٨ فبراير شباط عيد القديسة ﭼوزفين بخيتة
٨ فبراير شباط عيد القديسة ﭼوزفين بخيتة
لا يُعرف اسمها الحقيقي أو تاريخ ميلادها والأرجح أنها ولدت في دارفور بالسودان في قرية صغيرة تدعى أولجوسا عام 1869، وهي ذات خلفية نوبية عاشت جزء من طفولتها في أولجوسا مع والديها وثلاثة إخوة وأربع أخوات واحدة منهم كانت أختها التوأم.
عندما كانت بخيتة طفلة صغيرة هاجم تجار العبيد قريتها وتمكنوا من خطف أختها البكر، حيث كان السودان حينها سوقاً نشطاً لعمليات خطف السود وتحويلهم لعبيد. في ذلك الوقت كان السودان خاضعاً للسيطرة المصرية البريطانية وفي عام 1856 مُنعت تجارة العبيد في البلاد، إلا أن الحكومة كانت تغض الطرف عن ملاحقة مزاوليها لاستفادتها المادية من هذا الوضع.
تعرضت بخيتة لذات مصير شقيقتها عام 1876 وهي تقريباً بعمر التاسعة حيث خُطِفت وسيقت للعبودية، وقد دونت في مذكراتها بأن خاطفيها كانوا من النخاسين العرب الذين قاموا ببيعها مرات عديدة في أسواق الأبيض وفي أسواق الخرطوم. وتعزو بخيتة نسيانها لاسمها الحقيقي لما تعرضت له من عذاب وترهيب. وكان (بخيتة) هو الاسم الذي أطلقه عليها مالكيها.
إنتقلت بخيتة من سيد إلى آخر، أعراب وأتراك كانوا جميعاً يعاملونها بقسوة تصل إلى حد الإعتداء عليها بالضرب المبرح والاغتصاب.
في النهاية كانت بخيتة عبدة لقائد عثماني وكان هذا الأخير قد قرر قبل مغادرته السودان بيع جميع عبيده، فاشتُريَت بخيتة من قبل “كاليستو ليجاني” والذي كان يشغل آنذاك منصب القنصل الإيطالي في الخرطوم. كان القنصل وعائلته يعاملون بخيتة معاملة حسنة لا تُقارن بما عاشته سابقاً فكتبت عن تلك المرحلة بأن سيدها الجديد كان رجلاً طيباً فلم يكن يعرضها للضرب أو الاغتصاب أو الشتائم. لكن بشكل عام خلفت فترة العبودية في جسد بخيتة 144 ندبة رافقتها حتى مماتها.
عام 1885 إندلعت ثورة المهدي في السودان فاضطر القنصل الإيطالي ليجاني لمغادرة البلاد، فعاد بحراً مع أسرته وعائلة الميشيلي الصديقة وبخيتة إلى إيطاليا. ومع وصولهم لمدينة چنوى طلبت السيدة ميشيلي من القنصل الاحتفاظ ببخيتة، فتوجهت بخيتة مع أسرة الميشيلي إلى زياجينو إحدى ضواحي ميراتو فينيتو في ولاية ڤينيسيا. هناك عُهِد إلى بخيتة مهمة الاعتناء بطفلة العائلة “ميمينا” فأصبحت مربيتها وصديقتها المقربة.
بعد ذلك امتلك السيد “أوجوست ميشيلي” فندقاً كبيراً في ميناء سواكن على البحر الأحمر، فرغبت السيدة ميشيلي الانضمام لزوجها لمساعدته في إدارة الفندق. وقبلت راهبات من ڤينيسيا طلب آل ميشيلي باستقبال بخيتة وميمينا في بيتهن لفترة من الزمن. هناك آمنت بخيتة بالمسيحية، وعندما طلبت إليها سيدتها العودة إلى السودان مع ميمينا رفضت ذلك وقررت البقاء مع الراهبات، حيث لم يكن أحد يستطيع إرغامها على العودة بما أنها كانت تقيم في إيطاليا وبالتالي لم تكن تعتبر عبدة بحسب القانون الإيطالي الذي لا يعترف بالعبودية أصلاً.
بعد عدة أشهر تلقت بخيتة سر العماد المسيحي لتصبح مسيحية بشكل رسمي وكان ذلك بتاريخ 9 يناير عام 1890، وأُعطيَ لها اسم جديد (ﭼـوزفين مارجريت). وكرست بخيتة حياتها بالكامل للخدمة الكنسية بتاريخ 8 ديسمبر عام 1896، وذلك في مؤسسة القديسة مريم المجدلية في كانوسا (بنات الرحمة والاحسان).
عام 1902 انتقلت جوزفين بخيتة إلى شيو حيث قضت هناك أكثر من خمسين سنة من الخدمة في بيت الراهبات، وكانت بخيتة محبوبة في تلك المنطقة فكان الجميع يناديها (الأم السوداء الصغيرة)، وكانوا يرون فيها قداسة تنبع من طفولة قلبها وبساطتها وخدمتها بتفانٍ وأمانة ملحوظة، وبإماتات روحية وحياة تعبد وحب لمخلِّصها الصالح بلا تكلُّف أو إفتعال.
في شيخوختها أصيب بخيتة بمرض عضّال، ورقدت بتاريخ 8 فبراير 1947.
بتاريخ 17 أيار 1992 أعلن البابا يوحنا بولس الثاني ﭼوزفين بخيتة كطوباوية وأعلنها قديسة وفقاً للتقليد الكاثوليكي في الأول من تشرين الأول عام 2000 وهي مرتبة سامية جداً في الكنيسة الكاثوليكية تقديراً لسيرتها وللتضحيات التي قدمتها خلال حياتها. ويُعيّد لها في 8 شباط من كل عام.
شهادة حياتها وبركة شفاعتها مع جميع طالبيها
آمين