عن النساطرة وشكلوا كنيسة باسم كلدانية، واتخذوا الموصل مقراً لهم في سنة 1830م، أمَّا الذين بقوا نساطرة وسَمَّاهم الإنكليز فيما بعد آشوريين، فوجودهم كان ضعيفاً جداً في الموصل إلى الأيام الأخيرة مقارنة مع وجودهم في الشمال بين الكورد، ويقول مطران الكلدان أدّي شير: عندما اكتسبت الموصل أهمية كبيرة، قُسمت أبرشية حدياب إلى قسمين، أربيل والموصل، واتحدتا فقيل أبرشية حدياب وأثور (تاريخ كلدو وأثور، ج2 المقدمة، ص15)، علماً أن الآباء السريان فرَّقوا بين نينوى والموصل، وأطلقوا اسم نينوى على المنطقة الكنسية المحيطة بالموصل، واسم الموصل أو أثور على مركز مدينة الموصل.
أما مقر بطركية المشرق التي ينتمي لها البطرك آوا صاحب بدعة الأمة النينوية، فلقبه الرسمي هو بطرك أو جاثليق ساليق وقطسيفون، كما يرد في التاريخ وعند انتخاب بطاركتهم إلى اليوم، وجاثليقية أو بطركية كنيسته تأسست في المدائن (ساليق وقطسيفون) سنة 310م وبقيت أربعة قرون حيث انتقلت إلى بغداد وبقيت خمسة قرون 780-1283م، وبسبب حرب المغول وغيرها انتقلت إلى مراغا جنوب أورميا في إيران ثم أربيل 1318م، وكرمليس قرب الموصل 1332م، والموصل بعد 1364م، وجزيرة ابن عمر- تركيا 1497م، ودير هرمز- ألقوش 1504م، ولفترات متقطعة، سلماس وخسرو آباد وأرومية- إيران، وقوجانس هكاري- تركيا، أربعة قرون 1600-1920م، وأمريكا 1933-2015م، والعراق 2015- الآن.

من الأمور الطريفة التي لا يعلمها هؤلاء الآراميون السريان، المتأشورون والمتكلدنون الحاليون، عن أكيت، أولاً: إن الآشوريون القدماء توقفوا عن الاحتفال بأكيتوا عدة مرات بسبب الثورات والضغط الآرامي تحديداً (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ج1 وادي الرافدين، ص464، راجحة النعيمي، أعياد حضارات وادي الرافدين، ص38-84)، ثانياً: المتأشورون الحاليون يعتبرون كل تاريخ العراق منذ الخليقة بملوكه ككلكامش ونرام سين وسرجون الأكدي وحمورابي الأموري ونمرود الحامي، وغيرهم، آشورياً، فسنتهم الآشورية لهذه السنة 2023م، هي (6773 آشورية)، أمَّا المتكلدنون الحاليون، فكل تاريخ العراق منذ الخليقة بنفس ملوكه المذكورين أعلاه يعتبرنه، كلدانياً، وسنتهم أطول (7323 بابلية او كلدانية)، وهذا مخالف للعلم، فالآشوريون القدماء أقوم أكدية نزحت من الصحراء العربية-السورية غرب الفرات، وسكنت جنوب العراق، ثم نزحوا حوالي سنة 2500 ق.م.، واحتلوا شماله الذي كان اسمه بلاد سوبارتو، ولم يبرز اسم الآشوريين بوضوح إلَّا بحدود 1500 ق.م.، وإلى آخر ملك آشوري 612 ق.م. كانت البلاد تُسَمَّى سوبارتو، أمَّا دولة الكلدان فعمرها 73 سنة فقط، ويقول طه باقر إن عمرها هو عصر نبوخذ نصر 43 سنة فقط، وما قبلها هو، بابلي، لا كلداني، والنبي دانيال هو الذي سمَّاها كسدانية وليس كلدانية، ثم سنة 280 ق.م. تغير الاسم في الترجمة السبعينية اليونانية إلى من كسديم إلى كلدانية، وحتى اسم بابل هو حديث منذ زمن حمورابي، وقبله كان اسمها (كا. دنكر. را.كي،Ka. Dingir. Ra. Ki). والحقيقة إن هذه السنين عبارة عن أساطير مثل كذبة نيسان، سواءً كانت منسوبة للعلم، أم للدين، فالأكثر طرافة وأهمية أن ما يقول هؤلاء البطاركة مخالف للكتاب المقدس الذي من المفروض أن يكونوا حراساً له، فحسب العهد القديم العبري الأصلي، إن عمر آدم على الأرض سنة 4004 ق.م.!.

سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

تُعدُّ الآنسة سورما إيشاي (1883–1975م) شخصية مهمة لعبت دوراً رئيساً في تاريخ العراق، وقامت بدور ديني ومدني وعشائري وسياسي وعسكري أدى إلى أخيراً إلى أحداث سميل 1933م، التي على أثرها نُفيت مع ابن أخيها البطرك شمعون أيشاي وآخرين خارج العراق، كما لعبت دوراً مهماً بتعزيز الاسم الآشوري المخترع حديثاً من الإنكليز للسريان النساطرة، وأبرزت قضية الآشوريين سياسياً دولياً.

ولدت سورما في قوجانس-هكاري/ تركيا سنة 1883م، وهي الأخت الكبرى لبطركي النساطرة شمعون 19 بنيامين إيشاي (1903–1918م)، وشمعون 20 بولس إيشاي (1918–1920م)، وعمة البطرك شمعون 21 إيشاي داود إيشاي (1920–1975م)، (ملاحظة: اسم شمعون يعني بطرس، وهو لقب كنسي يسبق كل اسم بطرك)، وسورما هي من عائلة أبونا التي استحوذت على البطركية النسطورية منذ سنة 1318-1976م وجعلتها وراثية في عائلتها، وسَبَبَ نظام الوراثة مشاكل حيث تم رسامة بطاركة ومطارنة أطفال لمحدودية العدد في عائلة أبونا، ورفض نظام الوراثة كثيرون من النساطرة وأخيراً أدت هذه المشاكل إلى انفصال أكثر من نصف النساطرة سنة 1553م وانتمائهم لكنيسة روما الكاثوليكية، وهي بداية الكثلكة في العراق، وهؤلاء المتكثلكين هم الذين أطلقت عليهم روما اسم الكلدان، وثبت اسمهم رسمياً في 5 تموز1830م، بينما سَمَّى رئيس أساقفة كانتربري الإنكليزي سنة 1876م الطرف النسطوري الآخر، آشوريين.

تتلمذت سورما على يد الراهب الإنكليزي بروان الذي أرسله رئيس أساقفة كانتربري الذي سَمَّى النساطرة آشوريين لمساعدة السريان النساطرة، وعاش براون بين النساطرة في قوجانس قرب البطرك قرابة 25 سنة حتى وفاته في 14 أيلول 1910م، وكان صديقاً ومستشاراً للبطركين النسطوريين روبين بنيامين (1861-1903م)، وبنيامين إيشاي (1903–1918م) أخو سورما، وعاش بروان عيشة متواضعة نسكية، فكان يلبس ملابسهم ويأكل طعامهم وينام مفترشاً الأرض مثلهم، وبدا كأنه راهب من العصور الوسطى يعيش في القرن التاسع عشر، وأصبح عندهم كرئيس عشيرة يجتمعون إليه لحل مشاكلهم وخلافاتهم الدينية والدنيوية، ولاحظ براون أن النساطرة متمسكون بتقاليدهم الدينية والعشائرية، لذلك كان يُسايرهم في تفكيرهم، ويبشرهم بهدوء، ويحثهم على الابتعاد عن التقاليد الغربية والتمسك بالعادات والتقاليد الخاصة بهم بغية كسب تعاطفهم، ولم يضغط عليهم بترك مذهبهم النسطوري واعتناق مذهب الأنكليكان أسوةً بالمبشرين البروتستانت بقدر تركيزه على المسائل القومية وترك التسمية النسطورية مستعملاً معهم التسمية الآشورية، وقام براون بجهود كبيرة في تعليم الصغار القراءة والكتابة والمبادئ الدينية، وكان من طلابه كثير من أقارب البطرك روبين بنيامين من ضمنهم أبناء أخوته كالآنسة سورما إيشاي وأخوها بنيامين (البطرك بعدئذ)، ولإعجابه بشخصية سورما أطلق عليها لقب “السيدة، Lady”، وبناءً على ذلك سَمَّى الساسة الإنكليز سورما لاحقاً، “الأميرة الأثورية”. (Reed, G. S, edition by J.M. Hornus, La mission de L’Archevêque de Cantorbery aupres des Assyriens, Cahiers d’etudes chretiennes orientales 6, 1967 جورج ريد، بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين، ص20–21. نشره المختص بتاريخ الشرق المؤرخ ميشيل هورنس+1982م، الدراسات المسيحية الشرقية 6، باريس 1967م).

 

وصل البطرك بنيامين إيشاي أخو سورما إلى البطركية في 30 آذار 1903م وكان عمره بحدود ست عشرة سنة، ثم اغتيل سنة 1918م على يد إسماعيل آغا سامكوا الكوردي، فخلَفه شقيقه بولس إيشاي وكان مريضاً بالسل يعيش في مخيم بعقوبة للاجئين في فأرسله الطبيب وليم يكرام الملقب بابي الآشوريين الجدد، ومساندهم القوي والمروج لاسمهم الآشوري إلى دير مار متى للسريان الأرثوذكس للنقاهة في صيف 1919م، وعاد وتوفي في المخيم سنة 1920م، فخلَفه ابن أخيه وأخو سورما البطرك إيشاي داود إيشاي، وكان هذا طفلاً صغيراً لم يتجاوز عمره اثنتي عشرة سنة (مواليد 1908م)، فأصبحت عمته سورما وصية عليه وتعزز دورها أكثر، وأصبحت لها مكانة مهمة في اتخاذ القرارات كنسياً وسياسياً، ومن طريف الأمور أنه أثناء رسامة أيشاي وهو في سن الثانية عشرة، قال شهود عيان إنه كان ينظر من الشباك بحسرة إلى زملائه الذين يلعبون خارجاً، وهاري جارلس الذي زار الموصل سنة 1925م وكتب كتاب “الموصل وأقلياتها”، تحدث عن الكنيسة النسطورية، وبدأ الفصل الخامس بعبارة طريفة، فيقول: لنترك بطرك النساطرة يلعب كرة قدم مع زملائه الأولاد في ساحة على مشارف الموصل، لكي نفهم كيف يمكن لفتى لاجئ من جبال هكاري عمره ستة عشرة سنة نراه رئيس واحدة من أقدم الكنائس المسيحية (هاري جارلس، الموصل وأقليتها، ص56 ،1925م Harry Charles Luke, Mosul and its minorities, London ). (وهذا هو البطرك المار شمعون المذكور في خطاب عبد السلام عارف 14 تموز).

كانت سورما خانم قد نذرت نفسها للبتولية وتربت على يد المرسلين الأنكليكان خاصة الراهب براون منذ نعومة أظفارها، وكانت ذكية ومثقفة جداً، تقرأ لمشاهير الكتاب الإنكليز أمثال سكوت وستفنسن وغيرهما، ملمَّة بالمسائل الدينية ولاسيما اللاهوت الأنكليكاني، ذات شخصية حازمة وقوية، شديدة الشكيمة، صلبة الإرادة، بليغة الكلام والخطابة، متقنة للغة الإنكليزية بشكل مطلق، ولتمتعها بهذه المزايا وصفت بأنها حفيدة الملكة الآشورية الشهيرة شميرام، واستطاعت سورما أن تتميز وتتولى إدارة شؤون النساطرة من الناحية العملية زمناً طويلاً، فسافرت إلى عدة دول مثل سويسرا وإنكلترا وأمريكا وإيران وغيرها، وخاطبت وحضرت مؤتمرات مثل مؤتمر الصلح في باريس سنة 1918م، ومؤتمر عصبة الأمم المتحدة في جنيف سنة 1925م لعرض قضية الآشوريين على المحافل الدولية، وذهبت إلى إنكلترا بين سنتي (1919–1920م)، وحلت ضيفة على جمعية أخوات بيث عنيا، والتقت بعدة مسؤولين، وحضرت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني بخصوص القضية الآشورية، كما حضرت في الكنيسة الأسقفية في لندن، وكان أسلوبها وخطابها بالإنكليزية مؤثراً جداً يجذب انتباه وإعجاب الحاضرين، بحيث صرح رئيس أساقفة كانتربري راندال توماس دافيدسن Randall Tomas Davidson (1903–1928م) في كانون الثاني 1919م مخاطباً المسؤولين الإنكليز بخصوص المسألة الآشورية قائلاً: هل تنتظرون أن يُرفع العلم التركي فوق مناطقهم؟، وفي مدة زيارتها لإنكلترا اهتم بها الإعلام الإنكليزي كثيراً، وكانت صورها بالزي التقليدي موضوعاً رئيساً لبعض الصحف تحت عنوان كبير هو آشور، وفي مدة وجودها في لندن في نيسان سنة 1920م ألَّفت كتاب (الكنيسة الآشورية وتقاليدها واغتيال مار شمعون)، قدَّمت وشرحت فيه تاريخ الكنيسة النسطورية وطقوسها، والمأساة التي يعانيها شعبها، واغتيال أخيها البطرك بنيامين إيشاي، وعَدَّت فيه أن النساطرة هم آشوريون، وكَتبَ تمهيد الكتاب رئيس أساقفة كانتربري دافيدسن بعد تقديم ابتدائي كتبه ويكرام، وطبعته مطبعة Faith Press في لندن، واستقبلت الجماهير البريطانية الكتاب باهتمام كبير خاصة دافيدسن الذي عَدَّ الكتاب وثيقة مفيدة للتعريف بالكنيسة الآشورية للجماهير البريطانية، ووصف دافيدسين سورما خانم بمستشارة الكنيسة الأنكليكانية وصديقتها الوفية (كليرويبل يعقوب، سورما خانم، ص172–173. الكتاب 114 صفحة، أعيد طبعه 100 صفحة، Vehicle، نيويورك 1983م)، وفي 3 كانون الثاني 1966م عندما كانت سورما منفية في أمريكا منحها رئيس أساقفة كانتربري آرثر ميشيل رامسي Michael Ramsey (1961–1974م) وسام “صليب القديس أوغسطين” تثميناً لمكانتها وصداقتها.

بعد أن أطلق الإنكليز اسم الآشوريين على النساطرة، أطلق المبشر ويكرام على الآنسة سورما إيشاي لقب الخانم (ويكرام، مهد البشرية، ص356)، أسوةً بلقب lady الذي أطلقه الراهب براون عليها، وأيد هذا اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناء على طلب زوجته ماري من تيك (1867–1953م)، وكلمة خانم تركية معناها السيدة ذات السيادة المطلقة، وعندما عُيَّن الكولونيل الإنكليزي جيرارد ليجمان حاكماً لمدينة الموصل سنة 1919م تحدث إلى سكان الموصل العرب قائلاً: عجيب أمركم يا أهل الموصل، إنكم لا تعرفون أصلكم، فانتم من أصول الأثوريين، فرد عليه أهل الموصل: وما معنى هذه الكلمة (أثوريين)، فقال ليجمان: إنني مستغرب من عدم علمكم بتاريخ أجدادكم، بكونكم أحفاداً للأثوريين الجبابرة الذين شيدوا مجد نينوى، عجيب غفلتم وجهلكم بتاريخكم القومي، فأنتم أحفاد الأثوريين والكلدان، فردَّ عليه أهل الموصل نحن العرب الذين تغنيتم أنتم بفلاسفتنا وشعرائنا وتراثنا، فقال ليجمان: لا، لا، أنتم أثوريون، فرد أهل الموصل: والله العظيم نحن عرب أبناء الخزرجين والأزديين وبني تميم وتغلب وقيس والمضريين والحمدانيين، أصحاب السيف والقلم، وبنو عقيل ومنا الأعشى التغلبي وأبو نواس وأبو فراس، ومنذ زمن عصر الفتوحات الإسلامية لم نجد في الموصل إلاَّ الفرس والمسيحيين الجرامقة (أقوام آرامية)، فقال ليجمان: شئتم أم أبيتم أنتم أثوريون، وانتم جهلة حمير لا تعرفون تاريخكم، نحن نفهم أكثر منكم، فرد أهل الموصل: اللهم حسبنا كل حساب، إلاَّ هذا الذي أتانا آخر يوم، ثم أوعز ليجمان إلى رئيس تحرير جريدة الموصل التي كانت تهتم بنشر أخبار البلاد، أن تُطلق على الآنسة سورما لقب صاحبة السمو الأميرة الأثورية سورما، وأن صاحبة السمو موجودة الآن في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن الوعد الذي قطعه الإنكليز لمواطنيها بإنشاء وطن قومي للأثوريين الكلدانيين في شمال العراق، فاستغرب رئيس التحرير وكان مسيحياً كلدانياً، وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم الآشوريين، ولا يوجد أميرة لهم، وهؤلاء هم أكراد نساطرة، وأنهم ليسوا من الأثورية الكلدانية بشيء، وغالبية أهل الموصل يَعدُّونهم أكراداً مسيحيين، وكانوا دائماً ينظرون إليهم بشيء من الاحتقار، لذلك طرح هذا الاسم سوف يشكل شقاقاً بين أهل الموصل من المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصر على ذلك (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص232-237).

وبتاريخ 5 حزيران سنة 1926م منحت الحكومة البريطانية سورما خانم وسام الفروسية البريطانية (Order of the British Empire) المعروف اختصاراً (OBE) مع عدة ألقاب فخرية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها منح هذا الوسام لامرأة، وتم تقليد سورما هذا الوسام في مدينة الموصل في 3 شباط سنة 1929م.
وشكراً/ موفق نيسكو- يتبع ج٢

السريان في تواريخ العرب والمسلمين

     

السريان في تواريخ العرب والمسلمين

السريان أو الآراميون أمة وحضارة مشهورة في تراث العرب والمسلمين، وقد ذكرنا سابقاً أن تراث العرب والمسلمين مهم جداً للسريان، والسبب أنهم عاشوا معاً، وكُتَّاب العرب والمسلمين لم يكونوا مسيحيين أو سرياناً، بل طرفاً مستقلاً كتبوا أسماء القوم المعروفة بينهم، لذلك كتابتهم هي دليل واضح على وجود السريان كأمة قومية حضارية، وأن الكلدان والآشوريين الحاليين هم سريان، ولا وجود لاسميهما مطلقاً، بل لشهرة السريان عند العرب كالمسعودي، اليعقوبي، الطبري، أبي الفداء، ابن خلدون، وغيرهم، فقد عَدَّ قسم منهم كل الأمم القديمة بضمنها دولتي بابل وآشور، سرياناً، وسَمَّوا ملوكهم، ملوك السريان، وخصصوا فصلاً بعنوان: ملوك السريان، وأول الملوك بعد الطوفان كانوا سرياناً، وآدم أبو البشرية تكلم بالسريانية..إلخ (المسعودي، مروج الذهب، فصل ملوك السريان، ج1 ص140. تاريخ اليعقوبي، ج1 ص81. تاريخ ابن خلدون، ج2 ص78. أبي عبيد البكري، المسالك والممالك، ص203. البيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص94).

رغم أن السريان انقسموا إلى عدة أقسام، لكن العرب كانوا ينظرون إليهم كشعب سرياني واحد، فيُسَمُّون جميعهم، السريان، وقد ميَّزَ العرب المسلمون بشكل واضح بين السريان كقوم وحضارة، وبين النصارى كدين، فاستعملوا كلمة النصارى الواردة في القرآن على المسيحيين عندما كانوا يريدون تمييزهم كدين عن المسلمين مثل، كتب الرد على النصارى ومجادلتهم، المسيح (ع) بين النصرانية والإسلام، النصارى في القرآن..إلخ، بينما استعملوا كلمة سرياني عندما أرادوا تمييزهم كأمة وحضارة ولغة وغيرها، وهل كان المسلمون يجرؤون على استعمال اسم السريان بدل النصارى الوارد في القران للدلالة على المسيحيين لو لم يكن اسم السريان هو اسم قوم وحضارة؟، وسنجد أن العرب سموا كل المتكلمين بالسريانية كاليهود والصابئة وغيرهم من غير المسيحيين أيضاً، سرياناً، فقد سَمَّى العرب المسلمون الشعب، سريانياً، وبلادهم بلاد السريان، وبعض مناطق السريان في الشام والعراق، سورستان، وليس نصراني ستان، ومناطق السريان في العراق، سورستان العراق، وحددوا منطقتها من الموصل إلى آخر الكوفة (معجم البلدان، ج5 ص91، سورستان. والبغدادي، مراصد الاطلاع، ج2 ص754. والبلخي، البدء والتاريخ، ج2 ص15).

وسَمَّى العرب بعض الجبال، جبل السريان، وسَمَّوا السنين وشهورها والأعياد، بسنين وشهور وأعياد السريان، والموسيقا والأنغام أيضاً، سريانية (مروج الذهب، ذكر شهور القبط والسريانيين، اختلاط الألسنة، الموسيقا، ج1، ص140، 214، ج2 ص 385-387، 343، والتنبيه والإشراف، ص66 و177. والبيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية، سنة وشهور وآباء السريانيين والأعياد، ص70، 119، 255-288. وتاريخ أبي الفداء، ج1 ص132، وتاريخ اليعقوبي، ج1 ص81. والجهشاري، الوزراء والكتاب، ص1. والصفدي، الوافي بالوفيات، تاريخ السريان، ج1 ص32. والحميري، الروض المعطار، شهور السريانيين، ص192. وغيرهم) ويقول المسعودي إن الكلدان القدماء كانوا سرياناً، ولغتهم سورية (سريانية)، (التنبيه والإشراف، ص166، 172، ولاحظ دقة المسعودي بقوله: لغتهم سورية، لأن اللغة السريانية هي لغة بلاد سوريا، لكن السريان ولغتهم السريانية ليست محصورة في دولة سوريا الجغرافية الحالية، مثل ما العرب والعربية ليست محصورة في جغرافية الجزيرة العربية (وانظر مقدمة تاج العروس أيضاً فيقول السريانية نسبةً لسوريا، ويقول ابن خلدون، السريان ينتمون إلى سوريان بن نبيط بن ماش بن آرام (تاريخ ابن خلدون، ج2 ص78. والقلشقندي، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، ص36)، ويقول الزركلي: الجاثليق هو رئيس رؤساء الكهنة السريانيين في بلاد المشرق، العراق وفارس وما إليها (الزركلي، الأعلام، ج5 ص117).

ولشهرة السريان بين العرب، فجميع أهل العلم كالأطباء والفلاسفة والمترجمين عند العرب هم، سريان، وجميع العلوم والفلسفة لم تتُرجم في المراحل الأولى من اليونانية إلى العربية مباشرةً، بل تُرجمها السريان من اليونانية إلى السريانية ومنها إلى العربية، وفي المراحل المتأخرة، ترجم السريان كتب اليونان من اليونانية للعربية مباشرةً، ففي كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء، سَمَّى ابن أبي أصيبعة (1198-1270م) الباب الثامن “طبقات الأطباء السريانيين الذين كانوا في ظل دولة بني العباس”، ويقول عن بختيشوع بن جرجس: اسمه يعني عبد المسيح وفي اللغة السريانية معنى البخت، أي العبد، وعن بختيشوع بن جبرائيل إنه كان سريانياً نبيل القدر، ويجب الملاحظة أنه فرَّق بين الأطباء السريان في العراق، والأطباء غير السريان، وأطباء ديار بكر، والملاحظة أنه فرَّق بوضوح بين مسيحي أو نصراني ويهودي، فسَمَّى كل من كانت لغته سريانية، سرياني، أي حتى اليهودي سَمَّاه سريانياً لأن لغة اليهود كانت السريانية (الآرامية)، فيقول: يوحنا بن ماسويه مسيحي المذهب سرياني، ص223، وسرجويه الطبيب كان يهودي المذهب سريانياً، ص209، وفي أخبار الحكماء لأبن القفطي (1172-1248م): كان سرجويه سريانياً يهودي المذهب، ص213، ويوحنا بن ماسويه نصراني سرياني، ص248، وكان أهرون القس السرياني في صدر (الملة) وكناشه بالسريانية، ص57، وسنان بن ثابت الصابئ كتب رسالة في ملوك السريانيين، ونقل كتاب القس يوسف السرياني إلى العربية، ص133، وكذلك فعل ابن جلجل في كتابه “طبقات الأطباء والحكماء”، بل أكثر، فلشهرة السريان عند العرب، عَدَّ كل الحكماء منذ عهد الطوفان في الشرق دولتان فقط، السريانية والكسروية أي الفرس، ص34، وبعدهما ذكر اليونان، ثم خصص الفصل السادس: من لم يكن في أصله رومياً ولا سرياناً ولا فارسياً، ويذكر ابن سينا أيضاً في كتابه “القانون في الطب” الأطباء السريان، وألَّف العرب بعض كتب الطب مثل كتاب الطبيب والجراح خلف بن عباس الزهراوي الأندلسي +1036م: أسماء العقاقير وأعمارها باليونانية والسريانية والفارسية والعجمية وتفسير المكاييل والموازيين، وتفسير الأسماء الجارية في علم الطب، وقد ذكر العرب أنه كان للسريان خمسون مدرسة في بلاد ما بين النهرين (أحمد أمين، ضحى الإسلام، ج2 ص59-60)، ولعب السريان دوراً بارزاً في بيت الحكمة، ويُلقب حنين بن إسحق بدائرة معارف السريان في القرن الثالث الهجري (مجلة المجمع العلمي العراقي، هيئة اللغة السريانية، مج21 ص139)، ووردت أخبار ديارات وكنائس السريان في كتب الديارات، للحموي، الشابشتي، الأصفهاني، البغدادي، الكلبي، السري الموصلي، الخالديين، الشمشاطي، وفي العصر الحديث، محمد سعيد الطريحي، الديارات والأمكنة النصرانية في الكوفة وضواحيها، وحبيب الزيات، الديارات النصرانية في الإسلام، وغيرهم.

يقول العرب المسلمون: وضع السريان حروف الأبجدية العربية أبجد، هوَّز، وهيلا تبعد فيها العجمة لأنها حروف يقع عليها تعليم الخط بالسرياني (الألوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج1 ص271، والسيوطي، المزهر، ج2 ص298)، والخط العربي قِيس على هجاء السريانية (عبد السلام هارون، نوادر المخطوطات، 1954م، مجموعة 5، ص65)، والقلم الذي كُتب به القران الكريم هو نظير القلم السرياني (ابن النديم، الفهرست، الكلام عن القلم السرياني، ويذكر بكثرة السريان ولغتهم وشخصيات وأطباء سريان)، وأبو الأسود الدؤلي وتلاميذه وضعوا حركات ونقاط الإعجام في المصحف الإسلامي على غرار السريان (مقدمة أبو عمر الداني، المحكم في نقط المصحف، ص28– 29)، وفي الحديث أن الرسول أمر زيد بن ثابت تعلم السريانية قائلاً:‏ أتحسن السريانية؟ فإنه يأتيني كتب بها‏، فتعلَّمتُها في سبعة عشر يوماً، فكنت أقرأ لرسول الله كتبهم إذا كتبوا إليه، وأُجيب إذا كَتَبْ (القلشقندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، ج1 ص202، وسنن الترمذي، كتاب الاستئذان والآداب، باب ما جاء في تعليم السريانية، ص730)، والعالم السرياني يعقوب الرهَّاوي (+708م) أفتى لرجال الدين السريان أن يعلِّموا أولاد المسلمين بعد أن كانوا مترددين (أحمد أمين، فجر الإسلام، ص132)، وعندما احترقت الكعبة 608م تقريباً،أعاد الوليد بن المغيرة بنائها، فأدخل رجل من قريش عتلة بين حجرين، فوجدوا كتاباً بالسريانية لم يدروا ما هو، فقرأ لهم يهودي: الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السموات والأرض (ابن إسحق، ص153)، وجلبَ عبدالله بن عمرو بن العاص بعيرين محمَّلين بكتب سريانية من معركة اليرموك وكان يقرأ منها (ابن كثير، البداية والنهاية، ج2 ص277، فصل فيما يذكر من صفاته (ع) في الكتب المأثورة عن الأنبياء الأقدمين)، وينقل الطبري عن ابن حميد: استوينا على رأس الجماء جبل بالعقيق إذا قبر عظيم عليه حجران عظيمان فيهما كتاب بالمسند لا أدري ما هو، فعرضته على أهل السريانية، فلم يعرفوه (ج1 ص738–739)، ويقول ابن حزم: إذا تيقنا فالسريانية أصل العربية والعبرانية معاً، وأول من تكلم بالعربية إسمعيل (ع)، والعبرانية لغة إسحق، والسريانية بلا شك لغة نبينا إبراهيم (ص)، وبنقل الاستفاضة الموجبة بصحة العلم فالسريانية أصل لهما (الإحكام في أصول الأحكام، ج1 ص31–32).

في الكافي للكليني 2/124 عن أبي بصير: دخلت على الإمام الكاظم (ع) فقلت: يا أبا محمد إن نوحاً (ع) كان في السفينة فطافت بالبيت وضربت بجؤجؤها الجبل، فقال نوح يا ماري أتقن، وهو بالسريانية يا رب أصلح، وفي الاختصاص للمفيد عن بعض أئمة أهل البيت: كان خمسة أنبياء سريانيون: آدم، شيث، إدريس، نوح، وإبراهيم (ع)، وفي تفسير الطبرسي لسورة البقرة أن جبرائيل وميكائيل اسمان أعجميان عُرِّبا، وقيل جبر بالسريانية، وفي الميزان للطباطبائي، سورة الأنعام: كان إبراهيم (ع) يتكلم السريانية وهى لغة قومه، (أي السريانية قومية أسوةً بحديث الرسول الذي رواه الحافظ عن أبي هريرة وابن عساكر: العربية هي اللسان، ومن تكلم بالعربية فهو عربي، ومسألة كون لغة إبراهيم هي السريانية ترد عند كثير من علماء المسلمين سنة وشيعة، كالطبري، ابن سعد، ابن حزم، وغيرهم).

نتيجة المخالطة اقتبس العرب من السريان ألفاظاً كثيرة، كأسماء شخصيات العهد القديم: إسحق، إسمعيل، إسرئيل، فإسحق صيغة سرياني، لا عبرية (יצחק ي ص ح ق، أو ישחק ي ش ح ق)، وإسمعيل وإسرائيل (ء ش م ع ي ل، أو، ء س ر ي ل، أو، ء س ر ء ي ل) اسمان سريانيان، لا عبرانيان (ישמעאל ي ش م ع ء ل، وישראל ي ش ر ء ل)، وبعض الأسماء بصيغتها اليونانية أُخذت من السريان، لا من اليونان، فنجد ابن هشام ينقل عن ابن اسحق اسم برثلماوس بصيغته ومعناه السرياني، فكتبها (أبن ثلماء)، لأن كلمة بر بالسريانية، تعني، ابن (السيرة النبوية، ص109 و643)، وينقل الطبري وابن حزم والسيوطي وغيرهم الأسماء بصيغتها السريانية مثل فطرس (بطرس)، وأورد السيوطي وغيره عدداً من الكلمات بصيغتها السريانية جاءت في القرآن الكريم مثل: إنجيل، جهنم، طور، فردوس، وغيرها، ويقول جواد علي، إن كل الألفاظ اليونانية دخلت العربية عن طريق السريان، لا عن طريق اليونان، ومن السريان تعلَّمها الجاهليون (المُفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 8 ص536–537)، والعرب يلفظون الكلمات اليونانية كما يلفظها السريان، فيقولون: فندق، طقس، درهم، إقليم، وليس كما يلفظها اليونان: بندخيون، تكسيس، دراخما، طليما، وحتى اسم اليونان، فالعرب سَمَّوهم يوناناً كما سمعوا اسمهم من السريان، لا هيلس، كما سمعوه من اليونان.

وأُلِّفت كتب آثار آرامية في جزيرة العرب مثل (نقوش تيماء الآرامية) لسلمان عبد الرحمن الديب أستاذ الكتابات العربية القديمة، جامعة الملك سعود، قسم الآثار، وعُثر على مخطوطات سريانية في جزيرة العرب، وتنشر جامعة الملك سعود بحوثاً تاريخية آرامية-سريانية. موفق نيسكو

    

مخطوطات جديدة لكنيسة الكلدان تُثبت أنها سريانية

مخطوطات جديدة لكنيسة الكلدان تُثبت أنها سريانية

ذكرنا عدة مرات أن الكلدان والآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء، إنما هم سريان شرقيون نساطرة قامت روما حديثاً ولأغراض سياسية وطائفية، بانتحال لقب الكلدان وإطلاقه على القسم الذي تكثلك منهم، وثبت اسم الكلدان عليهم في 5 تموز 1830م، كما هو معروف ويؤكده الجميع بمن فيهم رجال دين الكلدان ومنهم البطريرك الحالي ساكو في كتابه خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ص41، ثم قام الإنكليز سنة 1876م بانتحال اسم آشوريين وإطلاقه على القسم الذي بقي نسطوري، وقد استغل الطرفان هاتين التسميتين المُنتحلتين لتشويه تاريخ العراق والكنيسة فيه بالإدعاء زوراً أنهم ينحدرون من الآشوريين والكلدان القدماء.

وقد أدرجنا مئات الوثائق تثبت ذلك، وكلما نكتشف وثائق جديدة ومهمة دامغة سنعرضها للقاري الكريم، لذلك ندرج اليوم مخطوطات لكتب أخرى قديمة من أرشيف كنيسة الكلدان نفسها تُثبت أنها كنيسة سريانية حتى بعد أن سَمَّتها روما كلدانية، وأنها بقيت تقرن السريانية باسمها لأنه هو الاسم الحقيقي، وهذه المخطوطات هي كثيرة وغير معروفة أو مطبوعة أو متداولة، أكيد أن الكنيسة الكلدانية تعلم بها لكنها لا تريد نشرها أو طبعها لأنها تفضح تسميتها الكلدانية المزورة حديثا، وسأكتفي بنشر كتابين:

1: كتاب (تقاليد الكنيسة السريانية الكلدانية)، سنة 1863م، قدَّم له ونشره القس بطرس عزيز نائب بطريرك الكلدان في حلب فيما بعد، والحقيقة إن اسم هذا الكتاب لوحده يكفي وواضح، إذ حتى بعد التسمية الكلدانية لم تتخلى كنيسة الكلدان عن الاسم السرياني، لأنه هو الاسم الحقيقي، بل يذكر الكتاب أنهم يُسمُّون أنفسهم (الملة السريانية الكلدانية)، وأن الكلدان هم السريان الشرقيون.

https://h.top4top.io/p_2422oegux1.png

https://i.top4top.io/p_2422e9cxc2.png

2: كتاب الكنيسة الشرقية الكلدانية لسنة 1896م لمؤلفه مطران عقرة ميلس حنا إيليا، والحقيقة إن هذا الكتاب عنوانه فقط هو الكلدانية، والمؤلف يحشر كلمة الكلدان عندما يتكلم هو، لكن داخل الكتاب كله سرياني عندما يتعلق الأمر بالأمور التاريخية القديمة، ويقول المؤلف:
إن كنيسة الكلدان تأسست في سلوقية قطسيفون (المدائن)، وكانت تتبع كنيسة أنطاكية (السريانية)، وكثير من أساقفتها الأوائل رُسموا في أنطاكية، وإلى عهد جاثليق كنيسة المدائن داديشوع +456م، كانت الكنيسة لا تزال تتبع أنطاكية، ويُسمِّي المطران ميليس مركز كنيسته سلوقية وقطسيفون (المدائن)، بلاد الآراميين وبلاد السريان، ثم يقول اعتنقت كنيسته المدائن المذهب النسطوري، ومنذ حوالي 300 سنة عادت للكنيسة الجامعة (يقصد أن كثير من رعية كنيسة المدائن النسطورية اعتنقت الكثلكة سنة 1553م أي حوالي 300 سنة من تاريخ كتابه سنة 1896م، وهذه الكنيسة هي التي سيثبت اسمها لاحقاً في 5 تموز 1830م، كلدانية)، ثم يذكر المؤلف أن سيرة مار أدي مبشر كنيسة الكلدان موجودة في صلوات السريان، ويضيف أن الروايات سريانية، والمجموعات الأولى سريانية، والقوانين سريانية، والمراسلة بين السيد المسيح وأبجر ملك الرها كانت بالسريانية، والقديس الشهيد شمعون ابن الصباغين في كنيسة من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين قد أشار إلى استشهاده السريان وبالسريانية، وبرديصان الشاعر الشهير أيضاً في كنيسة المؤلف، هو مبتدع سرياني ويتكلم عن مار أفرام السرياني، ص3، 5، 7، 11، 15، 19-22، 36-37، 69، 80-81، 111، وغيرها، وهذه بعض الصفحات المهمة من كتابه.

https://j.top4top.io/p_24226ywjk3.png
https://k.top4top.io/p_2422anbsl4.png

https://l.top4top.io/p_2422w3wju5.png

وشكراً/ موفق نيسكو

فشل وحدة كنيسة المشرق بسبب اسم آشور المُنتحل

فشل وحدة كنيسة المشرق بسبب اسم آشور المُنتحل

قبل عدة أيام وبتاريخ 05/30/ 2022م أعلنت الكنيسة الشرقية القديمة على لسان المتحدث باسمها وسكرتير مجمعها أسقف شيكاغو وشرق أمريكا كوركيس يونان فشل مفاوضات الوحدة مع كنيسة المشرق الآشورية التي جرت في شيكاغو، وتم على عجل وفي غضون ثلاثة أيام انتخاب بطريرك جديد للكنيسة الشرقية القديمة، وأول وأهم سبب في بيان فشل المفاوضات هو مطالبة الكنيسة الشرقية القديمة بحذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة بعد الوحدة، حيث أن كنيسة المشرق الآشورية كانت قد انتحلت اسم الآشورية وأضافته زوراً إلى اسمها سنة 1976م، وهو ما يثبت صحة كلامي في كتبي ومقالاتي، وأوضح ذلك وأقول:

ذكرتُ مراراً وتكراراً أن الآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهما بالآشوريين والكلدان القدماء مطلقاً، إنما هم سريان آراميون انشقوا عن كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية سنة 497م واتبعوا المذهب النسطوري الذي يختلف عن مذهب الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والأنكليكان، ثم انقسموا فيما بينهم سنة 1553م حيث تكثلك قسم كبير منهم وتبعوا روما، وأن الاسمين الآشوري والكلداني الحاليين، هما اسمان منتحلان اخترعهما الغرب للسريان الشرقيين النساطرة لأغراض طائفية وسياسية وعبرية، حيث اختارت روما اسم الكلدان للقسم المتكثلك الذي خضع لها، وثبت اسم الكلدان على كنيستهم في 5 تموز 1830م، ثم اختار الإنكليز الأنكليكان سنة 1876م اسم الآشوريين للقسم الذي بقي نسطورياً، وثبت الاسم الآشوري على كنيستهم في 17 تشرين أول 1976م.

منذ سنة 1553م استمر كنيسة القسم النسطوري إلى سنة 1964م، وفي هذه السنة كان يرئس الكنيسة البطريرك إيشاي المولود سنة 1908م، والذي أصبح بطريركاً سنة 1920م وهو بعمر 12 سنة، وهذا البطريرك كان يقيم في أمريكا منذ أن نفته الحكومة العراقية سنة 1933م بسبب قيادته أحداث سميل عندما نَكرَ النساطرة معروف العراق الذي آواهم من دول الجوار بسبب الحرب العالمية الأولى، فقاموا بالتمرد على العراق حينها. (ملاحظة البطريرك إيشاي هو المقصود في البيان الأول لعبد السلام عارف في 14 تموز 1958م).

والمهم إن هذه الكنيسة اسمها في التاريخ كنيسة المشرق أو الشرقية السريانية، ولم تكن يوماً ما ولم تذكر مرة واحدة، باسم آشورية أو كلدانية مطلقاً، وقد سُمِّيت بالكنيسة النسطورية لأنها اتبعت مذهب نسطور، وسُميت أيضاً بالكنيسة الفارسية، لأنها تأسست سنة 310م في مدينة ساليق وقطسيفون (المدائن) التي كانت عاصمة الفرس، وكانت تتبع التقويم الشرقي (اليولياني) في الأعياد ومنها عيد ميلاد السيد المسيح الذي يصادف في 7 كانون الثاني أسوةً بالروس والأقباط واليونان وغيرهم، وفي سنة 1964م قرر البطريرك إيشاي اعتماد عيد الميلاد يوم 25 كانون الأول حسب التقويم الغربي (الغريغوري)، بدل 7 كانون الثاني التقويم الشرقي اليولياني، فأحدث ضجة كبيرة حيث رفض قسم كبير من رجال الدين والرعية ذلك، وهددوا البطريرك إيشاي بالانفصال إن لم يتراجع عن قراره، وأصبح كل طرف يستهزئ بالآخر، فالمتمسكون بالتقويم الشرقي 7 كانون2، يُسمُّون المتمسكين بيوم 25 كانون1 (جماعة لحم بعجين)، وبدورهم جماعة 25 بالشهر يُسمُّون المتمسكين بيوم 7 بالشهر (جماعة سفن آب)، واستمر الخلاف إلى سنة 1968م، حيث قام المتمسكون بالتقويم الشرقي 7 بالشهر، بتعيين مطران الهند توما درمو بطريركاً لهم بدل إيشاي، ومقره الدائم في بغداد، وقاموا بتسمية كنيستهم باسم: (الكنيسة الشرقية القديمة، أي بإضافة كلمة القديمة) تميزاً لها عن كنيسة إيشاي، وتوفي البطريرك توما درمو بعد حوالي سنتين، وتم تعيين البطريرك أدي الثاني خلفاً له سنة 1970م، وهذه صورة المطران توما درمو عند قدومه من الهند إلى بغداد لاستلام مهامه البطريركية.

سنة 1970م دعت الحكومة العراقية البطريرك ايشاي من أمريكا لزيارة العراق، وطلبت منه العودة والاستقرار بمقره في بغداد، ووعدته بإرجاع حقوقه الشخصية ومؤسساته الكنسية التي تم الاستيلاء عليها خلال فترة نفيه، ومنها بعض كنائسه التي استولت عليها جماعة 7 بالشهر، وهذه هي صورة البطريرك إيشاي في زيارته إلى بغداد في 24 نيسان 1970م.

وبعد انتهاء الزيارة عاد البطريرك إيشاي من بغداد إلى أمريكا، واصطحب معه فتاة بسيطة فقيرة عمرها 24 سنة لتخدمه وتعتني به، وهي الآنسة إمامة ابنة الشماس الإنجيلي شمشون شمعون، وقد أقام علاقة جسدية سرية معها، وانكشف أمره في 18/8/1973م عندما أصبحت حاملاً بطفل، فاضطر البطريرك إعلان زواجه واستقلاله من البطريركية، وفي6 تشرين الثاني 1975م قام أحد أتباعه واسمه داود ملك ياقو ملك إسماعيل باغتيال البطريرك في مدينة سانت هوزي، وقد كانت امرأته حاملاً ستة أشهر بطفل ثان. (خرج القاتل من السجن مؤخراً وتوفي قبل أكثر من سنة)، والمهم أن رعية البطريرك حددت سببان للاغتيال، فمنهم من اتهم الأحزاب الآشورية المتطرفة بسبب رفض البطريرك إضافة اسم الآشورية للكنيسة، ومنهم من اعتبر أن القاتل اغتال البطريرك بسبب زواجه وكسره نذره وقوانين الكنسية.

والمهم في 17 تشرين أول سنة 1976م تم عقد اجتماع في دير ألتون آبي في ضاحية هامبشير قرب لندن من حوالي 6 مطارنة بينهم اثنان منشقان من كنائس أخرى، تم فيه تعيين أو انتخاب مطران إيران دنحا الرابع كبطريرك خلفاً للبطريرك إيشاي، وفي هذا الاجتماع وتلبية لرغبة المتطرفين السريان النساطرة المتمسكين بالاسم الآشوري المزور والمنتحل، أعلن البطريرك دنحا أن اسم الكنيسة هو كنيسة المشرق الآشورية، وهي أول مرة في التاريخ يقترن هذا الاسم الآشوري المنتحل بالكنيسة، وقد استهجن ورفض القسم الآخر أي الكنيسة الشرقية القديمة أو جماعة 7 بالشهر التسمية الآشورية واعتبروها اسماً مزوراً، وطبعاً هم محقون بذلك لأن هذا تزوير ولم تُسمى الكنيسة يوما ما آشورية كما ذكرنا.

بقى الانقسام بين شطري كنيسة المشرق النسطورية منذ سنة 1968م وإلى اليوم، وقد جرت عدة محاولات لإعادة وحدة شطري الكنيسة، منها عند وفاة بطريرك الكنيسة الآشورية دنحا سنة 2015م، لكنها فشلت، لأنه دائماً كان أول وأهم مطلب للكنيسة الشرقية القديمة 7 بالشهر، هو حذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة المشرق بعد الوحدة، وقبل عدة أشهر وبتاريخ 22 شباط 2022م، توفي البطريرك أدي الثاني بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة، فجاءت الفرصة مناسبة مرة أخرى لإعادة توحيد شطري الكنيسة، وقد قام رجال دين ومثقفي ورعية الكنيستين بمطالبة الكنيسة الشرقية القديمة التريث وعدم انتخاب بطريرك جديد لها بغية توحيد قسمي الكنيسة، ودخلوا في مفاوضات، ومن المعروف إن أول وأهم مطلب للكنيسة الشرقية القديمة هو حذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة بعد الوحدة، لأنه اسم مُنتحل ومزور مُقحم حديثاً، وطبعاً هناك أمور ومطالب أخرى بسيطة، منها طلب الكنيسة الشرقية القديمة إيقاف محادثات كنيسة المشرق الآشورية مع كنيسة روما الكاثوليكية إلى ما بعد الوحدة، وعدم الاتفاق على تقويم العيد، فضلاً عن أن كنيسة المشرق الآشورية تعتبر نفسها الأصل وتتعامل بتعالي مع الكنيسة الشرقية القديمة وتعتبرها منشقة عنها، بينما الكنيسة الشرقية القديمة أيضاً تعتبر نفسها هي الأصل وأن كنيسة المشرق الآشورية منشقة عنها.

وقد أعلن أسقف شيكاغو عن فشل المفاوضات، وأُدرج نص  البيان، وأول مطلب فيه هو (تغير اسم الكنيسة الموحدة)، أي حذف اسم الآشورية:

https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034400.0.html

وقد عَجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بتصريح القس والباحث واللغوي شليمون إيشو خوشابا من كنيسة المشرق الآشورية الذي قال: إن الآشورية كتسمية أو صفة لكنيسة المشرق، كذبة اختلقها القوميون الأغبياء في أميركا، وفرضوها على البطريرك دنحا سنة 1976م.

ويقول بيان الكنيسة الشرقية القديمة إنه رغم فشل المفاوضات فإن كنيسة المشرق الآشورية طالبت الكنيسة الشرقية القديمة التريث وعدم انتخاب بطريرك إلى تموز القادم، ولكن الكنيسة الشرقية القديمة كردة فعل قوية وبعد ثلاثة أيام فقط في 2 حزيران 2022م، انتخبت بطريرك جديد لها هو مطران استراليا ونيوزلندا يعقوب دانيل، وأُدرج البيانات الرسمية وبثلاث لغات، السريانية، العربية، الإنكليزية، مع ملاحظتين مهمتين الأولى: إن مكتب إعلام الكنيسة الشرقية القديمة الذي نشر بيان انتخاب البطريرك الجديد، ذكر اللقب الصحيح وقال أنه (بطريرك ساليق وقطسيفون)، وليس آشور، والثانية  أني ذكرت مراراً إن هذه الكنيسة النسطورية بشقيها إضافة لشقيقتهما الكنيسة الكلدانية التي انفصلت عنها سنة 1553م، تاريخها وبدياتها أغلبه مشوه وغير علمي وباعتراف مؤرخيهم وآبائهم وكُتَّابهم، وأنا أيضاً كشفتُ وصححت كثيراً من الأساطير والتزويرات في تاريخهم، فمن الطريف أن كنيسة المشرق الآشورية تعتبر بطريركها الحالي آوا تسلسل 122، بينما الكنيسة الشرقية القديمة وكما في البيان أعلاه تعتبر بطريركها المنتخب يعقوب دانيل تسلسل 110.

https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1034488.0

وشكراً/ موفق نيسكو

النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية، ج١

موفق نيسكو

النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية، ج١

النصرانية، الجامعة، النسطورية، الأوطاخية، الخلقيدونية واللاخلقيدونية، الديوفيزية والمونوفيزية، مجمع اللصوص ومجمع الأثمة أو الذئاب، الروم الملكيين،، الأرثوذكسية والكاثوليكية، اليعقوبية

يختلط الأمور على كثير من الكُتَّاب باستعمال مصطلحات وألقاب ونعوت كنسية متداولة في التاريخ دون معرفة معناها، أو متى، أو كيف أطلقت، وهذا الأمر يشمل كثير من الكتاب المسيحيين أيضاً، لذلك نوضح بعض هذه المصطلحات:

(النصارى، الجامعة أو الكاثوليكية): النصارى كلمة أطلقها اليهود في بداية المسيحية على أتباع السيد المسيح من اليهود الذين اعتنقوا المسيحية حصراً، نسبة إلى مدينة الناصرة التي عاش فيها المسيح وفق التقاليد الشرقية بانتساب الشخص لمدينة نشأته، وحاول اليهود المتعصبون الذين اعتنقوا المسيحية إحداث مشاكل بتميز أنفسهم عن المسيحيين من الأمم الأخرى كاليونان والرومان والفرس وغيرهم، وعَدُّوا أنفسهم أن لهم حق السيادة والرئاسة على المسيحيين جميعاً، وامتنعوا عن الاختلاط مع المسيحيين من أصل غير يهودي، واستعملوا إنجيل متى فقط المكتوب بالسريانية، وكانوا يُسمُّونه إنجيل العبرانيين، وفرضوا شروطاً على المؤمن المسيحي مثل أن يُمارس المسيحي الناموس الموسوي القديم كحفظ السبت والختان، وتحريم بعض المأكولات، والاتجاه بالقبلة إلى أورشليم عند الصلاة بدل قبلة المسيحيين التي هي الشرق، وغيرها، وهؤلاء اليهود المتنصرين هم الذين يُسَمَّون نصارى، وهم يختلفون عن المسيحيين، وقد حدثت بينهما مشاكل كثيرة عُقد على أثرها مجمع كنسي سنة 51م (بعض المصادر 49م) لحل المشاكل، لكنه لم ينهي الخلاف بالكامل، وقد تحدث بولس الرسول عن ذلك الخلاف الذي وصل بينه وبين بطرس حيث اتهم بولس بطرس بالرياء ولامه لأنه جامل اليهود المتنصرين على حساب المسيحيين من الأمم الأخرى (رسالة بولس 2 إلى غلاطية، إصحاح 2: 11-14)، ونتيجة الخلاف اضطر بطرس أن يرسم في أنطاكية أسقفين هما أفوديوس للأمم من غير اليهود، وإغناطيوس النوراني +107م للمسيحيين من أصل يهودي، توفي أفوديوس سنة 68م وبقي إغناطيوس الذي حَلَّ المشاكل بين الطرفين وعمل اتحاداً بينهما وأعلن لأول مرة أن كنيسة أنطاكية السريانية هي كاثوليكية، أي جامعة لكل الأمم، ولا فرق بين مسيحي من أصل يهودي أو من الأمم الأخرى، وأنَّ المعمودية هي المميز الأساسي للمسيحي وليس الختان..إلخ (ملاحظة مهمة: لا علاقة لكلمة كاثوليك هنا بكنيسة روما التي اسمه في التاريخ كنيسة روما فقط، واقترن اسمها بكاثوليك في القرون الأخيرة لغرض تميزي كما سيأتي)، والجدير بالذكر إن كلمة نصارى أُطلقها العرب قبل الإسلام على المسيحيين من أصل يهودي ومنهم السريان الشرقيين النساطرة (الكلدان والآشوريين الحاليين الذين يُسمون أنفسهم نصارى لدلالة أنهم ينحدرون من أصول يهودية)، وبعد الإسلام شاع استعمالها لتعني مسيحي، واستعملها بعض الكُتَّاب المسيحيون بهذا المعنى أيضاً، باستثناء النساطرة حيث استعملوا كلمة نصراني للتأكيد على أنهم ينحدرون من بني إسرائيل.

(النسطورية): نسطور، سرياني ولد سنة 378م في قرية مرعش وترهَّبَ في دير أوبريبوس على باب أنطاكية، ورُسم كاهناً لإحدى كنائس أنطاكية، ولذكائه ولباقته اختير بطريركاً للقسطنطينية سنة 428م، وكانت لديه آراء عقائدية أخذها عن أستاذه تيودورس الأنطاكي أسقف مصيصة المعروف بالمصيصي ومُلخَّصها، أن السيد المسيح كإله متجسد، هو طبيعتان وأقنومان، إلهية وإنسانية، والسيدة العذراء لم تلد إلهاً مُتجسِّداً، بل ولدت إنساناً فقط، وهذا الإنسان حلَّت فيه الطبيعة الإلهية أو لبسَهَا أو سكنها أو اقترن بها..إلخ، وأصبح إلهاً، وفي مجمع إفسس المسكوني (العالمي) سنة 431م تم حَرمْ نسطور بسبب أفكاره، وأصبحت لنسطور عقيدة خاصة تُسَمَّى، العقيدة النسطورية، تَبنَّتها كنيسة المشرق السريانية فقط (الكلدان والآشوريون حالياً)، ولهذا دُعيتْ بالنسطورية، علماً أن أتباع كنيسة الكلدان حالياً هم السريان النساطرة الذين انشقوا عن الكنيسة النسطورية واعتنقوا الكثلكة سنة 1553م فسمتهم روما كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز1830م، بينما بقي القسم الآخر إلى اليوم نساطرة وهم الذين سَمَّاهم الإنكليز آشوريين سنة 1876م، وثبت اسم أحدى كنائسهم فقط، آشورية، في 17تشرين أول 1976م، أما الشق الآخر النسطوري فلا يزال يرفض التسمية الآشورية.

(الأوطاخية): نسبة إلى كاهن القسطنطينية أوطيخا الذي حَرَمته الكنيسة في مجمعي القسطنطينية 448م، وخلقيدونية 451م، لأنه على عكس نسطور،أي أنه ألغى الطبيعة الإنسانية للمسيح وقال بطبيعة واحدة إلهية ذابت فيها الطبيعة الإنسانية واختلطت وامتزجت وتبلبلت خواصهما، ولا يوجد في التاريخ طائفة تبنَّت العقيدة الأوطاخية.

(خلقيدونية، ولاخلقيدونية): نسبة لمجمع خلقيدونية الشهير سنة 451م الذي بسببه انقسمت المسيحية إلى اليوم، فخلقيدونية تعني الذين قبلوا قرارات مجمع خلقيدونية، وتشمل الكنيسة الكاثوليكية وكذلك الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية كاليونان، روسيا، بلغاريا، رومانيا، صربيا..إلخ، أيضاً كنيسة السريان الملكيين أي الروم..إلخ، ومصطلح لاخلقيدونية، تعني الذين رفضوا مجمع خلقيدونية، وتشمل كنائس الأرثوذكس: (السريان وبضمنها الهند، الأقباط وبضمنها أثيوبيا وأرتيريا، والأرمن)، والحقيقة إن هذا المصطلح هو الصحيح للتفريق بين أهم نقطة في العقيدة المسيحية، وليس مصطلحا، الكاثوليكية والأرثوذكسية، فكنيسة روما الكاثوليكية، وكنيسة القسطنطينية الأرثوذكسية التي تشمل (اليونان، روسيا، بلغاريا..إلخ)، كلاهما خلقيدونتيان، أي أن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، الروسية، البلغارية..إلخ، هي مطابقة لعقيدة الكاثوليك، وتختلف عن عقدة الأرثوذكس اللاخلقيدونيين، أي السريان والأقباط والأرمن.

(الديوفيزية والمونوفيزية، وأحياناً بالسين، ديوفيست، مونوفيست): كلمات يونانية الأولى تعني أصحاب الطبيعتين، أي الخلقيدونيين (الكاثوليك والأرثوذكس البيزنطيين)، والثانية تعني أصحاب الطبيعة الواحدة أي اللاخلقيدونيين (السريان، الأقباط، الأرمن، والأحباش)، وهذان اللقبان صحيحان إذا استعملا بحسن نية، أي إذا كان المقصود بالمونوفيزين من يؤمنون بالطبيعة الواحدة من اتحاد طبيعتين، فهو استعمال صحيح، أمَّا إذا كان المقصود بها العقيدة الأوطاخية المحرومة من الطرفين، للدلالة على (السريان، الأقباط، الأرمن، والأحباش) فهو استعمال خاطئ، أو أن استعماله من الخلقيدونيين على اللاخلقيدونيين هو مُتعمَّدْ وبسوء نية لغرض الاستهجان بهم. وفي نفس الوقت فإن استعمال كلمة الديوفيزية على الكاثوليك والأرثوذكس الخلقيدونيين، هو صحيح إذا كان المقصود منه أنهم يؤمنون بطبيعتين في أقنوم واحد، أمَّا إذا كان المقصود به أنهم يؤمنون بطبيعتين وأقنومين بحسب عقيدة نسطور المحروم من الطرفين، فهو خطأ، أو أن استعماله من اللاخلقيدونيين على الخلقيدونيين هو مُتعَمَّدْ وبسوء نية لغرض الاستهجان بهم، فاللاخلقيدونيون والخلقيدونيون يحرمون أوطاخي ونسطور، وتعبير الطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد استعمله الخلقيدونيون مراراً بدءاً من مجمع القسطنطينية سنة 553م، واللاخلقيدونيون يؤمنون بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد من طبيعتين ويستعملونه مراراً، فالطرفان متفقان في المعنى ومختلفان في التعبير، وكل ما في الأمر أن اللاخلقيدونيين يُركِّزون على كلمة واحدة خوفاً من تقسيم المسيح إلى اثنين كما قال نسطور، والخلقيدونيون يُركِّزون على كلمة اثنين خوفاً من اختلاط الطبيعتين بطبيعة واحدة كما قال أوطيخا.
وفي التاريخ وإلى اليوم هناك من استعمل ويستعمل المونوفيزية والديوفيزية بحسن نية، إمَّا للاختصار أو لكتابة الكلمة العربية بلفظها اليوناني، أو استعمالها بغير قصد، أي لا يعرف الحقيقة خاصة من العرب والمسلمين الذين أخذوا هذه الألقاب واستعملوها، وعموماً تم استعمال اللقبين من الكُتَّاب المسيحيين وهم يعرفون الحقيقة، وكل طرف استعملها استهجاناً بالآخر، و والملاحظة المهمة التي يجب الانتباه إليها هي أن أي كاتب يستعمل لقبي المنوفيزيين والديوفيزيين على الطرفين معاً، هو أمر طبيعي، أمَّا إذا استعمل الكاتب لقباً واحداً على فئة من دون الأخرى فيعني أنه مُتعَّمِد ومُنحاز ويستهجن الآخر، فإمَّا أن يستعملهما على الطرفين معاً، أو يستعمل تعابير أخرى مثل الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين، أرثوذكس وكاثوليك..إلخ، مع ملاحظة أن كلمة الديوفيزية تشمل العقيدة النسطورية أيضاً، لأن النسطورية هي أيضاً ديوفيزية، ولكن هناك فرق بين العقيدة الديوفيزية النسطورية، ولعقيدة الديوفيزية الخلقيدونية (الكاثوليكية والأرثوذكسية البيزنطية)، فالنسطورية هي الديوفيزية المتطرِّفة التي تُقسم المسيح إلى أقنومين واضحين، بينما الديوفيزية الخلقيدونية تقول إن في أقنوم المسيح الواحد طبيعتان، ولذلك فمصطلح النسطورية هو الدارج في التاريخ على العقيدة النسطورية، وقلما يُطلق عليها الديوفيزية النسطورية لأنه بمجرد قول النسطورية فهو واضح.

(مجمع اللصوص ومجمع الأثمة أو الذئاب): مجمع اللصوص، يُطلقه الخلقيدونيون على مجمع إفسس الثاني 449م لأنهم يرفضون المجمع وقراراته، أمَّا مصطلحات مجمع: الأثمة، الذئاب، المشؤم، الضالين..إلخ، فيُطلقها اللاخلقيدونيون على مجمع خلقيدونية 451م، وعلى الذين قبلوا به، واللقبان اللصوص والأثمة أو الذئاب، استعملا من الطرفين استهجاناً أحدهما بالآخر أيضاً.

(الروم، الملكية): الملكية، كلمة سريانية أطلقها السريان اللاخلقيدونيون على السريان الذين قبلوا قرارات مجمع خلقيدونية 451م استهجاناً بهم لأنهم رفضوا إيمان آبائهم السريان وقبلوا قرارات المجمع الذي انعقد بأمر ملك الروم مرقيانوس، فسَمَّوهم، الروم الملكيين أو منفرداً، الروم أو الملكيين، أي كنيسة ملك الروم في القسطنطينية، ولقب الروم أو الملكيين أُطلق عموماً في البداية على الجميع أي على كنيستي روما والقسطنطينية، كليونان والروس والبغار ورومانيا، وصربيا..إلخ، لكن بعد الإسلام أُطلق تحديداً على السريان الذين قبلوا مجمع خلقيدونية، أي على (روم أنطاكية الأرثوذكس والكاثوليك)، وأُطلق أيضاً على رعية بطريركية أورشليم المستقلة غير المرتبطة بروما أو اليونان، وأُطلق لقب الملكية بدون كلمة الروم على الأقباط الذين قبلوا بمجمع خلقيدونية ولكنهم مستقلون أي لم ينتموا لكنيسة روما أو غيرها. (انظر أسد رستم، كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى، ج1 ص389. والأب يوسف الشماس المخلصي، خلاصة تاريخ الكنيسة الملكية، ص19، 126-128، 146. والمسيحية عبر تاريخها في المشرق، ص295).

(أرثوذكسية وكاثوليكية): كلمات يونانية، فكاثوليكية تعني العامة أو الجامعة لكل الأمم، وقلنا أن أول من أطلقها هو بطريرك أنطاكية إغناطيوس النوراني +107م، لجمع اليهود المتنصرين والمسيحيين من الأمم الأخرى تحت سلطة وعقيدة واحدة، وأرثوذكسية تعني مستقيم الرأي، والحقيقة أن هذان المصطلحان اقترنا بأسماء الكنيسة بعد مجمع خلقيدونية 451م، فشاع استعمال الأرثوذكسية للكنائس الشرقية اللاخلقيدونية فقط: أي كنائس أنطاكية السريانية ومعها كنيسة الهند التابعة لها، وكنيسة الاسكندرية القبطية ومعها أثيوبيا وارتيريا، وكنيسة الأرمن، ثم بعد الانقسام الكبير بين روما والقسطنطينية سنة 1054م شاع استعمال كلمة أرثوذكسية على كنائس القسطنطينية البيزنطية (اليونان، روسيا، بلغاريا..إلخ)، وبالمقابل شاع استعمال الكاثوليكية على كنيسة روما وأصبح يقترن بها خاصة في بريطانيا بعد انقسام الكنيسة الأنكليكانية عن كنيسة روما في القرن السادس عشر، أي اسم الكاثوليك المقترن بروما دائماً أو المستعمل لوحده للدلالة عليها حصراً هو حديث نسبياً.
وكنيسة أرثوذكسية وكاثوليكية، هي كلمات تميزية فقط، فجميع الكنائس الأرثوذكسية تفتخر وتقول إنها كاثوليكية، أي جامعة لكل الأمم، وتُقرُّ بقانون الإيمان الذي يقول، وبكنيسة واحدة جامعة أي كاثوليكية)، والكنيسة الكاثوليكية أيضاً بدورها تفتخر وتقول إنها أرثوذكسية، أي مستقيمة الرأي، وفي مجمع خلقيدونية 451م، سَمَّت روما كنيستها أرثوذكسية، وإيمانها أرثوذكسي، وسمَّت البابا لاون عمود الأرثوذكسية، بل أن كلمة كاثوليكية استعملت في التاريخ أحياناً مرادفة لأرثوذكس أي بمعنى، قويم المعتقد (مجموعة الشرع الكنسي، أعمال مجمع خلقيدونية، ص366-367، وبعدها، وانظر المطران بولس بهنام، خمائل الريحان أو أرثوذكسية مار يعقوب السروجي الملفان، ص41).
وشكراً/موفق نيسكو- يتبع الجزء الثاني

صدور كتاب جديد وقيم جداً بعنوان ( اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان )

Wisam Momika
20 س ·
صدور كتاب جديد وقيم جداً بعنوان ( اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان ) للباحث السرياني الآرامي الغيور ملفونو “موفق نيسكو ” …اليكم مختصر ما يحويه هذا الكتاب القيم بالأحداث التاريخية المعتمدة من مصادر رصينة جداً ..
( اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان )
للكاتب والباحث – موفق نيسكو
بعد الاتكال على الله والعمل لمدة ثماني سنوات متتالية، صدر كتابي: (اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان)، وهو كتاب يشرح بالتفصيل كيف سَمَّى الغرب (روما والإنكليز) السريان الشرقيين كلداناً وآشوريين.
قدَّم للكتاب نيافة مطران بغداد للسريان الأرثوذكس مار سيويريوس حاوا
الخوري إقليميس الشماني كاهن رعية السريان في السويد- سودرتاليا
الدكتور الأديب السرياني من سوريا سهيل زافاروا- ساندياغو- أمريكا
الأديب والباحث السرياني وأستاذ اللغتين العربية والسريانية، من سوريا، جوزيف أسمر ملكي، حالياً في السويد
أشرف على تدقيق الكتاب لغوياً (اللغة العربية)، الدكتور صباح إيليا القس– بغداد، ودققه أيضاً (عربياً- سريانياً) الأستاذ جوزيف أسمر ملكي.
يقع الكتاب في 973 صفحة من الحجم الكبير A4، 30×21×5.5 سم، وغلاف فني سميك ممتاز، وفي الصفحة الخلفية المُرفقة نبذة مختصرة عن مادة الكتاب، وقد استندتُ فيه إلى حوالي 550 مصدراً باللغة العربية أو مترجماً إلى اللغة العربية، و 175 مصدراً باللغات الأخرى، كالسريانية والإنكليزية واليونانية واللاتينية والفرنسية وغيرها، وكان التركيز على مصادر السريان الشرقيين أنفسهم بشقيهم واسميهم الجديدين المُنتحلين (الآشوريين والكلدان)، ومن أفواه أعلاَمهم وآبائهم الدينيين في التاريخ التي تثبت أنهم سريان، لا آشوريون ولا كلدان، ولا وجود لآشوريين وكلدان في التاريخ المسيحي مطلقاً إلى العصر الحديث، إنما انتحل الغرب لهؤلاء السريان اسمين من أسماء حضارات العراق القديم لأغراض استعمارية وسياسية عبرية إسرائيلية، وطائفية، وضمن المصادر أكثر من 50 كتاب رحلة منذ القرن 12 إلى القرن 19 بمختلف اللغات، لرحَّالة التقوا مع السريان الشرقيين قبل أن يُسمِّيهم الغرب كلداناً وآشوريين وسألوهم مباشرة ما اسمكم؟، وسمعوا منهم الإجابة مباشرةً: نحن سريان، ويحتوي الكتاب على مئات الوثائق والمخطوطات بلغات مختلفة منذ ما قبل الميلاد وإلى اليوم، وقسم كبير منها غير معروف للعامة، وينشر لأول مرة، وأرفقتُ النص الأصلي للمخطوط والوثيقة مع ترجمته للعربية.
إهداء الكتاب: إلى الأمة الآرامية السريانية، أمة الحرف والقلم والدواة، إلى ورثة باكورة حضارات العالم في بلاد الرافدين وفينيقية وآرام، أمة حمورابي وقدموس وأفرام، إلى كل إنسان يبحث عن الحقيقة، أهدي هذا الكتاب
في الصفحة الأولى أشهر اقتباسات لأشهر شخصيات في التاريخ من أسلاف من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين، يفتخرون أنهم سريان، ثم المقدمة، ونبذة مختصرة عن مادة الكتاب، ويحوي الكتاب 5 فصول رئيسة، و 4 ملاحق.
سيقوم دار بيسان-بيروت بتوزيعه، وسيتوفر في مكتبة بابل في شارع المتنبي-بغداد، وربما في إحدى مكتبات أربيل ودهوك إن شاء الله.
نزولاً عند رغبة الكثيرين هناك نية لترجمة الكتاب مستقبلاً للغتين الإنكليزية والسريانية.
وشكراً/ موفق نيسكو
لمن يرغب بالمزيد عن محتويات الكتاب، أُدرج الفهرس
الفصل الأول، كنيسة أنطاكية السريانية الرسولية
كنيسة أنطاكية السريانية، عروس المسيح وأُم الكنائس الأممية الرسولية
مدينة أنطاكية
نبذة مختصرة عن الكراسي الرسولية في المسيحية
سلطة البطريرك الأنطاكي السرياني ومقامه
1: الكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية)
2: الكنيسة السريانية الملكية (الروم الأرثوذكس والكاثوليك)
3: الكنيسة السريانية المارونية
4: الكنيسة السريانية الكاثوليكية
5: الكنيسة السريانية في الهند
6: الكنيسة السريانية في أورشليم (القدس)
7: كنائس قبرص، جورجيا، أرمينيا
النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية
النصرانية، الجامعة، النسطورية، الأوطاخية، الأرثوذكسية والكاثوليكية، الخلقيدونية واللاخلقيدونية، المونوفيزية والديوفيزية، مجمع اللصوص ومجمع الأثمة أو الذئاب، الروم الملكيين، اليعقوبيةاليعقوبية، نعتٌ دخيل على الاسم الأصيل لكنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية
الفصل الثاني، كيف سَمَّتْ روما السريان النساطرة المتكثلكين، كلداناً
نشوء أسقفية أربيل، وفقيدا أول أسقف في العراق 104م
نشوء أسقفية المدائن الأنطاكية السريانية 310م
رسالة الآباء السريان الغربيين الأنطاكيين إلى السريان الشرقيين
فافا الآرامي +329م، أول أسقف لكنيسة المدائن
شمعون بن الصباغين +341م، أول مطران لكنيسة المدائن
إسحق، أول جاثليق لكنيسة المدائن 410م
ماروثا الميافرقيني الجاثليق العام لكنيسة المشرق الأنطاكية السريانية
كنيسة المشرق هي كنيسة أنطاكية سريانية
كنيسة المشرق تعتنق النسطورية وتنفصل عن كنيسة أنطاكية 497م
علاقة السريان النساطرة بكنيسة روما الكاثوليكية قبل 1553م
كيف سَمَّت روما السريان النساطرة في قبرص، كلداناً، لأول مرة 1445م
كنيسة المشرق السريانية النسطورية وانشقاق الكاثوليك 1553م، قبل تسمية الكلدان
نشأة الكنيسة الكلدانية لأول مرة في التاريخ 1830م
النساطرة والكلدان والرحَّالة الشهير كارستن نيبور
الكنيسة السريانية الشرقية الكاثوليكية (الكلدانية منذ 5 تموز 1830م)
إعطاء لقب البطريرك للجاثليق ومنهم جاثليق الكلدان
مدينة بغداد (بابل) وسبب تسمية روما السريان النساطرة المتكثلكين، كلداناً
آباء الغرب، هم آباء كنيسة أنطاكية السريانية غرب الفرات، وليس أوربا
بطريرك السريان الشرقيين (الكلدان) ساكو ورسالة الآباء الغربيين
العلاَّمة السرياني ألفونس منكانا وتاريخ مشيحا زخا (أربيل)
كلمة كلداني تعني: هرطوقي، مُنجِّم، مجوسي، ساحر، مشعوذ، فتنة، فتَّاح فأل
مصطلح لغة وحروف كلدانية يعني، عبرية، والكلدان هم العبريون الإسرائيليون
اليهود ودانيال النبي واليونان، سَمَّوا دولة بابل الأخيرة، كلدانية
تاريخ الدولة الكلدانية، قبيلة كلدة الآرامية (612-539 ق.م.)
نابو بلاصر ملك بلاد أكد، وليس بلاد الكلدان، وآثار وصلاة نبوخذ نصر هي بالأكدية
أور الكلدانيين ليست أور ناصرية العراق، بل هي الرها، حاران في تركيا
الفصل الثالث، كيف سَمَّى الإنكليز السريان النساطرة، آشوريين
كيف سَمَّى الإنكليز السريان النساطرة، آشوريين 1876-1886م
كشف الأدلة من كل مِلَّة لإثبات العِلَّة
سورما خانم والبطريرك شمعون إيشاي داود
البطريرك السرياني النسطوري دنحا يُسَمِّي كنيسته آشورية لأول مرة، 17 تشرين1، 1976م
ندامة البطريرك السرياني النسطوري دنحا بتسمية كنيسته آشورية
كلمة آشور، صيغة عبرية، لا عربية، ولا سريانية
مصدر كلمة أثور من ثور، وتعني: متوحش، همجي، هائج، وثَّاب، قنَّاص
كلمة آشوري في التاريخ والأدب السرياني، تعني: أعداء، غزاة، برابرة، أشرار
الآشوريون القدماء ألد أعداء الآراميين (السريان)
أسماء مدينة الموصل التاريخية، ومنها اسم أثور
مار بهنام، ابن الأمير الفارسي شابور، وليس ابن سنحاريب ملك أثور الأسطوري
كيف أدرج المطران أوجين منا في قاموسه كلمة آسورَيَا (ܐܣܘܪܝܐ) المُزوَّرة 1897م
عَلَم الآشوريين (الجُدد) هو، سيباري بريطاني، لا آشوري
السوبارتيون (السوباريون) سكان بلاد آشور قبل الآشوريين
تاريخ الآشوريين القدماء
هل وصل يونان النبي إلى نينوى؟
هل المقصود بنينوى، مدينة حماه في سوريا؟
أسطورة دير يونان النبي في نينوى (النبي يونس)
صوم نينوى
الفصل الرابع، بالوثائق، السريان المتأشورون والمتكلدنون أغرب شعب في التاريخ
لغة السريان الشرقيين، الكلدان والآشوريين الحاليين
الفرق بين اللغة الآرامية أو السريانية، والأكدية بلهجتي بابل وآشور
التاريخ يكتبه الأذكياء على حساب البسطاء
المتأشورون والمتكلدنون يُزوِّرون لغة آبائهم وأجدادهم السريان
نص تعميم مطران (بطريرك) الكلدان روفائيل بيدوايد لإعادة طبع قاموس (دليل الراغبين في لغة الآراميين)، وسبب تزوير قواميس اللغة السريانية
مطران الكلدان أدّي شير وكتابه كلدو وأثور
المطران أدّي شير وورطة عبارة كلدو وأثور وسقوطها
الاسمان الآشوري والكلداني الجديدان مصدر إلهام
بين كذبة نيسان وعيد أكيتو المُنتحل
نماذج من تزوير وتمويه بعض الكُتَّاب المتأشورين والمتكلدنين (كيف يكتب الآشوريون والكلدان الحاليون الجدد تاريخهم)
1: الأسقف النسطوري عمانوئيل يوسف
2: المطران الكلداني سليمان الصائغ
3: المطران أدي شير
4: البطريرك عمانوئيل دلي
5: الأب يوسف حبي الكلداني
6: المطران الكلداني يوسف بابانا
7: الكاتب الآشوري هرمز أبونا
8: المترجم الدكتور ميخائيل عبدالله
9: الكاتب الآشوري لوقا زودو
الجهل والغموض والأساطير والخرافات في كنيسة المشرق
هل كنيسة المشرق، عربية أم سريانية؟
هل كنيسة المشرق، فارسية أم سريانية؟
هل كنيسة المشرق كوردية ميدية، أم سريانية؟
كنيسة المشرق، كنيسة مسيحية أم مقصلة دموية؟
كنيسة المشرق أقرب كنيسة للإسلام
آشور وبابل ومكانة الآشوريين والكلدان في الكتاب المقدس
معاقبة الآشوريين الأشرار وعاصمتهم نينوى/ معاقبة بابل عاصمة الكلدانيين
مذابح السريان الغربيين (الأرثوذكس) على أيدي السريان الشرقيين النساطرة أسلاف الكلدان والآشوريين الحاليين 480-484م
المطران الكلداني الأثوري أدّي شير، ومذابح السريان
الآشوريون والكلدان الحاليون أو الأسباط العشرة الضائعة من اليهود الإسرائيليين
البطريرك ساكو: الكلدان والآشوريون الحاليون، أصلهم يهودٌ إسرائيليون، لا عراقيون
سبب تأكيد البطريرك ساكو أن الآشوريين والكلدان الحاليين، أصلهم يهودٌ إسرائيليون، لا عراقيون
المطران الآشوري- الكلداني سورو: الكلدان والآشوريون الحاليون أصلهم يهودٌ إسرائيليون، لا عراقيون
الفصل الخامس، السريان (الآراميون)
الآراميون/ الممالك الآرامية/ مملكة آرام دمشق
السريانܣܘܪ̈ܝܝܐ) والسريانية (ܣܘܪܝܝܬܐ)
مصدر اسم سوريا والسريان
تسمية السريان وسوريا، بقلم البطريرك ديونيسيوس التلمحري +845م
اللغة السريانية
السريان المتأشورون
ثلاث حجج هزيلة فقط للسريان المتأشورين
أولاً: المؤرخ هيرودوتس (484-425 ق.م.)
ثانياً: البطريرك ميخائيل الكبير +1199م، وذكره مرة واحدة أن الأشوريين القدماء هم سريان
ثالثا: اسم سوريا مشتق من كلمة آشور/ لا علاقة بين اسم سوريا والسريان، وآشور
الحقيقة التاريخية بين التصريحات السياسية والآراء الشخصية
القومية هي اللغة فقط، ولا وجود لقومية بدون لغة
سرياني اسم أُمة وشعب ولغة وتراث وحضارة، وليس معناه مسيحي
السريان أمة قومية وحضارة وتراث ولغة في تواريخ العرب المسلمين
السريان، الاسم الحقيقي للآراميين والآشوريين والكلدان
طبيعة العقلية الشرقية
تاريخ السريان أمانة في أعناق المؤرخين في كل زمان
الملحق الأول: البروفسور جون جوزيف: أ- النساطرة، الكلدان، السريان الآراميون، الآشوريون، ب- الرد على مقال فراي: آشور وسوريا، المترادفات، ترجمة وتحقيق موفق نيسكو
الملحق الثاني: الأب جان موريس فييه الدومنيكي: السريان الشرقيون The Syrian East،Suryaya Madenkha ܣܘܪ̈ܝܝܐ ܡܕܢܚܐ سوريَيَا مدنخا
آشوريون أم آراميون؟ Assyrians or Arameans، ترجمة وتحقيق موفق نيسكو
الملحق الثالث: ترجمة وتحقيق مقدمة قاموس المطران العلاَّمة توما أودو (كنز اللغة السريانية)، ترجمة جوزيف أسمر ملكي، تقديم وتحقيق موفق نيسكو
الملحق الرابع: سلسلة بطاركة ومفارنة (جثالقة) الكنيسة الأنطاكية السريانية، وسلسلة بطاركة (جثالقة) الكنيسة السريانية الشرقية (الآشوريون والكلدان الجدد)، ونظراً لكثرة الانقسامات والتخبط والتداخل في التاريخ، وبعد تدقيقي الدقيق لكافة المراجع عن بطاركة المشرق عدا زيارتي الشخصية لأضرحتهم، لذلك أجزم أن سلسلتي هي الأصح في التاريخ لحد لأن.
المصادر
———————————————
ܣܘܪܝܳܝܐ ܐܪܡܝܐ
‏Suryoye Oromoye
السريان الآراميون

معنى آسور أو آشور بالأكدية والسومرية

معنى آسور أو آشور بالأكدية والسومرية

https://a.top4top.io/p_1921xsayz1.png

العراق، مجلة دورية أكاديمية تأسست عام 1934م، تصدرها جامعة كامبريدج، بريطانيا، وينشرها المعهد البريطاني لدراسة العراق، وتهتم بتاريخ وآثار العراق منها علم الآشوريات، فضلاً عن الفن والدين والحياة الاقتصادية والاجتماعية للعراق، وتهتم بدرجة أقل بالبلدان المجاورة للعراق وترتبط به من الأزمنة الأولى إلى حوالي عام 1750م، تتخللها جوانب من تاريخه من بديات الإسلام والعصور الوسطى والعصر العثماني المبكر.

المعروف أن الآشوريين القدماء أقوام أكدية نزحت من بابل بين (2500-2000 ق.م.) إلى شمال العراق الحالي الذي كان اسمه سوبارتو، وسقطت سنة 612 ق.م، وقد تطرقتُ في كتابي اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان بالتفصيل لمعنى كلمة آشور بالسومرية والأكدية، حيث قيل كثير من الآراء في أصلها ومعناها شأنها شأن أي اسم آخر، منها أنها تعني: المتوحشون، الهمج، الطغاة، البداية، خطوة أو مشية، أثر أو موقع، أو أنها كلمة أرمنية معناها: الجبل، أو أن الاسم مرتبط ومشتق من عشتار رمز الخصب والزراعة والماء، أو أن الاسم يعني: سكان المستنقعات أو البقعة المسقية بالمياه، وهناك كلمات سومرية وأكدية قريبة من صيغة آشور مثل (Issur وSeru) مرتبطة بالهور والماء أيضاً، والمهم أن المعنى الأخير، المستنقعات والمياه، له علاقة بمقالنا هذا عن دراسة أخيرة لعالم الآشوريات الأستاذ في جامعة لندن أندرو جورج Andrew R. George، مستنداً على عشرات المصادر والكتابات التاريخية القديمة كالسومرية والأكدية والآشورية، نشرته مجلة العراق عدد 77 في 5 يناير 2015م، ص175-106، على الرابط أدناه، بعنوان:
، المراحيض ومجاري المياه القذرة في بابل On Babylonian Lavatories And Sewers
Published online by Cambridge University Press: 05 January 2016
file:///C:/Users/Toshiba/Downloads/IRAQ77George.pdf
وهذه ص106منه
https://l.top4top.io/p_2226hm81f1.png

جاء فيه ما مختصره المذكور بالعربية أيضاً في نهاية الدراسة ص106: إن اسم آشور، آسور Asurrû في الكتابات الأكدية العراقية المسمارية القديمة يعني: بالوعة المياه الثقيلة القذرة sewer (مراحيض)، ويقول في ص95 إنها تقابل كلمة (Mṭwl ܡܬܦܠ) الآرامية (السريانية)، (انظر ܡܬܦܠ في قاموس المطران أوجين منا، دليل الراغبين في لغة الآراميين، ص293، وبنيامين حداد، قاموس روض الكلم، عربي سرياني، ص 1233-1234).

تبدأ الدراسة بذكر الأدلة الأثرية والوثائقية ومجاري المياه الكريهة في مساكن العراق القديم، ويمضي التحقيق في استخدام أصول وتاريخ الكلمة الأكدية آسور Asurrû في الفترة البابلية القديمة، حيث كان الاسم يستخدم أساساً كمصطلح لنوع من مجاري المياه الكريهة “بالوعة القذارة، المراحيض، الصرف الصحي”، وبدأ استعمال كلمة آسور مع استعمال سكان بلاد الرافدين جنوب العراق المرافق الصحية حوالي منتصف الألفية الثالثة ق.م (وهو في نفس وقت ظهور الآشوريين القدماء)، ومن ص90 بدأ البحث يتحدث عن ورود كلمة آسور، آسوري في المعاجم السومرية والأكدية بذلك المعنى، ثم تطور استعمال الكلمة في منتصف الألف الأولى قبل الميلاد في عصر سرجون الثاني وسنحاريب وآشور بانيبال ونبوخذ نصر ليعطي معناً آخر هو “أساس الجدار السفلي أو الجوفي للمنزل”، لمقاومة المياه الجوفية والفيضانات، وأصبح لكلمة آسوري معنيان: (أ) المجاري، (ب) قِدم الحائط أو ما شابه ذلك، والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف حدث ذلك؟ والجواب: إن التطور الدلالي لكلمة آسوري الأكدية هو أن أصل الكلمة سومري، آ-سور-را، تعني “بالوعة، بئر، تصريف المياه”، وتُطبق على المجاري التي يتم تصريفها في العراء، وبالتالي فإن تطورها الدلالي يعني أيضاً “أسس الجدار”، وهو تطور ثانوي ناشئ عن الموقع المشترك في البنية التحتية للمبنى، وهذا الأمر مدعوم من بأدلة وثائقية من غالبية الشهادات البابلية القديمة لكلمة آسوري التي تعني “المجاري”، كما اقترن أو استعمل أحياناً مصطلح آسوري للتخلص من شيء كريه، نتن، نمس أو شعوذة، ثعابين، خنازير..إلخ.

الآشوريون الجدد ونظرية الاشتقاق
إن أهمية موضوع معنى اسم آشور تكمن في أن الآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء، إنما هم سريان انتحل لهم الإنكليز اسم آشوريين سنة 1876م لأغراض سياسية، عبرية، وبما أن اسمهم الحقيقي السريان مرتبط باسم دولة سوريا ولغتها، ولكي يبرروا انتحال اسمهم الجديد (آشوريين) اخترعوا منذ سنة 1897م نظرية طريفة، مُدعين زوراً أن كلمة آشور، آشوري، القديمة بالحقيقة هي آسور، آسوري، وقد سقطت الألف من بداية الكلمة وأصبحت سوري، سرياني، لذلك فإن اسم سوريا مشتق من، آشور أو أن اسم سوريا هو مختصر لكلمة آشور عندما احتل الآشوريين القدماء بلاد سوريا، وعندما سقطت دولة آشور سنة 612 ق.م. سُميت سوريا الحالية، سوريا، ولهذا فسوريا بالحقيقة هي بلاد آشور والسوريون والسريان، هم آشوريون..إلخ من هذه التخريجات والخرافات، ومنذ بداية القرن العشرين وإلى اليوم بدؤوا استعمال كلمة، آسوري في مطبوعاتهم ومقالتهم وكتبهم حتى الرسمية منها في بعض دوائر الدولة لتعني آشوريين، علماً أن كلمة آسور لا توجد في قاموسهم مطلقاً لتعني آشوريين، بل معناها: خشبة تُعلق في عنق الكلب (قاموس أوجين منا ص34)، وقد نشرتُ في كتابي: اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان، بالوثائق الأصلية كيف بدأ التزوير وإقحام قول عالم اللغات رينان +1892م، الذي كان يناقش آراء غيره عن علاقات لغوية لأسماء أمم ببعضها، واقتباس كلام الرحَّالة الإنكليزية ابنة القس الأنكليكاني إيزابيلا بيشوب التي زارت مناطق السريان النساطرة في اروميا- إيران سنة 1889م، ثم استعمل كلامها ميرزا مصروف خان كرم في جريدة زهريرا دبهرا سنة 1897م التي كانت تصدر في أورميا، وتزوير قاموس توما أودو الذي صدر في نفس السنة، ثم إقحام التزوير في قاموس أوجين منا 1900م..إلخ، وذكرتُ في فصل (لا علاقة لاسم سوريا والسريان بآشور): إن مصدر أغلب أسماء شعوب العالم فيه عدة آراء وأسباب، منها أسباب لغوية، جيرة، احتلال، جغرافية، آلهة، صناعة، هجرة، اسم عائلة..إلخ، وأن تقارب اسمان لشعبان، أو اشتقاق اسم من آخر، أو حتى لو تطابق الاسم المشتق مع الاسم المشتق منه 100 بالمئة، فذاك لا يعني أن الشعب الثاني هو الأول، وأن هوية وقومية الشعبان هي واحدة، فكثير من أسماء الشعوب المتقاربة أو المشتق أو المطابق اسمها لبعضهما، هما شعبان عدوان تقليديان، وذكرت عدة أمثلة للآراء الراجحة في أسماء الأمم: فاسما العراق وإيران من مصدر كلمة واحدة (إيراك الفارسية)، لكن العراقيين ليسوا فرساً، والحبشة نسبةً لقبيلة حبشت العربية، لكن الأحباش ليسوا عرباً، وكوردستان كلمة أرمنية Korduth، كوردجيخ، لكن الكورد ليسوا أرمناً، واسم أرمينيا نسبة لملكهم، آرام حارم، وبعض الشعوب سَمَّتْهم خطأً آراميين، لكن الأرمن ليسوا آراميين، وكلمتا عبري وعربي تربطان بقوة لغوياً ومشتقتان من أصل واحد وتدلان على معنى واحد له علاقة بالبداوة والصحراء، وكلمة الروم مطابقة ومشتقة من مدينة روما اللاتينية وأطلقت على البيزنطيين اليونان منذ أن نقل قسطنطنين +337م عاصمته إلى القسطنطينية، حتى أن مؤرخين مثل طه باقر يضطر أحياناً لوضع كلمة الروم (لاتين ويونان) بين قوسين، ليوضِّح أنها تعني شعبين مختلفين، والعرب يُطلقون اسم الإفرنج على الأوربيين، لكنه حرفياً يعني الفرنسيين، وثلاث دول باسم غينيا، وجارتها غينيا بيساو، وغينيا الجديدة، لكنهم مختلفون لغوياً وثقافياً، واسم أمريكا في البداية كان كولومبيا (حالياً مقاطعة في واشنطن)، وخالد الكردي ليس من نسل خالد بن الوليد العربي..إلخ، كما ليس لمعنى الاسم علاقة بهوية الشعب مثلما ليس كل شخص اسمه وسيم أنه وسيم، وسأتطرق لهذا الموضوع مستقبلاً بمقال أو أكثر بعنوان: الحرب على اسم سوريا منذ 1897م.

الخلاصة: مع أن سوريا هي بلاد آرام قبل أن تُسمَّى سوريا، والطريف أن المــتأشورين أي الآشوريين الحاليين الذين سمَّاهم الإنكليز، عندما يزورون التاريخ، يذكرون عبارة على شاكلة لا تقربوا الصلاة ويسكتون، فيقولون: إن اسم سوريا مصدره آشور أو آسور، ولا يذكرون: على من أطلق اسم سوريا المشتق من آشور، أي ماذا كان اسم سوريا وشعبها قبل أن تُسمَّى سوريا؟، ثم أليس هذا اعترفاً صارخاً أن سوريا ليست آشور؟، فلماذا تم إطلاق اسم آشور على سوريا إذا كانت هي آشورية أصلاً؟، علماً أن اسم سوريا ليس مشتقاً من آشور، وهو أحد الآراء اللغوية من مجموع حوالي خمسة عشر رأياً، ولكن إذا افترضنا جدلاً صحة هذا الرأي، وهو الوحيد فقط، فذاك أيضاً لا يعني أن سوريا والسريان هم آشوريين، لأن اشتقاق أو تقارب أو تطابق اسمين لا يعني أن هويتهما وقوميتهما ولغتهما وثقافتهما واحدة، وفقد أُطلق اسم سوريا على قوم لهم وثقافة وحضارة واسم هو الآراميين، وهؤلاء يختلفون حسباً ونسباً، تاريخاً وجغرافيةً، لغةً وثقافةً ملوكاً وآلهةً..إلخ عن الآشوريين، بل أنهما شعبان عدوان تقليديان في كل التاريخ المدني والكتابي في العهد القديم، وقول هؤلاء المتـاشورين الجدد لا يختلف عن قول البعض إن شكسبير هو شيخ زبير، والعراقي توفيق السويدي هو سويدي، ووالد حاكم بولندا ستيفن باثوري (1477-1529م)، هو آشوري، ويشَبَّه البروفسور الأمريكي جون جوزيف (وهو سرياني عراقي نسطوري الأصل ممن يُسمُّون أنفسهم آشوريين) إدعاء الآشوريين الجدد إنهم من القدماء بقول أستاذ تاريخ الشرق القديم في جامعة كاليفورنيا ميخائيل موروني إنه شاهد متسولاً إيرانياً شيعياً جالساً في كرمنشاه يدعي بصوت عال أنه سليل الإمام الحسين وحفيد الرسول محمد لكي يكسب عطف الناس.

وأنا ذكرتً إن نظرية اشتقاق الأسماء وتطبيق معناها على آخرين ليست علمية، بل خرافة، وأنا شخصياً طبعاً أرفض نظرية الاشتقاق، لكني هنا أسأل: أليس من المنطق والعدل إذا أراد المتأشورون تطبيق نظرية الاشتقاق بالقول إن السوريين والسريان هم آشوريون، لأن اسم سوريا مصدره آسور، عليهم القبول بتطبيق نظريتهم أيضاً على هذه الدراسة العلمية الأكاديمية لباحث متخصص بالآشوريات عن مصدر اسم آسور، الذي سيعني أن اسم الآشوريين هو: القذرين، النتنين، الكريهين، المراحيضيين، علماً إننا نقلنا بعض الكلمات حرفياً من خلاصة البحث المترجمة بالعربية الواردة بالإنكليزية نهاية البحث أيضاً. وشكراً/ موفق نيسكو

الممالك والقبائل الآرامية في بلاد الرافدين أو بلاد ما بين النهرين

الممالك والقبائل الآرامية في بلاد الرافدين أو بلاد ما بين النهرين

(العراق الحالي)

الآراميون شعب سام استوطن وانتشر في منطقة الهلال الخصيب تشير أغلب الدراسات إلى أن سكنهم الأصلي كان جنوب البادية بين العراق والشام، وتسمية آرامي نسبة إلى آرام الابن الخامس لسام بن نوح الوارد في سفر التكوين (10: 22–23)، ومعنى آرام الأرض المرتفعة أو العالية، وأقدم ذكر للآراميين هي قبيلة سوتو ومعناها البدو، وقبيلة خبيرو أو عبيرو ومعناها العابرين، وأشهر وأقوى قبيلة آرامية هي أحلامو وهي كلمة سريانية معناها الشباب (أغلام) أو الأحلاف أو الرفاق، وأول إشارة لقبيلة سوتو في التاريخ وردت من مصر نحو سنة 3100 ق.م.، وأطلقت الوثائق الأكدية عليهم اسم سوتو في نحو سنة 2700 ق.م.F[1]F، وذُكر الآراميون في عهد الملك الأكدي نرام سين (2254–2218 ق.م.)، وورد ذكرهم مُركَّباً (أحلامو– آرام) في النصوص التي اكتشفت في مملكة ماري قرب مدينة البوكمال السورية وتعود للقرن الثامن عشر والسابع عشر قبل الميلاد، ومنذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد دخل الآراميون بصورة واضحة في منطقة الهلال الخصيب، وثبت أن بطوناً منهم استوطنوا مناطق جنوب الفرات بالقرب من الخليج العربي في هذه الحقبةF[2]F، ويظهر أن قبيلة سوتو الآرامية استوطنت شمال الهلال الخصيب قبل قبيلة أحلامو، فقد ورد في رسالتين بابليتين أن قبيلة أحلامو البدوية تركت موطنها الأصلي في الجنوب وجاءت إلى الشمال لما سمعته من نجاحات حققها إخوانها السوتو هناك، لذلك يرد اسمهم مترادفاً لاحقاً (سوتو– أحلامو) كما في أحد نصوص الملك الآشوري أرك دن إيلي (1319–1308 ق.م.)، ويمكن تتبع حركتهم من حوليات الملك الآشوري Hأدد نيراري الأولH (1307–1275 ق.م.) الذي ذكر أن أباه حارب الأحلامو في شمال بين النهرين، ومن حوليات Hحاتوشيلي الثالثH حوالي (1275–1250ق.م)، تؤيد ذلك الوثائق المعروفة Hبرسائل تل العمارنةH في مصر (أخيت – أتون) وتقول: إن قبائل الآراميين كانت تتجول على ضفاف HالفراتH من عهد HإخناتونH (1380–1362 ق.م.)، ومنذ عهد الملك الآشوري Hتغلات فلاصر الأولH (1115–1077 ق.م.) ظهر اسم (أحلامو– آرام) حيث يتباهى هذا الملك بأنه حارب الآراميين من مدينة عانة (العراق) وكركميش (جرابلس سوريا) إلى مدينة ربيقو (الرمادي العراق)، قائلاً: “بقوة سيدي آشور زحفتُ بجنودي إلى الصحراء لمقارعة قوات الأحلامو الآرامية وطاردت فلولهم ثمان وعشرين مرة”، ومنذ هذا التاريخ بدأ الآراميون بتشكيل كيانات سياسية قوية نوعاً ما، وأخذ الاسم الآرامي يطغى على بقية الأسماء المركَّبة القديمة وأصبح مألوفاً في الحوليات الآشورية، وبقيت أسماء طلائع الآراميين في بلاد الهلال الخصيب مثل سوتو وأحلامو أسماء وصفية تعني (البدو أو الشباب أو الأحلاف أو الرفاق).

ويُعدُّ الكتاب المقدس مصدراً رئيساً لأخبار الآراميين، فقد ورد ذكرهم فيه عشرات المرات، كما ذُكرت أسماء عدة ممالك آرامية وأسماء ملوكها مثل رشعتايم ملك آرام نهرين، وحزائيل وابن هدد ملكا آرام دمشق وغيرهم، وأهم ما يميز الآراميين عن الآشوريين والبابليين في الكتاب المقدس هو أن الله أرسل إيليا النبي ليمسح ملكاً آرامياً هو حزائيل قائلاً لإيليا النبي: “ادخل وامسح حزائيل ملكاً على آرام” (1 ملوك 19: 15). كما أنهم لم يوصفوا بالسوء كثيراً مثل الآخرين.

تمكّن الآراميون من تأسيس عدة ممالك سيطرت على مناطق واسعة من بلاد الرافدين والشام، وباستثناء الدولة الكلدانية الآرامية التي اشتهرت باسم قبيلتها الآرامية (كلدة) ومملكة آرام دمشق، لم تتمكن الممالك الآرامية الأخرى من تكوين كيانات كبيرة وقوية على غرار الدول البابلية والآشورية بالرغم من امتدادها على مساحات شاسعة من بلاد عيلام شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً، ومن جبال الأمانوس شمالاً إلى تخوم الخليج والحجاز جنوباً، ويعود السبب في ذلك إلى ثلاثة عوامل هي:

1: عامل تاريخي: إن الآشوريين عُرفوا تاريخياً بمعاداتهم للآراميين، في حين أن الآراميين كانوا يكافحون من أجل حريتهم ومن أجل الاستقرار وحياة أفضل، وكانت الدولة الآشورية قاسية جداً في التعامل معهم مستعملة العنف والسبي والإعدام ونهب الثروات وأخذ الجزية وغيرهاF[3]F.

2: عامل خارجي: كانت الممالك الآرامية تقع بين دول كبيرة تحاول تجنب الدول الآشورية والبابلية مثل دولة عيلام والحثيين ومصر، فكانت هذه الدول تحرض الآشوريين والآراميين وتغيّر تحالفاتها دائماً بحيث تجعل الممالك والقبائل الآرامية في مواجهة الآشوريين لتجنب شرهم.

3: عامل داخلي: إن كثيراً من القبائل الآرامية كانت تحبّذ الولاء القبَلي الداخلي على الولاء السياسي للدولة الموحدةF[4]F، ونستطيع القول: إن الآراميين شكلوا مجتمعات متحضرة ومستقرة، ويلاحظ أن الممالك الآرامية لم تكن ملتزمة كثيراً بنظام الخلافة أي الملكية الوراثيةF[5]F، ولهذا فإن الثقافة الآرامية كانت أرقى من غيرها، وإن الآراميين كانوا ذوي عقل تجاري وزراعي متطور، وكانوا أغنياء قياساً بالبقية، ومهتمين بشؤون حياتهم الداخلية أكثر من اهتمامهم بالسياسات الخارجية، والدليل الآخر على ثقافتهم الراقية هو انتشار لغتهم التي أصبحت لغة دولية للجميع دون مساندة من دولة سياسية قوية.

ومن الملاحظ أن الآراميين في بلاد الرافدين وصلوا إلى دفة الحكم السياسي قبل آراميي سوريا، وما ميّزَ آراميي جنوب بلاد الرافدين عن شماله، هو أن الشماليين كانوا مسالمين أكثر من الجنوبيين عموماًF[6]F، والسبب هو أن الآراميين كانوا على العموم مساندين لحكام بابل نتيجة لقسوة الغارات الآشورية عليهم.

إن أقدم ذكر لاسم آرام كإقليم في وادي الرافدين كان في عهد الملك الأكدي نرام سين (2254–2218 ق.م.) بصيغة Am–Ara في نسخة بابلية لكتابة أكدية تتحدث عن انتصار نارام سين على شيخ آرام اسمه خرشاماتكي، وفي وثيقة أخرى اكتشفت في مدينة خفاجة العراقية تقول إن الأحداث المذكورة وقعت في مدينتي (سيموروم وآرامي)، ويستدل من الوثيقتين أن المدينتين تقعان شرق دجلة بين نهري ديالى والزاب الأسفل، كما ظهرت وثيقة تجارية في مدينة دريهم العراقية مؤرخة في سنة ست وأربعين لحكم الملك الأكدي شولجي (2094–2047 ق.م.) من سلالة سومر الثالثة، كُتب عليها اسم (آرامي)، ووثيقة أخرى من عهد الملك شوشن (2037–2029 ق.م.) ذُكر فيها اسم (آرامو)F[7]F، ومنذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد تشير الوثائق إلى انتشار الآراميين في جنوب العراق، فقد اشتكى حاكم دلمون (البحرين) إلى والي مدينة نفر العراقية (عفك قرب الديوانية) من أن الأحلامو نهبوا تمور بلاده.

واستوطن قسم من الآراميين شمال الخليج العربي وحوض دجلة الأدنى (سوسة عاصمة عيلام، جنديسابور، شوشتر في خوزستان، الأحواز، وغيرها)، واستقروا في القسم الجنوبي الشرقي من دجلة على امتداد ضفتي شط العرب وفي السهول الممتدة بين نهري الكرخة والكارون.

وفي منتصف القرن التاسع قبل الميلاد شكَّل الآراميون قوة لا يستهان بها ويُحسب لها ألف حساب، فقد استولى أمراء آراميون على عرش HبابلH ومنهم Hنابو مكين زيريH (731–729 ق.م) Hومردك أبلا إديناH (721–705/703 ق.م)، وفي خضم هذه النزاعات طارد وشرد الآشوريون حوالي ( 208,000) آرامي في مختلف أرجاء الهلال الخصيب، وقام تغلاث فلاصر الثالث (744–727 ق.م.) بتهجير خمس وثلاثين قبيلة قائلاً: لقد أخضعتُ كل أبناء الشعب الآرامي المتواجدين على ضفاف دجلة والفرات حتى نهر الكرخةF[8]F، لكن الآراميين لم يقروا بالهزيمة، فأعيد بناء HبابلH التي سرعان ما استأنفت تصديها لمطامع الHآشورHيين، واستطاع أمير قبيلة كلدة الآرامية Hنابو بلاصرH (626–605 ق.م) أن يُعلن نفسه ملكاً على بابل وأن يشنّ على آشور حرباً لا هوادة فيها متحالفاً مع أعدائها HالميديينH المحيطين بها من الشرق والشمال، وانتهت الحرب بالقضاء على مملكة آشور سنة 612 ق.م.، وقامت على أنقاضها Hالدولة الآرامية الكلدانيةH والتي كان من العسير التفريق فيها بين الكلدانيين والآراميين فضلاً عن البابليين، فقد اختلط الجميع وتمازجوا بقوة وعمق في إطار ثقافة آرامية كانت Hاللغة الآراميةH أهم عناصرها، وتزوج الملك الآشوري بل كالا (1074–1075 ق.م.) ابنة أدد أبال أدن الآرامي (1067–1046 ق.م.)، وتزوج الملك الآشوري سنحاريب (704–681 ق.م.) من آرامية اسمها فقيا ومعناها (النقية أو الطاهرة) التي تسميها المصادر الآشورية (زاكوتو)، وبرز كثير من الكتاب والمثقفين ذوي الكفاءات في البلاط الآشوري مثل أحيقار، وعيَّن شلمنصر الثالث شاشي الآرامي حاكماً على إحدى مقاطعة قلقيلية التابعة له، وبقي الأمر على هذا النحو إلى أن سقطت الدولة الآرامية الكلدانية على يد الفرس الأخمينيين سنة 539 ق.م.، وذهب كثير من المؤرخين والمحققين إلى أن اسم الآراميين كان شاملاً للكلدان والآشوريين كما مر بنا، ويقول تقرير لجنة التحقيق الدولية التابعة لعصبة الأمم المتحدة حول رسم الحدود بين تركيا والعراق الذي صدر في 30 أيلول سنة 1924م: إن غالبية مسيحييّ وادي دجلة هم من نسل السكان الآراميين الذي كانوا أغلبية سكان القطر العراقي في زمن الأرشاقيين والساسانيين عندما بدأت العقيدة المسيحية بالانتشارF[9]F.

ومنذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد انتشر الآراميون في بلاد آشور وأصبحوا بأعداد كبيرة في المدن الآشورية موزعين على كل مرافق الحياة المدنية والعسكرية، حتى إن عددهم فاق مع الزمن عدد الآشوريين، واستطاع علماء الآشوريات في العقود الماضية كشف كثير من الحقائق بخصوص الوجود الآرامي في الدولة الآشورية غيّرت المفاهيم القديمة عن ديموغرافية الدولة الآشورية وهويتها، منهم العالم أندره لومير المختص بقراءة النقوش القديمة فكتب سنة 2004م بحثاً بعنوان “الآراميون شعب ولغة وكتابة خارج حدود الإمبراطوريات”:

Les Araméens, un peuple, une langue, une écriture, au-delà des empires

يعلّق فيه على سياسة الآشوريين في توطين الآراميين في آشور ويقول: “بالحقيقة لقد حول الملوك الآشوريون دولتهم إلى إمبراطورية آشورية –آرامية عندما دمجوا فيها أعداداً كبيرة من الآراميين”، وكذلك العلاّمة “ح. تدمر” الذي ذكر في بحثه “كيف أصبحت آشور آرامية “قائلاً: إن قلب آشور كان قد تحول إلى شبه آرامي Semi ArameanF[10]F.

ومنذ القرن العاشر قبل الميلاد بدأت اللغة الآرامية تحل محل اللغة الأكدية (الآشورية) القديمة التي كانت صعبة وتُكتب على الطين، وقد وجدت نقوش بالمسمارية الأكدية إلى جانب الآرامية مكتوبة على طين، وأصبحت الآرامية في القرن الثامن قبل الميلاد اللغة الرسمية لبلاد آشور، ويوجد على الأقل أربعة نماذج لرسائل ملوكية آشورية مكتوبة بالآرامية، وفي إحدى الرسائل الموجهة من شخص يدعى سين– أدينا في مدينة أور إلى الملك سرجون الثاني يقول له: كتبتُ لك بالآرامية على رسائل ملفوفة، فيجيبه سرجون مؤنباً له: لماذا لا تكتب لي رسائلك بالأكدية على قطعة من طينF[11]F، واستناداً إلى نص الرسالة يذهب المؤرخون إلى أن الملك سرجون كان يريد أن تأتيه الرسائل الخاصة بالبلاط الملكي من المناطق البعيدة بالأكدية المسمارية لكي تكون سرية ولا تقرأ من قِبل الآخرين بسهولة لأن الآرامية كانت قد طغت على الأكدية الآشورية القديمة وأصبحت لغة الشعب الرئيسة، ووردت في نصوص آشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد مصطلحات تدل على استعمال الآرامية، منها قوائم بأسماء تسليم حصص النبيذ في مدينة نمرود.

وهناك أسماء آرامية كثيرة كانت تعمل في البلاط الملكي وردت على منحوتات كانت تزين القصور الملكية في عهد تغلاث بلاصر وسرجون وسنحاريب وآشور بانيبال حيث يظهر في أغلبها شخصين أحدهما آشوري والآخر آرامي يقفان جنباً إلى جنبF[12]F، كما عثر على رسالة مهمة باللغة الآرامية تعود إلى عهد آشور بانيبال تسمى صدفية آشور وجهها موظف آشوري يدعى براتير إلى موظف آشوري آخر يدعى فيراورF[13]F، وهناك أدلة كثيرة منها اكتشاف نقوش باللغة الآرامية على الأوزان الرسمية وعلى أوراق عمليات البيع والشراء وغيرها، وعندما أرسل الملك الآشوري سنحاريب قائد جيشه ربشاقي إلى ملك اليهود حزقيا يطلب منه الاستسلام، أصر ربشاقي على التحدث بالعبرية لكي يفهم كل الشعب بغية إثارته على القيادات اليهودية وإحداث انشقاق وحرب أهلية بينهم، فطلب المسئولون عن قصر حزقيا اللذين تفاوضوا مع ربشاقي أن يكلمهم بالآرامية (السريانية) التي كانت لغة الدولة الآشورية: “فقال الياقيم بن حلقيا وشبنة ويواخ لربشاقى كلم عبيدك بالآرامي لأننا نفهمه ولا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور (2 ملوك 18: 26)، وهذا دليل واضح على أن ربشاقي كان يتكلم الآرامية.

بعد سقوط نينوى سنة 612 ق.م. كان سكانها آراميونF[14]F، وسمَّوها بالآرامية (السريانية) حصنا عبرايا (حسنا عبريا) معناها القلعة، ودعاها الفرس نواردشير، وبقيت مدينة نينوى والمنطقة الجغرافية المحيطة بها مثل النمرود تسمى آشور أو آثور، وهو اسم جغرافي بحت استعمله بعض المؤرخين السريان واليونان واليهود وغيرهم الذين احتفظوا بالأسماء القديمة فيما بعد وخاصة اليهود، ثم شاع اسم الموصل على نينوى بعد الإسلام، وهناك من يرى أن اسم الموصل آرامي Mespila يعني مصب الإله.

ويؤكد روبنس دوفال (1829–1911م) أن الآراميين كانوا يشكلون غالبية سكان بلاد ما بين النهرين وبابل وأربيل وكركوك وأورميا وبلاد الأهواز وأطرافهاF[15]F.

ويذكر المطران الكلداني سليمان الصائغ أن بعض المحققين ذهب إلى أن اسم الآراميين كان شاملاً للكلدان والآشوريينF[16]F.

ويقول المطران أوجين منا الكلداني: إن جميع القبائل الساكنة قديماً في البلاد الفسيحة الواسعة المحدودة ببلاد الفرس شرقاً والبحر المتوسط غرباً وبلاد الأرمن وبلاد اليونان في آسيا الصغرى شمالاً وحدود جزيرة العرب جنوباً كانت قاطبة معروفة ببني آرام أو الآراميين، نعم إن بعضاً من هذه القبائل كانت تسمى أيضاً بأسماء خصوصية كتسمية أهل بابل وما يجاورها بالكلدانيين وتسمية سكان مملكة آثور بالآثوريين وتسمية أهل الشام بالآدوميين، ولكن مع ذلك كانت تسمية الآراميين تشملهم جميعاً، كما أن تسمية الطي وقريش وحميّر وكنانة لا تخرج هذه القبائل من كونهم عرباًF[17]F.

إن اسم أحْمَتا عاصمة دولة مادي (سفر يهودت 1: 1)، هو اسم آرامي، والاسم الفارسي القديم لها هو (هجمتانا)، وسمَّاها اليونان أكبتا، وهي اليوم مدينة همدان الإيرانيةF[18]F.

إن أغلب شعب الدولتين الآشورية والكلدانية كان آرامياً من الناحية القومية والعرقية، والدليل على ذلك هو أن الكتاب المقدس يذكر أكثر من اسم لأشخاص عاديين يلقَّبون بالآرامي لم يكونوا ملوكاً ولم تكن لديهم دولة آرامية قوية تساعد في انتسابهم إليها، مثل بتوئيل ولابان ونعمان الآراميين، وكذلك هناك نساء آراميات كما جاء في (1 أخ 7: 14)، فقد كان لمنسّى سريّة آرامية، كما أنه فضلاً عن آرام بن سام نجد أن كثيرين قد تسمَّوا باسم آرام مثل، آرام بن حصرون (راعوث 4: 19، ومتى 1: 3)، وآرام بن قموئيل (تك 22: 21)، وأيضاً بنو شامر أخي آرام (1 أخ 7: 34)، بينما لا نجد هناك اسماً واحداً لشخص لقبه الكلداني أو الآشوري في الكتاب المقدس، باستثناء مرة واحدة لُقِّب فيها نبوخذ نصر بالكلداني لأنه كان من قبيلة كلدة الآرامية وملكاً للدولة الكلدانية التي كانت آرامية القومية والعرق، كما أننا نجد أن هناك تجمعات سكنية خاصة بالآراميين في كنف الدولتين الآشورية والكلدانية تدل على طابعها القومي والعرقي: “إذا قلنا ندخل المدينة فالجوع في المدينة فنموت فيها وإذا جلسنا هنا نموت، فالآن هلم نسقط إلى محلة الآراميين فإن استحيونا حيينا، وإن قتلونا متنا، فقاموا في العشاء ليذهبوا إلى محلة الآراميين فجاءوا إلى آخر محلة الآراميين فلم يكن هناك أحد (2 ملوك 7: 4–5)”، كذلك راجع آية (10 و 16) من السفر، بينما لا نجد مثل ذلك مع الآشوريين والكلدان.

ونتيجة لكثرة القبائل الآرامية التي سكنت المنطقة الواقعة من بابل وحتى الخليج العربي، فقد سمَّيت فيما بعد منطقة الكلدانيين نسبة الى قبيلة كلدة الآرامية، وقد سميت هذه المنطقة باسمهم في المصادر المسيحية (بيث آراماي) أي بيت أو بلاد الآراميينF[19]F.

وهذه المنطقة هي منطقة الكاسديين الآراميين نسبة إلى كاسد بن ناحور من امرأته مِلْكة ابنة هاران الوارد في سفر (التكوين 22: 22)، وكذلك (يشوع 24: 2)، وناحور هو أخو إبراهيم بن تارح، أي أن إبراهيم هو عم كاسد.

ومعلوم أن إبراهيم وأخوته وبنيه حسب الكتاب المقدس كانوا آراميين نسبة إلى عمهم البعيد آرام بن سام، وكذلك فإن كاسد ابن ناحور وأخوته وعشيرته كانوا آراميينF[20]F.

واستناداً إلى سفر الثنية (26: 5) كان إبراهيم آرامياً:” آرامياً تائهاً كان أبي فانحدر إلى مصر وتغرب هناك في نفر قليل فصار هناك أمة كبيرة وعظيمة وكثيرة”، وأوصى إبراهيم أن يتزوج ابنه اسحق من بنت آرامية من عشيرته: “إلى أرضي وإلى عشيرتي تذهب وتأخذ زوجة لابني اسحق (تك 24: 4)”، وفعلاً تزوج اسحق رفقة ابنة بتوئيل الآرامي، “وكان اسحق ابن أربعين سنة لما اتخذ لنفسه زوجة رفقة بنت بتوئيل الآرامي أخت لابان الآرامي من فدان آرام (تك 25: 20)”، وبتوئيل هو أخو كاسد بن ناحور (تك 22: 21–23)، أي أن بتوئيل هو ابن أخي إبراهيم أيضاً، ثم تزوج يعقوب راحيل وليئة ابنتي لابان الآرامي ابن بتوئيل الآرامي: “فصرف اسحق يعقوب فذهب إلى فدان آرام إلى لابان بن بتوئيل الآرامي أخي رفقة أُم يعقوب وعيسو (تك 28: 5)”.

أما بخصوص ناحور أبو كاسد فهو: ناحور أخو إبراهيم بن تارح، وتزوج من مِلْكة ابنة هاران في أور، ثم أقام في مدينة ناحور (حاران) في آرام النهرين (حاران)، وهي المدينة التي أرسل إليها إبراهيم عبده ليجلب رفقة زوجة لابنه اسحق، وأنجب ناحور من ملكة ثمانية أبناء هم، عوصا، بوزا، قموئيل، حزو، فلداش، يدلاف، بتوئيل، وأصبح هؤلاء الثمانية فيما بعد أجداد القبائل الآراميةF[21]F.

ويقول الأب بولس الفغالي: إن ناحور أخو إبراهيم وأبو كاسد صار بواسطة نسائه جَدّاً لاثنتي عشرة قبيلة أو مستوطنة آرامية، ثمان منها تنحدر من زوجته مِلْكة وأربع من سريته رؤومة، وفي النصوص المسمارية المتأخرة نجد اسم ناحور كاسم شخص (ناحيري، ناحور) وكاسم مكان (نحور، تل نحيري)، وهي مدينة في منطقة حاران شمال بلاد الرافدين على الضفة اليمنى لنهر خابور، اتخذت أهمية في الألف الثاني قبل الميلاد، وقد تعني العبارة مدينة ناحور الذي هو أخو إبراهيم، وذُكرت في اللوحات الكبادوكية في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ويبدو أنها لعبت دوراً هاماً في مراسلات مملكة ماري في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وكانت عاصمة مقاطعة آشورية أيضاً، وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد هاجمها الآراميون ودمروها، فولدت مدينة باسم تل نحيري في القرن السابع، وبين تلك المدتين قامت في المنطقة قبائل آرامية تذكرهم التوراةF[22]F.

وسنذكر باختصار أهم الممالك الآرامية التي قامت في بلاد وادي الرافدين أو بين النهرين (العراق الحالي) وفي شرق (بلاد الشام) القريبة.

(يتبع)

[1]: ألبير أبونا، أدب اللغة الآرامية ص12.

[2]: أ. ولنفسون، تاريخ اللغات السامية ص15.

[3]: المطران غريغوريوس صليبا شمعون، الممالك الآرامية ص 16.

[4]: سليمان بن عبد الرحمن الذييب، نقوش تيماء الآرامية ص32.

[5]: ألبير أبونا، الآراميون في التاريخ ص 149.

[6]: سليمان بن عبد الرحمن الذييب، نقوش تيماء الآرامية ص15–16.

[7]: علي أبو عساف، الآراميون ص11.

[8]: أ. دوبون سومر، الآراميون ص122.

[9]: جرجيس فتح الله، يقظة الكرد ص 584.

[10]: مجلد مسوبوتاميا وجيرانها ص450Mesopotamien und seine Nachbarn

[11]: أ. د يوسف متي قوزي، محمد كامل روكان، آرامية العهد القديم ص 18.

[12]: اندريه بارو، بلاد آشور ونينوى وبابل، ترجمة عيسى سلمان، الأشكال 17،384.

[13]: أ. دوبون سومر، الآراميون، ترجمة الأب ألبير أبونا ص 108.

[14]: المطران سليمان الصائغ، تاريخ الموصل ج1 ص 38.

[15]: روبنس دوفال، تاريخ الأدب السرياني، ترجمة الأب لويس قصاب ص22.

[16]: المطران الكلداني سليمان الصائغ، تاريخ الموصل ج2 ص 6.

[17]: المطران أوجين منا الكلداني، دليل الراغبين في لغة الآراميين ص13.

[18]: الأب بولس الفغالي، المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم ص 128.

[19]: راجع الأب يوسف حبي كنيسة المشرق الكلدانية الآشورية ص31، كذلك راجع خارطة المنطقة في كتاب مجامع كنيسة المشرق لنفس المؤلف ص7.

[20]: إبراهيم هو ابن تارح من نسل قينان بن أرفكشاد أخو آرام بن سام.

[21]: قاموس الكتاب المقدس ص 944.

[22]: الأب بولس الفغالي، المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم ص1287.

الفرق بين اللغة السريانية الآرامية والآشورية- موفق نيسكو

الفرق بين اللغة السريانية الآرامية والآشورية- موفق نيسكو
29/06/2016

ذكرنا سابقاً وفي الجزئين الأول والثاني رد اللغوي والأديب جورج حبيب بأدلة ومصادر دامغة على أدور يوخنا الذي احترم الحقيقة واعترف أن لغة الآشوريين هي السريانية الآرامية ولا علاقة لها بالآشورية القديمة التي هي لغة أكدية أصلاً.

http://baretly.net/index.php?topic=58648.0

http://baretly.net/index.php?topic=58711.0

وإضافة إلى ما ذكره جورج حبيب، كنا قد نشرنا مقالات عديدة عن اللغة السريانية أهمها: لغة السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين)، ومقال: نيافة مطران استراليا مار ميلس يُزوِّر اسم لغته الأم في اليوم العالمي للغة الأم

http://baretly.net/index.php?topic=56800.0

http://baretly.net/index.php?topic=56808.0;nowap

ولكي يكتمل الموضوع إلى حد ما نقول:
مصطلح اللغات السامية حديث أطلقه الألماني شلوتسر سنة 1781م، ورغم أنه مصطلحاً مقبولاً، إلاَّ أنه ليس تقسيماً لغوياً بحتاً، فقد اعتمد على سفر التكوين لأبناء سام اصحاح10، واستثنى العيلامين والليدين رغم أن عيلام ولود هما ابنا سام، كما أُدخلت الكنعانية في اللغات السامية رغم أن كنعان ليس من أبناء سام حسب سفر التكوين.
وهناك تفرعات وجداول عدة للغات السامية، وباختصار تقسم اللغات السامية إلى قسمين، الشرقية والغربية، الشرقية هي الأكدية (البابلية-الآشورية) فقط ولا يوجد لها أية شقيقة، أمَّا الغربية فتقسم إلى شمالية، الكنعانية (الفينيقية) والعبرية والآرامية (السريانية)، وجنوبية، العربية والحبشية، واقرب اللغات السامية لبعضهما هي السريانية والعربية، فهما ليستا شقيقتان فحسب، بل أختان تؤمان، والعربية هي أنقى اللغات السامية، لأن العربية عاشت معزولة في الصحراء ولم تدخلها مفردات كثيرة من اللغات الأخرى كاليونانية والفارسية وغيرها، وكتب كثيراً من الآباء السريان باللغتين السريانية والعربية، واقترضت اللغتان من بعضهما البعض، إلاَّ أن اقتراض السريانية من العربية قليل واقتراض العربية من السريانية كثير جداً، حوالي ألفي لفظة، وهناك أكثر من ألف أخرى سيتم نشرها مستقبلاً من قبل الأديب اللغوي بالسريانية والعربية جوزيف اسمر ملكي، والجدير بالذكر أن أغلب الألفاظ التي اقترضتها العربية من السريانية هي باللهجة السريانية الشرقية، أمَّا حركات الأعجام وبعض القواعد وغيرها فاقتبسها العرب من السريان، والخط العربي ومنه خط القران هو سرياني (آرامي نبطي)، وجميع العلوم والفلسفة تُرجمت من اليونانية إلى السريانية ومنها إلى العربية. (راجع القرآن والسريان ج1). http://baretly.net/index.php?topic=37599.0
ينقسم السريان إلى شرقيين أي شرق نهر الفرات وهم الكلدان والأشوريين، وغربيين وهم السريان الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة والروم، واللغة السريانية الآرامية هي إحدى أقدم وأشهر اللغات في العالم، وسَمَّى كثيراً من الاختصاصيين الألف الأولى قبل الميلاد بإمبراطورية اللغة الآرامية، وبعد الميلاد أصبح اسمها السريانية، وإلى جانب عشرات الآلاف من المخطوطات في كنائس ومكتبات ومؤسسات الشرق الأوسط، فقد ملأت آلاف المخطوطات السريانية المتاحف والمكتبات العالمية، لندن، الفاتيكان، برلين، باريس، اكسفورد، كامبريج، مكتبة لوران، أمريكا، وغيرها.
الحقيقة العلمية والتاريخية الثابتة هي أن البابليين والأشوريين القدماء لم تكن لديهم لغة، وإنما كانت لغتهم أكدية مسمارية تكتب على الطين، ولما كانت الدولة الكلدانية التي دامت 73 سنة فقط أساساً دولة آرامية، لذا سأركز أكثر على الأشوريين، فقدت سادت اللغة الأكدية القديمة العراق وانتشرت إلى بلاد العيلاميين والحثيين ووصلت إلى مصر، وفي القرن الثامن قبل الميلاد اضمحلت الآشورية وأصبحت لغة عسكرية خاصة بالحكام لأن الآرامية غزت دولة أشور، وأصبح الوجود الآرامي في آشور كثيف، ولسهولة كتابة الآرامية لفظاً وتصريفاً..الخ، ولأنها تكتب على الجلود والبردي، فالآرامية ألف باء عدد حروفها 22، أمَّا الأكدية مسمارية مقطعية صورية عدد رموزها حوالي 570، وتعتمد كتابتها على عدد المقاطع وعلامتها التي قد تصل إلى 8000 وكحد أدنى على الكاتب أن يستعمل من 1000-2000 مقطع لكي يكون كاتباً في شؤون الحياة التي لا تحتاج إلى مصطلحات خاصة، فالطب والكيمياء والهندسة والسحر وغيرها من الفنون الخاصة كانت لها رموز لا يكثر وردوها في اللغة العامة (حسن ظاظا الساميون ولغاتهم، ص 27)، واللغة الآرامية تكتب من اليمين إلى اليسار بينما المسمارية الأكدية بالعكس، وغيرها من الاختلافات اللغوية (الدكتور رمزي البعلبكي، الجامعة الأمريكية، بيروت، الكتابة العربية السامية، دراسات في تاريخ الكتابة وأصولها عند الساميين30 ،47).
إن الخط البابلي الذي استعمله الأكديون لم يشمل على كثير من حرف التضخيم والتفخيم كالطاء والضاد والظاد وحروف الحلق كالخاء والعين والغاء والهاء السامية، ونتيجة لاستعمال البابليين والآشوريين الخط السومري تأثر نطقهم وفقدوا النطق السامي الصحيح بمرور الزمن، والألفاظ التي وصلت من الأكدية قليلة لا يمكن للباحث أن يستخلص الصحيح منها لأنها خليط من ألفاظ سومرية وليس بالمستطاع تميز السامي عن السومري بعد أن اندمج الكل في بعضه وأصبح لغة واحدة (ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص8،39)، ويقول الراهب السرياني الشرقي النسطوري ثيودوروس بركوني سنة 600 تقريباً: لو قابلتَ اللغة البابلية القديمة مع السريانية فلن تجد فيها واحداً بالمئة من السريانية، (التأويل مج1، باريس1910م، ص113 سرياني)، وأن اللغة الأكدية (البابلية-الآشورية) تبتعد عن أخواتها السامية كثيراً، حتى أن جماعة من المعنيين بالآشوريات يرون أن اللغات السامية جميعها بما في ذلك العربية والحبشية تؤلف مجموعة مستقلة بالقياس إلى الآشورية التي فقدت الكثير من السامي القديم كفعل الماضي وأصوات الحلق، ولذلك فالآشورية تدرس مع البابلية فقط. (د. إبراهيم السامرائي، التوزيع اللغوي والجغرافي في العراق ص59-60).
وفعلاً لا يوجد أي ذكر للغة الآشورية فعندما قام المطران أدي شير الذي اخترع سنة 1912م عبارة كلدو-آثور لغرض كسب السريان الشرقيين (الآشوريين) إلى طائفته الكلدانية، وقام بتأليف كتاب الألفاظ الفارسية المعرَّبة، لم يذكر اللغة الآشورية إطلاقا لأنها غير موجودة أصلاً، فذكر 16 لغة، فإلى جانب العربية ذكر: الفارسية، التركية، الكردية، الآرامية، العبرية، اليونانية، اللاتينية، السنسكريتية، الحبشية، الجرمانية، الانكليزية، الفرنسية، الايطالية، الروسية، والأرمنية (مكتبة لبنان 1980م)، فهل يعقل أن مطران يُسمِّي نفسه كلداني-آشوري يذكر جميع لغات العالم وعلى غلاف الكتاب دون ذكر الآشورية؟، وقواميس واختصاصيو ولغويو اللغة السريانية الآرامية يختلفون عن لغويو الأكدية، فبعد اكتشاف اللغة الأكدية من قبل العلماء جورج فريدريك جورتفند، إدوارد هنكس، فريدريش ديلتش، راولنصون، جوليس اوبرت، وغيرهم، كتب فيها: شارل فوسي، تيرو دانجان، ماجي روتن، ريننية لابات، الأب شيل، فون تسودون وغيرهم، وقواميسها هي قاموس ديليش، بتسولد، ماس-أرنولت، المعجم البابلي السومري للأب دايميل، وغيرهم.
وفي محاضرة للكاتب والأديب جميل روفائيل بطي أقيمت في النادي الثقافي الآثوري بتاريخ 16/5/1971م بعنوان “دور اللغة السريانية في الحضارة الإنسانية”، قال بطي: إن الآثوريين والكلدان المعاصرين يتكلمون اللغة السريانية وليس اللغة الآشورية أو الكلدانية التي كانت إحدى اللهجات الأكدية وانقرضت قبل أكثر من 2500 سنة، مثبتاً ذلك بالأدلة اللغوية والتاريخية من مصادر الآشوريين والكلدان أنفسهم، فنهض أحد الحاضرين من الآشوريين المتعصبين، وأصر على أن اللغة التي يتكلم بها آثوريو اليوم هي الآشورية القديمة، وعدّدَ له بعضاً من الكلمات، فأجابه جميل روفائيل بطي: إن علاقة هذه الكلمات باللغة الآشورية هو كعلاقة اللغات السامية ببعضها، وفي نفس الوقت نهض أحد الحاضرين وكان آثورياً طالباً في قسم الآثار بكلية الآداب، وبدأ يقرأ في ورقة كانت في يده، ثم طلب من السائل الآشوري الأول (المتعصب) أن يُبيّن له إن كان قد فهمها أم لا؟، فردَّ عليه “بأنه لم يفهمها”، فقال له: إن هذه هي اللغة الآشورية، ولو كانت لغتنا، لكُنتَ قد فَهِمتَ ما ورد في هذه الورقة.(أضواء على قرار منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية ص64).
إن اسم اللغة تحددها خصائص كثيرة كالقواعد والاشتقاق والبيان والأفعال وتصريفها والإعراب والحركات والصوائت والصوامت والحلقيات وأسماء الإشارة وعدد الحروف والأرقام والإبدال والإدغام…الخ، وليس تقارب بعض الألفاظ في اللغات الذي هو نسبي، فالمعروف أن هناك حوالي 2500-3500 لغة في العالم (امييه وكوهين، عدد اللغات الحية في العالم 1952م، وجراي، أصول اللغة 1950م)، وجميع اللغات تنحدر من ثلاث مجاميع رئيسية هي السامية، الحامية، اليافثية (الآرية، الهندو-أوربية)، وقطعاً أن الإنسان الأول كان لغته واحدة قبلها، وهناك بعض التقارب حتى بين المجاميع اللغوية التي ليست ضمن العائلة الواحدة لدرجة أن بعض العلماء اعتبر أن الساميين انحدروا من إفريقيا نتيجة تقارب الحامية مع السامية في بعض الأمور، ومن المعروف أن معظم اللغات تشترك في الحروف الأبجدية الأولى الأبجدية ألف باء، وكذلك ما يُسمَّى بأولى الكلمات مثل أم، أب، ارض، حرف النفي لا..الخ.

سبب قيام بعض السريان الشرقيين بتزوير اسم لغتهم
نتيجة الانشقاقات الكنسية في التاريخ ظهرت أسماء عديدة للسريان كالكلدان الذين هم سريان شرقيين نساطرة اعتنقوا الكثلكة سنة 1553م وثبتت اسمهم بالكلدان نهائياً في5 تموز سنة 1830م، نتيجة قرار البابا اوجين الرابع سنة 1445م، أمَّا الذين بقوا سريان نساطرة فسمَّاهم الإنكليز أشوريين لأغراض سياسية استعمارية سنة 1876م وثبت اسم احد أقسام الكنيسة فقط رسمياً بالآشورية في 17 تشرين أول 1976م، أمَّا القسم الآخر منهم فيرفض التسمية الآشورية، والحقيقة أن الاثنين لا علاقة لهما بالكلدان والآشوريين بالقدماء سوى انتحال الاسم.

منذ بداية النهوض القومي لدى الشعوب في العصر الحديث بدأ السريان الذين سمَّاهم الانكليز آشوريين العمل السياسي بقوة مستغلين اسمهم كدعاية باعتبارهم أحفاد أولئك القدماء، ظنَّاً منهم أنه لشهرة الاسم في التاريخ سيفهمهم العالم أكثر ويستطيعون تحقيق مكاسب سياسية ويعطوهم بلاد آشور القديمة وعاصمتها الموصل التي لم تكن يوماً واحداً مقرَّاً لكنيستهم في كل التاريخ، بل إنها آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية في نهاية القرن السادس الميلادي.
بعد سنة 2003م بدأ الكلدان أيضاً وكردة فعل على الآشوريين بالعمل السياسي واستعمال اسمهم بأنهم أحفاد الكلدان القدماء، ولما كانت اللغة من أهم عوامل القومية ولإثبات وجودهم بدئوا ينقلون من الكتب القديمة كل كلمة سرياني أو نسطوري إلى آشوري وكلداني، ويزورون اسم اللغة والقواميس كل لصالحه، وتميّز في هذا الاتجاه الأشوريون أكثر من الكلدان، فعمليات التزوير بين الكلدان مقتصرة على بعض المثقفين المتعصبين، ونادراً بين رجال الدين، أمَّا الأشوريين فهم سياسيون محنكون ويشترك معهم رجال الدين في التزوير، وبصورة خاصة في أمريكا واستراليا، مثل مطران استراليا ميلس زيا الذي يُسمي لغته آشورية، وهو لا يعرف جملة وربما حرف واحد من اللغة الأشورية القديمة.

ومع أن الآشوريون الحاليين هم سريان في كل التاريخ ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء سوى انتحال الاسم من الإنكليز، وإلى جانب العهد القديم الذي يذكر اسم اللغة الآرامية (عزرا 4:7، دانيال 2:4، 2 ملوك 18:26، واشعيا 36:11، المعروفة لدى الجميع، لكننا نورد شواهد قليلة من الآثار الأشورية تحديدا على أن اللغة كانت استعملتها الدولة الآشورية بعد اضمحلال لغتها الأكدية هي الآرامية وليست الآشورية، وتسمية آشوريو اليم لغتهم آشورية هو تزوير لغرض سياسي استعماري، والشعب الآرامي يختلف عن الشعب الأشوري، بل أنهم كانوا أعداء، فقد ذكر الملك الأشوري تغلاث فلصر في سنة 1111 ق.م. أنه قاد 28 حملة على الآراميين، وألحق بهم الهزيمة وسباهم وممتلكاتهم إلى أشو، والأشوريون القدماء أنفسهم فرَّقوا بين لغتهم الأكدية القديمة والآرامية لأن الدولة الآشورية القديمة كانت في آخر قرنين قبل سقوطها دولة آرامية لغةً، وأغلبية آرامية عنصراً، وندرج عدة رسائل:
1: رسالة من سرجون الثاني يؤنب موظفه لأنه كتب بالآرامية فيقول الموظف: إذا كان مقبولا للملك دعني اكتب وابعث رسالتي بالآرامية على رسائل ملفوفة، وكان جواب الملك:

لماذا لم تكتب لي بالأكدية على رقم طيني، رسائلك التي كتبتها يجب أن تتوقف بهذا الأمر الملكي.

2: رسالة بعث بها حاكم أشوري إلى الملك يقول فيها:الرسالة الآرامية التي كتبتها للملك سيدي.

3: ورد عديد من أسماء الكتاب الآراميين في الدولة الأشورية مثل أباكو ونوريا، أحو،عوبري،حملا، أيلي.

4: ورد ذكر اللغة الآرامية في البلاط الأشوري من حاكم صور المدعو قوردي-أشور-لامور إلى الملك الأشوري يقول فيها: بعثت نابو-اوشيزب مع الرسالة الآرامية من مدينة صور.

5: رسالة تقول على الأشخاص الستة المعروفين المدونة أسمائهم في الوثائق الأشورية والآرامية دفع الضريبة في نهاية السنة.

6: عُثر في نمرود ونينوى على نقود وصكوك وأختام وتماثيل باللغتين المسمارية والآرامية قسم منها يحمل أسماء ملوك آشور.

7: عٌثر في قصر تل بارسيب على نقش يعود للعهد الملك تغلاث فلصر يظهر فيه كاتبان أحدهما آشوري يكتب بالمسمارية على طين والآخر آرامي يكتب بالآرامية على البردي.

(الدكتور يوسف متي قوزي، كليات اللغات جامعة بغداد، ومحمد كامل روكان كلية الآداب جامعة القادسية، آرامية العهد القديم، قواعد ونصوص ص15-20).

8: يقول الدكتور أ، دوبون سومر: هناك رسالة مهمة بالآرامية تعود إلى عهد أشور بانيبال تُسمَّى صدفية أشور وجَّهَهَا موظف أشوري يدعى براتير إلى موظف أشوري آخر يدعى فيراور، وتمَّ اكتشاف مصطلحات آرامية كثيرة تدل على استعمال اللغة الآرامية في أشور وبابل، منها قوائم بأسماء تسليم حصص النبيذ في مدينة نمرود، ونقوش على الأوزان وعقود البيع والشراء وغيرها. (الآراميون، ترجمة الأب ألبير أبونا ص 108).

9: يقول أستاذ اللغات السامية ولفنسون في تاريخ اللغات السامية: إن الآراميين انتشروا وتدخلوا في بلاد أشور وبابل الفرس ولم حتى صارت لغتهم لجميع الشعوب السامية من البحر المتوسط إلى بلاد فارس، وأصبحت الآرامية اسمها السريانية منذ الميلاد وغدت لهجة الرها السريانية هي لغة الحضارة المسيحية وينقسم السريان إلى يعاقبة ونساطرة، أمَّا الاختلافات اللغوية فاخترعت منهم لأغراض سياسية ودينية أكثر منها لغوية وفي العراق وطورعبدين وبحيرة أروميا توجد بطون من النساطرة يتكلمون السريانية، أمَّا لهجة أروميا فهي آرامية شرقية، ودخلت فيها كلمات فارسية وتركية وكردية. (ص117، 145-148، 159).

10: يقول الدكتور حسن ظاظا: إن اللغة الآرامية غزت الشرق وقضت على غيرها من اللغات، وان السريان الشرقيين من النساطرة والكلدان لغتهم هي سريانية الرها (حسن ظاظا، ص93،101).

11: يقول أرنست رينان الفرنسي: إن الآرامية طمست كل اللغات وغزت بلاد آشور التي أصبحت لغتها الآرامية ( langus semitiqus historie generale des، تاريخ اللغات السامية، فرنسي، باريس 1855م، ص199-201).

12: يقول عالم الآثار إدورد كييرا (1885- 1933م): إن لغة الآشوريين القدماء هي الأكدية وهي تختلف كليا عن لغتهم الدراجة في الوقت الحاضر (كتبوا على الطين رقم الطين البابلية تتحدث اليوم، ترجمة الدكتور محمد حسين الأمين بغداد 1964م).

13: يقول كارل بروكلمان: تُطلق على اللغة البابلية الأشورية القديمة بالسامية الشرقية في مقابل السامية الغربية وتشمل الكنعانية والآرامية والسامية الجنوبية وتشمل الحبشية والعربية، ونُسمي لهجات بلاد الرافدين عادة الأشورية بحسب أول مكان اكتشافها والصحيح تسميتها بالبابلية، والآراميين ومنذ القرن 14 ق.م. اكتسحوا المنطقة واندمجوا واجبروا الأشوريين والبابليين على التحدث بلغتهم، وفي القرن التاسع عشر رفعت البعثات التبشيرية الأمريكية لهجة أروميا إلى لهجة أدبية لهؤلاء السريان، ويضيف المترجم الدكتور رمضان عبد التواب أستاذ اللغات بكلية الآداب في عين شمس وجامعة الرياض: والمعروف عند الدارسين في الوقت الحاضر أن الأكدية تقسم إلى البابلية والأشورية ولكل منها خصائصها (فقه اللغات السامية ص16،22، 28).

14: يقول سليمان بن عبد الرحمن الدييب: الآرامية أقدم اللغات وأوسعها انتشاراً، وأول نقوشها هو نقش تل حلف في الألف الأول قبل الميلاد، وما زالت الآرامية مستعملة حتى الوقت الحاضر، ونعلم من الآثار والنقوش أن بداية الكتابة السومرية تعود إلى أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، وأثبتت الدراسات أن استخدام السومرية وصل إلى أدنى مستوياته عند سيطرة البابليين إن لم تكن قد اختفت تماماً، أو استمرت بشكل ضيق إلى أن صدرت شهادة وفاتها فعلياً سنة 50م، بينما الآرامية ظلت منتشرة حتى يومنا هذا، وهذا الأمر يجعلنا القول بدون تردد أن اللغة الآرامية الأطول عمراً بين اللغات القديمة. (نقوش تيماء الآرامية، طبعة الرياض ص37).

15: يقول طه باقر: إن الآرامية انتشرت انتشاراً واسعاً وعجيباً بدون سلطان سياسي وأصبحت لغة الدولة الأشورية وتركت آثاراً في البابلية والأشورية، وصارت فيما بعد لغة النبي عيسى وأتباعه. (مقدمة في تاريخ الحضارات ص496).

16: يقول الدكتور والآثاري يهنام أبو الصوف: حلَّت الآرامية في معظم بلاد الرافدين وكل بلاد آشور تدريجيا واستخدم الآشوريين الكتبة الآراميين فتجد مع الكاتب الآشوري بالمسمارية على الطين مدون آخر آرامي بيده جلد غزال يكتب بالآرامية، وفي فترة معينة أصبحت هناك لغة ثنائية (آشورية بالمسماري وآرامية بالآرامي) حتى سقوط آشور, الذين كانت تجاورهم اللغة البهلوية لغة الدولة الاخمينية المنتصرة التي احتلت بابل في 539 ق.م، وبسبب هذه الأحداث لم يتبق في بلاد الرافدين أية لغة آشورية أو كلدية بابلية عدا مخلفات قليلة كهنوتية في المراكز الدينية المحافظة, وهذه أيضاً كانت في طريقها إلى الانقراض, كما انقرضت قبلها بأكثر من ألف سنة السومرية، وآخر كيان سياسي للأشوريين بعد سقوط نينوى كان في حرّان حيث قضى عليه نبوخذ نصّر، وتأسيساً على هذا فمن كان يتكلم باللغة الآشورية، لغة الحاكمين في الإمبراطورية الآشورية، انقرضوا تماما في مطلع القرنين الخامس والرابع ق.م وما بعدهما حتى مجيء المسيحية حيث كانت اللغتين السائدتين هما الآرامية واليونانية.

17: يقول اسماعيل، والدكتورة بهيجة خليل،: كانت الآرامية لغة الدولة الأشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وصار للحكام الأشوريين كتاب آراميون ووردت عدة نقوش كنقش قصر تل بارسيب تصور كاتب أشوري يقف إلى جانب كاتب آرامي، وورد ذكر الكاتب الآرامي في النصوص الأشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد في صيغة (lu،a،ba،mes kur aramaia)، والجزء الأول يعني كُتّاب، وترجمته الحرفية (رجال ألاف باء) والثاني الآراميين، ويعني المصطلح (الكتبة الآراميون). (الكتابة، بغداد 1985، حضارة العراق ج1ص225).

18: فرض الآراميون لغتهم على الشرق كله وبلاد آشور بدل السومرية والعبرية والأكدية، والنساطرة الحاليين لغتهم السريانية. (جورج رو، العراق القديم ص371- 372)

19: يقول الدكتور وليم ويكرام وهو من لعب دورا سياسيا لصالح الانكليز بتثبيت اسم “الأشوريين” إن الآشوريين يستعملون اللغة السريانية واللغة الأشورية الحالية بلا شك هي لهجة من اللغة الآرامية. (مهد البشرية ص220).

20: لن نذكر مئات المصادر وبلغات عديدة وردت كثير منها في مقالاتنا (كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة آشوريين)، وكيف أن السريان النساطرة أنفسهم والى قبل أن يُسميهم الانكليز آشوريين يعتزون بأفواههم أنهم سريان يتكلمون اللغة السريانية، ونكتفي بما قالته مجلةplanit truth الأمريكية:

اللغة السريانية لن تموت مهما تغير الزمن لأنها لغة السيد المسيح. (المطران اسحق ساكا، السريان إيمان وحضارة السريان إيمان وحضارة ج3 ص113).

وشكراً