تلامذة الميتم السرياني في اضنا قيليقيا حوالي سنة 1920

تلامذة الميتم السرياني في اضنا قيليقيا حوالي سنة 1920
Sardanapal Asaad
تلامذة الميتم السرياني في اضنا قيليقيا حوالي سنة 1920 ومن هذا الميتم خرج الكتاب والشعراء والادباء والقوميين السريان افواجا افواجا
ومن بينهم الموسيقار الرائد كبرئيل اسعد وعمي داؤد اسعد والشاعر والادباء فولوس كبرئيل ويوحنون سلمان وغطاس مقدسي الياس وابروهوم صومي وفيليبس تنورجي وغيرهم كثيرون …

الأعوام الستة من عام ١٩٦٠ الى ١٩٦٦

الأيام والسنون تمر وتبقى الذكريات تدغدغ احلام الماضي بما فيها من شجون… انها الأعوام الستة من عام ١٩٦٠ الى ١٩٦٦ حيث تخرجتُ حديثاً من المعهد الإكليريكي في الموصل
وعينني المثلث الرحمات مار ملاطيوس برنابا سكرتيراً للمطرانية ومديراً للميتم في حُمص.
ولا أكون مبالغاً اذا قلت ان كل الموجودين في هذه الصور هم في السماء مع الابرار الصالحين عدا كاتب هذه الأسطر الذي ينتظر موعده للقاء الرب في

Abdulahad Shara
السماء. It is a great memories to be remembered. It is some six years of service as secretary to the late archbishop Mor Malatius Barnaba of Homs and Hama and all surrounding Villegas between the years 1960 and 1966. I can say that all the clergy and the faithful people in these pictures are passed away except the writer of this post who is waiting for the call of the mercy Lord.

الأب الفاضل جوزيف موزر في ذمة الله.

الأب الفاضل جوزيف موزر في ذمة الله.
أهل رأس العين يعرفونه جيدا لأنه كان يزورهم كل صيف تقريبا. وهو صديق شخصي لأهل الشماس جليل بيكندي ، وبواسطتهم أصبح صديقا للكنيسة السريانية الأرثوذكسية . بنى علاقات طيبة بين الكنيسة السريانية الارثوذكسية في راس العين والكنيسة الكاثوليكية في ميونخ ـ ألمانيا ، من خلال دعم المدارس والأوقاف. فهو من جمع المال لبناء روضة ومدرسة قطف الزهور الحديثتين في مدينتهم . وله حسنات كثيرة على دير السيدة العذراء في تل ورديات , ومدارس الامل في الحسكة، ومركز البطريرك زكا الأول عيواص الثقافي.

الأب موزر كان يتقن العربية لأنه أمضى سنوات كثيرة في الجزائر ولبنان كأحد كهنة (رهبانية الآباء البيض) الكاثوليك .
انتقل اليوم الى الأخدار السماوية في مدينة ميونخ الألمانية عن عمر يناهز الثمانين عاما. أدناه رسالة تعزية للآباء البيض في ميونخ ، ولأهله الكرام.
رحمه الله وأسكنه فردوس النعيم صحبة الأبرار والقديسين ، وألهم أهله وزملاءه الرهبان نعمة الصبر والسلوان.

Father Rudi Hufschmid, (Housoberer),
The White Fathers in Münche,
Father Josef Moser Family,

Dear brothers and sisters in Christ,

I am so sad to hear of the loss of Father Josef Moser. What a wonderful priest and disciple of Christ he was. His mind and heart were attached to God throughout the days of his life. I knew him for more than two decades as a close friend who loved all people with no distinction.

His faith in Christ, his loving care for human lives, his diligence and honesty are truly inspirational. His example and teaching have shaped many lives he interacted with at his church work and in the community.

I will continue to remember him as a good example of Christ. St. Paul the Apostle acquires us to do so according to his letter to the Hebrews: “Remember your leaders, those who spoke to you the word of God. Consider the outcome of their way of life, and imitate their faith” (Hebrews 13: 7). Indeed, how delighted is Father Moser to join the choir of saints and righteous in heaven. He joyfully repeats with St. Paul: “My desire is to depart and be with Christ, for that is far better” (Philippians 1:23).

Goodbye to you Father Moser as you ascend to heaven to be with Christ forever. Please remind us in your prayers before God’s throne for removing diseases and calamities from our world and for having a permanent peace on earth.

May our Heavenly Father comfort all who mourn Father Moser and may his memory continue to bring light and encouragement to all who knew him.

Yours in Christ,

Archbishop Eustathius Matta Roham
Syrian Orthodox Church of Antioch

لـن ننـسى.. Lest We Forget ܩܛܠܥܠܡܳܐ ܣܘܪܝܳܝܳܐ؛؛

لـن ننـسى.. Lest We Forget ܩܛܠܥܠܡܳܐ ܣܘܪܝܳܝܳܐ؛؛

مجازر الإبادة ومحاولة اقتلاع السريان بجميع شرائحهم من أرضهم ما زالت قائمة ومنذ قرون
ولا من رادع للهمجية والتعصب العرقي والديني، خاصة بالخلافة العثمانيةلآخر قرنين من سلطتهم
أوعزوا باكثر من مجزرة من جبال لبنان للشام وحلب لتصل ذروتها بجنوب شرق تركيا حاليا
وكانت أراض سورية لتقتطع بمعاهدة سيفر1920 بفرنسا، وتعدّل بما لحقها معاهدة لوزان 1923 بسويسرا..

Adibeh Abdo-Attia

جريدة سويديةوفيها مقالة ” مجزرة للمسيحين السريان بسوريا

بعض صور السيفو

  
تبا” للعقيدة الداعشية ( الجهاد)
تبا” للعقيدة العثمانية ( الجهاد )
الجهاد : الخاصرة المثقوبة .. التي تتسلل منها جميع جراثيم الكون
هذه الجريدة اصدرتها السلطنة العثمانية في سنة 1915 قبل مذابح سيفو ( الفرمان )
بعدد اشهر تحت عنوان ( الحرية تحت ظلال السيوف ) و الغاية من جريدة ( الجهاد)
تاجيج المشاعرالمتطرفة و الهابها من اجل ارتكاب اكبر مجزرة بالتاريخ الحديث
بحق الشعوب السريانية و الارمنية واليونانية



هذه المجزرة بدأت بجبل لبنان بين فلاحين دروز وجيرانهم الموارنة ليمتد فتيلها
والهجوم على المناطق المسيحية بدمشق الى حلب. ولم يتوقف القتل والذبح
إلا عندما تدخل المناضل الأمير عبد القادر الجزائري.



صورة تذكارية التقطت بالذكرى ال 105 للسيفو على
قناة: سوريويو سات بالسويد وبميادرة من الأتحاد السرياني العالمي..

Adibeh Abdo-Attia

هفوةٌ صغيرة للأب ألبير فيها فائدةٌ كبيرة

هفوةٌ صغيرة للأب ألبير فيها فائدةٌ كبيرة

https://c.top4top.io/p_1626yrpnt1.png

الأب ألبير أبونا هو كاهن كنيسة السريان الشرقيين الذين سَمَّتهم روما كلداناً لأغراض سياسية عبرية وطائفية، وثبت اسمهم كلداناً في 5 تموز 1830م، ويُعد الأب ألبير من أنزه كُتَّاب ومؤرخي هذه الكنيسة وشقيقتها الكنيسة الآشورية الذين لنفس الأغراض سَمَّاهم الإنكليز، آشوريين، سنة 1876م، وثبت اسم كنيستهم رسمياً آشورية في 17 تشرين أول 1976م، فالأب ألبير هو حجة واستاذ تاريخ كنسي بامتياز، ويؤلف كتباً ومقالات عن كنيسته بالاسم الصحيح كما في كتابه الشامل، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية (لا كلدانية، ولا آشورية)، والكنيسة الكلدانية السريانية الشرقية الكاثوليكية، وكتاب الآراميون، وأدب اللغة الآرامية، وغيرها من كتب ومقالات مكتوبة أو مترجمةً، يوضِّح فيها الأب أبونا أن السريان هم الآراميون، وكلدان وآشوريّ اليوم، هم سريان آراميون، لا علاقة لهم بالقدماء، وكانت كنيستهم تخضع في القرون الأولى لبطريرك وكنيسة أنطاكية السريانية..إلخ.

مع أن الأب أبونا له بعض الشطحات القليلة خاصة بعد سنة 2003م تحت ضغط المتعصبين من المتكلدنين، لكنه والحق يُقال إن تلك الشطحات قليلة ومفهومة، ويبقى هو أنزه كاتب من كنيسة المشرق السريانية بشقيها، المُتكلدن والمتأشور.

الأب أبونا الذي رغم كبر سنه، مواليد 1928م، أطال الله في عمره، إلاَّ أنه لا يألو جهداً في البحث عن كل ما هو جديد ومفيد عن كنيسته من كتب الآخرين خاصة الفرنسيين وترجمته إلى اللغة العربية ليكون مصدراً يطَّلع عليه المهتمون والمثقفون من المسيحيين وغيرهم.

قبل أيام قليلة اتصل بي أحد المثقفين السريان من مدينة عينكاوا/ أربيل ليبشرني بصدور كتاب مهم جداً عن كنيسة المشرق يقول فيه المؤلف إن الكلدان والآشوريين الحاليين هم سريان، وكانوا يخضعون لبطريركية أنطاكية السريانية إلى القرن الخامس الميلادي..إلخ، فقلت له: ما اسم الكتاب؟، أجابني: (تاريخ كنيسة المشرق، مسيحيو العراق وإيران وتركيا، للمؤرخ الفرنسي ريموند كوز)، فقلت له اعلم به وعندي هذا الكتاب، فقال لي: مستحيل، كيف يكون قد وصلك بسبب كورنا وقد صدر منذ أيام هنا؟، قلت له الكتاب موجود عندي منذ فترة طويلة، قال لي: مستحيل ربما عندك الجزء الأول فقط، قلت له: عندي الجزأين، وقد صدر سنة 2009م وترجمه من الفرنسية الأب عمانوئيل الريس، ولم يصدقني إلاَّ عندما أرسلت له صورة من الكتاب، ثم قال لي: إنها فضيحة، قلت له لماذا؟، قال لي: لأن الأب ألبير أبونا قام بترجمته وأكيد لا يعلم أن الكتاب مُترجم، ولم يُشِر مطلقاً في المقدمة أن الكتاب مُترجم.

قلتُ له: هذه هفوةٌ صغيرة فيها فائدة كبيرة جداً، لكن بغض النظر إن كانت هفوة أم لا، فترجمة الأب ألبير أبونا للكتاب مهمة وفيها فائدة لأن الأب ألبير معروف وذو مصداقية، وعندما يُترجم كتاب، يشتهر وينتشر أكثر. (وأُرفقت صورة الكتابين في الرابط بداية المقال).

وريموند كوز هو كاتب ومؤرخ قدير ومنصف، وقد أبدع فعلا في كتابه هذا، مع شطحات خفيفة لصالح الكلدان على حساب الآشوريين، وهو أمر تعودنا عليه من الكُتَّاب الكاثوليك خاصة الفرنسيين بوضع تمرة في كفة ميزان الكلدان لأنهم كاثوليك، على حساب الآشوريين النساطرة، لكن المهم أن كتاب رائع جداً.

كتاب ريموند كوز مهم جداً، ويؤكد الحقيقة التي أذكرها أنا دائماً وهي أن الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد أي المتكلدنين والمتأشورين، هم من أصول عبرية من الأسباط العشرة الذين سباهم العراقيون القدماء، ولأن العبرية اضمحلت من القرن الثامن قبل الميلاد، وأصبحت لغتهم هي الآرامية (سريانية)، وعند قدوم المسيحية اعتنقها أغلب يهود العراق المسبيين تحت سلطة كنيسة أنطاكية السريانية، وعاشوا آراميين سريان طول عمرهم مع بقاء النظرة العبرية مدفونة عندهم، واعتنقوا المذهب النسطوري وانفصلوا عن أنطاكية سنة 497م تحت ضغط الفرس، واتخذوا المدائن عاصمة الفرس مقراً لكنيستهم، لذلك سُمِّيت كنيستهم، النسطورية والفارسية، لكنهم مع ذلك حتى بعد أن تسَمُّوا كلداناً وآشوريين، عاشوا سرياناً إلى القرن العشرين، عندما بدأ الاستعمار الغربي وبالذات الإنكليزي والفرنسي والأمريكي يرُكِّز على تسميتهم المزورة والمنتحلة لأغراض سياسية وعبرية خبيثة.

ولتوضيح ما قلته وأهمية الكتاب أنقل قليل من كثير مما قاله المؤرخ ريموند كوز في كتابه:

في أيامنا هذه نسمع من يتحدث عن الأمة الكلدو آشورية التي لا رابط يربط بين الأمتين غير الجغرافية، الأولى في الشمال والثانية في الجنوب، ويكاد لا ينجو المسيحيون المحليون من الوقوع في دمج هاتين القوميتين في أمة واحدة ليبرهنوا على أنهم من سلالة هذين الشعبين العظيمين ذلك للمطالبة بحقوق سكان البلاد الأصليين، ومن المؤكد أن تسمية الكلدان تعود إلى رسالة البابا أوجين الرابع سنة 1445م التي أطلقها على نساطرة قبرص، أمَّا تسمية الآشورية فأطلقها المبشرون البروتستانت في القرن التاسع عشر على العشائر المستقلة عن روما والمتحصنة في جبال حكاري، وبالإيجاز فكنيسة المشرق وكنيسة فارس نسبة إلى موقعها الجغرافي والكنيسة السريانية الشرقية نسبة إلى لغتها الأم، والكنيسة النسطورية وكنيسة كوخي، تُعدُّ تسميات مترادفة، ونستعملها حسب المراحل التاريخية التي مرت بها. (ج1 ص9-10).

أول من اهتدى للمسيحية في بلاد ما بين النهرين كانوا من اليهود، فقد كانوا منذ السبي البابلي جماعة مبثوثة عِبر بلاد ما بين النهرين برمتها، لا بل وراء حدود دجلة، وبعض تقاليد كنيسة المشرق تُعدُّ إرثاً للعادات اليهودية لتلك الحقبة، كتبنِّيهم عادة إقامة أعراس في موسمين، وهو يطابق وصفه في التلمود اليهودي “الميشنا” التي جُمعت بعد السبي، وكذلك الخطوبة والقران والولائم.

إن غالبية مسيحيي كنيسة المشرق هم من الآراميين، وكنيسة المشرق تواجدت في بلاد فارس وهي ابنة كنيسة أنطاكية واتبعت تعاليمها، إلاَّ أنها لم تكن منتظمة في طقوسها وعقائدها، وفي مجال السلطة الكنسية، كانت خاضعة لأنطاكية، وكان الأساقفة يُرسمون فيها، ونتيجة الحرب الطويلة بين الفرس والرومان كانت علاقتهم فاترة مع الكنيسة الأم، وأُجبرَ مسيحيو بلاد فارس على قطع علاقتهم معها، وكان على كنيسة المشرق ترتيب أمورها الداخلية قبل قطع علاقتها مع أنطاكية، والمؤرخ جان ده بينيك (يوحنا فينكاي، وهو من كنيسة المشرق، أي الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد) في القرن الثامن يُفسِّر ما جرى قبل سنة 309م، بالقول: إن حقوق كنيسة سوريا أي أنطاكية انتقلت إلى كنيسة كوخي (أي كنيسة المدائن، أو ساليق وقطسيفون)، وجاء هذا في أول رسائل الآباء الغربيين، أعقبها رسالة ثانية أثناء أزمة السلطة التي عكَّرت أجواء كنيسة فارس، تلك الأزمة التي خلقتها تصرفات فافا ودفعته ليصبح أسقف ساليق وقطسيفون في مستهل القرن الرابع، فحاول تنظيم كنيسته بطريقة تعسفية ديكتاتورية، مما جلب على نفسه نقمة باقي الأساقفة، فعزلوه، فرفع قضيته للآباء الغربيين في كنيسة سوريا وبدقة أكبر إلى أنطاكية والرها اللتين في رسالة ثانية للآباء الغربيين أبطلتا القرار حيث كان تأثيرهم لا يزال قوياً، فتدخلوا ودعموا فافا وأعادوهُ إلى كرسيه، ومنذ تلك الأزمة ترسَّخَت سلطة ساليق وقطسيفون. (ج1 ص20-27). (ملاحظة: الآباء الغربيون، يعني آباء كنيسة أنطاكية أو سوريا السريانية الواقعة غرب الفرات، وليس أوربا).

وهناك تقليد قديم يقول: ينال جاثليق ساليق وقطسيفون (المدائن) مهام تثبيته من بلاد الروم، أي من أنطاكية، فأنطاكية مقاطعة رومانية سورية، والكنيسة الأم لساليق وقطسيفون والبلاد الرومانية في الواقع تشمل جميع البلدان الواقعة غرب حدود المملكة الساسانية الفارسية (ج2 ص137).

وشكراً/ موفق نيسكو

 

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون جوزيف ج6 والأخير

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون جوزيف ج6 والأخير

 

ب- رد الأستاذ جون جوزيف على مقال فراي: آشور وسوريا: المترادفات 2

 

إن إلقاء نظرة واحدة على الجدول رقم واحد لفراي وإلى نهاية مقاله تُبيِّن أن المعلومات لا تدعم استنتاجاته في استعمال الشرقيين والتفريق بين مصطلحي السريان والآشوريين، ووفقاً للجدول، حتى باللهجة الآشورية القديمة “أي الأكدية”، فإن اسم بلاد آشور الجغرافي وبلاد سوريا “آرام” كانا مصطلحين متميزين، فهما على التوالي، آشور وآرام، وفي كل لغة من اللغات الثماني من لغات الشرق الأدنى واللهجات التي أدرجها فراي في جدوله، هناك تمييز بين اسمي بلاد آشور وبلاد سوريا، ولا تحمل أي تشابه مع بعضها، ففي جدول فراي كانت منطقة آشور معروفة في الأرمنية باسم Norshirakan، ويبدو وفقاً لجدوله أن الأرمنية اقترضت اسم Asorestan من الفرس (اللغة الفارسية)، وهذا الاسم في الأرمنية يُشير إلى بلاد ما بين النهرين [8].

 

في جهده لإثبات أن كلمتي سوري وآشور مترادفتان، يستشهد فراي من بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية “اليعقوبية” ميخائيل السرياني الكبير من القرن الثاني عشر، ووفقاً لفراي ونقلاً عن تاريخ البطريرك ميخائيل الجزء الثالث فإنه كتب بوضوح أن سكان بلاد غرب الفرات اسمهم السريان، وقياساً على ذلك، كل الذين يتحدثون نفس اللغة في شرق وغرب الفرات إلى بلاد فارس، دُعوا سرياناً، ص33، ثم يعود فراي ويستشهد من الجزء الأول بثلاث كلمات غامضة للبطريرك ميخائيل ويترجمها إلى “الآشوريين أي السريان twry’d d hywn swryy”، وهذا هو المصدر الوحيد باللغة السريانية الذي يفترضه فراي دليلاً على ترادف كلمتي السريان والآشوريين.

كلمة، أثوري Athoraye، عند البطريرك الشهير ميخائيل السرياني بالتأكيد (مما لا شك فيه) تعني سكان مدينة الموصل وحولها، وهذا الأمر استعمله كثيرون من قبله أيضاً، فأثوري ببساطة تعني أن الشخص ينحدر (مولود) في مدينة أثور، وهو اسم مدينة الموصل الذي كانت تُعرف به في حقبة ما قبل الإسلام، وقد واصل المسيحيون استعمال التسمية الجغرافية أثوري (بمعنى موصلي)، وهي ممارسة شائعة في الشرق الأوسط حيث يُحدد لقب الشخص مع اسم مدينة مسقط رأسه [9].

 

لم يأتِ الارتباك بين أسماء سرياني يعقوبي، الآشوريين الشرقيين، الكلدان، السريان، والآشوريين منذ القرن السابع عشر بسبب الانتماء العرقي المسيحي، ولكن بسبب الموقع الجغرافي لكنائسهم أو البطريركيات، فإن مصطلح المسيحيين في آشور أو مسيحيي آشور، تحوَّل بصورة تدريجية إلى “الآشوريين المسيحيين”، ثم أصبح “المسيحيين الآشوريين” [10]، وكان المؤرخ البريطاني جيبون في وقت مبكر من القرن الثامن على بينة من هذه الالتباسات فكتب إن النساطرة أربكوا أنفسهم أكثر باتخاذهم اسم الكلدان أو الآشوريين بحجة الاستفادة من اسم أمة شرقية قوية وعظيمة سابقاً [11]، وهذه الأسماء المتعددة للمسيحيين الناطقين بالآرامية كانت معروفة، وعناوينهم كانت معروفة واستعملت أيضاً من كنيسة روما الكاثوليكية في إشارة إلى بطاركتهم في بعض الأحيان، وهذه المجموعات الغريبة من الأسماء “الكلدان في بلاد آشور”، أو “الكلدان الشرقيون الكاثوليك في آشور”، كانت مستعملة نادراً من البطاركة والشعب أنفسهم، كما قال الباحث الدومنيكي جان فييه [12].

 

 والأمثلة المذكورة أعلاه، وفقاً لفراي، تثبت تأكيد بعضهم أن كلمة “الآشوريين” كانت من صنع الغربيين في القرن الثامن عشر أو القرن التاسع عشر غير صحيحة، وهنا يستشهد فراي من مصدر واحد، ونَسبَ إلى كاتبه قولاً لم يَقُلهُ، وهذا المصدر هو كتابي أنا جون جوزيف، (النساطرة وجيرانهم المسلمون ص9)، حيث قلتُ فيه: لم يظهر اسم الآشوريين قبل القرن التاسع عشر، وما كتبته أنا في مقدمتي هو: إن النساطرة المعروفين باسم الآشوريين، وهذا الاسم (الآشوريين) شاع استعماله في إشارة إليهم منذ الحرب العالمية الأولى فقط، وأضاف (فراي) قائلاً: لقد تم استعمال اسم الآشوريين قبل القرن التاسع عشر في العهد القديم حيث كان اسماً معروفاً في جميع أنحاء العالم وأينما وجد الكتاب المقدس سواءً في الشرق أو الغرب. (انتهى كلام فراي).

(جون جوزيف)، لقد قال جان فييه: إننا وجدنا سلسلة من الأسماء القديمة في الكتابات السريانية عند أوائل الكتاب المسيحيين الشرقيين، سرياناً، آشوريين، كلداناً، وبابليين، لكن هؤلاء الكتاب استعملوها بطريقة لا مبالاة، ولم يذكروا أبداً تلك الأسماء مقرونة بالناس أو مُعرَّفة بهم، مثل، لدي مؤشرات أن مسيحيَّتي آشورية، أو أنا مسيحي آشوري، وأكَّد جان فييه أنه جمع بحدود خمسين صفحة من أسماء الأعلام، ولم يجد بينهم اسماً آشورياً واحداً [13]، ويبقى السؤال: ماذا يعني مصطلح آشور وسوريا وهل هما مترادفان؟، وهل يمكننا أن نستبدل كلمة السريانية بالآشورية أينما استعملت في العصور القديمة؟ وهل يمكن تسمية شعوب كل الإمارات الآرامية ضمن جغرافية سوريا، آشوريين، بحجة أن كلمة آشور مرادفة ظاهرياً لسوريا أو مقترنة بها”؟

 

لقد كتب فراي في أحد مؤلفاته الرائعة “تراث بلاد فارس”: كان حضور الشعب الآرامي في كل مكان في جميع أنحاء الهلال الخصيب من القرن الثاني عشر قبل الميلاد حيث تسللت القبائل البدوية التي تتحدث الآرامية، وأصبحت لهم سلطة وشكَّلوا إمارات صغيرة، ويمكن للمرء أن يستنتج ويتابع أن الآراميين كانوا متواجدين هنا أيضاً (في بابل) مثلما كانوا على الجانب الآخر من الصحراء السورية، وحركتهم في الهلال الخصيب في ذلك الوقت تشبه لاحقاً حركة القبائل العربية قبل الإسلام في الأرض نفسها.

فهل يمكننا أن نطلق على هؤلاء الآراميين اسم الآشوريين منذ أن دُعي الآراميون ب (السريان)؟

قد يقول قائل إن كلمة سوريا مشتقة من آشور، وفي أحسن الأحوال ربما يجوز ذلك، لكن بالتأكيد إن ذلك لن يُغيِّر من جغرافية سوريا وسكانها وغالبية سكان الهلال الخصيب إلى آشوريين، فإذا كان اسم سوريا هو شكل من أشكال الاشتقاق من آشور، فإني ببساطة اُذكِّر أن سوريا الجغرافية حُكمت مرة واحدة من الإمبراطورية الآشورية القديمة، وإذا كنتُ قد قرأتُ بشكل جيد كتاب فراي المثير للإعجاب “تراث بلاد فارس”، فإنه يقول: أدى الغزو الآشوري للآراميين إلى انتحار الآشوريين في بلاد ما بين النهرين وفي سوريا أيضاً، وقبل ثلاثين عاماً كتب فراي: تعرَّض الآراميين للعدوان الآشوري وعانوا كثيراً من الحكم الآشوري، ومن جهة أخرى فإن الآراميين غزوا أسيادهم، فاضطر الآشوريون فيما بعد إلى اعتماد لغة وكتابة الآراميين لعدة قرون، ونقرأ لفراي أيضاً: كان التوسع السياسي الآشوري يرافقه التوسع العرقي الآرامي، وجاء وقت (وصل الأمر) إلى الطبقات الدنيا باستثناء الفلاحين في القرى، فجميع أنحاء المنطقة في شمال العراق (الحالي)، لم يعد يُذكر فيه شيئاً عن اللغة الآشورية (الأكدية)، بل كانوا يتحدثون الآرامية [14].

 

اللغة الأكدية وهي الوسيلة الناقلة للثقافة والهوية الآشورية القديمة، لم يعد لها وجود، بينما كان الآشوريون لا يزالون في السلطة، وبعد سقوط الدولة الآشورية أصبحت اللغة الآرامية هي لغة الشعب مع عدم وجود قوة مركزية خاصة لحكومة آشورية، فأصبحت تدريجياً بيد قوميات وجماعات أخرى، التي غدت تتحدث اللغة الآرامية، وعلى عكس ذلك فالدولة الفارسية أيضاً اعتمدت اللغة الآرامية كلغة رسمية، لكن الفرس لم ينسوا لغتهم الأم بسبب الآرامية، بل بقيت هويتهم اللغوية- الوطنية الخاصة بهم، ولم تهيمن اللغة الآرامية على كل بلاد فارس مثلما جرى في الدولة الآشورية، وعند قدوم الإسلام تمكن الفرس مرة أخرى من مقاومة التعريب، ومع أنهم استعملوا اللغة العربية مدة من الزمن بعد إسلامهم، واقترضوا من العربية مفردات كثيرة، واستعملوا الحروف العربية، لكنهم استطاعوا (فَرسَنَت أو تفريس) ما اقترضوه من المفردات العربية (أي استعملوا الكلمات المقترضة من العربية بقالب لغوي فارسي)، ولكن في حالة الآشوريين نجد أنهم أصبحوا آراميين (تأرُّموا) تماماً، حيث امتص الآراميون جميع الأعراق والإثنيات في الدولة الآشورية التي ستتعرب في القرون اللاحقة (حتى اللغة العربية هيمنت على عدة شعوب)، لكن اللغة الآشورية ماتت واندثرت، لأنه لم يكن هناك آشوريون ليتكلموا بها أو يستعيدوها، فاللغة لأكدية كلاماً وكتابة ًبقيت واسعة جداً إلى القرن الثامن قبل الميلاد، إلى أن جاءت الآرامية التي تُسَمَّى خطأً، آشورية [15]، وهذا الأمر يشبه كما لو قام الفرس بتسمية اللغة العربية بالفارسية بحجة أن الفرس يستعملون الكتابة والنص والحرف العربية.

 

معظم التناقضات في هذا الأمر هي استعراضية، وكما يبدو لي أن الأمر محلول، فبدلاً من الخوض في اشتقاق غير مؤكد بين كلمتي سوريا وآشور، فالمؤلف (فراي) قد اعتمد على التفاعل بين شعب سوريا الجغرافية، وبين آشور، الموضوع الذي عالجه باقتدار ولكن لمدة وجيزة إلى 1960م، فعندما كان المسيحيون يتحدثون الآرامية في القرن التاسع عشر كانوا يطلقون على أنفسهم اسم (السريان Suraye، Soroyo)، في أورميا، هكاري، وطور عبدين، كانوا بذلك يُشيرون إلى انتسابهم إلى لغتهم الآرامية الأم ولغة طقوسهم وآدابهم الجليلة ل 1800 سنة مضت، وما كان البروفسور فراي سيكون متناقضاً لو أنه استعمل كلمة الآراميين مرادفة للسريان، وهو الاستعمال الذي بدأ منذ أكثر من 2000 سنة، وفي وقت مبكر في المرحلة الهلسينية (اليونانية) لحقبة من تاريخ الشرق الأدنى التي استمرت ما يقرب من ألف سنة وإلى زمن العصر المسيحي، فإن فراي نفسه يخبرنا: إن منطقة بلاد ما بين النهرين كانت تسميتها الرئيسية السريانية هي (Bet Aramaye بيت أو بلاد الآراميين [16].

========================

الهوامش

[8] الفقرة، ص35.

[9] انظر جان فييه، آشوريون أم آراميون؟، 10، 1965م، ص156، وعند Heinrichs، ص105-106.

(نيسكو: هنا أخطأ الأستاذ جون جوزيف ولم يكن موفقاً في رده على فراي وتسويغه لقول ميخائيل الكبير ج1 ص20 عن الآشوريين القدماء مرة واحدة أنهم سريان بالقول إن ميخائيل قصد بالآشوريين سكان مدينة الموصل، والصحيح أن ميخائيل فعلاً يستعمل اسم أثور الجغرافي على مدينة الموصل بكثرة، ويقول أثور أي الموصل، ويستهجن بالآشوريين القدماء وصوَّر كل عدو أنه آشوري، وسَمَّى زنكي الذي احتل الرها، الخنزير الآشوري، لأن كلمة آشوري عنده كما في التاريخ والأدب السرياني، تعني: أعداء، غزاة، برابرة، أشرار، وقد استعمل ميخائيل  بحدود60 مرة تقريباً: إننا سريان، كنيستنا سريانية، شعبنا سرياني، لغتنا سريانية، والسريان هم الآراميون حصراً..إلخ، لكن في ج1 ص20 التي قصدها فراي من تاريخ ميخائيل، عربي، لم يقصد ميخائيل مدينة الموصل كما رد الأستاذ جون جوزيف على فراي، بل ميخائيل الكبير قصد أن كل من تكلم لغة الآراميين (السريان)، هو سرياني، فهو في ص20 فقط تكلم عن الدول التي لها كتب وأدب وسجلات، وقال: الآشوريون القدماء هم سريان، ولم يقل إن السريان هم آشوريون، وقد شرح ذلك لاحقاً في فصل واضح جداً عنوانه (نكتب بنعمة الله عن ممالك الآراميين القديمة، أي بني آرام الذين سُمُّوا سرياناً أي أبناء سوريا)، وعَدَّ أن الأساس في تسمية القوم، هو اللغة، فكل من تكلم السريانية عند ميخائيل، هو سرياني، حيث قال: كل من تكلم لغتنا الآرامية (السريانية) من الآشوريين والكلدان القدماء، هو سرياني، انظر تاريخه، ص748-750، سرياني، ج3 ص283-386، عربي، ولمزيد من التفصيل، انظر كتابنا، فصل: ثلاث حجج هزيلة فقط للسريان المتأشورين، ثانياً: البطريرك ميخائيل الكبير.

[10] انظر هذا المثال عند كوكلي، كنيسة المشرق وكنيسة إنكلترا، أكسفورد، 1992م، ص65-66.

[11] انظر Edward Gibbon، جيبون، (The History of the Decline and Fall of the Roman Empire، التاريخ منذ انحطاط وسقوط الإمبراطورية الرومانية)، لندن، 1898م، مج150. انظر جوزيف أيضاً، مرجع سابق، ص14.

[12] لكثرة العناوين الأبوية والأسماء التي صاغتها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، انظر جان فييه (Assyrien Araméens? ou، السريان أم الآراميون) ص146-150، وبعد وفاته صدر له مقال بعنوان (Comment l’Occident en vint à parler de Chaldéen، كيف جاء الغرب للحديث عن الكلدان(، مكتبة جامعة مانجستر، 78 خريف 1996م، ص163-170.

(نيسكو: باستثناء اسم السريان الأرثوذكس الذين ورد اسمهم في التاريخ سرياناً، وأحياناً قليلة يعاقبة، لم يُستعمل اسما الآشوريين والكلدان في التاريخ إطلاقاً، فاسم الكلدان أُطلق سنة 1445م، ومات حينها، واستُعمل رسمياً في 5 تموز 1830م، والاسم الآشوري أُطلق سنة 1876م، واسنخدم رسمياً في 17 تشرين أول 1976م، بل اسمهم في كل التاريخ هو السريان الشرقيون، السريان النساطرة، النساطرة فقط، كنيسة المشرق، كنيسة الفرس..إلخ، باستثناء الآشوريين والكلدان).

[13] انظر له (جان فييه) (Assyriens ou Araméens?، السريان أم الآراميون)، ص146.

[14] تراث بلاد فارس، طبعة مينتور، 1966م، ص8 و32، رقم 5 من المقالة.

(نيسكو: إنه رد جميل جداً وعلمي ومنطقي من الأستاذ جون جوزيف على فراي، فالتاريخ كله يذكر الآراميين كقوم ولغة وحضارة، ومنهم فراي نفسه، وهنا يسأل الأستاذ جوزيف فراي متهكماً عليه، هل هؤلاء القوم الذين ذكرتهم يا فراي باسم (آراميين) في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أي قبل أن يتخذوا اسم السريان، أصبحوا فجأةً آشوريين بعد أن اتخذوا اسم السريان، بحجة أن اسم السريان مشتق أو قريب من اسم آشور؟، ثم يكمل: وهل أن سوريا (وهي جغرافيا بلاد آرام الكبرى قبل أن يصبح اسمها سوريا) هي بلاد آشور؟، ناهيك عن أن الآشوريون هم أعداء الآراميين (السريان) وقد قام الآشوريون بغزو الآراميين كما يقول فراي نفسه.

[15] انظر Richard C. Steiner، شتاينر، (Why the Aramaic Script was called, Assyrian in Hebrew Greek, and Demotic in Orientalia، لماذا كانت تُسَمَّى الكتابة الآرامية آشورية في اللغة العبرية، اليونانية، والديموطيقية في الشرق(، روما، المعهد البابوي الكتاب المقدس،62، 1993م، ص80، وانظر Joseph Naveh & Jonas C. Greenfield، نافيه وغرينفيلد، (Hebrew and Aramaic in the Persian Period، العبرية والآرامية في الحقبة الفارسية)، كامبردج، تاريخ اليهودية ،1984م، ج5، 1، ص126-127. إن مقارنة فراي فقرة 32، وn8، غامضة وتتحدث عن استعمال مصطلح الآشورية على اللغة والأبجدية الآرامية، والمصطلح اليوناني (Assyria Grammata)، والعبري (Ktab Ashuri) بمعنى الكتابة الآشورية، تعني على حد سواء وتشير إلى الحرف الآرامي الذي استعمله الآشوريون، وليس إلى اللغة الآرامية.

[16] جدول 1، ص35، نحن لم نقل ماذا كانت تُسَمَّى منطقة بلاد ما بين النهرين في اللغة الآرامية قبل المسيحية، ولكن بدون شك أن جزءاً كبيراً منها كان يُسَمَّى بيت الآراميين في تلك الحقبة.

وشكراً/ موفق نيسكو

 

سر اختفاء اسطيفوأبو هارون الزاليني ؟!

سر اختفاء اسطيفوأبو هارون الزاليني ؟!

سمير شمعون
أسطيفو ذلك الزاليني… الغيور صاحب الناموس… المحب لشعبه الزاليني… موته بقي شوكة بقلب الزالينيين، هناك من قال انه دخل تركيا واختفى؟! وهناك من يقول تم خطفه وبيعت كليتيه ؟! وهناك من يقول انه غرق بالجقجق؟!
سر لم يكشف عنه؟!، ما اصعب ان تنتظر والدةمعرفة مصير ابنها؟ والدة اسطيفو توفت وهي تنتظر عودة ابنها؟!، او اي خبر عنه؟!، او معرفة مصيره؟!
من اجل ان ترتاح روحها ، من اجل ان لا يبقى موضوع اسطيفو سر غامض، جعلني القدر في مكان جائتني المعلومة لتكشف الغموض ، وان اعرف اخر وقت لاختفائه ؟! واين اختفى؟!.
انتظرونا لنميط اللثام؟عن ذلك السر لإختفاء اسطيفو الشهم؟!!!


من التراث السرياني – رقم 3 – 4 مريم نجمه

مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربيمن التراث السرياني – رقم 3
مريم نجمه

2011 / 9 / 25

سريانيات .. من التراث السرياني – 3
إن العودة لبحوثنا وكتاباتنا التراثية والتاريخية المتنوعة – التي هي جزء لا يتجزأ من النضال بالتراث والتاريخ والجغرافيا والشعر والكلمة والموسيقى والرسم وغير ذلك من وسائل التعبير – لا تبعدنا عن المشاركة اليومية في الهم الثوري لشعبنا وثوارنا الذين ما زالوا بعد سبعة أشهر من الإنتفاضات والمظاهرات السلمية يقدمون القرابين اليومية بالمئات على مذبح الوطن لتحقيق العدالة والحرية والمساواة والديمقراططية وبناء دولة المواطنة واحترام الإنسان – لكنني اليوم قررت أن أنشر المقالات المحفوظة لتخفيف الأحمال عن جهاز الكمبيوتر …

لمحة عن القس ميخائيل مراد مؤلف كتاب : قاموس عربي – سرياني . الذي كتبا عنه في المقالين السابقين .

– ( أبصر النورفي الموصل – محافظة نينوى في 15 اّب من أبوين هما : مراد بن عيسى ولد , ومحبوبة إبنة الشماس يعقوب فرجو .
وتلقى دروسه للمرحلة الإبتدائية في مدرسة الطاهرة الإبتدائية الواقعة في محلة القلعة . ولا ندري كيف تابع دروسه بعد هذه المرحلة حتى عام 1892 حيث انتسب إلى معهد ماريوحنا الحبيب الأكليركي وأكمل علومه في اللاهوت والتعليم المسيحي والفلسفة وغيرها من مواد الدراسة بحسب نظام المعهد المذكور , واتقن العربية والسريانية والفرنسية وبدأ في سني دراسته الأولى إعداد قاموس عربي – سرياني .

في 5 أيلول 1904 رسم كاهناً ونقلت خدماته إلى قرية قره قوش فخدم هناك أربع سنوات واهتم بصورة خاصة ببناء كنيسة مار يوحنا الواقعة على الحدود الشرقية من القرية , وفي أوقات فراغه كان يعيد النظر بهذا القاموس الذي تكلمنا عنه في بحثين سابقين – – وأنجز قسماً كبيراً منه هناك . إستدعته رئاسته المحلية إلى الموصل فتسلم مهاماً جديدة منها : إلقاء الدروس في المعهد الذي نشأ فيه وتثقف , وإدارة الأوقاف وتنميتها , وبذل جهوداً خاصة أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى بالنازحين من ماردين وأطرافها الذين لوعته الإضطهادات العنيفة التي شنتها السلطات الغاشمة يومئذ ضد السريان والأرمن . ونظراً لروحه السمحة وتواضعه الجم ابتعد عن الجدل العقيم الذي كان من سمات عهده ورفض ان يقبل رتبة الخور أسقف أو حتى أسقف للأبرشية التي كان فيها . وبقي ملازماً لخدمته الكهنوتية تاركاً أثراً طيباً في نفوس أبناء رعيته حتى تاريخ وفاته في صباح يوم الخامسمن أيلول 1952 .

كتاباته :
لا نستطيع أن نحكم على فكر القس ميخائيل مراد لأنه لم يترك شيئاً يذكر سوى هذا القاموس الذي هو بين يدينا ( قاموس عربي – سرياني – تأليف : القس ميخائيل مراد البستاني ….. ) وكما نرى فإن شكله الخارجي ليس بجيد وطباعته غير متقنة , ولكن ظروف الطباعة والنشر لم تكن ميسرة مثل اليوم , و يحتاج هذا القاموس مستقبلاً إلى إعادة نظر في المادة والطباعة ونشترك مع غيرنا في تقديم الشكر والتقدير للمؤلف الراحل على جهوده لإخراجه هذا القاموس إلى الوجود , ويبقى القاموس الوحيد من نوعه حتى تاريخه .
ولا بد أن نشير بأن القسم الأول ( أ – س ) قد طبع قبل وفاة مؤلفه . أما القسم الثاني فلا نعرف مصيره ولا ندري في ما إذا حافظت عليه الأيادي التي تسلمتها من مؤلفها . أما الغاية من نشرنا لهذا القسم فهو حث غير مباشر للمتخصصين في علم المعاجم لإعداد القاموس الكامل المنتظم . وليتنا نستطيع أن نجمع كل مخطوطات المعاجم ( عربي – سرياني ) , ونحقق طباعة ( قاموس عربي – سرياني) كامل يخدم الهدف المنشود …
حلب في 27 تشرين الثاني 1994 – تذكار مار يعقوب المقطع – السنة السادسة عشرة لمطرنتنا .

أهم مراجع البحث لكتاب القاموس

1 – البطريرك أغناطيوس إفرام الأول برصوم :
– اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والاّداب السريانية ط 5 1987 ( دار الرها حلب ) .
– منارة أنطاكية السريانية 1992 / دار الرها حلب .
– الألفاظ السريانية في المعاجم العربية ط 2 حلب ( سلسلة دراسات سريانية ) العددان 18 و 19 / 1984 .
2 – البطريرك أغناطيوس يعقوب الثالث :
– البراهين الحسية على تقارض السريانية والعربية – دمشق 1969 .
– 3 – المطران غريغوريوس يوحنا براهيم :
– اللباب ط 2 1994 / دار ماردين حلب –
– المقدمة 27 – 36 .
– 4 مراد فؤاد حقي : نعوم فائق : ذكرى وتخليد – المطبعة الحديثة – دمشق 1936 .
– 5 – الأب يوسف حبي : معجمات اللعة السريانية
– مجلة مجمع اللغة السريانية / مج 2 / بغداد 1976 – ص 75 – 104 .
>>>>>>>>
المقدمة
غريغوريوس يوحنا ابراهيم – متروبوليت حلب

تمهيد :
يعرف ويقدر محبو التراث السرياني الجهد الشخصي الذي نبذله منذ عشر سنوات ونيف في سبيل إحياء ونشر النتاج الفكري الذي تركه لنا أباؤنا العظام . وقد وفقنا الله لأن نقدم لقراء لغة الضاد حوالي خمسين كتاباً في مواضيع مختلفة :
تاريخية ولاهوتية وتفسيرية ومسكونية , وفي مقدمتها ” فهرس المخطوطات السريانية ” , المحفوظة في مكتبات الأديرة والكنائس التاريخية السريانية في – دير مار مرقص- ودير الزعفران – وذلك في ثلاثة مجلدات ضخمة . وكتاب ” الموسيقا السريانية ” وهو البيث كاز بالنوطة الموسيقية . هذا العمل الرائد الذي يرى النور لأول مرة في تاريخ التراث الموسيقي الخالد , فبعد أن تناقلته الحناجر بطرق السليقة سجلناه بالنوطة وتركناه بين أيدي المختصين . وأعددنا ترجمة كاملة ” لتاريخ البطريرك السرياني مار ميخائيل الكبير ” باللغة العربية , ونحتفظ بالمخطوطة السريانية النادرة في مكتبة كنيسة مار جرجس إحدى كنائس أبرشيتنا . وقدمنا لعشاق الأدب السرياني طبعة جديدة لقاموس ” اللباب ” وهو كما ذكرنا مؤلفه الأباتي ( جبرائيل القرداحي ) السرياني الماروني الحلبي اللبناني ” كتاب في اللغة السريانية الكلدانية ” وقد طبع الجزءان الأول والثاني في المطبعة الكاثوليكية للأّباء اليسوعيين سنة 1891 .
واليوم نقدم هذا القاموس العربي – السرياني لقس ميخائيل مراد في طبعة ثانية اّملين أن ينال رضى قراء اللغتين الشقيقتين السريانية والعربية . وكان بودنا أن نجري عليه وعلى قاموس اللباب ) إضافات ضرورية تتماشى والنهضة اللغوية والأدبية بمختلف اللغات كما جرت محاولة من هذا النوع في الملحق لمعجم ” دليل الراغبين في لغة الاّراميين للمطران يعقوب ( أوجين منّا ) الذي طبع أولاً سنة 1900 وللمرة الثانية سنة 1975 . وفي نظرنا عمل من هذا النوع لا يعتمد على جهد فردي مهما كان متمكناً من اللغة السريانية وبقية اللغات بل يحتاج إلى نخبة من الأساتذة المتخصصين والباحثين تتوفر فيهم كل الشروط من أجل الإعتمادعلى نظرياتهم واّرائهم في نحت ألفاظ سريانية جديدة للكلمات العصرية التي دخلت على مختلف اللغات بعد النهضة العلمية المعروفة . وإلى حين تتوفر الإمكانات اللازمة لإضافة الكلمات والمصطلحات العصرية ندفع هذا القاموس العربي – السرياني للطبع ليكون في متناول اليد لتسهيل عملية القراءة باللغتين المذكورتين .
– – – ———————-

للإطلاع والمعلومات لمن يهمه الدراسة في هذا الموضوع في الثقافة السريانية : أهم المنشورات السريانية :
1 – السريان وحرب الأيقونات : غريغوريوس يوحنا ابراهيم .
2 – أهل الكهف في المصادرالسريانية : أغناطيوس زكّا الأول عيواص .
3 – عقيدة التجسد الإلهي : أغناطيوس زكّا الأول عيواص .
الممالك الاّرامية : غوريغوريوس صليبا شمعون .
4 – السريان إيمان وحضارة ( 5 ) أجزاء : سويريوس إسحق ساكا .
6 – الألفاظ السريانية في المعاجم العربية : أغناطيوس إفرام الأول برصوم .

منشورات دار الرها – ماردين
—————————-
( 1 ) سلسلة التراث السرياني :
1 – اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والاّداب السريانية ( ط 5 ) :
تأليف : البطريرك مار أغناطيوس إفرام الأول برصوم . تقديم المطران يوحنا ابراهيم .
2 – الرها – المدينة المباركة ( ط 1 ) : تأليف : أريك سيغال . ترجمة : يوسف ابراهيم جبرا .
3 – صوت نينوى واّرام : تأليف المطران إسحق ساكا . تقديم : يوحنا ابراهيم .
4 – الأيام الستة ( ط 1 ) : تأليف مار يعقوب الرهاوي . ترجمة : المطران صليبا شمعون . تقديم : المطران يوحنا ابراهيم .

5 – الموسيقى السريانية ( ط 1 ) : صوت : البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث . تنويط : نوري اسكندر . إعداد : المطران يوحنا ابراهيم . تقديم : الملفونو غطاس مقدسي الياس .
6 – منارة أنطاكيا السريانية : تأليف البطريرك مار أغناطيوس إفرام الأول برصوم . إعداد وتقديم : المطران يوحنا ابراهيم .
7 – قصائد مار يعقوب السروجي : ترجمة مار ملاطيوس برنابا . تقديم : المطران يوحنا ابراهيم .
8 – فهارس مخطوطات دير مار مرقس ( ج 1 / ط 1 ) :
تأليف مار فلكسينوس يوحنا دولباني . إعداد وتقديم : مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم . … يتبع

سريانيات : من التراث السرياني ..أعلام سريانية – 4

مريم نجمه

2012 / 1 / 16

سريانيات : من التراث السرياني .. أعلام سريانية – 4
ليس أجمل من غذاء العقل بالعلم والمعرفة والإستكشاف في الدراسة والبحوث .. والإستمتاع بجديد الإنسانية وتراثها …

يسرني اليوم أن أعطي لمحة وجيزة عن ثلاث أعلام سريانية في الثقافة والطب واللاهوت السرياني : أبراهيم نورو , سرجيس الرأس عيني , ويوحنا الدمشقي ..

فإلى محبي السريانية وتراثها والمتابعين لها بشغف مثلي , وعشاق لغتها واّدابها وتلبية لطلب الكثير من القراء الأعزاء وتقديراً لاهتمامهم ..أقدم اليوم صفحة مشرقة في هذا البحر الزاخر من العطاء الإنساني في حقل المعرفة والعلوم واللغات القديمة وحضاراتها ..

* * *
الملفونو ( الأستاذ ) ابراهيم نورو .. علم .. وباحث في حقل اللغة السريانية –
….إن وفاة ابراهيم نورو كانت مفاجأة مؤلمة تلقاها العالم الكلداني السرياني الأشوري بكثير من الأسى .
وقد انتشر الخبر الحزين في المواقع السريانية , وقنوات التلفاز أسرع من البرق , خاصة وإن إبرشية حلب هيأت له جنازة مهيبة يستحقها هذا العالم السرياني الجليل .
كان وفاة ( ابراهيم نورو ) الساعة السادسة من صباح السادس من شهر كانون الأول سنة 2009 – أي نهار ” الغطاس ” .
وقد اهتم ( مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم ) مطران حلب وتوابعها للسريان الأرثوذوكس اهتماماً بالغاً بهذا الحدث المفجع , بأن جعل جنازة الملفونو ابراهيم نورو وكلمته الرثائية بمثابة حفلة تكريمية له , بعدما جرت له مراسيم التشييع في جو من الخشوع السرياني الرائع , الشعبي الكهنوتي الجماهيري الكبير .
…….

البدايات ….
تقع ( الرها ) .. شمال شرق سورية , جنوب شرق تركيا , وقد كانت هذه المدينة عاصمة إقليم أوسروين من أقاليم بلاد ما بين النهرين , ومدينة الرها كانت من أمهات مدنها من حيث موقعها الإستراتيجي , ومكانتها العلمية , والأدبية , والثقافية المرموقة .

مرّ على الرها عدة محطات تاريخية هامة .. وعرفت فاتحين ومتسلطين عليها منهم : البابلي , الأشوري , السلوقي , والفتوحات الإسلامية , إلى زمن إعلان الجمهورية التركية .
لقد استنارت الرها التي عرفت في ما بعد ب ” عاصمة الاّداب السريانية ” بنور المسيحية في زمن حاكمها الملك أبجر الخامس معنو الملقب بأوكاما ” Ukomo – على وزن أوباما – وهناك قصة المنديل وحنانيا والوفد المرافق …!
وبعد ذلك أضحت الرها مركزا هاماً من مراكز المسيحية في العالم , خاصة في اللاهوت والأدب الكنسي , وعرفت كواحدة من أهم المتروبوليات المشرقية التابعة للكرسي الأنطاكي .
ومن أهم ما كان يميّز الرها .. مدرستها الشهيرة التي أصبحت منارة من منارات العلم والأدب , تشع في علومها الفلسفية واللغوية واللاهوتية على الشرق كله . وكما اشتهرت الرها باستعمالها أنقى لهجات السريانية حسب رأي الباحثين اللغويين .
وقد برز في تاريخ هذه المدينة الحضارية في ذلك الزمن التي تعددت تسمياتها وتنوعت مابين : أوديسا , الرها ,المسماة اليوم ( شانلي أورفا ) – أسماء لامعة لأدباء وشعراء وفلاسفة ورجال دين منهم الفيلسوف السرياني برديصان , والملفان مار إفرام النصيبيني كنارة الروح القدس وشمس السريان .. وقد كان أشهر من تسلم إدارة مدرستها , ومار ربولا الرهاوي صاحب الإبتهالات , والملفان نرساي الشاعر والأديب واللاهوتي الكبير , وكبير ملافنة السريان مار يعقوب الرهاوي واّخرون …

ففي هذه المدينة أبصر النور إبراهيم بن نوري كهلجي ( أبراهيم نورو) سنة 1923 من عائلة سريانية أرثوذوكسية ,, وبتاريخ 25 شباط من عام 1924 ترك السريان الرهاويون مدينتهم , وتركوا ما فيها من أمجاد وعظمة اّبائهم السريان , وقصدوا مدينة حلب , وحلوا في رابية من روابيها سميت ب : برّاكات السريان في ذلك الحين . ومن بين الذين هاجروا نوري كهلجي وعائلته وكان ابراهيم حينها إبن سنة واحدة .
…..ليس الشعب الأرمني فقط من ترك بلاده وهجّر وذبح في هذه البقعة الجغرافية الهامة , بل شعوب المنطقة كلها – من جميع القوميات والإثنيات والطوائف – مرت في هذه النكبات والمذابح والشتات ,, وما زالت حتى يومنا هذا في فلسطين والعراق ولبنان وسورية وقبرص وغيرها –
ولا حاجة لذكر الأسباب الحقيقية التي وقفت وراء انتقال هذا الشعب من الرها إلى حلب والذي اقتلع من جذوره , ولكن باختصار شديد كانت الأسباب لا إنسانية وتراجيدية فعلياً ..!؟

عندما وصل الشعب السرياني إلى حي السريان في مدينة حلب , بنى أول كنيسة صغيرة من الخشب , وإلى جانبها مدرسة بدائية بسيطة وكان حلمهم أن تكون مدرستهم في حلب امتداداً لمدرسة الرها العريقة . في هذه المدرسة درس الفتى ابراهيم على يد المعلم إسحق طاشجي , مبادئ اللغة السريانية والصلوات الفرضية والألحان الكنسية في كتاب (البيث كازو ) خزينة الألحان السريانية .

انتقل بعدها إلى مدرسة كنيسة مار أفرام في حارة الهّزازة وهناك تعرّف على الأساتذة منصور شيلازي , وشكري طراقجي , ويوحانون قاشيشو , وغطاس الياس مقدسي الياس .
ثم تطوّع في الجيش السوري وخدم كضابط , وحاز على شهادة البكالوريا , وانتقل بعدها إلى بيروت جامعة القديس يوسف , حيث درس الحقوق , وبدأ يهتم باللغة السريانية واّدابها وتراثها خاصة بين السريان الموارنة .
ثم عاد إلى المدينة التي كبر فيها إلى حي السريان في حلب فاهتم بالتنشئة والتعليم , فأسس مع العاملين في الطائفة أخوية ( الإيماس ) للمرحلة الإبتدائية , و( الإيتاس ) للمرحلة الثانوية .

كبر حبه للغة السريانية حتى وصل حدّ العشق , بعكس الشباب بعمره الذين اتجهوا يبحثون عن الزواج والإستقرار –
فمنذ عام 1947 انخرط في سلك تدريس اللغة السريانية بدورات في القدس , دمشق , حلب , جبل لبنان , وأديرة الرهبان الموارنة , وجامعة الكسليك .

في عام 1967 زار معظم المراكز السريانية في العالم , وألف في هذه الزيارات كتاباً أسماه : (جولتي ) , معلومات عن المراكز والكتاب والأدباء السريان –
وقد اتقن أبراهام نورو.. طريقة جديدة للتعليم بأسلوب سمعي بصري حديث أسماها طريقة : ( السولوقو ) , صدرت في كتاب في هولندة 1989 .
والغريب أنه لم يخطر في باله الزواج إلا عندما بلغ الواحد والسبعين من عمره , وقد بارك زواجه مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم إكليله على السيدة أنطوانيت باندو , الوفية له حتى وفاته وذلك في كاتدرئية مار يعقوب النصيبيني بالقامشلي في 15 أيار / 1994 ..

وفي عام 1997 أصدر كتابه الثالث بعنوان : ( تولدوثو سريويوتو ) أي المصطلحات السريانية المستحدثة , وهو حصيلة جهد كبير وأعوام عديدة بالبحث والدراسة .
يملك الملفونو أبراهيم مكتبة ضخمة , تعتبر من أكبر وأهم أمهات المكتبات السريانية التخصصية الخاصة , فهي مكتبة شاملة , جمع كتبها خلال ستة عقود من الزمن , فيها كتب باللغات السريانية , العربية , التركية , الإنكليزية , الفرنسية , الالمانية . وأما موضوعاتها تتنوع ما بين : التاريخ , اللغة , النحو , الدين , الصحة , الطب , وعدد كبير من القواميس ( من وإلى السريانية ) بينها بعض الطبعات الأولى النادرة والمفقودة .
من أقواله في محبة اللغة والاّباء السريان وتاريخ شعبه السرياني :
” نحن نعرف بأننا تلاميذ الملفان نعوم فائق , ونسير في خطاه بحسب كلماته وإرشاداته . ونعمل على إتمام ما كان يرغب ويجب أن يكون لشعبنا ” .
أما عن الملفونو يوحانون قاشيشو : إنه أول من فتح أعيننا على هذه الطريق ” .

كان صديق حميم للمطران يوحنا دولباني مطران ماردين , وغطاس دنح مقدسي الياس – وقد رسمه المطران مار غريغوريوس يوحنا شماساً قارئاً بتاريخ 4 / 3 / 2001 على كنيسة مرعيث مار جرجس للسريان الأرثوذوكس .

كان المعلم والأستاذ نورو .. يحلم أن تتم وحدة التسميات للشعب الكلداني السرياني الأشوري الواحد , وهذا أكبر مكسب لشعبه , وكان كغيره يحلم أن يرى شعبه قد حصل على حقوقه الثقافية أولاً , وقد عمل لكي يجعل تدريس اللغة السريانية في كل مكان رسمياً , وعندما صدر قرار منح الحقوق الثقافية في العراق , كان أول من هلل لهذا القراروسافر إلى العراق لكي يهنئ الحكومة بهذا القرار الجرئ والحكيم , ولكنه تألم كثيراً ما وقع للعراق من أحداث خطيرة دامية أثرت على وجود الكلدان والسريان والاّشوريين مما اضطر الكثير منهم إلى الهجرة إلى ما وراء البحار بعد أن تركوا وراءهم أرض اّبائهم ولغة شعبهم وأغلقوا صفحة من صفحات عطاءاتهم المجيدة وفتحوا صفحة جديدة مجهولة بعيدة عن الوطن الأم لأنه كان دائماً يحارب الهجرة بكل أنواعها …
وبقيت مدينة القامشلي لها مكانة خاصة في قلبه وعقله , كان ينظر إليها كمدينة وارثة لمدينة ( نصيبين ) ومدرستها , التي كانت بمثابة أول جامعة في بلاد ما بين النهرين .. ولحبه الكبير لها وعشقه لها قرر أن يعقد قرانه فيها حصرا –

اتقن الرائد والمعلم ابراهيم العديد من اللغات مثل : السريانية , العربية , الفرنسية , الإنكليزية , التركية, والألمانية … وقد حاضر في السريانية ولغتها وتراثها في كثير من جامعات ومدن العالم : كامبردج وأكسفورد والهند وكندا و أميركا وأوربا والبلدان العربية وتركيا وإيران …
وقد زار أكثر مدن سورية ولبنان وتركيا وفلسطين والعراق والأردن وكندا وإيران والهند وأوربا وأميركا –
يا لإعتزازنا وفخرنا بهذه الأسماء والشخصيات التاريخية والأعلام الرائدة والكنوز الثقافية .. عباقرة التاريخ الإنساني والمعرفي والأخلاقي , وما وفاته إلا خسارة كبيرة للغة السريانية وتراثها … ولكن البركة في الأجيال الجديدة الصاعدة في هذا المجال … أمثال الباحث الشاب الصديق العزيز سامي ابراهيم وغيره العشرات بل المئات ..

أهم مؤلفات الملفونو ابراهيم نورو :
1 ) دراسة عن مار افرام السرياني باللغة السريانية – عام 1946 .

2 ) الأسطرنجيلية المستقلة ( سرياني وعربي ) مع الملفونو عبد الكريم شاهان , بيروت 1967 .
3 ) أفرام في المصادر العربية والسريانية حتى عام 1973 .
4 ) كتاب جولتي في أبرشيات الكنيسة السريانية الأرثوذوكسية في سورية ولبنان , باللغة السريانية والعربية والإنكليزية 1967 .
5 ) مشروع تثبيت المصطلحات السورية المستحدثة في مختلف الميادين حوالي ( 700 ) كلمة .
6 ) مساهمة في إغناء ملحق لقاموس ( منّا ) تتضمّن 2100 كلمة ومصطلح جديد .
7 ) سولوقو : وهو كتاب تعليمي لمبادئ اللغة السريانية – سمعية بصرية طبع في هولندة عام 1989 .
8 ) تاولدوثو : أي المصطلحات السريانية المستحدثة- مبادئ ومقاييس وأمثلة عام 1997 .
9 ) سولوقو الترجمان : أي ترجمة كلمات ومصطلحات الكتاب التعليمي إلى اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية .

10 ) مقالات وقصائد ومحاضرات عدة .
11 ) مسودات مخطوطة فيها دراسات عامة عن أوضاع الأبرشيات ( إجتماعياً ثقافياً وعمرانياً ) .
12 ) ثبتت مكتبة الملفان ( نورو ) لخدمة التراث السرياني , التي تحوي ( 3850 ) كتاباً عن شتى مواضيع اللغة السريانية واّدابها وعلومها وفنونها وتاريخها بسائر اللغات الاّنفة الذكر .
……………..

مدينة رأس العين :
تقع شمال سورية على أحد روافد نهر الخابور , غرب القامشلي – تعتبر هذه المدينة واحدة من سلسلة خط المدن ( المنارات الثقافية ) نصيبين وأورفة الرها ماردين الخ …,, وفيما بعد أخذ إسم طريق الحرير ..
كيف كانت مدينة رأس العين في عهد الطبيب سرجيس ؟

كان سرجيس رئيساً لأطباء رأس العين , وقد ترجم بعض المؤلفات الطبية اليونانية للطبيب اليوناني ( جالينوس ) الذي يعتبر أساس دراسات الطب في الأوساط الطبية الشرقية .
تعلم المسلمون العرب الطب من الأطباء السريان في بيت الحكمة في بغداد , ويعتبر الطب السرياني هو أساس الطب العربي – وفي مصر أيضاً نشط السريان المصريون في هذا المجال قبل الفتح العربي –
ويعتبر الطبيب سرجيوس فيلسوف وطبيب وشخصية تحمل الكثير من المواهب والذكاء والمطالعة والتعمّق بالعلم والمعرفة .. له مجال واسع في العلوم وكاتب متصرف من أجرأ الكتاب قريحة .

من أهم العوامل التي أدت إلى إزدهار الترجمة في بلادنا ودور السريان بنقل العلوم اليونانية إلى العربية :
هي فتوحات الإسكندر الكبير و إنتشار الحضارة اليونانية في غرب اّسيا ومصر مما أكسب هذه المنطقة طابع خاص أطلق عليه بعض المؤرخين إسم الحضارة ( الهلينستية ) , وهي ممتدة على الفترة من وفاة الإسكندر في عام 323 قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي عندما جا الفتح العربي الإسلامي … ومن أهم مراكز الحضارة اليونانية:
الإسكندرية – أنطاكيا – نصيبين – جنديسابور –
———————————————–
وقد كانت اللغة السريانية بمثابة اللغة العالمية في تلك المراحل للمعرفة والعلم في منطقة الشرق الأدنى حتى الهند .
ولقد ترجم السريان كتاب : كليلة ودمنة الشهير , و كتاب ( السندباد ) أيضاً .

ومن المدارس التي ازدهرت بالعلوم والترجمة :
——————————————
مدرسة الأسكندرية – مدرسة جنديسابور – ومدرسة حرّان
——————————————————
– مدرسة حران :
هذه المدرسة كانت مركزاً للأثينيين الصابئة وهم من السريان الذين اختلطوا باليونانية الوثنيين الفارين من الإضطهاد المسيحي وينسب عن هذه المدرسة : ثابت بن قرّة الصابئي – وله عدة مؤلفات في الطب وعمل في خدمة الخليفة المعتضد العباسي ( 279- 289 ) وكان من ذريته سنان بن ثابت – الذي حظي برضاء الخليفة القاهر , كما اشتهرت مدرسة حران بالفلك وينسب إليها في هذا المجال : عبدالله محمد لبتاني – أبو جعفر الخازن .
وينتسب إلى هذه المدرسة أطباء أسرة بختيشوع الذين اشتهروا كثيراً , ومنهم من عالج الخلفاء العباسيين الأوائل .
…….

– مركز النشاط العلمي عند السريان – يمكن تصنيف مراكز النشاط العلمي عند السريان إلى أربع فئات وهي :
أ – المدارس أو الكليات التي أسسها السريان منذ المئة الأولى والثانية في بلاد مابين النهرين وفارس وسورية وأشهرها في الشرق :
السلوقية أي المدائن / ومدرسة حران / ومدرسة جنديسابور .
ب – الأديرة ومدارس الكنائس التي انتشرت في طول البلاد .. وأهمها دير قنسرين على ضفة الفرات – الشرقية إزاء مدينة جرابلس .
دير العمود بالقرب من رأس العين في الجزيرة , دير قرتمين ويعرف بدير العمر – دير تلعدا الكبير في حلب جوار أنطاكيا , – دير مار زكا بجوار الرقة , دير مار متى .. ودير مار بهنام بالقرب من الموصل – دير مار برصوم قرب ( مالطية ) , مدرسة البطريركية الشرقية بغداد –
ومدارس الكنائس في : الحيرة – الكوفة – كركوك ( كرخ سلوخ ) وأربيل –

• قبل ظهور الإسلام نهض السريان بدور كبير في ترجمة معارف اليونان وعلومهم أولها الطب :
ومن أعظم الأطباء السريانيين في بيت الحكمة في بغداد كان سرجيس الرأس عيني الطبيب المشهور .
لقد درس سرجيس المنطق والطب وعلوم أخرى كثيرة ,, ولقد عنى السريان بعلم الطب ومارسوه مدة تقرب من ألف عام وأكثر , وقد أجروا وألفوا كتباً عن الأغذية , من ترجمة سرجيس الرأس عيني .

– مدينة رأس العين .. مدينة الطبيب سرجيس السرياني
– الدرباسية … مركز تجمع السريان القصوارنة
– القامشلي .. الوجه المشرق للسريان
– المالكية .. بلدة كنيسة العذراء العجائبية ..
* * * * *

– يوحنا الدمشقي كوكب المسكونة
يوحنا الدمشقي الحكيم الموقر , يوحنا الدمشقي معلم الكنيسة
يوحنا الدمشقي .. القديس . المدافع عن الأيقونات في الكنيسة والتعليم ..
ترنيمة ” طروبارية” الكنيسة للقديس يوحنا الدمشقي :
– ” ظهرت أيها الملهج بالله يوحنا , مرشداً إلى الإيمان المستقيم , ومعلماً لحسن العبادة والنقاوة , يا كوكب المسكونة وجمال رؤساء الكهنة الحكيم . وبتعاليمك أنرت الكل بمعرفة الروح فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا .
– لنسبّح أيها المؤمنون يوحنا الموقر كاتب التسابيح ومعلم الكنيسة ومصباحها المقاوم الأعداء لأنه أخذ سلاح صليب الرب , فصادم به ضلالة الأراتقة كلها , وبما أنه شفيع حار عند الله يمنح الكل مسامحة الزلات ” .
– ولي عودة لدراسة العلامة يوحنا الدمشقي الذي لعب دوراً هاماً في تعليم الخليفة الأول معاوية وأبناءه اللغة السريانية لغة بلاد الشام السائدة اّنذاك والمتطورة عن اللغة القديمة والعلوم الأخرى في الدراسات القادمة ..

……………………………………………………………………….
المصادر :
– الترجمة ودور السريان بنقل العلوم اليونانية : عن منتدى كلية الطب .
مجلة الطريق :– الحضارة الاّرامية – السريانية بين الماضي والحاضر .
منتديات باقوفا : نظرة في التراث العلمي السرياني .
 كتاب نسمات الجبل : للشاعر غطاس ( دنحو ) الياس مقدسي , دار ماردين الرها حلب 2001 .
 أدب اللغة السريانية , الأب ألبير أبونا , بيروت 1996 .
 الأديب يوسف نامق , كتاب : القافلة الأخيرة , طبعة أولى دار الرها حلب 1991 .
 كتاب الأثمار الأخيرة : الملفونو غطاس دنحو مقدسي الياس , حلب 2007 .
 مشاعل الرها – المربية سارة دوغرامجي , مقدمة المطران يوحنا ابراهيم .
 كتاب : سيرة القديس يوحنا الدمشقي – منتدى المواضيع الروحية , منتديات ومواقع البوابة , وعين كاوا وغيرها ……..
مريم نجمه / هولندة / يناير كانون ثاني / 2012

مار يعقوب الرهاوي (708م+)

مار يعقوب الرهاوي (708م+)

للأب د. يوسف اسطيفان البناء

كاهن كاتدرائية مار أفرام في الموصل

اختصاصي الأمراض الباطنية

يزخر التراث السرياني بنفائس لا تقدر بثمن من أفكار وكتابات وآباء وحوادث، وما إلى ذلك من مفردات في مختلف مجالات العلوم والثقافة التي تبنى بها أساسات الحضارة وصروحها على مر الأزمان، وفي الجامعات العالمية الكبرى اليوم، هناك عودة إلى الحضارة والتراث السرياني الجليل، حيث أيقن العلماء واكتشفوا من خلال الدراسات والمقارنات التي أجروها، أن الحضارة الآرامية السريانية، هي من أعطى للعالم البعد الفكري والروحي للإنسان؛ وبمعنى آخر، فإننا نستطيع القول وبكل فخرٍ واعتزاز أن الحضارات اليوم هي امتدادٌ لحضارة السريان، كيف لا وأننا نرى في يومنا هذا من المستشرقين الغربيين من أتقن اللغة السريانية وسبر غورها ليستطيع أن يترجم من تراثها الغني ليقدّم للعالم نتاجاً مميزاً وفريداً في مجالات الثقافة والعلوم المختلفة، وهكذا أصبحت النصوص السريانية مفردات نفيسة تؤسس لحضارة عالمية جديدة.

والكنيسة السريانية الأنطاكية الأرثوذكسية المقدسة، تعتز بالتراث السرياني المقدس، وتهتم بطاقتها القصوى الممكنة بنشر هذا التراث العظيم وتكريم ملافنة السريان وعلمائهم وأدبائهم وآبائهم على مر العصور، متعاونة بذلك مع كل المهتمين في العائلة السريانية المتعددة الطوائف، وغيرهم من غير السريان الذين عشقوا السريانية والتراث السرياني وسخروا جهودهم وطاقاتهم في هذا السبيل.

وهنا تأتي الإلتفاتة المباركة من لدن سيدنا صاحب القداسة مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، بطريركنا المعظم، والسادة أساقفة الكنيسة أعضاء المجمع المقدس الموقرين، في اعتبار سنة 2008م (هذه السنة) سنة القديس الجليل مار يعقوب الرهاوي (708م+)، إذ تصادف ذكرى مرور (13) قرنا لإنتقاله إلى الخدور العلوية.

وبهذا الإعلان تكون الكنيسة المقدسة قد هيّأت لأبنائها وللمسيحيين كافة وللمهتمين بالتراث مناسبة مهمة للتعرف على ملفانٍ عظيم، يصنف في مقدمة علماء السريان الفطاحل في علم الإلهيات وتفسير الكتاب المقدس والترجمة والفلسفة والفقه البيعي والتاريخ والأدب واللغة والنحو وغيرها من العلوم كما يقول عنه سيدنا صاحب القداسة مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، إذ كان قد نشر مقاله بعنوان (مار يعقوب الرهاوي / 633 – 708م / اللاهوتي ، المؤرخ، المترجم، اللغوي السرياني ، مستنبط الحركات السريانية) في مجلة مجمع اللغة السريانية _ المجلد الثاني _ 1976، يوم كان مطراناً على بغداد (1969 – 1980م).

كما أن قداسة مار إغناطيوم أفرام الأول برصوم كتب عن هذا القديس الجليل في مجلة الحكمة 1930م. وفي كتاب اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانية معطيا المكانة المناسبة لشخصيته الفذة وعلمه الغزير.

ولا أريد هنا أن أكتب سيرة حياة هذا القديس الجليل وإنجازاته العلمية ومؤلفاته، لأنها موجودة وبشكل مفصل في المقالات التي أشرت إليها أعلاه، إضافة إلى الشرح الشامل لحياة هذا القديس الجليل في المقدمة الموسّعة التي كتبها نيافة مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم، مطران حلب وتوابعها، لترجمة كتاب الأيام الستة لمار يعقوب الرهاوي إلى اللغة العربية، والتي أنجزها سيدي مار غريغوريوس صليبا شمعون، مطران الموصل ونشرت عن دار الرها سنة 1990م.؛ لكني في هذه العجالة أشير باختصار إلى هذه الشخصية السريانية المرموقة، حيث كانت ولادته نحو سنة 633م. في قرية عندابا التابعة لولاية أنطاكية، ودرس السريانية والكتاب المقدس ومؤلفات الآباء في مدرسة قريته، ثم التحق بدير قنشرين ومدرسته الشهيرة قرب جرابلس سوريا، حيث تخصص في العلوم والآداب والفلسفة واللاهوت وأتقن اللغة اليونانية، ثم انتقل إلى الأسكندرية للمزيد من المتابعة العلمية، ليعود إلى الرها ويختار النسك والرهبانية طريقا لحياته، ورسم مطرانا للرها سنة 684م. بوضع يد البطريرك الأنطاكي مار أثناسيوس الثاني البلدي (687م+)، وبعد أربع سنوات ترك كرسي المطرانية محتجاً على عدم الإلتزام بتطبيق القوانين البيعية، وتوجه إلى دير مار يعقوب في كيسوم سميساط (بين حلب والرها)، ثم إلى دير أوسيبونا قرب قرية تلعدا في كورة أنطاكية، معلما شرح الكتاب المقدس، ثم انتقل إلى دير تلعدا المعروف بالدير الكبير (شمالي قرية تلعدا في كورة أنطاكية وعلى بعد حوالي 30 كلم من حلب و70 كلم من أنطاكية)، منكبا على تصحيح ترجمة الكتاب المقدس باللغة السريانية عن النص اليوناني، ومعلما اللاهوت والفلسفة واللغة اليونانية لتلامذة الدير، وحاول المؤمنون في الرها إعادته إلى مطرانية الرها، لكنه انتقل إلى جوار ربه يوم 5 حزيران 708م. ودفن في مقبرة الدير، وله الكثير العديد من المؤلفات النفيسة في الكتاب المقدس وعلم اللاهوت والتاريخ والنحو والقوانين البيعية والليتورجيا والفلسفة والرسائل في مختلف المواضيع والترجمات، وأشهر كتبه هو كتاب الأيام الستة في وصف العالم وظواهره الطبيعية في إطار قصة الخليقة، وإليه تنسب الحركات الخمس في اللغة السريانية المعبر عنها بصور أحرف يونانية، كما له محاولة في إدخال أحرف جديدة إلى اللغة السريانية.

شمّرت أبرشية حلب السريانية عن سواعدها بهمة مطرانها العلامة مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم، واهتمت بشكل مميز ولائق في إحياء الذكرى العطرة لمرور 1300 سنة على رقاد القديس الجليل مار يعقوب الرهاوي (708 – 2008م)، كيف لا وهي تحتضن آثار دير تلعدا التي اهتم نيافة المطران يوحنا في السنوات الأخيرة بتسليط الأضواء عليها وتسجيلها وقفاً باسم الكنيسة السريانية في حلب؛ وضمن الفعاليات لهذه الذكرى: اطلق اسم مار يعقوب الرهاوي على أحد شوارع مدينة حلب؛ وأقيم قداسا احتفاليا في موقع دير تلعدا قرب ضريح مار يعقوب الرهاوي يوم 5 حزيران 2008م.، ومؤتمراً باسم مار يعقوب الرهاوي في حلب للفترة من 9 – 12 حزيران 2008م. شارك فيه فريقٌ من المستشرقين والعلماء والباحثين من مختلف دول العالم، الذين قدّموا دراسات تمثل حصيلة أبحاثها بعض أوجه النتاج الفكري السرياني لهذا العلاّمة وما تركه للأجيال، وتخللت أعمال المؤتمر زيارات إلى مواقع أثرية لأديرة سريانية كانت محافل للعلم في أيام غابرة، منها : دير تلعدا ، ودير مار سمعان العمودي وهو مؤسس طريقة العموديين ، ودير قنشرين (الذي أسسه مار يوحنا ابن افتونيا سنة 538 م. وبقي آهلاً إلى القرن الثالث عشر)، ومدينة منبج التي منها خرجت الملكة السريانية تيودورة (قيصرة القسطنطينية في القرن السادس الميلادي) وكانت أبرشية العلاّمة مار فيلكسينوس المنبجي (523م+).

وكمشاركة متواضعة في هذه الذكرى العطرة أود هنا أن أعرج على بعضٍ من المواهب التي منّ بها الروح القدس على هذا الملفان الجليل:

أولاً : تعطشه لإقتناء العلم : وابتداء بمدرسة قريته عيندابا (عين الذئب من أعمال أنطاكية)، مروراً بمدرسة دير قنسرين الشهيرة، وانتقالاً إلى مدرسة الإسكندرية، ليتبحر في علوم اللغة السريانية واليونانية والكتاب المقدس والفلسفة واللاهوت والآداب .. ما جعله بحراً هادراً بل كنزاً وافراً من العطاء، فجاد حتى آخر أنفاسه بمؤلفاتٍ ومصنفات عظيمة ومميزة، أغنت المكتبة السريانية والكنيسة المسيحية، وجعلت التراث السرياني يحلق عالياً في سماء الحضارات.

ثانياً : غيرته الشديدة على تطبيق القوانين والأنظمة البيعية بأمانة : ورفضه أي تهاون في هذا المجال، وعدم تقبله لموضوع تراخي خدام الكنيسة ومحاولة التفافهم على الضوابط الكهنوتية تماشياً ومجاراةً لتداعيات مسيرة أبناء العالم واتجاهاتهم المخالفة للسلوك الروحي السوي، ما جعله أن يرفض تسلم المناصب الإدارية في الهيكلية الكنسية، ليعود إلى حياة النسك والإنعزال والعبادة الحقة، ما وفـّر له الأجواء المناسبة للتفرّغ لإشباع عطشه في اقتناء العلم والمعرفة، ثم الإبداع والعبقرية في العطاء الثر في حقل الرب.

ثالثاً : ورغم أنه عاصر فترة مضطربة جدا على الصعيد السياسي والإجتماعي، ما يؤثر سلباً على العلماء والمفكرين في هكذا ظروف، لكنه استطاع أن يجتاز هذا البحر المتلاطم والأمواج، ليسمو في العطاء والنبوغ والنتاج العلمي والثقافي والروحي، مقدماً للسريان صفحاتٍ مجيدة من تراثهم.

وأخيراً ما نرجوه ومن خلال ما كتب من مقالات وما نظم من ندوات ودراسات وتحليلاتٍ علمية وثقافية حديثة وشروحات مستفيضة بنّاءة، لهذه الشخصية السريانية العظيمة، أن يساعد في إغناء المكتبة السريانية، وإنعاش الفكر السرياني، وتغذية المؤمنين سرياناً وغيرهم – بجرعات تراثية جديدة، وليشملنا الرب بمكارم وصلوات هذا القديس الجليل. آمين.

قراءة المزيد