صدور الطبعة الثانية من كتابي (مار يوحنا الدَّيلمي السرياني)

صدور الطبعة الثانية من كتابي (مار يوحنا الدَّيلمي السرياني)

 

 

صدرت في بغداد الطبعة الثانية من كتابي (مار يوحنا الدَّيلمي السرياني)، وهي جديدة ومنقحة مدعومة بالصور التاريخية والأثرية بقياسA5 ، 180 صفحة، مضافاً إليها معلومات ووثائق جديدة حصلتُ عليها منذ سنة 2009م عندما صدرت الطبعة الأولى، والحقيقة هذا الكتاب هو الأول عن هذا المُبشر والقديس السرياني المسيحي، حيث كانت المعلومات عنه وعن ديره، دير السريان الواقع في قضاء بغديدا أي الحمدانية أو قرقوش شحيحة. قراءة المزيد

بيان حازم لمطران بغداد رداً على البطرك ساكو

موفق نيسكو

بيان حازم لمطران بغداد رداً على البطرك ساكو

قبل يومين وبتاريخ 12/ 1/ 2024م، أصدر مطران بغداد نيافة مار يوسف عبا مطران وأمين سر أسقفية بغداد للسريان الكاثوليك وهو أيضاً أمين المجمع المقدس للكنيسة السريانية الكاثوليكية في العالم أجمع، بياناً حازماً ومفصلاً ردَّاً على بطرك الكلدان الكاثوليك لويس ساكو، والحقيقة إن هكذا بيان قوي من سلطة كنسية على سلطة كنسية ورجل دين آخر هي حالة نادرة منذ عقود طويلة إن لم تكن الأولى خاصة بين نفس الكنيسة، أي الكاثوليكية، ويبدو فيه أن الذي أوصل المسيحيين لهذه الحالة وأجبرَ أسقفية السريان والكاثوليك ونيافة المطران يوسف عبا على إصدار بيان كهذا هو البطرك ساكو نفسه، وذلك بتصرفاته وافتراءاته وتكبره وطموحاته السياسية وتماديه بتصريحاته المتهورة واللامسؤولة خاصة في الفترة الأخيرة بعد سحب المرسوم الجمهوري منه، وفشله في استرجاعه في كل الاتجاهات، من مطالبته السلطات العراقية، أو استجداء عطف الآخرين كشخصيات ورجال دين مسلمين، إلى تصريحه باللجوء لبعض الدول الأجنبية، أو الظهور إعلامياً في التلفزة أو كتابات مقالات، يساعده عدد من وعاظ السلطان الذين يحاولون تحويل فشل البطرك المدوي إلى انتصار، وكأن المسيحيين في ساحة حرب، ثم فشل ساكو في المواجهة السياسية مع أحد أبناء رعيته، وفشله في تسويق هروبه من بغداد إلى أربيل، وآخر فشله رد دعواه المقامة على رئيس الجمهورية في المحكمة الاتحادية..إلخ، كل هذا الفشل أدى إلى انهيار البطرك ساكو فتمادى في تهجمه على كل من لا يوافق رأيه ويدعم موقفه،

قراءة المزيد

كيف منحت روما لقب بطريرك لجثالقتها المتكثلكين

كيف منحت روما لقب بطريرك لجثالقتها المتكثلكين

الكهنوت في المسيحية ثلاث درجات: الأسقفية، القسوسية، الشماسية، والأسقفية تشمل منصب: أسقف، مطران، جاثليق أو مفريان، بطريرك، بابا، ففي بداية المسيحية استعمل المسيحيون لقب أسقف، ويعني رئيس كهنة، الرقيب، الناظر، أو المشرف، ويقول ابن منظور وغيره: أسقف من الألفاظ المعرَّبة عن اليونانية، ونُقلت إلى السريانية ومنها إلى العربية ومعناها الشخص الذي يتخاشع بمشيئته أو الخاضع والمنحني في عبادته، وهو عالم من علماء المسيحيين (لسان العرب، ج6ص298. وانظر الزبيدي، تاج العروس، ج6ص141).

قراءة المزيد

التعريف بمخطوط كتاب: تَعلُّق الكلدان بالدولة الإسلامية

التعريف بمخطوط كتاب: تَعلُّق الكلدان بالدولة الإسلامية

وهو القسم الأول من المجلد الثالث من كتاب “كلدو وأثور” لمطران الكلدان أدّي شير، وكان يعتقد أنه مفقود

 

وقع بين يديّ مخطوط كتاب من مخطوطات مطرانيه أبرشية سعرد للكلدان في ماردين- تركيا، تمت فهرسته في 14/9/ 2012م في مركز المخطوطات الشرقية، عينكاوا- أربيل، مخطوط من القرن 19-20، اسمه: (تَعلّق الكلدان بالدولة الإسلامية)، وأحققه وأنشره اليوم مع صفحات منه للتعريف به لأول مرة، والكتاب من تأليف أدي شير +1915م، مطران أبرشية سعرد الكلدانية، الذي كان مثقفاً وذو كفاءة علمية، ويفتخر بسريانيتهِ إلى أن انخدع وتأثر سياسياً وقومياً بأشقائه الآشوريين الجدد الذين سَمَّاهم الإنكليز والذين سبقوه في العمل السياسي باستخدامهم لاسمهم الآشوري المزيف الذي اخترعه لهم الإنكليز بإقامة إقليم آشور شمال العراق، فبدوره ولأغراض سياسية وطائفية وعبرية، اخترع المطران أدي شير سنة 1912م مصطلح “كلدو وأثور” المزيف أيضاً، لإقامة إقليم كلدو وأثور، وألَّف كتابه المعروف باسم مزيف هو “كلدو وأثور”، علماً أنه لا علاقة لكلدان وآشوريي اليوم بالقدماء، سوى قيام الاستعمار الغربي الأوربي بخداعهم وذلك بسرقة اسمين من أسماء حضارات العراق القديم وتسميتهم بهما، فالكلدان والآشوريون الحاليون هم آراميون سريان نساطرة المذهب، وهم من أصول عبرية يهودية، قامت روما بتسمية الطرف المتكثلك منهم كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز 1830م، وسَمَّى الإنكليز الطرف الذي بقي نسطورياً، آشوريين سنة 1876م.

 

وكتاب “كلدو وأثور”، طُبع بمجلدين في مطبعة الآباء الكاثوليك الدومينيكان، بيروت 1912-1913م، المجلد الأول تاريخ الآشوريين والكلدان القدماء قبل الميلاد، والثاني تاريخ الكنيسة النسطورية من انتشار المسيحية بعد الميلاد إلى ظهور الإسلام، وإلى عهد جاثليق أو بطرك النساطرة يشوعياب الجدلي (628-645م)، أمَّا المجلد الثالث، ويشمل تاريخ الكنيسة النسطورية بعد الإسلام، فكان يُعتقد أو أُشيع أنه فُقد بعد مقتل المطران أدي شير على أيدي العثمانيين في الحرب الأولى منتصف حزيران 1915م، لكن مطران الكلدان سليمان الصائغ، نشر بعدها بعدة سنوات سلسلة مقالات وفقرات كثيرة من تاريخ الكنيسة النسطورية منذ ظهور الإسلام وعصر الخلفاء الراشدين ثم الدولة الأموية إلى بداية القرن الثامن وعصر عبد الملك بن مروان والحجاج الثقفي، ونشرها تحت عنوان “تاريخ كلدو وأثور”، في مجلة النجم سنة 1928-1930م، قائلاً: هذا هو المجلد الثالث المتمم للمجلدين السابقين لأدي شير، ويبدو أن المطران سليمان الصائغ كان يملك نسخة من الكتاب أعلاه ومعلومات وأبحاث للمطران أدي شير حيث يقول في أول مقال له في مجلة النجم سنة 1928م: إنه كان قد نشر ترجمة أدي شير سابقاً في مجلة المشرق 1925م، وسيعيدُ ذلك في مجلة النجم، ويضيف إليها ما وقع عليه من معلومات جديدة.

 

ومقالي هذا يُعرِّف لأول مرة بالمجلد الثالث، الذي يبدأ بقسم أول عن العلاقة مع الإسلام، اسمه: (تَعلّق الكلدان بالدولة الإسلامية)، ويقع في 45 صفحة بخط اليد، وقد أُلِّف بعد سنة 1913م وقبل مقتل المطران، أي سنة 1914م قبل أو بداية الحرب الأولى، وواضح أن موضوع الكتاب يندرج بما يُسمَّى “أدب التَزَلُّف أي التَمَلُّق”، وهذا المصطلح استعمله المطران أدي شير كما سنرى، وهدف هذا الكتاب بالذات هو التزلّف أو التملّق للدولة العثمانية، ليس لعدم التعرض للمسيحيين عموماً، بل لعدم التعرض لطائفته الكلدانية فقط، لكن يبدو أن الكتاب لم يتشفع حتى له شخصياً، حيث قتله العثمانيون.  

 

إن مقدمة الكتاب مستمدة ومطابقة باختصار لمقدمة المجلدين الأول والثاني من كتاب “كلدو وأثور”، وكثير من الفقرات إضافةً لأسلوب الكتابة والخط والمصادر والهوامش، كلها مطابقة ومستمدة منه أيضاً، ومعتمدة كثيراً على مكتبة أبرشية مدينة سعرد التي كان أدي شير مطراناً لها ويملك فيها مكتبة عامرة يستشهد بها كثيراً في كتبه ومقالاته، منها كتابه (تعلّق الكلدان بالدولة الإسلامية) حيث يُسمِّيها ص32 (مكتبتنا السعردية)، مثلما يُسمِّيها في مج 1، 2، من “كلدو وأثور”، وغيرها من كتبه.

 

الكتاب عبارة عن رسالة تزلّف أو تملّق واستعطاف، يوجهها المطران إلى الدولة العثمانية التي يُسمِّيها “دولتنا الجليلة”، وأن الكلدان خاضعين للعرش العثماني العالي والحضرة العلية السلطانية التي ينتمي الكلدان لها، وهذه الدولة العثمانية هي التي تحميهم، ثم يذكر المطران بعض الصلوات والأدعية التاريخية عموماً وبالذات التي تمجد الإسلام والمسلمين من أرشيف كنيسته ومكتبته السعردية، طالباً من الله عبر هذه الأدعية الخشوعية لسلطة الدولة العثمانية أن يوطِّد أركان عرشها المجيد الجليل، ويوقِّرها بالعز، وسعادة البلاد، ورفاه العباد، وأن تبقى أبدية إلى انقضاء الدهر، ليس بالقول فقط، بل بالفعل، وقد نظَّمَ المطران الأدعية الدينية ووجهها للسلطان العثماني ودولته ورتَّبها حسب الأعياد والآحاد الكنيسة، ففي عيد الدنح يُقال الدعاء الفلاني للسلطان، وفي أحد السعانين دعاء آخر، وسبت النور دعاء، وعيد القيامة دعاء، وعيد القديس أوكين دعاء..إلخ.

 

وذكر المطران أن الكلدان ساعدوا المسلمين ضد الروم بداية ظهور الإسلام، لأن الروم كانوا يضطهدون الكلدان، ويخالفوهم في العقيدة، وأن جاثليق أو بطرك النساطرة يشوعياب الجدلي المعاصر لصاحب شريعة الإسلام محمد عليه السلام، تنبأ بالوحي الإلهي لمحمد بالنصر والعظمة والقدرة، وقد كاتَبَ وأرسل هدايا لنبي الإسلام، لذلك أجابه النبي وأعطاه عهداً بحماية الكلدان، وكذلك فعل خلفاء المسلمين بعده حيث أعطوا عهوداً للكلدان، وهذه العهود والامتيازات منحها صاحب شريعة الإسلام وخلفائه المباركين الأجلاء أيد الله دولتهم إلى الأبد، للكلدان فقط، مُفضِّليهم على بقية المسيحيين كاليعاقبة (أي السريان الأرثوذكس) والروم والملكين، وذلك لصدق الكلدان مع الإسلام، ومساعدتهم لهم في بداية الدعوة الإسلامية، لذلك قَرَّبهم صاحب شريعة الإسلام وشرَّفَهم بعهد جليل، وحذا حذوه خلفائه العظام لما رأوا من الكلدان من الأمانة والوفاء والصدق، ففضلوهم على غيرهم، وتعاملوا مع بطركهم واستجابوا لمطالبه، وساعدوا الكلدان في أمورهم وقضاء حاجاتهم وبناء الكنائس، ومنعوا الآخرين كاليعاقبة (السريان الأرثوذكس)، ثم ذكر المطران الخدمات التاريخية التي قدَّمها المسيحيون خاصة الأطباء السريان للمسلمين.

طبعاً الملاحظة المهمة هي: إن هذا المطران في كتابه هذا كما في المجلدين 2،1 من “كلدو وأثور”، زوَّرَ كل كلمة نسطوري أو سرياني من مصدرها الأصلي في التاريخ، وكتبها كلداني، فالجاثليق النسطوري، والأطباء السريان، واللغة السريانية، وغيرها، كلها أصبحت عنده في كتابه هذا، كلدانية، وأن المسلمين اختصوا الاهتمام بالكلدان دون غيرهم من المسيحيين الآخرين..إلخ، وذكر ص14 مقالاً بعنوان: (اختصاص الخلفاء بالكلدان دون غيرهم من الملل)، علماً اًنه لا يوجد مصدر واحد من مصادر أدي شير وبلغته ذكر قوماً مسيحيين أو لغة باسم “كلدان” أو اهتمام الخلفاء المسلمين أو غيرهم بقوم اسمهم “كلدان”، لأنه وببساطة، عدم وجود اسم الكلدان حينها، بل سريان أو نساطرة، وللحقيقة حتى التي يُسمِّيها المطران عهوداً، هي قليلة جداً أولاً، اثنان واضحان فقط، وثانياً هي أصلاً ليست عهوداً، بل مناشير أو أوامر، استعملها رجال دين متكلدنين ومتأشورين حديثاً بتضخيمها وتحريف مغزاها، آخرهم بطرك الكلدان ساكو عندما سُحب منه المرسوم، وشرحنا ذلك في مقال سابق.

 

ولكي يطلع القارئ الكريم على تَزلّف وتملّق وتقلّب وعدم صدق بعض رجال الدين المسيحيين، ومنهم هذا المطران، فالأمر الطريف أن هذا المطران المزوِّر والمتزلِّف للدولة العثمانية في مجلده الثالث وكتابه (تعلق الكلدان بالدولة الإسلامية)، استشهد وافتخر بعهود الرسول محمد للمسيحيين، واعتبرها موجهة للكلدان حصراً، لكنه قبل الحرب وفي مج2 من كتابه سنة 1913م، كان قد استنكَفَ من احترام كنيسته وآبائها للإسلام، فكَذَّبَ وفَنَّدَ مؤرخي كنيسته كماري بن سليمان وعمرو بن متى وغيرهما الذين ذكروا أن بطركهم يشوعياب الجدلي كاتَبَ وأرسل هدايا للرسول محمد، وتنبأ له بالنصر والعظمة، فأعطاه الرسول محمد عهداً لحماية النصارى في البلاد الإسلامية، واعتبر المطران أن هذه الأقوال لفَّقها الآخرون كاليعاقبة (السريان الأرثوذكس) أو والأرمن أو الأقباط على كنيسته لكي يحطوا من شانها، ويتزلفوا للمسلمين، حيث يقول: إن هذه الأقوال والعهود التي ذكرها مؤرخو كنيسته ماري وعمرو، هي بدون شك مُزوَّرة، وأن صورة عهدي الرسول محمد الموجودان عنده في مكتبة سعرد، مُزوَّران أيضاً، وأن النساطرة أو اليعاقبة (السريان الأرثوذكس)، أو الأرمن أو الأقباط، هم من اصطنع هذه العهود تزلُّفاً للمسلمين (كلدو وأثور، مج2 ص253-254)، وسبحان مغيِّر الأحوال!.

 

ملاحظة:يقول المطران: إن النساطرة (طبعاً هو يُسمِّيهم زوراً، الكلدان) ساندو الإسلام ضد الروم لأن الروم كانوا يضطهدون النساطرة ويخالفونهم في العقيدة، فالسؤال: إذن لماذا تكثلك النساطرة واتحدوا بروما سنة 1553م، وإذا افترضنا أن الجواب سيكون: عفا الله عما سلف، فالسؤال الأهم: كيف ولتبرير التكثلك، يدَّعي كثير من المتكلدنين ومنهم المطران أدي شير، قائلين: باتحادنا بروما الكاثوليكية رجعنا إلى حضنها؟ (كلدو وأثور مج2، مقدمة ص4)، فمتى كان السريان النساطرة ومسيحو الشرق تابعين لروما وانفصلوا عنها ثم رجعوا لحضنها؟، ألم يقل المطران إن كنيسته الأولى كانت تابعة للدولة الفرثية وعاصمتها المدائن؟، والأهم، ألم يجعل المطران كل شي كلدانياً؟، وأن المجوس الذين سجدوا للمسيح كانوا كلداناً، وأن أدي وماري وآجي أول من بَشَّر الكلدان، ثم قام الكلدان النصارى بفتوحاتهم الدينية على غرار فتوحات أجدادهم الكلدان القدماء للبلدان قبل الميلاد، فافتتح الكلدان النصارى بلاد فارس والهند والصين ومادي وتركستان وأرمينيا وقبرص ومصر، وغيرها؟ (مج2 مقدمة كلدو وأثور-ص7، وغيرها)، فهل بشَّرت روما الشرق بالمسيحية، وأدي وماري وآجي كانوا روماناً، أم العكس أي أن رسل المسيح الشرقيون هم من بشروا روما؟.

وشكراً/ موفق نيسكو

موفق
بطرك الآشوريين، وأكيتو المنتحل، والأمة النينوية

موفق نيسكو

بطرك الآشوريين، وأكيتو المنتحل، والأمة النينوية

يَحتفل من يُطلق على أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين بعيد أكيتو المنتحل في الأول من نيسان، وقد ذكرت سابقاً قصة هذا العيد المسروق من حضارات العراق القديم، والخُدع التي يستعملها رجال دين وسياسيو الآشوريين والكلدان الحاليين الجدد، ففي كل عام يأتون بخُدعٍ جديدة ليزوِّرا تاريخ العراق وتاريخ المسيحية فيه، ويغشوا الناس البسطاء لأغراض سياسية، ومن هذه الخُدع رسالة بطرك الآشوريين آوا الثالث هذه السنة لرعيته، مستعملاً مصطلحاً سياسياً جديداً هو: (الأمة النينوية، ويجب أن نتحد كأبناء وبنات أمة نينوية واحدة)، ناسياً أن الآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء ولا بنينوى، إنما هم سريان آراميون ينحدرون من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، ونتيجة انقسامات الكنسية، سرق لهم الغرب (روما والإنكليز) بعد القرن السادس عشر الميلادي، اسمي كلدانٍ وآشوريين القديمين، وسَمَّوهم بهما، ثم قام مطران الكلدان أدي شير سنة 1912م باختراع اسم مزور جديد لربط الاسمين معاً هو، كلدو وأثور، والادعاء أنهم سليلو الآشوريين والكلدان القدماء، لكن محاولته خاصة بعد سنة 2003م، أثبتت فشلها في كل شيء، إلاَّ في أمر واحد هو أن الكلدان والآشوريين الجدد، هم أعداء كما كان الكلدان والآشوريون العراقيون الحقيقيون القدماء، حيث تحوَّل الطرفان إلى أعداء حقيقيين في مسالة فرض الاسم الآشوري على الكلدان، وبالعكس، فالآشوريون يُعيِّرون المتكلدنين، أنكم آشوريون سمَّتكم روما كلداناً، والكلدان يُعيِّرون المتأشورين أنكم كلدانٌ سمَّوكم الإنكليز آشوريين.

والحقيقة إن الآشوريين والكلدان الحاليين الجدد، في كل تاريخهم ووثائقهم، تبدأ سنتهم في الأول من تشرين الأول، وكلمة تشرين نفسها في قواميسهم ولغتهم السريانية، تعني البداية، وسنذكر وثائق نهاية المقال، منها جديدة، وعلماء العرب والمسلمين كانوا مستقلين، ولم يكونوا مسيحيين أو سرياناً، فكتبوا ما موجود في عصرهم من أعياد المسيحيين، ومنهم السريان النساطرة أي الآشوريون والكلدان الحاليون، فسمَّوها، أعياداً وسنيناً وشهوراً سريانية، فالبيروني الخوارزمي في القرن العاشر ذكر بوضوح تواريخ وأعياد المسيحيين الموجودة في زمنه، وأن السنة السريانية تبدأ في شهر تشرين الأول، علماً أنه ذكر أعياد شهر نيسان، لكنه لم يذكر وجود عيد اسمه أكيتو (الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص70، 119-123، 255-288)، ويؤكد محمد بن عبد المنعم الحميري أن السنة السريانية تبدأ في تشرين أول، ويقول: يجمع الصابئة في مواقيت صومهم ومناسكهم بين الشهور الشمسية والقمرية، ويُسَمَّون الشهر الهلالي بما يتفق أن يقع فيه من شهور السريانيين، فيقولون: هلال تشرين الأول، هلال تشرين الثاني (الروض المعطار في خبر الأقطار، ص192).

إن أكيتو هو عيد سومري لاستسقاء المطر، وجزء من شعائره الموجهة للإله ننكال كانت مخصصة للشاذين جنسياً (راجحة خضر عباس النعيمي، أعياد حضارات وادي الرافدين، ص73)، ويبدو أنه كان مخصصاً لمدينة أور فقط، وأقدم ذكر لنواة معبد أكيتو هو في عهد أمار سين (2046-238 ق.م.)، ثالث ملوك سلالة أور الثالثة، ولا يُعرف معنى كلمة أكيتو ولا أصلها بالضبط إن كانت سومرية أو أكدية أو غريبة، كما اختلف توقيت شهر ويوم الاحتفال بأكيتو، ثم أخذ البابليون أكيتو ونظمُّوه بصلوات موجهة للإله مردوخ، بعدها غزا الملك الآشوري توكلتو ننورتا الأول 1208 ق.م. بابل وسرق تمثال مردوخ كغنيمة، واحتفل به إرضاءً للبابليين لبسط سيطرته عليهم، وليس تقديساً له، وانتهى ذكرالعيد قبل الميلاد، ولم يُحتفل به مطلقاً بعد الميلاد، لا من المسيحيين، ولا من غيرهم، وبعد قيام الإنكليز بتسمية السريان النساطرة، آشوريين، ونزوح العديد منهم في الحرب العالمية الأولى من إيران وتركيا إلى العراق الذي آواهم، خانوا العراق وتنكروا للجميل، وبدؤوا يطالبون بدولة آشور معتبرين أنفسهم زوراً سليلي الآشوريين القدماء، يساندهم قلة من الكلدان، وبتشجيع من الإنكليز بعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور وفي 28 كانون الثاني 1918م أعطاهم الكابتن كريسي وعداً بإقامة كيان آشوري، وضعت نقاطه في بيان المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس في 31 أيار 1924م، وحدث نزاع الآشوريين مع الدولة العراقية، انتهى بفشلهم سنة 1933م في سميل، ونُفي بطركهم إيشاي إلى أمريكا.

منذ خمسينيات القرن الماضي شكَّل السريان المتأشورون أحزباً سياسية كثيرة في أمريكا والمهجر، ولأن كل عمل سياسي مبني على خدعة، يحتاج لخُدع تعزز فكرته وموقفه مثل: علم، عيد، رموز، شعارات..إلخ، فقد غاصوا في بطون كتب تاريخ العراق، ووجدوا ضالتهم في عيد أكيتو، وسنة 1968 قرر حزب الاتحاد الآشوري العالمي AUA، في استراليا، ألاحتفال به باعتباره رأس السنة الآشورية، واحتفلوا به رسمياً لأول مرة سنة 1970م، لكن المتكلدنين لم يُعيروا له أهمية ويحتفلوا به في البداية، وبعد الاحتلال سنة 2003م، بدأ المتكلدنون أيضاً الاحتفال به نكاية بالمتأشورين، لكن باسم كلداني وبابلي، وبعد 2003م بدأ بطاركة الآشوريين توجيه رسالة تهنئة لرعيتهم في العيد، ناسينَ أنه عيد وثني ومن الصدف أنه مرتبط بكذبة نيسان، تبعهم سنة 2018م، بطرك الكلدان ساكو بتوجيه رسالة تهنئة لرعيته، وقد توقفوا سنتين عن توجيه رسالة عندما وجهت أنا لهم رسالة انتقاد سنة 2016م، لكنهم عادوا بتوجيه رسائل تحت ضغط المتعصبين الذين عيَّروهم بأنهم خضعوا لكاتب مثلي.

نتيجة لردة الفعل القوية من الكلدان والسريان برفض الاسم الآشوري الذي كان يُلمح به رجال دين الآشوريين دائماً، معتبرين الجميع آشوريين، فقد ابتدع بطرك المتأشورين هذه السنة مصطلحاً جديداً لدغدغة مشاعر المسيحيين وخداعهم، فشرح لهم تاريخ نينوى القديم عاصمة الآشوريين، المدني والديني، معتبرها عاصمته أمته المقبلة، وأن كل السريان والكلدان والآشوريين هم أبناء أمة نينوية واحدة، قائلاً: (واضح وجلي أن الآشوريين والكلدان والسريان أبناء أمّة نينوية واحدة، ويجب أن نتحد كأبناء وبنات أمة نينوية واحدة)، وبذلك اعتقد انه قد حلَّ المشكلة بتبديل اشوريين إلى نينويين، ولأن هذا البطرك وغيره من رجال الدين على شاكلته يخدعون شعبهم، وهم سياسيون بثوب ديني، ويرأسون كنيسة هي حزب سياسي، وليس كنيسة مسيحية، فهؤلاء جاهلون بتاريخ كنيستهم، فمع الاعتزاز بمدينة الموصل، نينوى العريقة، لكنها آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية حيث دخلتها في القرن السادس، وكانت نينوى إلى عصر دخول الإسلام قرية صغيرة فيها محلتان واحدة للفرس والثانية للجرامقة الآراميين، ثم بُنيت الموصل في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بالقرب من نينوى القديمة (مطران الكلدان أدي شير، التاريخ السعردي، ج2 ص308)، وأول ذكر لأسقف نينوى في تاريخ كنيسة من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين هو آحودامة في مجمع يوسف سنة 554م وكانت أسقفية نينوى تابعة لمطرانية حدياب، أربيل التي كانت مرتبتها في الكنيسة السريانية الشرقية (أي كنيسة الكلدان والآشوريين الحاليين)، هي السادسة حسب القانون 21 لمجمع إسحق 410م، وعندما أصبحت الموصل كبيرة بعد الإسلام، أصبح فيها مطران سنة 828م، لكنها بقيت تابعة لحدياب ولم تستقل كأبرشية إلى سنة 1188م، ومنذ القرن 16 بدأت أبرشية الموصل تظهر أكثر من أربيل عندما انفصل السريان الشرقيون عن النساطرة وشكلوا كنيسة باسم كلدانية، واتخذوا الموصل مقراً لهم في سنة 1830م، أمَّا الذين بقوا نساطرة وسَمَّاهم الإنكليز فيما بعد آشوريين، فوجودهم كان ضعيفاً جداً في الموصل إلى الأيام الأخيرة مقارنة مع وجودهم في الشمال بين الكورد، ويقول مطران الكلدان أدّي شير: عندما اكتسبت الموصل أهمية كبيرة، قُسمت أبرشية حدياب إلى قسمين، أربيل والموصل، واتحدتا فقيل أبرشية حدياب وأثور (تاريخ كلدو وأثور، ج2 المقدمة، ص15)، علماً أن الآباء السريان فرَّقوا بين نينوى والموصل، وأطلقوا اسم نينوى على المنطقة الكنسية المحيطة بالموصل، واسم الموصل أو أثور على مركز مدينة الموصل.
أما مقر بطركية المشرق التي ينتمي لها البطرك آوا صاحب بدعة الأمة النينوية، فلقبه الرسمي هو بطرك أو جاثليق ساليق وقطسيفون، كما يرد في التاريخ وعند انتخاب بطاركتهم إلى اليوم، وجاثليقية أو بطركية كنيسته تأسست في المدائن (ساليق وقطسيفون) سنة 310م وبقيت أربعة قرون حيث انتقلت إلى بغداد وبقيت خمسة قرون 780-1283م، وبسبب حرب المغول وغيرها انتقلت إلى مراغا جنوب أورميا في إيران ثم أربيل 1318م، وكرمليس قرب الموصل 1332م، والموصل بعد 1364م، وجزيرة ابن عمر- تركيا 1497م، ودير هرمز- ألقوش 1504م، ولفترات متقطعة، سلماس وخسرو آباد وأرومية- إيران، وقوجانس هكاري- تركيا، أربعة قرون 1600-1920م، وأمريكا 1933-2015م، والعراق 2015- الآن.

من الأمور الطريفة التي لا يعلمها هؤلاء الآراميون السريان، المتأشورون والمتكلدنون الحاليون، عن أكيت، أولاً: إن الآشوريون القدماء توقفوا عن الاحتفال بأكيتوا عدة مرات بسبب الثورات والضغط الآرامي تحديداً (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ج1 وادي الرافدين، ص464، راجحة النعيمي، أعياد حضارات وادي الرافدين، ص38-84)، ثانياً: المتأشورون الحاليون يعتبرون كل تاريخ العراق منذ الخليقة بملوكه ككلكامش ونرام سين وسرجون الأكدي وحمورابي الأموري ونمرود الحامي، وغيرهم، آشورياً، فسنتهم الآشورية لهذه السنة 2023م، هي (6773 آشورية)، أمَّا المتكلدنون الحاليون، فكل تاريخ العراق منذ الخليقة بنفس ملوكه المذكورين أعلاه يعتبرنه، كلدانياً، وسنتهم أطول (7323 بابلية او كلدانية)، وهذا مخالف للعلم، فالآشوريون القدماء أقوم أكدية نزحت من الصحراء العربية-السورية غرب الفرات، وسكنت جنوب العراق، ثم نزحوا حوالي سنة 2500 ق.م.، واحتلوا شماله الذي كان اسمه بلاد سوبارتو، ولم يبرز اسم الآشوريين بوضوح إلَّا بحدود 1500 ق.م.، وإلى آخر ملك آشوري 612 ق.م. كانت البلاد تُسَمَّى سوبارتو، أمَّا دولة الكلدان فعمرها 73 سنة فقط، ويقول طه باقر إن عمرها هو عصر نبوخذ نصر 43 سنة فقط، وما قبلها هو، بابلي، لا كلداني، والنبي دانيال هو الذي سمَّاها كسدانية وليس كلدانية، ثم سنة 280 ق.م. تغير الاسم في الترجمة السبعينية اليونانية إلى من كسديم إلى كلدانية، وحتى اسم بابل هو حديث منذ زمن حمورابي، وقبله كان اسمها (كا. دنكر. را.كي،Ka. Dingir. Ra. Ki). والحقيقة إن هذه السنين عبارة عن أساطير مثل كذبة نيسان، سواءً كانت منسوبة للعلم، أم للدين، فالأكثر طرافة وأهمية أن ما يقول هؤلاء البطاركة مخالف للكتاب المقدس الذي من المفروض أن يكونوا حراساً له، فحسب العهد القديم العبري الأصلي، إن عمر آدم على الأرض سنة 4004 ق.م.!.

سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

تُعدُّ الآنسة سورما إيشاي (1883–1975م) شخصية مهمة لعبت دوراً رئيساً في تاريخ العراق، وقامت بدور ديني ومدني وعشائري وسياسي وعسكري أدى إلى أخيراً إلى أحداث سميل 1933م، التي على أثرها نُفيت مع ابن أخيها البطرك شمعون أيشاي وآخرين خارج العراق، كما لعبت دوراً مهماً بتعزيز الاسم الآشوري المخترع حديثاً من الإنكليز للسريان النساطرة، وأبرزت قضية الآشوريين سياسياً دولياً.

ولدت سورما في قوجانس-هكاري/ تركيا سنة 1883م، وهي الأخت الكبرى لبطركي النساطرة شمعون 19 بنيامين إيشاي (1903–1918م)، وشمعون 20 بولس إيشاي (1918–1920م)، وعمة البطرك شمعون 21 إيشاي داود إيشاي (1920–1975م)، (ملاحظة: اسم شمعون يعني بطرس، وهو لقب كنسي يسبق كل اسم بطرك)، وسورما هي من عائلة أبونا التي استحوذت على البطركية النسطورية منذ سنة 1318-1976م وجعلتها وراثية في عائلتها، وسَبَبَ نظام الوراثة مشاكل حيث تم رسامة بطاركة ومطارنة أطفال لمحدودية العدد في عائلة أبونا، ورفض نظام الوراثة كثيرون من النساطرة وأخيراً أدت هذه المشاكل إلى انفصال أكثر من نصف النساطرة سنة 1553م وانتمائهم لكنيسة روما الكاثوليكية، وهي بداية الكثلكة في العراق، وهؤلاء المتكثلكين هم الذين أطلقت عليهم روما اسم الكلدان، وثبت اسمهم رسمياً في 5 تموز1830م، بينما سَمَّى رئيس أساقفة كانتربري الإنكليزي سنة 1876م الطرف النسطوري الآخر، آشوريين.

تتلمذت سورما على يد الراهب الإنكليزي بروان الذي أرسله رئيس أساقفة كانتربري الذي سَمَّى النساطرة آشوريين لمساعدة السريان النساطرة، وعاش براون بين النساطرة في قوجانس قرب البطرك قرابة 25 سنة حتى وفاته في 14 أيلول 1910م، وكان صديقاً ومستشاراً للبطركين النسطوريين روبين بنيامين (1861-1903م)، وبنيامين إيشاي (1903–1918م) أخو سورما، وعاش بروان عيشة متواضعة نسكية، فكان يلبس ملابسهم ويأكل طعامهم وينام مفترشاً الأرض مثلهم، وبدا كأنه راهب من العصور الوسطى يعيش في القرن التاسع عشر، وأصبح عندهم كرئيس عشيرة يجتمعون إليه لحل مشاكلهم وخلافاتهم الدينية والدنيوية، ولاحظ براون أن النساطرة متمسكون بتقاليدهم الدينية والعشائرية، لذلك كان يُسايرهم في تفكيرهم، ويبشرهم بهدوء، ويحثهم على الابتعاد عن التقاليد الغربية والتمسك بالعادات والتقاليد الخاصة بهم بغية كسب تعاطفهم، ولم يضغط عليهم بترك مذهبهم النسطوري واعتناق مذهب الأنكليكان أسوةً بالمبشرين البروتستانت بقدر تركيزه على المسائل القومية وترك التسمية النسطورية مستعملاً معهم التسمية الآشورية، وقام براون بجهود كبيرة في تعليم الصغار القراءة والكتابة والمبادئ الدينية، وكان من طلابه كثير من أقارب البطرك روبين بنيامين من ضمنهم أبناء أخوته كالآنسة سورما إيشاي وأخوها بنيامين (البطرك بعدئذ)، ولإعجابه بشخصية سورما أطلق عليها لقب “السيدة، Lady”، وبناءً على ذلك سَمَّى الساسة الإنكليز سورما لاحقاً، “الأميرة الأثورية”. (Reed, G. S, edition by J.M. Hornus, La mission de L’Archevêque de Cantorbery aupres des Assyriens, Cahiers d’etudes chretiennes orientales 6, 1967 جورج ريد، بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين، ص20–21. نشره المختص بتاريخ الشرق المؤرخ ميشيل هورنس+1982م، الدراسات المسيحية الشرقية 6، باريس 1967م).

 

وصل البطرك بنيامين إيشاي أخو سورما إلى البطركية في 30 آذار 1903م وكان عمره بحدود ست عشرة سنة، ثم اغتيل سنة 1918م على يد إسماعيل آغا سامكوا الكوردي، فخلَفه شقيقه بولس إيشاي وكان مريضاً بالسل يعيش في مخيم بعقوبة للاجئين في فأرسله الطبيب وليم يكرام الملقب بابي الآشوريين الجدد، ومساندهم القوي والمروج لاسمهم الآشوري إلى دير مار متى للسريان الأرثوذكس للنقاهة في صيف 1919م، وعاد وتوفي في المخيم سنة 1920م، فخلَفه ابن أخيه وأخو سورما البطرك إيشاي داود إيشاي، وكان هذا طفلاً صغيراً لم يتجاوز عمره اثنتي عشرة سنة (مواليد 1908م)، فأصبحت عمته سورما وصية عليه وتعزز دورها أكثر، وأصبحت لها مكانة مهمة في اتخاذ القرارات كنسياً وسياسياً، ومن طريف الأمور أنه أثناء رسامة أيشاي وهو في سن الثانية عشرة، قال شهود عيان إنه كان ينظر من الشباك بحسرة إلى زملائه الذين يلعبون خارجاً، وهاري جارلس الذي زار الموصل سنة 1925م وكتب كتاب “الموصل وأقلياتها”، تحدث عن الكنيسة النسطورية، وبدأ الفصل الخامس بعبارة طريفة، فيقول: لنترك بطرك النساطرة يلعب كرة قدم مع زملائه الأولاد في ساحة على مشارف الموصل، لكي نفهم كيف يمكن لفتى لاجئ من جبال هكاري عمره ستة عشرة سنة نراه رئيس واحدة من أقدم الكنائس المسيحية (هاري جارلس، الموصل وأقليتها، ص56 ،1925م Harry Charles Luke, Mosul and its minorities, London ). (وهذا هو البطرك المار شمعون المذكور في خطاب عبد السلام عارف 14 تموز).

كانت سورما خانم قد نذرت نفسها للبتولية وتربت على يد المرسلين الأنكليكان خاصة الراهب براون منذ نعومة أظفارها، وكانت ذكية ومثقفة جداً، تقرأ لمشاهير الكتاب الإنكليز أمثال سكوت وستفنسن وغيرهما، ملمَّة بالمسائل الدينية ولاسيما اللاهوت الأنكليكاني، ذات شخصية حازمة وقوية، شديدة الشكيمة، صلبة الإرادة، بليغة الكلام والخطابة، متقنة للغة الإنكليزية بشكل مطلق، ولتمتعها بهذه المزايا وصفت بأنها حفيدة الملكة الآشورية الشهيرة شميرام، واستطاعت سورما أن تتميز وتتولى إدارة شؤون النساطرة من الناحية العملية زمناً طويلاً، فسافرت إلى عدة دول مثل سويسرا وإنكلترا وأمريكا وإيران وغيرها، وخاطبت وحضرت مؤتمرات مثل مؤتمر الصلح في باريس سنة 1918م، ومؤتمر عصبة الأمم المتحدة في جنيف سنة 1925م لعرض قضية الآشوريين على المحافل الدولية، وذهبت إلى إنكلترا بين سنتي (1919–1920م)، وحلت ضيفة على جمعية أخوات بيث عنيا، والتقت بعدة مسؤولين، وحضرت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني بخصوص القضية الآشورية، كما حضرت في الكنيسة الأسقفية في لندن، وكان أسلوبها وخطابها بالإنكليزية مؤثراً جداً يجذب انتباه وإعجاب الحاضرين، بحيث صرح رئيس أساقفة كانتربري راندال توماس دافيدسن Randall Tomas Davidson (1903–1928م) في كانون الثاني 1919م مخاطباً المسؤولين الإنكليز بخصوص المسألة الآشورية قائلاً: هل تنتظرون أن يُرفع العلم التركي فوق مناطقهم؟، وفي مدة زيارتها لإنكلترا اهتم بها الإعلام الإنكليزي كثيراً، وكانت صورها بالزي التقليدي موضوعاً رئيساً لبعض الصحف تحت عنوان كبير هو آشور، وفي مدة وجودها في لندن في نيسان سنة 1920م ألَّفت كتاب (الكنيسة الآشورية وتقاليدها واغتيال مار شمعون)، قدَّمت وشرحت فيه تاريخ الكنيسة النسطورية وطقوسها، والمأساة التي يعانيها شعبها، واغتيال أخيها البطرك بنيامين إيشاي، وعَدَّت فيه أن النساطرة هم آشوريون، وكَتبَ تمهيد الكتاب رئيس أساقفة كانتربري دافيدسن بعد تقديم ابتدائي كتبه ويكرام، وطبعته مطبعة Faith Press في لندن، واستقبلت الجماهير البريطانية الكتاب باهتمام كبير خاصة دافيدسن الذي عَدَّ الكتاب وثيقة مفيدة للتعريف بالكنيسة الآشورية للجماهير البريطانية، ووصف دافيدسين سورما خانم بمستشارة الكنيسة الأنكليكانية وصديقتها الوفية (كليرويبل يعقوب، سورما خانم، ص172–173. الكتاب 114 صفحة، أعيد طبعه 100 صفحة، Vehicle، نيويورك 1983م)، وفي 3 كانون الثاني 1966م عندما كانت سورما منفية في أمريكا منحها رئيس أساقفة كانتربري آرثر ميشيل رامسي Michael Ramsey (1961–1974م) وسام “صليب القديس أوغسطين” تثميناً لمكانتها وصداقتها.

بعد أن أطلق الإنكليز اسم الآشوريين على النساطرة، أطلق المبشر ويكرام على الآنسة سورما إيشاي لقب الخانم (ويكرام، مهد البشرية، ص356)، أسوةً بلقب lady الذي أطلقه الراهب براون عليها، وأيد هذا اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناء على طلب زوجته ماري من تيك (1867–1953م)، وكلمة خانم تركية معناها السيدة ذات السيادة المطلقة، وعندما عُيَّن الكولونيل الإنكليزي جيرارد ليجمان حاكماً لمدينة الموصل سنة 1919م تحدث إلى سكان الموصل العرب قائلاً: عجيب أمركم يا أهل الموصل، إنكم لا تعرفون أصلكم، فانتم من أصول الأثوريين، فرد عليه أهل الموصل: وما معنى هذه الكلمة (أثوريين)، فقال ليجمان: إنني مستغرب من عدم علمكم بتاريخ أجدادكم، بكونكم أحفاداً للأثوريين الجبابرة الذين شيدوا مجد نينوى، عجيب غفلتم وجهلكم بتاريخكم القومي، فأنتم أحفاد الأثوريين والكلدان، فردَّ عليه أهل الموصل نحن العرب الذين تغنيتم أنتم بفلاسفتنا وشعرائنا وتراثنا، فقال ليجمان: لا، لا، أنتم أثوريون، فرد أهل الموصل: والله العظيم نحن عرب أبناء الخزرجين والأزديين وبني تميم وتغلب وقيس والمضريين والحمدانيين، أصحاب السيف والقلم، وبنو عقيل ومنا الأعشى التغلبي وأبو نواس وأبو فراس، ومنذ زمن عصر الفتوحات الإسلامية لم نجد في الموصل إلاَّ الفرس والمسيحيين الجرامقة (أقوام آرامية)، فقال ليجمان: شئتم أم أبيتم أنتم أثوريون، وانتم جهلة حمير لا تعرفون تاريخكم، نحن نفهم أكثر منكم، فرد أهل الموصل: اللهم حسبنا كل حساب، إلاَّ هذا الذي أتانا آخر يوم، ثم أوعز ليجمان إلى رئيس تحرير جريدة الموصل التي كانت تهتم بنشر أخبار البلاد، أن تُطلق على الآنسة سورما لقب صاحبة السمو الأميرة الأثورية سورما، وأن صاحبة السمو موجودة الآن في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن الوعد الذي قطعه الإنكليز لمواطنيها بإنشاء وطن قومي للأثوريين الكلدانيين في شمال العراق، فاستغرب رئيس التحرير وكان مسيحياً كلدانياً، وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم الآشوريين، ولا يوجد أميرة لهم، وهؤلاء هم أكراد نساطرة، وأنهم ليسوا من الأثورية الكلدانية بشيء، وغالبية أهل الموصل يَعدُّونهم أكراداً مسيحيين، وكانوا دائماً ينظرون إليهم بشيء من الاحتقار، لذلك طرح هذا الاسم سوف يشكل شقاقاً بين أهل الموصل من المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصر على ذلك (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص232-237).

وبتاريخ 5 حزيران سنة 1926م منحت الحكومة البريطانية سورما خانم وسام الفروسية البريطانية (Order of the British Empire) المعروف اختصاراً (OBE) مع عدة ألقاب فخرية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها منح هذا الوسام لامرأة، وتم تقليد سورما هذا الوسام في مدينة الموصل في 3 شباط سنة 1929م.
وشكراً/ موفق نيسكو- يتبع ج٢

السريان في تواريخ العرب والمسلمين

     

السريان في تواريخ العرب والمسلمين

السريان أو الآراميون أمة وحضارة مشهورة في تراث العرب والمسلمين، وقد ذكرنا سابقاً أن تراث العرب والمسلمين مهم جداً للسريان، والسبب أنهم عاشوا معاً، وكُتَّاب العرب والمسلمين لم يكونوا مسيحيين أو سرياناً، بل طرفاً مستقلاً كتبوا أسماء القوم المعروفة بينهم، لذلك كتابتهم هي دليل واضح على وجود السريان كأمة قومية حضارية، وأن الكلدان والآشوريين الحاليين هم سريان، ولا وجود لاسميهما مطلقاً، بل لشهرة السريان عند العرب كالمسعودي، اليعقوبي، الطبري، أبي الفداء، ابن خلدون، وغيرهم، فقد عَدَّ قسم منهم كل الأمم القديمة بضمنها دولتي بابل وآشور، سرياناً، وسَمَّوا ملوكهم، ملوك السريان، وخصصوا فصلاً بعنوان: ملوك السريان، وأول الملوك بعد الطوفان كانوا سرياناً، وآدم أبو البشرية تكلم بالسريانية..إلخ (المسعودي، مروج الذهب، فصل ملوك السريان، ج1 ص140. تاريخ اليعقوبي، ج1 ص81. تاريخ ابن خلدون، ج2 ص78. أبي عبيد البكري، المسالك والممالك، ص203. البيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص94).

رغم أن السريان انقسموا إلى عدة أقسام، لكن العرب كانوا ينظرون إليهم كشعب سرياني واحد، فيُسَمُّون جميعهم، السريان، وقد ميَّزَ العرب المسلمون بشكل واضح بين السريان كقوم وحضارة، وبين النصارى كدين، فاستعملوا كلمة النصارى الواردة في القرآن على المسيحيين عندما كانوا يريدون تمييزهم كدين عن المسلمين مثل، كتب الرد على النصارى ومجادلتهم، المسيح (ع) بين النصرانية والإسلام، النصارى في القرآن..إلخ، بينما استعملوا كلمة سرياني عندما أرادوا تمييزهم كأمة وحضارة ولغة وغيرها، وهل كان المسلمون يجرؤون على استعمال اسم السريان بدل النصارى الوارد في القران للدلالة على المسيحيين لو لم يكن اسم السريان هو اسم قوم وحضارة؟، وسنجد أن العرب سموا كل المتكلمين بالسريانية كاليهود والصابئة وغيرهم من غير المسيحيين أيضاً، سرياناً، فقد سَمَّى العرب المسلمون الشعب، سريانياً، وبلادهم بلاد السريان، وبعض مناطق السريان في الشام والعراق، سورستان، وليس نصراني ستان، ومناطق السريان في العراق، سورستان العراق، وحددوا منطقتها من الموصل إلى آخر الكوفة (معجم البلدان، ج5 ص91، سورستان. والبغدادي، مراصد الاطلاع، ج2 ص754. والبلخي، البدء والتاريخ، ج2 ص15).

وسَمَّى العرب بعض الجبال، جبل السريان، وسَمَّوا السنين وشهورها والأعياد، بسنين وشهور وأعياد السريان، والموسيقا والأنغام أيضاً، سريانية (مروج الذهب، ذكر شهور القبط والسريانيين، اختلاط الألسنة، الموسيقا، ج1، ص140، 214، ج2 ص 385-387، 343، والتنبيه والإشراف، ص66 و177. والبيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية، سنة وشهور وآباء السريانيين والأعياد، ص70، 119، 255-288. وتاريخ أبي الفداء، ج1 ص132، وتاريخ اليعقوبي، ج1 ص81. والجهشاري، الوزراء والكتاب، ص1. والصفدي، الوافي بالوفيات، تاريخ السريان، ج1 ص32. والحميري، الروض المعطار، شهور السريانيين، ص192. وغيرهم) ويقول المسعودي إن الكلدان القدماء كانوا سرياناً، ولغتهم سورية (سريانية)، (التنبيه والإشراف، ص166، 172، ولاحظ دقة المسعودي بقوله: لغتهم سورية، لأن اللغة السريانية هي لغة بلاد سوريا، لكن السريان ولغتهم السريانية ليست محصورة في دولة سوريا الجغرافية الحالية، مثل ما العرب والعربية ليست محصورة في جغرافية الجزيرة العربية (وانظر مقدمة تاج العروس أيضاً فيقول السريانية نسبةً لسوريا، ويقول ابن خلدون، السريان ينتمون إلى سوريان بن نبيط بن ماش بن آرام (تاريخ ابن خلدون، ج2 ص78. والقلشقندي، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، ص36)، ويقول الزركلي: الجاثليق هو رئيس رؤساء الكهنة السريانيين في بلاد المشرق، العراق وفارس وما إليها (الزركلي، الأعلام، ج5 ص117).

ولشهرة السريان بين العرب، فجميع أهل العلم كالأطباء والفلاسفة والمترجمين عند العرب هم، سريان، وجميع العلوم والفلسفة لم تتُرجم في المراحل الأولى من اليونانية إلى العربية مباشرةً، بل تُرجمها السريان من اليونانية إلى السريانية ومنها إلى العربية، وفي المراحل المتأخرة، ترجم السريان كتب اليونان من اليونانية للعربية مباشرةً، ففي كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء، سَمَّى ابن أبي أصيبعة (1198-1270م) الباب الثامن “طبقات الأطباء السريانيين الذين كانوا في ظل دولة بني العباس”، ويقول عن بختيشوع بن جرجس: اسمه يعني عبد المسيح وفي اللغة السريانية معنى البخت، أي العبد، وعن بختيشوع بن جبرائيل إنه كان سريانياً نبيل القدر، ويجب الملاحظة أنه فرَّق بين الأطباء السريان في العراق، والأطباء غير السريان، وأطباء ديار بكر، والملاحظة أنه فرَّق بوضوح بين مسيحي أو نصراني ويهودي، فسَمَّى كل من كانت لغته سريانية، سرياني، أي حتى اليهودي سَمَّاه سريانياً لأن لغة اليهود كانت السريانية (الآرامية)، فيقول: يوحنا بن ماسويه مسيحي المذهب سرياني، ص223، وسرجويه الطبيب كان يهودي المذهب سريانياً، ص209، وفي أخبار الحكماء لأبن القفطي (1172-1248م): كان سرجويه سريانياً يهودي المذهب، ص213، ويوحنا بن ماسويه نصراني سرياني، ص248، وكان أهرون القس السرياني في صدر (الملة) وكناشه بالسريانية، ص57، وسنان بن ثابت الصابئ كتب رسالة في ملوك السريانيين، ونقل كتاب القس يوسف السرياني إلى العربية، ص133، وكذلك فعل ابن جلجل في كتابه “طبقات الأطباء والحكماء”، بل أكثر، فلشهرة السريان عند العرب، عَدَّ كل الحكماء منذ عهد الطوفان في الشرق دولتان فقط، السريانية والكسروية أي الفرس، ص34، وبعدهما ذكر اليونان، ثم خصص الفصل السادس: من لم يكن في أصله رومياً ولا سرياناً ولا فارسياً، ويذكر ابن سينا أيضاً في كتابه “القانون في الطب” الأطباء السريان، وألَّف العرب بعض كتب الطب مثل كتاب الطبيب والجراح خلف بن عباس الزهراوي الأندلسي +1036م: أسماء العقاقير وأعمارها باليونانية والسريانية والفارسية والعجمية وتفسير المكاييل والموازيين، وتفسير الأسماء الجارية في علم الطب، وقد ذكر العرب أنه كان للسريان خمسون مدرسة في بلاد ما بين النهرين (أحمد أمين، ضحى الإسلام، ج2 ص59-60)، ولعب السريان دوراً بارزاً في بيت الحكمة، ويُلقب حنين بن إسحق بدائرة معارف السريان في القرن الثالث الهجري (مجلة المجمع العلمي العراقي، هيئة اللغة السريانية، مج21 ص139)، ووردت أخبار ديارات وكنائس السريان في كتب الديارات، للحموي، الشابشتي، الأصفهاني، البغدادي، الكلبي، السري الموصلي، الخالديين، الشمشاطي، وفي العصر الحديث، محمد سعيد الطريحي، الديارات والأمكنة النصرانية في الكوفة وضواحيها، وحبيب الزيات، الديارات النصرانية في الإسلام، وغيرهم.

يقول العرب المسلمون: وضع السريان حروف الأبجدية العربية أبجد، هوَّز، وهيلا تبعد فيها العجمة لأنها حروف يقع عليها تعليم الخط بالسرياني (الألوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج1 ص271، والسيوطي، المزهر، ج2 ص298)، والخط العربي قِيس على هجاء السريانية (عبد السلام هارون، نوادر المخطوطات، 1954م، مجموعة 5، ص65)، والقلم الذي كُتب به القران الكريم هو نظير القلم السرياني (ابن النديم، الفهرست، الكلام عن القلم السرياني، ويذكر بكثرة السريان ولغتهم وشخصيات وأطباء سريان)، وأبو الأسود الدؤلي وتلاميذه وضعوا حركات ونقاط الإعجام في المصحف الإسلامي على غرار السريان (مقدمة أبو عمر الداني، المحكم في نقط المصحف، ص28– 29)، وفي الحديث أن الرسول أمر زيد بن ثابت تعلم السريانية قائلاً:‏ أتحسن السريانية؟ فإنه يأتيني كتب بها‏، فتعلَّمتُها في سبعة عشر يوماً، فكنت أقرأ لرسول الله كتبهم إذا كتبوا إليه، وأُجيب إذا كَتَبْ (القلشقندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، ج1 ص202، وسنن الترمذي، كتاب الاستئذان والآداب، باب ما جاء في تعليم السريانية، ص730)، والعالم السرياني يعقوب الرهَّاوي (+708م) أفتى لرجال الدين السريان أن يعلِّموا أولاد المسلمين بعد أن كانوا مترددين (أحمد أمين، فجر الإسلام، ص132)، وعندما احترقت الكعبة 608م تقريباً،أعاد الوليد بن المغيرة بنائها، فأدخل رجل من قريش عتلة بين حجرين، فوجدوا كتاباً بالسريانية لم يدروا ما هو، فقرأ لهم يهودي: الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السموات والأرض (ابن إسحق، ص153)، وجلبَ عبدالله بن عمرو بن العاص بعيرين محمَّلين بكتب سريانية من معركة اليرموك وكان يقرأ منها (ابن كثير، البداية والنهاية، ج2 ص277، فصل فيما يذكر من صفاته (ع) في الكتب المأثورة عن الأنبياء الأقدمين)، وينقل الطبري عن ابن حميد: استوينا على رأس الجماء جبل بالعقيق إذا قبر عظيم عليه حجران عظيمان فيهما كتاب بالمسند لا أدري ما هو، فعرضته على أهل السريانية، فلم يعرفوه (ج1 ص738–739)، ويقول ابن حزم: إذا تيقنا فالسريانية أصل العربية والعبرانية معاً، وأول من تكلم بالعربية إسمعيل (ع)، والعبرانية لغة إسحق، والسريانية بلا شك لغة نبينا إبراهيم (ص)، وبنقل الاستفاضة الموجبة بصحة العلم فالسريانية أصل لهما (الإحكام في أصول الأحكام، ج1 ص31–32).

في الكافي للكليني 2/124 عن أبي بصير: دخلت على الإمام الكاظم (ع) فقلت: يا أبا محمد إن نوحاً (ع) كان في السفينة فطافت بالبيت وضربت بجؤجؤها الجبل، فقال نوح يا ماري أتقن، وهو بالسريانية يا رب أصلح، وفي الاختصاص للمفيد عن بعض أئمة أهل البيت: كان خمسة أنبياء سريانيون: آدم، شيث، إدريس، نوح، وإبراهيم (ع)، وفي تفسير الطبرسي لسورة البقرة أن جبرائيل وميكائيل اسمان أعجميان عُرِّبا، وقيل جبر بالسريانية، وفي الميزان للطباطبائي، سورة الأنعام: كان إبراهيم (ع) يتكلم السريانية وهى لغة قومه، (أي السريانية قومية أسوةً بحديث الرسول الذي رواه الحافظ عن أبي هريرة وابن عساكر: العربية هي اللسان، ومن تكلم بالعربية فهو عربي، ومسألة كون لغة إبراهيم هي السريانية ترد عند كثير من علماء المسلمين سنة وشيعة، كالطبري، ابن سعد، ابن حزم، وغيرهم).

نتيجة المخالطة اقتبس العرب من السريان ألفاظاً كثيرة، كأسماء شخصيات العهد القديم: إسحق، إسمعيل، إسرئيل، فإسحق صيغة سرياني، لا عبرية (יצחק ي ص ح ق، أو ישחק ي ش ح ق)، وإسمعيل وإسرائيل (ء ش م ع ي ل، أو، ء س ر ي ل، أو، ء س ر ء ي ل) اسمان سريانيان، لا عبرانيان (ישמעאל ي ش م ع ء ل، وישראל ي ش ر ء ل)، وبعض الأسماء بصيغتها اليونانية أُخذت من السريان، لا من اليونان، فنجد ابن هشام ينقل عن ابن اسحق اسم برثلماوس بصيغته ومعناه السرياني، فكتبها (أبن ثلماء)، لأن كلمة بر بالسريانية، تعني، ابن (السيرة النبوية، ص109 و643)، وينقل الطبري وابن حزم والسيوطي وغيرهم الأسماء بصيغتها السريانية مثل فطرس (بطرس)، وأورد السيوطي وغيره عدداً من الكلمات بصيغتها السريانية جاءت في القرآن الكريم مثل: إنجيل، جهنم، طور، فردوس، وغيرها، ويقول جواد علي، إن كل الألفاظ اليونانية دخلت العربية عن طريق السريان، لا عن طريق اليونان، ومن السريان تعلَّمها الجاهليون (المُفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 8 ص536–537)، والعرب يلفظون الكلمات اليونانية كما يلفظها السريان، فيقولون: فندق، طقس، درهم، إقليم، وليس كما يلفظها اليونان: بندخيون، تكسيس، دراخما، طليما، وحتى اسم اليونان، فالعرب سَمَّوهم يوناناً كما سمعوا اسمهم من السريان، لا هيلس، كما سمعوه من اليونان.

وأُلِّفت كتب آثار آرامية في جزيرة العرب مثل (نقوش تيماء الآرامية) لسلمان عبد الرحمن الديب أستاذ الكتابات العربية القديمة، جامعة الملك سعود، قسم الآثار، وعُثر على مخطوطات سريانية في جزيرة العرب، وتنشر جامعة الملك سعود بحوثاً تاريخية آرامية-سريانية. موفق نيسكو

    

مخطوطات جديدة لكنيسة الكلدان تُثبت أنها سريانية

مخطوطات جديدة لكنيسة الكلدان تُثبت أنها سريانية

ذكرنا عدة مرات أن الكلدان والآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء، إنما هم سريان شرقيون نساطرة قامت روما حديثاً ولأغراض سياسية وطائفية، بانتحال لقب الكلدان وإطلاقه على القسم الذي تكثلك منهم، وثبت اسم الكلدان عليهم في 5 تموز 1830م، كما هو معروف ويؤكده الجميع بمن فيهم رجال دين الكلدان ومنهم البطريرك الحالي ساكو في كتابه خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ص41، ثم قام الإنكليز سنة 1876م بانتحال اسم آشوريين وإطلاقه على القسم الذي بقي نسطوري، وقد استغل الطرفان هاتين التسميتين المُنتحلتين لتشويه تاريخ العراق والكنيسة فيه بالإدعاء زوراً أنهم ينحدرون من الآشوريين والكلدان القدماء.

وقد أدرجنا مئات الوثائق تثبت ذلك، وكلما نكتشف وثائق جديدة ومهمة دامغة سنعرضها للقاري الكريم، لذلك ندرج اليوم مخطوطات لكتب أخرى قديمة من أرشيف كنيسة الكلدان نفسها تُثبت أنها كنيسة سريانية حتى بعد أن سَمَّتها روما كلدانية، وأنها بقيت تقرن السريانية باسمها لأنه هو الاسم الحقيقي، وهذه المخطوطات هي كثيرة وغير معروفة أو مطبوعة أو متداولة، أكيد أن الكنيسة الكلدانية تعلم بها لكنها لا تريد نشرها أو طبعها لأنها تفضح تسميتها الكلدانية المزورة حديثا، وسأكتفي بنشر كتابين:

1: كتاب (تقاليد الكنيسة السريانية الكلدانية)، سنة 1863م، قدَّم له ونشره القس بطرس عزيز نائب بطريرك الكلدان في حلب فيما بعد، والحقيقة إن اسم هذا الكتاب لوحده يكفي وواضح، إذ حتى بعد التسمية الكلدانية لم تتخلى كنيسة الكلدان عن الاسم السرياني، لأنه هو الاسم الحقيقي، بل يذكر الكتاب أنهم يُسمُّون أنفسهم (الملة السريانية الكلدانية)، وأن الكلدان هم السريان الشرقيون.

https://h.top4top.io/p_2422oegux1.png

https://i.top4top.io/p_2422e9cxc2.png

2: كتاب الكنيسة الشرقية الكلدانية لسنة 1896م لمؤلفه مطران عقرة ميلس حنا إيليا، والحقيقة إن هذا الكتاب عنوانه فقط هو الكلدانية، والمؤلف يحشر كلمة الكلدان عندما يتكلم هو، لكن داخل الكتاب كله سرياني عندما يتعلق الأمر بالأمور التاريخية القديمة، ويقول المؤلف:
إن كنيسة الكلدان تأسست في سلوقية قطسيفون (المدائن)، وكانت تتبع كنيسة أنطاكية (السريانية)، وكثير من أساقفتها الأوائل رُسموا في أنطاكية، وإلى عهد جاثليق كنيسة المدائن داديشوع +456م، كانت الكنيسة لا تزال تتبع أنطاكية، ويُسمِّي المطران ميليس مركز كنيسته سلوقية وقطسيفون (المدائن)، بلاد الآراميين وبلاد السريان، ثم يقول اعتنقت كنيسته المدائن المذهب النسطوري، ومنذ حوالي 300 سنة عادت للكنيسة الجامعة (يقصد أن كثير من رعية كنيسة المدائن النسطورية اعتنقت الكثلكة سنة 1553م أي حوالي 300 سنة من تاريخ كتابه سنة 1896م، وهذه الكنيسة هي التي سيثبت اسمها لاحقاً في 5 تموز 1830م، كلدانية)، ثم يذكر المؤلف أن سيرة مار أدي مبشر كنيسة الكلدان موجودة في صلوات السريان، ويضيف أن الروايات سريانية، والمجموعات الأولى سريانية، والقوانين سريانية، والمراسلة بين السيد المسيح وأبجر ملك الرها كانت بالسريانية، والقديس الشهيد شمعون ابن الصباغين في كنيسة من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين قد أشار إلى استشهاده السريان وبالسريانية، وبرديصان الشاعر الشهير أيضاً في كنيسة المؤلف، هو مبتدع سرياني ويتكلم عن مار أفرام السرياني، ص3، 5، 7، 11، 15، 19-22، 36-37، 69، 80-81، 111، وغيرها، وهذه بعض الصفحات المهمة من كتابه.

https://j.top4top.io/p_24226ywjk3.png
https://k.top4top.io/p_2422anbsl4.png

https://l.top4top.io/p_2422w3wju5.png

وشكراً/ موفق نيسكو

فشل وحدة كنيسة المشرق بسبب اسم آشور المُنتحل

فشل وحدة كنيسة المشرق بسبب اسم آشور المُنتحل

قبل عدة أيام وبتاريخ 05/30/ 2022م أعلنت الكنيسة الشرقية القديمة على لسان المتحدث باسمها وسكرتير مجمعها أسقف شيكاغو وشرق أمريكا كوركيس يونان فشل مفاوضات الوحدة مع كنيسة المشرق الآشورية التي جرت في شيكاغو، وتم على عجل وفي غضون ثلاثة أيام انتخاب بطريرك جديد للكنيسة الشرقية القديمة، وأول وأهم سبب في بيان فشل المفاوضات هو مطالبة الكنيسة الشرقية القديمة بحذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة بعد الوحدة، حيث أن كنيسة المشرق الآشورية كانت قد انتحلت اسم الآشورية وأضافته زوراً إلى اسمها سنة 1976م، وهو ما يثبت صحة كلامي في كتبي ومقالاتي، وأوضح ذلك وأقول:

ذكرتُ مراراً وتكراراً أن الآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهما بالآشوريين والكلدان القدماء مطلقاً، إنما هم سريان آراميون انشقوا عن كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية سنة 497م واتبعوا المذهب النسطوري الذي يختلف عن مذهب الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والأنكليكان، ثم انقسموا فيما بينهم سنة 1553م حيث تكثلك قسم كبير منهم وتبعوا روما، وأن الاسمين الآشوري والكلداني الحاليين، هما اسمان منتحلان اخترعهما الغرب للسريان الشرقيين النساطرة لأغراض طائفية وسياسية وعبرية، حيث اختارت روما اسم الكلدان للقسم المتكثلك الذي خضع لها، وثبت اسم الكلدان على كنيستهم في 5 تموز 1830م، ثم اختار الإنكليز الأنكليكان سنة 1876م اسم الآشوريين للقسم الذي بقي نسطورياً، وثبت الاسم الآشوري على كنيستهم في 17 تشرين أول 1976م.

منذ سنة 1553م استمر كنيسة القسم النسطوري إلى سنة 1964م، وفي هذه السنة كان يرئس الكنيسة البطريرك إيشاي المولود سنة 1908م، والذي أصبح بطريركاً سنة 1920م وهو بعمر 12 سنة، وهذا البطريرك كان يقيم في أمريكا منذ أن نفته الحكومة العراقية سنة 1933م بسبب قيادته أحداث سميل عندما نَكرَ النساطرة معروف العراق الذي آواهم من دول الجوار بسبب الحرب العالمية الأولى، فقاموا بالتمرد على العراق حينها. (ملاحظة البطريرك إيشاي هو المقصود في البيان الأول لعبد السلام عارف في 14 تموز 1958م).

والمهم إن هذه الكنيسة اسمها في التاريخ كنيسة المشرق أو الشرقية السريانية، ولم تكن يوماً ما ولم تذكر مرة واحدة، باسم آشورية أو كلدانية مطلقاً، وقد سُمِّيت بالكنيسة النسطورية لأنها اتبعت مذهب نسطور، وسُميت أيضاً بالكنيسة الفارسية، لأنها تأسست سنة 310م في مدينة ساليق وقطسيفون (المدائن) التي كانت عاصمة الفرس، وكانت تتبع التقويم الشرقي (اليولياني) في الأعياد ومنها عيد ميلاد السيد المسيح الذي يصادف في 7 كانون الثاني أسوةً بالروس والأقباط واليونان وغيرهم، وفي سنة 1964م قرر البطريرك إيشاي اعتماد عيد الميلاد يوم 25 كانون الأول حسب التقويم الغربي (الغريغوري)، بدل 7 كانون الثاني التقويم الشرقي اليولياني، فأحدث ضجة كبيرة حيث رفض قسم كبير من رجال الدين والرعية ذلك، وهددوا البطريرك إيشاي بالانفصال إن لم يتراجع عن قراره، وأصبح كل طرف يستهزئ بالآخر، فالمتمسكون بالتقويم الشرقي 7 كانون2، يُسمُّون المتمسكين بيوم 25 كانون1 (جماعة لحم بعجين)، وبدورهم جماعة 25 بالشهر يُسمُّون المتمسكين بيوم 7 بالشهر (جماعة سفن آب)، واستمر الخلاف إلى سنة 1968م، حيث قام المتمسكون بالتقويم الشرقي 7 بالشهر، بتعيين مطران الهند توما درمو بطريركاً لهم بدل إيشاي، ومقره الدائم في بغداد، وقاموا بتسمية كنيستهم باسم: (الكنيسة الشرقية القديمة، أي بإضافة كلمة القديمة) تميزاً لها عن كنيسة إيشاي، وتوفي البطريرك توما درمو بعد حوالي سنتين، وتم تعيين البطريرك أدي الثاني خلفاً له سنة 1970م، وهذه صورة المطران توما درمو عند قدومه من الهند إلى بغداد لاستلام مهامه البطريركية.

سنة 1970م دعت الحكومة العراقية البطريرك ايشاي من أمريكا لزيارة العراق، وطلبت منه العودة والاستقرار بمقره في بغداد، ووعدته بإرجاع حقوقه الشخصية ومؤسساته الكنسية التي تم الاستيلاء عليها خلال فترة نفيه، ومنها بعض كنائسه التي استولت عليها جماعة 7 بالشهر، وهذه هي صورة البطريرك إيشاي في زيارته إلى بغداد في 24 نيسان 1970م.

وبعد انتهاء الزيارة عاد البطريرك إيشاي من بغداد إلى أمريكا، واصطحب معه فتاة بسيطة فقيرة عمرها 24 سنة لتخدمه وتعتني به، وهي الآنسة إمامة ابنة الشماس الإنجيلي شمشون شمعون، وقد أقام علاقة جسدية سرية معها، وانكشف أمره في 18/8/1973م عندما أصبحت حاملاً بطفل، فاضطر البطريرك إعلان زواجه واستقلاله من البطريركية، وفي6 تشرين الثاني 1975م قام أحد أتباعه واسمه داود ملك ياقو ملك إسماعيل باغتيال البطريرك في مدينة سانت هوزي، وقد كانت امرأته حاملاً ستة أشهر بطفل ثان. (خرج القاتل من السجن مؤخراً وتوفي قبل أكثر من سنة)، والمهم أن رعية البطريرك حددت سببان للاغتيال، فمنهم من اتهم الأحزاب الآشورية المتطرفة بسبب رفض البطريرك إضافة اسم الآشورية للكنيسة، ومنهم من اعتبر أن القاتل اغتال البطريرك بسبب زواجه وكسره نذره وقوانين الكنسية.

والمهم في 17 تشرين أول سنة 1976م تم عقد اجتماع في دير ألتون آبي في ضاحية هامبشير قرب لندن من حوالي 6 مطارنة بينهم اثنان منشقان من كنائس أخرى، تم فيه تعيين أو انتخاب مطران إيران دنحا الرابع كبطريرك خلفاً للبطريرك إيشاي، وفي هذا الاجتماع وتلبية لرغبة المتطرفين السريان النساطرة المتمسكين بالاسم الآشوري المزور والمنتحل، أعلن البطريرك دنحا أن اسم الكنيسة هو كنيسة المشرق الآشورية، وهي أول مرة في التاريخ يقترن هذا الاسم الآشوري المنتحل بالكنيسة، وقد استهجن ورفض القسم الآخر أي الكنيسة الشرقية القديمة أو جماعة 7 بالشهر التسمية الآشورية واعتبروها اسماً مزوراً، وطبعاً هم محقون بذلك لأن هذا تزوير ولم تُسمى الكنيسة يوما ما آشورية كما ذكرنا.

بقى الانقسام بين شطري كنيسة المشرق النسطورية منذ سنة 1968م وإلى اليوم، وقد جرت عدة محاولات لإعادة وحدة شطري الكنيسة، منها عند وفاة بطريرك الكنيسة الآشورية دنحا سنة 2015م، لكنها فشلت، لأنه دائماً كان أول وأهم مطلب للكنيسة الشرقية القديمة 7 بالشهر، هو حذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة المشرق بعد الوحدة، وقبل عدة أشهر وبتاريخ 22 شباط 2022م، توفي البطريرك أدي الثاني بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة، فجاءت الفرصة مناسبة مرة أخرى لإعادة توحيد شطري الكنيسة، وقد قام رجال دين ومثقفي ورعية الكنيستين بمطالبة الكنيسة الشرقية القديمة التريث وعدم انتخاب بطريرك جديد لها بغية توحيد قسمي الكنيسة، ودخلوا في مفاوضات، ومن المعروف إن أول وأهم مطلب للكنيسة الشرقية القديمة هو حذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة بعد الوحدة، لأنه اسم مُنتحل ومزور مُقحم حديثاً، وطبعاً هناك أمور ومطالب أخرى بسيطة، منها طلب الكنيسة الشرقية القديمة إيقاف محادثات كنيسة المشرق الآشورية مع كنيسة روما الكاثوليكية إلى ما بعد الوحدة، وعدم الاتفاق على تقويم العيد، فضلاً عن أن كنيسة المشرق الآشورية تعتبر نفسها الأصل وتتعامل بتعالي مع الكنيسة الشرقية القديمة وتعتبرها منشقة عنها، بينما الكنيسة الشرقية القديمة أيضاً تعتبر نفسها هي الأصل وأن كنيسة المشرق الآشورية منشقة عنها.

وقد أعلن أسقف شيكاغو عن فشل المفاوضات، وأُدرج نص  البيان، وأول مطلب فيه هو (تغير اسم الكنيسة الموحدة)، أي حذف اسم الآشورية:

https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034400.0.html

وقد عَجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بتصريح القس والباحث واللغوي شليمون إيشو خوشابا من كنيسة المشرق الآشورية الذي قال: إن الآشورية كتسمية أو صفة لكنيسة المشرق، كذبة اختلقها القوميون الأغبياء في أميركا، وفرضوها على البطريرك دنحا سنة 1976م.

ويقول بيان الكنيسة الشرقية القديمة إنه رغم فشل المفاوضات فإن كنيسة المشرق الآشورية طالبت الكنيسة الشرقية القديمة التريث وعدم انتخاب بطريرك إلى تموز القادم، ولكن الكنيسة الشرقية القديمة كردة فعل قوية وبعد ثلاثة أيام فقط في 2 حزيران 2022م، انتخبت بطريرك جديد لها هو مطران استراليا ونيوزلندا يعقوب دانيل، وأُدرج البيانات الرسمية وبثلاث لغات، السريانية، العربية، الإنكليزية، مع ملاحظتين مهمتين الأولى: إن مكتب إعلام الكنيسة الشرقية القديمة الذي نشر بيان انتخاب البطريرك الجديد، ذكر اللقب الصحيح وقال أنه (بطريرك ساليق وقطسيفون)، وليس آشور، والثانية  أني ذكرت مراراً إن هذه الكنيسة النسطورية بشقيها إضافة لشقيقتهما الكنيسة الكلدانية التي انفصلت عنها سنة 1553م، تاريخها وبدياتها أغلبه مشوه وغير علمي وباعتراف مؤرخيهم وآبائهم وكُتَّابهم، وأنا أيضاً كشفتُ وصححت كثيراً من الأساطير والتزويرات في تاريخهم، فمن الطريف أن كنيسة المشرق الآشورية تعتبر بطريركها الحالي آوا تسلسل 122، بينما الكنيسة الشرقية القديمة وكما في البيان أعلاه تعتبر بطريركها المنتخب يعقوب دانيل تسلسل 110.

https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1034488.0

وشكراً/ موفق نيسكو