للتاريخ.. من كوارث عبد الناصر…
من كوارث عبد الناصر…
في عام 1878، حضر سمعان صيدناوي إلي مصر من قرية «صدنايا» السورية، جاء إلى مصر فارآ من الإضطهاد العثماني لمسيحيي الشام في ذلك الوقت .
قرية صيدنايا هي قرية صغيرة أغلب سكانها من طائفة «الروم الأرثوذكس ( بالبوست الاصلي مكتوب كاثوليك )» وإسم القرية يعني «سيدتنا» حسب اللغة السيريانية، المشتقة من اللغة الآرامية.
في بلدته بالشام، كان سمعان بائعاً موهوباً. وحين وصل إلى مصر، بدأ في ممارسة نفس عمله في مهنة البيع. ومع الوقت إستطاع إمتلاك «دكاناً»صغيراً خاصاً به.
ومع نجاح محله فكرسمعان أن يكتب لأخيه سليم بالشام يدعوه للحضور إلى مصر والعمل معه. بالفعل حضر سليم إلى مصر. إلا أنه فضل الاستمرار في مهنته الأصلية، وكان «ترزياً ماهراً». شارك سليم صديقاً له يدعى «متري صلحاني» في دكان صغير لتفصيل الملابس وحياكتها، ولكن الحظ لم يحالفهما، وشبت النيران في الدكان وأتت على جميع محتوياته.
طلب سمعان من شقيقه مشاركته في دكانه بسوق «الحمزاوي»بحي الجمالية بالقاهرة، وأطلقا علي المحل «سليم وسمعان صيدناوي للخردوات».
هذا المحل كان حجر الأساس في «إمبراطورية
الصيدناوية».
***
في البداية كانت مبيعات المحل بطيئة إلى أن جاء يوم أتت فيه مجموعة من «سيدات البلاط الخديوي» للتسوق.وأشترين أغراضا كثيرة. وغادرن الدكان وقد دفعن مبلغاً من المال يزيد عن قيمة الأغراض دون أن ينتبهن. وبعد أسابيع، عادت إحداهن للدكان لتشتري مجدداً، فأسرع إليها سمعان وشرح لها ما حدث ورد لها فرق السعر.
​أعجبت السيدة بأمانة التاجر الشامي، وأخذت تروي تلك الواقعة لجميع معارفها. وسرعان ما أصبح إسم صيدناوي مرادفاً للجودة والأمانة، حتى أن النساء كنَّ يمتنعن عن شراء الأغراض التي تبيعها لهن الدلالات في البيوت إلا إذا كانت تحمل إسم صيدناوي.
تمر السنوات ويواصل الأخوان صيدناوي العمل بجد ونشاط وتفاني. فإتسعت تجارتهما وأفتتحا متجر «جراند صيدناوي» بميدان «الخازندار» يوم 2 نوفمبرمن عام 1913.
صمم المبنى المعماري الفرنسي «جورج بارك» مستوحياً تصميمه من متاجر «جاليري لافاييت» وبرانتون في باريس.
كانت البضائع في تلك الفترة مثار أعجاب الجميع فكانت تضم أحدث الموضات العالمية، وأفخر الأنواع. وبذلك إحتل صيدناوي المركز الثاني من حيث الرقي والفخامة بعد متاجر «شيكوريل». وسرعان ما انتشرت فروع صيدناوي في محافظات مصر «كالإسكندرية وطنطا والفيوم وأسيوط»، وتأسست شركة شحن خاصة بصيدناوي تقع مقارها بين باريس ومانشستربإنجلترا.
***
​توفي سليم صيدناوي في عام 1908، وترك إبنه إلياس «إيلي» ليحل محله. وتوزعت الإدارة بين إيلي وبين عمه سمعان وإبنيه جورج ويوسف: فتولى أحدهم قسم الملابس الجاهزة والآخر قسم المفروشات والموبيليات .
​وصلت أعمال وتجارة صيدناوي إلى ذروتها خلال الحرب العالمية الثانية، حيث مرت قوات الحلفاء بمصر، منفقة أموالاً طائلةً فى جميع المناحي، مما أدى إلى حالة من الرواج والرخاء في عموم البلاد. وأستمرت الشركة في النمو إلى أن توقف كل شئ وضاع كل شيئ فى عام 1961.
***
في صباح أحد أيام عام «1961» كان إيلي يجلس في شرفة فيلته بحي جاردن سيتي بالقاهرة قبل توجهه لعمله، عندما فتح جريدة الإهرام قرأ خبراً نزل عليه كالصاعقة، وأيقن معه أن زمن وتاريخ الصيدناوية قد ولى من مصر: كان الخبر عن «تأميم الحكومة المصرية لـ 700 من الممتلكات الخاصة. وكانت شركة صيدناوي ضمن تلك الأسماء».
أسرع إيلي وابن عمه جورج إلى متجر جراند صيدناوي بالخازندار، فوجداه محاطاً بضباط من الجيش وممثلي الحكومة الذين أخبراهما بنزع ملكية المكان لصالح الدولة، وأنهم سيقومون بتعيين إدارة جديدة له. ​
وقف الشابان وسط ميدان الخازندار، يسيطر عليهما الذهول والذعر. وكان عزاؤهما الوحيد أن سمعان صيدناوي كان قد فارق الحياة، ولم يشهد ذلك اليوم المشؤوم.
تم حل مجلس إدارة شركة صيدناوي وقتها وإستبداله بإدارة جديدة، وسارت الأعمال كالمعتاد. إلا أنه، في الواقع، لم يعد أي شئ كسابق عهده.
***
بعد التأميم ​غادر الصيدناوية مصر واحداً تلو الآخر. فغادر إلياس لسويسرا لتلقي العلاج، وأتبعه إبنه سليم إلى ألمانيا لدراسة الموسيقى، أما جورج ويوسف أبناء سمعان فقد غادرا إلى بيروت. ​واليوم، تفرق أبناء الصيدناوية في ربوع الأرض: فسليم الصغير أصبح عازفاًموسيقيآ للبيانو وناقداً موسيقىاً مرموقاً ويعيش بين القاهرة وباريس، ويسعى للحفاظ على إسم عائلته وتراثها. وحقق بعض الصيدناوية الآخرين شهرة دولية، مثل «ستيفان صيدناوي» المصور والمخرج المقيم فى العاصمة الفرنسية باريس، وكذلك عارضة الأزياء «إليسا صيدناوي».
وهي عارضة أزياء وممثلة ومخرجة أفلام فرنسية من أصل إيطالي وسوري مصري وهي من مواليد 14ديسمبرعام 1987وهي مرتبطة كثيرآ بمصر .
​أما بالنسبة للإسم والتاريخ الذي صنعه الصيدناوية في مصر، فقد عاش إلى اليوم، رغم كل الضربات التي تعرضوا لها: فإسم صيدناوي مازال مكتوباً على اللافتات التي تعلو المتاجر والمستشفيات في جميع انحاء مصر، وهو الأمر الذي يجلب مشاعر مختلطة من المرارة والفرحة إلى قلوب الصيدناوية عندما يزورون مصر وطنهم حتى اليوم….
دمشق الآن
عبد الناصر الذي كان سببا في تدمير سوريا ثم مصر ثم العالم العربي أكثر ما دمرتها كل الدول الاستعمارية ،
رسخ الطائفية و المخابراتية…
منقول من صفحة المرحوم نبيل فياض..
رحلة الأب زهري الأخيرة غسان الشامي
رحلة الأب زهري الأخيرة     غسان الشامي
28 نوفمبر 2022 
يغادر الأب زهري خزعل تاركاً خلفه طيفاً من شيحٍ وريحان وبارود.
يرحل مُودِعاً ابتسامته وتقطيبة حاجبيه وعباءته وشماغه واسترسال لحيته ذاكرة كثيرين .
يمضي وقد زرع صليبه والتماع عينيه شهباً في تراب القريتين التي تبعد 85 كم عن حمص وتعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد .
زهري خزعل مثال لرجل الدين الذي لا يقف على الرصيف ، أو في الهيكل مكتفياً بالصلاة حين يطعن الوطن ويسبى الأهل، لا بل يحمل آياته وأيقونته وتراتيله ويشتري سيفاً أو بندقية ويثبت في مستنقع الموت قدميه دفاعاً عن أرضه وكرامته وأجداث أهله.
لم يتردد الأب زهري في مجابهة التدعيش الذي احتل بلدته وشرد أهله وخطفهم ، وكان من الشجاعة بمكان أن لحق أقاربه حتى الرقة وخلّصهم من القهر الداعشي.
في الطريق إلى القريتين ، وكانت داعش قد غادرتها للتو ورابطت قذاراتها على تخومها، حكينا كثيراً عن البلدة التي بدأ السريان بمغادرتها منذ القرن الخامس عشر هرباً من التصحر الطبيعي والبشري تاركين مار اليان الشيخ نهبة للجنون التعصبي وشفيعاً لمجانين الأعراب ، وما أن وصلنا حتى اكتشف أن أحد العائدين إلى البلدة ، على قلّتهم، من بقايا دواعشها متلطياً بمصالحات لم تثبت صدقيتها إلاّ قليلا.
لقد عرفت أنه لن يكون بعد اليوم للسريان المسيحيين في عمق هذه البادية السورية دور الحضور والريادة وأن يبقوا مصدّ التصحر هناك، وذلك من عاملين هما: زيارتي مع الأب زهري إلى مقبرة أهله، حيث فلحها “التنويريون الدواعر” وبالكاد دَلّني على بقايا شواهد وقبور أمه وأبيه وأهله. والثانية ما فعلوه بمار اليان الشيخ وتدمير ناووسه ، ومن تولي كاهن كان فيه العمل بمعكوس ما فعله الأب زهري من مقاومة وبقاء، فساهم بهجرة أبناء طائفته.
ذات مرة ، كنت في حمص مع العزيز نابل العبدالله وقائد القوى السهلية الروسية العماد ألكسندر سالمين، حيث قلت له :قم لترى أمك.
قال لي من أمي ؟! ، قلت له مريم العذراء فنحن على بعد خطوات من زنّارها، وكان الخوري خزعل كاهن كنيسة العذراء ” أم الزنار” دليله إلى دمعة إيمان ما يزال يرافقه، كما ترافقنا مؤخراً إلى قلعة الحصن وفي تدشين مقام زنار العذراء، وكان ممسكاً بتلابيب آلامه..ضاحكاً مازحاً مستقبلاً الناس ومقبلاً إلى الحياة.. لكن مرضه كان أقوى.
حزنت لأنني كنت مسافراً حين قصد لبنان في طريقه إلى العلاج في الهند فلم أقم بواجبه..لأن الاحتفال بهذا الرجل متعة ومودة فهو ثرُّ الحكايات عن بلده من العنب القرواني إلى العلاقات مع البادية وأهلها.
لقد سجّل خزعل ما كان يريد أن يبوح به، أتركه للعائلة التي نحب، تنشره وقتما تشاء، وأعزّي مع فاديا السيدة سوسن والعائلة ونيافة المطران الصديق متى الخوري وكهنة الأبرشية وجميع من أحبوه ووثقوا به..وكان أهلاً للثقة ، ولمن يريد معرفته أكثر عليه بحلقة ” أجراس المشرق” من القريتين.
أبونا زهري..لك الذكرى التي لا تنتهي بمأتم.
غسان الشامي
في قلعة الحصن مع نيافة المطران متى الخوري
في كاتدرائية أم الزنار حمص مع العماد سالمين ونابل العبدالله وتبدو آثار الحريق
سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

تُعدُّ الآنسة سورما إيشاي (1883–1975م) شخصية مهمة لعبت دوراً رئيساً في تاريخ العراق، وقامت بدور ديني ومدني وعشائري وسياسي وعسكري أدى إلى أخيراً إلى أحداث سميل 1933م، التي على أثرها نُفيت مع ابن أخيها البطرك شمعون أيشاي وآخرين خارج العراق، كما لعبت دوراً مهماً بتعزيز الاسم الآشوري المخترع حديثاً من الإنكليز للسريان النساطرة، وأبرزت قضية الآشوريين سياسياً دولياً.

ولدت سورما في قوجانس-هكاري/ تركيا سنة 1883م، وهي الأخت الكبرى لبطركي النساطرة شمعون 19 بنيامين إيشاي (1903–1918م)، وشمعون 20 بولس إيشاي (1918–1920م)، وعمة البطرك شمعون 21 إيشاي داود إيشاي (1920–1975م)، (ملاحظة: اسم شمعون يعني بطرس، وهو لقب كنسي يسبق كل اسم بطرك)، وسورما هي من عائلة أبونا التي استحوذت على البطركية النسطورية منذ سنة 1318-1976م وجعلتها وراثية في عائلتها، وسَبَبَ نظام الوراثة مشاكل حيث تم رسامة بطاركة ومطارنة أطفال لمحدودية العدد في عائلة أبونا، ورفض نظام الوراثة كثيرون من النساطرة وأخيراً أدت هذه المشاكل إلى انفصال أكثر من نصف النساطرة سنة 1553م وانتمائهم لكنيسة روما الكاثوليكية، وهي بداية الكثلكة في العراق، وهؤلاء المتكثلكين هم الذين أطلقت عليهم روما اسم الكلدان، وثبت اسمهم رسمياً في 5 تموز1830م، بينما سَمَّى رئيس أساقفة كانتربري الإنكليزي سنة 1876م الطرف النسطوري الآخر، آشوريين.

تتلمذت سورما على يد الراهب الإنكليزي بروان الذي أرسله رئيس أساقفة كانتربري الذي سَمَّى النساطرة آشوريين لمساعدة السريان النساطرة، وعاش براون بين النساطرة في قوجانس قرب البطرك قرابة 25 سنة حتى وفاته في 14 أيلول 1910م، وكان صديقاً ومستشاراً للبطركين النسطوريين روبين بنيامين (1861-1903م)، وبنيامين إيشاي (1903–1918م) أخو سورما، وعاش بروان عيشة متواضعة نسكية، فكان يلبس ملابسهم ويأكل طعامهم وينام مفترشاً الأرض مثلهم، وبدا كأنه راهب من العصور الوسطى يعيش في القرن التاسع عشر، وأصبح عندهم كرئيس عشيرة يجتمعون إليه لحل مشاكلهم وخلافاتهم الدينية والدنيوية، ولاحظ براون أن النساطرة متمسكون بتقاليدهم الدينية والعشائرية، لذلك كان يُسايرهم في تفكيرهم، ويبشرهم بهدوء، ويحثهم على الابتعاد عن التقاليد الغربية والتمسك بالعادات والتقاليد الخاصة بهم بغية كسب تعاطفهم، ولم يضغط عليهم بترك مذهبهم النسطوري واعتناق مذهب الأنكليكان أسوةً بالمبشرين البروتستانت بقدر تركيزه على المسائل القومية وترك التسمية النسطورية مستعملاً معهم التسمية الآشورية، وقام براون بجهود كبيرة في تعليم الصغار القراءة والكتابة والمبادئ الدينية، وكان من طلابه كثير من أقارب البطرك روبين بنيامين من ضمنهم أبناء أخوته كالآنسة سورما إيشاي وأخوها بنيامين (البطرك بعدئذ)، ولإعجابه بشخصية سورما أطلق عليها لقب “السيدة، Lady”، وبناءً على ذلك سَمَّى الساسة الإنكليز سورما لاحقاً، “الأميرة الأثورية”. (Reed, G. S, edition by J.M. Hornus, La mission de L’Archevêque de Cantorbery aupres des Assyriens, Cahiers d’etudes chretiennes orientales 6, 1967 جورج ريد، بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين، ص20–21. نشره المختص بتاريخ الشرق المؤرخ ميشيل هورنس+1982م، الدراسات المسيحية الشرقية 6، باريس 1967م).

 

وصل البطرك بنيامين إيشاي أخو سورما إلى البطركية في 30 آذار 1903م وكان عمره بحدود ست عشرة سنة، ثم اغتيل سنة 1918م على يد إسماعيل آغا سامكوا الكوردي، فخلَفه شقيقه بولس إيشاي وكان مريضاً بالسل يعيش في مخيم بعقوبة للاجئين في فأرسله الطبيب وليم يكرام الملقب بابي الآشوريين الجدد، ومساندهم القوي والمروج لاسمهم الآشوري إلى دير مار متى للسريان الأرثوذكس للنقاهة في صيف 1919م، وعاد وتوفي في المخيم سنة 1920م، فخلَفه ابن أخيه وأخو سورما البطرك إيشاي داود إيشاي، وكان هذا طفلاً صغيراً لم يتجاوز عمره اثنتي عشرة سنة (مواليد 1908م)، فأصبحت عمته سورما وصية عليه وتعزز دورها أكثر، وأصبحت لها مكانة مهمة في اتخاذ القرارات كنسياً وسياسياً، ومن طريف الأمور أنه أثناء رسامة أيشاي وهو في سن الثانية عشرة، قال شهود عيان إنه كان ينظر من الشباك بحسرة إلى زملائه الذين يلعبون خارجاً، وهاري جارلس الذي زار الموصل سنة 1925م وكتب كتاب “الموصل وأقلياتها”، تحدث عن الكنيسة النسطورية، وبدأ الفصل الخامس بعبارة طريفة، فيقول: لنترك بطرك النساطرة يلعب كرة قدم مع زملائه الأولاد في ساحة على مشارف الموصل، لكي نفهم كيف يمكن لفتى لاجئ من جبال هكاري عمره ستة عشرة سنة نراه رئيس واحدة من أقدم الكنائس المسيحية (هاري جارلس، الموصل وأقليتها، ص56 ،1925م Harry Charles Luke, Mosul and its minorities, London ). (وهذا هو البطرك المار شمعون المذكور في خطاب عبد السلام عارف 14 تموز).

كانت سورما خانم قد نذرت نفسها للبتولية وتربت على يد المرسلين الأنكليكان خاصة الراهب براون منذ نعومة أظفارها، وكانت ذكية ومثقفة جداً، تقرأ لمشاهير الكتاب الإنكليز أمثال سكوت وستفنسن وغيرهما، ملمَّة بالمسائل الدينية ولاسيما اللاهوت الأنكليكاني، ذات شخصية حازمة وقوية، شديدة الشكيمة، صلبة الإرادة، بليغة الكلام والخطابة، متقنة للغة الإنكليزية بشكل مطلق، ولتمتعها بهذه المزايا وصفت بأنها حفيدة الملكة الآشورية الشهيرة شميرام، واستطاعت سورما أن تتميز وتتولى إدارة شؤون النساطرة من الناحية العملية زمناً طويلاً، فسافرت إلى عدة دول مثل سويسرا وإنكلترا وأمريكا وإيران وغيرها، وخاطبت وحضرت مؤتمرات مثل مؤتمر الصلح في باريس سنة 1918م، ومؤتمر عصبة الأمم المتحدة في جنيف سنة 1925م لعرض قضية الآشوريين على المحافل الدولية، وذهبت إلى إنكلترا بين سنتي (1919–1920م)، وحلت ضيفة على جمعية أخوات بيث عنيا، والتقت بعدة مسؤولين، وحضرت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني بخصوص القضية الآشورية، كما حضرت في الكنيسة الأسقفية في لندن، وكان أسلوبها وخطابها بالإنكليزية مؤثراً جداً يجذب انتباه وإعجاب الحاضرين، بحيث صرح رئيس أساقفة كانتربري راندال توماس دافيدسن Randall Tomas Davidson (1903–1928م) في كانون الثاني 1919م مخاطباً المسؤولين الإنكليز بخصوص المسألة الآشورية قائلاً: هل تنتظرون أن يُرفع العلم التركي فوق مناطقهم؟، وفي مدة زيارتها لإنكلترا اهتم بها الإعلام الإنكليزي كثيراً، وكانت صورها بالزي التقليدي موضوعاً رئيساً لبعض الصحف تحت عنوان كبير هو آشور، وفي مدة وجودها في لندن في نيسان سنة 1920م ألَّفت كتاب (الكنيسة الآشورية وتقاليدها واغتيال مار شمعون)، قدَّمت وشرحت فيه تاريخ الكنيسة النسطورية وطقوسها، والمأساة التي يعانيها شعبها، واغتيال أخيها البطرك بنيامين إيشاي، وعَدَّت فيه أن النساطرة هم آشوريون، وكَتبَ تمهيد الكتاب رئيس أساقفة كانتربري دافيدسن بعد تقديم ابتدائي كتبه ويكرام، وطبعته مطبعة Faith Press في لندن، واستقبلت الجماهير البريطانية الكتاب باهتمام كبير خاصة دافيدسن الذي عَدَّ الكتاب وثيقة مفيدة للتعريف بالكنيسة الآشورية للجماهير البريطانية، ووصف دافيدسين سورما خانم بمستشارة الكنيسة الأنكليكانية وصديقتها الوفية (كليرويبل يعقوب، سورما خانم، ص172–173. الكتاب 114 صفحة، أعيد طبعه 100 صفحة، Vehicle، نيويورك 1983م)، وفي 3 كانون الثاني 1966م عندما كانت سورما منفية في أمريكا منحها رئيس أساقفة كانتربري آرثر ميشيل رامسي Michael Ramsey (1961–1974م) وسام “صليب القديس أوغسطين” تثميناً لمكانتها وصداقتها.

بعد أن أطلق الإنكليز اسم الآشوريين على النساطرة، أطلق المبشر ويكرام على الآنسة سورما إيشاي لقب الخانم (ويكرام، مهد البشرية، ص356)، أسوةً بلقب lady الذي أطلقه الراهب براون عليها، وأيد هذا اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناء على طلب زوجته ماري من تيك (1867–1953م)، وكلمة خانم تركية معناها السيدة ذات السيادة المطلقة، وعندما عُيَّن الكولونيل الإنكليزي جيرارد ليجمان حاكماً لمدينة الموصل سنة 1919م تحدث إلى سكان الموصل العرب قائلاً: عجيب أمركم يا أهل الموصل، إنكم لا تعرفون أصلكم، فانتم من أصول الأثوريين، فرد عليه أهل الموصل: وما معنى هذه الكلمة (أثوريين)، فقال ليجمان: إنني مستغرب من عدم علمكم بتاريخ أجدادكم، بكونكم أحفاداً للأثوريين الجبابرة الذين شيدوا مجد نينوى، عجيب غفلتم وجهلكم بتاريخكم القومي، فأنتم أحفاد الأثوريين والكلدان، فردَّ عليه أهل الموصل نحن العرب الذين تغنيتم أنتم بفلاسفتنا وشعرائنا وتراثنا، فقال ليجمان: لا، لا، أنتم أثوريون، فرد أهل الموصل: والله العظيم نحن عرب أبناء الخزرجين والأزديين وبني تميم وتغلب وقيس والمضريين والحمدانيين، أصحاب السيف والقلم، وبنو عقيل ومنا الأعشى التغلبي وأبو نواس وأبو فراس، ومنذ زمن عصر الفتوحات الإسلامية لم نجد في الموصل إلاَّ الفرس والمسيحيين الجرامقة (أقوام آرامية)، فقال ليجمان: شئتم أم أبيتم أنتم أثوريون، وانتم جهلة حمير لا تعرفون تاريخكم، نحن نفهم أكثر منكم، فرد أهل الموصل: اللهم حسبنا كل حساب، إلاَّ هذا الذي أتانا آخر يوم، ثم أوعز ليجمان إلى رئيس تحرير جريدة الموصل التي كانت تهتم بنشر أخبار البلاد، أن تُطلق على الآنسة سورما لقب صاحبة السمو الأميرة الأثورية سورما، وأن صاحبة السمو موجودة الآن في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن الوعد الذي قطعه الإنكليز لمواطنيها بإنشاء وطن قومي للأثوريين الكلدانيين في شمال العراق، فاستغرب رئيس التحرير وكان مسيحياً كلدانياً، وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم الآشوريين، ولا يوجد أميرة لهم، وهؤلاء هم أكراد نساطرة، وأنهم ليسوا من الأثورية الكلدانية بشيء، وغالبية أهل الموصل يَعدُّونهم أكراداً مسيحيين، وكانوا دائماً ينظرون إليهم بشيء من الاحتقار، لذلك طرح هذا الاسم سوف يشكل شقاقاً بين أهل الموصل من المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصر على ذلك (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص232-237).

وبتاريخ 5 حزيران سنة 1926م منحت الحكومة البريطانية سورما خانم وسام الفروسية البريطانية (Order of the British Empire) المعروف اختصاراً (OBE) مع عدة ألقاب فخرية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها منح هذا الوسام لامرأة، وتم تقليد سورما هذا الوسام في مدينة الموصل في 3 شباط سنة 1929م.
وشكراً/ موفق نيسكو- يتبع ج٢

كتاب صراع القيم (أشعار مار أفرام السرياني)

صراع القيم (أشعار مار أفرام السرياني)

صراع القيم في الملاحمة الكبرى

https://drive.google.com/file/d/1SXihMfbxUSpd5kS5L7K1j7QjEyX5ayc2/view

https://www.facebook.com/groups/747607792980908/permalink/835275304214156/

https://drive.google.com/file/d/1SXihMfbxUSpd5kS5L7K1j7QjEyX5ayc2/view

 

علمنا الآرامي يشير الى هويتنا و تاريخنا و لغتنا الأم !

علمنا الآرامي يشير الى هويتنا و تاريخنا و لغتنا الأم !

Henri Bedros Kifa

علمنا الآرامي يشير الى هويتنا و تاريخنا و لغتنا الأم !
هنري بدروس كيفا
من أجمل و أروع الذكريات لزيارتي لروما في كانون الأول ٢٠٢٢ !
١- كان إبني يمزح معنا قائلا ” إن الطقس سيكون باردا و ممطرا في روما ” و لكنني أنا و زوجتي قررنا أن نستفيد من هذه العطلة كي نزور روما و لو تحت المطر !
٢- لقد خصصنا يوما لزيارة الفاتيكان و كانت مفاجأة كبرى لنا أن نرى الكنائس الكبيرة و المعالم الأثرية الجميلة و لكن أجمل ذكرياتي هو لقائي مع شرطي و شرطية من البوليس الإيطالي و أسئلتهم عن : العلم الآرامي و من هم الآراميون و هل اللغة الآرامية لا تزال محكية ؟
٣- عندما إقتربنا من كنيسة مار بطرس قالت لي زوجتي ” ليتك جلبت معك العلم الآرامي كي أصورك ” و هنا ضحكت و أخرجت العلم من جيبي و قلت لها ” إنه – كما تعلمين – دائما معي !” و بدأت زوجتي تأخذ الصور لي تحت المطر … إقتربت منا سيارة للشرطة الإيطالية و توقفت على بعد ثلاثة أمتار منا و قالت لي زوجتي إنهم يحدقون بنا و ربما ممنوع أن نتصور مع العلم
و قلت لها ” لا أعتقد إنه ممنوع …”
٤- الشرطية التي تقود السيارة أنزلت شباك باب السيارة و أشارت بإصبعها لي و أسرعت زوجتي في القول ” قلت لك إنه ممنوع !” و إقتربت من باب السيارة حائرا ( ربما زوجتي معها حق ) لأرى ماذا تريد منا الشرطة ؟
سألتني الشرطية باللغة الإنكليزية ” ما هو هذا العلم و لأي بلد ؟ “
لقد عرفت من طريقة السؤال أن هذه الشرطية تريد أن تستعلم فأجبتها ” إنه علمنا الآرامي و هو يرمز الى شعبنا التاريخي “
سألتني الشرطية ” أين مواطن الآراميين ؟ ” فأجبتها بسرعة ” الآراميون يعيشون في الشرق أي في بلاد العراق و سوريا و لبنان و الأردن و فلسطين ” ثم أكدت لها : إن جميع المسيحيين في “الشرق” يتحدرون من الآراميين و هنالك قسم كبير من أخوتنا المسلمين يتحدرون مثلنا من الآراميين” . و هنا شكرتني الشرطية فعدت الى قرب زوجتي كي تطمئن بالها و كي نكمل التصوير!
٥ -ظلت سيارة الشرطة واقفة قربنا و لاحظت أن الشرطية و الشرطي الجالس قربها يتناقشان و ينظران صوبنا و بعد ثلاث أو أربع دقائق أخرجت الشرطية رأسها من السيارة و قالت لي:
” من فضلك هل ممكن أن أطرح عليك سؤالا ؟ “و هنا إقتربت بثقة من السيارة و كنت أكيدا أن الشرطية تريد أن تستفهم أكثر عن الآراميين .
قالت لي إن زميلي يريد أن يعرف إذا كانت الأناجيل قد كتبت باللغة الآرامية ؟
و هنا بدأت في الشرح كيف إنتشرت اللغة الآرامية و أن اليهود قد تكلموا بها حوالي ٤٠٠ سنة قبل مجيئ المسيح و هنا سمعت الشرطية تقول لزميلها ” داني أنظر المسيح تكلم اللغة الآرامية …”
و سألتني ” هل يوجد براهين على أن الأناجيل قد كتبت باللغة الآرامية و هنا شرحت بإختصار حول المفردات و التعابير الآرامية في الأناجيل ( طليتا قومي … إيلي إيلي…)
٦ – لم أرغب أن أستطيل في الشرح ( مع إنني لاحظت إن الشرطيان يريدان أن يتعرفان أكثر عن تاريخنا الآرامي ) فإبتعدت من السيارة و إقتربت من زوجتي و أخذت لها بعض الصور و كانت زوجتي مندهشة و قالت لي ” هذه أول مرة أرى رجال شرطة يهتمون لمواضيع تاريخية و ثقافية “!
ثم أكملت ” أنظر إنهما لا يزالان يتناقشان و إنني أكيدة بأنهما يتمنيان طرح أسئلة جديدة عليك “.أجبت زوجتي ” ربما لو لم يكن الطقس ممطرا لكنت أجبت على أسئلتهم ” و من ثم قررنا أنا و زوجتي أن نكمل زيارتنا السياحية