موفق نيسكو، ج1، اسمهم سريان، لا آشوريين ولا كلدان

موفق نيسكو، ج1، اسمهم سريان، لا آشوريين ولا كلدان

أو (كيف سَمَّى الغرب بعض السريان، آشوريين وكلدان)

 

https://youtu.be/pXqwVEuAXP4

 

أتقدم بالشكر الجزيل للعاملين في هذه القناة المصغرة

وشكراً

موفق نيسكو

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج2

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج2

يتبع ج1 (ونُذَّكِر بأهمية الهوامش)

السريان (Suraye / سورايي، السرياني / Suryani)، الآراميون  (Armeans)

طوال القرن التاسع عشر كان النساطرة يُشار إليهم باسم السريان من الرحَّالة الأوربيين والكتاب، والواقع أن (السريان، Suraye، سورايي، سورَيَا، سورَايَا) هو اسم النساطرة واليعاقبة معاً، وكانوا يطلقونه على أنفسهم حتى بعد الحرب العالمية الأولى، بعد ذلك تم استبدال اسم (Suraye، السريان) تدريجياً من قِبل النساطرة إلى (Aturaye، آشوريين أو أثوريين)، لكن اليعاقبة بقيوا مواصلين تسمية أنفسهم سورايي (السريان) [35]، وقد تم اشتقاق تسميات سوريا والسريان من اليونانية قبل المسيحية لفترة طويلة [36]، وعندما أصبح اليونان أكثر إلماماً بالشرق الأدنى، خصوصا بعد الإسكندر الأكبر الذي أسقط إمبراطورية الأخمينيين في القرن الرابع قبل الميلاد، أصبح اسم سوريا محصوراً بأراضي غرب الفرات فقط، وخلال القرن الثالث قبل الميلاد عندما ترجم الكتاب المقدس العبرية من علماء اليهود في الترجمة السبعينية اليونانية لاستخدامها من قِبل يهود مدينة الإسكندرية المتأثرين باليونانية، تمت ترجمة مصطلحات آرام والآراميين من اللغة العبرية إلى سوريا وسريان، بما فيها اسم اللغة (الآرامية إلى سريانية) [37]، وفي فلسطين نفسها ووفقا لتيودور نولدكه فإن اليهود والمسيحيين هناك وإلى وقت لاحق يُشار إلى لهجتهم الآرامية السريانية، وفي بابل سَمَّى كل من اليونان والفرس الآراميين بالسريان [38]، وفي القرن الثاني قبل الميلاد قال المؤرخ اليوناني بوسيدونيوس (51–135 ق.م.) من مواليد سوريا أن الشعب الذي يُسَمِّيه اليونان، سرياناً، كانوا يُسَمُّون أنفسهم آراميين، أي شعب سوريا (السريان) هم الآراميون [39].

منذ بداياتهم المتواضعة كرجال قبائل متجولون، وبحلول نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد ظهر الآراميون كعامل مهم في الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية في جنوب غرب آسيا خلال هذه الفترة المبكرة، ويشير واين تي. بيتارد إلى أن الآراميين باعتبارهم واحدة من أهم المجموعات العرقية في الشرق الأدنى، فقد أصبحت القبائل الآرامية قوة عظمى في المناطق الواسعة على جانبي الصحراء السورية نجحت في النهاية في الاستقرار وإقامة السلالات الحاكمة هناك، وكانت أهم مملكة آرامية هي آرام التي تمركزت في دمشق التي وصفت أنها أقوى القوى وأكثرها تأثيراً في الهلال الخصيب الغربي، وواحدة من أهم الولايات في كل بلاد الشام [40]، فقد تمتعت المملكة بموقع مركزي في الحياة السياسية للشرق الأدنى وهيمنة على طرق التجارة الدولية الرئيسة في المنطقة، وقد استُخدم مصطلح الآرامية في دمشق كلغة إدارية للدبلوماسية والتجارة خارج حدودها، فنجد أن أهم المناطق التي اخترقها الآراميون كانت في سوريا الجغرافية، وفي نفس الوقت نجدهم أيضاً في مناطق بعيدة تمتد من طور عابدين إلى نصيبين التي كانت خلال القرون المسيحية الأولى أرضاً لبعض المسيحيين السوريين (السريان) المُشار إليهم في هذا الفصل [41]، فبحلول نهاية القرن العاشر وبداية القرن التاسع قبل الميلاد، فإن الآثار الآشورية تعلمنا للمرة الأولى بالوحدات السياسية الآرامية في شمال بلاد ما بين النهرين، بينما في الأجزاء الجنوبية من ذلك البلد ظلت الكونفدراليات الآرامية تُشكِّل خطراً مزمناً على الآشوريين حتى سقوطهم، وقد سجل الملك الآشوري تغلاث فلصر الأول (1115-1076 ق.م.) أنه شنَّ 28 حملة ضد الآراميين، واستمر الأمر في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، فبعد 350 سنة كان الملك الآشوري حامل نفس الاسم تغلاث فلصر الثالث (744-727 ق.م.) الذي يرد ذكره في العهد القديم لا زال يُحارب الآراميين، وأخيراً عندما هُزم الآراميون على يد الملك الآشوري سرجون الثاني الذي وضع نهاية للممالك الآرامية في الغرب سنة720 ق.م.، وأُدرجت أراضيهم ضمن نظام المقاطعات الآشورية الجديدة لمدة قرن وعقد من الزمن قبل الإطاحة بدولة الآشورية نفسها.

مع ذلك فتوسع الحكم الآشوري على الأراضي الواقعة وراء الفرات أصبح عبئاً كبيراً على الآشوريين وأثبت أنه عمل انتحاري، فقد أخضعوا كل المجتمعات الآرامية والفينيقية والكنعانية والعبرانية في ما يُسَمِّيه أرنولد توينبي “أرض الحضارة السريانية”، لكن هذا سَرَّع في الغزو الثقافي الآرامي على قدم المساواة لتمدد الغزوات العسكرية (الآشورية) [42] حتى قبل توسع الآشوريون غرباً إلى ما وراء نهر الفرات، فوجدت الإمبراطورية الآشورية أنه من الضروري استخدام اللهجة الآرامية من سوريا الجغرافية كلغة رسمية لها، وهي خطوة أملتها مساحة واسعة من امتداد الآرامية وسهولة أبجديتها وكتابتها إضافةً لوجود عدد كبير من السكان الآراميين تحت حكمهم بعيدًا عن القاعدة السكانية الآشورية، فلم يعد باستطاعة عدد السكان الأصغر من الآشوريين مقاومة التأرُّم (الآراميين)، وهي عملية غيَّرت وجه الإمبراطورية بشكل تدريجي أدى إلى استيعاب (امتصاص) الآشوريين [43]، فقبل فترة طويلة من الزمن كانت الآرامية قد أقصت (هزمت) اللغة الأكدية حتى بوصفها لغة الخطاب اليومي داخل بلاد آشور نفسها، ووفقا لعالم الآشوريات هنري ساغز Henry William Frederick Saggs (1920-2005م)، فقد أصبحت مدن آشور مختلطة عالمياً ومتعددة اللغات لدرجة أن المنحدرين من أصول آشورية الفعليين ربما كانوا أقلية بين باقي الأقوام داخل تلك المدن [44]، وأصبحت هيمنة اللغة الآرامية على الأكدية في الخطاب والكتابة واسعة النطاق في القرن الثامن قبل الميلاد، وأن الأبجدية (الكتابة) الآرامية، وليس اللغة الآرامية أصبحت تُسَمَّى باللغة المصرية (الديموطيقية)، واليونانية والعبرية باعتبارها كتابة آشورية [45]، وتزامنت هذه التغييرات الهامة وغير المحسوسة التي أدت إلى تأرُّم الآشوريين والتراجع المطرد لإمبراطوريتهم خاصة بعد وفاة الملك آشور بانيبال، فلم يتمكن خلفاؤه الضعفاء من التعامل مع مشكلة بابل المزمنة حيث ساعدت قوة الكلدان المتصاعدة وحلفائهم الآراميين على بناء الإمبراطورية البابلية الجديدة [46] مع زوال السلطة السياسية والعسكرية الآشورية، بقيت الأثنية (العرقية) الآرامية واللغة والنصوص مستمرة في التوسع مما سهل عملية استيعاب واختراق (الآشوريين) بشكل سلمي وأكبر، ففي الهيكل البابلي الاجتماعي تم الوصول إلى درجة عالية من الآرامية في ضل السيادة الأخمينية (539-332 ق.م.)، عندما بدأ تأثير اللغة والنصوص الآرامية تتجاوز حدودها السابقة، أصبحت الآرامية تتمتع بوضع رسمي في جميع المناطق الأخمينية، بما في ذلك مصر والأناضول [47] الخاضعين للإيرانيين الفرس [48].

كما تم استخدام الآرامية لجميع جوانب الاتصالات الكتابية والسجلات التي ظهرت بحلول القرن السادس قبل الميلاد بوصفها لغة مشتركة في غرب آسيا، وبداية القرن الخامس كلهجة مشتركة لجميع شعوب المنطقة، وفي مقاله “الآرامية في الإمبراطورية الأخمينية”، يتحدث Jonas C. Greenfield غرينفيلد عن مجموعات عرقية من خلفيات ثقافية متنوعة في جميع أنحاء المساحة الشاسعة من العالم الفارسي الذين استخدموا اللغة والكتابة الآرامية [49]، وعلى عكس الآشوريين فإن الفرس لم ينسوا لغتهم الأم وحافظوا على هويتهم الوطنية اللغوية إلى حد كبير لأن رعاياهم الناطقين باللغة الآرامية لم يسودوا (ينتشروا) داخل بلاد فارس مثلما فعل الآراميون في بلاد آشور التي عُرفت فيما بعد بيت آراماي- موطن الآراميين، (مع ظهور الإسلام بعد قرون من الأخمينية كان الفرس الساسانيون قادرين أيضاً على مقاومة التعريب واستعاروا من المفردات العربية واعتمدوا النص العربي، لكنهم كانوا قادرين على إضفاء الطابع الفارسي على ما اقترضوه، ولكن في حالة الآشوريين القدماء والعرقيات الأخرى، كان التأرُّم كلياً تماماً، مثلما كان استيعاب الشعوب المختلفة الأخرى بعد قرون من خلال التعريب)، ويقول أستاذ الجامعة العبرية بنيامين مزار المشار إليه أعلاه: إن ظاهرة مؤثرة في تاريخ الآراميين هي أن تقاليدهم في الوحدة والتميِّز بقيت غير منسية حتى في فترة التراجع.

كان أحد ضحايا تدمير الإسكندر الأكبر للإمبراطورية الأخمينية هو الكيان الآرامي، وكتب أرنولد توينبي عن اللغة اليونانية والآرامية: “اللغة الآرامية هي إمبراطورية عالمية، وتم استبدالها عمداً من القرن الثالث قبل الميلاد، فأصبحت اليونانية لغة التعلم والدبلوماسية والتجارة، وتوسعت بشكل خاص على طول ساحل البحر المتوسط ​​في المدن الفينيقية والفلسطينية وخارجها، لكن اللغة الآرامية نَجَتْ في الريف وانفصلت اللغة القديمة إلى لهجات محلية، واستمر بعض من الكلمات المحلية في لعب أدوار رئيسة في تطوير أبجديات مختلفة ومنفصلة مثل لهجة الرها (السريانية)، المندائية، تدمر، الحضر، النبطية، اليهودية والسامرية..إلخ [50].

يكمن مستقبل الآرامية في لهجاتها الشرقية لبلاد ما بين النهرين وبابل، كما تأثر لغات أخرى في المنطقة باللهجات المحلية الآرامية، فكانت آثار لهجات الآرامية الشرقية الرئيسة في بلاد ما بين النهرين وبابل في التلمود البابلي اليهودي وكتابات ديانة المندائيين (الصابئة) والأدب المسيحي السرياني/ الآرامي في الرها [51]، فاللهجات الآرامية لبلاد ما بين النهرين وبابل نَجتْ من تداخل اللغة العامة اليونانية، بل أحيت بعد ذلك الحقبة المسيحية، ولم تستخدم كلغة أدبية خلال العصر الآشوري والأخميني، ووفقاً لكوفمان Stephen A Kaufman، فالنواة التاريخية للآرامية الرسمية التي اعتمدها الآشوريون والفرس كانت تقع جغرافياً وطبولوجيا بين جوزان- تل حلف وحلب، وقد كانت اللغة السريانية (Suryoyo/ Suryaya)، واللهجة الشرقية الرئيسة التي نشعر بالقلق معها، واللهجة الآرامية من الرها، Urhay/ Urhoy (اليوم Urfa أورفا في تركيا) أصبحت تدريجياً بشكل غير رسمي تتقدم لتصبح لغة جميع الطوائف المسيحية المختلفة حتى قبل الفترة المسيحية، فأصبحت لهجة أديسا أو الرها هي اللغة الأدبية في الرها وحولها، وحققت شهرة خاصة هناك في القرن الثاني بعد الميلاد عندما أصبحت اللغة الأدبية لما أسماه تيودور نولدكه، “الآراميين المسيحيين”، وازدادت أهميتها مع توسع المسيحية في بلاد ما بين النهرين منذ بداية القرن الثالث، وهي اللغة التي تُرجم بها الكتاب المقدس، وأصبحت اللغة الموقرة للمسيحيين الناطقين باللغة الآرامية في بلاد ما بين النهرين وفارس اللذان كان كلاهما تحت حكم الفرس، وبوصفها لغة الكنيسة والطقوس، أصبحت اللغة السريانية لغة الأدب والمراسلات بنفس الطريقة التي أصبحت لهجة مكة العربية الكلاسيكية هي لغة القرآن الأدب العربي والتواصل الكتابي من القرن السابع، واستمر السكان الناطقين بالآرامية استخدام لهجاتهم المحلية المتنوعة في التحدث اليومي إلى جانب السريانية الكلاسيكية [52]، ووفقا لستيفان كوفمان، لا يجد المرء أي آثار للآرامية الآشورية في هذه اللهجات المحلية الأصغر التي ربما كانت موجودة في وقت واحد، لقد تم القضاء عليها عن طريق تغيير مجموعات السكان ربما من الموت المبكر للإمبراطورية الآشورية القديمة [53]، وفي ظل الإسلام تهجَّرَت (تشردت) اللهجات المحلية الآرامية تدريجياً حتى أصبحت منطوقة، مما مهد الطريق أمام أسلمت وتعريب الغالبية العظمى من السكان الناطقين بالآرامية، وأعضاء الكنائس المسيحية المختلفة التي تمت مناقشتها في هذا الفصل غالبيتهم يتحدثون حتى يومنا هذا بلهجة آرامية [54].

—————————————————————-

الهوامش

[35] تم نشر منشور بطريركي على المؤمنين عام 1981م من قبل البطريرك إغناطيوس زكا عيواص، بقضية الاسم الحقيقي للكنيسة، وأكد المنشور أن اسم الكنيسة هو (Antioquia d Ortodoxoyto Suryoyto ‘Idto، البيعة، الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الأنطاكية)، وكما هو معروف في اللغة السريانية لغتها (leshono Suryoyo، اللسان السرياني، اللغة السريانية)، واسم شعبهم (عامو سوريويو Suryoyo، أي السريان)، وأي اسم آخر يعتبر غريب وهدفه تشويه وتزوير وتزييف الحقيقة التاريخية، وعن المنشور باللغة العربية، انظر المجلة البطريركية1981م، ص386-389، وأنا ممتن للدكتور جورج أطون كيراز لتزويدي بنسخة، وترجمتها، علماً أن تحديث آخر للمنشور كان في 14 ديسمبر 1997م.

 (نيسكو: نشرنا منشور البطريرك زكا المذكور، واللاحق له، أمَّا بشأن منشور 1997م، يبدو أن هناك التباساً لدى السيد جون جوزيف، والحقيقة إن هذا المنشور أصدره في دمشق البطريرك يعقوب الثالث، وموجَّه لأبرشية الجزيرة في 12 ديسمبر 1979م، وليس 1997م، وعممه مطران الجزيرة أسطثاوس قرياقوس، وقُرءَ على المؤمنين في أبرشيته يوم الأحد 14 ديسمبر 1979م، وقد أدرجت هذا المنشور أيضاَ، لمراجعة المناشير، انظر كتابنا، فصل: السريان المتأشورون).

[36] من المهم أن نذكر أن الفترة اليونانية الرومانية من تاريخ الشرق الأوسط استمرت ما يقرب من ألف سنة المعروفة باسم العصر الهلسيني إلى نهايته قبل الفتح العربي في القرن السابع الميلادي. 

[37] النسخة المعتمدة للكتاب المقدس تستخدم نفس المصطلحات السبعينية، وفي عام 1970م صدرت النسخة الإنجليزية الحديثة للكتاب المقدس ونشرته جامعة أكسفورد كامبردج، وتُرجم من قبل علماء الكتاب المقدس من مختلف الجامعات البريطانية، وعادوا فيه إلى النص العبري الأصلي، وذلك باستخدام أسماء آرام والآراميين على سوريا والسريان.

[38] انظر نولدكه، اللغات السامية، في الموسوعة البريطانية، طبعة 11 ص625، ويُلاحظ أن نولدكه يتحدث أنه لا يجوز توظيف كلمة اللغة السريانية على أنها تعني لغة الرها وحدها على الرغم من أنه يُقرُّ بذلك. (نيسكو: أي أن نولدكه يُطلق اسم اللغة السريانية على جميع اللهجات الآرامية، رغم أنه يعتبر أن السريانية هي آرامية الرها، وبذلك فهو يُشبِّه لهجة قريش التي كُتبَ بها القرآن وأصبحت هي العربية الفصحى المعتمدة والرسمية على الرغم من أنه كان هناك لهجات عربية أخرى).

[39] انظر J.G. Kidd, Posidonius، بوسيدونيوس، (Cambridge Classical Texts and Commentaries، النصوص الكلاسيكية والتعليقات)، كامبردج 1988م، مج 2، ج 2، ص955-956. وانظر آرثر ماكلين، (Syrian Christians، المسيحيين السريان)، موسوعة الدين والأخلاق. وانظر في نفس المرجع فريدريك ماكلر (Syrians or Arameans، السريان أو الآراميين)، حيث أنه أمراً مفروغاً منه أن المصطلحين (سرياني وآرامي) مترادفاً أصلاً. وانظر أيضاً Sebastian P Brock، سيبستيان بروك (Eusebius and Syriac Christianity، أوسابيوس والسريانية المسيحية)، هارولد دبليو وكوهي هاتا، محررا أوسابيوس والمسيحية واليهودية، ليدن، 1992م، ص226. وانظر تيودور نولدكه “Assyrios، Syrios، Syros”، وعند هرماس1871م، ص461، ودبليو هنريجس، ص103-105. 

[40] Benjamin Mazar، مازار (Aramean empire and its relations with Israel، الإمبراطورية الآرامية وعلاقاتها مع إسرائيل)، عالم آثار الكتاب المقدس 25 ديسمبر 1962م، 101-102، 112-117. لمزيد من المعلومات عن الآراميين انظر Wayne T. Pitard، (Ancient Damascus: A Historical Study of the Syrian City-State، دمشق القديمة، دراسة تاريخية عن الدولة المدينة السورية)، Winona Lake, Indiana 1987م. Abraham Malamat، (The Arameans in Aram Naharaim and the Rise of Their States، الآراميون في آرام نهرين ونهضة دولهم)، القدس 1952م. وانظر  Emil Kraeling، (Aram and Israel or, Arameans in Syria and Mesopotamia، آرام وإسرائيل أو الآراميون في سوريا وبلاد ما بين النهرين)، جامعة كولومبيا، دراسات الشرقية رقم 13.

[41] Glenn M Schwartz، شوارتز (The origins of the Arameans in Syria and northern Mesopotamia، أصول الآراميين في سوريا وشمال بلاد ما بين النهرين)، مشاكل البحث والاستراتيجيات المحتملة في الفرات وما وراءه، الدراسات الأثرية تكريماًMauritis ، N. von Loon, ed. O.M.C. Haex, et al، روتردام 1989م، ص277-279. ولملاحظة توضح الهجرات الآرامية المنتشرة في القرن الحادي عشر قبل الميلاد انظر H.W.F. Saggs، هاري ساغز، (The Might That Was Assyria عظمة أو قوة آشور)، لندن 1984م، ص67. (نيسكو: في الترجمة العربية، ص93-94).

[42] انظر تاريخ توينبي، Toynbee، 1954م، ج8 ص440-441، 1961م، ج12ص393. وانظر فراي Frye Richard، (Heritageof Persia، تراث بلاد فارس)، Mentor Book edition، 1966م، ص80-81، (التوسع السياسي الآشوري) يرافقه (التوسع العرقي الآرامي).  

 [43] انظر حايم تدمر Hayim Tadmor، فصل (The Aramaization of Assyria, Aspects of Western Impact، تأرُّم آشور، جوانب التأثير الغربي في Mesopotamien und Seine Nachbarn Western، بلاد ما بين النهرين وجيرانها)، للمحررين Nissen، Renger، برلين 1987م، ج2 ص459، وانظر أيضاً ساغز ص125. (نيسكو: أولاً: حايم تدمر 1923-2005م، مؤرخ يهودي في الكتاب المقدس والشرق الأدنى القديم، متخصص وأستاذ قسم الآشوريات في جامعة القدس العبرية، وأنشأ مركزا دولياً بعلم الآشوريات، وأثبت بمصادر عديدة أن الدولة الآشورية نهاية عهدها أصبحت آرامية (تأرَّمت).   

[44]انظر أدناه، ص 27-29.

[45] انظرJoseph Naveh  Jonas C. Greenfield,، جوزيف، وكرينفيلد (Hebrew and Aramaic in the Persian Period، العبرية والآرامية في الفترة الفارسية في كامبردج تاريخ اليهودية)، 1984م، ج1 ص126-127. و. Richard C، ويشير بحث Steiner’s شتاينر إلى المصريين في الكتابة  Demoticالمصرية أول من أطلق على الكتابة الآرامية النص آشوري، وجاراهم اليونان في ذلك أخذين الأمر عن المصرين بصورة مباشرةً، وكذلك السامريين العبريين بصورة غير مباشرةً عن المصريين، ويتحدث شتاينر أن المصريين كانوا بعيدين ومعزولين بما يكفي عن بلاد آشور لذلك لم يشعروا بتميز آرام عن بلاد آشور. انظر مقاله (Assyrian in Why the Aramaic script was called Hebrew, Greek, and Demotic، لماذا سُمِّيت النصوص الآرامية، آشورية، في العبرية واليونانية وDemotic المصرية؟)، الشرقيات، روما، المعهد البابوي للكتاب المقدس 62، 1993م، ص80-82.

(نيسكو أولاً: الديموطيقية هي إحدى خطوط المصرية القديمة، ثانياً: صحيح أن الكتابة أو الحرف الآرامي فقط، وبصورة قليلة جداً أُطلق عليه، آشوري، وليس على اللغة الآرامية، لكني أرى أنه ليس صحيحاً أن المصريين أول من أطلق ذلك، بل اليهود المسبيين في بلاد آشور عندما تركوا لغتهم العبرية واستعملوا حرف الخط الآرامي المربع، وكذلك سكان السامرة الذين نقلهم الآشوريين من بلاد آشور إلى السامرة بدل المسبيين، انظر كتابنا، فصل: (اليهود ودانيال النبي واليونان، سَمَّوا دولة بابل الأخيرة، كلدانية)، وفعلاً قبل الترجمة السبعينية من العبرية إلى اليونانية سنة 280 ق.م.، كان هناك خلطاً وجهلاً لدى بعض اليونان مثل، Themistokles (524-459 ق.م.) الذي في رسالته رقم 21، أطلق اسم الحرف الآشوري على اللغة الفارسية القديمة بحرفها المسماري، انظر (Sebastian Broc & David Taylor, Thehidden pearl, The acicnt Aramaic heritage. ، اللؤلؤة المخفية، ج1، تراث الآرامية، 2001م، ص122)، وكذلك هيرودوتس استعمل اسم الحرف الآشوري على اللغة الفارسية أو العيلامية التي كتب بها درايوس الكبير أسماء مقاتليه (تاريخه، ك 4، فقرة 80-81، النص العربي، ص294. من ناحية أخرى ليس كل اليونان اختلط عليهم الأمر، فزينوفون اليوناني (431-354 ق.م.) استعمل الاسم الصحيح (Linguagem syriaca، اللغة السريانية)، وكذلك الأبجدية السريانية، Caracteres Syrios، انظر كتابه (Cyropedia) لاتيني، 1854م، ص352، 365، لكن الترجمة السبعينية حسمت كل الأمور واستعملت التسميات الصحيحة، فاستعملت اللغة السريانية على الآرامية تحديداً وحصراً).

[46] انظر ساغز، عظمة آشور، ص89، 95، 99. وفراي، تراث بلاد فارس، ص80.

[47] توينبي، 1954م، ج8 ص440-442. وانظر (Greenfield،Aramaic in the Achaemenian Empire ، الآراميون في الإمبراطورية الأخمينية)، تاريخ كامبردج، تاريخ إيران، ج2 ص709.

[48] سيُستخدم المصطلحان إيران وإيرانيين مع بلاد فارس والفرس.  

[49] سبق ذكره، وانظر أيضاً Roux مصدر سابق، 1992م، ص276، 411-412. 

[50] توينبي، ج12، 1961م، ص2420243، نقلاً عن دوبون سومر (الآراميون) باريس 1949م، ص98-102. وانظر Joseph A. Fitzmyer، فيتزمير، (A Wandering Aramean، التجوال أو الطواف الآرامي)، Ann Arbor 1979م، ص71، ويُلاحظ أن أشكال الآرامية المختلفة الأقرب إلى الآرامية الرسمية القديمة يبدو أنها موجودة في فلسطين.

[51] انظر Raymond A Bowman، بومان (Arameans, Aramaic and the Bible، الآراميون والآرامية والكتاب المقدس)، مجلة دراسات الشرق الأدنى، 7 أبريل 1948م، ص84-87. وللدراسات المتعلقة بمختلف التقسيمات والأطوار الآرامية، انظر فيتزمير المرجع ذاته، ص57-84، ومقالة (Aramaic Studies the Past Thirty Years، الدراسات الآرامية في الثلاثين سنة الماضية)، مجلة دراسات الشرق الأدنى، 37 ،1978م، ص81-91. والبقايا الوحيدة للهجة الآرامية الغربية التي لا تزال تتحدث على أرض سوريا الجغرافية هي تلك المستخدمة في معلولا وقرى بخعة وجبعة، انظر Murre-van موري فان، مرجع سابق، ص3.

[52] للمزيد عن إحياء السريانية خلال الفترة الهلسينية والإسلامية، انظر أدناه، ص50.

[53] انظرStephen A. Kaufman ، كافومان (The Akkadian Influences on Aramaic، التأثيرات الأكدية على الآرامية) جامعة شيكاغو (Assyriological Studies الدراسات الآشورية)، 19، 1974م، ص160، 164-165، 165n، 105، ومثلها، Maarav، (Reflections on the Assyrian-Aramaic، تأملات في الآشورية-الآرامية ثنائية اللغة) من تل الفخيرية 3/2، 1982م، 152.

[54] لتفاصيل حول الوضع الحالي لهذه اللهجات، راجع Zomaya S. Solomon سولومون، (The State of Spoken Aramaic Today، حالة اللغة الآرامية المتداولة اليوم)، المؤتمر العالمي التاسع للدراسات اليهودية 1968م، ص23-30.  

يتبعه ج3 وشكراً/ موفق نيسكو

استقالة بطريرك الكنيسة الآشورية

استقالة بطريرك الكنيسة الآشورية

لأهمية الخبر ولوجود علاقة لي نوعاً ما بالموضوع آثرت نشر هذا المقال قبل الاستمرار في نشر ترجمتنا وتحقيقنا لكتاب البروفسور جون جوزيف.

أعلن كوركيس صليوا بطريرك ما يُسمّى بالكنيسة الآشورية في العراق عن استقالته لأسباب صحية اعتباراً من 22 نيسان القادم، ودعا إلى مجمع كنسي في أربيل في 22-29 نيسان لاتخاذ الإجراءات المتعلقة بذلك، جاء ذلك في بيان نشره أسقف كاليفورنيا آوا روئيل أمين سر مجمع الكنيسة في 19/ شباط/ 2020م، ونود أن نبين خلفية هذه الكنيسة وتاريخها وبطريركها التي هي كنيسة عشائرية وحزب سياسي أقرب من كنيسة مسيحية، وكيف تستغل السياسة لأغراض دينية، نقول: تكلمنا كثيراً عن الكنيسة الآشورية وشقيقتها الكلدانية أنهما كنيسة سريانية نسطورية مركزها المدائن (سلمان باك) التي كانت عاصمة الفرس واعتنقت المذهب النسطوري وانفصلت عن أنطاكية السريانية سنة 497م تحت ضغط الفرس، وحديثا بعد أن انقسمت سنة 1553م اخترع لهم الغرب حديثاً اسمي الآشوريين والكلدان.

لقب رئيس هذه الكنيسة الحقيقي هو جاثليق وليس بطريرك، ومعنى جاثليق، كاثوليكوس (جاثليقوس) أي مطران عام وهو أقل من بطريرك لأنه كان يخضع لبطريرك أنطاكية (ملاحظة: لقب بطريرك الكلدان الحقيقي أيضاً هو جاثليق وليس بطريرك)، وأذكر جيداً أن الشيخ جلال الحنفي كتب سنة 1989م في إحدى الصحف العراقية عندما انتخب روفائيل بيدوايد بطريركاً للكلدان قائلاً: إن لقب بطريرك الكلدان هو جاثليق وليس بطريرك، ويقول  اشهر مؤرخ في العصر الحديث القس بطرس الكلداني: إن جثالقة المدائن لم يحوزوا قط على شرف أو لقب البطريرك بحق قانوني، لكنهم اختلسوا اسم البطريرك والبطريركية واستبدُّوا به، وكرسي المدائن كان متعلقاً دائماً ببطريرك أنطاكية ولم ينزع عنه الطاعة إلاَّ بعد أن اعتنق النسطرة، وكل الأمة السريانية بطوائفها (بمن فيهم الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد)، كانت خاضعة لبطريرك أنطاكية (ذخيرة الأذهان في تواريخ المغاربة والمشارقة السريان، ج1 ص21، 28، 40، 52-55). ولا داعي لذكر شواهد كثيرة أخرى لأن بيان قرار استقالة البطريرك كوركيس نفسه أيضاً يرد اسمه الجاثليق البطريرك، ويقدِّم اسم الجاثليق الحقيقي الأصيل على لقب البطريرك الدخيل.

سنة 1318 اعتلى الكنيسة النسطورية الجاثليق (البطريرك) طيمثاوس وهو من أصول إسرائيلية من سبط نفتالي وهم يفتخرون بذلك، أعقبه ثلاثة من نفس العائلة، والرابع هو فرج الباصيدي +497م الذي قرر حصر البطريركية في عائلتهُ فقط استناداً إلى النظرة العبرية التي تؤمن بالرئاسة الدينية والدنيوية معاً مثل ملوك إسرائيل كداود وسليمان، وتماشياً مع التقليد اللاوي اليهودي أن يخلف الجاثليق أخاه أو ابن أخيه..إلخ، ونَصَّ القانون الثاني من قوانين الباصيدي بجعل البطريركية وراثية في عائلته استناداً إلى التوراة المحصورة في سبط اللآويين (سفر العدد 8 :11–19)، وأن يكون البكر أولاً (عدد 3: 12–13)، ونذر الأطفال من بطون أمهاتهم ليصحبوا أساقفة (1صموئيل 1: 11)..إلخ، كما أضيف لقب مار شمعون إلى اسم بطاركة عائلة أبونا، فطميثاوس هو شمعون الأول ثم الثاني فالثالث ثم شمعون الباصيدي الرابع، وهكذا إلى سنة 1973م.فشمعون يُسمَّى لقب أبوي، وشمعون هو بطرس الرسول مؤسس كرسي كنيسة أنطاكية السريانية التي كانت كنيسة المدائن تخضع لها.

لقد سَبَبَ نظام الوراثة في مشاكل كثيرة منها رسامة بطاركة أطفال لعدم توفر عدد كبير في عائلة بونا يقبل أن يصبح أسقفاً، وعلى أثر هذه المشاكل وبتشجيع من روما انفصل القسم الأكبر من النساطرة واعتنقوا الكثلكة، وسمتهم روما كلداناً، واستمر القسم النسطوري يترأسه بطريرك من عائلة أبونا إلى سنة 1973م، وآخر بطريرك هو إيشاي داود الذي استقال سنة 1973م واغتيل سنة 1975م لأنه تزوج من خادمته سراً ثم كشف أمره فأعلن ذلك واستقال.

كان إيشاي وهو شمعون 21، قد نزح من هكاري في تركيا إبان الحرب الأولى، ورُسم سنة 1920م وعمره 12 سنة حيث قُتل عمه البطريرك شمعون 19بنيامين سنة 1918 على يد الأغا الكردي سامكو، وتوفي عمه الآخر البطريك شمعون 20 بولص سنة 1920م في مخيم بعقوبة.

أدناه صورة البطريرك ايشاي عند رسامته وهو بعمر 12 و 14 سنة ومع عائلته

https://h.top4top.io/p_1511xgmnx1.png

ذهب ايشاي إلى بريطانيا التي احتضنته، ثم عاد وقام بالتمرد على الحكومة العراقية سنة 1933م بما يُسمى مشكلة سميل، فسحبت منه الحكومة العراقية الجنسية لأنه ليس عراقي أصيل وقدم قبل سنة 1918م، ونفته مع عمته سورما خان التي كانت وصية عليه واثنان آخران، وذهب أول الأمر إلى فلسطين لأنه من أصل إسرائيلي لكن اليهود لم يستقبلوه لانهم لم يكونوا أقوياء حينها من جهة، ولأن اليهود يعتبرون النسساطرة يهوداً مرتدين من جهة أخرى، فسافر واستقر في شيكاغو /أمريكا، وأيشاي هذا هو مار شمعون الذي ذكره عبد السلام عارف في خطابه الأول في 14/ تموز 1958م.

منذ سنة 1964م دخل إيشاي في مشكلة التقويم حيث قرر بعدها الاحتفال بعيد الميلاد حسب التقويم الغربي في 25/ كانون الأول، بدل التقويم الشرقي في 7 كانون الثاني، فانشقت الكنيسة سنة 1968، وعيَّن القسم الذي بقي يحتفل في 7 كانون ثاني المطران درمو بطريركاً ومقره بغداد، وتوفي سنة 1971م فخلفه البطريرك أدي الثاني الذي لا يزال يترأس الكنيسة التي سمَّاها (الجاثليقية القديمة)، وهو يرفض بشدة تسميتها آشورية، والطريف أن قسم 25 سمَّى قسم 7 (كنيسة سفن آب)، وبدورهم سمَّى أتباع كنيسة 7، كنيسة 25 (كنيسة لحم بعجين).

سنة 1970م دعت الحكومة العراقية إيشاي لزيارة العراق وأعادت له الجنسية العراقية ووعدته بتعويض وإعادة ممتلكات كنيسته ومنها التي أخذها القسم الذي انشق سنة 1968، فوعد الحكومة العراقية أنه يحتاج وقت لترتيب الأمور والعودة، وعاد إلى أمريكا مصطحباً معه فتاة بعمر 24 سنة من عائلة فقيرة لتخدمه وهي السيدة (إمامة ابنة الشماس الإنجيلي شمشون شمعون)، ثم أقام البطريرك علاقة جسدية سرية معها أدت لحملها سنة 1973م، وخوفاً من الفضيحة أرسل إلى أحد كهنته ليزوجه، تفاجأ الكاهن ورفض باكياً، لكن البطريرك أصر على زواجه، فعقد لهما الكاهن الزواج، وفي اليوم التالي 18/8/1973م، أعلن استقالته، ثم قام أحد أتباعه وهو داود ملك ياقو ملك إسماعيل بقتله في 6 تشرين الثاني سنة 1975م في مدينة سان هوزي (توفي داود قبل أشهر قليلة) وعندما توفي كان له طفل وكانت زوجته إمامة حامل 6 أشهر بطفل ثان، ويحاول بعض الآشوريون القول الأحواب الآشورية المتشددة في أستراليا اغتالته لأنه لم يساند المسالة الآشورية بقوة ولم يطلق تسمية آشور على الكنيسة..إلخ، لكن المعروف أن اغتياله هو بسب كسر نذره وزواجه.

خلف إيشاي مطران إيران دنحا الرابع وهو أول بطريرك خارج عائلة أبونا بعد خوالي 700 سنة وأبطل لقب شمعون، والبطريرك دنحا من قرية دربندوكي قرب ديانا التي كان قربها قنصلية للإنكليز تلعب دوراً سياسياً، وقد طلب العراق من إنكلترا أكثر من مرة غلقها لأنها تساند الآشوريين وتزودهم بالسلاح وتساعد على خلق مشاكل للعراق، وكان دنحا صديقاً حميماً للإنكليز (لن استعمل تعابير سياسية)، ونُصِّبَ بطريركاً في 17 تشرين أول 1976م في اجتماع صغير من حوالي خمسة أساقفة اثنان منهما مشكوك فيهما وسبَّبا إحراجاً له، وهما كلالولوديو وجوفاني، وهما روس أرثوذكس انضما إلى الكثلكة، ثم عزلتهما كنيسة روما، فانضما إلى كنيسة المشرق في عهد البطريرك أيشاي، وعقد الاجتماع في إنكلترا في دير ألتون أبي في هامبشير قرب لندن وعند تنصيبه أُطلق على كنيسته تسمية الآشورية لأول مرة في التاريخ، وبدل أن يأتي للعراق ذهب إلى شيكاغو مقر سلفه أيشاي، وهذه صورة دير ألتون أبي في هامبشير قرب لندن.

https://i.top4top.io/p_15117hd3j2.jpg

بعدها شعر البطريرك دنحا بالندم بإطلاق التسمية الآشورية على كنيسته، وفي فصل بعنوان (هوية كنيسة المشرق) ص323-324 لكتاب البروفسور كرستوف باومر (كنيسة المشرق)، الذي باركه البطريرك نفسه في 9 كانون أول 2004م، وأجاب البطريرك على سؤال المؤلف: إن مبشري كنيستهُ في ماضيها المجيد هم السريان الشرقيين، ولغة كنيسته هي السريانية، ويعد هذا البطريرك رجل سياسة بامتياز ولا علاقة له بالدين سوى المظهر، ولم يزر العراق في أقسى المحن خاصة عندما هُجر المسيحيين من الموصل وضواحيها، بينما كان يقوم بزيارة نصب للآشوريين في روسيا والقوقاز (يُقال أن أصله من يهود إيران أو القوقاز)، وبتاريخ 21/8/2014م، وجّهتُ أنا له رسالة له، عبر المواقع قائلاً: إن الأسباب التي دعت سلفك إيشاي للعيش في أمريكا قد زالت، وأنت تدَّعي أنك بطريرك كنيسة آشورية، فماذا تفعل في شيكاغو، ولماذا لا تنقل مقرك إلى مكانه التاريخي والجغرافي الصحيح في العراق، خاصة أنك أول من أقرنَ اسم الآشورية بالكنيسة عندما أصبحتَ بطريركاً، فهل شيكاغو هي أرض آشور التقليدية أم شمال العراق حيث توجد رعيتك؟

توفي البطريرك دنحا في 26 آذار 2015م في شيكاغو، وبعد وفاته أراد الطرفان الوحدة بشرط تنحي بطريرك قسم المنشقين سنة 1968م، أدي الثاني، وانتخاب بطريرك جديد، لكن أدي رفض معتبراً نفسه البطريرك الشرعي، كما أكد أنه في حالة الوحدة يجب إلغاء اسم الآشورية من الكنيسة، فألغيت محادثات الوحدة.

كانت طموحات المطارنة خارج العراق لمنصب البطريرك بدل دنحا على أن يبقى مركزه كبطريرك في نفس أبرشيتهُ خارج العراق، وحلاً للإشكال ودفعاً للحرج، اختار المطارنة في مجمعهم في أربيل صيغة ملتوية، فانتخبوا مطران بغداد كوركيس صليوا الحالي ليقولوا إن بطريركنا في العراق، لكنهم لم يتخذوا قراراً مجمعياً بنقل مقر البطريركية إلى العراق، أي مستقبلاً في حال قدوم بطريرك آخر، ليس بالضرورة أن يبقى في العراق، وهذا البطريرك كوركيس تم انتخابه دفعاً للإحراج لأنه إنسان بسيط جداً، وحدثني أحد الأساقفة الحاضرين معه مع  رئيس الوزراء حيدر العبادي إنه نادى رئيس الوزراء بسيادة المحافظ إلى أن ابلغه أحدهم أنه رئيس وزراء.

فهل سيتخذ المجمع القادم قراراً بنقل مقر الكنيسة الآشورية لا نقول إلى الشرقاط أو الموصل أو أربيل تحديداً وليس بغداد (ملاحظة أربيل في بعض المصادر التاريخية القديمة يرد أسمها آشور)، بل على الأقل يجب أن يكون مقر الكنيسة في العراق أو بغداد، أم ستعاد الكرة مرة ثانية لانتخاب مطران موجود في العراق أصلاً وليس مطران من خارج العراق يترك أبرشيته خاصة من أستراليا أو أوربا أو أمريكا ويأتي إلى العراق الذي يبلغ عدد المنتمين للكنيسة الآشورية فيه العراق حوالي 8000 شخص فقط؟ (الله أعلم).

وشكراً/ موفق نيسكو

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون ج1

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون ج1
ترجمة وتحقيق موفق نيسكو

https://e.top4top.io/p_1493xr3w41.png
البروفيسور جون جوزيف (1923-)، مسيحي سرياني شرقي (نسطوري)، أي من الكنيسة التي سمت نفسها حديثاً آشورية، وهو من أصل إيراني نزحت عائلته إلى العراق إبان الحرب الأولى، نشأ وترعرع فيه، هاجر إلى الولايات المتحدة سنة 1946م، وأصبح مؤرخاً في دراسات الشرق الأوسط ودرَّس تاريخ الشرق الأوسط في كلية فرانكلين آند مارشال، بنسلفانيا، وطبعاً البروفيسور القدير جوزيف يؤكِّد ما أقوله بصورة قاطعة إن الآشوريين الحاليين (المتأشورين) هم سريان انتحل لهم الغرب اسم الآشوريين أسوةً بأشقائهم الكلدان الحالين (المتكلدنين) الذين انتحل لهم الغرب اسم الكلدان، والاسمان غرضهما سياسي طائفي، وهو يتحدث عن الكلدان أيضاً لكنه بالطبع يرُكِّز أكثر على الآشوريين واسمهم المخترع، مستنداً إلى أدق المراجع العالمية الرصينة والتفاصيل والمعلومات عن السريان النساطرة وبصورة مباشرةً من ناس عملوا معهم وعاشوا بينهم، والكتاب الأول، اسمه:
The Nestorians and their Muslim neighbors
النساطرة وجيرانهم المسلمين، طبع جامعة برينستون 1961م، ثم وضع كتاب أوسع وأشمل من الأول، طبع في بريل 2000م، اسمه:
The modern Assyrians of middle east, encounters with western Christian missions, archaeologists, and colonial powers.
الآشوريين الجدد في الشرق الأوسط، ولقاءات البعثات الغربية المسيحية، علماء الآثار، والقوى الاستعمارية

يجب قول كلمة الحق إن المتكلدنين أكثر أنصافاً من المتأشورين على الأقل إلى سنة 2003م، حيث ترجموا كتباً كثيرة تؤكِّد أنهم سريان، بينما المتأشورين لأن  كتابي الأستاذ جوزيف يوضحان بصورة جلية أنهم سريان، فلم يترجموا الكتابين، علماً أنهما لأستاذ من أهل الدار، بينما ترجموا كتباً كثيرة لمستشرقين وأناس خارج الدار، ومع ذلك أغلب تلك الكتب المترجمة خاصة تاريخ الكنسية تؤكد أنهم سريان، ويلخص الأستاذ جوزيف موضوع الآشوريين في كتابه، الآشوريين الجدد في الشرق الأوسط، بالقول:  الآراميون هم السريان، وهما اسمان مترادفان، ومنذ بداية المسيحية ولمدة 1800 سنة خلت كل مسيحيّو الشرق الذين لغتهم الآرامية ومنهم الذين يطلقون على أنفسهم اليوم اسم الآشوريين، كانوا يُسَمُّون أنفسهم (سورايا، سريان Suraye ،Suryaye، باللهجة السريانية الشرقية) أو (سوريويو، Suroyo ،Suryoy، باللهجة الغربية)، وكما أن المسلمين المتكلمين باللغة العربية، هم عرب، لذلك أسم الآراميين يشمل المتكلمين باللغة الآرامية، ولا زال إلى اليوم السريان الأرثوذكس يتسَمَّون بهذا الاسم.

لأهمية الكتاب الثاني للبروفيسور جوزيف: قبل عدة سنوات سألني أحد الشخصيات المهمة، برأي ما هو أفضل كتاب من الآشوريون أنفسهم يفند زعمهم الباطل؟، فقلت له كتاب جون جوزبف (الآشوريون الجدد) لكنه بالإنكليزي، فقال إنه سيفكر بترجمته على نفقته، لكن يبدو أنه انشغل، لذلك قمتُ أنا بترجمة وتحقيق القسم المهم المتعلق بالأسماء، مع ملاحظة أن الهوامش الموضوعة بين قوسين بعلامة [ ]، وعلامة،” “، هي هوامش المؤلف الأصلية، وعندما أبديت ملاحظتي الشخصية التوضيحية، وضعتها بعد هامش المؤلف بصيغة (نيسكو: ثم أدرجتُ ملاحظتي)، علماً أن معلومات الهوامش سواءً للمؤلف أو لي مهمة جداً، مع ملاحظة أنه عندما ترد في هامش المؤلف عبارة انظر أدناه أو مرجع سابق أو لاحق، ليس بالضرورة المقصود في القسم المترجم هذا، بل ربما يكون من القسم الغير مُترجم من كتاب المؤلف الأصلي، وصفحات الكتاب التي أنقل ترجمتها وتحقيقها، هي: 1-22، إضافة إلى ستة صفحات من النوع الكبير وهي رد البروفيسور جون جوزيف على مقال الباحث ريتشارد فراي الذي استشهد من كتابه (أي فراي استشهد من كتاب جوزيف)، علماً أني ترجمتُ صفحات أخرى من كتاب جوزيف في أماكن أخرى من كتابي القادم: اسمهم سريان، لا آشوريون ولا كلدان، أو كيف سَمَّى الغرب بعض السريان آشوريين وكلدان.

الترجمة والتحقيق

النساطرة، الكلدان، السريان الآراميون، الآشوريون/ البروفيسور جون جوزيف

قبل ما يزيد قليلا على مائة سنة كتب المبشران الأنكليكان آرثر ماكلين ووليم براون سنة 1892م كتابهما عن جاثليق الشرق وشعبه، وعنوانه “بعض عادات وتقاليد السريان الشرقيين المسيحيين” المعروفين بأسماء مختلفة مثل الآشوريين والكلدان النساطرة، وأن السريان الشرقيين هو الاسم المستخدم في أوربا وأمريكا لتميز المسيحيين الناطقين بالآرامية عن السريان الغربيين الذين اسمهم الأكثر شيوعاً والمعروف اليوم وهو، السريان الأرثوذكس (اليعاقبة)، ويُشار بالشرق إلى إمبراطوريات البارثيين والساسانيين في بلاد فارس قبل الإسلام بما فيها أراضي بلاد ما بين النهرين، واستخدام مصطلحات، نساطرة، كلدان، سريان، آراميين، وآشوريين هو إشارة إلى نفس الأقلية المسيحية، ويعتمد استخدامها على مدى ما يفضِّلهُ كل مُستخدِم، وبسبب استمرار هذه البلبلة سنقوم وبإيجاز بدراسة تاريخ هذه التسميات المختلفة والتركيز على الحديث منها وهو الآشوريون بسبب النزعة القومية التي سُطِّرت لهذا الاسم بالاعتماد على عمقه التاريخي.

النساطرة

الكنيسة النسطورية هي من كنائس غرب آسيا المعروفة رسمياً باسم كنيسة المشرق، وباسم كنيسة المشرق الآشورية منذ 1976م، وكانت واحدة من اثنين من الكنائس التي نمت خارج الإمبراطورية الرومانية، والكنيسة الأخرى هي الكنيسة الأرثوذكسية الأرمنية [1]، وعندما أصبح النساطرة جزء من الإمبراطورية العثمانية والقاجارية الإيرانية أصبحوا محور اهتمام البعثات البروتستانتية الغربية في القرن التاسع عشر، وقد اتخذ بعض الكُتَّاب موقف من استخدام اسم النسطورية في إشارة إلى هؤلاء المسيحيين عندما عاد في القرن السابع عشر عدد كبير منهم وانتظموا مع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وشكلوا كنيسة مستقلة باسم (الكلدانية)[2]، أمَّا أولئك الذين بقيوا موالين للكنيسة الأم الخاصة بهم، كان يُطلق على جميع رعيتهم اسم النساطرة، لأنه بطبيعة الحال كان يشار إلى اسم النساطرة لفترة طويلة قبل القرن السابع عشر [3]، وتحدث الراهب قزمان في كتاب رحلته إلى العالم الهندي عن النساطرة المسيحيين في وقت مبكر من سنة 525م [4]، والكُتَّاب العرب في القرون الوسطى كانوا يعرفونهم باسم نسطوريين أو النصارى أي المسيحيين النساطرة [5]، ونحو نهاية القرن الثالث عشر الرحَّالة أشار الرحَّالة بورشار إلى النساطرة بأنهم يشكلون أمة لأن انطباعه كان أن اختصاص الأسقف قد وصل إلى أبعد من اختصاصات أساقفة الشرق في الكنيسة الغربية برمتها [6].

حتى منتصف القرن التاسع عشر لم يكن الكُتَّاب يُسَمُّون هؤلاء المسيحيين، آشوريين، وقد أشار القس جورج بيرسي بادجر أن لديه مخطوط عربي كتبه صليوا بن يوحنا الموصلي سنة 1332م، أوضح فيه أن المسيحيين الشرقيين أضافوا اسم نسطور لأنهم رفضوا لعن نسطور المطرود من كيرلس الأول +444م، كما كتب ابن يوحنان أن الاسم اُستعمل منذ ذلك اليوم وحتى الوقت الحاضر [7]، وفي الوقت نفسه بدأ هؤلاء المسيحيون الشرقيون بالإشارة إلى أنفسهم على أنهم نساطرة، ومار عبديشوع النصيبيني (الصوباوي) أسقفهم في القرن الثالث عشر أشار إلى إيمان الكنيسة بعنوان “العقيدة الأرثوذكسية للنساطرة”، وكتب في الختام “كنيسة النساطرة المباركة” [8]، واستمرت الرعية بالإشارة إلى نفسها على أنها نسطورية خلال القرن التاسع عشر، وفي عام 1874م عندما تم الاعتراف من قسم من الكنائس الإنجيلية أو البروتستانتية بالكنيسة النسطورية رسمياً ككنيسة مستقلة عن الكنيسة الأم، أصبح يشار إليها باسم الكنيسة البروتستانتية النسطورية [9]، وبدأ البعض الأكثر تعليماً من المجتمع النسطوري مستاؤون من التسمية النسطورية نحو نهاية القرن التاسع عشر عندما وعَّاهم المبشرون الغربيون خاصة التابعين لكنيسة إنكلترا أن مصطلح النسطورية فيه وصمة عار ولوم لأنه يشير إلى بدعة [10]، وكان من المفترض أن تُسَمَّى الكنيسة رسمياً بالتسمية المعروفة “كنيسة المشرق القديمة” [11].

الكلدان

أصل واستخدام اسم الكلدان كان أيضاً موضوع نقاش حاد كبير، في حين أن هذا المصطلح المقبول عموماً اليوم يشير إلى الذين انشقوا عن الكنيسة النسطورية واعتنقوا الكاثوليكية الرومانية، وتم استخدامه من الأوربيين في القرن التاسع عشر للتمييز بين الكنيستين، واستعمل بصيغة النساطرة الكلدان، أو الكلدان الكاثوليك [12]، وفي عام 1840م كان الرحَّالة آنسورث من أوائل القليلين من الأوربيين غير الكاثوليك الذين زاروا النساطرة، وذكر أن هؤلاء الناس يعتبرون أنفسهم كلداناً، وأنهم أحفاد الكلدانيين القدماء وآشور، وبابل وما بين النهرين، وأوضح آنسورث أنه من أجل التمييز بين فرعي الكنيسة بقي مصطلح النسطورية سنة 1681م يستعمل لأولئك الذين احتفظوا بمذهبهم القديم [13]، أوستن هنري لايارد الذي اكتشف أطلال نينوى خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر[14]، مثل آنسورث اعتقد أن مصطلح النسطورية صيغ خلال فترة الانقسام القرن السابع عشر مشيراً إلى أن الشعب أشاروا دوماً إلى أنفسهم أنهم كلدان [15]، وذكر أنه في دير الربان هرمز حيث أقام البطاركة النساطرة هناك عدة مقابر لبطاركة دفنوا هناك قبل فترة طويلة مكتوب على أضرحتهم “بطاركة الكلدان المشرقيين” [16] ، لكن ذلك نقضه القس بادجر الذي فحص كل الأضرحة ولم يكتشف أي عبارة تؤكد ما قاله لايارد [17]، ووفقاً لبادجر فاللقب المُدرج على الأضرحة هو “البطاركة خلفاء مار أدّي وماري” [18]، وهو اللقب الذي كان بعض البطاركة النساطرة في أوقات معينة يُطلقوه على أنفسهم، لكن قراءة بادجر الخاصة بالنقوش لم تكن مؤكدة (صحيحة) [19] ، والمبشران الأمريكيان إيلي سميث ودوايت [20]، زارا النساطرة قبل عقد من الزمن قبل لايارد وآنسورث، وذكرا أن الجماعة التي اعتنقت الكاثوليكية من الكنيسة النسطورية كان اسمها “الكنيسة الكلدانية” خلال الانقسام في القرن السابع عشر، واثنان من المبشرين الأمريكيين الآخرين هما جوستين بيركنز وآشيل غرانت اللذان زارا الجالية النسطورية قبل آنسورث ولايارد وأدليا نفس الملاحظة عن التسمية الكلدانية، فكتب غرانت: نادراً ما يُطلق اسم الكلدان على النساطرة، وفي كل الأحوال لا يبدو أنه أُطلق عليهم قبل فترة الانقسام، وكتب هاريتو ساوث كيت الذي كان يقوم بجولة في المنطقة أوائل 1830م، يبدو في الواقع أن النساطرة أيضاً يطلقون على أنفسهم اسم الكلدان كاسم وطني، ومن المثير للاهتمام بعد أن أصبح ساوث كيت يدرك موقف غرانت الراسخ وهو أن النساطرة لم يستخدموا اسم الكلدان، وأنهم من نسل القبائل العشرة المفقودة من إسرائيل، أصبح ساوث كيت أكثر حزماً وقال: إن هؤلاء السريان هم أحفاد الآشوريين وليس اليهود، ومصدر ساوث كيت الذي اعتمد عليه هو أن هناك من يدعي ذلك، وهم ليست لديهم أية فكرة حول أصلهم، ووفقا لهذا المصدر نفسه فاليعاقبة أحفاد الآراميين أي السريان الذين كانت دمشق عاصمتهم [21]، فسميث ودوايت أخطأ عندما أكدا أن اسم الكلدان كان معتمداً في أواخر القرن السابع عشر، وتحدث ناقد الكتاب المقدس الفرنسي ريشار سيمون عن العديد من الطوائف المسيحية في الشرق التي تحمل اسم الكلدانية أو السريانية، وذكر أن معظم الكلدان هم من نُسَمِّيهم نحن النساطرة [22]، والبابا بولس الخامس (1605-1621م) كتب إلى البطريرك إيليا الثالث أن جزءً كبيراً في الشرق مصاب بالبدعة النسطورية، وخصوصاً الكلدان [23].

تعود التسمية الكلدانية لسنة 1445م عندما سُمِّي من انتمى من نساطرة قبرص إلى كنيسة روما كلداناً [24]، أمَّا لماذا سُمِّى النساطرة كلداناً؟، فواحد من أقدم الكُتَّاب يشير إلى أبناء الكلدان القدماء هو الكاثوليكوس الشهير ابن العبري الشهير في القرن الثالث عشر من كنيسة السريان الغربيين، السريانية الأرثوذكسية (يعقوبية)، ولكن كما سنرى أنه استخدم مصطلح الكلدان بطريقة مُهينة، وكان الباحث يوسف السمعاني أوضح ببساطة مصطلح الكلدانية وقال: إن النساطرة يُطلق عليهم عموماً الكلدان المسيحيين لأن مقر كنيستهم هو في أرض الكلدان القدماء [25]، وعندما تأسيس فرع الكثلكة من الكنيسة النسطورية في القرن السابع عشر، تمت الرئاسة الجديدة باسم بطريرك بابل، والعنوان القديم لبطاركة النساطرة قبل ظهور الإسلام كان بطريرك ساليق- قطسيفون المدائن [26]، والبطريرك الكاثوليكي الجديد هو باسم بطريرك الكلدان في الشرق، مما يدل بوضوح على الخلط بين المصطلحات الجغرافية والعرقية، ورأى البعض أن استخدام بابل في لقب البطريرك المتحدين بروما يرجع تحديداً إلى القرن السابع عشر لاعتقادهم الخاطئ أن بغداد الحديثة هي بابل القديمة [27]، وأياً كان الأمر فالسبب هو الموقع الجغرافي للبطريركية وليس بسبب أصل الرعية العرقي، فدُعي السريان الشرقيين (النساطرة) كلداناً، ومختلف الأسماء والألقاب المعروفة خلعتها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية على البطاركة بتركيبات غريبة أخرى مثل “الكلدان آشوريين” و “الكلدان الكاثوليك الشرقيين الآشوريين” وهذه التسميات استعملت نادراً من بطاركة النساطرة أو شعوبها نفسها، لكنهم استعملوا مثل هذه الألقاب المألوفة والتقليدية باعتبار أن بطريرك المشرق هو سليل كرسي مار أدّي، وفي القرن السابع عشر وفقاً لجان فييه، فمار شمعون الثامن دنحا نفسه في رسالة وجهها إلى البابا كليمنت العاشر كتب ببساطة أنه بطريرك كرسي المشرق [28].

بالنسبة لأبن العبري أشار إلى أن النساطرة هم أحفاد الكلدان [29]، لكن القراءة المتأنية له أنه استخدم هذا المصطلح بشكل طريف (فكاهي)، فتحدث عن اللغة الآرامية ولهجاتها المختلفة، وأن بعضها غير مفهوم مثل اللهجة العجيبة لأولئك الشرقيين أبناء الكلدان القدماء، وتحدث عن علامات الغناء (الموسيقى) [30]، واسم الكلدان عند ابن العبري يعني “السحرة” وهو بنفس المعنى المستخدم في سفر دانيال (2: 2، 10)، وفي واحد من كتب ابن العبري المعروفة، فاسم الكلدان عنده يعني: علم التنجيم وفنون السحر [31].

هناك سبب آخر لتسمية النساطرة بالكلدان هو أن لغتهم الأم هي لهجة من اللغة الآرامية التي كانت لغة الكلدان (القدماء)، فقد كتب هرمز رسام أن الكلدان الحاليين من رعية الكنيسة النسطورية والكاثوليكية مع استثناءات قليلة يتكلمون نفس اللهجة المستخدمة في الترجوم (البابلي اليهودي) وبعض أجزاء من سفري عزرا ودانيال التي تُسَمَّى الكلدانية [32]، ولدعم نظريته بالقول إن النساطرة هم من نسل الكلدانيين القدماء، اعتمد رسام على المصادر التاريخية الكلاسيكية مثل زينوفون الذي دعا سكان شمال بلاد ما بين النهرين “الكلدان”، لكن زينوفون سَمَّى سكان أرارات وهو اسم آشوري أكدي قديم لجبل هو جزء من أرمينيا الحديثة، فسَمَّاهم زينفون “الخلديين، Haldians Khaldians ،and Chaldeans”، ومن المثير للاهتمام أن زينوفون في حملة العشرة آلاف مرَّ في بلاد آشور بعد أكثر من مائتي سنة على سقوط الإمبراطورية الآشورية، ووجد مناطق ذات كثافة سكانية، وتعرَّفَ إلى مواقع وخرائب المدن كنمرود ونينوى، لكنه سَمَّى سكانها السابقين “الميديين” [33].

لذلك اسم الكلدانية هو مثل النسطورية، استُخدم قبل الانشقاق في القرن السابع عشر بسبب الموقع الجغرافي لبطريرك كنيستهم، واستعمل في إشارة إلى كل السريان في الشرق، ومنعت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية من تسمية المتحدين معها من الهراطقة أن يُسَمُّوا أنفسهم نساطرة، وأصبح اسم المتحدين معها هو الكلدان الكاثوليك، وهكذا مَيَّزت روما بدقة بينهم وبين الكنيسة النسطورية الأم، مُدَّعيةً أن رعية الاثنين النساطرة وإخوانهم الكلدان تربطهم نفس العلاقة ببابل، لذلك بدأ بطاركة النساطرة استخدام اسم الكلدان أحياناً في وثائقهم رسمية، مُدَّعين أنهم البطاركة الحقيقيون للكنيسة الكلدانية، وأنكروا الحق الحصري لاستعمال اسم الكلدان التاريخي للمتحدين (مع روما)، لكن المتحدين (مع روما، أي الكلدان) لم يقبلوا ذلك وأصبحوا يُكنوهم، بالنساطرة، ومنذ القرن التاسع عشر تم تنظيم المتحدين (الكلدان) بصفة دائمة واعترف بهم رسمياً من الحكومة العثمانية [34]، فنجد أن مصطلح الكلدان خسر مدلوله الوطني ليعني فقط اسم طائفة دينية، “الكلدان الكاثوليك، النساطرة سابقاً”.
—————————————————————————

الهوامش

[1] للحصول على مقالات علمية في وقت مبكر من تاريخ اثنين من هذه الكنائس الشرقية، انظر ( East of Byzantium Syria and Armenia in Formative Periods، بيزنطة الشرقية، وسوريا وأرمينيا في فترات التشكيل) Garsoian, Thomas Mathews ،Robert ، كارسوين، توماس، وتوماس، واشنطن، مركز الدراسات البيزنطية 1982م. وبالنسبة للبدايات المبكرة للكنيسة الشرقية السريانية انظر أدناه، ص35 وما يليها. (نيسكو: المقصود ص35 أدناه، هو من صفحات كتابه الأخرى.
[2] وليام أنسورث، (الرحلات والبحوث في آسيا الصغرى وبلاد الرافدين، الكلدانيين وأرمينيا، لندن 1842م، ج2 ص272. وهاريتو ساوثكيت، (سرد جولة عبر أرمينيا وكوردستان وبلاد فارس وما بين النهرين)، لندن1840م، ج2 ص178-179. ولايارد، نينوى وبقاياها، نيويورك 1851م، ج1 ص217.
[3] راوولف ليونهارت، خط سير الرحلة في البلدان الشرقية، سوريا، فلسطين أو الأراضي المقدسة، أرمينيا، بلاد ما بين النهرين، آشور، والكلدانيين، وغيرها، ترجمة نيكولاس ستافورست، لندن، 1693م، ص22، 350-351. وليونهارت رحَّالة زار المنطقة سنة 1573-1574م، والرحَّالة بيدرو تيكسيرا زار بغداد عام 1604م، قال: وجدت ثمانون منزلاً للنساطرة وعشرة للأرمن، انظر كتابه رحلات بيدرو تيكسيرا، ترجمة وشرح ويليام سينكلير، لندن، 1902م، ص66، 168، 252. انظر أيضاً، رفائيل بابو إسحق، تاريخ نصارى العراق منذ انتشار النصرانية في الأقطار العراقية إلى أيامنا، بغداد، 1948م، ص124. (نيسكو: الطبعة الحالية الجديدة باسم تاريخ نصارى العراق، قدمس للنشر والتوزيع، بيروت، ولكن نفس رقم الصفحة).
[4] انظر جون ستيوارت، (Nestorian Missionary Enterprise، مدراس المؤسسة النسطورية التبشيرية)، 1928م، ص89، 114، 328. (نيسكو: قزمان كان راهباً تابعاً للكنيسة النسطورية وسافر إلى الهند وألَّف كتاب Indicopleustes).
[5] البيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية، لايبزيغ، 1878م، ص288، 309، وانظر الشهرستاني، الملل والنحل، لندن 1846م، ص175، انظر أيضاً ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، القاهرة 1928م، ج1 ص48، وفي العصر الحديث تستخدم المصادر مصطلح النسطورية باللغة العربية.
[6] ( Burchard of Mount Sion, A Description of the Holy Land، بورشارد من جبل صهيون، وصف للأرض المقدسة العابرة)، أوبري ستيوارد، لندن 1896م، ص107، في مكتبة الحجاج فلسطين، مجلد 12 قسم3. وانظر أيضاً ( The Travels of Abbe Carre in India and the Near East، رحلات آبي كار في الهند والشرق الأدنى 1672-1674م)، لندن، 1947م، ج1 ص87. (نيسكو: يقصد أن بطريرك الكنيسة النسطورية يمارس صلاحيات مدنية كزعيم أمة، وهذا واضح للجميع ومذكور في مصادر تاريخية كثيرة، فقد ذكر الدكتور ويكرام وهو أشد الداعمين للسريان الشرقيين ومروجي ومثبتي الاسم الآشوري، أن البطريرك النسطوري يتصرف كزعيم أُمة أكثر من بطريرك، وهو أطرف وأعجب بطريرك كنيسة في العالم).
[7] بادجر، النساطرة وطقوسهم، لندن 1852م، ج1 ص127-129، بالنسبة للاهوت نسطور وإدانته. (نيسكو: أولاً: أدرجنا مخطوط سنة 1332م لصليبا الموصلي الذي يقول فيه: نحن سريان قبل نسطور بل سريان، انظر كتابنا، فصل: (بالوثائق، السريان المتأشورون والمتكلدنون أغرب شعب في التاريخ، فقرة 19)، ثانياً: كيرلس الأول هو بطريرك الأقباط ورئيس مجمع إفسس المسكوني 431م الذي حرم نسطور من الكنيسة بسبب أفكاره التي اعتبرت بدعة).
[8] المرجع نفسه ص49.
[9] لاحظ بادجر أن البطريرك مار شمعون إضافة إلى أورهام أخبراه أن من بين جميع المسيحيين نحن فقط من يُطلق علينا اسم النساطرة، ويقول كوكلي إن رسالة خطية كُتبت في مارس 1888م من قبل إسحق حنان يشوع قائلا: نحن النساطرة الشرقيين (كنيسة المشرق وكنيسة إنكلترا، أكسفورد، 1992م، ص141، 365n. 8).
[10] موسهيم، (An Ecclasiastical History, Ancient and Modern، موسوعة التاريخ القديم والحديث)، نيويورك 1867م، مج1 ص151. وانظر آرثر جون ماكلين وويليام براون، كاثوليكوس (جاثليق) المشرق وشعبه، لندن 1892م، ص6. وانظر كوكلي تحت عنوان “العقيدة النسطورية”. وانظر أدناه ص40f.(نيسكو: يقصد بقية كتابه).
[11] منذ عام 1976م أصبح يفضل استخدام كنيسة المشرق الآشورية واتُّبعَ رغبة العلمانيين في اختيار اسم وطني للكنيسة لكي لا يكن هناك تداخل مع الأسماء السريانية في الغرب مثل يعقوبية أو سريانية أرثوذكسية، والاسم التاريخي الذي يُفضِّله البعض هو الآرامي، بينما أقلية من العلمانيين اختارت الآشوري. (نيسكو: أول من أطلق اسم الآشورية سنة 1976م على الكنيسة هو البطريرك دنحا الرابع. انظر كتابنا، فصل: البطريرك السرياني النسطوري دنحا يُسَمِّي كنيسته آشورية لأول مرة 1976م.
[12] كلوديوس ريج، (وقائع (جولة) من الإقامة في كوردستان وعلى موقع نينوى القديمة)، لندن 1836م)، ج1 ص275، ج2 ص276. انظر أيضاً B Piolet Jean ، بيولت، (Missions catholiques francaises au xix siecle، البعثات الكاثوليكية الفرنسيسكانية في القرن التاسع عشر)، باريس 1901م، ج1 ص223. وانظر أنسورث، ج2 ص198، 223. وماري شيل، (Glimpses of Life and Manner in Persia، لمحات من الحياة في بلاد فارس)، لندن 1856م، ص349. وانظر Joseph Wolff، ولوف (Travels and Adventures of the Rev. Joseph Wolff، رحلات ومغامرات القس جوزيف ولف)، لندن 1861م، ص223، 457.
[13] أنسورث، ج2 ص272.
[14] لمزيد من التفصيل عن هذه الحفريات، انظر ص15-16 أدناه (نيسكو: يقصد كتابه).
[15] لايارد، نينوى وبقاياها، ج1 ص5، 217.
[16] المرجع السابق، ج1، ص199.
[17] بادجر، ج1 ص181.
[18] المرجع السابق.
[19] لمعرفة الكتابات على الأضرحة، انظر كوكيس عواد، الآثار القديمة في العراق، دير الربان هرمز، الموصل 1934م، ص35-37. وانظر Jacque Voste، فوستي، (Les Inscriptions de-Rabban Hormuzd et de N-D des Semences pres d-Alqos, Iraq، نقوش دير الربان هرمز في ألقوش، العراق)، 43 Le museon، 1930م، ص263-316. وعناوين ما قبل القرن التاسع عشر هي ببساطة كاثوليكوس (جاثليق) أو بطريرك المشرق، وأحيانا ببساطة كاثوليكوس، وقد لاحظ بادجر أن ختم البطريرك يحمل لقب خليفة أدّي وماري، لكن كتابات أضرحة البطاركة لا تحمل هذا اللقب، وأنا مدين للدكتور موريفان دينبيرغ الذي زودني بمقالة فوستي عن تلك النقوش، والبطريرك النسطوري أرسل رسالة إلى جوستن بيركنز سنة 1836م، وترجمها حرفياً هيرالد سنة 1857م، واللقب المستخدم ببساطة هو: بطريرك المشرق، وهو يُطابق المراجع السابقة. ولمزيد من المعلومات حول ألقاب البطريرك النسطوري انظر أدناه، ص22-23. وتوما المرجي، الرؤساء، لندن، 1893م. وبدج.
[20] بالنسبة للمراجع الأخرى كسميث ودوايت، انظر أدناه، ص65، 67.
[21] هاريتو ساوث كيث، جولة عبر أرمينيا وكوردستان وبلاد فارس وبلاد ما بين النهرين، نيويورك 1840م، ج2، ص182-183. وكوكلي، مرجع سابق، ص367 n12، وهنري، مرجع سابق ص110، ن20. وغرانت، النساطرة أو القبائل المفقودة، لندن 1841م، ص 198-199، وجوستن بيركنز، الإقامة ثماني سنوات في بلاد فارس بين المسيحيين النساطرة، نيويورك 1943م. (نيسكو: السيد جون جوزيف اقتبس جزءً من كلام هاريتو ساوث كيت فقط، انظر النص الإنكليزي والترجمة في كتابنا، فصل: كشف الأدلة من كل ملَّة لإثبات العِلَّة، فقرة 32).
[22] Richard Simon، سيمون، ( Histoire critique de la creance et des coutumes des nations du levant التاريخ النقدي للعقيدة والعادات من الدول الشرقية)، فرنكفورد، هولندا 1684م، ص83.
[23] السمعاني، المكتبة الشرقية ج4 روما 1721م، ص75. (نيسكو: الصحيح ج4 هو سنة 1728م).
[24] واحدة من الكنائس النسطورية المهدمة في فاماكوست في قبرص.
[25] السمعاني، المكتبة الشرقية ج3، 2 ص177.
[26] انظر السينودس (المجمع) التاسع 1. (لعله يقصد مجمع يوسف 544م وهو السابع وليس التاسع في ترقيم المجامع التي نشرها شابو وترجمها الأب يوسف حبي، ويذكر ذلك بوضح في الفقرة 1.
[27] J. Labourt ، لابورت، (Chaldean Christians، المسيحيون الكلدان)، الموسوعة الكاثوليكية، دريسلر، بغداد، الموسوعة الكاثوليكية الجديدة. وانظر Donald Attwater، اتويتر، (Catholic Eastern Churches، الكنائس الكاثوليكية الشرقية)، لندن 1935م، ص231n. وانظر بطرس نصري، لمعة في تاريخ الأبرشيات الكلدانية وسلسة أساقفتها، مجلة المشرق عدد 9، 1906م، ص640، وانظر بادجر، ج1 ص153.
[28] لكثرة الألقاب الأبوية التي تمنحها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، انظر جان فييه، السريان الشرقيون، سوريّيَا مدنخا، آشوريون أم آراميون؟، (1965م)، ص146-148، (نيسكو: سنُترجمها لاحقاً)، ومؤخراً مقاله الذي نُشر بعد وفاته وكيف جاء الغرب حديثاً بمصطلح الكلدان؟ نشرته مكتبة جامعة مانشستر 78، خريف 1996م، ص163-170. وانظر أيضاً لايارد، نينوى وبقاياها، ج1 ص199. وشموئيل جميل، علاقات الكلدان والكرسي الرسولي، روما 1902م، ص208.
[29] هرمز رسام، (Biblical Nationalities Past and Present، الكتاب المقدس وقوميات الماضي والحاضر)، جمعية الكتاب المقدس علم الآثار 8، 1885م، ص373. وانظر بطرس نصري وأدي صليبا أبراهينا، طائفة الكلدان الكاثوليك، مجلة المشرق، 3 ،1900م، ص818.
:[30] ابن العبري، الغراماطيقي، القدس 1916م، ص7-8، مخطوطة مكتبة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، مطرانية بيروت. (نيسكو: هذا الهامش مرتبط بهامش 25، وعلَّقنا على الموضوع فيما يخص ابن العبري بالتفصيل حين قال: أشكرك يا رب لأنك خلقني سريانياً آرامياً، ولم تُدنسني بالكلدانية الوثنية، انظر كتابنا، فصل: مطران الكلدان أدّي شير وكتابه كلدو وأثور).
[31] ابن العبري، تاريخ مختصر الدول، والس بدج، لندن 1932م، 1، 7، المرجع نفسه، ص9، 52. بالنسبة لمعنى كلدان انظر قاموس يعقوب أوجين منا، دليل الراغبين في لغة الآراميين، الموصل1901م، ص4f. (نيسكو: ص338 في القاموس).
[32] لمزيد من المعلومات حول العلاقة بين الكلدان والآراميين القدماء ولغاتهم، انظر أدناه ص12.
[33] انظر Xenophon’s، زينوفون، (Anabasis، حملة لعشرة آلاف، الحملة على فارس)، الكتاب الثاني 4 وإلى الكتاب الثالث 5، وهنا وهناك، وطوال مذكراته الشهيرة استعمل زينفون اسم آشور مساوياً لميديا. وانظر كلمة ميديا في الموسوعة البريطانية، طبعة 11. وانظر David Oates، أوتس، (Studies in the Ancient History of Northern Iraq، دراسات في التاريخ القديم شمال العراق)، أكسفورد، لندن 1968م، ص60. وانظر M. Rostovtzeff، روستوفزيت، (A History of the Ancient World، تاريخ العالم القديم)، أكسفورد 1925م، ج1 ص117. وانظر J. Friedrich ، فريدريش، ( Extinct Languages، اللغات المنقرضة)، نيويورك 1957م، ص81. وانظر A.T.E. Olmstead، أولمستيد، (History of Assyria، تاريخ آشور)، نيويورك 1923م، ص100-111، وانظر H.R. Hal (The Ancient History of the Near East، التاريخ القديم في الشرق الأدنى)، لندن 1947م، ص458-459.
[34] انظر أدناه، ص57-58. (نيسكو: يقصد بقية كتابه).
وشكراً/ موفق نيسكو
يتبع ج2

تَخبُّط روما، جدول المطران المتكلدن سرهد جمو

تَخبُّط روما، جدول المطران المتكلدن سرهد جمو

 

تَخبُّط روما باسمي الكلدان والآشوريين المُنتحلين، الجزء الأخير، جدول المطران المتكلدن سرهد جمو

 

منذ أن تُسَمَّى السريان النساطرة بالاسمين الجديدين المنتحلين (كلداناً وآشوريين)، دخلوا في مشاكل كثيرة فيما بينهم ولا يزالوا، وأصبح الاسمان مصدر إلهام لبعض رجال دين مثقفي الكنيسة السريانية الشرقية بشقيها فانطلقت أقلامهم تُمجِّد تاريخ الآشوريين والكلدان القدماء وربط تاريخهم الحالي مع القدماء على افتراض أنهم أحفادهم وتسقيط كل التاريخ على أساس قومي وسياسي حديث، وأصدروا عدة كتب، وحوَّلوا البحث من تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية إلى تاريخ الآشوريين والكلدان القدماء، واستبدلوا كلمة السريان الشرقيين أو النساطرة من المصادر التاريخية والقواميس كل من جانبه إلى كلمة الآشوريين أو الكلدان، فترى إذا ألَّف آشوري كتاب، نقل كلمة سرياني أو نسطوري من المصدر التاريخي أو القاموس، وكتبها آشوري، أمَّا إذا كان المؤلف كلداني، فنقل نفس الكلمة من نفس المصدر، وكتبها كلداني، وبدأ الآشوريون يكتبون أن عمر السنة الآشورية 6768 سنة، وجميع ملوك العراق القديم من السومريين كنارم سين والأكديين كأسرحدون، هم آشوريون، أمَّا الكلدان، فيكتبون نفس السنين والملوك، لكنهم كلداناً.

 

من ضمن الذين ركبوا الموجة وتكلدنوا فعلاً هو مطران كاليفورنيا سرهد جمو، الزعيم السياسي بلباس ديني للكلدان الجدد، ومع أنه أكثر المتكلدنين تشدداً وحاول جاهداً وثيقة واحدة من مكتبته وبلغته تقول أنه كلداني، أو دون إثبات علمي ربط اسم الكلدان الحالي المُنتحل بالقدماء، والأمر المضحك أنه مرة أراد أن يثبت وجود الكلدان، فترك تراث آبائه ومكتبته الفارغة من اسم الكلدان واستشهد بأحد الرحالة الغربيين الذي أسوةً بالسريان والعرب وغيرهم أطلق كلمة كلدان على الوثنيين ومنهم الذين في حرَّان، وسنة 1993م وقبل أن يتكلدن البطريرك لويس ساكو أيضاً بعد سنة 2015م تحت ضغط القوميين المتكلدنين، ردَّ البطريرك ساكو (كان كاهنا) على سرهد جمو الذي كان يسعى جاهداً لاتخاذ اسم الكلدان هوية قومية سياسية بعقد مؤتمرات ولجان: كنيستنا ليست طائفية عنصرية حيث كانت تضم شعوباً متعددة، سريانياً عرباً فرساً تركاً صينيين هنوداً وغيرهم، والمسألة التي يود آباء المجمع الكلداني دراستها، آمل أنها ليست هويتنا الكلدانية (؟)،وكيف يمكن تأوين الهوية التي ورثناها بغلاف مشرقي (وليس كلدانياً أو آشورياً)، والسؤال المطروح على المؤتمر ولجانه: هل يريد الإبقاء على الطابع اليهودي السائد على طقوسنا وريازة (تصميم) كنائسنا وتعابير لاهوتية (مجلة بين النهرين 1993م، ص82-83. مع ملاحظة أن علامة الاستفهام في (ليست مسالة هويتنا الكلدانية (؟)، وعلامة القوسين (وليس كلدانياً وآشورياً) هي حرفية في المتن (وقول ساكو إن كنيستنا طابعها يهودي لأن ساكو يُقر أن الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد هم من أصول يهودية من الذين سباهم العراقيون القدماء، وله مقالات في الموضوع، بل يفتخر بذلك، قائلاً إن لم نكن نحن من أسباط إسرائيل، فمن إذن غيرنا؟).

 

ولأن المطران جمو لا يملك وثيقة واحدة تقول إنه كلداني، لذلك اعترف عن مضض بالحقيقة الدامغة مجبراً أن تسمية الكلدان والآشوريين حديثة، وقال: إن سياج العزلة أحاط بكنيسة المشرق أجيالاً عديدة ثم جرت بعض الاتصالات مع روما منذ القرن الثالث عشر، وأوضاع الكنيسة إلى القرن السادس عشر غارقة تماماً في دياجير المحن وانعدام الوثائق يقف المؤرخ أمامها فارغ اليدين، فكنيستنا هي كنيسة أجدادنا المُلقبة أحياناً بالنسطورية، والمُسَمَّاة لاحقاً، الكنيسة الكلدانية والأثورية، وهذه الأسماء انبثقت حديثاً منتصف القرن السادس عشر بعد سنة 1553م، فاستقر الاسم الكلداني على الفئة المتحدة بروما، بينما تَبنَّى الأنكليكان اسم الأثوريين في مداولاتهم مع الفئة الغير متحدة بروما، ويُدرج خارطة كنيسة المشرق تُسَمَّي جنوب العراق، بيت الآراميين، وليس بيت الكلدان أو الآشوريين، وتظهر في الخريطة أمم باسم بيت الآراميين والعرب والجرامقة والماديين وقردو (الكورد) وحدياب والموصل ونينوى، باستثناء، الآشوريين والكلدان (سرهد جمو، مجلة بين النهرين 1996م، كنيسة المشرق بين شطريها، ص182-183، 187- 188-190، 195، 200-201، والخارطة التي استعملها جمو هي نفسها عند كل الآباء الكلدان مثل يوسف حبي والبير أبونا وغيرهم)، وندرج خارطتهُ:

https://f.top4top.io/p_1472hl5qc1.png

 

وفي محاضرة له بتاريخ 19 /10/ 2013م، قال جمو: إن أور الكلدان هي أكدية، ولأن العهد القديم كُتب في عصر متأخر أيام الدولة الكلدانية (612-539 ق.م.)، فسَمُّوها أور الكلدانيين، كمن يقول إن كريستوف كولمبس اكتشف أمريكا، بينما لم يكن اسمها أمريكا حين وصلها كولمبس.

 

ويضيف المطران جمو عن تخبط روما باسمي الآشوريين والكلدان المُنتحلين، قائلاً: اعتقدت روما بناءً على ما عُرض عليها أن رئيس الدير (أول من تكثلك في العراق) يوحنا سولاقا +1555م انتُخبَ خلفاً للبطريرك النسطوري شمعون برماما على أساس أن الأخير قد توفي، فظنَّت روما أنها أبرمت الاتحاد القانوني مع كنيسة المشرق قاطبةً، وإذ ثبت لدى روما لاحقاً أن برماما (النسطوري) لا يزال حياً يُرزق، وجدت نفسها أمام واقع جديد هو انقسام المشرق إلى مجموعتين، عائلة أبونا النسطورية، والمجموعة الكاثوليكية برئاسة خلفاء سولاقا، وكانت تلك الفترة صراع حاد بين سلالتين، لذلك في آذار 1610م كتب البطريرك إيليا النسطوري إلى البابا إلى بولس الخامس يُسَمَّي نفسه، إيليا بطريرك بابل، ويعتقد المطران جمو أن هذه أقدم وثيقة فيها ذكر بابل. (مصدر سابق، ص197-198)، ثم يُدرج جدول سلسلة جثالقة كرسي المشرق يُبيِّن فيها التخبط والاختلاط بين السلالتين، ولأن الاسمين الجديدين كلدان وآشوريين مُنتحلين، فليس روما فقط من تتخبط بهما، بل غالبية الكُتَّاب ومنهم رجال دين أيضاً، والمطران سرهد جمو نفسه أخطأ في الجدول، فقمتُ بتوضيحه وتصحيحه، وعدا خطأه في الجدول فقد حاول متعمداً البداية من سنة 1497م هروباً من الحقيقة الدامغة أن كنيسته سريانية في التاريخ وسُميِّت كلدانية حديثاً، وندرج جدول المطران وتصحيحه

جدول المطران سرهد جمو

 

https://e.top4top.io/p_1472etjea1.png

جدول المطران سرهد جمو بعد تصحيحي

https://f.top4top.io/p_1472i6pjs2.png 

 

والتصحيح والتوضيح هو:

1: إضافة كلمة السريانية إلى العنوان الرئيس للجدول الذي هو (سلسلة جثالقة كرسي المشرق)، لتصبح كرسي المشرق السريانية.

2: المطران جمو بدأ بسلسة أساقفة المدائن من شمعون الرابع الباصيدي 1497م، ونحن أضفنا تاريخ كنيسة المشرق منذ سنة 104م إلى زمن الباصيدي، وقلنا:

من 104- 300م: هم أساقفة أربيل خاضعين لبطريركية أنطاكية السريانية

فافا الآرامي المتوفى سنة 329م: هو أول أسقف للمدائن خاضع لبطريرك أنطاكية السرياني

شمعون بن الصباغين +343م: أول مطران للمدائن

مار إسحق 410م: أول جاثليق للمدائن

497م: اعتناق كنيسة المشرق النسطرة وانفصالها عن أنطاكية السريانية الأرثوذكسية (كنيسة اسمها المشرق السريانية النسطورية).

3: أضفنا كلمة النسطورية إلى قول المطران جمو، السلالة التقليدية.

4: أضفنا كلمة الكاثوليكية إلى قول المطران السلالة المتحدة بروما.

5: توضيح انشقاق بطاركة اليوسفيين في ديار بكر عن الإيليين في دير الربَّان هرمز في ألقوش بسهم رفيع وطويل من البطريرك إيليا التاسع مار أوجين (1660-1700).

6: توضيح اتحاد بطاركة اليوسفيين في ديار بكر بعد البطريرك أوغسطين الهندي (1803-1828م) بالبطريرك بمطران الموصل يوحنا الثامن هرمز (1830-1838م)، بسهم صغير وعريض، وتشكيل أول بطريركية كلدانية كاثوليكية في التاريخ في 5 تموز 1830م، في الموصل برئاسة يوحنا هرمز الذي تم رسامته بطريركاً على الطرفين.

7: شرح بسيط عن بعض البطاركة وإيمانهم مقابل أسمائهم.

8: تفصيل وتوضيح جلوس البطريرك شمعون 13 دنحا، فالمطران جمو خلط جلوسه كنسطوري وكاثوليكي معاً (1662-1700م)، والحقيقة أنه كاثوليكي من سنة (1662م- 1670م)، ونسطوري (1670-1700م).

9: المطران جمو خلط بطريركين باسم برماما، وجعلهما واحداً بشخص شمعون برماما السابع (1538-1558م)، والحقيقة هما اثنان، شمعون السادس إيشوعياب ماما كوريال (1538-1551م)، وشمعون السابع حنانيشوع مرقس ماما كوريال (1551–1558م) هو برماما أيضاً، مع ملاحظة أنه رُسم بطريركاً ولم يتجاوز عمره ثمان سنين، وسُمِّي (حنانيشوع) باسم أخيه الذي كان ولياً لعهد عمه البطريرك شمعون السادس لكنه توفي سنة 1545م، وهذا البطريرك هو الذي حرض على قتل البطريرك المتكثلك يوحنا سولاقا، ويُسَمَّى أيضاً (برماما).

10: إضافة انشقاق الكنيسة النسطورية سنة 1968م إلى قسمين، الأول اتخذ اسم (الجاثليقية القديمة)، ويرفض التسمية الآشورية بشدة، والثاني سَمَّاه البطريرك دنحا الرابع في 17 تشرين أول 1976م، آشورية، علماً أن البطريرك دنحا هو الرابع، وليس الثالث أو الرابع كما ذكر المطران جمو.

وشكرا/ موفق نيسكو

 

تَخبُّط روما باسمي الكلدان والآشوريين المُنتحلين ج2‏

تَخبُّط روما باسمي الكلدان والآشوريين المُنتحلين ج2‏

يتبع ج1

وتحت عنوان (استخدام الرومان للأسماء) يقول الأب جان فييه الدومنيكي: إن وثائق الدوائر البابوية التي تضاعفت نتيجةً محاولات توحيد النساطرة بكنيسة روما في القرن السابع عشر والثامن عشر، فحاولت روما إطلاق أو ترتيب بعض التسميات، ولا يزال هناك بعض التردد في هذا الأمر، فعلى سبيل المثال ممثل روما ليونارد آبيل يستخدم سنة 1597م مصطلحي، الأمة الكلدانية في بلاد آشور أو الأمة الآشورية دون تمييز، بل يذهب إلى القول عن مقر كنيسة بابل (الكلدان فيما بعد) في جزيرة بن عمر (تركيا)، أنه في الموصل، وفي الوثائق الرسمية هو مدينة الموصل في أثور الشرقية، والبطريرك مار عوديشو الرابع (1555-1571م) خليفة سولاقا (الكلداني لاحقاً) سمّتهُ روما أحياناً، بطريرك الآشوريين والكلدان، لكن في معظم الأحيان هو بطريرك الآشوريين والموصل أو بطريرك الأشوريين في المشرق، وإيليا هرمز مطران آمد (ديار بكر) ممثل البطريرك شمعون دنحا التاسع في روما، يُطلق على نفسه سنة 1582م، كلداني من آشور، ويسأل الكاردينال كارافا أن أمته لا تُسَمَّى نسطورية منذ الآن، بل، الكلدانية الشرقية في بلاد آشور، وفي الواقع إن وثيقة سنة 1610م تتحدث عن الكلدان الشرقيين.

 

لقد لاحظ الكاردينال تيسران، أنه في نفس الوقت الذي يجري فيه تثبيت خط سولاقا (نيسكو: أول بطريرك نسطوري تكثلك الذي ستُسَمِّى كنيسته فيما بعد كلدانية)، أعطته روما لقب بطريرك الآشوريون في المشرق، بينما أعطت منافسه النسطوري (التي ستسَمَّى كنيسته فيما بعد آشوريين) البطريرك شمعون برماما إيليا لقب بطريرك بابل، وفي الواقع لم تكن آشور تخضع لبطريرك الأشوريين الشرقيين، لأن حدود هذه المناطق كنسياً كما تم تحديدها سنة 1610م، كانت مخصصة لبطريرك بابل إيليا السابع، وهي أبرشية تمتد من آمد (ديار بكر) ​​إلى آشور )الموصل) وبابل والبصرة، وصولاً إلى أربيل وهكاري وبلاد فارس، أي ما يقرب من كل العراق الحالي، إضافةً إلى جزء من جنوب تركيا، في حين سلطة بطريرك الآشوريين في المشرق شمعون العاشر كانت من بلاد فارس إلى جولاميرك، ومن سعرد إلى آمد، فكيف ستحتفظ روما من الآن فصاعداً بهذه التسميات التي الأطراف المعنية نفسها لم تستخدمها أبداً؟، فالبطريرك إيليا الثامن إضافةً للقبه بطريرك بابل، استخدم لنفسه بطريرك المشرق لكرسي القديس تادوس، ومن ناحية أخرى فشمعون الخامس (شمعون الثامن دنحا) عندما كتب للبابا كليمنت العاشر سنة 1670م، دعا نفسه بطريرك الكرسي في المشرق، (أرجو ملاحظة أنه حتى جان فييه يتخبط، فيُسَمَّي شمعون الخامس، ثم يضعه بين قوسين، ويُسَمِّيه شمعون الثامن دنحا).

 

ابتداءً من عام 1681م، عندما اعتنق الكثلكة مطران آمد وحمل لقب البطريرك يوسف الأول، أصبح ثلاثة بطاركة: يوسف الأول بطريرك الكلدان أو بطريرك بابل في آمد، والثاني شمعون في تركيا- الحدود الإيرانية، والثالث إيليا لبلاد ما بين النهرين، ومركزه في دير الربان هرمز (ألقوش)، أو الموصل نفسها، وباختصار، تظهر وثائق روما في استخدام عنوان أثور من القرن السادس عشر إلى الثامن عشر لتسمية البطريرك من الحدود التركية الفارسية، بينما البطريرك الذي اعتمد عليه في تسمية بلاد أثور القديمة، يُسَمَّى، بطريرك بابل.

 

ينهي الأب فييه كلامه عن التخبط باستهزاء وتهكم على الآشوريون والكلدان الحاليين الجدد بالقول المفروض على القوم أن يعتمدوا كيف يُسَمِّون أنفسهم بلغتهم وفي مصادرهم وليس في مصادر الآخرين كالأوربيين، خاصة أن الكلدان والآشوريين الذين يدَّعون زوراً أنهم سليلي الآشوريون والكلدان القدماء سبقوا اللاتين والإيطاليين، ليأتي أخيراً اللاتين والإيطاليين والإنكليز فيخلطون الحابل بالنابل والجغرافية بالتاريخ، والأسماء بصيغة القوم الأصلية إلى صيغة لغتهم الأجنبية لتصبح هي المرجع ويحددوا هم أسماء تلك الأقوام، ويستشهد باسم أسلاف الآشوريين الحاليين وهو السريان وكيف يأتي الاسم في المصادر المارونية السريانية وكيف يترجموه للعربية؟، قائلاً:

الأمر واضح ويكفي أن نفهم بعضنا البعض، لكن يبدو أن الجغرافيا والتاريخ لم يكن لهما سوى دور ضئيل في تعيين الأسماء المختلفة، ومرة أخرى قبل الحديث عن الآشوريين، يجب على المرء أن يلاحظ كيف يُترجم الموارنة الاسم باللغة السريانية والعربية في أدبياتهم ومراسلتهم، هل أثوري أم سرياني؟، ولكن لسوء الحظ يبدو أن الصيغ اللاتينية أو الإيطالية للأسماء أصبحت هي التي يُستند إليها.

(مقال فييه الدومنيكي لسنة 1965مThe Syrian East, Madenkha Suryaya) ، السريان الشرقيون، سورايَيَا مدنخا(، وانظر الكاردينال، أوجين تيسران خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية، ص113-114).

 

نتيجةً لهذا التخبط فأسماء البطاركة وألقابهم وترتيبهم وسنة جلوسهم أو وفاتهم في قوائم سلسلة بطاركة الكلدان والنساطرة في هذه الفترة المضطربة مختلفة بين كُتَّاب الكنيسة ومؤرخيها أنفسهم، فقسم اعتمد على تاريخ الضريح واعتبر الولادة سنة جلوس، وقسم سَمَّى خلفاء يوحنا سولاقا شمعون الثامن، التاسع واستمروا بالعاشر..إلخ، بينما في الحقيقة سولاقا هو الثامن، وقسم خلط بترقيم الإيليين والشمعونيين، وغيرها، لذلك ترى الجداول تختلف بين يوسف حبي وألبير أبونا وأوجين تيسران ولويس ساكو وغيرهم، بل وتختلف عند الكاتب نفسه من كِتاب لآخر، فمثلاً تختلف عند الأب ألبير أبونا في كتابيه، أدب اللغة الآرامية وتاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، والأغرب فهي تختلف في نفس كتاب الكاتب وفي صفحات متقاربة جداً، فالأب ألبير في كتابه، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج3 ص148، يُسَمِّي البطريرك إيليا (1591-1617م)، الثامن، بينما يُسَمِّيه السابع في ص150، وهو الصحيح، ويُسَمِّي البطريرك دنحا (1600-1638م) شمعون التاسع ص147، والصحيح هو العاشر، كما ذكرهُ في كتابه “أدب اللغة الآرامية”، ص670، لأن سولاقا هو الثامن، ومن طريف الأمور في ص146-147، يقول الأب ألبير عن الأب الراحل جميل شموئيل: إنه أخطأ حين ظن أن بابا روما بولس الخامس كتب رسالة في 29 حزيران 1917م إلى البطريرك إيليا التاسع، بينما هو إيليا الثامن.

 

(نيسكو) الحقيقة أن إيليا هذا، لا هو التاسع كما ظن الأب جميل شموئيل، ولا هو الثامن كما أراد ألبير أن يصحح للأب شموئيل ص147، بل هو إيليا السابع كما يقول الأب ألبير نفسه ص150، وبعدها، والسبب أن الأب أبونا وغيره نَقلَ نص الحدث من مصادر مختلفة ولم يقارنها ويدققها بل اعتمد على التخمين والرأي، كما يقول هو: لقد وقع التباس كثير في سلسلة البطاركة وتواريخهم، ونحن هنا نتبنى الأرجح حسب رأينا.(ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج3 ص132)، والأب ألبير أو غيره، لا يُلام، لأن ذلك الأمر ليس بالأمر الهَيَّن، ففي أحدث كتاب لكنيسة المشرق لكريستوف باومر، يضع المؤلف أربعة أقسام، ويشير بثلاث إشارات (نجمة) لسلسلة البطاركة المتشابكة، نجمة معترف بهم من روما، أي كاثوليك، ونجمتان لمن يستلموا اعتراف بابا روما، وثلاث نجمات لمن انشغلوا بالتفاوض مع روما بدون نتيجة، وطبعاً القسم الرابع لمن بقي نسطورياً.(كريستوف باومر، كنيسة المشرق، ترجمة عمانوئيل الزيباري، ص384).

 

الأب جميل شموئيل الكلداني أيضاً نتيجة التخبط بين الاسمين المنتحلين حديثاً (الآشوريين والكلدان)، لم يكن يعرف اسم كنيسته وملته بالضبط، هل هم، آشوريون أم كلدان؟، فألَّف في روما سنة 1902م كتاب: حقيقة العلاقات بين الكرسي الرسولي (روما) والآشوريين الشرقيين أو كنيسة الكلدان (الأغلبية الساحقة من الكلدان حديثاً أو من هو متعاطف معهم من الكُتَّاب الكاثوليك كالأب فييه، وهروباً من الاسم الآشوري، إمَّا يذكرون اسم الكتاب (العلاقات) فقط، أو يحذفون كلمة الآشوريون فيذكرون اسمه: العلاقات بين الكرسي الرسولي والكلدان!).

Samuel Giamil, Genuinae Relationes inter Sedem Apostolicam et Assyriorum Orientalium seu Chaldaeorum Eccles.

 

غالباً يحاول الكلدان التركيز على لقب الكلدان قبل سنة 1830م، لتبرير وإرجاع تسميتهم قدر الإمكان إلى عهد أسبق كلقب يوسف الثاني معروف ويوسف الثالث وغيرها، وهذا غير صحيح، لأنها ألقاب اختيرت بصورة شخصية ومؤقتة ثم زالت وتبدَّلت عند خلفاءهم، ولم تكن، لا روما، ولا السلطات العثمانية المدنية، ولا الآخرين يعرفوها كألقاب ثابتة ومعروفة.

 

أمَّا ألقاب وأختام بطاركة النساطرة باسم الكلدان فهي خير دليل على تخبط وارتباك الأسماء بين من صار كاثوليكياً ومن بقى نسطورياً، حيث بقيت أختام بطاركة النساطرة بالاسم الكلداني إلى سنة 1976م، عندما سَمَّوا كنيستهم آشورية، وقسم من بطاركة ومطارنة النساطرة سَمَّوا أنفسهم، النساطرة، الكلدان أو النساطرة الكلدان مثل البطريرك النسطوري روبين (روئيل) بنيامين (1861-1903م) الذي وجِّه رسالة إلى رئيس أساقفة كانتربري لمساعدته، ووقَّع باسم بطريرك الكنيسة الكلدانية القديمة، وأيضاً مطرانهُ يوحانون الذي كتب رسالة إلى كنيسة انكلترا، يُسَمِّي فيها شعبه، النساطرة الكلدان، ويقول: إن الرسالة كُتبت في شهر أكتوبر الكلداني الموافق 8 أكتوبر 1884 مسيحي، أي ميلادي.

)The Archbishop of Canterbury’s mission to the Assyrian Christians, I: Narrative of a visit to the Assyrian Christians in 1884, II: Report of the foundation of the mission in 1886, London 1891، ريلي: بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى المسيحيين الآشوريين، 1: سرد زيارة المسيحيين الآشوريين سنة 1884م، 2: تقرير عن تأسيس البعثة سنة 1886م، لندن 1891م، ص18، 21).   

 

من طريف الأمور أن بعض الكلدان ومنهم رجال دين، يُعيَّرون ويستهزئون بالآشوريين الذين في فترة الاضطرابات بين الكثلكة والنسطرة (1553-1830م استعمل النساطرة لقب كلداني أو استعملوا ختماً مكتوب عليه “بطريرك الكلدان (محيليا كلدايا)”، قائلين للآشوريين أنكم كلداناً، وبدورهم الآشوريون أيضاً يُعيِّرون الكلدان أن روما سَمَّت سولاقا أول بطريرك نسطوري تكثلك، بطريرك أثور الشرقية (طبعاً كان المقصود بأثور مدينة الموصل التي أحد أسمائها الجغرافية هو أثور، وسولاقا عُيَّن على كنيسة الموصل المترملة كما ذكرنا)، والمهم أن الطرفين نسوا كل التاريخ والآلاف المخطوطات والوثائق في كنائسهم وتاريخهم التي كتبها آبائهم، والذين سَمَّوا أنفسهم وشعبهم ولغتهم وكنيستهم وطقوسهم..إلخ، سريان وسريانية فقط، وبدءوا يتصارعون بعد القرن السادس عشر الميلادي، وهذا دليل على أن تاريخ الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد يبدأ من هذا التاريخ والتخبط والأختام فقط.

وشكراً/ موفق نيسكو

يتبع جزء أخير تخبّط المطران سرهد جمو وجدوله

تَخبُّط روما باسمي الكلدان والآشوريين المُنتحلين ج1

تَخبُّط روما باسمي الكلدان والآشوريين المُنتحلين ج1

من المعروف أن الكلدان والآشوريون الحاليين الجدد لا علاقة لهم بالقدماء، إنما هم سريان انتحل لهم الغرب اسمي آشوريين وكلدان لأغراض سياسية وطائفة وعبرية لأنهم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، وكانت لغة اليهود المسبيين هي الآرامية (السريانية) وعندما جاءت المسيحية اعتنقوها تحت رئاسة كنيسة أنطاكية السريانية، وسنة 497م اعتنقوا المذهب النسطوري وانشقوا عن أنطاكية، لكن اسمهم بقي سريان، وسُمِّيوا نساطرة أيضاً، وفي 7 أيلول 1445م،جحد طيمثاوس مطران قبرص الإيمان النسطوري واعتنق الكثلكة فأمر البابا أوجين الرابع تسمية كنيسته الكلدان بدل السريان النساطرة، لكن الاتفاق مات حينها حيث عاد طيمثاوس ورعيته إلى النسطرة، ثم تردد اسم الكلدان بصورة متقطعة وثبت رسمياً في 5 تموز 1830م، أما القسم الثاني النسطوري فسمته انكلترا آشوريين سنة 1876م، وثبت أسمهم رسمياً في 17 تشرين أول 1976م.

سنة 1553م انشق شمعون الثامن يوحنا سولاقا مع كثيرون هذه المرة وبصورة جدية عن كنيسة السريان الشرقيين النساطرة وأصبحوا كاثوليكياً واتحدوا بروما التي كانت تجهل أخبار ووضع السريان الشرقيين، فعندما رسمت سولاقا كأول بطريرك كاثوليكي في العراق، لم تُسَمهِ، كلداني، بل بطريرك الموصل أو أثور، والسبب أن أحد أسماء مدينة الموصل الجغرافية بالسريانية، هو أثور، والمهم أن روما اعتقدت أن بطريرك الموصل النسطوري برماما قد توفي، وترمَّلت أبرشية الموصل، علماً أن البطريرك برماما كان لا يزال حياً وتوفي سنة 1558م. وهذه هي الوثيقة الأصلية من أرشيف الكنيسة الكلدانية، وتعليق الأب بطرس حداد عليها).

 

ويوحنا سولاقا ليس أول بطريرك كاثوليكي في تاريخ العراق فحسب، بل هو أول عراقي كاثوليكي في التاريخ، وقد قام سولاقا بنقل مقره من ألقوش في العراق إلى ديار بكر في تركيا خوفاً من النساطرة، وفعلاً اغتاله البطريرك النسطوري برماما سنة 1555م، وسُمِّي شهيد الاتحاد (أي الاتحاد مع روما)، وانشقت الكنيسة بعد سولاقا إلى ثلاثة أقسام، الشمعونيون والإيليون واليوسفيون، واختلط الحابل بالنابل أكثر، ولأن الاسمين الآشوري والكلداني مُنتحلين وغير حقيقيين، فقد اختلط الاسمان على كثيراً من الرحالة، بل حتى روما نفسها كانت تجهل الأسماء وتتخبط بها، وهي موضوعنا.

يقول البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي (2003-2012م): إن لقب جاثليق أو بطريرك الموصل في أثور (الذي أطلق على سولاقا) بقي مستعملاً حتى أواخر القرن السادس عشر تقريباً، وعندما بدأ المرسلون والرحَّالة الغربيون يجوبون بلادنا ويطلعون أكثر فأكثر على تقاليدها وكنائسها وأصالة تراثها، كتبوا تقارير عن ما رأوا واطلعوا عليه من المعلومات التاريخية والدينية والجغرافية، جاء فيها الغث والسمين، فقد أخطأوا عندما ظنوا أن بغداد، هي بابل، وأن البطريرك الجالس في دير الربان هرمز (ألقوش) قرب آشور، وحالياً الموصل، هو في ديار بابل، فخلطوا الحابل بالنابل، وخبطوا بين الجنوب والشمال، وهكذا ابتدأ قليلاً فقليلاً اسم بابل يعلو ويتغلب على بقية الأسماء، لأنه اسم قديم ومشهور في الكتاب المقدس، وبابل هي عاصمة الكلدان، فباشرت روما استناداً إلى التقارير التي تصلها والتي تحمل اسم الديار البابلية منذ نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر تُطلق على البطريرك اسم بطريرك بابل على الكلدان، وهذه الألقاب ناجمة برأينا عن قلة خبرة العاملين في الدوائر الرومانية آنذاك.

ويضيف البطريرك دلي قائلاً: إن البابا بيوس الرابع كتب سنة 1565م إلى البطريرك عبديشوع الجزري خليفة سولاقا الكاثوليكي يُلقَّبه “بطريرك الآشوريين أو الموصل، أي بطريرك الموصل في أثور الشرقية”، لكن في صورة إيمان عبديشوع الجزري نفسه المحررة في روما سنة 1562م يلقِّب نفسه: بطريرك آمد (ديار بكر) في ديار المشرق التي هي آشور. (البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي، المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص143-145. وانظر للبطريرك دلي نفس المقال تقريباً، مجلة بين النهرين 1989م، ص21).

ونتيجة لاختلاط الحابل بالنابل كما يقول البطريرك، أصبح كل واحد من البطاركة يُسَمِّي نفسه ما يعجبه، أمَّا روما نفسها فكانت جاهلة ومحتارة بماذا تُسَمِّيهم، لذلك من الطريف أنها سَمَّت سولاقا الكاثوليكي +1555م، وبعض خلفاءه الذين تنحدر منهم الكنيسة الكلدانية الحالية “بطريرك أثور، أي الموصل”، بينما سَمَّتْ خلفاء برماما النسطوري +1558م الذين تنحدر منهم الكنيسة الآشورية الحالية، “بطريرك بابل”، أي عكس المطلوب تماماً، ويقول البطريرك ساكو: الجدر بالذكر إن رئاسة الكنيسة الآشورية الحالية تنحدر من خط سولاقا (يقصد كنيسة الآشوريين تنحدر من خط الذين سمتهم روما كلداناً)، في حين تتواصل سلسلة كنيسة الكلدان مع خط ألقوش- الموصل النسطوري (يقصد كنيسة الكلدان تنحدر من خط الكنيسة التي سمَّاهم الإنكليز آشوريين). (البطريرك لويس ساكو، خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص36).

والبطريرك إيليا السابع (1591–1617م) المتأرجح بين الكثلكة والنسطرة، في الرسالة التي وجهها إلى البابا بولس الخامس، يُلقِّب نفسه “بطريرك بابل”، ومع ذلك وقَّع نهاية الرسالة: أنا إيليا بطريرك المشرق، وليس بابل.( البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي، المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص145).

والبطريرك شمعون دنحا (1581-1600م)، بعث معاونه المطران إيليا هرمز حبي اسمر إلى روما وقدَّم تقريراً باسم البطريرك جمع فيه كل الأسماء ليخلط الحابل بالنابل فعلاً، حيث جاء في مطلعه: أنا إيليا رئيس أساقفة آمد (ديار بكر) في بلاد ما بين النهرين، كلداني من أثور.

أمَّا مبعوث روما إلى الشرق لتقصي الحقائق مطران صيدا اللاتيني ليوناردو هابيل فقد رفع تقريراً لبابا روما غريغوريوس الثالث عشر سنة (1583–1585م) يُسَمِّي الرعية، مرة الأمة النسطورية، وتارة كلدانية، وأخرى كلدان أثور، وأن المقصود بأثور هو مدينة الموصل في بلاد بابل، إذ يقول: زرت بطريرك الأمة الكلدانية في أثور، وأولئك من الأمة النسطورية الذين يسكنون مدينة آمد وسعرد ومدن أخرى، تمردوا على بطريركهم الساكن في دير الربان هرمـز قرب مدينة أثور التي تُسَمَّى اليوم، الموصل- في بلاد بابل، فأطلقوا على أنفسهم اسم، كلدان أثور الشرقية. (المطران الكلداني سرهد جمو، كنيسة المشرق بين شطريها، مجلة بين النهرين، 95–96، 1996م، ص196-197).

والبطريرك يوسف الأول (1667–1696م)، وبعده يوسف الثاني معروف، لُقَبَ، كلداني فقط، بدون بابل، لكن خلَفهما يوسف الثالث (1713–1757م)، لُقِّبَ، بطريرك بابل فقط، بدون الكلدان.(ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج3 ص237، وانظر البطريرك دلي، المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص145. (ملاحظة) إن ألقاب البطاركة لم تكن ثابتة في كل الوثائق، فنحن نتكلم ربما عن وثيقة أو وثيقتين فقط وردت فيها هذه الألقاب).

وفي 29 حزيران 1617م كتب البابا بولس الخامس رسالتين في نفس اليوم، الأولى إلى البطريرك شمعون (1600-1638م) خليفة سولاقا الكاثوليكي الذي تنحدر منه الكنيسة الكلدانية الحالية، يُسَمِّيه، “بطريرك الآشوريين”، والثانية عِبَر توما دي نوفاري مبعوث روما الفرنسيسكاني الموجود في الشرق لكي يوصلها إلى البطريرك النسطوري إيليا (1591-1617م) خليفة البطريرك برماما النسطوري الذي تنحدر منه كنيسة الآشوريين الحاليين، ويُسَمِّيه البابا “بطريرك بابل”، أي بالعكس، والطريف أن البطريرك إيليا هذا الذي كتب له بابا روما كان قد توفي في 26 أيار 1617م، لكن روما لم تكن تعلم ذلك. (المصدر السابق، ج3 ص148، 154.علماً في ص148 أخطأ الأب ألبير أبونا بتسميته إيليا، الثامن، والصحيح هو السابع كما ذكره هو ص150 وبعدها).

علماً أن المقصود بأثور وبابل هما الموصل وبغداد، كما مر بنا، فعمانوئيل دي سانت ألبرت، النائب الرسولي لكنيسة روما في بغداد سنة 1749م لمتابعة شؤون الكاثوليك، تُسَمِّيه روما: النائب الرسولي في بابل (الكاردينال أوجين تيسران، خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية، ص132).

ما يبرهن جهل روما والبابا وجين الرابع بالذات عن مسيحيّي الشرق وأسمائهم أن البابا اعتقد بوجود إمبراطور مسيحي في الهند، فأرسل مبشرين سنة 1439م ورسالة إلى ملكهم يقول فيها: إلى ولدي الحبيب كثيراً في المسيح إمبراطور الهند الجليل توماس، مع العلم أنه لا يوجد هكذا إمبراطور للهند لا مسيحي ولا هندوسي.(E.M. Philip, The Indian Church of St. Thomas. فيلبس، كنيسة القديس توما الهندية، 1950م، ص102-103، علماً أن البابا أوجين الرابع هو أول من أمر بتسمية السريان النساطرة كلداناً).

يقول المطران الكلداني سرهد جمو: إن روما اعتقدت بناءً على ما عُرض عليها حينها أن رئيس الدير يوحنا سولاقا انتُخبَ خلفاً للبطريرك النسطوري شمعون برماما على أساس أن الأخير قد توفي، فظنَّت روما أنها أبرمت الاتحاد القانوني مع كنيسة المشرق قاطبةً، وإذ ثبت لدى روما لاحقاً أن برماما (النسطوري) لا يزال حياً يُرزق، وجدت نفسها أمام واقع جديد هو انقسام المشرق إلى مجموعتين، عائلة أبونا النسطورية، والمجموعة الكاثوليكية برئاسة خلفاء سولاقا، وقد كانت تلك الفترة صراع حاد بين سلالتين، لذلك في آذار 1610م كتب البطريرك إيليا النسطوري إلى البابا بولس الخامس يُسَمَّي نفسه، إيليا بطريرك بابل، ويعتقد جمو أن هذه أقدم وثيقة فيها ذكر بابل، ويُدرج المطران جمو جدول بسلسلة جثالقة كرسي المشرق يُبين فيها التخبط والاختلاط بين السلالتين، علماً أنه نتيجةً للتخبط، فالمطران سرهد جمو نفسه أخطأ في الجدول، فقمتُ بتوضيحه وتصحيحه (سرهد جمو، كنيسة المشرق، مجلة بين النهرين 1996م، ص197-198. وسلسة المطران مُقاربة لسلسلتي في الملحق نهاية الكتاب، لكني أُوكِّد أن تفصيلي أكثر وضوحاً ودقة).

وسنتناول المطران المُتكلدن سرهد جمو وندرج جدوله الذي صححناه في مقال مستقل بعد الجزء الثاني من مقالنا هذا.

وشكراً/ موفق نيسكو

 

تاريخ الدولة الكلدانية (قبيلة كلدة الآرامية) ج الأخير

تاريخ الدولة الكلدانية (قبيلة كلدة الآرامية) ج الأخير

يتبع ج2
ذكرنا أن اسم نابو بلاصر الذي أسس دولة الكلدان واسم ابنه نبوخذ نصر وخلفائهم الأربعة هي أسماء أكدية، وبُسمّي نابو بلاصر بابل، بلاد أكد، وحتى آشور يسميها، بلاد أكد، وأهل بابل في زمنه يعتزون بانتصاره والدفاع عن بلاد أكد.إلخ

إن نابو بلاصر عندما كان أميراً من قِبَل الآشوريين على بيث ياكيني أو القطر البحري في الجنوب أعلن شبه استقلاله عن دولة آشور، فلقَّبَ نفسه، شار-مات-تام- تيم، أي، ملك أرض البحر، وعندما أسقط دولة آشور سنة 612 ق.م.، كان لقبه ملك أكد، وليس ملك الكلدان، وسَمَّى بابل، بلاد أكد. (جيمس بريستد، انتصار الحضارة، ص227، 231. ويقول بريستد: إن اسم بلاد منطقة بابل في زمن نبوخذ نصر، هو، أكد، لكننا نطلق عليها اليوم كلدايا)، أي أن اسم كلدايا متأخر.

وتعتبر كتابات نبوخذ نصر لسنة 573ق. م. في نهر الكلب وبريصا، لبنان، أطول كتابات بابلية مكتشفة، وهي مكتوبة باللغة الأكدية، ويعتبر النص نموذجاً يُبيِّن استمرار تأثير اللغة السومرية على الأكدية في دولة نبوخذ نصر في مرحلتها التاريخية المُسمَّاة البابلية الحديثة، فالكتابة مزيج من كلمات أكدية ورموز سومرية، ففي نقش نهر الكلب:

وحدات القياس هي (kùš) السومريّة، يقابلها في الأكديّة (ammatu ذراع)، وتعادل حوالي 55 سم.

اسم نهر الفرات كُتب بالصيغة الأكدية (Purati)، بينما اسم نهر دجلة كتب بالسومريّة (idigna).

اسم ملك بابل، يرد بصيغتين تمتزج فيهما السومريّة والأكدية، هما:

  • (dpa–níg.du– [ú]– ṣu–úr/ṣur) العمود الثاني، 25، الرابع، 6.

  • (dag–ku–du–úr–ri–ú–ṣu–úr) العمود الثالث، 30.

أمَّا اسم مدينة بابل، فاستخدم بثلاث صيغ:
– الصيغة السومرية القديمة (tin.tir) العمود الأول، 6، الكسرة الثانية، 3.

– الصيغة السومرية الأحدث (ká.dingir.ra) الكسرة الثانية، 7.

– الصيغة البابلية (babilu) العمود الأول، 15، الثاني، 26، الرابع، 7، 16.

وبالنسبة للخليج العربي فيسَمِّيه البحر السفلي (ti–amat ša–ap–li–ti).

أمَّا أسماء المعبد فكلها سومرية.

وفي نقش بريصا أيضاً، العمود السادس، يُعدد نبوخذ نصر ألقابه: ملك بابل، مجدد هيكل شاكيل وزيدا.( د. شيراز علي حميدان، أوراق ثقافية، مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، 19، تموز 2019م، نقش الملك البابلي نبوخذ نصر (الثاني) عند مصب نهر الكلب، وزارة الإعلام اللبنانية، الوكالة الوطنية للإعلام، 2012م، بريصا معلم سياحي أثري، تحقيق جمال الساحلي.

أنا الملك نبوخذ نصر ملك بابل، أنا الذي يحافظ على إزانجيلا وأزيدا الابن الأكبر لنابو بلاصر ملك بابل. (أنطوان مورتكات، تاريخ الشرق الأدنى القديم، بعنوان إمبراطورية كلدان العالمية، انتصار الآرامية، ص352-353). وهذا هو النقش.

https://1.top4top.net/p_1399gsb1r2.png

وخارج العهد القديم أيضاً، لم يُسمِّي أحداً كالفرس، اليونان، الآراميين..إلخ، الملوك الستة الذين حكموا دولة الكلدان القصيرة (612-539 ق.م.)، بملوك دولة الكلدان في عصرهم، بل أن التسمية الكلدانية جاءت متأخرة وتبدأ بكثرة من عصر المؤرخ اليوناني هيرودوتس +425 ق.م.

ولدينا رسالة بالآرامية سنة 604 ق.م. في زمن نبوخذ نصر من أدون العسقلاني أمير عسقلان الفلسطيني إلى فرعون مصر نخو الثاني (609-595 ق.م.)، يُلقِّب فيها ملك بابل، الملك البابلي (جون برايت، مجلة لسان المشرق 1949م، رسالة جديدة باللغة الآرامية إلى فرعون مصر سنة 604 ق.م. ص211-220).

وتتحدث الوثائق البابلية عن غزو نبوخذ نصر ليهوذا سنة 587 ق.م.، وأسر ملكها صدقيا قائلة: أخذوا الملك صدقيا إلى ربلا مقام ملك بابل (نبوخذ نصر) (جورج رو العراق القديم، ص508. كانت ربلا قرب حمص مركز قيادة نبوخذ نصر).

ويوجِّه داريوس الفارسي سنة 521 ق.م. القائد فندفارنا للقضاء على اراخا بن هلديتا الذي ادعى أنه وريث نبونيدس آخر ملوك الكلدان، قائلاً: قلتُ له، قاتل هذا الجيش البابلي الذي يرفض أن يتبعني، فزحف فندفارنا ضد بابل وقاتل البابليين (المصدر السابق، ص)، 546وغيرها.

وخلاصة الموضوع أن الدولة البابلية الأخيرة أي السلالة البابلية الحادية عشرة، كانت سلالة بابلية أكدية، لكن عائلة نبوخذ نصر الحاكمة فقط كانت آرامية جاءت من مملكة بيث ياكيني الآرامية من جنوب العراق وحكمتها، ولم تسمي الدولة نفسها كلدانية، لكن اليهود سموها كلدانية في العهد القديم، ثم اشتهر الاسم على يد اليونان بعد ذلك، ولا علاقة لتلك الدولة العراقية بالكلدان الحاليين الذين هم سريان انتحلوا اسم الكلدان لأغراض سياسية وطائفية.

ونختم بأمر طريف هو أن الأستاذ بنيامين حداد وهو أديب من كنيسة الكلدان كان منصفاً ويقول إن الكلدان هم سريان ودائماً يُسمِّي اللغة سريانية ويدافع عنها قبل أن يخضع لضغط القوميين الكلدان الحاليين الجدد، فتكلدن فعلاً وبدأ يزور هنا وهناك، ومع ذلك من الإنصاف القول إنه رغم ذلك لا زال هو أفضل من غيره، والمهم أنه قد ألَّف كتاباً اسمه القطر البحري (بيث قطراي) الأصول الأولى للكلدو آشوريين السريان، نشره مركز جبرائيل للرهبانية الأنطونية الهرمزدية الكلدانية، بغداد 2006م، وهذا هو الكتاب:

https://6.top4top.net/p_1399urdyq1.png

ويتحدث الكتاب عموماً عن الكلدان وبشكل خاص عن مملكة بيث ياكيني الآرامية جنوب العراق التي امتدت إلى البحرين وقطر، وهي الإمارة التي تنحدر منها قبيلة نبوخذ نصر، وتُسَمَّى سلالة القطر البحري، ولا شك أن الكتاب فيه معلومات جيدة لكن مع تزويرات جيدة أيضاً باستعمال كلمات ملتوية للقارئ البسيط، ولن نغوص في باطن الكتاب، لكن أرجو الانتباه فقط إلى اسم الكتاب الذي يثبت أنه لا علاقة للكلدان والآشوريين الحاليين الجدد بالقدماء، فاسم كتابه هو (الأصول الأولى, للكلدو آشوريين السريان)، وعدا اسم الكتاب الذي يؤكد أن الكلدان والآشوريين هم سريان، لكن السؤال الأهم:

إذا افترضنا جدلاً (وهو احتمال صفر) أن الكلدان الحاليين هم امتداداً للقدماء وأصلهم من القطر البحري الممتد من جنوب العراق إلى البحرين وقطر كما يؤكد الأستاذ بنيامين حداد في كتابه مستنداً إلى مصادر كثيرة (فربما ينطلي احتمال الصفر على القارئ البسيط)، لكن هل سينطلي على القارئ حتى البسيط أن أصل الآشوريين أيضاً من هناك؟.
وشكراً/ موفق نيسكو.