كاتدائية القديس يوحنا المعمدان في دمشق
في يوم تذكار قطع رأسه
كاتدائية القديس يوحنا المعمدان في دمشق
بُنيت الكاتدرائية في عهد الملك الروماني ثيوذوسيوس سنة ٣٧٩ م، وكانت تحفة فنية تزينها اللوحات الفسيفسائية والإيقونات والرسومات وكان سكان دمشق الأصليون من المسيحيين يصلون فيها ويفتخرون بها كونها أكبر كنائس مدينتهم ومن معالمها المشهورة.
في سنة ٦٣٤ دخل المسلمون الغزاة دمشق واحتلوها بعد حصارها وذبح من قاوم من سكانها، لتصبح عاصمة لدولة الخلافة الأموية.
استولى المسلمون في بادئ الأمر على مباني الكاتدرائية وحولوها لمسجد وأبرموا عهداً مع سكان دمشق المسيحيين بأن جزءاً من حرم الكاتدرائية سيبقى كنيسة لهم، لكن هذا العهد لم يصمد طبعاً ونكثه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك واستولى بالقوة على الجزء المسيحي وأمر بهدمه، حيث صعد بنفسه إلى البرج الغربي للكاتدرائية وكان فيه صومعة بداخلها راهب يصلي، فأمره الخليفة بالنزول منها، وعندما رفض الراهب، ركله بقدمه ليتدحرج من فوق ويموت شهيداً لإيمانه وتمسكه بكنيسته.
ثم وقف الوليد على أعلى مكان من الكنيسة فوق المذبح الأكبر وأخذ فأساً وحطم حجراً وألقاه على الأرض وسط صيحات الجنود والأمراء الذين بدأوا يهدمون وهم يصرخون الله أكبر … الله أكبر !!!
أما المسيحيون فتجمعوا وبدأوا بالبكاء والعويل فأمر الخليفة رئيس الشرطة أن يضربهم ويفرقهم، وهدم المسلمون في ذلك اليوم المشهود الكثير من المذابح التاريخية والرموز المسيحية العريقة.
أرسل الوليد إلى ملك الروم في القسطنطينية يطلب منه عمالاً في الرخام والأحجار ليغيروا بناء الكاتدرائية ويجعلوا منها مسجداً مع مآذن، وكتب له رسالة يهدده فيها ويتوعده بإنه إن لم يفعل فسيغزو بلاده بالجيوش ويخرب كنائسها، وأيضاً كنيسة القيامة في القدس وكنيسة الرها وجميع الكنائس تحت سيطرته.
بعث ملك الروم عمالاً كثيرين وكتب إلى الوليد :
لقد هدمتَ الكنيسة التي رأى أبوك تركها، فإن كان حقاً فقد خالفت أباك، وإن كان باطلاً فقد أخطأ أبوك .
فلم يعرف الوليد كيف يجيبه.
وجد العمال الروم خلال عملهم مغارة وأخبر الجنود الخليفة بذلك، فأتى ليلاً ومعه شمع فإذا هي كنيسة أخرى صغيرة وفيها صندوق ففتح الصندوق فإذا فيه إناء وفي الإناء رأس لم يكن سوى رأس القديس العظيم يوحنا المعمدان الذي وضع أساساً لكاتدرائيته المهيبة في دمشق، فأمر الوليد بإعادته إلى مكانه وتشييد مقام فوقه بإسم مقام النبي يحيى.
في ستينات القرن العشرين واثناء عمليات الترميم والحفر التي كانت تجري لتوسيع وترميم كنيسة الروم الأرثوذكس المعروفة بالمريمية في دمشق القديمة والواقعة بين الجامع الأموي (كاتدرائية يوحنا) وكنيسة حنانيا، ظهرت أجزاء من نفق قديم كان يربط الكنيستين ببعضهما البعض، وكذلك في باحة الجامع هناك بقعة من الأرض تحت فناء مسقوف، إذا ما وقف الزائر في منتصفها وضرب عليها بقدمه، فإنه يسمع صدى عميق للضربات يشير إلى وجود نفق في الأسفل.
لم يبقى اليوم من الرموز المسيحية داخل الجامع (الكاتدرائية) سوى جرن المعمودية، والكتابة الرومية (اليونانية) الموجودة على الباب الجنوبي والتي ترجمتها:
ملكك أيها المسيح إلى أبد الدهور وسلطانك إلى جيل فجيل.
واكتشف مؤخراً أيضاً رسم للسيد المسيح وعلى رأسه إكليل شوك.
لوحات وواجهات المسجد يقول المسلمون أنها رسومات عربية تمثل مشاهد الجنان في القرآن، لكنها ليست سوى لوحات وفنون بيزنطية من الكاتدرائية الأصلية رسمها الروم وكانت مذهبة ومرصعة بالحجارة الكريمة قبل أن يزيل العرب هذه الحجارة ويسرقوها ويطلوا اللوحات بالطين حيث بقيت محجوبة حتى عام ١٩٢٨ عندما كشف عنها الفرنسيون بجهود مضنية خلال فترة الانتداب على سوريا.