ملاحظات حول تسمية اليونانيين لبلاد سوريا القديمة
ملاحظات حول تسمية اليونانيين لبلاد سوريا القديمة .
هنري بدروس كيفا
منذ حوالي ١٠٠ سنة و العلماء و الباحثين و الكتاب يحاولون معرفة من أين جائت التسمية سوريا ؟ من المؤسف في أكثر الأحيان هؤلاء الباحثين
لم يستخدموا المصادر السريانية و هم يجهلون أن التسمية السريانية قد
أصبحت منذ القرن الثالث قبل الميلاد مرادفة لأجدادنا الآراميين !
بعض المغامرين يرددون أن إسم سوريا هو هندي و يعني بلاد الشمس!
و المضحك أن هؤلاء المغامرين لا يذكرون بأي لغة هندية و في أي
زمن ألقيت التسمية الهندية على سكان سوريا ؟ و هل يوجد براهين في
المصادر السريانية تؤكد أن التسمية سوريا أصلها هندي ؟
الأستاذ تيسير خلف هو باحث قدير و إن إختلفنا معه في الرأي فهو
ليس من الباحثين المسيسين و لذلك نتمنى أن يستفيد الجميع من هذا
النقاش حول التسمية سوريا و علاقتها بالتسمية الإدارية أسورستان.
أولا – كتب الأستاذ تيسير ” من الواضح أن اليونانيين هم أول من أطلق تسمية سوري منذ القرن الثامن قبل الميلاد، هناك كلمة سوري في كتابات اللويان Luwian، وكانوا يقصدون بها الاراميين.”
أ – إن شعب اللوفيان في نهاية القرن الثامن قد إستخدم لفظة ” سور “
كمرادف لتسمية ” أشور ” كما يؤكد النصب .
ب – تعبير الأستاذ تيسير ” من الواضح أن اليونانيين هم أول من أطلق تسمية سوري… ” هو غير دفيق و مبهم لأن النصب يؤكد ترادف إسم
سور مع أشور بينما الأستاذ تيسير يعتقد أن تسمية سور أو سريان كان
يستخدمها اليونانيون للإشارة الى الآراميين !
ج – اليونانيون لم يكونوا منتشرين في أضنة في نهاية القرن الثامن ق٠م
و لذلك نحن لا نؤيد الرأي الذي يدعي أن الإسم السرياني قد إشتق من
الشعب الأشوري أو من تسمية ” سور ” اللوفية و لكن من التسمية الإدارية
أسورستان التي أطلقها الفرس على الشرق القديم !
ثانيا – كتب الأستاذ تيسير ” بعض العلماء المعاصرين أمثال روبرت رولينغر وريتشارد ن فراي وغيرهم ربطوا بين هذه التسمية اليونانية القديمة وبين الامبراطورية الآشورية التي كانت تسيطر على هذه المنطقة بكاملها.. “
أ – إن رولينغر يؤكد أن اللغة اللوفية كانت تستخدم تسمية “سور” كمرادف لتسمية ” أشور ” و أن حرف الألف في اللغة اللوفية لم يكن
يلفظ كما شرح في مقاله و لكن هذا الباحث لم يدعي أن التسمية السريانية
في اللغة اليونانية كانت مرادفة للأشوريين .
ب – الباحث ريتشارد ن فراي هو متخصص في تاريخ الشرق القديم
و يعرف جيدا كيف إنتشر الآراميون في بلاد أشور نفسها .
ج – سيطرة الأشوريين على سوريا القديمة لا يعني أن سكانها كانوا
من الأشوريين .
د – ” الربط ” الذي يتكلم عنه الأستاذ تيسير يجب ألا يخفي عنا :
* أن الكتابات الأكادية التي تركها ملوك أشور كانت تستخدم عدة مفردات للإشارة الى سوريا القديمة و هي بلاد عمورو و بلاد حاثي
و بلاد آرام .
* الأشوريون لم يطلقوا تسمية ” سوريا ” أو ” أسوريا ” على بلاد الآراميين
فالأستاذ رولينغر قد نشر هذا النص اللوفي و لكنه لم يجد الحل !
* إن الآراميين كانوا يشكلون أكثرية السكان في سوريا القديمة و كانوا
يطلقون على بلادهم إسم ” بلاد آرام ” و هنالك عدة نصوص آرامية
تؤكد ذلك سوف أكتفي بذكر ما ورد في نصب ذكير ملك حماة :
” برهدد بن خزئيل ملك آرام ” …
ه – النصوص الآرامية : نصب ذكير و كتابات سفيرة ( آرام العليا
و آرام السفلى و كل آرام ) المكتشفة في قلب سوريا و بلغة السريان
أحفاد الآراميين لهي أهم بكثير من النصب اللوفي و الكنعاني الذي
إكتشف قرب أضنة !
( يتبع )
تيسير خلف
حول اشكالية اسم سوريا وعلاقته بآشوريا
من الواضح أن اليونانيين هم أول من أطلق تسمية سوري منذ القرن الثامن قبل الميلاد، هناك كلمة سوري في كتابات اللويان Luwian، وكانوا يقصدون بها الاراميين.. بعض العلماء المعاصرين أمثال روبرت رولينغر وريتشارد ن فراي وغيرهم ربطوا بين هذه التسمية اليونانية القديمة وبين الامبراطورية الآشورية التي كانت تسيطر على هذه المنطقة بكاملها.. ولكن هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد قال إن الفرس يسمون السوريين قبادوقيين، بينما اليونانيين كانوا يسمون القبادوقيين والكيليكيين سوريين، ولكن اللافت أن هيرودوت قال إن البرابرة، ولم يسم من هم البرابرة بالضبط، كانوا يخلطون في التسمية بين الآشوريين والسوريين، وقد رجح الباحثون المعاصرون أن المقصود بالبرابرة هم الفرس، وهذا أحد الاحتمالات ولكنه قبل قليل قال إن الفرس يسمون السوريين قبادوقيين، وهذا يرجح أن البرابرة المقصودين هنا ليسوا هم الفرس.. إذن الزعم بأن هيرودوت قال إن الفرس كانوا يسمون السوريين آشوريين غير صحيح، بل الذين فعلوا ذلك هم البرابرة دون تحديد من هم المقصودون. أما هيرودوت فميز بشكل واضح بين الآشوريين وبين السوريين، حيث ذكرهما بشكل منفصل حين تحدث عن الضرائب التي كان يجبيها الفرس من المناطق الخاضعة لهم.. وقد ذكر أن الاقليم الخامس الممتد من كيليكيا وحتى مصر كان يدفع 350 وزنة فضة، يستثنى من هذا الاقليم بلاد العرب الذين تم اعفاءهم من الضريبة بسبب مساعدتهم الفرس على فتح مصر.. بينما يدفع هذه الضريبة الفينيقيون والسوريون، وذكر أن فلسطين كانت جزءا من سوريا وسمى أهلها سوريو فلسطين، وسمى فلسطين ذلك الجزء من سوريا الذي يدعى فلسطين. بينما تحدث عن إقليم آخر اسمه إقليم بابل وآشور وتحدث عن الآشوريين بشكل مستقل، إذن في ذلك الزمن، القرن الخامس قبل الميلاد كان هناك تمايز بين آشوري وسوري.. لأنهما وردا في نفس الفقرة كشيئين مختلفين.