معنى رمز النسر السرياني

معنى رمز النسر السرياني

لقد اختار اباؤنا الاراميون السريان في شعارهم منذ قديم الزمان \ماقبل الميلاد \ النسر وهو طائر جارح حاد البصر ذو اجنحة كبيرة وعضلات قوية عرض جناحيه عند الطيران ٢٨٠سنتيميتر ، من صنف النسور ورتبة الصقريات واسمه في العبرية والسريانية (نشرو) وسمي بالعربية نسر. ولما له من مدلولات وصفات، فهو طائر من النوع الخاص يتميز بحجمه الكبير وهيبته وملامحه ، والنسر ذو رمزية عالية ، كما يصنف في اعلى مراتب الطيور .
استخدم السريان بعد الميلاد علماً مكوناً من اللون الوردي والابيض والاحمر ومرصعة بثلاثة نجوم باعلى اليسار تدل على الكنائس الثلاث وهي : السريانية والكلدانية والاشورية ، ولاحقاً تمّ استبدال العلم بصليب ابيض على خلفية حمراء ترمز الى دماء شهداء مجازر سيفو ١٩١٥م التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضد الشعب السرياني والارمني . وفي اواسط الثمانينات من القرن الماضي تبنى السريان علماً وهو عبارة عن صورة لنقش نسر اكتشف في منطقة تل حلف من قبل الباحث الفرنسي وخبير العلوم السامية اندريه دوبون ١٩٠٠- ١٩٨٣م والقطعة المكتشفة تصور كلكامش بين اثنان من رجُلي الثور مدعومان بقرص شمس مجنح و يعتقد بأنها تعود لعصر الملك الآرامي (كبارا بن قاديانو) في القرن التاسع واخرون يقولون الالف السادس قبل الميلاد. واستبدل راس النسر مسيحياً بشعلة تمثل الروح القدس بسبب ان رأس النسر يتلوث بالفريسة اثناء التهامه الجيفة الميتة. وتل حلف تقع شرق شمال سوريا غربي مدينة رأس العين ، في منطقة ينابيع نهر الخابور اكبر روافد الفرات . وتل حلف هو الاسم المعاصر للموقع الذي كان يدعى باسم غوزانا في الالف الاول قبل الميلاد، وكانت عاصمة لمملكة (بيث بخياتي )وهو موقع مدينة اثرية في سوريا تمثل فترة زمنية في تاريخ سوريا .
كما ان النسر يستخدم كنموذج يحتذى به للانسان في سمو بعض خصاله منها :
١-الرفعة والسمو:فالنسر بانواعه يحلق لارتفاعات عالية جداً لايصلها غيره من الطيور ليلبي طموحه وشموخه وكبريائه ،ويتحمل في هذه الارتفاعات التغييرات المفاجئة والكبيرة لدرجات الحرارة بما لايتحملها غيره من الكائنات بسهولة . بمعنى آخر ان السرياني يستطيع ان يتأقلم في اي جو سياسي او اجتماعي او ديني ، ويبني النسر اعشاش صغاره في الارتفاعات الشاهقة، ويحقق استقلاليته في العيش . وترمز النجوم الاربعة في اسفل صورة النسر الى الاله( حَدَد) والذي يشمل ( الغيمة والمطر والبرق والرعد ) …..
٢- يستطيع التركيز بدقة متناهية من خلال رؤية فريسته على بعد ٥كم ويحدد موقعها ، فهو صاحب البصر الحاد والرؤية الثاقبة ، وهنا يرمز للسرياني النشط الذي يتطلع الى عمق تاريخ ابائه واجداده بنظرة واقعية ، ويستنبط منهابرنامجه الشخصي لمستقبل افضل .
٣- الشجاعة في مواجهة المصاعب والتحديات والكوارث ، فجميع المخلوقات يتجنبون العواصف والاعاصير ويعتبروها من الكوارث الطبيعية ، في حين ترغبها النسور ، فالعواصف التي تحملها الرياح تدفع النسور على التحليق في الاجواء العالية ، بعكس بقية الطيور التي تلجأ للاشجار وثقوب البيوت واماكن اخرى بحثاً عن الامان . وكما يقول جرجي زيدان مامعناه ان السريان اينما ذهبوا فانهم يبنون حياة جديدة . كما ان المصاعب والاضطهادات والمطاردات والقتل والعنف الذي تمّ ممارستها تجاه السريان عبر التاريخ زادهم ثبات وقوة ايمان وارادة … …
٤ – يتعمد النسر عند بناء العش لصغاره ان يجعله غير نظامي وغير مريح ، ليدفع بفراخه للاستعجال بتعلم الطيران ويعزز الرغبة في ترك اعشاشها ومغادرته وعدم جعله مرتعاً للخمول والكسل ، يقول الكتاب (كَمَا يُحَرِّكُ النَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ، وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَا عَلَى مَنَاكِبِهِ)، ( تثنية ١٧)
٥ – في حالة رغبة النسور في التزاوج وهم من الطيور الاجتماعية . فان الانثى تضع شرطاً يدلل على الالتزام والطاعة ، حيث ترمي الانثى غصن شجرة او فريسة او اي شيء آخر من على ارتفاعات متباينةولاكثر من مرة، وعلى الذكر التقاطها قبل ارتطامها بالارض . ويذكر في الكتاب المقدس اية قد تدلل على هذا المعنى فيقول الكتاب ( هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: نَسْرٌ عَظِيمٌ كَبِيرُ الْجَنَاحَيْنِ، طَوِيلُ الْقَوَادِمِ، وَاسِعُ الْمَنَاكِبِ، ذُو تَهَاوِيلَ، جَاءَ إِلَى لُبْنَانَ وَأَخَذَ فَرْعَ الأَرْزِ). ( حزقيال ١٧)
٦ – الحداثة والتجديد وهذا يبان عند تقدم النسور بالعمر، ويبدا ريشه ومنقاره ومخالبه بالضعف ، وطبعاً هذا يهدد حياته ، فيلجأ الى الجبال الشاهقة ، حيث يبدأ بنتف ريشه وكسر مخالبه وتحطيم منقاره وذلك من خلال تصادمه بالصخور . وبعد ذلك يتجدد كل شيء فيه ، فيعود سالمأً معافا بعد فترة، وهكذا السرياني عليه بالتجديد والتحديث ليواكب تتطور الانسانية ..يقول الكتاب (الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ) ( المزامير ١٠٣) . ويرمز ايضاً لتجديد حياة المؤمن الروحية بغية العودة الى احضان الرب …..
٧ – اتخاذ العديد من الدول العربية شعار الدولة النسر ليس محض صدفة بل يدلل على مدى تأثير الشعب الارامي على شعوب الشرق والمنطقة باسرها . على وجه الخصوص سوريا، فلسطين ، العراق ،مصر واليمن و….وهذه الدول هي موطن الآراميين ومن تأثر بهم . ومن الجدير بالذكر ان رائد الفن التشكيلي في سوريا موطن السريان ناظم الجعفري عندما فكر في تصميم شعار سوريا وقع اختياره على النسر، كانت تلك فكرة او مايسمى وحي وليس اقتراح ولم يكن بمحض الصدفة ….
٨ – سرعة انقضاضه على الفريسة تدلل على سرعة السرياني في اقتناص المعرفة والعلم وبلهفة يقول الكتاب (تَمُرُّ مَعَ سُفُنِ الْبَرْدِيِّ. كَنَسْرٍ يَنْقَضُّ إِلَى قَنَصِهِ.) (ايوب ٩)
٩- النسر واثق من نفسه ومعتد بذاته وشخصيته …
١٠- عمره طويل نسبياً حيث يعمر من ١٤- ٢٠ سنة
١١- شعار النسر الارامي السرياني هو العودة الى الجذور الحقيقية لشعبنا
١٢- فالنسر عندما يطير لا نعرف من أين جاء أو من أين ذهب لا تعرف طريقه، لأن النسر يذكرنا بالصعود، كما جاء في سفر الأمثال: “ثَلاَثَةٌ عَجِيبَةٌ فَوْقِي، وَأَرْبَعَةٌ لاَ أَعْرِفُهَا: طَرِيقَ نَسْرٍ فِي السَّمَاوَاتِ……” (سفر الأمثال 30: 18-19).
في المسيحية يرمز وجه النسر بوجه المسيح وهذا ماجعل الكنيسة ان تستبدل راسه بشعلة الروح القدس وبحسب انجيل يوحنا ان وجهه كوجه النسر.كما يُرمز للبشير يوحنا الانجيلي بوجه النسر ايضاً ، وهناك من القديسين من تشبه بالنسر امثال القديس فلتاؤس الذي لُقِبَ بنسر البرية وهناك مصادر سريانية ومسيحية تؤكد دلالة النسر مسيحياً وسريانياً…..
ابلحد حنا ساكا البرطلي (بتصرف )