” هل كان لأجدادنا الآراميين أبجدية خاصة لهم؟ “
” هل كان لأجدادنا الآراميين أبجدية خاصة لهم؟ “
هنري بدروس كيفا
من المؤسف بعض السريان صاروا في بداية القرن العشرين يدعون
بإنتماء أشوري غير علمي و اليوم يحاولون بكل الطرق إيجاد حجج واهية
( و ليس براهين أكاديمية ) كي يثبتوا هويتهم الأشورية المزعومة .
يظهر أن قسما من هؤلاء السريان المدعين بالهوية الأشورية المزيفة
صاروا يسمون ” ظاهريا ” لغتهم الأم باللغة السريانية و لكنهم باطنيا
و في بيوتهم لا يزالون يسمونها ” أشورية “! و من المؤسف إن كثيرين
من السريان قد إنخدعوا بطروحات هذه الإيديولوجية الأشورية المزيفة
لهوية أجدادهم الآراميين .
الشيئ المعيب على بعض هؤلاء المتطرفين هو محاولاتهم الدائمة
من تشويه تاريخ أجدادهم الآراميين و لفرط جهلهم و إبتعادهم عن
الجامعات التاريخية و المكتبات المتخصصة صاروا يتوهمون أن
السريان – الأوفياء لهوية أجدادهم الآراميين – لا يعرفون أو لا يتحققون
في تاريخ إجدادهم الحقيقي.

يلمح بعض المتطفلين على التاريخ أنه لم يكن للآراميين أبجدية
خاصة بهم, و يتحججون أن ملك سمأل الآرامي قد دون نصبا له بالأبجدية الكنعانية . و ما يثير للشفقة أن هؤلاء المتطفلين يرددون
أن ” أبجدية أوغاريت ” هي أقدم من أبجدية الكنعانيين و هم يتوهمون
أن للأشورين فضلا في تطوير الكتابة في أوغاريت . للتذكير فقط
أن الأشوريين لم يحتلوا أي منطقة في سوريا القديمة قبل القرن العاشر
قبل الميلاد !
أخيرا و جوابا على السؤال المطروح هل كان لأجدادنا الآراميين أبجدية خاصة لهم؟ سوف نعتمد على أبحاث أهم العلماء المتخصصين في دراسة اللغة الآرامية . الباحث الفرنسي André Lemaire هو من
أشهر العلماء المتخصصين في دراسة النصوص الآرامية و العبرية
و الكنعانية . و لمن يريد أن يتعمق ( يتأكد قبل أن يعلق بشكل سطحي) أرجو أن يطلع على
The Spread of Alphabetic Scripts (c. 1700–500 BCE)
حيث نرى أن العالم Lemaire يؤكد أن الكتابة الموجودة على نصب
هدد يسعي هي آرامية و تعود الى آواخر القرن التاسع قبل الميلاد .
و هذا النصب قد وجد في مدينة غوزانا أي في بيت نهرين التي ستعرف
لاحقا بالجزيرة السورية .
ملاحظة مهمة إن هذا العالم يؤكد أن نصب الملك كيلاموا في سمأل
هو كنعاني ( فينيقي ) ربما لأن اللغة الكنعانية كانت هي المنتشرة في
منطقة كيليكيا القديمة حيث كانت تتواجد مملكة سمأل . و لكن الإخوة
الذين يتنكرون لهوية أجدادهم الآراميين و يدعون أنه لم يكن لهم أبجدية
آرامية خاصة بهم :
أ – صحيح أن الآراميين في سمأل قد إستخدموا الأبجدية الكنعانية خاصة
في نصب كيلاموا .
ب – و لكن – الصحيح أيضا _ أن آرامي سمأل قد طوروا أبجديتهم
و هي خليط من أبجدية آرامية و آبجدية كنعانية , يطلق عليها العلماء
الأبجدية السمألية !
ج – و قد ترك لنا آراميو سمأل كتابات آرامية في القرن الثامن ق٠م
فقط للتذكير هذا ما حدث في مملكة سمأل و لكن في بقية الممالك
الآرامية فإن الآراميين قد طوروا أبجدية خاصة لهم منذ القرن العاشر !
بعض السريان الذين يؤمنون بإيديولوجية أشورية مزيفة يحاولون ترويج
فكرة خاطئة تدعي أن الأبجدية الآرامية هي نفسها الأبجدية الكنعانية .
و إنني أدعو كل سرياني غيور أن يتحقق و أن يصدق العلماء
المتخصصين في هذه المواضيع …
أخيرا لقد نشر الكنعانيون ابجديتهم في حوض البحر الأبيض المتوسط
و خاصة في اليونان , فالأبجدية اليونانية هي متطورة عن الأبجدية
الكنعانية و قد وجدت بعض النصوص اليونانية القديمة تعود الى القرن
الثامن ق٠م . و قد تطورت الأبجدية اليونانية مع الزمن و كذلك الأبجدية
الآرامية فقد كان لها عدة طرق لكتابة الأحرف تختلف من منطقة الى
أخرى !
السريان الذين إبتعدوا عن جذورهم الآرامية من أجل إيديولوجية أشورية
مزيفة يتوهمون أن طروحاتهم الكاذبة تستطيع أن تنفي وجود أبجدية
آرامية خاصة لأجدادهم !
لقد إكتشف مؤخرا عدة نصوص آرامية ( و ليس كنعانية ) في سمأل
و إن العالم Lemaire هو من سيترجمها . و هذا نص شهير آرامي
قد وجد في سمأل : الغريب لم أجد أي عالم يدعي بأنه كنعاني !