سوريه حلب كازية بارون في الخمسينات
في حلب تسمى محطة الوقود كازية
ذلك نسبة للكاز ( الغازولين ) وهو وقود الطائرات الببورات
عرفت حلب الطائرة قبل أن تعرف السيارة .
شارع بارون هو ذلك الشارع المتعامد مع شارع القوتلي من جهة الشمال ومع جادة الناعورة ( المتحف) من جهة الجنوب .
شارع فخم يمر منه العامة مسرعين الخطا ، لأن فيه محلات مكاتب لاتخص العوام ، من أراد دخول إحدها عليه أن يدفع كثيراً .
قبل فتح هذا الشارع بداية القرن العشرين كان درباً ترابياً يمر منه الناس الزائرين لقبور موتاهم في تربة العبارة أثناء الأعياد ،
هذا الدرب يصل حلب القديمة بتربة العبارة من جهة الغرب ويرسم حدودها .
في الأيام العادية لم يكن يطرقه سوى دراويش الملخانة وهم يقومون بالسياحة بين القبور ،
السياحة ليست حديثة العهد في شارع بارون ، لأن مفهوم السياحة الصوفية أقدم بكثير من السياحة الترفيهية ، حيث يجد الدرويش الراحة والترفيه أثناء تفكيره في العالم الآخر ،
يعتبر القبر بوابة إلى عالم الخلود والتجلي .
نتيجة لذلك كان يسمى شارع بارون في القرن التاسع عشر بدرب الصوفي ، وهو يمتد حتى جبل النهر ( العزيزية ) .
لو عدنا في الزمن إلى عام 1822 عام الزلزال الكبير سنجد أن درب الصوفي يمتد جنوباً حتى خراق الجلوم مخترقاً بساتين باب جنين ، ليصل مابين الجلوم وجبل العزيزية ،
حيث رسمته أقدام أبناء الجلوم الذين غادروها وبنو مساكن جديدة في العزيزية وكان معظمهم من المسيحيين .
في عام 1872 حصل حريق حلب الكبير ، تم فتح جادة الخندق ، قسم المدينة الكبيرة لكي لاتحترق دفعة واحدة ، كذلك لتسهيل دخول صهاريج المياه المحمولة على عربات ( نوع بدائي من الإطفاء) ،
ونقل سكان جادة الخندق والعطوي وبندرة الإسلام وبندرة اليهود إلى الجميلية .
أدى هذا الانتقال إلى رسم شارع القوتلي بأقدام الأهالي ، فتقاطع مع شارع الصوفي ( بارون ) عند تقاطع سينما فؤاد الحالي .
بهذه الطريقة تم رسم هذين الشارعين ، الأول( بارون) نتيجة الزلزال الثاني ( القوتلي ) نتيجة الحريق .
بنيت كازية بارون في الثلاثينات لتؤمن حاجة السوق المتزايدة من المحروقات ، ذلك ضمن وجيبة ملهى اللونابارك الشهير . قامت بالفصل بين هذا الملهى ومابين سينما باتا الصيفية .
ربما أغلب الناس لا تعرف هذه الأسماء ، لأنها انقرضت منذ زمن بعيد .
اللونابارك ملهى صيفي ذو مساحة شاسعة بنيت مكانه أبنية كثيرة ، بقي منه ساحة الكرنك للباصات .
أما سينما باتا فهي نادي الضباط ومطعم حنا كعدة .
بعد انتشار البناء في الأربعينات حشرت كازية بارون بين الأبنية ، ربما مكانها هو الأخطر على الإطلاق في حال نشب حريق لاسمح الله .
في نهاية العهد العثماني كان شارع القوتلي يسمى الجادة العظمى ، بينما شارع بارون يسمى شارع الصوفي .
في زمن الانتداب سمي شارع القوتلي بشارع فرنسا ، بينما سمي شارع بارون بشارع غورو .
بعد الاستقلال أخذ هذين الشارعين أسماءهم الحالية ( بارون ، القوتلي ) لانعتقد أن قوة في الأرض تستطيع تغيير هذين الاسمين .
يبقى شارع بارون شارعاً للنخبة التجارية تشعر حين المرور فيه أنه لاعمل لك فيه وأن حاجزاً يمنعك من الاندماج معه ، ربما هذا الشعور أتى من فندق بارون الذي ينتمي إليه غورو ديغول و أجاتا كريستي جمال باشا مجحم المهيد ، لكننا نحن البسطاء لاننتمي إليه .
منقول بتصرف   Lousin Kerd