الأستاذ ملكي والمقدمة الذهبية لمطران الكلدان أودو

 

صورة

صدر في القاهرة مؤخراً / 2024م، كتاب (المقدمة الذهبية)، 58 صفحة حجم B5، وهي تعريب مقدمة قاموس (كنز اللغة السريانية ܣܺܝܡܬܐ ܕܠܶܫܳܢܐ ܣܽܘܪܝܝܐ) الصادر باللغة السريانية وبالخط السرياني الشرقي سنة 1897م، لأضخم قاموس سرياني-سرياني، وهو من تأليف توما أودو +1918م، مطران الكلدان (السريان الشرقيين) في أورميا/ إيران 1892م (ملاحظة الكلدان هم السريان الشرقيون النساطرة الذين سَمَّتهم روما حديثاً كلداناً بعد سنة 1553م عندما تركوا العقيدة النسطورية وتكثلكوا، وثبت اسمهم الكلداني في 5 تموز 1830م، كما يؤكد بطرك الكلدان لويس ساكو في كتابه (خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، 2006م، ص41)، وكما يقول المطران توما أودو في قاموسه ص202، 465، وقد قام بتعريب هذه المقدمة المهمة الأديب السرياني وأستاذ اللغتين السريانية والعربية جوزيف أسمر ملكي.

وأشكر الأستاذ جوزيف لطبعه المقدمة بكتاب مستقل، وكتابتهُ لها بالخط السرياني الغربي (السرطو) أيضاً، ويزيدني فخراً إني كتبتُ له تقديماً، أدرَجهُ ص11- 13، والمرفق نهاية المقال، كما أشكره لأنه أكَّدَ في مقدمتهِ ص15 المرفقة أدناه، أنَّ هذه الترجمة تمت بناءً على طلبي منه ذلك من خلال لقاءاتنا الكثيرة معاً، وقولي له إنها مهمة، وأني استشهدت بمقاطع كثيرة منها في كتبي ومقالاتي، وعدا أهميتها ككنز لغوي، ففيها كنوز سريانية أخرى كالمادة التاريخية والتراثية والقومية، حيث يخاطب مطران الكلدان أودو أُمتهُ بداية المقدمة، ويُسمِّيها: الأمة السريانية (لا آشورية ولا كلدانية)، ويؤكد أنَّ السريان هم الآراميون (لا كلدان ولا آشوريون)، وأنَّ الكلدان والآشوريين الحاليين لغتهم هي آرامية أو سريانية باللهجة الشرقية، أي شرق نهر الفرات (لا لغة آشورية ولا كلدانية)، بل يقول في ص10سرياني، ص4 من الترجمة العربية المرفقة نهاية المقال: إنَّ تسمية اللغة السريانية بالكلدانية هو، وهمٌ (خطأ)، فأعجب بها الأستاذ جوزيف وترجمها كاملةً، ونشرتها لأول مرة في كتابي (اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان، ملحق3، ص900- 914)، ولأن الترجمة تزامنت مع عيد ميلاد السيد المسيح 2017م، فأدرجتها في كتابي بعنوان: هدية الميلاد لروح المطران توما أودو، ترجمة مقدمة قاموس (كنز اللغة السريانية)، كما نشرتُ عدة مقالات عنها في مواقع كثيرة، منها الكاردينيا في حزيران 2018م، بعنوان: لأول مرة، ترجمة مقدمة قاموس المطران توما أودو للعربية.

 

صورة

والجدير بالذكر أني حين نشرتُ المقدمة، ذكرتُ لمحةً عن حياة المطران أودو، وكيف حلَّق عالياً كالصقر في مقدمته التي سَمَّاها الأستاذ جوزيف باستحقاق (المقدمة الذهبية)، وتطرقتُ أيضاً وبالوثائق لمحاولات بعض السريان الشرقيين (الآشوريين والكلدان حديثاً) تزوير اسم القاموس أو بعض فقرات المقدمة، خاصة ص9 ترقيم سرياني، ص4 من الترجمة العربية المرفقة)، عندما قال المطران أودو: (الذين آمنوا بالمسيح من الآراميين دعوا سرياناً، والآراميون كأمة قبل الكل تبعوا المسيحية، وشيئاً فشيئاً اختفى الاسم الآرامي، والأمة الآرامية بكل فروعها دُعيت سريانية، ولغتها سريانية حتى يومنا)، فقد وضع شخص مجهول من أورميا/ إيران هامشاً أسفل الصفحة، كتب أنه مدقق (ܡܬܪܨܢܐ مترصنا)، قال فيه: إنَّ اسم سوريا والسريان مشتق من آشور، وطبعاً كلامه هو سياسي آشوري هدفه تشويه كلام المطران أودو، ليُفهم منه أنَّ السريان الآراميين هم الآشوريون، والأهم إني اكتشفت هذا المزوِّر الذي ادعي أنه مدقق، وهو من عائلة سريانية شرقية نسطورية متأشورة في أورميا/ إيران، اسمه بولس سيرماس (1870-1939م).

والأمر الطريف أنه رغم أنَّ كثيرين من الآباء والمثقفين والمترجمين السريان الشرقيين النساطرة (الكلدان والآشوريين الحاليين)، الذين لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء سوى قيام روما بتسمية الطرف المتكثلك منهم كلداناً كما ذكرتُ، وقيام الإنكليز بتسمية الطرف الذي بقي نسطورياً، آشوريين سنة 1876م، قاموا بترجمة أغلب الكتب التاريخية واللغوية، وهي أقل أهمية من مقدمة المطران أودو التي لم يُترجموها، بل انتظروا 125 سنة ليقوم سرياني ليس من كنيستهم بترجمتها، والسبب هو أن المطران أودو يكشف حقيقتهم وزيف ادعائهم، فيُسمِّي قاموسه ولغته وأمته، سريانية، ويقول إنَّ السريان هم الآراميون، ويقول أيضاً إنَّ كلمة كلداني تعني: كهَّانة، متنبئ المستقبل، فَتَّاح فأل، قارئ البخت، واسم كلدان هو لأمة قديمة، عُرف به كلدان اليوم حديثاً (ص202، 465 من القاموس).
/b]

 

ترجمة المقدمة الذهبية باللغة العربية في الرابط، مع تقديمي للأستاذ جوزيف ملكي
صورة


وشكراً/ موفق نيسكو

مُنقِّب الآثار هنري لايارد (أبو الآشوريين الجدد)

إنَّ الآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء، بل هم سريان آراميون نساطرة، قام الغرب تعمداً أو جهلاً أحياناً، بسرقة اسمين من حضارات العراق القديم وتسميتهم بهما، فسَمَّت روما السريان النساطرة المتكثلكين كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز 1830م، وسَمَّى الإنكليز الذي بقوا نساطرة، آشوريين، سنة 1876م، وبدورهم صَدَّق المتأشورن والمتكلدنون، أنهم فعلاً آشوريون وكلدان، إما جهلاً، أو بالاعتماد على جهل بعض الرحَّالة والمنقبين والمبشرين والمؤرخين ولغاتهم، وليس الاعتماد على تاريخهم المكتوب بلغتهم وبيد أسلافهم، أو تزويراً، كما سنرى.

يعتبر دور السياسي والمنقب عن الآثار الإنكليزي، اوستن هنري لايارد مثيراً للجدل، لأنه أول من لعب دوراً مهماً بإطلاق اسم الآشوريين على النساطرة، حيث لُقِّبَ “بأبي الآشوريات، النينوي، ابن نينوى”، وقد قام لايارد ابتداءً من أواخر تشرين الثاني 1845م بعدة زيارات لاكتشاف آثار العراق خاصة نينوى وحولها، وزار مناطق السريان الشرقيين النساطرة الذين يُسَمَّونَ التياريين أحياناً، يُساعده المختص بالآثار هرمز رسام (1826–1911م) حامل الجنسية البريطانية، والمُتهم بسرقة وبيع الآثار الآشورية للإنكليز، وهو شقيق المترجم عيسى رسام الذي عمل مُترجماً مع رحَّالة آخرين قبل لايارد (انظر دعوى تهريب الآثار العراقية في المحاكم البريطانية بين هرمز رسام وبج (رحلات بج إلى العراق، ترجمة فؤاد جميل ج2 ملحق 7 ص261-289. ونورا كوبي، الطريق إلى نينوى ص402-403).

ولد لايارد في 5 آذار 1817م لأبوين إنكليزيين في أحد فنادق باريس حيث كان والداه في فرنسا، وتنقلت العائلة بين سويسرا وإيطاليا إلى أن عادت إلى إنكلترا سنة 1829م، فدخل لايارد مدرسة قرية ريجموند قرب لندن، وعمل بداية حياته في مكتب خاله المحامي بنيامين، ثم رافق صديقه ميتيفورد في رحلته إلى الهند، وأثناء مروره في العراق سنة 1840م تَعرَّف على نائب القنصل البريطاني، ولم يُكمل رحلته إلى الهند حيث تَعيَّن موظفاً في مكتب العقيد الإنكليزي تايلور في بغداد، وقام بالتعاون مع الآثاري والقنصل الفرنسي في الموصل إميل بوتا (1802–1870م) الذي كان يُنقِّب عن الآثار الآشورية، وسنة 1845م زار نينوى وخورسيباد ونمرود وغيرها للتنقيب عن الآثار، يُرافقه المختص بالآثار العراقي المسيحي هرمز رسام، يُسانده قنصل بريطانيا في العراق وعالم الآثار، هنري راولنصون (1810–1895م) الذي كان يملك معلومات واسعة في التاريخ واللغات، ويُلقَّب “أبو المسماريات أو أبو الخط المسماري”، وهو الذي ساعد لايارد في حل رموز وكتابات الآثار وتحديد تواريخ الدولة الآشورية وملوكها، كما قام راولنصون بمساعدة لايارد إنشاء قسم الآشوريات لأول مرة في المتحف البريطاني الذي كان قد أُنشئ سنة 1753م، وشغل لايارد بعد عودته إلى إنكلترا عدة مناصب سياسية منها عضو برلمان، وتعيَّن في 11 شباط 1852م وكيل وزير للشؤون الخارجية، وشارك في حرب القرم بين روسيا وتركيا (1853–1856م)، وكان له دور في الهند والحبشة، وعُيِّن سفيراً لبلاده في تركيا سنة 1877م، وتوفي في 5 تموز 1894م.

اعتبر كثيرون لايارد شخصية انفرادية منطوية على نفسها منذ صغره، غير منضبط، لا يرضخ للأوامر، مشاغباً في المدرسة، مولعاً بملاعبة الحيوانات المفترسة، وهو لم يكن باحثاً أو متخصصاً بالتاريخ والآثار والدين واللغات، بقدر ما كان منقّباً للآثار ومثابراً على عمله بها، فهو شخصية عصامية، عاشقة للحرية لأنه عاش حياة قاسية، طموح جداً، لكنَّ طموحه مبهماً، هاوياً للرسم والنحت والفن، مغامراً وميالاً للسفر خاصة إلى الشرق حيث عمل والده في جزيرة سيلان، محباً لمطالعة الأدب والقصص والأساطير التاريخية، وقرأ كثيراً من كتب الشرق كتاريخ إيران والهند، وكان معجباً بالقصص التي تتحدث عن القوة والشقاوة مثل، مغامرات حجي بابا لجيمس مورير، وكتاب تسليات الليالي العربية (مأخوذة عن ألف ليلة وشهرزاد)، وكتب الرحَّالة الغربيين إلى العراق التي تتحدث عن قوة بابل وآشور كرحلة كلوديوس ريج، وقصيدة الشاعر الإنكليزي جورج بايرون (1788–1824م) المنتشرة في إنكلترا، بعنوان “هجوم سنحاريب”، التي تقول إحدى أبياتها: هجم الآشوري كما يهجم الذئب على القطيع.

لم تكن الدولة الآشورية التي سقطت سنة 612 ق.م. معروفة كثيراً للعالم والرحَّالة، ومنهم لايارد قبل اكتشاف الآثار باستثناء ما ورد عنها في العهد القديم من الكتاب المقدس ولدى قسم من مؤرخي التاريخ، وبعض القصص التي نُسج أغلبها استناداً على الكتاب المقدس، ولهذا لم يكن لايارد يعرف شيئاً عن الآشوريين القدماء واسمهم وأصلهم، إلاَّ ما جاء عنها في الكتاب المقدس، وما قرأه عنهم عموماً في التاريخ والقصص والأساطير، ولم يستعمل اسم الآشوريين، بل النساطرة، فمنذ أن بدأ رحلته من حلب إلى الموصل يقول لايارد عن مناطق الكورد: يعيش بين السكان الكورد عدد من مختلف الطوائف المسيحية، هم: الأرمن والكلدان والنساطرة، وقبل سنين قامت مذابح بحق النساطرة، وعن الموصل، يقول: سكانها من المحمديين والمسيحيين، كالكلدان الذين تحولوا من الإيمان النسطوري القديم إلى الكاثوليكية الرومانية، وأيضاً اليعاقبة والسريان الكاثوليك أو اليعاقبة الذين انتموا إلى روما، وتعامل لايارد في الموصل مع تاجر مسيحي كلداني، ويقول إن المترجم عيسى رسام الذي ساعد رحَّالة سابقين، هو من أصل كلداني (William N. Sir A Henry Layard autobiography and letters from his childhood until his appointment. ، وليم نابير، هنري لايارد، السيرة الذاتية ورسائل من طفولته حتى تعليمه، إنكليزي، لندن 1903م، ج1 ص299–323).

ولم يكن لايارد يُفرِّق بين بابل وآشور وبين النساطرة والكلدان الذين انشقوا عن النساطرة، فكان يُسَمِّي النساطرة،كلداناً، ويقول عن رحلته من بغداد إلى مناطق النساطرة في شمال العراق: أجبرتني أحوالي الصحية من جديد للبحث عن مكان بارد ومنعش لأستريح فيه هرباً من حرارة الصيف، فقررت التوجه إلى الجبال التيارية المسكونة من المسيحيين الكلدان (علماً أن التيارية نساطرة، وليسوا كلداناً)، وعندما ذهب إلى بغداد عاشر الكلدان وحضر حفل زفاف فتاة كلدانية، وكان لايارد جاهلاً باللغات، فساعدهُ راولنصون في حل رموز الكتابة المسمارية الأكدية التي كانت لغة دولة آشور القديمة والتي سَمَّاها لايارد أول الأمر، الكلدانية، فقد أرسل لايارد رسالة لوالدته في نيسان 1846م يقول: يسرني أن أقول لكِ إني توصلت إلى بعض النتائج مثل أسماء المدن والأشخاص وإلى الآن لم استطع فك خطوطها، لكن بمساعدة الميجر راولنصون، آمل أن أتوصل قريباً إلى حل أبجديتها، أمَّا بالنسبة للغة فهل هي كلدانية؟، أو واحدة من اللهجات المنسية لإحدى اللغات التي لم تزل موجودة ويمكن التوصل إليها بالبحث والمقارنة؟، أو هي لغة غير معروفة لا بُدَّ من إعادة بنائها من جديد؟ (الطريق إلى نينوى، ص269–270)، ومع أنه نَقَّبَ في بلاد آشور فقد كتب في مذكراته سنة 1853م عن زياراته للشرق بعنوان، “المغامرات المبكِّرة في بلاد فارس وبابل”، كما كتب مقالة عن تاريخ النساطرة (انظر هنري لايارد، البحث عن نينوى، ص15).

عندما وصل لايارد منطقة النساطرة في شمال العراق وتداخل مع القوم، لاحظ أن هناك فرقاً بين الكلدان الذين قبل ثلاثة قرون كانوا قد انشقوا عن النساطرة وتكثلوا وتسَمَّوا كلداناً، وبين النساطرة التياريين، وأن النساطرة يمتازون بالبساطة في الاحتفالات الدينية على النقيض من خرافات وسخافات ومراسيم الكاثوليك، لذلك فالنساطرة يستحقون أن يلقَّبوا “بروتستانت الشرق” (هنري لايارد، السيرة الذاتية، ج2 ص108–175)، ثم لاحظ أن بعض سكان المنطقة الكورد يضطهدون النساطرة، وجرت مذابح في قراهم آخرها مذابح أمير بوتان بدر خان بك سنة 1843م ذهب ضحيتها آلاف النساطرة، كما لاحظ كيف يُعذب بعض الكورد النساطرة ويضربونهم بالعصي، وفي الرسالة التي وجهها إلى عائلته في إنكلترا في 5 تشرين الأول 1846م تكلم عن مذابح النساطرة على يد الكورد، وفوق كل ذلك لاحظ أن النساطرة غير محبوبين حتى من الكلدان لأسباب عقائدية دينية، وهناك شبه عداء بينهما، وإثر كل هذه الأمور بدأ لايارد يتعاطف مع النساطرة ويلبس زيهم، وبدأ يستعمل كلمة الآشوريين على عليهم مُفترضاً أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، وسَمَّاهم “الآشوريين النساطرة”، وفي جولاته بينهم، ذكَّرَهم بالمأساة التي حَلَّت بسقوط الدولة الآشورية القديمة، ثم قامت مجلة الشهر الجديد اللندنية monthly magazine new The، بنشر مقال (عدد 87–1849،344م)، يقول: يجب إنقاذ صفوة من المسيحيين النساطرة الذين هم أحفاد الآشوريين، ثم أصدر لايارد سنة 1849م كتابه (نينوى وبقاياها Nineveh and its remains)، وحاز على شعبية واسعة في إنكلترا، وارتياح وتفاعل النساطرة (الآشوريون الجدد) حيث ترجموه سنة 1983م، بعنوان (البحث عن نينوى)، ركَّزوا بترجمة الفقرات التي تُظهر اعتداء الأكراد على النساطرة، وأضافوا لكل كلمة نسطوري (آشوري)، أو بَدَّلوا نسطوري بآشوري، ثم تُرجم سنة 1994م، وهذه إحدى صفحات الكتاب المترجم مع الأصل، التي تظهر التزوير.
[/b]

في 11 نيسان سنة 1852م قَدَّم عالم الآثار الإنكليزي هنري راولنصون بحثاً إلى الجمعية الآسيوية الملكية بعنوان “تاريخ آشور المستقى من الكتابات التي اكتشفها لايارد في نينوى”، وذكر أنه استند في بحثه إلى ملاحظاته الشخصية وبمعونة معلومات الكتاب المقدس، وسنة 1853م أصدر لايارد سلسلة “آثار نينوى”، وبين سنتي (1854–1855م) وصلت إلى انكلترا نحو خمسة وعشرين ألف قطعة أثرية طينية وحجرية اكتشفها لايارد، وأحدث وصول هذه الكمية ضجة شعبية واسعة هناك، ألهمت خيال الناس، فالمتدينون أعجبوا بها للتشابه الكبير بين ما ورد في الكتاب المقدس عن الآشوريين وما احتوته هذه الآثار، وأنها جاءت شاهداً تؤكد صحة الكتاب المقدس، وأصبحت تُنشر هذه الاكتشافات مقرونة بآيات من الكتاب المقدس، ومن جهة أخرى فقد جعلت هذه الآثار المسرحيات والقصائد والأساطير عن بلاد آشور صورة حقيقة على أرض الواقع، وصارت بلاد آشور ونينوى موضوع الإنشاء المفضل في مدارس انكلترا، ومادة دسمة للكُتَّاب، وراح قسم من الشعراء مثل ولتر سافج لاندر يتغنى بلايارد واكتشافاته، ويقول: سترتفع أغنيتي، ستردد في خرائب نينوى لايارد! يا ذاك الذي أخرج المدن من التراب
الذي جفف نهر النسيان من وسط ظلالها وحرر العروش والملوك، والهياكل والآلهة من الزمن القاهر..إلخ.

يقول البرفسور الأمريكي من أصل سرياني نسطوري جون جوزيف: عندما اكتُشفت آثار آشور القديمة في نينوى وضواحيها، جذبت اهتمام العالم على النساطرة وأخوتهم الكلدان، وبدأ عامة الناس في إنكلترا استعمال الآثار الآشورية كسلاح ضد ناقدي الكتاب المقدس، وبطل الحفريات هو لايارد الذي سارع إلى الإعلان عن هذه الأقليات اعتماداً على ما تبقى من أكوام وقصور مدمرة من نينوى وآشور، وقد كتب لايارد أن النساطرة يتحدثون بلغة أسلافهم الآشوريين وهو رأي أعرب عنه هرمز رسام مساعد لايارد الذي يتحدث اللغة الآرامية، قائلاً: (الآشوريون القدماء تحدثوا الآرامية وهم لا يزالون يفعلون ذلك)، علماً أن الآشوريين القدماء لم يتحدثوا دائماً اللغة الآرامية، بل كانت لغتهم الأم هي الأكدية، وهي لغة اللوحات المسمارية الشهيرة والآثار التي ساعد هرمز رسام نفسه في التنقيب فيها، ومن المثير للاهتمام أن لايارد ورسام استمرا باستعمال اسم الكلدان الأقدم على كل من الكاثوليك الكلدان والنساطرة، ولايارد نفسه إلى ما قبل سنوات قليلة من الحفريات الآشورية كان دائماً يشير إلى النساطرة باسم، الكلدان، أو الكلدان النساطرة من أجل تمييزهم عن الكلدان الكاثوليك المتحدين مع روما.

لقد أدت كتابات لايارد الترويج للاسم الآشوري في الوقت الذي كان فيه رؤساء أساقفة كانتربري قد تلقوا بين سنة (1844–1868م) عدة رسائل من بطرك ومطارنة النساطرة عِبرَ عيسى رسام وغيره، تدعوهم لمساعدتهم، فأرسل رئيس الأساقفة سنة 1866م بعثة قابلت البطرك ومطارنته في مقره في جوله مرك، وقد وجدت البعثة أنَّ الشعب جاهل، وحتى الأساقفة لا يجيدون القراءة والكتابة، وأنَّ رجال دينهم أعرف بأقسام البندقية من أقسام الكتاب المقدس والدين، وفي 7 يناير 1870م نقل رئيس أساقفة كانتربري رسالتهم إلى مؤمني الكنيسة الأنكليكانية، وفي كلام الأسقف وردت مرة واحدة عبارة (Christians of Assyria المسيحيون في آشور أو مسيحيو آشور كتسمية جغرافية)، لتتغير فيما بعد بحذف (Of)، وتصبح (Assyrian Christian الآشوريون المسيحيون)، ومن يومها بدأت الدوائر الرسمية والكنسية في إنكلترا بتبديل كلمة سرياني أو نسطوري في السجلات بآشوري، فتلقَّفَ النساطرة الاسم الآشوري وأعجبوا به خاصة البطرك بنيامين إيشاي +1918م الذي كانت له تطلعات قومية وسياسية، يساعده بنشر وتعزيز الاسم المبشرون الأنكليكان كالدكتور وليم ويكرام وغيره، وشيئا فشيئا بدأ السريان النساطرة استعمال اسم الآشوريين، وبعد مئة سنة وفي 17 تشرين أول 1976م، ثبت اسم الآشورية على أحد فرعي كنيستهم، علماً أن الاسم النسطوري بقي مقترناً بهم رسمياً في دوائر الدولة ووزارة الأوقاف العراقية إلى 17/8/ 1993م، وحسب كتاب ديوان رئاسة الجمهورية المرقم 21654، المرفق، ولا يزال الفرع الآخر يرفض التسمية الآشورية، بل أحد شروطه للوحدة، هو حذف اسم الآشورية.
وشكراً موفق نيسكو[/b]

استغلال اسم صوم نينوى لأغراض سياسية

استغلال اسم صوم نينوى لأغراض سياسية

 

حسب التقويم الشرقي الذي يتبعه المسيحيون الأرثوذكس لعيد القيامة، انتهى الأربعاء 28 شباط 2024م، صوم نينوى المشهور لدى مسيحي الشرق، وكان المسيحيون الذين يتبعون التقويم الغربي كالكاثوليك قد سبقوا وصاموه منذ أكثر من شهر.

 

وسبب كتابتنا هذا المقال هو أن بعض السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين الحاليين)، خاصةً الذين سرق لهم الإنكليز سنة 1876م اسم الآشوريين القديم وسَمَّوهم به لأغراض سياسية عبرية، يحاولون دائماً استغلال هذه المناسبة بكتابة مقالات تربط صوم نينوى المسيحي زوراً بسفر النبي يونان (يونس) في العهد القديم، في محاولةمنهم لربطهم بالآشوريين القدماء، مثل اسمهم الآشوري المسروق والمزوَّر.

 

صوم نينوى

لا يوجد أي ذكر في تواريخ اليهود ولا في المسيحية الأولى لصوم نينوى القديم المذكور في سفر يونان في العهد القديم، ولم يُذكر أن المسيحيين قد صاموه منذ البداية، وصوم نينوى الحالي الذي يصومه المسيحيون الشرقيون هو ثلاثة أيام، واسمه بالسريانية (الباعوثة) ومعناه، الطلبة والتضرع، ويبدأ يوم الاثنين من الأسبوع الثالث السابق للصوم الكبير الأربعيني، ولا علاقة له مطلقاً بصوم نينوى المذكور في سفر يونان، ويختلف اسم الصوم عند كنائس المسيحيين الشرقيين، ولا يوجد أي ذكر لصوم اسمه نينوى في التاريخ المسيحي قبل نهاية القرن السادس الميلادي، ففي سنة 576م انتشر بكثرة مرض الطاعون المُسَمَّى بالسريانية (شرعوط)، في شمال العراق الحالي، كركوك، الموصل، وتكريت، وكان ذلك في عهد الجاثليق السرياني الشرقي النسطوري يوسف وخلفه الجاثليق حزقيال +581م، ويقول السريان النساطرة (الكلدان والآشوريون الحاليون): بسبب ارتفاع الموت والمصيبة اقترح مطران كركوك سبريشوع بالإتفاق مع مطران الموصل على الجاثليق حزقيال الصوم ثلاثة أيام، فاستحسنه الجاثليق وأمر بصومه (الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1 ص118. والمجدل ترجمة الجاثليق يوسف +570م، وخلفه حزقيال. وأدّي شير، تاريخ كلدو وآثور ج2 ص196-197. بعض المصادر تقول إن الصوم في البداية، أو لدى البعض، كان ستة أيام،  مع ملاحظة أن الآشوريين والكلدان الحالين كان لقب رئيسهم الديني هو جاثليق وليس بطريرك، والجاثليق معناها مطران أو أسقف عام، وهي رتبة أقل من بطريرك وأعلى من مطران، وكان جاثليقهم يخضع لبطريرك أنطاكية السرياني إلى سنة 497م عندما اعتنقوا النسطرة وانفصلوا عن أنطاكية، ثم اختلسوا اسم بطريرك بدل جاثليق أيضاً واستبدوا به، كما يقول حرفياً القس بطرس نصري الكلداني +1917م (ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان ج1 ص40).

 

وقد عَدَّ المطران سبريشوع هذا الصوم على غرار صوم داود النبي (2 صموئيل، إصحاح 12)، وليس على غرار صوم نينوى في سفر يونان، وطبعاً وجود داود هو قبل يونان (التاريخ السعردي، خبر سبريشوع، مطران باجرمي “كركوك” ج2 ص313، وانظر فيه ص90-94 أيضاً).

 

ثم قام السريان الشرقيون بحذف اسم المطران سبريشوع من كتبهم كما في طبعة بيدجان للصلوات الطقسية ج1 ص161 (الأب جان موريس فييه الدومنيكي، آشور المسيحية، ج2 ص526. وأنظر أيضاً المصادر التاريخية الكثيرة التي استند عليها)، ويبدو أنها محاولة لغرض ربط صومهم قدر الإمكان بنينوى القديمة، مع ملاحظة أنه قبل هذا التاريخ كان هناك صوم مشابه لصوم نينوى، ثلاثة أيام أيضاً، يبدأ من اثنين الميلاد، اسمه باعوثة (زينا) مخصص لمنطقة العمادية وقربها (قرية كوماني)، لكنه أُبطل استعماله، علماً أن الأب جان موريس الدومنيكي يبدو أنه أخطأ في الاسم واعتقد أن زينا هو (يزدينيا) مطران نينوى، والصحيح أنه (زيعا) الوارد ذكره في كتاب شهداء المشرق لأدي شير ج2 ص129-131، وربما أخطأ أيضاً في اعتقاده أن الصوم أُبطل، والصحيح أنه لم يكن صوماً شاملاً للجميع، وقسم من نساطرة قبائل جيلو وباز قرب قرية مار زينا لا يزالون يستذكرون ذلك.

 

ولم يكن جميع النساطرة في البداية يصومون هذا الصوم، وقد أكَّد جاثليق النساطرة يوحنا بن إيشوع (900-905م) أن اسم نينوى المقحم والمرتبط بصوم الباعوثة أعلاه، هو اسم مستعار (مجلة النجم  الكلدانية، 1912م، عدد 1 ص127، وانظر تفصيلها من ص77-82، 125-129)،

 

ويرفض المطران (بطريرك الكلدان بعدئذٍ) يوسف غنيمة ربط صوم الباعوثة الحالي بصوم نينوى الوارد في سفر يونان في العهد القديم، ويقول: إن صوم الباعوثة الحالي عندنا ليس فريضة موسوية، ولم يكن جارياً حتى عند اليهود باستثناء وروده في الأسفار الإلهية، وأن الكلدان لهم سبباً آخر لصوم الباعوثة أو نينوى الحالي غير سبب سفر يونان، وأن اسمه صوم الفريضة وليس صوم نينوى، وهذا الصوم ارتبط ببعض الخرافات مثل توزيع حلوى خضر الياس، لذلك سُمِّي بصوم إيليا أيضاً. (يوسف غنيمة، والأب لويس شيخو اليسوعي، مجلة المشرق 1906م عدد 9 ص171-177).

 

وهناك رواية ثانية للسريان الشرقيين عن صوم نينوى ويُسمَّونه (صوم العذراى)، جاءت في مصادر كثيرة ككتاب الحوذرا سنة 1659م، وغيره وهي أن مطران الحيرة يوحنا الأزرق في زمن الجاثليق حنانيشوع (685-700م)، رتَّبَ صوم العذراى عندما طلب أحد أمراء الحيرة المسلمين أربعين بنتاً عذراء ليتخذهن زوجاتً له، فاجتمعت الفتيات في الكنيسة وصلين مع المطران ثلاثة أيام، فتوفي الأمير، فأمر الأزرق بإقامته سنوياً في الاثنين الذي يلي الدنح، وقد ذكر عبديشوع الصوباوي +1318م أن الأمير هو الخليفة عبد الملك بن الوليد (ربما يقصد، أبو الوليد عبد الملك بن مروان +705م)، وأبن العبري نقلاً عن مصادر النساطرة في ترجمته للجاثليق حنانيشوع، ذكر أنه قيل إن هذا الأمير هو عبد الملك بن مروان، وذكر أبو الرحيان البيروني أيضاً ذلك، وقال إن العباديين في مدينة الحيرة صاموه بسبب الأمير والبنات العذارى، لكنه نسبه إلى أمير الحيرة قبل الإسلام في زمن معركة ذي قار. (مخطوط عبديشوع الصوباوي، فهرس مخطوطات دير مار مرقس، مجمع السريان الشرقيين، ص340. وابن العبري، تاريخ المفارنة، ص30، البيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص279. وطبعاً البيروني يُسَمِّي مواعيد صوم النساطرة وشهورهم وسنيهم، سريانية، لا آشورية ولا كلدانية).

 

أمَّا السريان الأرثوذكس، فيذكرون أن أشعار مار أفرام السرياني +373م تذكر تضرعات وصوم للمؤمنين تُقام ستة أيام في وقت الشدة فقط، ثم خُفف في القرن السادس إلى ثلاثة أيام، وبعض السريان الأرثوذكس كان يصومونه من الاثنين إلى صباح السبت ويُسمُّونه جمعة نينوى. (البطريرك زكا عيواص، بحوث لاهوتية، ج2 ص370. ومجلة الحكمة 1930م، ص62-64. ومجلة المشرق 1906م، ص175).

وحسب العلاَّمة السرياني الغربي (الأرثوذكسي) ابن الصليبي +1171م، في كتابه أرعوثو (المجادلات)، فإن المفريان أو الجاثليق ماروثا التكريتي +649م هو من وضع صوم نينوى الحالي بسبب انتشار الطاعون المذكور، ومن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية انتشر إلى بقية الكنائس (عن مخطوط قديم نُسخ بيد القس كبرئيل قيا سنة 1997م، ابن الصليبي، المجادلة ضد الخلقيدونيين، سرياني، 5-6).

 

ولأن الأقباط والسريان والأرمن الأرثوذكس هم تاريخياً كنيسة بإيمان مشترك واحد، ففي التاريخ تبوأ أو تَقلَّدَ بطريركية أنطاكية السريانية، بطريركان قبطيان، وتقلَّدَ بطريركية الإسكندرية القبطية، خمسة بطاركة سريان، وسنة 975م تَقلَّد كنيسة الإسكندرية القبطية البطريرك أفرام بن أبي زرعة، وهو سرياني أصله عراقي من مدينة بغديدا أي قرقوش أو الحمدانية، وعندما حَلَّ صوم نينوى، صامه البطريرك كعادته، فتعاطف معه المؤمنين الأقباط واقتدوا به واستمروا من يومها يصوموه، ويُسمَّونه (صوم يونان)، أمَّا الأرمن فالأرجح أنهم أخذوه عن السريان، ويُسمَّونه (صوم سركيس) نسبةً إلى أحد قديسيهم، وتذكر بعض المصادر أن الصوم لدى الأرمن كان خمسة أيام (القس منسى يوحنا، تاريخ الكنيسة القبطية، ص377. ومجلة الحكمة، القدس 1930م، ص62-64).

وشكراً/ موفق نيسكو

Yusuf Beğtaş 3
Kendini Beğenmişlik ve Ruhun İletişimi

Kendini Beğenmişlik ve Ruhun İletişimi

Hayatın gailesi ve akışı içinde farkında bile olmadığımız ama sıkıntıları çoğaltan ve hayatı zindana çeviren bazı tutumlar vardır. O tutumları tetikleyen nedenleri -(veya kavramları)- bilmeden o olumsuz durumu tedavi etmek, iyileştirmek mümkün değildir.

Oysa insanın içinde çağlayan bir sorumluluk duygusu varsa, aldırmazlık yapamaz. Kendine ve hayata yardım ederek, kendi fıtratına ve varoluşsal özüne sadık kalır. Çünkü vicdan umursamaktır, aldırış demektir. İçimizin derinliklerinden gelen ve bizi ahlaka çağıran bu aldırış ve umursama sesidir. Hümanist psikolojisinin önemli isimlerinden biri olan yazar Rollo May (1909-1994) konuya şöyle değinir: ‘‘Sonlu olduğumuz gerçeği, aldırışı mümkün kılar. Aldırış aynı zamanda vicdanın kaynağıdır. Vicdan aldırışın çağrısıdır ve kendini aldırış olarak gösterir.’’

قراءة المزيد

صحوة سريانية لبطريركي الآشوريين والكلدان

صحوة سريانية لبطريركي الآشوريين والكلدان

 

بدايةً أكرر ليس المقصود من كلامي الترويج لاسم معين، بقدر ما هو مقال لدليل دامغ جديد يُثبت صحة ما أقوله وأكتبه وأوثّقه منذ عشرين سنة عن تصحيح مسار والدفاع عن تاريخ العراق عموماً وتاريخ المسيحية فيه خاصةً، الذي قام بتزويره وتشويهه بعض رجال دين ومثقفين من جماعتين مسيحيتين سريانيتين، خدعمها الاستعمار الغربي لأغراض عبرية، سياسية، طائفية، تميزية، فانتحل واستورد لهما اسمين من تاريخ العراق القديم، حيث قامت روما بتسمية الطرف السرياني النسطوري المذهب الذي تكثلك، كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز 1830م، ثم قام كامبل تايت رئيس أساقفة كانتربري الإنكليزي سنة 1876م بتسمية الطرف السرياني الذي بقي نسطوري المذهب، آشوريين، وثبت اسمهم كنسياً في 17 تشرين أول 1976م، ومنذ حوالي 200 سنة، ضحك بعض رجال الدين ومثقفي الجماعتين السريانيتين على أنفسهم والناس البسطاء باستغلال اسمين منتحلين وخطف تاريخ العراق وربط أنفسهم زوراً بالآشوريين والكلدان القدماء، والادعاء أنهم الوحيدون سكان العراق الأصليين ووريثي وسليلي نابو بلاصر ونبوخذ نصر وآشور بانيبال وسنحاريب..إلخ، وتحالفوا مع روما وإنكلترا وفرنسا ثقافياً ودينياً وعسكرياً، فزوَّرا وشوهوا تاريخ العراق المدني والديني بما فيه الكتاب المقدس نفسه، لكي يقنعوا البسطاء أنهم فعلاً كلدان وآشوريون، لكن دون جدوى، حيث تصدى لهم الكتاب والباحثون الذين يعرفون حقيقتهم، ومنهم أنا، واعتقد إن ما كشفناه وقلناه وكتبناه حولهم بدأ يأتي ثماره، لأنه الحقيقة التاريخية الدامغة، فلا يمكنك أن تخدع كل الناس كل الوقت.

فقبل يومين، وبتاريخ 16/ 12/ 2022م، انتهى المؤتمر الأول لبطاركة الكنائس ذات التراث السرياني، الذي انعقد في لبنان بدعوة ورئاسة بطريرك السريان الأرثوذكس إغناطيوس أفرام الثاني كريم، وحضر وشارك في المؤتمر خمسة بطاركة سريان، منهم بطريرك الآشوريين أوا الثالث وبطريرك الكلدان ولويس ساكو اللذان وقعا على البيان الختامي (البطريرك ساكو أرسل مطران مثَّله، لكنه شارك في النقاش عبر الإنترنيت، ووقع البيان)، كما حضر المؤتمر بطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف يونان، وبطريرك الموارنة بشارة الراعي لأن الموارنة أيضاً سريان، واسم كنيستهم الرسمي في التاريخ والى اليوم (الكنيسة المارونية الأنطاكية السريانية)، وأرجو الملاحظة والانتباه أن المؤتمر شمل بطاركة السريان فقط، لذلك لم يشارك الأقباط أو الأرمن أو غيرهم من المسيحيين، علماً أنهم يشاركون في منظمة Pro Oriente المذكورة في البيان أيضاً، وهي منظمة للحوار السرياني العقائدي.

وفي كلمته تطرّق بطريرك الآشوريين آوا الثالث إلى ما يحمله هذا اللقاء من نفحة أمل وعلامة رجاء لأبناء كنائسنا، وإلى الثمار التي سيحصدونها منه.

أما بطريرك الكلدان لويس ساكو فأشار إلى التحدّيات التي تجابهها كنائسنا في بلاد الشرق، والفوائد الجمّة من نشر التراث السرياني المشترك وتعريف العالم به.

والمهم في البيان الختامي للمؤتمر الموقَّع من بطريركي الكلدان ساكو، والآشوريين آوا، كل شي هو سرياني، ولا يوجد شيء اسمه آشوري أو كلداني مطلقاً، حيث يقول البيان إن المجتمعين: تراثهم هو سرياني، الإرث السرياني، والجميع شعب واحد بتراثه السرياني، الإيمان السرياني، اللغة السريانية، تعاليم الآباء والقديسين السريان، الروحانيات السريانية، متابعة شؤون الأبناء والحضور السرياني في بلاد الانتشار، نشر الوعي لتعزيز الهوية السريانية، الدارسات السريانية، إقامة مؤتمرات سريانية Symposium Syriacum.

فهل بعد هذا البيان قيمة لكلام شخص متكلدن أو متأشور يأتي ويدعي زوراً أنه سليل الآشوريين والكلدان القدماء؟.

نتمنى من البطريركين السريانيين آوا وساكو باسميهما الحديثين الآشوري والكلداني أن تكون يتخذوا خطوات صحيحة أخرى لاحترام تاريخ العراق وتاريخهم وتراثهم ولغتهم وثقافتهم وعدم الانتباه لبعض السياسيين أو المتعصبين الذين يجهلون التاريخ فيعتقدون فعلاً أنهم آشوريون وكلدان. وشكراً/ موفق نيسكو

 

نص البيان لمن يرد قرأته

https://www.syr-cath.org/news/display/4589

 

 

بيان الأقباط والسريان والأرمن يؤكِّد كلامي عن النساطرة

https://www7.0zz0.com/2022/10/23/18/189360521.png

ذكرتُ أكثر من مرة، منها قبل عدة أيام في مقالي (مصر والأزهر والسريان)، بالحرف الواحد: إن كنيسة السريان (بضمنها الهند)، والأقباط (بضمنها أثيوبيا وأرتيريا)، والأرمن، هي كنائس بإيمان مشترك واحد عبر التاريخ منذ سنة 451م، ويأتي بيان رؤساء الكنائس الثلاثة المجتمعين في وادي النطرون قبل ثلاثة أيام 18-20 تشرين 1 الحالي اليوم، ليؤكد كلامي.

لكن المهم في مقالي هذا هو أمر آخر ربما يُخفى على الكثيرين ويجب كشفه وهو تشويه تاريخ العراق ومنه تاريخه المسيحي الذي يقوم بتزويره فئة من السريان النساطرة لأغراض عبرية وسياسية وطائفية، وأتمنى من القراء الكرام أن لا يُفهم قصد مقالي هذا أو غيره أو كتبي، أنه دعاية للديانة المسيحية، أو تفضيل مذهب مسيحي على آخر، فأنا علماني، وكل قصدي هو كشف الأهداف المخفية لمن يدَّعون زوراً أنهم آشوريين وكلدان، ليس على مستوى الاسم فقط، بل على مستوى العقيدة أيضاً.

فقد أكد بيان رؤساء كنائس السريان والأقباط والأرمن أن النسطورية هي هرطقة، قائلين: إن الكنائس الثلاثة متمسكة تمسكاً راسخاً بتراثها الروحي ووحدتها في الإيمان النابع من الكتاب المقدس، والمعبّر عنه في المجامع المسكونية الثلاثة: نيقية (325م)، القسطنطينية (381م)، وأفسس (431م)، وهي متمسكة بتعاليم آبائها القديسين، وما رفضته كنائسهم من هرطقات على مدى تاريخها، ويذكر البيان العلاقات مع جميع الكنائس: الكاثوليك، الأرثوذكس البيزنطيين، الأنكليكان، الإنجيليين، وغيرهم، باستثناء النساطرة الآشوريين لأنهم يعتبرونهم هراطقة (ملاحظة: مجمع افسس 431م هو الذي حرم نسطور وهرطقته، وكان برئاسة كيرلس بابا أو بطريرك الأقباط).

ولشرح ذلك أقول: المعروف أن أغلب سريان العراق خاصة شرق الفرات الذين كان مقرهم ساليق، قطسيفون (المدائن) اعتنقوا عقيدة نسطور وانفصلوا سنة 497م عن كنيسة أنطاكية السريانية تحت ضغط الفرس، ولذلك تُسمَّى كنيستهم في التاريخ الكنيسة الفارسية، ويقول الأب د. يوسف حبي الكلداني: إن اسم الكنيسة الفارسية طغى على كنيستنا في كثير من العهود، وكثير من قديسهم إلى اليوم لقبهم هو الفارسي، وهناك عشرات الكتب باسم، كنيسة فارس أو الكنيسة الساسانية، والمهم، هؤلاء عاشوا كل تاريخهم محرومين وفي عزلة تامة عن كنائس العالم، واشتهروا في التاريخ باسم النساطرة خاصة في ضل الحكم الإسلامي، وفي سنة 1553م انضم عدد كبير منهم إلى الكثلكة، فسمتهم روما، كلداناً، استناداً لكلمة أطلقها البابا اوجين الرابع على السريان النساطرة، وثبت اسمهم كلداناً في 5 تموز 1830م، وأصبحوا من أشد الحاقدين على النسطرة باعتبار أنهم اهتدوا إلى الصراط المستقيم الكاثوليكي، واستمر الباقون على العقيدة النسطورية، حيث سمَّاهم الإنكليز آشوريين سنة 1876م، وانشقت كنيستهم إلى قسمين سنة 1968م، وثبت اسم الآشورية على جزء واحد فقط في 17 تشرين أول 1976م، وفي كلا التسميتين كانت روما والإنكليز تقول لهم إن اسم الكلدان أو الآشوريين أفضل من نساطرة، لأن الأخير يدل على هرطقة، والمهم أن كنيسة الكلدان هي كاثوليكية، لكنها ليست نقية تماماً، بل تعتمد على الشخص سواء رجل دين أو علماني حيث يحنُّ أحياناً أو يتعلق ببعض تراثه القديم كبطريرك الكلدان الحالي ساكو الذي له أفكار نسطورية واضحة، وكثير من العلمانيين الكلدان أيضاً يحنون لتراثهم النسطوري القديم، ونترك المتكلدنين من النساطرة المتكثلكين، ونأتي للنساطرة المتأشورين، الذين هم قصد مقالنا.

منذ أن قام الإنكليز بتسميتهم آشوريين، بدؤوا بعمل سياسي وحملة دعاية قوية جداً لترويج اسمهم الآشوري المُنتحل ، باعتبار أنهم سليلو الآشوريين القدماء، ولكي يعززوا من موقفهم العقائدي النسطوري الضعيف، رافق تلك الحملة دعاية أخرى هي الترويج أنهم كنيسة رسولية عظيمة ومهمة، ونسطور كان مظلوماً، وعقيدته ليست هرطقة، واليوم أصبح معترفاً بعقيدة نسطور..إلخ، وقاموا بعمل لقاءات دعائية واستعراضية وتوقيع بيانات عقائدية مع كنيسة روما آخرها سنة 1994م الذي رغم أن النساطرة تنازلوا واعترفوا بلقب أم الله لمريم العذراء، وبطبيعة السيد المسيح حسب إيمان روما، لكن مع ذلك تأسفت روما للاشتراك معهم بالقداس لأن إيمانهم ليس كاملاً (أي لا زالوا نساطرة هراطقة)، أمَّا على الصعيد الكنسي في الشرق الأوسط، فقاموا عبر قنواتهم الإعلامية والمواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي بعمل دعاية قوية جداً للعقيدة النسطورية، مُدعين زوراً أن عقيدتهم أصبحت مقبولة، وأن الحرومات قد أُلغيت، وكنيستهم أعظم وأقدم وأصح كنائس العالم، مستدعين وكالعادة شخصيات غربية متعاطفة معهم أو شخصيات متأشورة للدفاع عن صحة العقيدة النسطورية، وقاموا بتغيير اسمهم عدة مرات في لبنان وسوريا والعراق وغيره، من نسطوري إلى آشوري، ونتيجة اختلاط اسمي آشوريين وكلدان المزورين، فإنهم في لبنان سمَّوا أنفسهم الكلدان الآشوريين النساطرة، ثم آشوريين فقط، وأرثوذكس، والطريف أن العراق والمفروض أنه الأهم لأنه هو المستهدف باعتباره بلاد آشور، لكن لأن عملية التزوير دائماً يصاحبها تخبط، فقد كان العراق آخر دولة تغير فيها الاسم من نسطوري إلى أثوري في 17/آب/ 1993م، كما في الوثائق المدرجة أسفل المقال، مع ملاحظة أنه في العراق تم تغيير اسمهم إلى أثوري، وليس آشوري، وهو الصحيح، وقد تم ذلك حسب طلبهم هم الذين يقولون فيه: (اسمنا بالسريانية هو أثوري)، وهو تأكيد آخر أنهم سريان باسم آشوري مزيف، علماً أن صيغة آشوري هي عبرية، أمَّا بالعربية والسريانية، فأثوري، ولا توجد كلمة أشوري في التراث العربي القديم مطلقاً).

وأخيراً من المعروف أن موقف الأقباط متشدد جداً منهم، حيث منعوا النساطرة من الحصول على مقعد في مجلس كنائس الشرق الأوسط، وعندما تسأل النساطرة المتأشورين لماذا لستم عضوا؟، أجابوك بسبب الفيتو القبطي، والطريف أن النساطرة غالباً يصفون الأقباط في كتابتهم بكلمات غير لائقة، ويُعيرون فقرائهم العاملين في بعض مجالات الخدمة العامة، والسؤال كيف لكنيسة الأقباط الفقيرة، تستطيع منع كنيسة عظيمة وشعب يدَّعي أنه سليل سنحاريب وآشور بانيبال وسركون الذين دوَّخوا العالم ووصلوا إلى مصر، والخلاصة أن كنيسة النساطرة المتأشورين لا تزال تعتبر هرطوقية من أهم كنائس الشرق الأوسط الذين يعيشون معهم، وهم الأقباط (بضمنهم (أثيوبيا وأرتيريا)، والسريان (بضمنهم الهند) والأرمن، وليس كما يحاول الترويج له النساطرة المتأشورون مُدَّعين أنهم مقبولون من المسيحيين الآخرين. وشكراً/ موفق نيسكو

البيان المشترك لكنائس الأقباط والسريان والأرمن
في مساء يوم الأربعاء 19 تشرين الأول 2022، ومن بعد اجتماعهم الثالث عشر، قام أصحاب القداسة رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط: قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، وقداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وقداسة الكاثوليكوس آرام الأول، كاثوليكوس بيت كيليكيا الكبير، بتوقيع البيان الرسمي المشترك، بعدها تبادل أصحاب القداسة الهدايا التذكارية، وفيما يلي نصّ البيان: اللقاء الثالث عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط بمركز لوجوس للمؤتمرات بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون- مصر 18– 20 أكتوبر / تشرين الأول 2022م.

‎باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
‎”مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.” (2كو1: 3، 4).
‎نحن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير، نشكر الله لأنه منحنا أن نجتمع معاً في الاجتماع الرسمي الثالث عشر لرؤساء كنائسنا منذ عام 1998م، وفى إطار شركة الإيمان القائمة منذ القرون الأولى للمسيحية، إن كنائسنا الثلاث منذ فجر المسيحية يجمعها التراث الرسولي المشترك والإيمان الواحد متمسكة تمسكاً راسخاً بتراثنا الروحي ووحدتنا في الإيمان النابع من الكتاب المقدس، والمعبّر عنه في المجامع المسكونية الثلاثة الأولى: مجمع نيقية (325م)، مجمع القسطنطينية (381م)، مجمع أفسس (431م)، وتعاليم آبائنا القديسين وما رفضته كنائسنا من هرطقات على مدى تاريخها، إننا ندعم مسيرة كنائسنا بالقرارات والتوجهات التي تصدرها في سياق خدمتنا المشتركة لكنائسنا في العالم وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث الشهادة المسيحية منذ العصر الرسولي، وما تسلمناه من آبائنا وقديسينا وشهدائنا ونحافظ عليه بكل حرص كوديعة مقدّسة لجميع الأجيال، ولقد تناولنا بالبحث والدراسة المواضيع ذات الاهتمام المشترك واستمعنا إلى تقرير اللجنة الدائمة:

‎أولاً: الوجود المسيحي في الشرق الأوسط.
‎إن الوجود المسيحي كان وسيبقى من أكثر همومنا ومشاغلنا. فقد تدارسنا بعمق أهمية هذا الوجود وضرورة تقويته، وبحث الآليات الممكنة لتثبيت أبنائنا في بلادهم، وتعهدهم بالرعاية التي تساهم في تثبيتهم في أوطانهم، والحدّ من نزيف الهجرة إلى دول الانتشار بسبب الصراعات القائمة والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم وبخاصة في شرقنا الأوسط، نصلي من أجل أبناء أوطاننا المتألمين بسبب هذه الأزمات التي تطال المعيشة اليومية لجميع مواطني بلادنا في الشرق الأوسط، فيما تسعى كنائسنا إلى تقديم الشهادة المسيحية عبر توفير الخدمات الاجتماعية لجميع المحتاجين. منوهين بدور أبنائنا في بلاد الانتشار في تمكين كنائسنا لتقوم بواجبها الرعائي في المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية خدمةً لأبنائنا، نستمر في الصلاة إلى الله من أجل كشف مصير المطرانَيْن المخطوفَيْن مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، وبولس يازجي مناشدين أصحاب النوايا الحسنة والمجتمع الدولي لبذل الجهود في هذا المجال.

‎ثانياً: الحوارات والعلاقات مع العائلات الكنسية الأخرى:
‎أ. الحوار مع العائلة الأرثوذكسية البيزنطية:
‎ا- توقف الحوار منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 1993م، ثم تمَّ لقاء مجموعة عمل من ممثلين رسميين للكنائس من العائلتين في أثينا ـ اليونان 24ـ25 نوفمبر 2014م، الذي وضعوا فيه خارطة طريق للعمل المستقبلي للجنة الحوار المشترك اللاهوتي الرسمي بين العائلتَيْن. إضافةً إلى الاجتماع الذي عُقد بين الرئيسَيْن المشاركَيْن نيافة المطران عمانوئيل والمُتنيّح الأنبا بيشوي في 12 نيسان\ابريل 2018م بضيافة وحضور قداسة الكاثوليكوس آرام الأول في أنطلياسـ لبنان، حيث تم فيه مناقشة التطورات الخاصة بالحوار اللاهوتي الثنائي والإعداد لِلقاءٍ لكامل أعضاء اللجنة المشتركة وذلك لتنشيط الحوار، وعليه نوصي بمتابعة هذه الجهود ونكلف نيافة الأنبا توماس، أسقف القوصية ومير بالتواصل مع نيافة المطران عمانوئيل الرئيس المشارك للحوار لمتابعة هذا الأمر.
‎2- أخذنا عِلماً باللقاءات التي تمت في لجنة التعاون بين الكنيسة الروسية الأرثوذكسية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية وذلك في مجال الخدمة الاجتماعية وخدمة الدياكونية وتبادل الزيارات الرهبانية والخدمة الرعوية للروس بمصر والأقباط الأرثوذكس في روسيا.
‎كذلك ما تم بين الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الروسية الأرثوذكسية من لقاءات في إطار لجنة العمل المشترك التي تشكلت بين الكنيستَيْن، لكي تبحث في مجالات الخدمة الاجتماعية والإنسانية، المجال الأكاديمي، المجال الثقافي والحضاري، مجال خدمة الشبيبة، الحياة الرهبانية، والمجال الإعلامي.
‎ب. الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية:
‎نُثني على تقدّم واستمرار الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية والذي تتم فيه مناقشة عدّة مواضيع تخص الأسرار السبعة للكنيسة والسيدة العذراء مريم في الكتاب المقدس والتقليد الكنسي (الماريولوجي)، ونصلّي من أجل نجاح الاجتماع المقبل الذي سينعقد بمركز لوجوس للمؤتمرات بالمقر البابوي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون- مصر، خلال المدة من 29 يناير\كانون الثاني إلى 5 فبراير\شباط 2023م.
‎ج. الحوار اللاهوتي مع الكنيسة الأنجليكانية:
‎منذ أن تم استئناف الحوار مع الكنيسة الأنجليكانية عام 2013م، تم التوصُّل إلى عدة اتفاقيات تدرسها الكنائس، ونوصي باستمرار هذا الحوار.

‎ثالثاً: المجالس المسكونية :
‎1- مجلس كنائس الشرق الأوسط:
‎نشكر الله الذي سمح أنْ تُعقد الجمعية العامة الثانية عشر لمجلس كنائس الشرق الأوسط بمصر لأول مرة خلال المدة من 16 – 20 مايو / أيار 2022م في مركز لوجوس للمؤتمرات الذي هو دليل ساطع على حيوية الكنيسة القبطية في الشرق الأوسط والعالم، وفي نفس الوقت فخر للكنيسة القبطية ولكل العائلة الأرثوذكسية الشرقية. حضر هذه الجمعية من رؤساء الكنائس ستة عشر بطريركاً ورئيس كنيسة وقد كان لهم لقاء مع فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وبحسب القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس تم انتخاب رؤساء المجلس وأعضاء اللجنة التنفيذية، إذ سيُمثّل عائلتنا في المجلس ولمدّة أربع سنوات حتى 2026م: نيافة الأنبا أنطونيوس مطران القدس والكرسي الأورشليمي رئيساً عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية، ومعه خمسة أعضاء باللجنة التنفيذية بالإضافة إلى عضوَيْن رديفَيْن، ونصلي من أجل نجاح أعمال المجلس وتوفيقه.

‎2- مجلس الكنائس العالمي:
‎نشكر الله الذي سمح بعقد الجمعية العامة الحادية عشر بمدينة كارلسرويه بألمانيا خلال المدة من 31 أغسطس/ أب – 8 سبتمبر /أيلول 2022م، وقد مثَّلت كنائسنا وفود كان لها حضورها، وخلال هذه الجمعية العامة تم انتخاب قداسة الكاثوليكوس آرام الأول كأحد رؤساء مجلس الكنائس العالمي عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية، وتم انتخاب نيافة الأنبا توماس أسقف القوصية ومير، عضواً باللجنة التنفيذية، كما تمَّ انتخاب خمسة أعضاء يمثلون كنائسنا في اللجنة المركزية، ونؤكد على دعم كنائسنا لمجلس الكنائس العالمي في رسالته المسكونية ودعوته لصنع السلام من خلال الحوار والسعي لنقل العالم إلى المصالحة، ونبذ الكراهية وقبول الآخر، كما ندعم الإجراءات التي تسهم في الحفاظ على المناخ والبيئة، وفي هذا السياق نُشيد بانعقاد مؤتمر المناخ COP 27 في شهر نوفمبر القادم في مدينة شرم الشيخ- مصر.

‎رابعاً: أخبار كنائسنا:
‎عرضنا لأهم الأنشطة التي تمت في كنائسنا والسيامات الأسقفية وتقديس الميرون وتدشين الكنائس في بلاد الشرق والمهجر، والاهتمام بالميديا المسيحية الكنسيَّة (القنوات الفضائية المسيحية) ولقاءات الشبيبة المحلّية والعالمية، والاهتمام بالمعاهد اللاهوتية والمراكز الثقافية ومراكز التربية الدينية ومدارس الأحد، والزيارات الرعوية والزيارات الرسمية للمسؤولين، وناقشنا شؤون أبنائنا في الشرق الأوسط وما يعانون منه ويكابدونه من ضغوطات وصعوبات الحياة على الأصعدة كافةً، ونهنئ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بالاحتفال بمرور ألف وخمسمائة عام على نياحة القديس مار يعقوب السروجي مِلْفان (معلِّم) الكنيسة.

‎خامساً: الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بالهند:
‎استمعنا إلى تقرير حول وضع الكنيسة السريانية في الهند واطلعنا على جهود البطريركية السريانية الأرثوذكسية من أجل الوفاق والتقارب وإيجاد حل لهذه المشكلة.
‎ونصلي من أجل نجاح جهود المصالحة وضمان حرية المؤمنين في ممارسة عبادتهم في كنائسهم

‎سادساً: الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية :
‎نشكر الله على اللقاء التاريخي الذي تمّ يوم السبت الموافق 9 يوليه / تموز 2022م، حيث التقى قداسة البابا تواضروس الثاني بقداسة أبونا كيرلس الأول بطريرك الكنيسة الإريترية وذلك بالمقر البابوي بالقاهرة وبدأت صفحة جديدة في العلاقة بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الإريترية الأرثوذكسية.

سابعاً: قضية دير السلطان بالقدس التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية:
‎تألمنا للأحداث التي تمَّت مؤخراً في قضية دير السلطان بالقدس التابع للكنيسة القبطية والذي استولى عليه رهبان إثيوبيون ومحاولات وضع العلم الإثيوبي خلال احتفالات عيد القيامة لمحاولة اثبات ملكيتهم، ونحن نؤيد ونساند الكنيسة القبطية في أحقّيتها بملكية هذا الدير القبطي التاريخي.

‎ختاماً: نشكر الرب الإله لقيادته إيانا في مناقشاتنا وقراراتنا كافة، ونسأله أن يفيض فينا دائماً قوةً وشجاعةً وحكمة لنعمل من أجل وحدة كنيسته التي اقتناها بدمه الكريم، وأن نُحافظ على قطيع المسيح الذي اؤتمنّا عليه، كما نصلّي من أجل الأمن والسلام والعدل والاستقرار في العالم أجمع، وخاصةً في شرقنا الأوسط الحبيب مهد المسيحية والذي نحن من جذوره حضارياً وثقافياً ولنا دوراً أساسياً هاماً فيه على الأصعدة كافة، ولهذا نكرّر دعوتنا لأبنائنا أن يظلّوا ثابتين ومتجذّرين كلٌ في وطنه مقدّمين شهادة حيّة عن إيماننا المسيحي بالمحبة والتسامح والعيش المشترك مع إخوتنا في الإنسانية وشركائنا في الوطن، نشكر كل الجهات التي تعاونت معنا في تسهيل إقامة هذا الاجتماع، كما نشكر أيضاً الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على استضافتها لنا، المجد للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين.

حرب المتأشورين على اسم سوريا منذ سنة 1897م

لا توجد دولة على وجه الأرض وفي كل التاريخ كُتب عن اسمها مثل سوريا، ولم تشهد دولة في التاريخ صراعاً على اسمها مثل سوريا، فقد كُتب عن اسمها مئات الكتب والمقالات والآراء، منها لعلماء ومؤرخين مشهورين مثل: نولدكه، روالنصون، كاترومير، أرنست رينان، سيلدان، فراي، جون جوزيف، جان موريس فييه، فرانس روزنثال، شفارتس، تفندتس، روبرت رولينغر، إزابيلا بيشوب، بابولا، ليتمان، فيليب حتي، جواد بولص، فولوس غبريال وكميل البستاني، أسد رستم، أنيس فريحة، يوسف الدبس، فاروق إسماعيل، شاكر خصباك، أدي شير، اسحق ساكا، وغيرهم كثيرون، والحقيقة هو ليس صراعاً، بل هي حرباً فكرية وسياسية ضد اسم سوريا شنها السريان النساطرة في أروميا إيران، وهكاري تركيا، وشمال العراق، الذين سَمَّاهم الإنكليز آشوريين سنة 1876م لأغراض سياسية وطائفية وعبرية، مطالبين بإقامة إقليم آشور شمال العراق وجزء من سوريا وتركيا أيضاً.

 

أمَّا لماذا هذا الصراع على اسم سوريا: فالمعروف أن السريان هم الآراميون تحديداً وليس غيرهم، وهم سكان سوريا القدماء التي كان اسمها بلاد آرام، وعاصمتها آرام دمشق، واسم آراميون وسريان هما اسمان مترادفان في كل التاريخ على الإطلاق مثل هنكاريا والمجر، أثيوبيا والحبشة، إيران فارس، ألمانيا تسوكلند والقوط، فرنسا بلاد الغال..إلخ، وبما أن السريان النساطرة الذين انتحلوا اسم الآشوريين حديثاً على يد الإنكليز، اسمهم كسريان مرتبط بسوريا وليس بآشور، فقد بدئوا بشن حرب ضروس على اسم سوريا، مخترعين نظرية الاشتقاق المضحكة، معتبرين أن اسم سوريا مشتق من آشور (وباللغة الانكليزية فقط، وليس بلغتهم الأم التي هي الأصل)، قائلين أن اسم سوريا الأصلي وبالإنكليزي هو (Assyria)، لكن حرفي As سقطا، وأصبحت (Syria)، لذلك فسوريا والسريان هم الآشوريون، وانتقلت عدوى التـأشور إلى بعض السريان الساكنين قرب شمال وغرب العراق في تركيا وسوريا بين ديار بكر وطور عبدين والقامشلي الذين تعاطفوا مع متأشوري العراق وإيران، فصدقوا أنهم فعلاً أحفاد الآشوريين القدماء، والحيلة الأخرى التي يعتمدها هؤلاء المتأشورين، أنهم يطبقون نظريتهم على السريان المسيحيين فقط ويُسمُّونهم آشوريين، والسؤال المحرج لهم الذي يهربون منه: إذا كان اسم سوريا والسريان مشتق من آشور، فلماذا في مقالتهم وقنواتهم الإخبارية لا يُسمُّون سوريا، الجمهورية الآشورية، ودمشق عاصمة بلاد آشور، ومثلاً قام الرئيس الآشوري بشار الأسد بزيارة حمص؟.

 

لقد بدأت الحرب على اسم سوريا عندما اعتمد المتأشورون على مقالة نُشرت في آذار 1897م في جريدة زهريرا دبهرا للكاتب السرياني النسطوري ميرزا مصروف خان كرم من أروميا في إيران، الذي ساوى بين كلمتي آشوريين وسريان لأول مرة في التاريخ، معتمداً على كتاب الرحَّالة المبشرة الإنجيلية الإنكليزية ابنة الكاهن الأنكليكاني وزميلة جمعية الجغرافية الملكية الإنكليزية، ايزابيلا بيشوب (1831-1904)، التي زارت منطقة السريان النساطرة في أورميا سنة 1889م، وألَّفت كتاب بجزين طبع في لندن سنة 1891م بعنوان: الرحلات إلى فارس وكوردستان والصيف في منطقة أعالي الكارون وزيارة النساطرة في مناطق الرايات.

Journeys In Persia And Kurdistan Including A Summer In The Upper Karun Region And A Visit To The Nestorian Rayahs

وقد لاحظت إيزابيلا أن هؤلاء السريان النساطرة لديهم اضطراب بين اسمهم الحقيقي السريان، واسم الآشوريين الذي اخترعه لهم حديثاً رئيس أساقفة كانتربيري الإنكليزي، فكتبت في ج2 ص235 فصلاً عن مدينة أورميا، سمَّتها المدينة السريانية (city Syrians)، ونتيجة اضطراب الاسم كَتبتْ في ص237 فصلاً بعنوان مثير للانتباه هو: (The Syrians or Assyrians السريان أو الآشوريون)، ركَّزت فيه بوضوح على أن الاسم الحقيقي لهؤلاء المتأشورين هو السريان، والاسم الآشوري اخترعه حديثاً لهم رئيس أساقفة كانتربيري لأغراض سياسية، وأقنعهم بأنه أفضل من اسم النساطرة الذي له مدلول هرطوقي لأنه نسبةً لنسطور المحروم من الكنيسة سنة 431م، وقالت: أنا أكتب عن مسيحيي أورميا بأنهم (سريان Syrians)، وهو الاسم الذي يطلقونه على أنفسهم، ونحن نعرفهم في المنزل أنهم نساطرة، وهذا الاسم يُطلقه عليهم الغرباء، وأنا لا أعرف لماذا يجب علينا استعمال تسمية فيها وصمة عار تدل على بدعة قديمة لإطلاقه على أمة، والرئيس الحالي لأساقفة كانتربري جاء بمصطلح الآشوريين لإطلاقه عليهم، وهذا المصطلح لا يُستعمل أبداً من قبلهم لإطلاقه على أنفسهم، كما لا يُستعمل من الآخرين، فالمسلمون يُسَمُّونهم نصارى، وهو اسم يُطلق عادة على المسيحيين السريان.

تَلقَّف عنوان الفصل المثير للانتباه أعلاه، ميرزا خان كرم (1862-1943م) وهو موظف كبير ومثقف سرياني نسطوري في أورميا/ إيران، وكتب مقالاً بالسريانية عنوانه: (ܡܠܟܘܬܐ ܕܐܬܘܪܝܐ ܝܢ ܕܐܣܘܪܝܐ ملكوتا داتوريا يان دآسورَيَا (الترجمة الحرفية: مملكة الأثوريين أو الآسوريين)، نشرهُ في جريدة زهريرا دبهارا السريانية في أورميا في 15 آذار سنة 1897م، عدد 48 ص35.

وطبعاً فُسِّر قصد ميرزا من السياسيين النساطرة أنه يعني (مملكة الآشوريين أو السريان)، وما قام به ميرزا هو أنه أضاف حرف الألف وحذف ياء النسبة من الكلمة السريانية (سُوريَيا ܣܘܪܝܝܐ، واختصرها سورَيَا ܣܘܪܝܐ) التي تعني السريان، لتصبح عنده (ܐܣܘܪܝܐ آسورَيَا)، على نهج إضافة حرفي AS بالإنكليزية لكلمة (Syrians سريان، لتصبح Assyrians أي آشوريين)، وهذه أول مرة في التاريخ كتابةً أو نُطقاً تظهر كلمة آسورَيَا بالسريانية بهذا التوصيف لتدل على الآشوريين، علماً أن كلمة آسوريا في قاموس الآشوريين والكلدان الحاليين معناها: رابط أو خشبة تُعلق في عنق الكلب (قاموس مطران الكلدان أوجين منا، دليل الراغبين في لغة الآراميين ص34)، وقد نسى المتـأشورون:   

 

أولا: إن أصل القوم هو كيف يُسمُّون أنفسهم بلغتهم، لا بلغة الآخرين كالانكليزية واليونانية، وكلمة سريان في لغتهم ونطقهم وقواميسهم هي (ܣܘܪܝܝܐ سوريَيا)، وتختلف حروفاً ونطقاً مع كلمة (أثوريين أو آشوريين ܐܬܘܪܝܐ) مثلما تختلف كلمة هندي عن صيني وياباني عن ألباني، والأمر الطريف للمتأشورين أنهم يطبقون نظرياتهم الاشتقاقية على وزن البعض أن شكسبير هو شيخ زبير، ومدينة سانت هوزي الأمريكية هي مدينة الإمام الحسين، أو يستعملون قاعدة، تعطيني غزال أعطيك غزال، تعطيني أرنب أعطيك غزال أيضاً، فهم عندما يترجمون كلمة (ܣܘܪܝܝܐ سرياني) من السريانية إلى اللغات الغربية كالإنكليزية، يترجمونها (Assyrian لتعني آشوري)، أمَّا إذا كان العكس وترجموا عبارة الملك سنحاريب الآشوري من الإنكليزية إلى السريانية، فيبقى سنحاريب (ܐܬܘܪܝܐ الآشوري، وليس ܣܘܪܝܝܐ السرياني)، وطبعاً يطبِّقون القاعدة عندما يترجمون من العربية للإنكليزية، حيث تُترجم كلمة سرياني إلى (Assyrian)، أمَّا العكس إذا ترجموا (Assyrian) للعربية، فتبقى آشوري، وللطرفة أحياناً يستعملون طرق رياضية لكن باتجاه واحد فقط، فيكتبون كلمة (ܣܘܪܝܝܐ سريان = Assyrian)، لكن عندما تُعكس المعادلة، فكلمة (Assyrian = ܐܬܘܪܝܐ آشوري).

    

ثانياً: إذا افترضنا جدلاً أن اسم سوريا مشتق من آشور، فذاك لا يعني أن السوريين والسريان هم آشوريون، فلا علاقة لاشتقاق أو تقارب الأسماء بهوية الشعب، بل حتى لو تطابق اسمان 100 بالمئة، فذاك لا يعني أن الشعب الثاني منحدر من الأول، مثل اسم الروم المشتق من الرومان وروما اللاتينية والذي أُطلق على اليونان البيزنطينيين أيضاً، لكن الروم اليونان البيزنطينيين ليسوا رومان أو لاتين، وكثير من الأسماء متقاربة أو مشتقة من بعضها، فمثلاً الراجح أن اسم العراق وإيران من كلمة فارسية واحدة هي (إيراك)، لكن العراقيين ليسوا فرساً، واسم الحبشة نسبةً لقبيلة حبشت العربية، لكن الأحباش ليسوا عرباً، واسم عبري وعربي من جذر كلمة واحدة، واسم الأفرنج يُطلق على كل الغربيين لكنه يعني حرفياً الفرنسيين، علماً أن الاسم أصلاً هو لقبائل ألمانية، واسم الكورد أو الأكراد أرمني، لكن الأكراد ليسوا أرمناً، واسم الأرمن من آرام، لكن الأرمن ليسوا آراميين أو سريان..إلخ.

 

ثالثاً: إن السريان هم الآراميون في التاريخ ويختلفون حسباً ونسباً، ثقافةً ولغةً، ملوكاً ونسلاً، جغرافيةً وتاريخاً، عن الآشوريين، بل أن الآشوريين الذين انقرضت دولتهم سنة 612 ق.م، كانوا ألد أعداء السريان الآراميين، في كل التاريخ المدني والكتاب المقدس أيضاً، فالآشوريون يفتخرون في سجلاتهم بغزو والتنكيل بالآراميين، وهنا سؤال مهم للمتأشورين: لماذا يقفون دائماً عند اسم السريان فقط لتبرير حيلتهم؟، ولماذا يهربون ولا يستطيعون الإجابة على سؤال أسوةً بإيران وفرنسا وإيطاليا وغيرها، وماذا كانت أسمائها السابقة، والسؤال المهم هو: من هم السريان وماذا كان اسمهم قبل أن يُطلق عليهم اسم السريان؟.

 

استمر التزوير على اسم سوريا والسريان حيث اعتمد المتأشورون الجدد على علماء ومستشرقين، والذين بالمناسبة لم يقل أحد منهم مطلقاً أن السريان هم الآشوريون، بل أكدوا أن السريان هم الآراميون، لكن المـتأشورين زوَّروا كلام وقصد العلماء ليغشوا القارئ والناس البسطاء، فذهبوا أولاً إلى اللغوي الفرنسي رينان الذي كان يتحدث عن آراء وعلاقات لغوية بين الأسماء، وليس عن هويات شعوب، فذكر هامشاً في كتابه (اللغات السامية/ 1858م)، إن اسم سوريا يُحتمل أنه مشتق من آشور، وأغفلوا أن كلام رينان أصلاً هو في فقرة عنوانها الرئيس والكبير هو: (الحقبة الآرامية) التي يقول فيها: (السريان هم الآراميون، وحتى بعد أن أُطلق اسم السريان عليهم، بقي استعمال الاسم الآرامي)، علماً أن رينان أدرج هذا الرأي في الهامش ص209، وهو ليس رأيه أصلاً، بل للباحث كاترومير الذي كان بدوره يناقش علاقات أسماء لغوية ببعضها أيضاً، ثم قام المتأشورون سنة 1897م بتزوير مقدمة قاموس المطران توما أودو، كنز اللغة السريانية ص9 الذي قال: (السريان هم الآراميون)، فقام أحدهم تحت اسم المدقق الذي اكتشفتُ أنا اسمه، بإضافة هامش آخر فيه هامش رينان: (إن اسم سوريا مشتق من آشور أو مختصراً له)، لكي يُفهم أن السريان هم الآشوريون، علماً أنه الهامش الوحيد في القاموس، ومن يومها انطلقت الحرب على اسم سوريا بشكل منظم وبمئات الكتب والمقالات كما ذكرتُ، وما تزال الحرب قائمة، علماً أن جميع الوثائق لميرزا وإزبيلا ورينان وكاتروميرو وغيرهم، موجودة في كتابي أسمهم سريان، لا آشوريون ولا كلدان، وسأكتفي بإدراج نص المدقق المزور ص9، وسأكتب عن الموضوع مستقبلاً.

وشكراً/ موفق نيسكو