السمان عمو سمعان وأطيب كلاسة بالعالم.

السمان عمو سمعان وأطيب كلاسة بالعالم.

‏‎Samir Shamoun‎‏ في ‏‎Stuttgart City‎‏.

الصورة عام 1970 في القامشلي

قامشلي زالين ايام زمان… وذكريات السمان عمو سمعان وأطيب كلاسة بالعالم… بقلم سمير شمعون… 4-2-2023.
بعد الرحيل عن زالين… لن يكون هناك ندبا جديدة… ولن يكون هناك قصصا عظيمة جديدة… بل ما بقي هو مجرد صدى لما كان…
لقد عم الصمت مجددا في المكان… وكأنه لم يحدث هناك شيئا… الزمن إبتلع كل شيئ… الزمن يبتلعنا واحدا تلو الاخر…
لم يبقى من ذلك التاريخ الصاخب… سوى قبضة من الرياح… وأسماء بائسة في دفاتر حزينة… أحيانا عندما تعصف رياح الحنين… يفوح منها رائحة النعناع…
السمان عمو سمعان ورقة: هو ميرديللي كان يسكن مع أهله، بجوار كنيسة الأربعين شهيد، وهو كان سريان كاثوليك، بعمر السادسة عشر وايام الفرمان على ميردين، هرب إلى نصيبين، حيث سكانها كانو يهود وسريان، والغالبية كانوا يهود، وسكن عدة سنين، وعندما جاء قرار موقع بناء القامشلي زتلين، هاجر مع اليهود والسريان للقامشلي ، حيث كان سكنوا بالخيم في حارة اليهود الحالية، وانتسب للجيش الفرنسي، وعمل سائق كميون مع العسكر الفرنسي، وبعد ذلك سكن في البشيرية، وعام 1936م تزوج خالي شماني، وأشترى ارض بيته، بقرب كنيسة العذراء للسريان الأرثوذكس، 1934م, وبنى فيه غرفة من التراب، وحفر البئر، وبعد ذلك كان كل عدة سنوات، يبني غرفة حتى اكتمل بناء منزله ستة غرف، وعند رحيل فرنسا، عمل عمو سمعان بتصليح البسكليتات، وبعد ذلك عام 1958م, إفتتح محل السمانة، وكانت غرفة من منزله، كانت معروف باسم دكانة ((عمو سمعان شمانة))، وموقع الدكان كان في حارتي، في حي الوسطى قرب كنيسة العذراء للسريان ارثوذوكس، في شارع الجزيرة ما يدعى الآن شارع الوكالات، مقابل كافيتريا لافيولا تماما، وكان صيفا مشهور ببيع الدوندرما والبوظا، والكلاسة المميزة التي كان يصنعها امامنا من حليب طبيعي، وكان يدقها ويقطعها ويغمسها بالشوكولاتة اللذيذة ويلفها بورق السولفان، وكانت تزن القطعة تقريبا مئتين غرام، وكان يبيعها بسعر ربع ليرة فضة، اي خمسة وعشرين قرش ايضا من الفضة كانت العملة حتى عام ١٩٧٤م، وطبعا كانت كل المرطبات (الدوندرما والكلاسة) هو يصنعها بيده، وكنا احيانا نساعده، لذلك كانت الذ مرطبات لحد الان اتذوقها، ومن لم يتذوق كلاسة عمو سمعان، في القامشلي زالين في الزمن الجميل، وايضا كان عمو سمعان يبيع بوز بفرنك وبفرنكين صيفا، عندما لم تكن البرادات متوفرة في المنازل، عند الضهر كنت اذهب لعند عمو سمعان واشتري بوز بفرنكين، فكان يقيس الكمية التي سينشرها بالمنشار، عرض ونصف عرض المنشار ويضع الإشارة، ويبدأ بنشر قطعة البوز ويلفها اخيرا بالخيط، بعد ان ينشرها من المنتصف بعمق اكثر من النصف، ويعطيها لي فامسكها من طرف الحبل، وكان يبيع ايضا البيض ١٨ بيضة بليرة فضة، واما في الشتاء فكان يصنع العقودة ويبيعها، يبيع قضامة محمصة، وكانت خالي شمانة تحمصها، بالمحمصة وفوق البابور، وايضا كان يبيع قضامة سكرية، وسكر شام وشكر، وكان شكله مثل ٥ وملون بالأبيض والزهري (كنا نسميه ونحن صغار سكر قلوقلو) ، وايضا كان يسمى بسوق اليهود او سوق عزرا او سوق التوابل (سكر العرب)، وعندما كان يصيبني مرض( ابو كعب )، كان والدي يشتري لي سكر قلوقلو، ويصنع منه عقد بحبل البرامات، وكان يضعه حول عنقي، وابدأ بوضع سكرة قلوقلو وهي بالعقد في فمي، وابدأ بمصها حتى ترق وتنكسر بفمي، وهكذا بالتتابع حتى ينتهي العقد كله، اكون قد شفيت من مرض ابو كعب، وهذا التقليد كان متبعا بحرفيته بين أبناء القامشلي زالين، عندما كانوا يصابون بأبو كعب ،
وكان ايضا يبيع النوكا، التي كان فيها صور ابطال الأفلام الهندية، والكاوبوي وأفلام الرومان مثل هرقل أوليس ماشيستي ابطال كمال الاجسام العالميين، حيث كنا نلعب بالصور في الشتاء فترة شهرين، وايضا أصابع جوز الهند الزهرية اللون، وكانت الواحدة بنصف فرنك اي قرشين ونصف .
في الصيف وقبل شروق الشمس، كنا اولاد حارة عمو سمعان، نستيقظ وننزل من التخت فوق السطح للشارع، وكنت دوما اول من يستيقظ، كنت أجد عمو سمعان، قاعد على حجرة أمام باب منزله، كانت بمثابة كرسي مستطيلة، ويكون معه كيس صغير، يحتوي على قرابة كيلو حنطة، وكان يطلق من فمه صفير محدد، وخلال ثواني ينزل الحمام، الذي كان عنده من فوق السطح، إلى الشارع،ويبدأ عمو سمعان برمي قبضة من الحنطة، ويبدأ الحمام بالاكل، وكان يملك قرابة المئة حمامة، وكان هذا المشهد يستغرق نصف ساعة، وفي المساء، كانت السهرة أما باب منزله بجانب الدكان، فكانوا الختايرة الذين يجتمعون، والدي يعقوب شمعون وعبدو البزر وفرجو الصائغ ويعقوب مطلوب وعمو توما، وبالطرف الثاني من باب الحوش، تجلس خالي شماني ووالدتي شموني اوسي، وخالي جانيت ام سمير الاحمر لاعب الجهاد، وخالي حسينة.
وكان الرجال يتجاذبون أطراف الحديث، والنكات، وكانوا يطلقون عليه اسم سمعان القيرواني، ويتكلمون سياسةعن الحرب العالمية، وعن حروب المنطقة التي كانت تحدث، وعندما تقترب الساعة من العاشرة ليلا، يذهب كل واحد لمنزله، ليتكرر في اليوم الثاني نفس البرنامج.
وفي سنة ١٩٧٦م باع عمو سمعان منزله، وانتقل إلى حلب، وتوفى عمو سمعان وخالي شمانة، في ثمانينات القرن الماضي، وطويت صفحة راقية، من تاريخ زالين.
_ في الصورة عمو سمعان ورقة، صانع اطيب كلاسة ودوندرما في العالم، وجانبه خالي شمانة زوجته، والفتاة هي ابتسام استنبولي، والصورة هي خطبة أو عرس في القامشلي زالين عام ١٩٧٠م.
– اشكر الست ابتسام اسطنبولي، التي زودتني بهذه الصورة.