ماردين حاضرة سريانية عريقة

ماردين حاضرة سريانية عريقة متى روهم


اسم ماردين مشتق من السريانية ܡܪܕܝܢ ويفيد معنى (الحصون ٬ القلاع) .
اهلها يلفظون الاسم – مردين – (بكسر الميم)، وفقا للفظ السرياني.
موقعها في أعالي جبال ايزلا ، ووجود الحصون فيها ، أعطاها المناعة لتستمر منذ العهد الآشوري على الأقل ، والى يومنا هذا.
في نهاية القرن الثالث عشر نقل البطريرك ابن وهيب الكرسي الانطاكي من ملاطية الى ماردين ، لوجود كثافة سريانية فيها . استمر الكرسي فيها إلى عام 1933 ٬ وبعدها نقله البطريرك افرام الاول برصوم الى حمص ، وثم نقله البطريرك يعقوب الثالث الى دمشق في عام 1957.
تشبه ماردين في بنائها على سفح الجبل مدينة زحلة اللبنانية.
عاش فيها السريان الأرثوذكس والكاثوليك، والكلدان، والأرمن الكاثوليك ، والبروتستانت. وسكنت فيها المبشرة البروتستانتية (ميس فرانكا) وكانت تدير مدرسة للأيتام .
لم يسكنها اليهود بل سكنوا نصيبين ، لأنه على ما يروى بأن اهل ماردين كانوا اذكياء جداً فلم يجد اليهود لهم مصلحة في السكن بينهم .
ويروون بأن يهوديا جاء الى ماردين ، فسأل صبيا فيها بأن يأتيه بشيء يطعمه، ويؤنسه، ثم يطعم حماره أيضاً. ذهب الصبي وجاءه ببطيخة حمراء ( الجبزة بلهجة اهل الجزيرة) . وقال له : اعطيك الجبزة لتاكلها، وتتسلى ببذورها، وثم تعطي قشورها لحمارك لتطعمه. افتكر اليهودي في نفسه وقال : هؤلاء لا يرمون شيىئا لاستفيد منه. فلا منفعة للبقاء بينهم .
عرفت ماردين حارات قديمة فيها ، مثل حارة ام الأربعين وكانت مقرا مطرانيا للسريان الأرثوذكس، وحارة مار ميخائيل، وحارة مارت شموني، وحارة باب المشكية، وحارة الشمسية وغيرها .

حارة الشمسية أخذت اسمها من عبادة الشمس، لأن سكانها كانوا يعبدون الشمس قبل دخولهم في المسيحية.
عرف اهل ماردين طريقهم إلى أمريكا الجنوبية اولا ثم الشمالية قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها .
ونزح كثير من أهل ماردين إلى سوريا الدولة الحديثة تحت الانتداب الفرنسي.
وعرف سكانها هجرة واسعة الى استنبول بعد منتصف الخمسينات من القرن العشرين. عدد المسيحيين فيها تضاءل ليكون الآن عشرات العائلات بعد أن كان أكثر من خمسة آلاف عائلة.
ما زالت اللغة العربية محكية بين سكانها، ولهجتهم قريبة من لهجة أهل الموصل. ويعود السبب لهذا التقارب العلاقات التجارية القوية بين المدينتين عبر التاريخ القديم.
اهل ماردين يتميزون بالحكمة وروح الدعابة، ولهم من الأمثال والاغاني الشعبية الكثير ، مما يعبر عن تراث عريق ما زال له دور في حياة اهل البلاد . ونشر الاب اسحق ارملة عن أمثالها في كتاب اسمه : (سلوى الرائدين في امثال ماردين ). وهو متوفر على الانترنت.
من أمثال ماردين:
١- الله يستر على العذراء ، ل سترت على مار يعقوب.
هو مثل لا يستعمل في أيامنا هذه ،
ويعني توجيه المديح لشخص ، بدونه لا حياة لغيره .
المثل مستوحى من واقع الحياة في منطقة دير الزعفران. كان في أعلى جبله دير صغير باسم السيدة العذراء ، وكان غنيا بالمياه والزراعة.
وفي الجبل المقابل وجد دير باسم مار يعقوب ، وكان فقيرا بالمياه والزراعة وموارد الغذاء.
فكان الرهبان في دير مار يعقوب يعتمدون في اكلهم وشربهم على دير السيدة العذراء. فلولا دير العذراء يستر على رهبان مار يعقوب لما استطاعوا الاستمرار في عبادتهم.
فشكرا لكل مكتفي يستطع ان يستر على عيشة المحتاج.