جوليا دومنا .. إمرأة حمصية على عرش روما .
جوليا دومنا ..
إمرأة حمصية على عرش روما .
لم تكن جوليا دومنا تلك الفتاة الحمصية بارعة الجمال تحلم قبل ألفي عام أن تصبح السيدة الأولى في قصر الإمبراطورية الرومانية التي كانت من أعظم الإمبراطوريات في ذلك العصر ، رغم أن النجوم قد بشرتها بزواج ملكي ، على حد وصف المؤرخ (جان بابليون)
كانت .. حمص في العصر الروماني مشهورة بعبادة إيلا غابال (إله الشمس) الذي يرمز إليه حجر أسود مخروطي الشكل أقيم في معبد الجبل ، المعبد الكبير والهام في حمص ، وهو مكان الجامع النوري الكبير حاليا ، وكان الكاهن (باسيانوس الحمصي) هو المولج برعاية هذا المعبد والعمل على خدمته ، وكان لهذا الكاهن ابنة تدعى (جوليا دومنا) على قدر كبير من الجمال والذكاء ، وشاءت الأقدار أن يأتي إلى حمص القائد الليبي (سيبتيموس سيفيروس) بمهمة من الحكومة الرومانية للقضاء على الفوضى التي قامت فيها ،
فقام بالمهمة خير قيام ، وفي حمص تعرف على باسيانوس وأعجب بابنته إعجابا شديدا ، وانتهى هذا الإعجاب بالزواج سنة 187 وجرى للعروسين احتفال أسطوري يليق بهما ، ولم تأت سنة 193 حتى نادى الجيش بسيبتموس سيفيروس إمبراطورا على روما ، وبذلك وضع الأساس لصرح الأباطرة السيفيريين ذوي الأصل الحمصي عن طريق جوليا دومنا التي عملت على جلب أختها (جوليا ميسا) وابنتي أختها (جوليا سوميا) و (جوليا مامة) إلى مدينة روما حيث امتزجت أسماؤهن بتاريخ روما، واعتلين عرشها الإمبراطوري بالتتالي .
العاصي والتيبر :
لم تكن سيدة القصر الإمبرطوري في روما (جوليا_دومنا ) إمرأة عادية بل كتلة من المواهب العبقرية التي جعلتها تصنع جزءاً كبيراً من نجاحات زوجها الإمبراطور سيفيروس ، وكأن مقولة “وراء كل عظيم إمرأة” التي تتردد كثيراً في أحاديثنا اليوم ، كانت حقيقة مجسدة في ذلك العصر .
لقد اتصفت جوليا بكل الصفات التي جعلت منها أنثى استثنائية ، وهي صفات كانت نادرة الوجود لدى السيدات الرومانيات آنذاك ، من حدة في الذكاء ، وقوة فكرية ، واستطاعت جوليا بما أوتيت من ذكاء وحزم وتخطيط أن تسهم مع زوجها في تصريف شؤون الإمبراطورية وأن ترافقه في رحلاته وانتصاراته ، حتى منحتها روما لقب .. “أم الوطن”.. ولقب .. “أم الشيوخ” ..
كما أنشأت (جوليا دومنا) صالوناً ثقافياً في أثينا عرف بصالون الإمبراطورة ، كان يتردد عليه عدد كبير من أدباء وفلاسفة ومفكري ذلك العصر .
وساعدت جوليا على انتشار النفوذ الثقافي السوري في روما ، وأحاطت نفسها بعدد كبير من المفكرين والعلماء والأطباء السوريين ، وهذا النفوذ هو الذي دعا الشاعر اللاتيني (جوفنال) لأن يتذمر في هجائيته المسماة “بابل” بأن نهر (العاصي) السوري أصبح يصب منذ زمن بعيد في (التيبر) والحياة أصبحت في روما لا تطاق من كثرة هؤلاء الأغراب الذين توافدوا على العاصمة واستقروا فيها . وقد لعب الجانب الديني دوراً كبيراً في ترسيخ هذا النفوذ ، فسورية في ذلك الوقت كانت موطن الديانات الشرقية فمن خلال معبد الشمس استطاعت حمص أن تتربع على عرش روما سيدة العالم في ذلك العصر لمدة خمسين عاماً تقريباً
المصادر :
محمد بهجت قبيسي الأباطرة السوريون في روما
معالم وأعلام حمص Lousin Kerdo