العلاقات التاريخية بين الآراميين و الحثيين .
العلاقات التاريخية بين الآراميين و الحثيين .
هنري بدروس كيفا
صفحة مسماريات قد طرحت فكرة رائعة و هي نشر مواضيع و أبحاث
تاريخية حول الشعب الحثي. و بما أن متحف اللوفر يعرض حاليا آثارات
حثية و آرامية أحببت أن أشارك في هذا الموضوع .
لا شك إن القارئ المطلع يعرف أن الشعب الحثي قد زال ذكره في التاريخ
و قد ورد ذكر هذا الشعب في أسفار التوراة و لكن بدون أن نعرف من هو و أين هي بلاده ؟.
اليوم بعد فك رموز الكتابات الهيروغليفية و المسمارية و الليفية صار
العلماء يعرفون أكثر حول تاريخ هذا الشعب الهندو أوروبي.
لا أحد من العلماء يعرف بالتحديد من أين جاء الشعب الحثي و في أي
وقت وصل الى أسيا الصغرى ؟ هنالك عدة نظريات و دولة تركيا تحاول
الأستيلاء على التاريخ الحثي و الإدعاء أن الشعب التركي يتحدر من قدامى الحثيين !
بإختصار إن الشعب الحثي قد إستوطن في أواسط أسيا الصغرى في
بداية الألف الثاني ق٠م . بدأ يتوسع نحو الشرق و نشأ صراع قوي
مع الميتنيين من جهة و االفراعنة المسيطرين على بلاد كنعان من جهة
ثانية. في أواسط الألف الثاني كانت منطقة حلب خاضعة تارة للميتنيين
و طورا للحثيين .

اللغة الحثية
هي لغة هندو أوروبية يسميها العلماء لغة Nésite نسبة الى مدينة Nesa
و لم يكن للشعب الحيثي أبجدية خاصة به . لذلك إستخدم طريقتان للتدوين:
١ – من أجل تدوين أخبارهم وشعائرهم الدينية إستخدموا الكتابة المسمارية
و لكن اللغة هي لغتهم الخاصة و ليس اللغة الأكادية.
٢- أما من أجل الكتابة في أبنيتهم و قصورهم فإنهم إستخدموا الكتابة
الهيرولوغفية اللوفية التي كانت مستخدمة من الشعب اللوفي الذي كان
يسكن شرقي الأناضول و بعض مناطق سوريا الشمالية.
أخيرا أن الشعب الحثي كان في صراع قوي مع عدة ممالك في شرقنا
القديم مثل الميتنيين و حتى الشعب الكاشي في بلاد أكاد . و قد نشبت
عدة معارك بين الحثيين و المصريين في القرن الثالث عشر ق٠م.
تواجد الآرامين في الشرق القديم
الآراميون هم سكان الشرق القديم و أقدم ذكر لهم يعود الى نهاية الألف
الثالث ق٠م. بكل تأكيد هم شرقيون ( تسمية ساميون هي غير علمية )
و لغته هي شرقية. كانوا قبائل بدوية في باديا سوريا و قد عرفوا
بعدة أسماء قديمة ” قبائل السوتو ” و ” قبائل الأحلامو ” و أخيرا
” القبائل الآرامية “.
لا شك كان الآراميون قد بدأوا في العيش في المدن الخاضعة للحثيين
في سوريا الشمالية والجزيرة السورية ( نهريما أو بيت نهرين باللغة
السريانية ). بعد هجوم ” شعوب البحر ” في حوالي سنة ١١٩٨ ق٠م
سوف تسقط الدولة أو الإمبراطورية الحثية و سوف ينحسر النفوذ
المصري عن بلاد كنعان القديمة.
لقد إستفاد الآراميون من الفراغ السياسي الناجم عن هجوم “شعوب البحر”
و سوف يؤسسون عدة ممالك عشائرية في المناطق التي كانت خاضعة
سابقا للميتنيين و الحثيين و المصريين.
ملاحظة مهمة جدا : بعد سقوط الدولة الحثية ظلت بعض الجيوب الحثية على نهر الفرات مثل كركميش مستقلة أو في مدينة حماة . لا شك إن
الآراميين قد صاهروا الحثيين و اللوفيين و هذا واضح من أسماء ملوك
سمأل و حماة…
ما هي العلاقات التاريخية بين الآراميين و الحثيين ؟
١ – إن الكتابات الأكادية التي تركها ملوك أشور و التي تتحدث عن
هجوماتهم نحو الجزيرة السورية و سوريا الحالية كانت تستخدم تسمية
” بلاد حاثي ” مع أنها كانت تحارب القبائل الآرامية ؟ في الحقيقية إن
المسؤولين عن التدوين في بلاد أشور و في بلاد أكاد ظلوا يستخدمون
تسمية بلاد حاثي حتى القرن السابع ليقصدوا به سوريا القديمة التي
كان قد إستوطنها الآراميون منذ مئات السنين.
٢ – لقد تأثر الآراميون بالفن الحثي و هنالك عدد كبير من النصب هي
حثية و لكن المؤرخين قد إدعوا إنها آرامية . بعض المتاحف لا تزال
تعرض تلك الآثارات على أنها ” حثية آرامية ” و بدون أي تحديد أو
شرح . هنالك تماثيل أسود آرامية عديدة تعرض على أنها آثارات حثية !
٣- لقد إستطاع الآراميون ” صهر ” بقايا الحثيين و اللوفيين و الكنعانيين
في سوريا الشمالية و هذا واضح من تاريخ مملكتي سمأل و حماة .
البرهان هو إن هذه المناطق ظلت آرامية الى مجيئ حملات الفرنج !
٤ – الشعب الحثي قد زال من التاريخ و إختفى ذكره , بينما الآراميون
إستمروا في مناطقهم التاريخية حنى اليوم . صحيح إنهم اليوم أقلية
في العدد و أضطر العديد منهم إلى هجرة أوطانهم لأسباب إقتصادية
و سياسية.
٥ – بحجة قيام دولة إسرائيل يتعرض الآراميون اليوم لحملات من بعض
” العروبيين ” الذين تارة بأن العرب هم سكان سوريا منذ ٤٠٠٠ سنة
و طورا بأن الآراميين هم من العرب القدامى .
٦ – جميع المسيحيين في الشرق القديم يتحدرون اليوم من الآراميين
و بكل تأكيد لغتهم الأم هي اللغة السريانية الآرامية. هنالك قسم كبير
من إخوتنا المسلمين هم أيضا آراميون مثلنا وليس فقط سكان الضيع
في القلمون !