أين هي ” مواطن أجدانا الآراميون” و ما هي أهميتها اليوم؟

أين هي ” مواطن أجدانا الآراميون” و ما هي أهميتها اليوم؟

هنري بدروس كيفا

هنالك مشكلة كبيرة تتعرض للباحثين في التأريخ وهي رفض الكثيرين

لإكتشافاتهم بحجة إنهم تعلموا في صغرهم و أحبوا التاريخ و صار عندهم

مفاهيم عديدة حول هويتهم و تاريخهم .

بكل تواضع و بحكم إحتصاصي و خبرتي قد كشفت و صححت عددا كبيرا من ” المفاهيم الخاطئة ” حول تاريخنا و جغرافية (مواطن )

أجدادنا الآراميين . لا شك هنالك عددا كبيرا – من الأخوة السريان المناضلين في الأحزاب السريانية المدعية بالتسمية الأشورية المزيفة أو

و السريان المنخدعين بالفكر القومي السوري و حتى بعض مسيحيي لبنان

الذين لا يريدون الإعتراف بهويتهم السريانية الآرامية – يدافعون عن

طروحاتهم التاريخية من خلال مفاهيمهم التاريخية الخاطئة .

إنني أشكر الفيسبوك الذي يسمح لي أن أنشر مواضيعي التاريخية و أشكر

الأخ بيار و كل الأخوة المتابعين الذين يشجعونني في نشر ” وعي قومي

صادق ” بين السريان .

أولا – الإعلام السياسي المضلل !

١ – من الطبيعي خلال الحرب ألا يذكر المتقاتلون عدد ضحاياهم و ذلك

للمحافظة على معنويات الجيش: خلال الحرب الجوية بين ألمانيا النازية

و بريطانيا كان الألمان يضخمون من خسائر الإنكليز و يقللون من عدد

الطائرات الألمانية المفقودة . و كما يعلم الجميع لقد إنتصرت بريطانيا

و منعت الألمان من إحتلال جزيرة بريطانيا .

٢- الإعلام العروبي الكاذب .

للأسف و بحجة قيام دولة إسرائيل قام الإعلام العروبي في ترديد عددا

كبيرا من الطروحات التاريخية و الجغرافية الخاطئة و سوف أعرضها

بإختصار :

* من أين خرجت الشعوب القديمة ؟ الإعلام العروبي يؤكد أن الأكاديين

والآراميين و الكنعانيين قد خرجوا من ” شبه الجزيرة العربية ” !

أي أنهم زرعوا هذه الفكرة الخاطئة أن أجادنا الآراميين هم من العرب

القدامى و بالتالي ليس لأحفادهم اليوم أية حقوق قومية و ثقافية !

*الهلال الخصيب ؟ تسمية عروبية حديثةخاطئة ينشرها العرويون فقط

لتأكيد أن الشرق القديم ( سوريا و العراق…) و شبه الجزيرة العربية

كانت منطقة جغرافية واحدة تاريخيا …

*الإعلام العروبي يدعي بأن قدامى الأقباط في مصر و الشعب الأمازيغي

في شمال إفريقيا يتحدرون من العرب ! بعض العروبيين المتطرفين

يؤكدون أن السومرين قد خرجوا من شبه الجزيرة العربية و أن الشعب

الأرمني هو من العرب القدامى !

ثانيا – مهما طال الزمن فإن ” الحقائق التاريخية ” ستنتصر !

١- هل سمعتم بقصة القائد هربرت كلوديوس Herbert Claudius ؟

لقد دخلت اميركا الى الحرب العالمية الثانية مما دفع ألمانيا النازية الى

إرسال غواصاتها لتدمير السفن التي تنقل الإعدادات الحربية و غيرها

من البضائع . لقد أغرقت الغواصات الألمانية عشرات السفن الأميركية

في خليج المكسيك و قرب شواطئ المحيط الأطلسي …

في تموز سنة ١٩٤٢ كان الكابتن كلوديوس مسؤلا عن سفينة حربية

أميركية لحراسة سفن النقل و عندما قامت الغواصة الألمانية U-166

بإطلاق طوربيد و تدمير سفينة نقل أميركية عمد هذا الكابتن الى ملاحقة

الغواصة الألمانية و رمى القنابل لتدميرها و هي تحت المياه. ثم عاد

و أنقذ ضحايا السفينة الأميركية المدمرة …

المهم في قصة هذا الكابتن هو أنه أكد للمسؤولين في البحرية الأميركية

بأنه في أغلب الظن ” دمر الغواصة الألمانية لأنه شاهد كمية كبيرة

من المازوت ” و لكنه لا يستطيع أن يؤكد تدميرها لأنه لم يشاهد ذلك…

الغريب أن المسؤلين الأميركيين قد لاموا هذا القائد و إتهموه بأنه كان

بطيئا و لم يقم بواجبه و لم يدمر أي غواصة ! و قد نال علامة سيئة

جدا على مهمته و هذا مما دفعه الى الإعتزال و قد تغلب عليه الحزن

لأنه كان قد أتم مهمته بنجاح …

مات الكابتن كلوديوس بدون أن يعرف إنه فعليا قد نجح في تدمير الغواصة الألمانية و مات بدون أي تكريم من المسؤلين الأميركيين

لنجاحه…

سنة ٢٠٠١ و بالصدفة إكتشف موقع الغواصة الألمانية U-166 وهي

تحت الماء . كان الأميركيون يعتقدون أن طائراتهم الحربية هي التي

دمرت الغواصة U-166 و لكن إكتشاف موقع هذه الغواصة على بعد

كيلومترين من موقع السفينة الأميركية التي دمرتها سنة ١٩٤٢ لهو

أكبر برهان أن الكابتن كلوديوس قد نجح في إغراق الغواصة الألمانية!

٢ – ما معنى الإسم الآرامي ؟

هنالك تفسيرات عديدة و حسب العالم إدوارد ليبنسكي إنه قد يكون مشتق

من ” أريم ” و هو جمع التكسير من ” ري م ” أي الغزال.

للأسف هنالك عدد كبير من السريان المضللين يرددون إن الإسم الآرامي

يعني ” أرعا رمتا ” أي ” الأراضي المرتفعة “.

إنني أدعو كل سرياني مثقف يناضل من أجل معرفة تاريخنا الأكاديمي

و يجاهد من أجل وحدة شعبنا السرياني الآرامي إلى :

* لا تصدقوا الصفحات المشبوهة التي تدعي علنا الدفاع عن هويتنا السريانية و هي في الباطن تعمل لإفراغ التسمية السريانية من مدلولاتها

التاريخية و القومية !

* لا تتابعوا و لا تنفعلوا من كل أخ يكتب تحت إسم مستعار !

*لا تعطوا أهمية لكل أخ سرياني متطفل يكتب عن تاريخ السريان و هو

لم يدرس في أي جامعة و لا يملك منهجية تاريخية علمية !

أخيرا لقد شرحنا مرارا بأن الإسم الآرامي لا يعني الأرض المرتفعة

لأن أجدادنا الآراميين بين القرنين العاشر و الخامس قبل الميلاد كانوا

يستخدمون لفظة ” أرق ” بمعنى الأرض و ليس ” أرع “!

٣ – ” تاريخنا و هويتنا الآرامية ” هي شمس ساطعة .

هنالك سريان مغامرون يتطفلون على علم التأريخ و يتوهمون إن مواضيعهم التاريخية لها وزن علمي … بعضهم صار يكتب إسمنا

السرياني باللغة العربية ” سوريان “؟ وآخرون حاولوا أن يزوروا

إسمنا الى ” أسوري” مدعين بأن حرف الألف يلفظ ولايكتب و كل

سرياني هو ” أشوري “…

٤- لا يصح إلا الصحيح ! إسمنا السرياني قد أصبح مرادفا لإسمنا

الآرامي ! إلى كل من يعمل من جل شعبنا السرياني اليوم من سياسيين

و مناضلين و رجال دين نتمنى منكم :

* إعتماد تاريخنا العلمي .

*عدم التنكر لهويتنا الآرامية .

*عدم الإعتراف بالتسميات المزيفة .

*إحترام المثقفين السريان لأنهم في كثير من الأحيان هم مطلعون حول تاريخنا و أمينون لهويتنا الآرامية أكثر من السياسين و رجال الدين !

أخيرا من له أذنان سامعتان فليسمع ! مهما طال الزمن فإن ” الحقائق التاريخية ” ستنتصر ! أي أن هويتنا كانت و ستبقى آرامية و كل من له

طرح تاريخي مخالف ( مهما كان منصبه الديني أو السياسي أو الثقافي)

سوف ينفضح !

قد يأتي يوم و أحد السريان الغيورين قد يحصل على جائزة نوبل و لكن

لن يأتي يوم يستطيع فيه أحد السريان المضللين قد ينجح في خداع المثقفين

السريان !

ثاثا – أين هي ” مواطن أجدانا ” و ما هي أهميتها اليوم؟

كل هذه المقدمة الطويلة هي للإجابة شكل علمي حول هذا الموضوع

المهم. لا أريد من السرياني الأصيل إلا أن يتعمق و يغوص معي إلى

صلب الموضوع بدون أن يتأثر بالمفاهيم الخاطئة المنتشرة !

١- القبائل الآرامية – كذلك القبائل الأكادية و العمورية و الكنعانية – لم

تخرج من شبه الجزيرة العربية و أجدادنا لم يكونوا من العرب القدامى

و من واجب كل سرياني أصيل أن لا يصدق الإعلام العروبي و لا

السريان الذين خانوا هوية أجدادهم و أن يناضل من أجل هويته الآرامية!

٢- لقد إستوطنت القبائل الآرامية في مناطق عديدة في شرقنا القديم

و قد عالجت هذا الموضوع في محاضراتي . الى المتطفلين الذين يطلبون

مني أن أنشر ” المصادروالمراجع ” أدعوهم أن يكونوا صادقين مع

أنفسهم أولا و أن يطلعوا على أبحاثي المتواضعة …

٣- للأسف أغلب القراء عندهم مفاهيم خاطئة حول إنتشار السريان

في العراق القديم :

* يعتقدون أن العراق هو مسوبوتاميا أو بلاد ما بين النهرين مع أن هذه

التسمية التاريخية قد أطلقت على الجزيرة السورية و عاصمتها الرها !

بيت نهرين أي الجزيرة كانت آرامية بسكانها و لغتها و حضارتها !

* يتوهمون أن كل العراق القديم كان ضمن بلاد الأشوريين بينما

بلاد الأشوريين كانت محصورة فين نهري الزاب و نهر دجلة !

أحد الأخوة المتطفلين قد إنتقدني بعد المحاضرة قائلا ” أستاذ هنري

صحيح أن يسوع المسيح قد تكلم اللغة الآرامية و لكنك لم تشرح لماذا

و أين تعلم اليهود اللغة الآرامية ! كان من واجبك أن تقول قد تعلموا

اللغة الآرامية في مدينة بابل الأشورية ؟ ”

صحيح أن اليهود قد تعلموا اللغة الآرامية في بابل و لكن بابل كانت

آرامية و ليس أشورية .

*لقد إنتشرت القبائل الآرامية في جنوب و وسط العراق أي في بلاد

أكاد القديمة . هذه البلاد ستعرف لعدة مئات من السنين ببلاد الآراميين .

ألف تحية لأجدادنا من السريان النساطرة الذين حافظوا على تسميتهم

القومية الآرامية : إلى السريان المنخدعين بالتسمية الأشورية المزيفة

إطلعوا على ما ذكر العلماء السريان النساطرة حول هويتهم السريانية

الآرامية في مصادرهم و لا تصدقوا السريان المنافقين !

٤- أجدادنا الآراميون هم سكان شرقنا القديم ! نحن أقدم شعب في شرقنا

و هذا يعني أنه من واجب كل سرياني أصيل أن ينفتح عى بقية أخوته

و لا يصدق طروحاتهم المزيفة .

* كم من مسيحيي لبنان من عائلات صليبا يتوهمون بأنهم من أحفاد

الفرنج و هم يجهلون أن إسمهم هو سرياني آرامي يعني الصليب !

*كم من الأخوة من السريان الملكيين خاصة من إخوتنا أبناء كنيسة

الروم يؤكدون بأنهم عرب أقحاح لأنهم يتكلمون اللغة العربية ! و هم

يجهلون أنهم سريان آراميون في هويتهم و تاريخهم و أن أجدادهم قد

تركوا عشرات النصوص باللغة السريانية ! ليس فقط أبناء معلولا

هم آراميون و لكن جميع مسيحيي شرقنا !

* إحدى الأخوات من أبناء كنيسة الروم تؤكد أنها ” يونانية ” لأنها

وجدت أسماء يونانية في مقبرة في مدينتها في الأردن و هي تجهل

كليا أن تلك المقبرة كانت للجنود في الجيش البيزنطي و من الطبيعي

أن تكون الأسماء باللغة اليونانية !

*علماء الكنيسة الكلدانية اليوم يؤكدون إنتمائهم الآرامي لأن المصادر

السريانية النسطورية مليئة بالبراهين . الى السريان المدعين بالغيرة المزيفة ” أطلبوا تجدوا” ! ( البراهين التي تثبت آراميتكم في المصادر

السريانية الشرقية!)

الخاتمة

سنة ٢٠١٤ و بعد ٧٤ سنة من تدمير الغواصة الألمانية U-166 قامت

الدولة الأميركية و إعترفت بأن الكابتن كلوديس هو الذي دمرالغواصة

و منحته وساما مشرفا !

نتمنى من رجال الدين السريان الذين إنجرفوا في تصديق طروحات

تاريخية تدعي أن التسمية السريانية قد أطلقت على “عدة شعوب قديمة”

أن يصححوا من مفاهيمهم لأن التسمية السريانية كانت و لا تزال مرادفة

للتسمية الآرامية .

البراهين العلمية غير موجودة في أعماق البحار ! السرياني المثقف ليس

بحاجة الى ” صدفة ” كي يجدها و لكنه و – بكل بساطة – عليه أن

يطلع على المصادر السريانية حيث نجد عشرات البراهين على أن

علمائنا السريان كانوا يفتخرون بهويتهم الآرامية .

إنني أطالب كل سرياني غيور أن يتوقف عن الإدعاء بهوية أشورية

غير علمية :

* لقد فشل الفكر الأشوري لأنه مبني على طروحات تاريخية خاطئة!

*ليس فقط الشعب ” الأشوري إنقرض ” و زال من التاريخ و لكن في

شرقنا هنالك أكثر من عشرة شعوب قديمة قد زالت نهائيا !

*غيرتك الحقيقية يجب أن تدفعك الى إعتماد تاريخ أجدادك العلمي كي

تساعد إخوتك المعرضين للتعريب والتذويب !

*أنت تنتمي -بكل تأكيد – الى الشعب السرياني الآرامي و هذا يعني

إنك بكل صدق من سكان الشرق الأصيلين !