“ملاتيوس جفنون” أهم من قرأ اليونانية القديمة وعلم “الابيغرافيا” في سوريا

“ملاتيوس جفنون” أهم من قرأ اليونانية القديمة وعلم “الابيغرافيا” في سوريا
‏ريم رضا الشعار‏ مع ‏نصر فليحان‏.
احب الإضاءة على القامات السورية الشاهقة.
إليكم قامة سورية شامخة شموخ السنديان
“ملاتيوس جفنون” أهم من قرأ اليونانية القديمة وعلم “الابيغرافيا” في سوريا

هو أحد السوريين القلائل العاملين في حقل “الإبيغرافيا” (علم الكتابات القديمة)، وقد نُشِرَت العديد من قراءاته في المجلات التخصصية.
يهتم ويبحث ويحاضر، منذ العام 1968، في المواضيع الفكرية، الفنية والأثرية المتصلة بالتاريخ السوري القديم على الأخص النقوش الكتابية الأثرية بـ “الآرامية”، “التدمرية” و”النبطية” و”عربيات الجنوب” في “اليمن” القديم إضافة “اليونانية” القديمة و”السريانية” القديمة على الآثار ويقوم بقراءة وترجمة النصوص المكتشفة حديثاً وغير المقروءة أو المنشورة سابقاً باليونانية
المهندس “ملاتيوس جبرائيل جغنون” من مواليد مدينة اللاذقية عام (1943)، يحمل بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة حلب.
شغل عدة وظائف في الدولة كان أولها مديراً للشؤون الفنية في بلدية “جبلة”، وآخرها مديراً لتخطيط مشروع خط غاز “عمر – تشرين” بطول. ويعمل حالياً كمهندس خبرة متعاقد مع جهات خاصة
يقول السيد ملاتيوس عن سبب اختيار هذا النوع من العلم “الإبيغرافيا” (علم قراءة النقوش الكتابية :
«”الإبيغرافيا” علم يندر متعاطوه جداً على ساحة علماء الآثار السوريين والعرب، والرغبة وُلِدَت لدي قبل أن يُوْلَدَ السبب، بمعنى أنها بدأت كهواية ثم اكتشفت فيما بعد ما يبررها.
فأول ما تَبَدَّتْ بواكير إرهاصاتها عندي حين كنت أقف أمام أعمدة مدينة “تدمر” العظيمة، وأنا المهندس الشاب الذي لم ينقضي على تخرجي إلاّ سنتين أو ثلاث آنذاك، بمواجهة العشرات من النقوش الكتابية “التدمرية” الآرامية و”اليونانية” لغة العصور الكلاسيكية كان ينتابني شعور غامض وكأن أَحَدهُم يهمس في أُذُنَيَّ قائلاً: “انظر، هذه رسائل تركها لك أسلافك، ولا بد وأنها تقول أشياء تَهُمُّكَ معرِفَتُها. أليس من العار ألاّ تعرف ما تقول؟ بل أليس معيباً أن تلجأ إلى الأجنبي الذي لاتنتمي هذه الرسائل إليه وليست من أسلافه لكي يقرأها لك؟” وكان ذلك تحدياً كبيراً بالنسبة لي لأنني لم أكن أُتْقِنُ من اللغات إلاّ “الإنكليزية” والقليل من “الفرنسية” التي لا تفيدني بشكل مباشر.
وبقي التحدي بين واقعي المتواضع وطموحي الذي لم أكن أعرف السبيل لتلبيته. فما من كلية أو معهد أوعالم بهذه الكتابات يمكنني اللجوء إليه!!!
«لم أمتلك شيئاً من أدوات المباشرة بتعلم “التدمرية”، فما مِن مُعَلِّمْ، لأنها لغة منقرضة لم تعد حية على ألسن الناس، فالذين يتعاطون “التدمرية” في سورية آنذاك كانوا ثلاثة فقط، وَهُمْ المرحوم الأستاذ “نسيب صليبي” والمرحوم الدكتور “عدنان البني” مدير التنقيب والدراسات الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف من “حمص” ثم الأستاذ “خالد أسعد” مدير آثار ومتاحف “تدمر” آنذاك.
وبمحض الصدفة، وَقَعْتُ ذات يوم من سنة (1973)، على كُتَيَّبٍ صغير قديم من سلسلة كانت تصدرها المديرية العامة للآثار والمتاحف بالفرنسية وتعني “جرد النقوش الكتابية التدمرية” وكان يحتوي على مجموعة من النقوش “التدمرية” وقراءتها وترجمتها إلى الفرنسية على يد علماء “إبيغرافيا” من الأوروبيين والأمريكيين وغيرهم. وتابعت الطريق حتى أنني اضطررت لتعلم “السريانية” بما يسمح لي النفاذ إلى “التدمرية” كونهما من العائلة اللغوية “الآرامية”. وكان كل ذلك بدون مُعَلِّم لأنه، ما من معلم.
أما التحدي الأكبر فكان بتعلم “اليونانية” لهجة العالم الكلاسيكي التي كان لي شرف قراءة العدد الكبير من نقوشها المكتشفة حديثاً، والتي تختلف اختلافاً كبيراً عن “يونانية” اليوم المعاصرة، ولكن ما سَهَّل الأمور علي هو لجوئي أخيراً إلى “الإنجيل المقدس” باليونانية وكتاب آخر لتعلم يونانية الإنجيل “يونانية العالم القديم” أو اللغة “العامة” غير المحكية اليوم، وبالمثابرة والعناد تمكنت من بلوغ ما صبوت إليه وما وصلت إليه اليوم».
«أما عن الصعوبات التي أصادفها حين أتعاطى مع النقوش الكتابية القديمة فبديهي أن الكتابات التي تُكتـَشَف، سواءٌ أكانت منقوشة على الحجر أم مرصوفة بالفسيفساء، غالباً ما يكون قد أصابها التشويه أو التلف أو فقدان بعض أجزائها كثيراً أو قليلاً، الأمر الذي يعقد مهمة عالم “الإبيغرافيا” في قراءتها، ومن جهة أخرى فإن الأخطاء اللغوية من نحوية وإملائية هي أمر شائع ومعروف في الكتابات اليونانية الأثرية السورية، بالإضافة لعدم وجود فراغات بين الكلمات».
مشاريع عدة يرغب “ملاتيوس” بالقيام منها وعنها يقول:
«جمع النقوش الكتابية الأثرية التي قمت حتى الآن بقراءتها في مُؤَلَّفٍ واحد ونشره على نفقة جهة علمية معتمدة تتبناه، وأُفَضِّلُ أن تكون هذه الجهة سوريَّةً. ثم تجميع ما استجد بعده ومتابعة نشره أيضاً بالتتابع. فذلك جزء مهمل أو يكاد من ثروتنا الثقافية أطمح أن يصل إلى أيدي مثقفينا، فنحن أولى من الأجنبي بحق القراءة والطبع والنشر».
ويتابع: وهنا أتمنى أن أحظى يوماً ما، إذا ما اكْتُشِفَتْ وثائق تاريخية هامة منقوشة بإحدى اللغات التي أعمل عليها، بشرف قراءتها قبل أن يقوم علماء الإبيغرافيا من غير السوريين بذلك. وأرجو أن لا يطول الوقت قبل أن يتم مثل هذا الاكتشاف الذي أطمح إلى وضع اسمي على قراءته وترجمته».
الجدير ذكره أن المهندس “ملاتيوس جغنون” مُنِحَ عضوية الشرف في جمعيات أصدقاء دمشق، عاديّات “اللاذقية” وعاديّات “جبلة”، عضو مؤسس في عاديّات “حمص” وهو عضو لجنة التراث المسيحي السوري في مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي مقره ببيروت.
وعضو مجلس إدارة وعضو هيئة تحرير جريدة ” حمص ”
أوفدته جمعية العاديّات- فرعا جبلة وحمص – في أيار من العام 2002 إلى برشلونة للمشاركة في الأسبوع الثقافي السوري ببلدية برشلونة بالتعاون مع السفارة السورية والنادي السوري هناك.
من أعماله: سورية في آثينا والرومتين – آثارنا عندهم وآثارهم عندنا – سورية موطن الحضارات – عربيات الجنوب – هكذا كانت تدمر الكبرى- الكتابات اليونانية والآرامية في تدمر- حييت يا عاصي – أفاميا- حصن سليمان – تدمر تكرم مواطنيها – سلفادور دالي: الأخرق الخارق، وغيرها الكثير..

الشعر الفلسفي السرياني

الشعر الفلسفي السرياني
Bashir M Altorle
بقلم المثلث الرحمات المطران مار غريغوريوس بولس بهنام مطران بغداد:-

الشعر السرياني ، شعر الروعة والعظمة والجلال ، وروضة تتماوج فيها أزاهير الدين والفضيلة والتقوى ، متأثرة بنسيمات لطيفة هبت عليها من نفوس ،هبطت الى هذه الارض، شعلا من القداسة والنور، وارتفعت عنها بعد ان عبقت الخافقين بعبيرها المنعش ، ذاك العبير الذي لا زال الى الآن يتضوع في قلوبنا ، ونفوسنا ، ويتمشى بلطف ودلال في كنائسنا ومكاتبنا ومدارسنا ، وقصورنا واكواخنا .
هذا ، اذا القينا نظرة عامة الى الشعر السرياني . أما اذا أردنا حصر أنظارنا في شعرنا الفلسفي ، فلا نعدم شعرا يرفع نفوسنا من حضيض المادة الى الملأ الأعلى لما يتخلله من الافكار الروحية السامية ، والفكر الفلسفية العالية ، والآراء الحكمية العجيبة ، الى ما هنالك من معاني ، السمو والعظمة والكمال .
وشعرنا الفلسفي ثلاثة اقسام كبرى ، قلما جمع بينها شاعر بمفرده ، لذلك نراها مبثوثة هنا وهناك في دواوين شعرنا منذ القرن الرابع الى انصرام القرن الثالث عشر .
القسم الاول :يشمل القصائد الحكمية ، والامثال ، والمواعظ الشعرية ، والتزهيد ، وهذه أمور تتعلق بالدين والأخلاق ، وقد أكثر منها شعراؤنا الاقدمون اكثارا مدهشا بحيث اصبحت كأنها الهدف الوحيد لمعظم الشعر ، اعتبارا من القرن الرابع الى نهاية العصر الذهبي للشعر السرياني .
وفرسان هذا الميدان ثلاثة ، لا يجارون ، ولا يشق لهم غبار ، وهم وان كانوا يتفاوتون بالانتاج ، الا انهم يسيرون في طليعة الرعيل الاول بين جميع شعرائنا الاقدمين والمتأخرين، وهم مار افرام السرياني ، واسحق الآمدي ، ومار يعقوب السروجي .
ان مار افرام السرياني ، يحمل المشعل الشعري الوضاء امام جميع شعرائنا لما هبط عليه من الوحي الالهي في هذا المضمار ، فأصبح قبلة الانظار ،في الاوساط الادبية والروحية للغة السريانية ، فتراه تارة ،كأنه يناجيك من بين ذرات النسيم ، مازجا بين عباراته ارجا عباقا قلما نستطيع تصوره في رياض هذا العالم ، وطورا ، يهدر كالبحر الخضم ، فيملأ قلبك رهبة وخشوعا واحيانا يناديك من أعالي السماء ، كالبوق الرهيب تتبعه صاغرا ، وتود لو تستطيع ترك جسدك هنا ، على حضيض الحياة ، وفوق حطام الدنيا لتطير معه بروحك الى الملأ الأعلى .
أما شعره الحكمي والروحي ، فتراه مبثوثا في معظم قصائده الغزيرة مثل ميمره في
” العلم ” حيث يرسل فيه الحكمة سائغة كالماء السلسبيل ،ويقدمها للشباب صافية عذبة بكؤوس من نور ، وفيها من الآيات البينات ن والعظات البالغات ، ما لانستطيع حصره في ابحاث طويلة مشبعة ، وقصيدة ” الجوهرة ” ويريد بها الايمان ، وقصيدته في سمو الخالق ، وقصيدته في التثليث والتوحيد التي يورد فيها امثالا حكمية مدهشه تصلح ان تسير بين الناس كانفس الاقوال واعلى الحكم ، وبعض ما يقول فيها :ـ
” انى للملاح ان يخضع البحر لإرادته ، لان الملاح يأمل شيئا واللجة تعمل شيئا آخر ، وكأني بالشاعر العربي سرق منه فكرته عند قوله :
” ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ”
الى ما هنالك من الامثال ، والحكم ، والمواعظ ، الامور التي يستحيل حصرها بسطور مثل هذه .
ونرى اسحق الملفان يسير في ركاب استاذه مار افرام ، ويتحفنا بقصائد لا تقل روعة وجلالا عن قصائد معلمه ، لايسعنا في سطورنا هذه المرور على شئ من روعته الشعرية الحكمية ، ومن قرأ قصائده يدرك ذلك .
اما مار يعقوب السروجي فهو الشاعر العجيب الغزير الذي يمسك الطرف الثاني من علم الشعر السرياني تجاه مار افرام ، وقصائده في الاخلاق والمواعظ والتزهيد تدهشك عندما تدخل رياضها العابقة بالارج والسحر الحلال ، او عندما تنزل الى بحره الخضم ، فتهبط الى اعماقه مصعوقا مسحورا لا تلبث ان تنسى نفسك وتتصور ذاتك روحا طاهرة ، مجنحة طائرة بين ارواح الملائكة ، وابطال الحقيقة الخالدين .
أما القسم الثاني من الشعر الفلسفي . وهو الشعر المنطقي ، فيحمل لوائه اسحق وحده، ويتصرف به كيف شائت العبقرية الفذة ،بل ما أمره الوحي الشعري ان يفعل ، وينذرع بهذا النوع من الشعر في قصائده الايمانية التي قرع بها المبتدعين ونعى عليهم افكارهم السقيمة وآرائهم المضادة للحق القويم ، وهذه قصيدته في الايمان تريك شعرا عذبا جميلا تتخلله اقيسة منطقية باشكال كثيرة .
اما القسم الثالث من الشعر الفلسفي ، وهو الدائر حول النفس وحالاتها الروحية ، واصلها، وسيرها في الحياة ، وعروجها الى السماء الى خالقها بشوق وحب عارمين ، وتطهيرها من اردان هذا العالم ، فنرى لدينا فارسين في هذا الميدان ، وهما شاعرنا الفيلسوف ابن المعدني ، والشاعر العبقري الفذ ابن العبري ، وكلاهما يجري فيه نحو الذروة العليا مرتفعا على اجنحة الروح ،حتى يبلغا الى اوج السماء .
ابن المعدني شاعر مفكر،يطلق العنان لتفكيره ، فيظهر لك آفاقا سحرية من الروحية والسمو والجمال ، وابن العبري فيلسوف محلق ، وشاعر مبدع ،لاتسعه آفاق هذه الحياة ،لذلك يطلب في عوالم الروح آفاقا جديدة مشرقة تتلامع فيها شموس الحقيقة ومصابيح الهدى .

مار يعقوب الرهاوي في مقدمة علماء السريان

مار يعقوب الرهاوي في مقدمة علماء السريان

ولد في حدود سنة 633م في قرية عيندابا التابعة لولاية أنطاكية، وتهذّب في صباه في مدرسة القرية، ثم التحق بدير قنسرين
ولبس ثوب الرهبانية، ودرس على الفيلسوف الكبير مار ساويرا سابوخت، آداب اللغة اليونانية، وتعمق في الفلسفة واللاهوت ثم رحل إلى الإسكندرية لإتمام دراسته الفلسفية واللغوية، ثم عاد إلى سورية وتنسك في الرها

ورسم كاهناً. وفي سنة 684 رسمه رفيقه أثناسيوس الثاني البلدي البطريرك الأنطاكي (684ـ687) مطراناً على الرها فنسب إليها. وأقام فيها أربع سنوات. ولغيرته الوقادة على مراعاة القوانين البيعية، ورغبته الملحّة في إعادة النظام إلى أديرة أبرشيته، قاومه بعض الرهبان والإكليروس فجردهم من رتبهم، مخالفاً بذلك رأي البطريرك يوليانس وغيره من الأساقفة الذين كانوا يريدون التساهل بحفظ القوانين تبعاً لمقتضيات العصر. ويذكر عنه أنه جمع كتب القوانين البيعية أمام باب الدير الذي كان البطريرك حالاً فيه وأحرقها وهو يصرخ ويقول: ها أنذا أحرق القوانين التي تطأونها بأقدامكم ولم توجبوا حفظها وقد صارت لديكم من قبل الزيادة التي لا تجدي نفعاً
وهكذا استقال عن خدمة الأبرشية ومضى فسكن في دير مار يعقوب في كشوم بقرب شميشاط، يرافقه تلميذاه دانيال وقسطنطين. ثم انتقل إلى دير أوسيبونا في كورة أنطاكية حيث أقام إحدى عشرة سنة يدرّس رهبانه اللغة اليونانية، ثم قصد دير تلعدا شمال غربي حلب حيث مكث قرابة تسع سنوات يراجع ترجمة العهد القديم من الكتاب المقدس
وفي تلك الأثناء توفي المطران حبيب، خليفة مار يعقوب في كرسي أبرشية الرها، فالتمس الرهاويون منه ليعود إلى أبرشيته فعاد. وبعد مكثه فيها أربعة أشهر، ذهب إلى دير تلعدا ليأتي بكتبه، فوافته المنية هناك في 5 حزيران سنة 708 ودفن في الدير المذكور

يُصنَّف يعقوب الرهاوي في مقدمة علماء السريان الفطاحل في علم الإلهيات، وتفسير الكتاب المقدس، والترجمة، والفلسفة، والفقه البيعي، والتاريخ والأدب، واللغة، والنحو وغيرها من العلوم.
قال عنه المستشرق أنطون بومشترك:
«إن ما اشتملت عليه تصانيفه المنثورة من صنوف العلوم كالنحو والفلسفة والعلوم الطبيعية وقد بلغت من الدقة والجودة الغاية، وما انطوت عليه من فنون المقالات، يدع لنا مجالا لنحكم ان السريان كانوا في هذه الابواب أعلى كعباً من الغربيين»
وكان مبرزا في اللغات: السريانية واليونانية والعبرية
وكانت له قدرة فائقة على الترجمة، وفضله في ذلك معروف، حيث أن التراجمة السريان الذين سبقوه كانوا يعنون بالترجمة الحرفية، أما معاصروه فقد تعودوا العرف العلمي، وفضلوا المعنى على اللفظ، وذلك بفضل ما استنبطه هو وخدينه البطريرك أثناسيوس البلدي (+686) من اسلوب جديد في الترجمة
وما ابتكره معلمهما العلامة مار ساويرا سابوخت من طريقة فضلى في نقل العلوم الفلسفية من اليونانية إلى السريانية
وكان مراسلاً لطلاب كثيرين التمسوا مساعدته بمواضيع دينية وعلمية ولغوية مختلفة، ولذلك ولأهمية أعماله اللغوية في دراسة الأسفار المقدسة قال عنه المستشرق وليم رايت: «يعتبر يعقوب الرهاوي في أدب بلاده كهيرونيموس بين آباء اللاتين
ولكثرة أتعابه في خدمة الإنسانية والعلم والمعرفة، أُطلق عليه «محب الأتعاب»
ويجمع بومشترك ودوفال ورايت ونولدكه وغيرهم من المستشرقين الذين كتبوا في الأدب السرياني، أن مار يعقوب الرهاوي هو أشهر مَن نبغ في الدور المعروف في تاريخ الأدب السرياني بالدور العربي، يوم نضج الفكر السرياني، وبلغ عصره الذهبي حيث زهت العلوم والآداب والفنون وظهرت ثمار تلامذة مدرستي الرها ونصيبين يانعة وكان منفتحاً على العرب المسلمين، قال عنه الأستاذ أحمد أمين ما يلي: «واشتهر من هؤلاء (السريانيين) في العصر الأموي يعقوب الرهاوي (640 ـ708م تقريباً) وقد ترجم كثيراً من كتب الإلهيات اليونانية. وليعقوب هذا أثر كبير الدلالة، فقد أثر عنه أنه أفتى رجال الدين من النصارى بأنه يحل لهم أن يعلّموا أولاد المسلمين التعليم الراقي، وهذه الفتوى تدلّ من غير شك على إقبال بعض المسلمين في ذلك العصر على دراسة الفلسفة عليهم، وتردد النصارى أولاً في تعليمهم»Anton Racho

ܡܳܪܝ ܝܰܥܩܽܘܒ̣ ܕ̇ܰܣܪܽܘܓ̣ مار يعقوب السروجي

ܡܳܪܝ ܝܰܥܩܽܘܒ̣ ܕ̇ܰܣܪܽܘܓ̣

ܒ̇ܝܰܕ̣ ܡܫܰܡܫܳܢܳܐ ܒ̇ܰܫܺܝܪ ܛܽܘܪܳܝܳܐ

ܥܰܠ ܟ̇ܰܝܠܳܐ ܕ̣ܰܚܕ̣ܰܥܣܰܪ

ܡܰܢ ܢܶܡܨܶܐ ܕ̣ܢܶܡܢܶܐ ܫܽܘܦ̣ܪ̈ܰܝܟ̇ ܐܳܘ̱ ܡܳܪܝ ܝܰܥܩܽܘܒ̣

ܕ̇ܺܐܝܬ̣ܰܝܟ̇ ܢܰܗܪܳܐ ܫܦ̣ܺܝܥܳܐ ܕ̣ܝܽܘܠܦ̇ܳܢܳܐ ܕ̣ܝܶܫܽܘܥ

ܣܳܡ ܕ̇ܶܝܢ ܣܰܓ̇ܺܝ ܡܶܐܡܪ̈ܶܐ ܚܠܰܝ̈ܳܐ ܐܳܦ̣ ܬ̇ܡܺܝܗ̈ܶܐ

ܘܒ̣ܰܕ̇ܶܩ ܒ̇ܗܽܘܢ ܐ̱ܪ̈ܙܶܐ ܕ̣ܗܰܝܡܳܢܽܘܬ̣ܳܐ ܬ̣ܪܺܝܨܬ̇ܳܐ

ܐܳܘ̱ ܡܳܪܝ ܝܰܥܩܽܘܒ̣ ܢܶܒ̣ܥܳܐ ܕ̣ܡܺܝܪܳܐ ܕ̣ܝܰܕ̣̈ܥܳܬ̣ܳܐ

ܡܰܢ ܠܳܐ ܢܶܫܬ̇ܓ̣ܶܡ ܒ̇ܫܰܦ̣ܝܽܘܬ̣ ܡܰܡܠ̱ܠܳܟ̣ ܣܽܘܪܝܳܝܳܐ

ܕ̇ܺܐܝܬ̣ܰܘܗ̱ܝ ܥܶܩܳܐ ܕ̣ܨܰܒ̇ܶܬ̣ ܩܕ̣ܳܠܳܐ ܕ̣ܣܽܘܪ̈ܝܳܝܶܐ

ܘܫܳܒ̣ܶܐ ܠܗܰܘܢܳܐ ܕ̣ܒ̣ܳܥܶܐ ܫܪܳܪܳܐ ܕ̣ܶܝܢ ܘܩܽܘܫܬ̇ܳܐ

ܚܳܒ̣ܫܺܝܢ ܠܰܡ ܡܶܐܡܪ̈ܰܝܟ̇ ܐ̱ܪ̈ܳܙܰܝ ܗܰܝܡܳܢܽܘܬ̣ܳܐ

ܘܰܡܦ̣ܰܫܩܺܝܢ ܥܽܘܡܩܳܐ ܕ̣ܬ̣ܰܘܕ̇ܺܝܬ̣ܳܐ ܡܫܺܝܚܳܝܬ̇ܳܐ

ܐܰܢ̱ܬ̇ ܗ̱ܘ ܛܽܘܦ̣ܣܳܐ ܕ̣ܡܰܟ̇ܺܝܟ̣ܽܘܬ̣ܳܐ ܘܬ̣ܰܡܺܝܡܽܘܬ̣ܳܐ

ܐܰܢ̣ܬ̇ ܗ̱ܘ ܡܰܝܳܐ ܡܦ̣ܰܝܶܓ̣ ܠܨܰܗܝܳܐ ܒ̣ܗܳܢܳܐ ܥܰܪܒ̣ܳܐ

ܣܰܓ̇ܺܝ ܫܓ̣ܺܝܡ ܐ̱ܢܳܐ ܒ̣ܗܽܘܓ̇ܳܝܳܐ ܬ̣ܡܺܝܗܺܝ̈ܢ ܡܶܐܡܪ̈ܰܝܟ̇

ܐܰܦ̇ܺܝܣ ܚܠܳܦ̣ܰܝܢ ܠܡܳܪܰܢ ܝܶܫܽܘܥ ܒ̇ܟ̣ܽܠܥܶܕ̇ܳܢ

ܙܥܽܘܪ ܡܰܡܠ̱ܠܳܢܳܐ ܐܰܝܟܰܰܢܳܐ ܕ̣ܶܝܢ ܐܶܢܰܨܪܳܟ̣

ܕ̇ܐܳܬ̣ܳܐ ܐܺܝܬ̣ܰܝܟ̇ ܘܥܳܦ̣ ܠܶܫܳܢܝ ܡܶܢ ܩܽܘܠܳܣܳܟ̣

البطريرك العلامة ورجل الوطنية الراحل أفرام الأول برصوم

البطريرك العلامة ورجل الوطنية الراحل أفرام الأول برصوم

علم من أعلام التاريخ وسجل ناصع مرصع بحروف من نور.. باعث مجد الكنيسة السريانية في القرن العشرين. الرجل الوطني، المؤرخ والأديب والموسوعة والمدبر الحكيم قداسة البطريرك المرحوم (مار أغناطيوس افرام الأول برصوم) رئيس الكنيسة السريانية في العالم.
والحق أن كان مثلث الأقطاب فهو قطب وطني وفي الوقت نفسه قطب علمي وقطب ديني وروحي.
هو من أسرة برصوم الموصلية العريقة أبصر النور في / 15 حزيران 1887/ في بيت كان منتدى للعلماء والوجهاء. من هذا البيت الممتلئ من العلم والفضيلة نشأ الطفل (أيوب)، وتلقى علومه الأولى في مدارس السريان ثم في مدرسة الدومينيكان وتوسع في آداب اللغة العربية وبيانها وبديعها، وقبل أن يبلغ الثالثة عشرة من العمر أتقن العربية وقسطاً صالحاً من السريانية والفرنسية والتركية.
وفي السابعة عشرة من عمره اختار لنفسه طريق الزهد فرحل إلى دير الزعفران في ماردين وهناك أتقن السريانية والتركية ودرس الإنكليزية وتعمق في علم اللاهوت وانكب على دراسة الكتب الفلسفية والمنطقية
لكن اهتماماته انصبت بشكل خاص على تاريخ الكنيسة السريانية الأنطاكية ولغتها وتراثها.
عندما بلغ العشرين عمره رسمه البطريرك (عبد الله الثاني صطوف) شماساً ثم راهباً عام /1907/م واختار لنفسه اسم القديس مار أفرام السرياني ثم في تاريخ /20 أيار 1918م/ عينه البطريرك (أغناطيوس إلياس الثالث) نائباً بطريركياً في حمص ورسمه مطرانا على سورية ولبنان باسم (مار سويريوس).
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى برز نجمه ليس كرجل دين فقط ولكن كرجل وطني، يدعو لوحدة السوريين جميعا في مواجهة الانتداب الفرنسي، فكان انتخابه عام / 1919/م ليكون ضمن الوفد السوري الذي توجه لحضور مؤتمر الصلح في باريس للمطالبة بحقوق الشعب السوري، في ظل الوجود الفرنسي والإنكليزي على أرضه، وفي خضم أحداث المؤتمر علا صوت المطران (سويريوس) ليس فقط للمطالبة بحقوق الشعب السوري .
ولكن أيضا للمطالبة بحقوق بقية الشعوب العربية في المنطقة، وكانت تلك الزيارة أيضا فرصة له لدراسة مخطوطات سريانية موجودة في باريس. ولما دخل الجيش الفرنسي حمص
اختاره الحماصنة ليتكلم باسم المدينة حيث كان لقبه ” مطران العروبة” وقد خبر الفرنسيون أنفة البطريرك فعرفوه صلب العود، حكيماً لا يجارى متمسكاً بالحق مقداماً شجاعاً يدافع عن وطنه ومواطنيه بقوة واطمئنان فكانت الدار البطريركية منتدىً لأحرار سورية يجتمعون إلى قداسته للمداولة والبحث واستمداد النصائح والمشورة.
في تاريخ / 3 إلى 21 آب 1927/م قام المطران (سويريوس)
برحلة جديدة أخذته إلى جنيف ولوزان كمبعوث رسولي عن كنيسته لحضور المؤتمر العالمي عن الإيمان.
وبعد ذلك أرسل بصفة نائب بطريركي للولايات المتحدة الأمريكية حيث أقام هناك ثلاث كنائس جديدة للسريان المقيمين هناك ورسم لهم كهنة لخدمتهم، كما قام هناك أيضا بإلقاء عدد من المحاضرات عن اللغة السريانية وآدابها في جامعة شيكاغو .
وبعد وفاة البطريرك انتخبه المجمع الأنطاكي المقدس في مدينة حمص بتاريخ / 16 كانون الثاني 1933/م خلفاً للبطريرك الراحل باسم البطريرك (مار أغناطيوس أفرام الأول برصوم) Anton Racho

يحيى بن عدي وهو أبو زكريا يحيى بن حميد بن زكريا المنطقي

يحيى بن عدي وهو أبو زكريا يحيى بن حميد بن زكريا المنطقي

وإليه إنتهت الرئاسة ومعرفة العلوم الحكمية في وقته ، قرأ على أبي بشر متى وعلى أبي نصر الفارابي وعلى جماعة أخر. وكان أوحد دهره ومذهبه من مذاهب النصارى اليعقوبية وكان جيد المعرفة بالنقل وقد نقل من اللغة السريانية إلى اللغة العربية وكان كثير الكتابة ووجدت بخطه عدة كتب‏.‏ قال محمد بن إسحاق النديم البغدادي في كتاب الفهرست قال لي يحيى بن عدي يوماً في الوراقين وقد عاتبته على كثرة نسخه فقال لي من أي شيء تعجب في هذا الوقت من صبري قد نسخت بخطي نسختين من التفسير للطبري وحملتهما إلى ملوك الأطراف وقد كتبت من كتب المتكلمين ما لا يحصى ، ولعهدي بنفسي وأنا أكتب في اليوم والليلة مائة ورقة وأقل‏.‏ وقال الأمير أبو الوفاء المبشر بن فاتك حدثني شيخي أبو الحسين المعروف بإبن الآمدي أنه سمع من أبي علي إسحاق بن زرعة يقول إن أبا زكريا يحيى بن عدي وصى إليه أن يكتب على قبره حين حضرته الوفاة وهو في بيعة مرتوما بقطيعة الدقيق هذين البيتين:
رب ميت قد صار بالعلم حيا ومبقّى قد مات جهلاً وعيّاًفإقتنوا العلم كي تنالوا خلوداً لا تعدو الحياة في الجهل شيّاً
وليحيى بن عدي من الكتب رسالة في نقض حجج أنفذها الرئيس في نصرة قول القائلين بأن الأفعال خلق للّه وإكتساب للعبد تفسير كتاب طوبيقا أرسطوطاليس مقالة في البحوث الأربعة مقالة في سياسة النفس مقالة في أهمية صناعة المنطق، وماهيتها وأوليتها مقالة في المطالب الخمسة للرؤوس الثمانية كتاب في منافع الباه ومضاره وجهة إستعماله بحسب إقتراح الشريف أبي طالب ناصر بن إسماعيل صاحب السلطان المقيم في القسطنطينية‏

الفيلسوف السرياني ايوب الرهاوي،او ايوب الابرش.

الفيلسوف السرياني ايوب الرهاوي،او ايوب الابرش.

الرهاوي نقل التراث المشرقي الى الحضارة الاسلامية
كتاب الكنوز للفيلسوف السرياني أيوب الرهاوي من أندر واثمن ذخائز السريان في العلم والفلسفة، وهنا لابدّ لنا من ان نبدأ من مقدمة .

المطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم

:الكنوز،للفيلسوف السرياني ايوب،المعروف عند المؤرخين العرب باسم ايوب الرهاوي،او ايوب الابرش.وقد ذكره الطبيب والفيلسوف السرياني حنين بن اسحق /809-873م،مرات كثيرة،كما ذكره كتاب ّ ومؤرخون عرب،مثل:ابن النديم البغدادي/ ت 1046 في الفهرس او فهرس العلوم،وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء في طبقات الأطباء،و أهتم المستشرقون بكتاباته،ولكن جميعهم لم يصلوا الي حقيقة امره،وكل الذين كتبوا عنه اختلفوا في تاريخ
ولادته،ونسبه، وتاريخ وفاته،حتي في المكان الذي تلقيّ ّفيه العلوم،خاصة الطب والفلسفة،وكل ما كتب عنه حتي اليوم من قبل المستشرقين الكبار يبقي من باب التخمين!!
قراءة المزيد

القديس مار إغناطيوس النّوراني 107 +

القديس مار إغناطيوس النّوراني 107 +

17 تشرين الثاني تذكار استشهاده ولد القديس مار إغناطيوس النوراني حوالي سنة 35م، واعتنق المسيحية في أنطاكية، وتتلمذ على أيدي الرسولين بطرس ويوحنا. وتُرجم اسمه الأصيل باللاتينية «إغناطيوس» إلى السريانية فصار «نورونو» أي النوراني، واتّخذ له اسماً آخر هو «ثاوفوروس» ومعناه «حامل اللـه».
ورُسم أسقفاً بأيدي الرسولين مار بطرس ومار بولس على أنطاكية يوم كانت تجتاز ظروفاً قاسيةً، وهو ثالث بطريرك للكرسي الأنطاكي فأخذ يترجم بالعمل ما كان يكتبه إلى الكنائس وتلاميذه وخاصةً زميله الأسقف بوليقربوس، كما ناهض البدع والهرطقات التي ولَّدت الشكوك بضلالتها، وحاولت عرقلة مسيرة نشر البشارة الإنجيلية. وُشي به إلى حاكم أنطاكية بأنه زعيم المسيحيين وقد جذب عدداً كبيراً من اليهود والوثنيين إلى حظيرة المسيح، فاستقدمه الحاكم، واستجوبه، فاعترف القديس بالإيمان بشجاعة فائقة، فحكم عليه بأن يساق إلى رومية ويُطرح هناك للوحوش الضارية لتفترسه. ثم جمع تلاميذه بإكرام وتبجيل عظامه المقدسة ولفّوها بكتان نفيس وأرسلوها إلى أنطاكية ودفنت ذخائره المقدسة في أنطاكية ثم نقلها الامبراطور ثاودورسيوس الصغير إلى كنيسة بنيت في أنطاكية على اسم مار إغناطيوس وفي القرن السابع نقلت رفاته إلى روما.
قراءة المزيد

أبرز العديد من العلماء السريان في الدولة العباسية

أبرز العديد من العلماء السريان في الدولة العباسية

كثيوفيل بن توما الذي شغل منصب كبير علماء الفلك لدى الخليفة، وقيس الماروني المؤرخ الذي وضع مؤلفًا أرخ به تاريخ البشرية منذ خلق آدم وحتى خلافة المعتضد،
وجرجس بن بختيشوع المولود عام 771 وجبريل بن بختيشوع تلميذه المولود عام 809 وهم أبناء أسرة سريانية من الأطباء والعلماء وحنين بن إسحاق وابن اخته حبيش بن الأعسم، وعبد المسيح الكندي من القرن التاسع ويوحنا بن ماسويه والذي كان وأبيه قبله، مدير مشفى دمشق خلال خلافة هارون الرشيد، وغيرهم. وفي الواقع، فإنه من الصعب حصر جميع علماء السريان في العصر العباسي ومؤلفاتهم لكثرتها وتنوعها. اشتهر من المترجمين شمعون الراهب وجورجيوس أسقف حوران وجوارجيوس وجبريل بن بختيشوع الذين اشتهروا في الطب خصوصاً، وبقيت أسرتهم آل بختيشوع مسؤولةً عن الطب في الدولة العباسية طوال ثلاثة قرون، وخدم أبناؤها كأطباء خاصّين للخلفاء العباسيين،
قراءة المزيد

جوليا دومنا .. إمرأة حمصية على عرش روما .

جوليا دومنا ..
إمرأة حمصية على عرش روما .


لم تكن جوليا دومنا تلك الفتاة الحمصية بارعة الجمال تحلم قبل ألفي عام أن تصبح السيدة الأولى في قصر الإمبراطورية الرومانية التي كانت من أعظم الإمبراطوريات في ذلك العصر ، رغم أن النجوم قد بشرتها بزواج ملكي ، على حد وصف المؤرخ (جان بابليون)
كانت .. حمص في العصر الروماني مشهورة بعبادة إيلا غابال (إله الشمس) الذي يرمز إليه حجر أسود مخروطي الشكل أقيم في معبد الجبل ، المعبد الكبير والهام في حمص ، وهو مكان الجامع النوري الكبير حاليا ، وكان الكاهن (باسيانوس الحمصي) هو المولج برعاية هذا المعبد والعمل على خدمته ، وكان لهذا الكاهن ابنة تدعى (جوليا دومنا) على قدر كبير من الجمال والذكاء ، وشاءت الأقدار أن يأتي إلى حمص القائد الليبي (سيبتيموس سيفيروس) بمهمة من الحكومة الرومانية للقضاء على الفوضى التي قامت فيها ،
فقام بالمهمة خير قيام ، وفي حمص تعرف على باسيانوس وأعجب بابنته إعجابا شديدا ، وانتهى هذا الإعجاب بالزواج سنة 187 وجرى للعروسين احتفال أسطوري يليق بهما ، ولم تأت سنة 193 حتى نادى الجيش بسيبتموس سيفيروس إمبراطورا على روما ، وبذلك وضع الأساس لصرح الأباطرة السيفيريين ذوي الأصل الحمصي عن طريق جوليا دومنا التي عملت على جلب أختها (جوليا ميسا) وابنتي أختها (جوليا سوميا) و (جوليا مامة) إلى مدينة روما حيث امتزجت أسماؤهن بتاريخ روما، واعتلين عرشها الإمبراطوري بالتتالي .
العاصي والتيبر :
لم تكن سيدة القصر الإمبرطوري في روما (جوليا_دومنا ) إمرأة عادية بل كتلة من المواهب العبقرية التي جعلتها تصنع جزءاً كبيراً من نجاحات زوجها الإمبراطور سيفيروس ، وكأن مقولة “وراء كل عظيم إمرأة” التي تتردد كثيراً في أحاديثنا اليوم ، كانت حقيقة مجسدة في ذلك العصر .
لقد اتصفت جوليا بكل الصفات التي جعلت منها أنثى استثنائية ، وهي صفات كانت نادرة الوجود لدى السيدات الرومانيات آنذاك ، من حدة في الذكاء ، وقوة فكرية ، واستطاعت جوليا بما أوتيت من ذكاء وحزم وتخطيط أن تسهم مع زوجها في تصريف شؤون الإمبراطورية وأن ترافقه في رحلاته وانتصاراته ، حتى منحتها روما لقب .. “أم الوطن”.. ولقب .. “أم الشيوخ” ..
كما أنشأت (جوليا دومنا) صالوناً ثقافياً في أثينا عرف بصالون الإمبراطورة ، كان يتردد عليه عدد كبير من أدباء وفلاسفة ومفكري ذلك العصر .
وساعدت جوليا على انتشار النفوذ الثقافي السوري في روما ، وأحاطت نفسها بعدد كبير من المفكرين والعلماء والأطباء السوريين ، وهذا النفوذ هو الذي دعا الشاعر اللاتيني (جوفنال) لأن يتذمر في هجائيته المسماة “بابل” بأن نهر (العاصي) السوري أصبح يصب منذ زمن بعيد في (التيبر) والحياة أصبحت في روما لا تطاق من كثرة هؤلاء الأغراب الذين توافدوا على العاصمة واستقروا فيها . وقد لعب الجانب الديني دوراً كبيراً في ترسيخ هذا النفوذ ، فسورية في ذلك الوقت كانت موطن الديانات الشرقية فمن خلال معبد الشمس استطاعت حمص أن تتربع على عرش روما سيدة العالم في ذلك العصر لمدة خمسين عاماً تقريباً
المصادر :
محمد بهجت قبيسي الأباطرة السوريون في روما
معالم وأعلام حمص Lousin Kerdo