” دمشق أقدم عاصمة- لا تزال مأهولة- في العالم !”

” دمشق أقدم عاصمة- لا تزال مأهولة- في العالم !”
هنري بدروس كيفا
قد تكون مدينة حلب أقدم منها تاريخيا لأنها مذكورة في أواسط الألف
الثاني قبل الميلاد . و بدون شك إن مدينة تدمر هي أقدم من دمشق لأنه
ورد ذكرها في رسائل ماري المشهورة و تعود الى القرن السابع عشر ق٠م.
أقدم ذكر أكادي لمدينة دمشق هو لكتابة تعود الى الملك الأشوري
شلمنصر الثالث ٨٥٨- ٨٢٣ ق٠م الذي هاجم الآراميين و حلفائهم
في قرقر سنة ٨٥٣ ق٠م و قد ذكر هذا الملك أعداد الجيوش المتحالفة
لصده و إدعى إنه إنتصر عليها و لكنه يهاجمها حوالي اربع مرات
بدون أن يصل الى العاصمة دمشق .
لم يرد ذكر دمشق في رسائل تل العمارنة و هي أيضا باللغة الأكادية
و تعود الى القرن الثالث عشر ق٠م . و حسب معلوماتي الحالية لم
يرد ذكرها في الكتابات المصرية القديمة , و لذلك يؤكد المؤرخون أن
الآراميين هم الذين بنوا دمشق و أخذوها عاصمة لهم .
و قد حكم دمشق عدة ملوك آراميين أشهرهم هدد عدري و معناه بلغتنا الآرامية أو السريانية( الإله حدد مساعدي ) و الملك حزائيل ٨٤٣- ٨٠٣ ( الإله إيل يرى ) . وهذه لائحة
*طب ريمون )نهاية العاشر)
* بر هدد (٩١٤ – ٨٨٠ ق.م) أي ” إبن (الإله) هدد ”
* هدد عدري (٨٨٠ – ٨٤٣ ق.م) أي “(الإله) هدد مساعدي ”
*حزائيل (٨٤٣ – ٨٠٣) أي ” (الإله) إيل يرى ”
* بر هدد (الثاني) إبن حزائيل
* طب إيل ؟ حوالي ٧٧٠ ق.م.
لقد أسس الآراميون عدة ممالك في بيت نهرين / الجزيرة و على نهر
الفرات ( مملكة سوحي ) و في بلاد أكاد ( وسط العراق القديم ) و خاصة
في سوريا أي بلاد آرام القديمة . ( أنظر الى الخارطة ).
بعض الملاحظات أن أسفار التوراة التي دونت في القرن السادس ق٠م أي حوالي ١٥٠ سنة بعد إحتلال الأشوريين لمملكة دمشق الآرامية:
* إنها لقبت ملك دمشق بملك آرام بمعنى إنه كان ملكا على كل الآراميين.
* بعض نصوص التوراة توحي لنا أن بقية الملوك الآراميين كانوا
خاضعين لملك دمشق .
* الترجمة السبعينية و هي من اللغة العبرية الى اليونانية – و قد طلبها
الملك بطليموس في بداية القرن الثالث ق٠م – إستخدمت التسمية
سوريا و سريان و سريانية بدل بلاد آرام و آراميين و لغة آرامية .
* بعض النصوص الآرامية التي وجدت في سوريا ( خاصة في سفيرة
قرب حلب ) تتكلم عن ” كل آرام ” و هذه التسمية هي جغرافية و إتنية
( هوية ) تثبت لنا أن الآراميين كانوا يؤلفون شعبا واحدا و إن ألفوا
أكثر من عشرة ممالك في بلادهم .
* الآراميون صبغوا تاريخ سوريا بحضارتهم لأنهم كانوا يشكلون أكثرية
سكانية لمدة تتجاوز ٢٠٠٠ سنة ! و على مسيحيي سوريا ألا يتجاهلوا
تاريخ أجدادهم فهو يلاحقهم مثل ظلهم .
* إن الآراميين هم الذين أعطوا إسم سوريا و إن كان مشتقا من التسمية
الإدارية أسورستان : النصوص اليونانية القديمة كانت تستخدم تعبير
” سوريا كولن ” و كلمة كولن غير موجوة في اللغة اليونانية و قد عرف
العلماء – بعد إكتشاف نصوص سفيرة – أن ” سوريا كولن” هي ترجمة
ل” كل آرام “!
* أخيرا أن أهالي دمشق ظلوا يقيمون ” ذكرى ” لملوكهم الآراميين
حتى القرن الأول قبل المسيح لأن المؤرخ يوسيفوس اليهودي قد نقل
عن نيقولا الدمشقي ” أن سكان دمشق يقيمون ذكرى لهدادوس و هزائيلوس !( أي الملك حدد و حزائيل ).
أعلن سلوقس نفسه ملكا على ” سوريا ” سنة ٣٠٤ ق٠م و بنى مدينة
إنطاكيا و إختارها عاصمة له و لا شك لأن الآراميين كانوا لا يزالون
يشكلون أكثرية في كل الشرق و ليس فقط في سوريا .
نحن نؤكد أن دمشق هي مدينة آرامية لأنها كانت عاصمة الآراميين
منذ القرن العاشر و ربما القرن الحادي عشر قبل الميلاد : هل يوجد
عاصمة أقدم منها لا تزال مأهولة ؟ الجواب هو النفي ! فالعواصم
المشهورة القديمة مثل بابل و أشور قد دمرت و هجرت…!

لا يتوفر وصف للصورة.