ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون جوزيف ج5

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون جوزيف ج5
يتبع ج4
استشهد الباحث فراي من كتاب الأستاذ جون، فردَّ عليه الأستاذ جوزيف بمقال مستقل، لكننا أعطينا عنوان المقال ج5

ب- رد الأستاذ جون جوزيف على مقال فراي: آشور وسوريا: المترادفات
ترجمة وتحقيق موفق نيسكو
البروفسور ريتشارد فري يبدأ مقالته بالقول إن الالتباس (الارتباك) موجود بين الكلمتين المتشابهتين (سوريا وآشور) على مدار التاريخ حتى يومنا هذا، ومما يؤسف له أن هذا المقال يُديم (يُخلِّد) الالتباس [1]، وفي ملاحظاته الختامية يخبرنا فراي أن نقاشه بشأن استعمال اسم، الآشوري / السرياني، قد أظهرت حقيقتين بوضوح، الأولى: ارتباك الغربيين في استخدام اسم سوريا للجزء الغربي من الهلال الخصيب، واسم آشور للأرض القديمة شرق الفرات، والثانية: استعمال الشرقيين لم يفرق بين الاثنين إلاَّ عندما يكون متأثراً بالغرب، أو لأسباب خارجية أخرى، ودعونا نلقي نظرة على هاتين النتيجتين أكثر:

أولاً: استعمال الغربيين لاسمـي سوريا و آسيا كان في وقت ما، حين لم يكن الغربيون (الإغريق، اليونان)، على دراية كاملة بالشرق الأدنى، ولم يكونوا يفرقون بين سوريا وآشور، لاسيما عندما كان الآشوريون لا يزالون في السلطة، ولكن في وقت مبكر من القرن الخامس قبل الميلاد أي بعد سقوط نينوى بقرنين تقريباً، فهيرودوتس بشكل واضح جداً يُفرِّق بين المصطلحين والمناطق، وتظهر أبحاث Randolph Helm راندولف هيلم، أن هيرودوتس بأمانة وباستمرار ميَّز بين أسماء سوريا وآشور واستعملها بشكل مستقل عن بعضها، وأن سوريا/ السوريين بالنسبة له، هم سكان بلاد الشام الساحلية بما في ذلك شمال سوريا، فينيقيا، وفلسطين، ويشدد هيلم على أن هيرودوتس لا يستخدم أبداً اسم سوريا للإشارة إلى بلاد ما بين النهرين، فبلاد آشور هي في بلاد ما بين النهرين بالنسبة لهيرودوتس، ولم يستعمل اسم آشور أبداً لينطبق على سوريا، فالتمييز الواضح المثبَّت عن هيرودوتس، بتعليقات هيلم، كانت مفقودة عن مؤلفين كلاسيكيين لاحقين، فبعضهم فسَّر تاريخ هيرودوتس الكتاب السابع، فقرة 63، أنه إشارة إلى الفينيقيين أو اليهود، أو أي شرقيين آخرين على أنهم آشوريين [2].

في التعليق على موضوع استخدام آشور / سوريا كما هو مذكور أعلاه، ففي تاريخ المؤرخ هيرودوتس، كتاب 7، فقرة 63، تحدث (فراي) بشكل سطحي، وليس من مدة طويلة عن أن اليونان أطلقوا على الأشوريين اسم السوريين، السريان، لكن بدون حرف A كما هو على الاسم الأول، وفي الصفحة التالية فإن هيرودوتس يمثل نقطة تحول في الفصل بين المصطلحين عندما أصبح الإغريق على دراية ومعرفة أفضل بالشرق الأدنى وبشكل خاص بعد إسقاط الإسكندر الأكبر للإمبراطورية الأخمينية في القرن الرابع قبل الميلاد، فعندما حكم اليونانيون والرومان المنطقة لاحقاً، تَقيَّدوا (التزموا) باستعمال اسم سوريا على الأراضي الواقعة غرب الفرات.
خلال القرن الثالث قبل الميلاد (280 ق.م.) وعندما تمت ترجمة الكتاب المقدس العبري إلى اليونانية (السبعينية) لكي يستعملها اليهود اليونان في مدينة الإسكندرية، تمت ترجمة مصطلح الآراميين والآرامية من الكتاب المقدس العبري إلى اليوناني ب (سوري، سريان، واللغة السريانية) على التوالي [3].

خلال القرن الثاني قبل الميلاد نعلم أن، Posidoniu بوسيدونيوس، وهو يوناني كان يعيش في سوريا، وكتب: إن الناس الذين نُسَمِّيهم (نحن اليونان) السوريين، السريان، هم يُسَمُّون أنفسهم آراميون، والشعب في سوريا هو آرامي [4] ، وبوسيدونيوس الذي كان بلا شك مدركاً للالتباس الذي كان موجوداً في أيامه بين المصطلحين الآشوريين والسوريين (السريان)، يعرف جيداً أنه مهما كانت العلاقة الاسمية بين الاسمين، فإن جغرافية بلاد آرام (سوريا)، وجغرافية بلاد آشور، هما جغرافيتان مختلفتان عرقياً وثقافياً ووجوداً (كينونةً)، وتم التعبير عن هذه النقطة بشكل جيد من قبل Heinrichs في مقالته الموضحة أعلاه، فهو يتحدث بحدة وحزم عن الاستمرار بهذا الأسلوب الساذج في تحديد أساس الهوية أو الهوية شبه الشخصية وأسماء المجموعات السكانية في ظل هذه الأخطاء الموجودة في كل مكان وفي كل أدب تبريري كتبه المؤرخون بدون التدقيق (التوجيه) اللغوي [5].

يقول فراي في إشارة إلى لوسيان أو لوقيان الساميساطي +180م تقريباً: دعا لوسيان شعب سوريا، آشورياً، لكن فراي نفسه قال في ص33: “أنا الذي كتب ذلك”، ويوضِّح هذا القول التمييز الواضح لهيرودوتس وآخرين من بعده، وهذا الأمر فات (انطلى) على بعض المؤلفين الكلاسيكيين لاحقاً، ويلاحظ فيروس ميلر من جامعة أكسفورد هذا الخلط بين سوريا وآشور ويشير إلى لوسيان، وطيطانوس الذي يرتبط نفسه أيضاً مع آشور قائلاً إنه ولد في بلاد آشور، لذا لقبه “طيطانوس الآشوري”، فميلر وضَّحَ وكتب أن لقب طيطانوس هو اليوناني وأنه ولد في بلاد آشور الجغرافية، “لا أكثر ولا أقل” مما فعل غيره من الكتاب اللاتين الذين كتبوا اسم طيطانوس “طيطانوس اليوناني” كما كتبوا أن لوقيانس السميساطي هو من سميساط [6].

ثانيا: استعمال الشرقيين لاسمي سوريا وآشور: هنا تظهر الحقيقة بوضوح وهي أن المصطلحين لم يكونا متميزين عن بعضها إلاَّ بتأثر النفوذ الغربي ولأسباب خارجية أخرى، وهذا لا يعني أنه لم يكن هناك التباس في استعمال هذه المصطلحات شرق الفرات أيضاً، وهذا الارتباك في هذه المناقشة حسب رأي، ناتج من المؤلف (فراي) نفسه، وأود أن أشير أدناه على نحو خاص ما وجدته من أمور مُحيرة عنده.

يقول فراي في ص32: أُطلق على اللغة الآرامية لاحقاً السريانية في الغرب أو الآشورية في الشرق، وهنا أذكر موضوع سابق في استخدم الشرق للأسماء خاصةً الأرمن، فنحن قلنا إن كلمة “Asori” في الأرمنية تُشير إلى السريانية الكلاسيكية التي هي لهجة آرامية، دعيت السريانية من الرومان، لكن الأرمن دعوها آشورية، وهو فهم خاطئ وواضح، وما هو مُغيَّب من العبارة أعلاه (أي غيَّبه أو بتره فراي) هو أن كلمتي سريان وآشوريين في اللغة الأرمنية تبدأ بحرف A، لكن الكلمتان تتميزان عن بعضهما البعض، فكلمة (Asori) تُشير إلى الشخص السرياني )الآرامي) المفرد مثل كلمة (Suraya، Soroyo السريانية الآرامية)، وجمعها في الأرمنية (Asoriner السريان)، واللغة السريانية “الآرامية” في اللغة الأرمنية هي (Asoreren)، بينما كلمة آشوريين في الأرمنية هي (Asorestants’i).

الاسمان الجغرافيان لسوريا وبلاد ما بين النهرين أيضاً واضحان في اللغة الأرمنية، فكلاهما يبدأ بحرف A، لكن اسم سوريا هو Asorik، وهو الاسم التقليدي لسوريا في اللغة الأرمنية، بينما اسم بلاد آشور هو Asorestan، وقد كتب البروفيسور الأرمني Sanjian إلى الكاتب فراي رسالة موضحاً له ذلك [7].
———————-

الهوامش

[1] علماء الساميات المعروفين مثل فرانز روزنتال عميد جامعة ييل للدراسات الآرامية في أمريكا لأكثر من جيل من وجهة نظره أن السريان والآشوريين هم من أصول مختلفة تماماً، ولو أن ذلك سيبقي للمؤرخين مستقبلاً إثبات صحة الرأي. انظر Rosenthal’s ، (البحوث الآرامية)، وعن هذا الموضوع راجع مقال، Wolfhart Heinrichs زميل فراي في جامعة هارفارد، بعنوان (The Modern Assyrians-Name and Nation، الآشوريين الجدد أو الحديثين-الاسم والأمة)، Festschrift Philologica Constantino Tsereteli Dicta, Silvio Zaorani، تورينتو 1939م، ص104-105.
[2] انظر Helm هيلم، تاريخ هيرودوتس، ك 7 فقرة 63، والدلالات الجغرافية لبلاد آشور في العصر الأخميني (ورقة قدمت في الجلسة 190 في الجمعية الشرقية الأمريكية في سان فرانسيسكو، أبريل 1980م). انظر أيضاً (Greeks’ in the Neo-Assyrian Levant and ‘Assyria’ in Early Greek Writers، اليونان في بلاد الآشوريين الجدد، وآشور المشرق عند الكُتَّاب اليونان الأوائل، أطروحة دكتوراه، جامعة بنسلفانيا 1980م، ص27-41)، انظر أيضاً تاريخ هيرودوتس ك 1، 105، ك 2، 106. كما أوضح الراحل أرنولد توينبي أن (Syrioi، السريان)، هم الأشخاص الذين شملهم هيرودوتس ضمن منطقة الضرائب الخامسة التي تشمل كل من فينيقيا وما يُسَمَّى بفلسطين، سوريا،ً مع قبرص، ويؤكد توينبي أن السريان ليسوا من شعب بلاد آشور التي شملت بابل وهي المنطقة التاسعة في قائمته. (A Study of History، دراسة التاريخ، 1954م، مج7 ص654 n. 1. وانظر جورج راولنصونGeorge Rawlinson ، (The History of Herodotus، تاريخ هيرودوتس)، Manuel Komrof، نيويورك 1956م، 2 ص115.
(نيسكو: استخدم هيرودوتس اسم سوريا على كل أنهار آسيا، واسم ليبيا على قارة أفريقيا، وللمزيد حول، ك 7 فقرة 63 من تاريخ هيرودوتس، انظر كتابنا، فصل: ثلاث حجج هزيلة فقط للسريان المتأشورين، أولاً: المؤرخ هيرودوتس 484-425 ق.م.).
[3] واصلت النسخة المعتمدة من الكتاب المقدس استخدام المصطلحات التي وردت في الترجمة السبعينية إلى سنة 1970م، ثم بدأت تستعمل اسم، الآراميين والآرامية، من النص الأصلي العبري.
(نيسكو: وهذا دليل دامغ على أن السريان هم الآراميون فقط وتحديداً، مثلما الهنكار المجريون، والأرارتيون هم الأرمن، والأثيوبيون هم الأحباش، فعندما قام اليهود بالترجمة السبعينية للكتاب المقدس سنة 280 ق.م. من العبرية إلى اليونانية خصيصاً ليهود مصر الذين كانت عبريتهم قد ضَعُفتْ لأنهم كانوا يستعملون اليونانية، فتم تغير كل كلمة آرام وآرامي وآرامية فقط إلى سريان وسرياني وسريانية، لأن اسم سوريا بدل آرام كان قد انتشر بقوة، والدليل الآخر الدامغ هو أن التبديل استثنى اسم العلم (آرام) لأشخاص، مثل آرام بن سام وآرام بن حصرون، لأن المقصود: أن كل آرامي هو سرياني فقط، مثلما شخص معين اسمه الشخصي، مجر أو ارارت، أو حبش، لكن يبقى اسمه الشخصي الأصلي المعروف به، ولا يستبدل بهنكار أو أرمن أو أثيوب).
: انظر J.G. Kidd, Posidonius, Cambridge Classical Texts and Commentaries، ج2 ق2 ص955-956. وانظر Arthur J. Maclean، آرثر ماكلين، (Syrian Christians، المسيحيون السريان،Encyclopaedia of Religion and Ethics، موسوعة الأديان والاثنيات)، Frederic Macler، فريدريك ماكلر،Syrians or Aramaeans) ، السريان أو الآراميون)، الذي يوضِّح أن اسمي السريان والآراميين هما اسمان مترادفان، وهذا أمرٌ مسلمٌ به، وانظر سبستيان بروك، Sebastian Brock، (Eusebius and Syriac Christianity، أوسابيوس والسريان المسيحيون) في (Eusebius, Christianity, and Judaism، أوسابيوس، المسيحية، واليهودية)، للمحررين،Attridge و Gohei، ليدن 1992م، ص226.
[5] مصدر سابق، ص102-0103
[6] انظر Millar، ميلار، (The Roman Near East، الرومان والشرق الأدنى) 31 ق.م.-337م، كامبردج، 1993م، ص227، 454-455، 460. (نيسكو: اليونان سَمَّوا طيطانوس، اليوناني، لأنه كتب إنجيل الدياطسرون باليونانية، أمَّا لماذا يرد اسمه آشوري أحياناً؟، فلأنه اسم جغرافي، فطيطانوس ولد قرب الموصل أسوةً بالسميساطي المولود في سميساط، وهو لم يقل إني آشوري، بل ولدت في بلاد آشور، ويرجَّح أنه ولد قرب الموصل، وعاش في الرها، كما يُعتقد أنه ولد في أربيل، ومعروف أن الموصل وأربيل اسمهما الجغرافي في المصادر السريانية، أثور، خاصةً الموصل، فطيطانوس الأثوري، يعني الموصلي، ويقول مرمرجي في مقدمة كتاب الدياطسرون لطيطانوس: آشوري، أي أنه عاش في بلاد ما بين النهرين قرب نهر دجلة شمال العراق الحالي. انظر كتابنا، فصل: أسماء مدينة الموصل ومنها اسم وأثور. وانظر يوسف حبي: كنيسة المشرق التاريخ العقائد الجغرافية الدينية ص242).
[7] انظر كاتب هذه السطور (جون جوزيف)، (The Nestorians and Their Muslim Neighbors، النساطرة وجيرانهم المسلمين)، طبعة برنستون، 1961م، ص15، n. 35. ومعلوماتي تؤكد أن الراحل Avedis Sanjian، Narekatsi أستاذ الدراسات الأرمنية في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، أرسل في 10 أكتوبر 1994م، رسالة استشارية (توضيحية) ل Heinrichs أيضاً، مرجع سابق، ص106-107م.

وشكراً/ موفق نيسكو/ يتبعه ج أخير

البطريرك ساكو ومشكلة اللغة العربية

البطريرك ساكو ومشكلة اللغة العربية

أصبحت مسألة الطقوس واللغة تجارة في كنيسة الكلدان، ففي كل يوم يطلع علينا أحد الكلدان بانتقاد جديد للبطريرك لويس ساكو على أنه المسؤول عن تعريب الكنيسة، ومنهم السيد الدكتور ليون برخو زميل البطريرك سابقاً، فيرد عليه البطريرك ساكو قبل ثلاثة أيام ردَّاً ضعيفاً غير موفق، فساكو شخصية متقلِّبة وضعيفة ومهزوزة أمام المتعصبين والجهلاء من القوميين الكلدان الجدد، وهو شخص يملك علماً، لكنه غير مبدئي، لا علمياً ولا كنسياً، ويتنصل من كلامه ويزوِّر إذا همس في إذنه أحد المتعصبين لغاية معينة، فهو دائماً يقول: لغتنا وكنيستنا وطقوسنا سريانية، ولا وجود لكلدان في التاريخ المسيحي..إلخ، لكنه يزوِّر ويحاول التمويه واللعب بالكلمات عندما يخضع للمتعصبين، عدا أفكاره الهرطوقية النسطورية، كإنكاره بتولية العذراء وغيرها، لذلك فإن انتقاد برخو وغيره للبطريرك ساكو هو أقل من مما يجب، لكن ليس في هذا الموضوع الذي يكرره برخو دائماً، وهو أن البطريرك ساكو يستعمل اللغة العربية ويشجعها وهو المسؤول عن التخلي عن لغة وطقس وتراث الكلدان.إلخ، لذلك نحب أن نوضح للقارئ الكريم، ما يلي:

1: إن انتقاد السيد برخو وغيره للبطريرك ساكو هو لأغراض دعائية فقط، وليس له قيمة علمية أو أكاديمية، خاصة أن السيد برخو  يقول ويؤكد مراراً أن لغة الكنيسة الكلدانية هي السريانية، وهي نقطة تحسب له، وعليه فالهدف من انتقاد برخو للبطريرك ساكو بتعريب الكنيسة دعائي، فساكو ليس مسؤولاً عن تعرَّيب رعيته، وكنيسة المشرق بشقيها واسميهما الحديثين الجديين المنتحلين اللذين أطلقهما العرب الغرب (الكلدان والآشوريين)، كانت قد تعرَّبت منذ القرن العاشر الميلادي، والبطريرك ساكو وليون برخو وجهان لعملة واحدة، ولكن كل واحد له آلية معينة، فقد ردَّ البطريرك ساكو على انتقادات برخو وغيره بتاريخ 3/ 5/ 2020م، بعنوان: (كنيسة اللُّغة أم لُّغات الكنيسة) وكعادته كان ردَّه غير موفق، وتنصَّل عن الحقيقة، فرغم أنه ذكر اللغة السريانية واستعمل كلمة سورث التي تعني بحسب السريانية، إلاَّ أنه مثل زميله ليون برخو حاول التمويه واللف والدوران بإيهام القارئ أن هناك فرقاً بين اللغة والطقس..إلخ.

2: أغلب رعية الكلدان يفضلون القداس باللغة العربية وعندما يكون القداس بالعربية تكون الكنيسة مزدحمة أمَّا عندما يكون الطقس سرياني (الذي يُسمِّيه بعض المزورين المتكلدنين، كلداني)، تجد الكنيسة شبه فارغة، وحتى في عقر دار المطران المتعصب المتكلدن سرهد جمو في كاليفورنيا، هناك قداس باللغة العربية والحضور أكثر من اللغة السريانية والإنكليزية، لذلك لا يستطيع البطريرك ساكو إجبار رعيته ممن أصبحت لغتهم الأم الثقافية هي العربية أن يحضروا قداساً بلغة أخرى، ولو فرض ساكو لغة أخرى، لما حضر القداس أحد منهم، والسيد برخو نفسه يكتب لأبناء كنيسة الكلدان لدغدغة مشاعرهم لأغراض دعائية، لكنه يكتب لهم بالعربية، ولو كتب بالسريانية، لن يجد أحداً يقرأ له سوى شخص أو اثنين، فما هو الفرق بين ساكو كبطريرك في الأمور المدنية، وبرخو كعلماني، ولماذا لا يسبق برخو البطريرك ساكو ويكون قدوة، ويكتب برخو لأبناء كنيسته بالسريانية (أو كما يحلو لبعض المتعصبين أن يسموها زوراً، كلدانية).

3: مشكلة تعريب كنيسة الكلدان قديمة وقبل ساكو، فالأب انستاس الكرملي يستهزئ بالمطران المتكلدن أدّي شير +1915م الذي قال: الكلدان في العراق وديار بكر يتكلمون العربية ويحتقرون لغة أجدادهم، فيقول الكرملي: الغاية من اللغة هي التفاهم، والتفاهم هو مع الأحياء وليس الأموات، ولغة الأحياء والتعايش والرزق في مناطقهم هي العربية وليست الآرامية، ويضيف الكرملي قائلاً لأدي: (عليك التعيَّش ثم التفلسف)، فلو فرضنا أن جميع العراقيين تعلموا الآرامية، فهل يستطيعون التعيش بها؟، لذلك فهؤلاء الكلدان القرويون والجبليون عليهم تعلم اللغة التي يرتزقون بها قبل أن يتقنوا لغة مماتة، وهؤلاء يتكلمون العربية لأنها حية ولغة وطنهم، ولو لم تكن كذلك لتركوها كما يُترك الأموات حتى وإن كانوا أعزاء (يقصد أن الكلدان تركوا لغتهم العزيزة وأصبحت ميتة عندهم) (مجلة لغة العرب 1913م، يونيو، عدد 12، ص578-581).

4: ذكرنا أكثر من مرة أنه إذا استمر البطريرك ساكو على نهجه الضعيف في قول الحقيقة ستتحول كنيسته أسوةً بكنيسة الآشوريين إلى حزب سياسي لا يهمها اللغة والتراث والطقس، بل السياسة فقط، وفعلاً فقد تحولت كنيسة المتكلدنيين إلى حزب سياسي، لذلك الغالبية الساحقة من المتكلدنين والمتـأشورين، لهجتهم السريانية ضعيفة جداً.

إن أساس التراث واللغة والطقس هو اللغة الفصحى وليس اللهجات، ولم يوضح لنا السيد برخو في أي لهجة يريد أن يكون الطقس، هل مثلاً بلهجة قرية كربيش التي تقول كيف حالك (ما طو وت)؟، أم بلهجة تلكيف (ديخ أي وت)؟، ثم من قال إن البطريرك ساكو يستطيع التحدث بالسريانية الفصحى (التي يُسمّيها البعض زوراً كلدانية)، وإني اجزم قاطعاً أن ساكو وبرخو لا يستطيعان إلقاء محاضرة في الجغرافية أو الفلك أو الكيمياء..إلخ بالسريانية الفصحى، بل حتى باللهجة العامية، والسبب أن هؤلاء المتكلدنيين والمـتأشورين لا يجيدون السريانية الفصحى أولاً، وثانيا حتى باللهجة العامية المحكية، ليس لديهم أي معرفة بالكلمات العلمية، فهم مثلاً لا يعرفون كلمات مثل زئبق أو المريخ أو القطب أو تأكسد..إلخ، وكل ما يعرفونه هو لغة منزلية وطقسية فقط، وحتى هذه فيها كلمات عربية وكردية كثيرة، خاصة من المتكلدنين، لأن المتأشورين عاشوا معزولين في الجبال فحافظوا على لهجتهم السريانية نوعاً ما، وإن كانت هي الأخرى ركيكة، وأجزم أن من كنيستي المتكلدنين والمتـاشورين، ربما (وأقول ربما وليس أكيداً) باستثناء بنيامين حداد وشخصاً آخر أو شخصين لا أكثر، يستطيعون نوعاً ما (كقول المثل العراقي، ربما يدبروها بالدفع)، بينما آلاف السريان في طور عبدين والعراق يستطيعون إلقاء محاضرة علمية بالسريانية الفصحى، وللعلم أن أساتذة السريانية في جامعة الأزهر وعموم مصر، سريانيتهم أقوى من إكلريوس (رجال دين) الكلدان والآشورين الجدد.

سنة 2015م م زار البطريرك ساكو طور عبدين في تركيا والتقى مع المطران السرياني صموئيل أقطاش الذي تحدث بالسريانية، ولأن البطريرك ساكو سريانيته ضعيفة جداً كان الأستاذ جوزيف أسمر ملكي يقوم بالترجمة للعربية، ولو كان الأمر معكوساً أي أن البطريرك ساكو تحدث بلهجته السريانية الشرقية التي يستعملها الكلدان، كان المطران أقطاش على الأقل فهم 90 بالمائة دون مترجم، والسبب لأن السريان لغتهم السريانية الفصحى قوية جداً، وحتى لهجتهم المحكية قوية ونقية من الكلمات الأخرى كالعربية والكردية وغيرها مقارنة بالشرقيين، فيستطيع السريان فهم لهجة الشرقيين بسهولة (ربما التحدث بلهجة الشرقيين فيه نوع من الصعوبة، أما فهم الكلام، فالأغلبية الساحقة من إكلريوس السريان يفهمون اللهجة الشرقية)، وهنا أتحدث عن إكلريوس السريان من غير العراقيين، أمَّا إكلريوس السريان العراقيين خاصة في برطلة وقرقوش فيفهمون اللهجة الشرقية 100 بالمئة، وأفضل من المتكلدنين والمتاشورين، لأنها لغتهم المحكية في المنزل، وفي نفس الوقت كنسياً وطقسياً فلهجتهم هي السريانية الغربية، لذلك لغوياً، لا يوجد وجه مقارنة بين إكلريوس السريان وإكلريوس المتكلدنين والمتـاشورين، بل لضعف لهجة المتكلدنيين بالذات، فكثير من العرب عندما كان يشاهدون متكلم متكلدن في أحد برامج قناة عشتار، كانوا يفهمون موضوع الحوار عموماً، لأن حوالي 50 بالمئة من كلمات المتكلم هي عربية.

5: دائماً يطالب السيد برخو وغيره البطريرك ساكو بالتركيز على الطقوس الكلدانية، ويستعمل برخو طرقاً ملتوية، فأولاً هو يقول دائماً أن كنيسته وكنيسة الآشوريين النساطرة هي كنيسة واحدة، فماذا كانت طقوس كنيسته قبل الانقسام حديثاً، آشورية أم كلدانية؟، وثانياً هو يؤكد دائماً أن لغة كنيسة الكلدان هي السريانية، لكنه لأغراض دعائية يحاول التمويه والتلاعب بالكلمات على الناس البسطاء بصورة لا تليق بمن يدَّعي أنه أكاديمي ومثقف، فيستعمل جملة مموهة مثل: اللغة والتراث والطقس الكلداني، واضعاً اللغة في بداية الجملة، تحسباً لمن يسأله، هل اللغة الكلدانية؟، فسيجيب، لا أقصد التراث والطقس هو كلداني، وهنا نقول للسيد برخو: الطقس مرتبط باللغة بل هو اللغة بعينه، وطالما تقول إن اللغة سريانية، فالطقس أيضاً سرياني، ولنفرض أن هناك فرقاً بين اللغة والطقس، وإن كنت أكاديمياً حقيقياً، ادرج للبطريرك ساكو ولقرائك وثائقاً من التاريخ فيها عبارة (طقس كلداني) قبل أن يُسمِّي الغرب السريان الشرقيين، كلداناً، بل حتى بعد أن تسمَّوا كلداناً كانوا يقولون: طقوسنا هي سريانية، وبإمكانك التفتيش عن كتب باسم طقس كلداني في كتاب صديقك المتحمس للطقس الكلداني المطران جاك اسحق: فهرس المخطوطات السريانية في خزانة مطرانية أربيل الكلدانية، عينكاوا الذي صدر سنة 2005م، لعلَّك تجد مثل وثائق المطران أوجين منا الكلداني الذي يقول سنة 1901م: طقوسنا هي سريانية، وكذلك كتب ورسائل بطاركة المتكلدنيين في القرن التاسع عشر مثل إيليا عبو وعبديشوع الخياط الموجَّهة للرعية ويقولون فيها: إن اسمهم، وكذلك اسم المتأشورين النساطرة ولغتهم وطقوسهم هي سريانية، لا كلدانية ولا آشورية، وندرج هذه الوثائق أدناه:

https://e.top4top.io/p_1587u6nwi1.png

https://f.top4top.io/p_1587khv7g2.png

https://g.top4top.io/p_1587dqtbn3.png

ا- في بدايات تسعينيات القرن الماضي وبحضور بطريرك الكلدان روفائيل بيداويد ونيافة مطران بغداد للسريان سيويريوس حاوا والمؤرخ الكلداني كوركيس عواد وأخيه وكثيرين، وأهدى المطران جاك اسحق لمطران بغداد للسريان كتاباً عن طقس الكنيسة الكلدانية، فردّ نيافة المطران السرياني حاوا على جاك: إن عنوان الكتاب خطأ، ولا يوجد شيء اسمه طقس أو لغة كلدانية، فأيَّد المؤرخ القدير كوركيس عواد وغيره كلام المطران السرياني، قائلاً: نعم في كل المصادر اسم لغتنا وطقوسنا هي سريانية، لذلك سَمَّينا مجمعنا، مجمع اللغة السريانية.

ب- سنة 2006م وبحضور السيد عبدالله النوفلي رئيس ديوان الوقف المسيحي، طلب المطران جاك اسحق من الأستاذ السرياني بشير طوري تدريس طلبة كلية بابل اللاهوتية التابعة لكنيسة الكلدان مادة اللغة، فقال الأستاذ بشير للمطران جاك: أنا مدرس لغة سريانية، فماذا تريدني أن ادرس طلبتك، لغة سريانية أم كلدانية؟، فقال المطران: طبعاً لغة سريانية، فقال له الأستاذ بشير: إذن لماذا تؤلف كتاباً باسم طقس كلداني، فحاول التمويه واللف أن اسم الكنيسة كلدانية..إلخ.وذكرنا أن المطران ألَّف كتاب فهرس المخطوطات السريانية.

هل تستطيع كنيسة المشرق إنكار عروبتها

ليس قصدنا القول إن كنيسة المشرق هي عربية، لأنها سريانية، لكن نتيجة اعتراض الكلدان والآشوريين الجدد الحاليين من رجال دين وكُتَّاب وعلمانيين بالعرب ولغتهم بل الاستهزاء أحياناً بإطلاق كلمة العربجية، لأغراض سياسية ودعائية كما ذكرنا، نقول: آخر من يحق له ذلك، هم المتكلدون والمتـاشورون:

1: حوالي خمسة وسبعين بالمئة من كُتَّاب كنيسة المشرق (الكلدان والآشوريين الجدد) كتبوا بالعربية فقط، لأن أصل كثير منهم عرب أقحاح، وخمسةبالمئة كتبوا بالفارسي (البهلوي)، وعشرون بالمئة بالسرياني، وأغلب الكُتَّاب المشهورين كتبوا بالعربي، مثل: علي بن عبيد الأرفادي (المعروف إيليا الجوهري) مطران دمشق حوالي 893م، الجاثليق (البطريرك) يوحنا الأعرج +905م، الجاثليق مكيخا النسطوري + 1109م، الجاثليق إيليا ابن الحديثي +1190م، الجاثليق إيليا الثاني +1131م، المطران يوسف النسطوري ق 12، القس صليبا بن يوحنا، القس الفيلسوف ابن الطيب، الراهب النسطوري حنون بن يوحنا ابن أبي الصلت وأبوه أيضاً، الشماس أبو الخير، كتاب المجدل لثلاث كُتَّاب، ماري، عمرو، صليبا، إيشوعياب بن ملكون، كاتب التاريخ السعردي، حنين بن اسحق العبادي وعائلته، جبرائيل بن عبدالله، هبة الله بن التلميذ، يوحنا الطبري، عمار البصري، يوحنا بن ماسويه، سابور بن سهل، أبي سهل المسيحي الجرجاني، سبريشوع الموصلي، عيسى بن يحيى، حبيش بن الأعسم، أمين الدولة بن حسن هبة الله، أبي الحسن بن بطلان، عدا المجهولين ككاتب شرح أمانة الآباء 318، وآبا الراهب، عدا الذين كتبوا بالسرياني والعربي كعبديشوع الصوباوي وإيليا برشينايا، وهذه الأسماء هي من كتاب واحد فقط لكوركيس عواد، هو (الأصول العربية للدراسات السريانية)، ومن ص 159-566 فقط، وهناك كتب أخرى مثل، تاريخ التراث العربي المسيحي للأب سهيل قاشا، والأعلام الفارسية والعربية عند السريان، للبطريرك العلاَّمة أفرام الأول برصوم، وأحوال النصارى في خلافة بني عباس لجان فييه الدومنيكي، وغيرهم.

وأكثر شعب له أسماء عربية هم من الكنيسة الشرقية: الحسن بن بهلول وإيشو بن علي (مؤلفا أهم قاموسين سريانيين في التاريخ، ق10)، مطران دمشق علي بن عبيد الأرفادي حوالي 893م، أبو علي طاهر أسقف السن والبوازيج +1106م، اسطيفان أبو عمر مطران جنديسابور +1074م، الشماس أبو الفتح بن نظام الملك 1092م، الشماس أبو علي الحسن بن اتردي +1133م، (عشرات الأسماء علي وحسن وحسين)، المؤرخ عمرو بن متى، أبو عثمان الدمشقي، أبو نوح الأنباري، محي الدين العجمي الأصفهاني، يوحنا الطبري، عبدا بن عون الجوهري العبادي الذي أدار الكنيسة قبل الجاثليق يشوع برنون +828م، وغيرهم كما ذكرنا ولم نذكرهم.

2: أهم كتب تاريخ كنيسة المشرق، كُتبت بالعربية وهي المجدل والسعردي، ولا يستطيع أي رجل دين أو شخص عادي، كلداني أو آشوري أن يكتب تاريخاً لكنيسته بدون هذين الكتابين، ولذلك لولا العرب ولغتهم لما كان لكنيستهم تاريخ أصلاً، وإلى العصر الحديث أشهر كُتَّابهم كتبوا كتبهم الرئيسة بالعربية، عزيز بطرس، بطرس نصري، أدّي شير، يوسف حبي، سليمان الصائغ، عمانوئيل دلي، لويس ساكو، بطرس حداد، ألبير أبونا..إلخ، والسبب: إن لغتهم السريانية ضعيفة، ولا يجيدون الكتابة بها، بل يجيدون القراءة والترجمة فقط، علماً أنهم لا يستطيعون الترجمة من العربية للسريانية، (ربما نادراً جداً جداً) بل يترجمون من السريانية للعربية، فقط لأن العربية أصبحت لغتهم الأم، فهم باستثناء اللغة الطقسية والمنزلية لا يجيدون التكلم بالسريانية في مواضيع متخصصة، كالفلك، كيمياء، زراعة..إلخ، فكتابة موضوع كهذا يتطلب ربط أفكار ومصطلحات ومقارنة..إلخ، لذلك يجمع المؤرخون أن السريان المشارقة عموماً تميزوا بكتابة قواميس سريانية فقط (لأنها سهلة)، أمَّا السريان الغربيين فكتبوا في كل المواضيع، وحوالي تسعين بالمئة منها بالسريانية، أفرام السرياني، ميخائيل السرياني، ابن العبري، يعقوب الرهَّاوي، الرهَّاوي المجهول، السروجي، ابن الصليبي، التلمحري، زكريا الفصيح..إلخ.

3: يوحنا سولاقا أول بطريرك للكنيسة التي سُمِّيت كلدانية لاحقاً خلال وجوده في روما لاعتناق الكثلكة كان يتكلم اللغة العربية في مباحثاته ويقوم مترجم بنقل كلامه من العربية إلى الإيطالية واللاتينية. (ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج3 ص136).

4: البطريرك يوسف أودو +1878م مؤسس الكنيسة الكلدانية الفعلي، كتب خطابه في المجمع الفاتيكاني 1868-1870م، بالعربية، ترجمه المطران عبديشوع خياط إلى اللاتينية. (الأب يوسف حبي، إعداد وتقديم، إدمون لاسو، من أعلامنا القدامى والمحدثين، ص589).

5: يقول كرستوف باومر في كتابه الموَّقع والمُبارك من بطريرك النساطرة (الآشوريين حديثاً) دنحا الرابع، ص176: منذ زمن الجاثليق صليبا زكا +728م، حلَّت العربية محل السريانية كلغة عامة للنساطرة في ما بين النهرين، وفي أيام البطريرك إيليا +1048م، أصبحت العربية اللغة الرسمية للمسيحيين رغم أن السريانية بقيت لغة طقسية. (كرستوف باومر، كنيسة المشرق، ص176).

6: يقول هرمان تول في كتابه المهم والحديث الذي قدم له وترجمه الأب الكلداني ألبير أبونا: أقدم وثيقة عن تبشير ماري لكنيسة المشرق جاءت بالعربية (وماري شخصية أسطورية، والوثيقة غير جديرة بالثقة)، وبعد الغزو الإسلامي حلَّت العربية شيئاً فشيئاً محل السريانية لدى السريان المشارقة مع مؤلفين مثل عمار البصري، وابن الطيب، والنصيبيني، وغيرهم، وبعض الكلدان في العصر الحديث استعربوا، وبالنتيجة أغلب الكلدان في المدن الكبيرة يتبنون العربية على حساب لغتهم المحلية باستثناء بعض الصلوات والترتيل الشعبية التي تُقام بالسريانية أو السورث، لكن الآشوريين يلتزمون استعمال اللغة السريانية والسورث، وأدرك الكلدان أكثر من الآشوريين أن على قادتهم الدينيين التخلي عن سلطاتهم التقليدية كرؤساء مدنيين، لذلك حاولوا الاندماج أكثر مع الحكومة العراقية بالتشديد على هويتهم العربية، والكلدان خلافاً للآشوريين ما كانوا يخشون من إعلان قوميتهم العربية. (هرمان تول، الكلدان-الآشوريون، مسيحيّو العراق وإيران وتركيا، ص13، 39، 65، 152، 155، 157. وكلمة سورث مختصر ل (سريو إيث، سور بائيث)، أي سريانياً أو بحسب السريانية، وتعني اللهجة السريانية المحكية، مثل ما نقول يتكلم عْرُبي، أي بدوي).

7: بطريرك الكلدان ساكو في 22/7/ 2015م، وبعنوان “العقبات أمام وحدة كنيسة المشرق”، يُعيِّر كنيسة الآشوريين التي ترفض رهبنة النساء، ويقول: وجود راهبات في كنيستنا ليس عقبة، بل غنىً، فالراهبات كهند الكبرى والصغرى وشيرين موجودات في كنيستنا قبل مجيء العرب المسلمين. (وتعليقنا 1: تعبير قبل مجيء العرب المسلمين غير صحيح، فالعرب المسيحيون موجودون قبل الإسلام، 2: نسأل: هل كانت هند كلدانية أو آشورية، أم عربية؟).

وشكراً/ موفق نيسكو

 

 

 

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج4

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج4

يتبع ج،3 ونُذكِّر بأهمية الهوامش.

 

لقد افترض النساطرة أنفسهم أنهم أحفاد الآشوريين القدماء ووجدوا لهم مدافعاً كبيرا هو الدكتور وليم ويكرام في البعثة الأنكليكانية الذي كتب لهم بعد الحرب العالمية الأولى، كتاب الآشوريون وجيرانهم، وكتاب حليفنا الصغير، ومن خلاله شاع اسم الآشورية حيث اطلع العالم على المأساة التي حلَّت بأحفاد شلمنصر [68]، وخلال مرحلة ما بين الحربين العالميتين سمع العالم كثيراً عن هؤلاء الآشوريين الجدد من خلال الصحف والمنتديات وعصبة الأمم، وبدأ النساطرة تدريجيا يطلقون على أنفسهم بلغتهم السورث (أي السريانية) اسم (Aturaye الآشوريين)، وقبل ذلك كان النساطرة يدعون أنفسهم دائماً (سريان Suraye) وكان أمراً طبيعياً بالنسبة لهم التحدث عن أنفسهم كسريان، ولا يزال السريان الأرثوذكس إلى الآن يُسَمُّون أنفسهم بهذا الاسم (Suroyo السريان)، ولأن النساطرة كانوا يُسَمُّون أنفسهم (Syrians، Suraye، سريان) فقد بذلوا جهوداً مضنية لإثبات أن كلمة (Suraye السريان) هي شكل من أشكال كلمة (Ashuraye الآشورية)، وأن المصطلحين مترادفان وكأنهم كانوا قد خسروا الحرف الأول A  الذي كان موجوداً في أصل الكلمة ولكنه لم يكن يُنطق، فتم إضافة حرف A لتصبح (ASuraya آسورَيَا) لتعني (Ashuraya الآشوريين) كما هي بالعبرية والأكدية، وكذلك لتعني (Aturaya أثوريين) كما هو اسمهم في الآرامية (السريانية)، والتي يستخدمها الشعب عادةً.

 

إن الحكومة العراقية في مسعاها لحرمان تلك الأقلية من ربطهم بنسب الآشوريين القدماء، تستخدم لهم اسم (Athuri أثوري)، لكن هذه الأقلية تفضل استخدام اسم (Ashuriyin آشوريين)، وهي الصيغة التي لم يستخدموها هم أنفسهم من قبل، ويقول ولفهوت هنري: إن الآشوريين رتَّبوا هذه الفرضية والعبقرية البارعة جداً لتسهيل المطالبة بحقوق قومية (على اعتبار أنهم أحفاد الآشوريين القدماء)، ويُشار إلى أنه بالرغم من أنه باللغة الأرمنية هناك تماثل وتقارب بين اسم السريان (سوريا) والآشوريين ووجود حرف A للاثنين، فقد فرَّقت اللغة الأرمنية دائماً وبوضوح بين صيغة: (Asoric-Asori المستعملة لسوريا والسريان)، وبين (Asorestan-Asorestantc’i، التي تعني آشور وآشوريين) [69]، وعلاوة على ذلك حتى إذا كان اسم السريان مُشتقًا من آشور، فهذا لا يعني أن شعب وثقافة السريان (سوريا الجغرافية) مطابقاً لسكان جغرافية بلاد آشور [70]، فقبل تلك الفرضية الخاسرة كتب المطران توما أودو في قاموس، كنز اللغة السريانية، عن فرضية فقدان حرف A من الكلمة اليونانية معتبراً أن اليونان غيروا كلمة (Atur أثور في الآرامية) إلى آسور لتصبح تدريجياً (سور) وفي نهاية المطاف (سوريا، سوريَيَا-سورَايَا)، وإذا كان هذا الافتراض معقولا، فينبغي أن نتذكر أنه حتى في السريانية الكلاسيكية، يتم التمييز دائماً بين مفردتي (Suryaya السريان) وكلمة (Aturaya الأثوريين)، وفي اللغة اليونانية اسم آشور هو ترجمة من العبرية والأكدية التي وردت في العهد القديم لتعني اسم آشور الجغرافي حصراً، دون الأراضي التي غزاها الآشوريون، والاسم الجغرافي التوراتي لسوريا هو آرام، بينما Athur هو الاسم الجغرافي لآشور بالآرامية [71].

كثيراً استشهد هيرودوتس خطأً بأسماء القوم، فساوى بين آشور وسوريا، مشيراً أن الشعب الذي يدعوه اليونانيون السريان يُسَمِّيه الآخرون (الغرباء) الآشوريين، لكن مع ذلك فهيرودوتس نفسه يُفرِّق دائماً بين المصطلحين، وتشير أبحاث راندولف هيلم أن هيرودوتس وبأمانة ميَّزَ باستمرار بين سوريا وآشور واستخدم المفردتين بشكل مستقل عن بعضهما، حيث كتب أن السوريين هم سكان بلاد الشام الساحلية، بما في ذلك شمال سوريا، فينيقيا، وبلاد الفلسطينيين، ولم يستخدم أبداً اسم سوريا على بلاد ما بين النهرين، وسَمَّى بلاد ما بين النهرين دائماً آشور وسكانها آشوريين [72].

لقد جادل البعض أن علماء الآشوريين القدماء والنساطرة الحاليين يشبهان بعضهما البعض، فقبل أن يدَّعي ويكرام بفرضيته القائلة أن النساطرة هم آشوريون بالدم [73]، فقد لاحظ فليتشر أن أولئك الذين درسوا بعناية منحوتات الآشوريين القدماء وقارنوها مع سكان العصر الحديث في سهل نينوى، بالكاد يفشلون في تتبع الملامح القوية للتقارب بين الملوك الملثمين، والكهنة في الأيام الأولى والفلاحين المسيحيين في سهل الموصل [74]، وقبل فليتشر، لم يجد أشيل غرانت صعوبة في القول أن النساطرة هم أحفاد القبائل العشرة الإسرائيلية المفقودة، فقد أشار إلى أن خصوصية المسيحيين النساطرة تشبه إلى حد كبير خصوصية يهود البلد الذي يسكنون فيه [75]، إضافةً إلى كون ميزات وعادات وممارسات الآشوريين القدماء غريبة عن نساطرة اليوم الذين يشاركهم في التقارب عدد كبير من الشرقيين، فويكرام وغرانت حاولا أن يثبتا أن الكثير من الناس في المنطقة يشبهون اليهود والنساطرة في الملامح، لكن ليس كل النساطرة يشتركون في السمات المادية نفسها، كما لاحظ كل من فليتشر وويكرام.

دليل آخر على من يجادل أن المسيحيين الناطقين باللغة الآرامية هم من نسل الآشوريين القدماء وأن لغة الشعبين هي نفسها، كما كتب لايارد أن النساطرة يتحدثون بلغة أسلافهم الآشوريين [76]، وهو رأي أعرب عنه مساعد لايارد نفسه الناطق باللغة الآرامية، هرمزد رسام قائلاً: أن الآشوريين القدماء تحدثوا اللغة الآرامية دائماً وأنهم لا يزالون يفعلون ذلك، وقد رأينا للتو أن الآشوريين القدماء لم يتحدثوا دائماً اللغة الآرامية، بل كانت لغتهم الأم هي الأكدية، وهي لغة اللوحات المسمارية الشهيرة والآثار التي ساعد رسام نفسه في التنقيب فيها[77].

—————-

 

الهوامش

[68] ماكلين وبراون، ص6، وكوكلي، ص147 مقتبساً من ماكلين قوله: حقاً وبقدر ما أعرف ليس هناك أي دليل على أن السريان لديهم أية علاقة مع الآشوريين القدماء، لكن واحداً من عدد قليل من الأنكليكان استخدم مصطلح الآشورية، وهو رئيس أساقفة كانتربري بنسون، ولكن هذه كانت بدعة من نيافة، وليس لأحد آخر غيره. انظر أيضاً فييه 1965م، ص149-151. 

[69] Heinrichs في ص106-7، وببساطة يُسَمَّي هذه الفرضية “الساذجة”، حيث يُشار في اللغة الأرمنية بكلمة (Asori) لشعب سوريا الجغرافية والآراميين أينما وجدوا، والكاتب يُعبِّر عن امتنانه للدكتور Avedis k. Sanjian أستاذ الدراسات الأرمنية في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس الذي أكَّد قراءته لهذه المصطلحات في رسالته المؤرخة 10 أكتوبر 1994م. انظر أيضاً Norayr de Byzance (Dictionnaire francaisarmenien، قاموس فرنسي أرمني)، القسطنطينية 1884م، تحت عنوان (Assyrie، Syrien، Syriaque، الآشوريون، السريان، السريانية)، وأيضاً W. Mulkhasyantch S. (Armenian Etymological Dictionary، قاموس الاشتقاقات الارمنية، يريفان، 1944م، ج1 ص236)، وانظر K. Surmelian Avadikian .G ،Avkerian (Dictionary of Armenian Language، قاموس اللغة الأرمنية، فينيسيا 1836م، ج1 ص314). وانظر M. Falla Castlefranchi “كلمة أرمينيا” Encyclopedia of the Early Church، موسوعة الكنيسة المبكرة ج5، 1 ص79). وانظر Frederick C. Conybeare (Armenian Language and Literature، اللغة الأرمنية وآدابها في الطبعة 11 لدائرة المعارف البريطانية)، وفي أواخر القرن السادس عشر أشار شرف خان البدليسي إلى النساطرة قائلاً، هناك كفار مسيحيون اسمهم Ashuri، آشوري، وافتراض أنهم أرمن، انظر الشرفنامة، باللغة الفارسية، القاهرة، ص130-132.

 (نيسكو: مع أن كلمة آشوري تأتي بمعنى همجي، طاغي (قريبة من كافر) في الأدب السرياني، لكن البدليسي فعلاً اختلط عليه الأمر ولم يقصد السريان النساطرة، بل قبيلة أرمنية، فقال ص292 طبعة 1860م: (أسوري من قوم سيديافان)، وسيديافان սետավեան، هي عشيرة أرمنية، ومعلوم أن أغلب الأسماء الأرمنية تنتهي (يان) اغاجان، بوغصيان..إلخ، ومقاطعة سيديافان أرمنية تقع قرب أرض روم شمال حكاري هي اليوم مقاطعة تركية لها عدة أسماء:  Belendzhik،Sadivn ،Sadvan ،Şadivan ،Şadvan، وكلمة آسوري սարը، أرمنية معناها الجبل، الجبلي، وتُنطقSary ، وهي مشتقة من كلمة الأرمنية جبل սար، وتُنطق Sar، فكلمة آسوري معناها عشيرة سيديافان الجبيلية الأرمنية، وكلمة آشور نفسها ليست سامية، بل ربما أرمنية معناها الجبل، ولا توجد صيغة آشور في اللغة العربية ولا السريانية، مطلقاً، بل أثور فقط، لذلك فإن لحكومة العراقية تستعمل الصيغة العربية فقط).   

[70] Heinrichs، ص102-103، 104.، n 9. ومعروف أن علماء الساميات يرون أن السريان والآشوريين هم من أصول مختلفة تماماً، على الرغم أنه لا يزال لمؤرخي المستقبل إثبات صحة ذلك. انظر Rosenthal’s، روزنتال، (Diearamäistische Forschung، البحوث الآرامية)، نولدكه، منشورات ليدن، 1939م، ص3، n1.

[71] هذا الخلط بين المصطلحات تم التطرق له في مقال بعنوان (آشور وسوريا، المترادفات) من ريتشارد فراي في مجلة الدراسات الشرقية المقاربة، ج51. ن. 4، أكتوبر 1992م، ص281-285، وطُبع المقال في مجلة الدراسات الأكاديمية الآشورية، أعقبها رد من كاتب هذه السطور (جون جوزيف) بعنوان (آشور وسوريا، المترادفات)، انظر Jaas، ج11ن. 2، 1997م، ص30-34. للمزيد عن موقف توما أودو من الموضوع، انظر Heinrichs، ص103. (نيسكو: سنترجم رده على فراي أيضاً). ملاحظة مهمة: المطران أودو في قاموسه لم يقل مطلقاً إن اسم سوريا والسريان مُشتق من آشور، بل أكَّد أن السريان هم الآراميون ص10، وهنا أضاف شخص مجهول باسم (المدقق ܡܬܪܨܢܐ) نصاً مزوَّراً في الهامش، أن اسم سوريا من آشور، ثم أدرج الفكرة المطران منا في قاموسه سنة 1900م، وأثبتنا ذلك في فصل: (كيف أخطأ المطران أوجين منا فأدرجَ في قاموسه كلمة آسورَيَا (ܐܣܘܪܝܐ السريانية المُخترعة سنة 1897م)، وقد أعاد المطران عيسى جيجك طبع القاموس سنة 1986م بدون النص المزور.

[72] انظر تاريخ هيرودوتس كتاب 7 ص63. و(The Geographical Connotations of the Toponym ‘Assyria’ in the Achaemenid Period، الدلالات الجغرافية لاسم آشور في الفترة الأخمينية(، ورقة قُدمت في الاجتماع 190 للجمعية الأمريكية الشرقية في سان فرانسيسكو، أبريل 1980م. انظر له أيضاً (Greeks’ in the Neo-Assyrian Levant and ‘Assyria’ in Early Greek Writers، الإغريق في الآشورية الحديثة الشرقية (الشام) وآشور في الكتابات اليونانية المبكرة)، أطروحة دكتوراه، جامعة بنسلفانيا، 1980م، ص27-41، انظر أيضاً تاريخ هيرودوتس كتاب1 ص105، و2 ص106، لأرنولد توينبي، الذي أوضح أيضاً أن (Syrioi، السريان) هم الناس الذين شملهم هيرودوتس في كتابه الخامس الذين دفعوا الجزية من ساكني فينيقيا والمقاطعة المُسَمَّىاة فلسطين وسوريا جنباً إلى جنب مع قبرص، ويؤكد توينبي أن السريان ليسوا من شعب آشور الذي يضم بابل وهي المنطقة التاسعة من قائمته، دراسة التاريخ 1954م، مج7، ص654، ن.1. انظر أيضاً جورج راولنصون، تاريخ هيرودوتس، نشر مانويل كونروف، نيويورك، 1956م، 2، ص115. راجع أيضاً اوديشو، (The Sound System of Modern Assyrian، النظام الصوتي في الآشورية الحديثة، مرجع سابق في ص8-9.d.

[73] ويكرام، (The Assyrians and their Neighbors، الآشوريون وجيرانهم)، لندن 1929م، ص167.

[74] Fletcher، فليتشر، مصدر سابق، ص188.

[75] غرانت، نسطور، ص223. في مراجعته لكتاب غرانت، قدَّم الباحث إدوارد روبنسون حجة قوية ضد فرضية غرانت في مستودع الكتاب المقدس الأمريكي، 6 ،1841م، 454-482. 7 ، 1842م، 26-68. انظر أيضاً آنسورث ج2 ص256-271. راجع أيضاً الموسوعة اليهودية تحت عنوان، إسرائيل جوزيف بنيامين (المعروف باسم بنيامين الثاني) حيث وبصرف النظر عن غرانت وبعده ببضع سنوات فقط، كتب بنيامين الثاني عن تقليد شعبي قديم كان بين عوائل النساطرة من أصل يهودي. A.J. وقد لاحظت ماكلين أن العديد من اليهود في شرق تركيا وبلاد فارس لديهم لغة قريبة تماماً من اللهجة الآرامية التي يتحدث بها النساطرة. وفي معرض حديثه عن سكان منطقة جيلو في هكاري، كتب أن الناس هناك مختلفون جداً في المظهر والشخصية عن معظم السريان الآخرين، كونهم يهوداً أكثر، انظر قواعده، مرجع السابق، ص13. وفي كتابه البارز (The Jews in Babylonia، اليهود في بابل)، كتب يعقوب نوسنر أنه أُعجب كثيرا بحجج غرانت أن أصل النساطرة في أربيل هم من شمال إسرائيل، انظر ج5، 3، ص15-31، 339n. ومن أجل دراسة لليهود في أيام غرانت في كوردستان، انظر W.J. Fischel، فيشيل (The Jews of Kurdistan, a Hundred Years Ago, a traveller’s record، يهود كوردستان منذ مئة عام)، سجل الرحلات، الدراسات الاجتماعية اليهودية 1944م، ص195-226. وللحصول على تفاصيل حول الأصل اليهودي للمسيحيين السريان عموماً، انظر أدناه، ص 36-38.

[76] نينوى، ج1، 203.

[77] رسام (Biblical Nationalities، قوميات الكتاب المقدس أو القوميات التوراتية)، ص178، 371، وللحصول على تفاصيل حول آرامية الآشوريين، انظر، ص11-12، 27-29.

وشكراً/ موفق نيسكو

 يتبعه ج5

 

موفق نيسكو، ج1، اسمهم سريان، لا آشوريين ولا كلدان

موفق نيسكو، ج1، اسمهم سريان، لا آشوريين ولا كلدان

أو (كيف سَمَّى الغرب بعض السريان، آشوريين وكلدان)

 

https://youtu.be/pXqwVEuAXP4

 

أتقدم بالشكر الجزيل للعاملين في هذه القناة المصغرة

وشكراً

موفق نيسكو

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج2

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج2

يتبع ج1 (ونُذَّكِر بأهمية الهوامش)

السريان (Suraye / سورايي، السرياني / Suryani)، الآراميون  (Armeans)

طوال القرن التاسع عشر كان النساطرة يُشار إليهم باسم السريان من الرحَّالة الأوربيين والكتاب، والواقع أن (السريان، Suraye، سورايي، سورَيَا، سورَايَا) هو اسم النساطرة واليعاقبة معاً، وكانوا يطلقونه على أنفسهم حتى بعد الحرب العالمية الأولى، بعد ذلك تم استبدال اسم (Suraye، السريان) تدريجياً من قِبل النساطرة إلى (Aturaye، آشوريين أو أثوريين)، لكن اليعاقبة بقيوا مواصلين تسمية أنفسهم سورايي (السريان) [35]، وقد تم اشتقاق تسميات سوريا والسريان من اليونانية قبل المسيحية لفترة طويلة [36]، وعندما أصبح اليونان أكثر إلماماً بالشرق الأدنى، خصوصا بعد الإسكندر الأكبر الذي أسقط إمبراطورية الأخمينيين في القرن الرابع قبل الميلاد، أصبح اسم سوريا محصوراً بأراضي غرب الفرات فقط، وخلال القرن الثالث قبل الميلاد عندما ترجم الكتاب المقدس العبرية من علماء اليهود في الترجمة السبعينية اليونانية لاستخدامها من قِبل يهود مدينة الإسكندرية المتأثرين باليونانية، تمت ترجمة مصطلحات آرام والآراميين من اللغة العبرية إلى سوريا وسريان، بما فيها اسم اللغة (الآرامية إلى سريانية) [37]، وفي فلسطين نفسها ووفقا لتيودور نولدكه فإن اليهود والمسيحيين هناك وإلى وقت لاحق يُشار إلى لهجتهم الآرامية السريانية، وفي بابل سَمَّى كل من اليونان والفرس الآراميين بالسريان [38]، وفي القرن الثاني قبل الميلاد قال المؤرخ اليوناني بوسيدونيوس (51–135 ق.م.) من مواليد سوريا أن الشعب الذي يُسَمِّيه اليونان، سرياناً، كانوا يُسَمُّون أنفسهم آراميين، أي شعب سوريا (السريان) هم الآراميون [39].

منذ بداياتهم المتواضعة كرجال قبائل متجولون، وبحلول نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد ظهر الآراميون كعامل مهم في الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية في جنوب غرب آسيا خلال هذه الفترة المبكرة، ويشير واين تي. بيتارد إلى أن الآراميين باعتبارهم واحدة من أهم المجموعات العرقية في الشرق الأدنى، فقد أصبحت القبائل الآرامية قوة عظمى في المناطق الواسعة على جانبي الصحراء السورية نجحت في النهاية في الاستقرار وإقامة السلالات الحاكمة هناك، وكانت أهم مملكة آرامية هي آرام التي تمركزت في دمشق التي وصفت أنها أقوى القوى وأكثرها تأثيراً في الهلال الخصيب الغربي، وواحدة من أهم الولايات في كل بلاد الشام [40]، فقد تمتعت المملكة بموقع مركزي في الحياة السياسية للشرق الأدنى وهيمنة على طرق التجارة الدولية الرئيسة في المنطقة، وقد استُخدم مصطلح الآرامية في دمشق كلغة إدارية للدبلوماسية والتجارة خارج حدودها، فنجد أن أهم المناطق التي اخترقها الآراميون كانت في سوريا الجغرافية، وفي نفس الوقت نجدهم أيضاً في مناطق بعيدة تمتد من طور عابدين إلى نصيبين التي كانت خلال القرون المسيحية الأولى أرضاً لبعض المسيحيين السوريين (السريان) المُشار إليهم في هذا الفصل [41]، فبحلول نهاية القرن العاشر وبداية القرن التاسع قبل الميلاد، فإن الآثار الآشورية تعلمنا للمرة الأولى بالوحدات السياسية الآرامية في شمال بلاد ما بين النهرين، بينما في الأجزاء الجنوبية من ذلك البلد ظلت الكونفدراليات الآرامية تُشكِّل خطراً مزمناً على الآشوريين حتى سقوطهم، وقد سجل الملك الآشوري تغلاث فلصر الأول (1115-1076 ق.م.) أنه شنَّ 28 حملة ضد الآراميين، واستمر الأمر في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، فبعد 350 سنة كان الملك الآشوري حامل نفس الاسم تغلاث فلصر الثالث (744-727 ق.م.) الذي يرد ذكره في العهد القديم لا زال يُحارب الآراميين، وأخيراً عندما هُزم الآراميون على يد الملك الآشوري سرجون الثاني الذي وضع نهاية للممالك الآرامية في الغرب سنة720 ق.م.، وأُدرجت أراضيهم ضمن نظام المقاطعات الآشورية الجديدة لمدة قرن وعقد من الزمن قبل الإطاحة بدولة الآشورية نفسها.

مع ذلك فتوسع الحكم الآشوري على الأراضي الواقعة وراء الفرات أصبح عبئاً كبيراً على الآشوريين وأثبت أنه عمل انتحاري، فقد أخضعوا كل المجتمعات الآرامية والفينيقية والكنعانية والعبرانية في ما يُسَمِّيه أرنولد توينبي “أرض الحضارة السريانية”، لكن هذا سَرَّع في الغزو الثقافي الآرامي على قدم المساواة لتمدد الغزوات العسكرية (الآشورية) [42] حتى قبل توسع الآشوريون غرباً إلى ما وراء نهر الفرات، فوجدت الإمبراطورية الآشورية أنه من الضروري استخدام اللهجة الآرامية من سوريا الجغرافية كلغة رسمية لها، وهي خطوة أملتها مساحة واسعة من امتداد الآرامية وسهولة أبجديتها وكتابتها إضافةً لوجود عدد كبير من السكان الآراميين تحت حكمهم بعيدًا عن القاعدة السكانية الآشورية، فلم يعد باستطاعة عدد السكان الأصغر من الآشوريين مقاومة التأرُّم (الآراميين)، وهي عملية غيَّرت وجه الإمبراطورية بشكل تدريجي أدى إلى استيعاب (امتصاص) الآشوريين [43]، فقبل فترة طويلة من الزمن كانت الآرامية قد أقصت (هزمت) اللغة الأكدية حتى بوصفها لغة الخطاب اليومي داخل بلاد آشور نفسها، ووفقا لعالم الآشوريات هنري ساغز Henry William Frederick Saggs (1920-2005م)، فقد أصبحت مدن آشور مختلطة عالمياً ومتعددة اللغات لدرجة أن المنحدرين من أصول آشورية الفعليين ربما كانوا أقلية بين باقي الأقوام داخل تلك المدن [44]، وأصبحت هيمنة اللغة الآرامية على الأكدية في الخطاب والكتابة واسعة النطاق في القرن الثامن قبل الميلاد، وأن الأبجدية (الكتابة) الآرامية، وليس اللغة الآرامية أصبحت تُسَمَّى باللغة المصرية (الديموطيقية)، واليونانية والعبرية باعتبارها كتابة آشورية [45]، وتزامنت هذه التغييرات الهامة وغير المحسوسة التي أدت إلى تأرُّم الآشوريين والتراجع المطرد لإمبراطوريتهم خاصة بعد وفاة الملك آشور بانيبال، فلم يتمكن خلفاؤه الضعفاء من التعامل مع مشكلة بابل المزمنة حيث ساعدت قوة الكلدان المتصاعدة وحلفائهم الآراميين على بناء الإمبراطورية البابلية الجديدة [46] مع زوال السلطة السياسية والعسكرية الآشورية، بقيت الأثنية (العرقية) الآرامية واللغة والنصوص مستمرة في التوسع مما سهل عملية استيعاب واختراق (الآشوريين) بشكل سلمي وأكبر، ففي الهيكل البابلي الاجتماعي تم الوصول إلى درجة عالية من الآرامية في ضل السيادة الأخمينية (539-332 ق.م.)، عندما بدأ تأثير اللغة والنصوص الآرامية تتجاوز حدودها السابقة، أصبحت الآرامية تتمتع بوضع رسمي في جميع المناطق الأخمينية، بما في ذلك مصر والأناضول [47] الخاضعين للإيرانيين الفرس [48].

كما تم استخدام الآرامية لجميع جوانب الاتصالات الكتابية والسجلات التي ظهرت بحلول القرن السادس قبل الميلاد بوصفها لغة مشتركة في غرب آسيا، وبداية القرن الخامس كلهجة مشتركة لجميع شعوب المنطقة، وفي مقاله “الآرامية في الإمبراطورية الأخمينية”، يتحدث Jonas C. Greenfield غرينفيلد عن مجموعات عرقية من خلفيات ثقافية متنوعة في جميع أنحاء المساحة الشاسعة من العالم الفارسي الذين استخدموا اللغة والكتابة الآرامية [49]، وعلى عكس الآشوريين فإن الفرس لم ينسوا لغتهم الأم وحافظوا على هويتهم الوطنية اللغوية إلى حد كبير لأن رعاياهم الناطقين باللغة الآرامية لم يسودوا (ينتشروا) داخل بلاد فارس مثلما فعل الآراميون في بلاد آشور التي عُرفت فيما بعد بيت آراماي- موطن الآراميين، (مع ظهور الإسلام بعد قرون من الأخمينية كان الفرس الساسانيون قادرين أيضاً على مقاومة التعريب واستعاروا من المفردات العربية واعتمدوا النص العربي، لكنهم كانوا قادرين على إضفاء الطابع الفارسي على ما اقترضوه، ولكن في حالة الآشوريين القدماء والعرقيات الأخرى، كان التأرُّم كلياً تماماً، مثلما كان استيعاب الشعوب المختلفة الأخرى بعد قرون من خلال التعريب)، ويقول أستاذ الجامعة العبرية بنيامين مزار المشار إليه أعلاه: إن ظاهرة مؤثرة في تاريخ الآراميين هي أن تقاليدهم في الوحدة والتميِّز بقيت غير منسية حتى في فترة التراجع.

كان أحد ضحايا تدمير الإسكندر الأكبر للإمبراطورية الأخمينية هو الكيان الآرامي، وكتب أرنولد توينبي عن اللغة اليونانية والآرامية: “اللغة الآرامية هي إمبراطورية عالمية، وتم استبدالها عمداً من القرن الثالث قبل الميلاد، فأصبحت اليونانية لغة التعلم والدبلوماسية والتجارة، وتوسعت بشكل خاص على طول ساحل البحر المتوسط ​​في المدن الفينيقية والفلسطينية وخارجها، لكن اللغة الآرامية نَجَتْ في الريف وانفصلت اللغة القديمة إلى لهجات محلية، واستمر بعض من الكلمات المحلية في لعب أدوار رئيسة في تطوير أبجديات مختلفة ومنفصلة مثل لهجة الرها (السريانية)، المندائية، تدمر، الحضر، النبطية، اليهودية والسامرية..إلخ [50].

يكمن مستقبل الآرامية في لهجاتها الشرقية لبلاد ما بين النهرين وبابل، كما تأثر لغات أخرى في المنطقة باللهجات المحلية الآرامية، فكانت آثار لهجات الآرامية الشرقية الرئيسة في بلاد ما بين النهرين وبابل في التلمود البابلي اليهودي وكتابات ديانة المندائيين (الصابئة) والأدب المسيحي السرياني/ الآرامي في الرها [51]، فاللهجات الآرامية لبلاد ما بين النهرين وبابل نَجتْ من تداخل اللغة العامة اليونانية، بل أحيت بعد ذلك الحقبة المسيحية، ولم تستخدم كلغة أدبية خلال العصر الآشوري والأخميني، ووفقاً لكوفمان Stephen A Kaufman، فالنواة التاريخية للآرامية الرسمية التي اعتمدها الآشوريون والفرس كانت تقع جغرافياً وطبولوجيا بين جوزان- تل حلف وحلب، وقد كانت اللغة السريانية (Suryoyo/ Suryaya)، واللهجة الشرقية الرئيسة التي نشعر بالقلق معها، واللهجة الآرامية من الرها، Urhay/ Urhoy (اليوم Urfa أورفا في تركيا) أصبحت تدريجياً بشكل غير رسمي تتقدم لتصبح لغة جميع الطوائف المسيحية المختلفة حتى قبل الفترة المسيحية، فأصبحت لهجة أديسا أو الرها هي اللغة الأدبية في الرها وحولها، وحققت شهرة خاصة هناك في القرن الثاني بعد الميلاد عندما أصبحت اللغة الأدبية لما أسماه تيودور نولدكه، “الآراميين المسيحيين”، وازدادت أهميتها مع توسع المسيحية في بلاد ما بين النهرين منذ بداية القرن الثالث، وهي اللغة التي تُرجم بها الكتاب المقدس، وأصبحت اللغة الموقرة للمسيحيين الناطقين باللغة الآرامية في بلاد ما بين النهرين وفارس اللذان كان كلاهما تحت حكم الفرس، وبوصفها لغة الكنيسة والطقوس، أصبحت اللغة السريانية لغة الأدب والمراسلات بنفس الطريقة التي أصبحت لهجة مكة العربية الكلاسيكية هي لغة القرآن الأدب العربي والتواصل الكتابي من القرن السابع، واستمر السكان الناطقين بالآرامية استخدام لهجاتهم المحلية المتنوعة في التحدث اليومي إلى جانب السريانية الكلاسيكية [52]، ووفقا لستيفان كوفمان، لا يجد المرء أي آثار للآرامية الآشورية في هذه اللهجات المحلية الأصغر التي ربما كانت موجودة في وقت واحد، لقد تم القضاء عليها عن طريق تغيير مجموعات السكان ربما من الموت المبكر للإمبراطورية الآشورية القديمة [53]، وفي ظل الإسلام تهجَّرَت (تشردت) اللهجات المحلية الآرامية تدريجياً حتى أصبحت منطوقة، مما مهد الطريق أمام أسلمت وتعريب الغالبية العظمى من السكان الناطقين بالآرامية، وأعضاء الكنائس المسيحية المختلفة التي تمت مناقشتها في هذا الفصل غالبيتهم يتحدثون حتى يومنا هذا بلهجة آرامية [54].

—————————————————————-

الهوامش

[35] تم نشر منشور بطريركي على المؤمنين عام 1981م من قبل البطريرك إغناطيوس زكا عيواص، بقضية الاسم الحقيقي للكنيسة، وأكد المنشور أن اسم الكنيسة هو (Antioquia d Ortodoxoyto Suryoyto ‘Idto، البيعة، الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الأنطاكية)، وكما هو معروف في اللغة السريانية لغتها (leshono Suryoyo، اللسان السرياني، اللغة السريانية)، واسم شعبهم (عامو سوريويو Suryoyo، أي السريان)، وأي اسم آخر يعتبر غريب وهدفه تشويه وتزوير وتزييف الحقيقة التاريخية، وعن المنشور باللغة العربية، انظر المجلة البطريركية1981م، ص386-389، وأنا ممتن للدكتور جورج أطون كيراز لتزويدي بنسخة، وترجمتها، علماً أن تحديث آخر للمنشور كان في 14 ديسمبر 1997م.

 (نيسكو: نشرنا منشور البطريرك زكا المذكور، واللاحق له، أمَّا بشأن منشور 1997م، يبدو أن هناك التباساً لدى السيد جون جوزيف، والحقيقة إن هذا المنشور أصدره في دمشق البطريرك يعقوب الثالث، وموجَّه لأبرشية الجزيرة في 12 ديسمبر 1979م، وليس 1997م، وعممه مطران الجزيرة أسطثاوس قرياقوس، وقُرءَ على المؤمنين في أبرشيته يوم الأحد 14 ديسمبر 1979م، وقد أدرجت هذا المنشور أيضاَ، لمراجعة المناشير، انظر كتابنا، فصل: السريان المتأشورون).

[36] من المهم أن نذكر أن الفترة اليونانية الرومانية من تاريخ الشرق الأوسط استمرت ما يقرب من ألف سنة المعروفة باسم العصر الهلسيني إلى نهايته قبل الفتح العربي في القرن السابع الميلادي. 

[37] النسخة المعتمدة للكتاب المقدس تستخدم نفس المصطلحات السبعينية، وفي عام 1970م صدرت النسخة الإنجليزية الحديثة للكتاب المقدس ونشرته جامعة أكسفورد كامبردج، وتُرجم من قبل علماء الكتاب المقدس من مختلف الجامعات البريطانية، وعادوا فيه إلى النص العبري الأصلي، وذلك باستخدام أسماء آرام والآراميين على سوريا والسريان.

[38] انظر نولدكه، اللغات السامية، في الموسوعة البريطانية، طبعة 11 ص625، ويُلاحظ أن نولدكه يتحدث أنه لا يجوز توظيف كلمة اللغة السريانية على أنها تعني لغة الرها وحدها على الرغم من أنه يُقرُّ بذلك. (نيسكو: أي أن نولدكه يُطلق اسم اللغة السريانية على جميع اللهجات الآرامية، رغم أنه يعتبر أن السريانية هي آرامية الرها، وبذلك فهو يُشبِّه لهجة قريش التي كُتبَ بها القرآن وأصبحت هي العربية الفصحى المعتمدة والرسمية على الرغم من أنه كان هناك لهجات عربية أخرى).

[39] انظر J.G. Kidd, Posidonius، بوسيدونيوس، (Cambridge Classical Texts and Commentaries، النصوص الكلاسيكية والتعليقات)، كامبردج 1988م، مج 2، ج 2، ص955-956. وانظر آرثر ماكلين، (Syrian Christians، المسيحيين السريان)، موسوعة الدين والأخلاق. وانظر في نفس المرجع فريدريك ماكلر (Syrians or Arameans، السريان أو الآراميين)، حيث أنه أمراً مفروغاً منه أن المصطلحين (سرياني وآرامي) مترادفاً أصلاً. وانظر أيضاً Sebastian P Brock، سيبستيان بروك (Eusebius and Syriac Christianity، أوسابيوس والسريانية المسيحية)، هارولد دبليو وكوهي هاتا، محررا أوسابيوس والمسيحية واليهودية، ليدن، 1992م، ص226. وانظر تيودور نولدكه “Assyrios، Syrios، Syros”، وعند هرماس1871م، ص461، ودبليو هنريجس، ص103-105. 

[40] Benjamin Mazar، مازار (Aramean empire and its relations with Israel، الإمبراطورية الآرامية وعلاقاتها مع إسرائيل)، عالم آثار الكتاب المقدس 25 ديسمبر 1962م، 101-102، 112-117. لمزيد من المعلومات عن الآراميين انظر Wayne T. Pitard، (Ancient Damascus: A Historical Study of the Syrian City-State، دمشق القديمة، دراسة تاريخية عن الدولة المدينة السورية)، Winona Lake, Indiana 1987م. Abraham Malamat، (The Arameans in Aram Naharaim and the Rise of Their States، الآراميون في آرام نهرين ونهضة دولهم)، القدس 1952م. وانظر  Emil Kraeling، (Aram and Israel or, Arameans in Syria and Mesopotamia، آرام وإسرائيل أو الآراميون في سوريا وبلاد ما بين النهرين)، جامعة كولومبيا، دراسات الشرقية رقم 13.

[41] Glenn M Schwartz، شوارتز (The origins of the Arameans in Syria and northern Mesopotamia، أصول الآراميين في سوريا وشمال بلاد ما بين النهرين)، مشاكل البحث والاستراتيجيات المحتملة في الفرات وما وراءه، الدراسات الأثرية تكريماًMauritis ، N. von Loon, ed. O.M.C. Haex, et al، روتردام 1989م، ص277-279. ولملاحظة توضح الهجرات الآرامية المنتشرة في القرن الحادي عشر قبل الميلاد انظر H.W.F. Saggs، هاري ساغز، (The Might That Was Assyria عظمة أو قوة آشور)، لندن 1984م، ص67. (نيسكو: في الترجمة العربية، ص93-94).

[42] انظر تاريخ توينبي، Toynbee، 1954م، ج8 ص440-441، 1961م، ج12ص393. وانظر فراي Frye Richard، (Heritageof Persia، تراث بلاد فارس)، Mentor Book edition، 1966م، ص80-81، (التوسع السياسي الآشوري) يرافقه (التوسع العرقي الآرامي).  

 [43] انظر حايم تدمر Hayim Tadmor، فصل (The Aramaization of Assyria, Aspects of Western Impact، تأرُّم آشور، جوانب التأثير الغربي في Mesopotamien und Seine Nachbarn Western، بلاد ما بين النهرين وجيرانها)، للمحررين Nissen، Renger، برلين 1987م، ج2 ص459، وانظر أيضاً ساغز ص125. (نيسكو: أولاً: حايم تدمر 1923-2005م، مؤرخ يهودي في الكتاب المقدس والشرق الأدنى القديم، متخصص وأستاذ قسم الآشوريات في جامعة القدس العبرية، وأنشأ مركزا دولياً بعلم الآشوريات، وأثبت بمصادر عديدة أن الدولة الآشورية نهاية عهدها أصبحت آرامية (تأرَّمت).   

[44]انظر أدناه، ص 27-29.

[45] انظرJoseph Naveh  Jonas C. Greenfield,، جوزيف، وكرينفيلد (Hebrew and Aramaic in the Persian Period، العبرية والآرامية في الفترة الفارسية في كامبردج تاريخ اليهودية)، 1984م، ج1 ص126-127. و. Richard C، ويشير بحث Steiner’s شتاينر إلى المصريين في الكتابة  Demoticالمصرية أول من أطلق على الكتابة الآرامية النص آشوري، وجاراهم اليونان في ذلك أخذين الأمر عن المصرين بصورة مباشرةً، وكذلك السامريين العبريين بصورة غير مباشرةً عن المصريين، ويتحدث شتاينر أن المصريين كانوا بعيدين ومعزولين بما يكفي عن بلاد آشور لذلك لم يشعروا بتميز آرام عن بلاد آشور. انظر مقاله (Assyrian in Why the Aramaic script was called Hebrew, Greek, and Demotic، لماذا سُمِّيت النصوص الآرامية، آشورية، في العبرية واليونانية وDemotic المصرية؟)، الشرقيات، روما، المعهد البابوي للكتاب المقدس 62، 1993م، ص80-82.

(نيسكو أولاً: الديموطيقية هي إحدى خطوط المصرية القديمة، ثانياً: صحيح أن الكتابة أو الحرف الآرامي فقط، وبصورة قليلة جداً أُطلق عليه، آشوري، وليس على اللغة الآرامية، لكني أرى أنه ليس صحيحاً أن المصريين أول من أطلق ذلك، بل اليهود المسبيين في بلاد آشور عندما تركوا لغتهم العبرية واستعملوا حرف الخط الآرامي المربع، وكذلك سكان السامرة الذين نقلهم الآشوريين من بلاد آشور إلى السامرة بدل المسبيين، انظر كتابنا، فصل: (اليهود ودانيال النبي واليونان، سَمَّوا دولة بابل الأخيرة، كلدانية)، وفعلاً قبل الترجمة السبعينية من العبرية إلى اليونانية سنة 280 ق.م.، كان هناك خلطاً وجهلاً لدى بعض اليونان مثل، Themistokles (524-459 ق.م.) الذي في رسالته رقم 21، أطلق اسم الحرف الآشوري على اللغة الفارسية القديمة بحرفها المسماري، انظر (Sebastian Broc & David Taylor, Thehidden pearl, The acicnt Aramaic heritage. ، اللؤلؤة المخفية، ج1، تراث الآرامية، 2001م، ص122)، وكذلك هيرودوتس استعمل اسم الحرف الآشوري على اللغة الفارسية أو العيلامية التي كتب بها درايوس الكبير أسماء مقاتليه (تاريخه، ك 4، فقرة 80-81، النص العربي، ص294. من ناحية أخرى ليس كل اليونان اختلط عليهم الأمر، فزينوفون اليوناني (431-354 ق.م.) استعمل الاسم الصحيح (Linguagem syriaca، اللغة السريانية)، وكذلك الأبجدية السريانية، Caracteres Syrios، انظر كتابه (Cyropedia) لاتيني، 1854م، ص352، 365، لكن الترجمة السبعينية حسمت كل الأمور واستعملت التسميات الصحيحة، فاستعملت اللغة السريانية على الآرامية تحديداً وحصراً).

[46] انظر ساغز، عظمة آشور، ص89، 95، 99. وفراي، تراث بلاد فارس، ص80.

[47] توينبي، 1954م، ج8 ص440-442. وانظر (Greenfield،Aramaic in the Achaemenian Empire ، الآراميون في الإمبراطورية الأخمينية)، تاريخ كامبردج، تاريخ إيران، ج2 ص709.

[48] سيُستخدم المصطلحان إيران وإيرانيين مع بلاد فارس والفرس.  

[49] سبق ذكره، وانظر أيضاً Roux مصدر سابق، 1992م، ص276، 411-412. 

[50] توينبي، ج12، 1961م، ص2420243، نقلاً عن دوبون سومر (الآراميون) باريس 1949م، ص98-102. وانظر Joseph A. Fitzmyer، فيتزمير، (A Wandering Aramean، التجوال أو الطواف الآرامي)، Ann Arbor 1979م، ص71، ويُلاحظ أن أشكال الآرامية المختلفة الأقرب إلى الآرامية الرسمية القديمة يبدو أنها موجودة في فلسطين.

[51] انظر Raymond A Bowman، بومان (Arameans, Aramaic and the Bible، الآراميون والآرامية والكتاب المقدس)، مجلة دراسات الشرق الأدنى، 7 أبريل 1948م، ص84-87. وللدراسات المتعلقة بمختلف التقسيمات والأطوار الآرامية، انظر فيتزمير المرجع ذاته، ص57-84، ومقالة (Aramaic Studies the Past Thirty Years، الدراسات الآرامية في الثلاثين سنة الماضية)، مجلة دراسات الشرق الأدنى، 37 ،1978م، ص81-91. والبقايا الوحيدة للهجة الآرامية الغربية التي لا تزال تتحدث على أرض سوريا الجغرافية هي تلك المستخدمة في معلولا وقرى بخعة وجبعة، انظر Murre-van موري فان، مرجع سابق، ص3.

[52] للمزيد عن إحياء السريانية خلال الفترة الهلسينية والإسلامية، انظر أدناه، ص50.

[53] انظرStephen A. Kaufman ، كافومان (The Akkadian Influences on Aramaic، التأثيرات الأكدية على الآرامية) جامعة شيكاغو (Assyriological Studies الدراسات الآشورية)، 19، 1974م، ص160، 164-165، 165n، 105، ومثلها، Maarav، (Reflections on the Assyrian-Aramaic، تأملات في الآشورية-الآرامية ثنائية اللغة) من تل الفخيرية 3/2، 1982م، 152.

[54] لتفاصيل حول الوضع الحالي لهذه اللهجات، راجع Zomaya S. Solomon سولومون، (The State of Spoken Aramaic Today، حالة اللغة الآرامية المتداولة اليوم)، المؤتمر العالمي التاسع للدراسات اليهودية 1968م، ص23-30.  

يتبعه ج3 وشكراً/ موفق نيسكو

استقالة بطريرك الكنيسة الآشورية

استقالة بطريرك الكنيسة الآشورية

لأهمية الخبر ولوجود علاقة لي نوعاً ما بالموضوع آثرت نشر هذا المقال قبل الاستمرار في نشر ترجمتنا وتحقيقنا لكتاب البروفسور جون جوزيف.

أعلن كوركيس صليوا بطريرك ما يُسمّى بالكنيسة الآشورية في العراق عن استقالته لأسباب صحية اعتباراً من 22 نيسان القادم، ودعا إلى مجمع كنسي في أربيل في 22-29 نيسان لاتخاذ الإجراءات المتعلقة بذلك، جاء ذلك في بيان نشره أسقف كاليفورنيا آوا روئيل أمين سر مجمع الكنيسة في 19/ شباط/ 2020م، ونود أن نبين خلفية هذه الكنيسة وتاريخها وبطريركها التي هي كنيسة عشائرية وحزب سياسي أقرب من كنيسة مسيحية، وكيف تستغل السياسة لأغراض دينية، نقول: تكلمنا كثيراً عن الكنيسة الآشورية وشقيقتها الكلدانية أنهما كنيسة سريانية نسطورية مركزها المدائن (سلمان باك) التي كانت عاصمة الفرس واعتنقت المذهب النسطوري وانفصلت عن أنطاكية السريانية سنة 497م تحت ضغط الفرس، وحديثا بعد أن انقسمت سنة 1553م اخترع لهم الغرب حديثاً اسمي الآشوريين والكلدان.

لقب رئيس هذه الكنيسة الحقيقي هو جاثليق وليس بطريرك، ومعنى جاثليق، كاثوليكوس (جاثليقوس) أي مطران عام وهو أقل من بطريرك لأنه كان يخضع لبطريرك أنطاكية (ملاحظة: لقب بطريرك الكلدان الحقيقي أيضاً هو جاثليق وليس بطريرك)، وأذكر جيداً أن الشيخ جلال الحنفي كتب سنة 1989م في إحدى الصحف العراقية عندما انتخب روفائيل بيدوايد بطريركاً للكلدان قائلاً: إن لقب بطريرك الكلدان هو جاثليق وليس بطريرك، ويقول  اشهر مؤرخ في العصر الحديث القس بطرس الكلداني: إن جثالقة المدائن لم يحوزوا قط على شرف أو لقب البطريرك بحق قانوني، لكنهم اختلسوا اسم البطريرك والبطريركية واستبدُّوا به، وكرسي المدائن كان متعلقاً دائماً ببطريرك أنطاكية ولم ينزع عنه الطاعة إلاَّ بعد أن اعتنق النسطرة، وكل الأمة السريانية بطوائفها (بمن فيهم الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد)، كانت خاضعة لبطريرك أنطاكية (ذخيرة الأذهان في تواريخ المغاربة والمشارقة السريان، ج1 ص21، 28، 40، 52-55). ولا داعي لذكر شواهد كثيرة أخرى لأن بيان قرار استقالة البطريرك كوركيس نفسه أيضاً يرد اسمه الجاثليق البطريرك، ويقدِّم اسم الجاثليق الحقيقي الأصيل على لقب البطريرك الدخيل.

سنة 1318 اعتلى الكنيسة النسطورية الجاثليق (البطريرك) طيمثاوس وهو من أصول إسرائيلية من سبط نفتالي وهم يفتخرون بذلك، أعقبه ثلاثة من نفس العائلة، والرابع هو فرج الباصيدي +497م الذي قرر حصر البطريركية في عائلتهُ فقط استناداً إلى النظرة العبرية التي تؤمن بالرئاسة الدينية والدنيوية معاً مثل ملوك إسرائيل كداود وسليمان، وتماشياً مع التقليد اللاوي اليهودي أن يخلف الجاثليق أخاه أو ابن أخيه..إلخ، ونَصَّ القانون الثاني من قوانين الباصيدي بجعل البطريركية وراثية في عائلته استناداً إلى التوراة المحصورة في سبط اللآويين (سفر العدد 8 :11–19)، وأن يكون البكر أولاً (عدد 3: 12–13)، ونذر الأطفال من بطون أمهاتهم ليصحبوا أساقفة (1صموئيل 1: 11)..إلخ، كما أضيف لقب مار شمعون إلى اسم بطاركة عائلة أبونا، فطميثاوس هو شمعون الأول ثم الثاني فالثالث ثم شمعون الباصيدي الرابع، وهكذا إلى سنة 1973م.فشمعون يُسمَّى لقب أبوي، وشمعون هو بطرس الرسول مؤسس كرسي كنيسة أنطاكية السريانية التي كانت كنيسة المدائن تخضع لها.

لقد سَبَبَ نظام الوراثة في مشاكل كثيرة منها رسامة بطاركة أطفال لعدم توفر عدد كبير في عائلة بونا يقبل أن يصبح أسقفاً، وعلى أثر هذه المشاكل وبتشجيع من روما انفصل القسم الأكبر من النساطرة واعتنقوا الكثلكة، وسمتهم روما كلداناً، واستمر القسم النسطوري يترأسه بطريرك من عائلة أبونا إلى سنة 1973م، وآخر بطريرك هو إيشاي داود الذي استقال سنة 1973م واغتيل سنة 1975م لأنه تزوج من خادمته سراً ثم كشف أمره فأعلن ذلك واستقال.

كان إيشاي وهو شمعون 21، قد نزح من هكاري في تركيا إبان الحرب الأولى، ورُسم سنة 1920م وعمره 12 سنة حيث قُتل عمه البطريرك شمعون 19بنيامين سنة 1918 على يد الأغا الكردي سامكو، وتوفي عمه الآخر البطريك شمعون 20 بولص سنة 1920م في مخيم بعقوبة.

أدناه صورة البطريرك ايشاي عند رسامته وهو بعمر 12 و 14 سنة ومع عائلته

https://h.top4top.io/p_1511xgmnx1.png

ذهب ايشاي إلى بريطانيا التي احتضنته، ثم عاد وقام بالتمرد على الحكومة العراقية سنة 1933م بما يُسمى مشكلة سميل، فسحبت منه الحكومة العراقية الجنسية لأنه ليس عراقي أصيل وقدم قبل سنة 1918م، ونفته مع عمته سورما خان التي كانت وصية عليه واثنان آخران، وذهب أول الأمر إلى فلسطين لأنه من أصل إسرائيلي لكن اليهود لم يستقبلوه لانهم لم يكونوا أقوياء حينها من جهة، ولأن اليهود يعتبرون النسساطرة يهوداً مرتدين من جهة أخرى، فسافر واستقر في شيكاغو /أمريكا، وأيشاي هذا هو مار شمعون الذي ذكره عبد السلام عارف في خطابه الأول في 14/ تموز 1958م.

منذ سنة 1964م دخل إيشاي في مشكلة التقويم حيث قرر بعدها الاحتفال بعيد الميلاد حسب التقويم الغربي في 25/ كانون الأول، بدل التقويم الشرقي في 7 كانون الثاني، فانشقت الكنيسة سنة 1968، وعيَّن القسم الذي بقي يحتفل في 7 كانون ثاني المطران درمو بطريركاً ومقره بغداد، وتوفي سنة 1971م فخلفه البطريرك أدي الثاني الذي لا يزال يترأس الكنيسة التي سمَّاها (الجاثليقية القديمة)، وهو يرفض بشدة تسميتها آشورية، والطريف أن قسم 25 سمَّى قسم 7 (كنيسة سفن آب)، وبدورهم سمَّى أتباع كنيسة 7، كنيسة 25 (كنيسة لحم بعجين).

سنة 1970م دعت الحكومة العراقية إيشاي لزيارة العراق وأعادت له الجنسية العراقية ووعدته بتعويض وإعادة ممتلكات كنيسته ومنها التي أخذها القسم الذي انشق سنة 1968، فوعد الحكومة العراقية أنه يحتاج وقت لترتيب الأمور والعودة، وعاد إلى أمريكا مصطحباً معه فتاة بعمر 24 سنة من عائلة فقيرة لتخدمه وهي السيدة (إمامة ابنة الشماس الإنجيلي شمشون شمعون)، ثم أقام البطريرك علاقة جسدية سرية معها أدت لحملها سنة 1973م، وخوفاً من الفضيحة أرسل إلى أحد كهنته ليزوجه، تفاجأ الكاهن ورفض باكياً، لكن البطريرك أصر على زواجه، فعقد لهما الكاهن الزواج، وفي اليوم التالي 18/8/1973م، أعلن استقالته، ثم قام أحد أتباعه وهو داود ملك ياقو ملك إسماعيل بقتله في 6 تشرين الثاني سنة 1975م في مدينة سان هوزي (توفي داود قبل أشهر قليلة) وعندما توفي كان له طفل وكانت زوجته إمامة حامل 6 أشهر بطفل ثان، ويحاول بعض الآشوريون القول الأحواب الآشورية المتشددة في أستراليا اغتالته لأنه لم يساند المسالة الآشورية بقوة ولم يطلق تسمية آشور على الكنيسة..إلخ، لكن المعروف أن اغتياله هو بسب كسر نذره وزواجه.

خلف إيشاي مطران إيران دنحا الرابع وهو أول بطريرك خارج عائلة أبونا بعد خوالي 700 سنة وأبطل لقب شمعون، والبطريرك دنحا من قرية دربندوكي قرب ديانا التي كان قربها قنصلية للإنكليز تلعب دوراً سياسياً، وقد طلب العراق من إنكلترا أكثر من مرة غلقها لأنها تساند الآشوريين وتزودهم بالسلاح وتساعد على خلق مشاكل للعراق، وكان دنحا صديقاً حميماً للإنكليز (لن استعمل تعابير سياسية)، ونُصِّبَ بطريركاً في 17 تشرين أول 1976م في اجتماع صغير من حوالي خمسة أساقفة اثنان منهما مشكوك فيهما وسبَّبا إحراجاً له، وهما كلالولوديو وجوفاني، وهما روس أرثوذكس انضما إلى الكثلكة، ثم عزلتهما كنيسة روما، فانضما إلى كنيسة المشرق في عهد البطريرك أيشاي، وعقد الاجتماع في إنكلترا في دير ألتون أبي في هامبشير قرب لندن وعند تنصيبه أُطلق على كنيسته تسمية الآشورية لأول مرة في التاريخ، وبدل أن يأتي للعراق ذهب إلى شيكاغو مقر سلفه أيشاي، وهذه صورة دير ألتون أبي في هامبشير قرب لندن.

https://i.top4top.io/p_15117hd3j2.jpg

بعدها شعر البطريرك دنحا بالندم بإطلاق التسمية الآشورية على كنيسته، وفي فصل بعنوان (هوية كنيسة المشرق) ص323-324 لكتاب البروفسور كرستوف باومر (كنيسة المشرق)، الذي باركه البطريرك نفسه في 9 كانون أول 2004م، وأجاب البطريرك على سؤال المؤلف: إن مبشري كنيستهُ في ماضيها المجيد هم السريان الشرقيين، ولغة كنيسته هي السريانية، ويعد هذا البطريرك رجل سياسة بامتياز ولا علاقة له بالدين سوى المظهر، ولم يزر العراق في أقسى المحن خاصة عندما هُجر المسيحيين من الموصل وضواحيها، بينما كان يقوم بزيارة نصب للآشوريين في روسيا والقوقاز (يُقال أن أصله من يهود إيران أو القوقاز)، وبتاريخ 21/8/2014م، وجّهتُ أنا له رسالة له، عبر المواقع قائلاً: إن الأسباب التي دعت سلفك إيشاي للعيش في أمريكا قد زالت، وأنت تدَّعي أنك بطريرك كنيسة آشورية، فماذا تفعل في شيكاغو، ولماذا لا تنقل مقرك إلى مكانه التاريخي والجغرافي الصحيح في العراق، خاصة أنك أول من أقرنَ اسم الآشورية بالكنيسة عندما أصبحتَ بطريركاً، فهل شيكاغو هي أرض آشور التقليدية أم شمال العراق حيث توجد رعيتك؟

توفي البطريرك دنحا في 26 آذار 2015م في شيكاغو، وبعد وفاته أراد الطرفان الوحدة بشرط تنحي بطريرك قسم المنشقين سنة 1968م، أدي الثاني، وانتخاب بطريرك جديد، لكن أدي رفض معتبراً نفسه البطريرك الشرعي، كما أكد أنه في حالة الوحدة يجب إلغاء اسم الآشورية من الكنيسة، فألغيت محادثات الوحدة.

كانت طموحات المطارنة خارج العراق لمنصب البطريرك بدل دنحا على أن يبقى مركزه كبطريرك في نفس أبرشيتهُ خارج العراق، وحلاً للإشكال ودفعاً للحرج، اختار المطارنة في مجمعهم في أربيل صيغة ملتوية، فانتخبوا مطران بغداد كوركيس صليوا الحالي ليقولوا إن بطريركنا في العراق، لكنهم لم يتخذوا قراراً مجمعياً بنقل مقر البطريركية إلى العراق، أي مستقبلاً في حال قدوم بطريرك آخر، ليس بالضرورة أن يبقى في العراق، وهذا البطريرك كوركيس تم انتخابه دفعاً للإحراج لأنه إنسان بسيط جداً، وحدثني أحد الأساقفة الحاضرين معه مع  رئيس الوزراء حيدر العبادي إنه نادى رئيس الوزراء بسيادة المحافظ إلى أن ابلغه أحدهم أنه رئيس وزراء.

فهل سيتخذ المجمع القادم قراراً بنقل مقر الكنيسة الآشورية لا نقول إلى الشرقاط أو الموصل أو أربيل تحديداً وليس بغداد (ملاحظة أربيل في بعض المصادر التاريخية القديمة يرد أسمها آشور)، بل على الأقل يجب أن يكون مقر الكنيسة في العراق أو بغداد، أم ستعاد الكرة مرة ثانية لانتخاب مطران موجود في العراق أصلاً وليس مطران من خارج العراق يترك أبرشيته خاصة من أستراليا أو أوربا أو أمريكا ويأتي إلى العراق الذي يبلغ عدد المنتمين للكنيسة الآشورية فيه العراق حوالي 8000 شخص فقط؟ (الله أعلم).

وشكراً/ موفق نيسكو

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون ج1

ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون ج1
ترجمة وتحقيق موفق نيسكو

https://e.top4top.io/p_1493xr3w41.png
البروفيسور جون جوزيف (1923-)، مسيحي سرياني شرقي (نسطوري)، أي من الكنيسة التي سمت نفسها حديثاً آشورية، وهو من أصل إيراني نزحت عائلته إلى العراق إبان الحرب الأولى، نشأ وترعرع فيه، هاجر إلى الولايات المتحدة سنة 1946م، وأصبح مؤرخاً في دراسات الشرق الأوسط ودرَّس تاريخ الشرق الأوسط في كلية فرانكلين آند مارشال، بنسلفانيا، وطبعاً البروفيسور القدير جوزيف يؤكِّد ما أقوله بصورة قاطعة إن الآشوريين الحاليين (المتأشورين) هم سريان انتحل لهم الغرب اسم الآشوريين أسوةً بأشقائهم الكلدان الحالين (المتكلدنين) الذين انتحل لهم الغرب اسم الكلدان، والاسمان غرضهما سياسي طائفي، وهو يتحدث عن الكلدان أيضاً لكنه بالطبع يرُكِّز أكثر على الآشوريين واسمهم المخترع، مستنداً إلى أدق المراجع العالمية الرصينة والتفاصيل والمعلومات عن السريان النساطرة وبصورة مباشرةً من ناس عملوا معهم وعاشوا بينهم، والكتاب الأول، اسمه:
The Nestorians and their Muslim neighbors
النساطرة وجيرانهم المسلمين، طبع جامعة برينستون 1961م، ثم وضع كتاب أوسع وأشمل من الأول، طبع في بريل 2000م، اسمه:
The modern Assyrians of middle east, encounters with western Christian missions, archaeologists, and colonial powers.
الآشوريين الجدد في الشرق الأوسط، ولقاءات البعثات الغربية المسيحية، علماء الآثار، والقوى الاستعمارية

يجب قول كلمة الحق إن المتكلدنين أكثر أنصافاً من المتأشورين على الأقل إلى سنة 2003م، حيث ترجموا كتباً كثيرة تؤكِّد أنهم سريان، بينما المتأشورين لأن  كتابي الأستاذ جوزيف يوضحان بصورة جلية أنهم سريان، فلم يترجموا الكتابين، علماً أنهما لأستاذ من أهل الدار، بينما ترجموا كتباً كثيرة لمستشرقين وأناس خارج الدار، ومع ذلك أغلب تلك الكتب المترجمة خاصة تاريخ الكنسية تؤكد أنهم سريان، ويلخص الأستاذ جوزيف موضوع الآشوريين في كتابه، الآشوريين الجدد في الشرق الأوسط، بالقول:  الآراميون هم السريان، وهما اسمان مترادفان، ومنذ بداية المسيحية ولمدة 1800 سنة خلت كل مسيحيّو الشرق الذين لغتهم الآرامية ومنهم الذين يطلقون على أنفسهم اليوم اسم الآشوريين، كانوا يُسَمُّون أنفسهم (سورايا، سريان Suraye ،Suryaye، باللهجة السريانية الشرقية) أو (سوريويو، Suroyo ،Suryoy، باللهجة الغربية)، وكما أن المسلمين المتكلمين باللغة العربية، هم عرب، لذلك أسم الآراميين يشمل المتكلمين باللغة الآرامية، ولا زال إلى اليوم السريان الأرثوذكس يتسَمَّون بهذا الاسم.

لأهمية الكتاب الثاني للبروفيسور جوزيف: قبل عدة سنوات سألني أحد الشخصيات المهمة، برأي ما هو أفضل كتاب من الآشوريون أنفسهم يفند زعمهم الباطل؟، فقلت له كتاب جون جوزبف (الآشوريون الجدد) لكنه بالإنكليزي، فقال إنه سيفكر بترجمته على نفقته، لكن يبدو أنه انشغل، لذلك قمتُ أنا بترجمة وتحقيق القسم المهم المتعلق بالأسماء، مع ملاحظة أن الهوامش الموضوعة بين قوسين بعلامة [ ]، وعلامة،” “، هي هوامش المؤلف الأصلية، وعندما أبديت ملاحظتي الشخصية التوضيحية، وضعتها بعد هامش المؤلف بصيغة (نيسكو: ثم أدرجتُ ملاحظتي)، علماً أن معلومات الهوامش سواءً للمؤلف أو لي مهمة جداً، مع ملاحظة أنه عندما ترد في هامش المؤلف عبارة انظر أدناه أو مرجع سابق أو لاحق، ليس بالضرورة المقصود في القسم المترجم هذا، بل ربما يكون من القسم الغير مُترجم من كتاب المؤلف الأصلي، وصفحات الكتاب التي أنقل ترجمتها وتحقيقها، هي: 1-22، إضافة إلى ستة صفحات من النوع الكبير وهي رد البروفيسور جون جوزيف على مقال الباحث ريتشارد فراي الذي استشهد من كتابه (أي فراي استشهد من كتاب جوزيف)، علماً أني ترجمتُ صفحات أخرى من كتاب جوزيف في أماكن أخرى من كتابي القادم: اسمهم سريان، لا آشوريون ولا كلدان، أو كيف سَمَّى الغرب بعض السريان آشوريين وكلدان.

الترجمة والتحقيق

النساطرة، الكلدان، السريان الآراميون، الآشوريون/ البروفيسور جون جوزيف

قبل ما يزيد قليلا على مائة سنة كتب المبشران الأنكليكان آرثر ماكلين ووليم براون سنة 1892م كتابهما عن جاثليق الشرق وشعبه، وعنوانه “بعض عادات وتقاليد السريان الشرقيين المسيحيين” المعروفين بأسماء مختلفة مثل الآشوريين والكلدان النساطرة، وأن السريان الشرقيين هو الاسم المستخدم في أوربا وأمريكا لتميز المسيحيين الناطقين بالآرامية عن السريان الغربيين الذين اسمهم الأكثر شيوعاً والمعروف اليوم وهو، السريان الأرثوذكس (اليعاقبة)، ويُشار بالشرق إلى إمبراطوريات البارثيين والساسانيين في بلاد فارس قبل الإسلام بما فيها أراضي بلاد ما بين النهرين، واستخدام مصطلحات، نساطرة، كلدان، سريان، آراميين، وآشوريين هو إشارة إلى نفس الأقلية المسيحية، ويعتمد استخدامها على مدى ما يفضِّلهُ كل مُستخدِم، وبسبب استمرار هذه البلبلة سنقوم وبإيجاز بدراسة تاريخ هذه التسميات المختلفة والتركيز على الحديث منها وهو الآشوريون بسبب النزعة القومية التي سُطِّرت لهذا الاسم بالاعتماد على عمقه التاريخي.

النساطرة

الكنيسة النسطورية هي من كنائس غرب آسيا المعروفة رسمياً باسم كنيسة المشرق، وباسم كنيسة المشرق الآشورية منذ 1976م، وكانت واحدة من اثنين من الكنائس التي نمت خارج الإمبراطورية الرومانية، والكنيسة الأخرى هي الكنيسة الأرثوذكسية الأرمنية [1]، وعندما أصبح النساطرة جزء من الإمبراطورية العثمانية والقاجارية الإيرانية أصبحوا محور اهتمام البعثات البروتستانتية الغربية في القرن التاسع عشر، وقد اتخذ بعض الكُتَّاب موقف من استخدام اسم النسطورية في إشارة إلى هؤلاء المسيحيين عندما عاد في القرن السابع عشر عدد كبير منهم وانتظموا مع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وشكلوا كنيسة مستقلة باسم (الكلدانية)[2]، أمَّا أولئك الذين بقيوا موالين للكنيسة الأم الخاصة بهم، كان يُطلق على جميع رعيتهم اسم النساطرة، لأنه بطبيعة الحال كان يشار إلى اسم النساطرة لفترة طويلة قبل القرن السابع عشر [3]، وتحدث الراهب قزمان في كتاب رحلته إلى العالم الهندي عن النساطرة المسيحيين في وقت مبكر من سنة 525م [4]، والكُتَّاب العرب في القرون الوسطى كانوا يعرفونهم باسم نسطوريين أو النصارى أي المسيحيين النساطرة [5]، ونحو نهاية القرن الثالث عشر الرحَّالة أشار الرحَّالة بورشار إلى النساطرة بأنهم يشكلون أمة لأن انطباعه كان أن اختصاص الأسقف قد وصل إلى أبعد من اختصاصات أساقفة الشرق في الكنيسة الغربية برمتها [6].

حتى منتصف القرن التاسع عشر لم يكن الكُتَّاب يُسَمُّون هؤلاء المسيحيين، آشوريين، وقد أشار القس جورج بيرسي بادجر أن لديه مخطوط عربي كتبه صليوا بن يوحنا الموصلي سنة 1332م، أوضح فيه أن المسيحيين الشرقيين أضافوا اسم نسطور لأنهم رفضوا لعن نسطور المطرود من كيرلس الأول +444م، كما كتب ابن يوحنان أن الاسم اُستعمل منذ ذلك اليوم وحتى الوقت الحاضر [7]، وفي الوقت نفسه بدأ هؤلاء المسيحيون الشرقيون بالإشارة إلى أنفسهم على أنهم نساطرة، ومار عبديشوع النصيبيني (الصوباوي) أسقفهم في القرن الثالث عشر أشار إلى إيمان الكنيسة بعنوان “العقيدة الأرثوذكسية للنساطرة”، وكتب في الختام “كنيسة النساطرة المباركة” [8]، واستمرت الرعية بالإشارة إلى نفسها على أنها نسطورية خلال القرن التاسع عشر، وفي عام 1874م عندما تم الاعتراف من قسم من الكنائس الإنجيلية أو البروتستانتية بالكنيسة النسطورية رسمياً ككنيسة مستقلة عن الكنيسة الأم، أصبح يشار إليها باسم الكنيسة البروتستانتية النسطورية [9]، وبدأ البعض الأكثر تعليماً من المجتمع النسطوري مستاؤون من التسمية النسطورية نحو نهاية القرن التاسع عشر عندما وعَّاهم المبشرون الغربيون خاصة التابعين لكنيسة إنكلترا أن مصطلح النسطورية فيه وصمة عار ولوم لأنه يشير إلى بدعة [10]، وكان من المفترض أن تُسَمَّى الكنيسة رسمياً بالتسمية المعروفة “كنيسة المشرق القديمة” [11].

الكلدان

أصل واستخدام اسم الكلدان كان أيضاً موضوع نقاش حاد كبير، في حين أن هذا المصطلح المقبول عموماً اليوم يشير إلى الذين انشقوا عن الكنيسة النسطورية واعتنقوا الكاثوليكية الرومانية، وتم استخدامه من الأوربيين في القرن التاسع عشر للتمييز بين الكنيستين، واستعمل بصيغة النساطرة الكلدان، أو الكلدان الكاثوليك [12]، وفي عام 1840م كان الرحَّالة آنسورث من أوائل القليلين من الأوربيين غير الكاثوليك الذين زاروا النساطرة، وذكر أن هؤلاء الناس يعتبرون أنفسهم كلداناً، وأنهم أحفاد الكلدانيين القدماء وآشور، وبابل وما بين النهرين، وأوضح آنسورث أنه من أجل التمييز بين فرعي الكنيسة بقي مصطلح النسطورية سنة 1681م يستعمل لأولئك الذين احتفظوا بمذهبهم القديم [13]، أوستن هنري لايارد الذي اكتشف أطلال نينوى خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر[14]، مثل آنسورث اعتقد أن مصطلح النسطورية صيغ خلال فترة الانقسام القرن السابع عشر مشيراً إلى أن الشعب أشاروا دوماً إلى أنفسهم أنهم كلدان [15]، وذكر أنه في دير الربان هرمز حيث أقام البطاركة النساطرة هناك عدة مقابر لبطاركة دفنوا هناك قبل فترة طويلة مكتوب على أضرحتهم “بطاركة الكلدان المشرقيين” [16] ، لكن ذلك نقضه القس بادجر الذي فحص كل الأضرحة ولم يكتشف أي عبارة تؤكد ما قاله لايارد [17]، ووفقاً لبادجر فاللقب المُدرج على الأضرحة هو “البطاركة خلفاء مار أدّي وماري” [18]، وهو اللقب الذي كان بعض البطاركة النساطرة في أوقات معينة يُطلقوه على أنفسهم، لكن قراءة بادجر الخاصة بالنقوش لم تكن مؤكدة (صحيحة) [19] ، والمبشران الأمريكيان إيلي سميث ودوايت [20]، زارا النساطرة قبل عقد من الزمن قبل لايارد وآنسورث، وذكرا أن الجماعة التي اعتنقت الكاثوليكية من الكنيسة النسطورية كان اسمها “الكنيسة الكلدانية” خلال الانقسام في القرن السابع عشر، واثنان من المبشرين الأمريكيين الآخرين هما جوستين بيركنز وآشيل غرانت اللذان زارا الجالية النسطورية قبل آنسورث ولايارد وأدليا نفس الملاحظة عن التسمية الكلدانية، فكتب غرانت: نادراً ما يُطلق اسم الكلدان على النساطرة، وفي كل الأحوال لا يبدو أنه أُطلق عليهم قبل فترة الانقسام، وكتب هاريتو ساوث كيت الذي كان يقوم بجولة في المنطقة أوائل 1830م، يبدو في الواقع أن النساطرة أيضاً يطلقون على أنفسهم اسم الكلدان كاسم وطني، ومن المثير للاهتمام بعد أن أصبح ساوث كيت يدرك موقف غرانت الراسخ وهو أن النساطرة لم يستخدموا اسم الكلدان، وأنهم من نسل القبائل العشرة المفقودة من إسرائيل، أصبح ساوث كيت أكثر حزماً وقال: إن هؤلاء السريان هم أحفاد الآشوريين وليس اليهود، ومصدر ساوث كيت الذي اعتمد عليه هو أن هناك من يدعي ذلك، وهم ليست لديهم أية فكرة حول أصلهم، ووفقا لهذا المصدر نفسه فاليعاقبة أحفاد الآراميين أي السريان الذين كانت دمشق عاصمتهم [21]، فسميث ودوايت أخطأ عندما أكدا أن اسم الكلدان كان معتمداً في أواخر القرن السابع عشر، وتحدث ناقد الكتاب المقدس الفرنسي ريشار سيمون عن العديد من الطوائف المسيحية في الشرق التي تحمل اسم الكلدانية أو السريانية، وذكر أن معظم الكلدان هم من نُسَمِّيهم نحن النساطرة [22]، والبابا بولس الخامس (1605-1621م) كتب إلى البطريرك إيليا الثالث أن جزءً كبيراً في الشرق مصاب بالبدعة النسطورية، وخصوصاً الكلدان [23].

تعود التسمية الكلدانية لسنة 1445م عندما سُمِّي من انتمى من نساطرة قبرص إلى كنيسة روما كلداناً [24]، أمَّا لماذا سُمِّى النساطرة كلداناً؟، فواحد من أقدم الكُتَّاب يشير إلى أبناء الكلدان القدماء هو الكاثوليكوس الشهير ابن العبري الشهير في القرن الثالث عشر من كنيسة السريان الغربيين، السريانية الأرثوذكسية (يعقوبية)، ولكن كما سنرى أنه استخدم مصطلح الكلدان بطريقة مُهينة، وكان الباحث يوسف السمعاني أوضح ببساطة مصطلح الكلدانية وقال: إن النساطرة يُطلق عليهم عموماً الكلدان المسيحيين لأن مقر كنيستهم هو في أرض الكلدان القدماء [25]، وعندما تأسيس فرع الكثلكة من الكنيسة النسطورية في القرن السابع عشر، تمت الرئاسة الجديدة باسم بطريرك بابل، والعنوان القديم لبطاركة النساطرة قبل ظهور الإسلام كان بطريرك ساليق- قطسيفون المدائن [26]، والبطريرك الكاثوليكي الجديد هو باسم بطريرك الكلدان في الشرق، مما يدل بوضوح على الخلط بين المصطلحات الجغرافية والعرقية، ورأى البعض أن استخدام بابل في لقب البطريرك المتحدين بروما يرجع تحديداً إلى القرن السابع عشر لاعتقادهم الخاطئ أن بغداد الحديثة هي بابل القديمة [27]، وأياً كان الأمر فالسبب هو الموقع الجغرافي للبطريركية وليس بسبب أصل الرعية العرقي، فدُعي السريان الشرقيين (النساطرة) كلداناً، ومختلف الأسماء والألقاب المعروفة خلعتها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية على البطاركة بتركيبات غريبة أخرى مثل “الكلدان آشوريين” و “الكلدان الكاثوليك الشرقيين الآشوريين” وهذه التسميات استعملت نادراً من بطاركة النساطرة أو شعوبها نفسها، لكنهم استعملوا مثل هذه الألقاب المألوفة والتقليدية باعتبار أن بطريرك المشرق هو سليل كرسي مار أدّي، وفي القرن السابع عشر وفقاً لجان فييه، فمار شمعون الثامن دنحا نفسه في رسالة وجهها إلى البابا كليمنت العاشر كتب ببساطة أنه بطريرك كرسي المشرق [28].

بالنسبة لأبن العبري أشار إلى أن النساطرة هم أحفاد الكلدان [29]، لكن القراءة المتأنية له أنه استخدم هذا المصطلح بشكل طريف (فكاهي)، فتحدث عن اللغة الآرامية ولهجاتها المختلفة، وأن بعضها غير مفهوم مثل اللهجة العجيبة لأولئك الشرقيين أبناء الكلدان القدماء، وتحدث عن علامات الغناء (الموسيقى) [30]، واسم الكلدان عند ابن العبري يعني “السحرة” وهو بنفس المعنى المستخدم في سفر دانيال (2: 2، 10)، وفي واحد من كتب ابن العبري المعروفة، فاسم الكلدان عنده يعني: علم التنجيم وفنون السحر [31].

هناك سبب آخر لتسمية النساطرة بالكلدان هو أن لغتهم الأم هي لهجة من اللغة الآرامية التي كانت لغة الكلدان (القدماء)، فقد كتب هرمز رسام أن الكلدان الحاليين من رعية الكنيسة النسطورية والكاثوليكية مع استثناءات قليلة يتكلمون نفس اللهجة المستخدمة في الترجوم (البابلي اليهودي) وبعض أجزاء من سفري عزرا ودانيال التي تُسَمَّى الكلدانية [32]، ولدعم نظريته بالقول إن النساطرة هم من نسل الكلدانيين القدماء، اعتمد رسام على المصادر التاريخية الكلاسيكية مثل زينوفون الذي دعا سكان شمال بلاد ما بين النهرين “الكلدان”، لكن زينوفون سَمَّى سكان أرارات وهو اسم آشوري أكدي قديم لجبل هو جزء من أرمينيا الحديثة، فسَمَّاهم زينفون “الخلديين، Haldians Khaldians ،and Chaldeans”، ومن المثير للاهتمام أن زينوفون في حملة العشرة آلاف مرَّ في بلاد آشور بعد أكثر من مائتي سنة على سقوط الإمبراطورية الآشورية، ووجد مناطق ذات كثافة سكانية، وتعرَّفَ إلى مواقع وخرائب المدن كنمرود ونينوى، لكنه سَمَّى سكانها السابقين “الميديين” [33].

لذلك اسم الكلدانية هو مثل النسطورية، استُخدم قبل الانشقاق في القرن السابع عشر بسبب الموقع الجغرافي لبطريرك كنيستهم، واستعمل في إشارة إلى كل السريان في الشرق، ومنعت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية من تسمية المتحدين معها من الهراطقة أن يُسَمُّوا أنفسهم نساطرة، وأصبح اسم المتحدين معها هو الكلدان الكاثوليك، وهكذا مَيَّزت روما بدقة بينهم وبين الكنيسة النسطورية الأم، مُدَّعيةً أن رعية الاثنين النساطرة وإخوانهم الكلدان تربطهم نفس العلاقة ببابل، لذلك بدأ بطاركة النساطرة استخدام اسم الكلدان أحياناً في وثائقهم رسمية، مُدَّعين أنهم البطاركة الحقيقيون للكنيسة الكلدانية، وأنكروا الحق الحصري لاستعمال اسم الكلدان التاريخي للمتحدين (مع روما)، لكن المتحدين (مع روما، أي الكلدان) لم يقبلوا ذلك وأصبحوا يُكنوهم، بالنساطرة، ومنذ القرن التاسع عشر تم تنظيم المتحدين (الكلدان) بصفة دائمة واعترف بهم رسمياً من الحكومة العثمانية [34]، فنجد أن مصطلح الكلدان خسر مدلوله الوطني ليعني فقط اسم طائفة دينية، “الكلدان الكاثوليك، النساطرة سابقاً”.
—————————————————————————

الهوامش

[1] للحصول على مقالات علمية في وقت مبكر من تاريخ اثنين من هذه الكنائس الشرقية، انظر ( East of Byzantium Syria and Armenia in Formative Periods، بيزنطة الشرقية، وسوريا وأرمينيا في فترات التشكيل) Garsoian, Thomas Mathews ،Robert ، كارسوين، توماس، وتوماس، واشنطن، مركز الدراسات البيزنطية 1982م. وبالنسبة للبدايات المبكرة للكنيسة الشرقية السريانية انظر أدناه، ص35 وما يليها. (نيسكو: المقصود ص35 أدناه، هو من صفحات كتابه الأخرى.
[2] وليام أنسورث، (الرحلات والبحوث في آسيا الصغرى وبلاد الرافدين، الكلدانيين وأرمينيا، لندن 1842م، ج2 ص272. وهاريتو ساوثكيت، (سرد جولة عبر أرمينيا وكوردستان وبلاد فارس وما بين النهرين)، لندن1840م، ج2 ص178-179. ولايارد، نينوى وبقاياها، نيويورك 1851م، ج1 ص217.
[3] راوولف ليونهارت، خط سير الرحلة في البلدان الشرقية، سوريا، فلسطين أو الأراضي المقدسة، أرمينيا، بلاد ما بين النهرين، آشور، والكلدانيين، وغيرها، ترجمة نيكولاس ستافورست، لندن، 1693م، ص22، 350-351. وليونهارت رحَّالة زار المنطقة سنة 1573-1574م، والرحَّالة بيدرو تيكسيرا زار بغداد عام 1604م، قال: وجدت ثمانون منزلاً للنساطرة وعشرة للأرمن، انظر كتابه رحلات بيدرو تيكسيرا، ترجمة وشرح ويليام سينكلير، لندن، 1902م، ص66، 168، 252. انظر أيضاً، رفائيل بابو إسحق، تاريخ نصارى العراق منذ انتشار النصرانية في الأقطار العراقية إلى أيامنا، بغداد، 1948م، ص124. (نيسكو: الطبعة الحالية الجديدة باسم تاريخ نصارى العراق، قدمس للنشر والتوزيع، بيروت، ولكن نفس رقم الصفحة).
[4] انظر جون ستيوارت، (Nestorian Missionary Enterprise، مدراس المؤسسة النسطورية التبشيرية)، 1928م، ص89، 114، 328. (نيسكو: قزمان كان راهباً تابعاً للكنيسة النسطورية وسافر إلى الهند وألَّف كتاب Indicopleustes).
[5] البيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية، لايبزيغ، 1878م، ص288، 309، وانظر الشهرستاني، الملل والنحل، لندن 1846م، ص175، انظر أيضاً ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، القاهرة 1928م، ج1 ص48، وفي العصر الحديث تستخدم المصادر مصطلح النسطورية باللغة العربية.
[6] ( Burchard of Mount Sion, A Description of the Holy Land، بورشارد من جبل صهيون، وصف للأرض المقدسة العابرة)، أوبري ستيوارد، لندن 1896م، ص107، في مكتبة الحجاج فلسطين، مجلد 12 قسم3. وانظر أيضاً ( The Travels of Abbe Carre in India and the Near East، رحلات آبي كار في الهند والشرق الأدنى 1672-1674م)، لندن، 1947م، ج1 ص87. (نيسكو: يقصد أن بطريرك الكنيسة النسطورية يمارس صلاحيات مدنية كزعيم أمة، وهذا واضح للجميع ومذكور في مصادر تاريخية كثيرة، فقد ذكر الدكتور ويكرام وهو أشد الداعمين للسريان الشرقيين ومروجي ومثبتي الاسم الآشوري، أن البطريرك النسطوري يتصرف كزعيم أُمة أكثر من بطريرك، وهو أطرف وأعجب بطريرك كنيسة في العالم).
[7] بادجر، النساطرة وطقوسهم، لندن 1852م، ج1 ص127-129، بالنسبة للاهوت نسطور وإدانته. (نيسكو: أولاً: أدرجنا مخطوط سنة 1332م لصليبا الموصلي الذي يقول فيه: نحن سريان قبل نسطور بل سريان، انظر كتابنا، فصل: (بالوثائق، السريان المتأشورون والمتكلدنون أغرب شعب في التاريخ، فقرة 19)، ثانياً: كيرلس الأول هو بطريرك الأقباط ورئيس مجمع إفسس المسكوني 431م الذي حرم نسطور من الكنيسة بسبب أفكاره التي اعتبرت بدعة).
[8] المرجع نفسه ص49.
[9] لاحظ بادجر أن البطريرك مار شمعون إضافة إلى أورهام أخبراه أن من بين جميع المسيحيين نحن فقط من يُطلق علينا اسم النساطرة، ويقول كوكلي إن رسالة خطية كُتبت في مارس 1888م من قبل إسحق حنان يشوع قائلا: نحن النساطرة الشرقيين (كنيسة المشرق وكنيسة إنكلترا، أكسفورد، 1992م، ص141، 365n. 8).
[10] موسهيم، (An Ecclasiastical History, Ancient and Modern، موسوعة التاريخ القديم والحديث)، نيويورك 1867م، مج1 ص151. وانظر آرثر جون ماكلين وويليام براون، كاثوليكوس (جاثليق) المشرق وشعبه، لندن 1892م، ص6. وانظر كوكلي تحت عنوان “العقيدة النسطورية”. وانظر أدناه ص40f.(نيسكو: يقصد بقية كتابه).
[11] منذ عام 1976م أصبح يفضل استخدام كنيسة المشرق الآشورية واتُّبعَ رغبة العلمانيين في اختيار اسم وطني للكنيسة لكي لا يكن هناك تداخل مع الأسماء السريانية في الغرب مثل يعقوبية أو سريانية أرثوذكسية، والاسم التاريخي الذي يُفضِّله البعض هو الآرامي، بينما أقلية من العلمانيين اختارت الآشوري. (نيسكو: أول من أطلق اسم الآشورية سنة 1976م على الكنيسة هو البطريرك دنحا الرابع. انظر كتابنا، فصل: البطريرك السرياني النسطوري دنحا يُسَمِّي كنيسته آشورية لأول مرة 1976م.
[12] كلوديوس ريج، (وقائع (جولة) من الإقامة في كوردستان وعلى موقع نينوى القديمة)، لندن 1836م)، ج1 ص275، ج2 ص276. انظر أيضاً B Piolet Jean ، بيولت، (Missions catholiques francaises au xix siecle، البعثات الكاثوليكية الفرنسيسكانية في القرن التاسع عشر)، باريس 1901م، ج1 ص223. وانظر أنسورث، ج2 ص198، 223. وماري شيل، (Glimpses of Life and Manner in Persia، لمحات من الحياة في بلاد فارس)، لندن 1856م، ص349. وانظر Joseph Wolff، ولوف (Travels and Adventures of the Rev. Joseph Wolff، رحلات ومغامرات القس جوزيف ولف)، لندن 1861م، ص223، 457.
[13] أنسورث، ج2 ص272.
[14] لمزيد من التفصيل عن هذه الحفريات، انظر ص15-16 أدناه (نيسكو: يقصد كتابه).
[15] لايارد، نينوى وبقاياها، ج1 ص5، 217.
[16] المرجع السابق، ج1، ص199.
[17] بادجر، ج1 ص181.
[18] المرجع السابق.
[19] لمعرفة الكتابات على الأضرحة، انظر كوكيس عواد، الآثار القديمة في العراق، دير الربان هرمز، الموصل 1934م، ص35-37. وانظر Jacque Voste، فوستي، (Les Inscriptions de-Rabban Hormuzd et de N-D des Semences pres d-Alqos, Iraq، نقوش دير الربان هرمز في ألقوش، العراق)، 43 Le museon، 1930م، ص263-316. وعناوين ما قبل القرن التاسع عشر هي ببساطة كاثوليكوس (جاثليق) أو بطريرك المشرق، وأحيانا ببساطة كاثوليكوس، وقد لاحظ بادجر أن ختم البطريرك يحمل لقب خليفة أدّي وماري، لكن كتابات أضرحة البطاركة لا تحمل هذا اللقب، وأنا مدين للدكتور موريفان دينبيرغ الذي زودني بمقالة فوستي عن تلك النقوش، والبطريرك النسطوري أرسل رسالة إلى جوستن بيركنز سنة 1836م، وترجمها حرفياً هيرالد سنة 1857م، واللقب المستخدم ببساطة هو: بطريرك المشرق، وهو يُطابق المراجع السابقة. ولمزيد من المعلومات حول ألقاب البطريرك النسطوري انظر أدناه، ص22-23. وتوما المرجي، الرؤساء، لندن، 1893م. وبدج.
[20] بالنسبة للمراجع الأخرى كسميث ودوايت، انظر أدناه، ص65، 67.
[21] هاريتو ساوث كيث، جولة عبر أرمينيا وكوردستان وبلاد فارس وبلاد ما بين النهرين، نيويورك 1840م، ج2، ص182-183. وكوكلي، مرجع سابق، ص367 n12، وهنري، مرجع سابق ص110، ن20. وغرانت، النساطرة أو القبائل المفقودة، لندن 1841م، ص 198-199، وجوستن بيركنز، الإقامة ثماني سنوات في بلاد فارس بين المسيحيين النساطرة، نيويورك 1943م. (نيسكو: السيد جون جوزيف اقتبس جزءً من كلام هاريتو ساوث كيت فقط، انظر النص الإنكليزي والترجمة في كتابنا، فصل: كشف الأدلة من كل ملَّة لإثبات العِلَّة، فقرة 32).
[22] Richard Simon، سيمون، ( Histoire critique de la creance et des coutumes des nations du levant التاريخ النقدي للعقيدة والعادات من الدول الشرقية)، فرنكفورد، هولندا 1684م، ص83.
[23] السمعاني، المكتبة الشرقية ج4 روما 1721م، ص75. (نيسكو: الصحيح ج4 هو سنة 1728م).
[24] واحدة من الكنائس النسطورية المهدمة في فاماكوست في قبرص.
[25] السمعاني، المكتبة الشرقية ج3، 2 ص177.
[26] انظر السينودس (المجمع) التاسع 1. (لعله يقصد مجمع يوسف 544م وهو السابع وليس التاسع في ترقيم المجامع التي نشرها شابو وترجمها الأب يوسف حبي، ويذكر ذلك بوضح في الفقرة 1.
[27] J. Labourt ، لابورت، (Chaldean Christians، المسيحيون الكلدان)، الموسوعة الكاثوليكية، دريسلر، بغداد، الموسوعة الكاثوليكية الجديدة. وانظر Donald Attwater، اتويتر، (Catholic Eastern Churches، الكنائس الكاثوليكية الشرقية)، لندن 1935م، ص231n. وانظر بطرس نصري، لمعة في تاريخ الأبرشيات الكلدانية وسلسة أساقفتها، مجلة المشرق عدد 9، 1906م، ص640، وانظر بادجر، ج1 ص153.
[28] لكثرة الألقاب الأبوية التي تمنحها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، انظر جان فييه، السريان الشرقيون، سوريّيَا مدنخا، آشوريون أم آراميون؟، (1965م)، ص146-148، (نيسكو: سنُترجمها لاحقاً)، ومؤخراً مقاله الذي نُشر بعد وفاته وكيف جاء الغرب حديثاً بمصطلح الكلدان؟ نشرته مكتبة جامعة مانشستر 78، خريف 1996م، ص163-170. وانظر أيضاً لايارد، نينوى وبقاياها، ج1 ص199. وشموئيل جميل، علاقات الكلدان والكرسي الرسولي، روما 1902م، ص208.
[29] هرمز رسام، (Biblical Nationalities Past and Present، الكتاب المقدس وقوميات الماضي والحاضر)، جمعية الكتاب المقدس علم الآثار 8، 1885م، ص373. وانظر بطرس نصري وأدي صليبا أبراهينا، طائفة الكلدان الكاثوليك، مجلة المشرق، 3 ،1900م، ص818.
:[30] ابن العبري، الغراماطيقي، القدس 1916م، ص7-8، مخطوطة مكتبة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، مطرانية بيروت. (نيسكو: هذا الهامش مرتبط بهامش 25، وعلَّقنا على الموضوع فيما يخص ابن العبري بالتفصيل حين قال: أشكرك يا رب لأنك خلقني سريانياً آرامياً، ولم تُدنسني بالكلدانية الوثنية، انظر كتابنا، فصل: مطران الكلدان أدّي شير وكتابه كلدو وأثور).
[31] ابن العبري، تاريخ مختصر الدول، والس بدج، لندن 1932م، 1، 7، المرجع نفسه، ص9، 52. بالنسبة لمعنى كلدان انظر قاموس يعقوب أوجين منا، دليل الراغبين في لغة الآراميين، الموصل1901م، ص4f. (نيسكو: ص338 في القاموس).
[32] لمزيد من المعلومات حول العلاقة بين الكلدان والآراميين القدماء ولغاتهم، انظر أدناه ص12.
[33] انظر Xenophon’s، زينوفون، (Anabasis، حملة لعشرة آلاف، الحملة على فارس)، الكتاب الثاني 4 وإلى الكتاب الثالث 5، وهنا وهناك، وطوال مذكراته الشهيرة استعمل زينفون اسم آشور مساوياً لميديا. وانظر كلمة ميديا في الموسوعة البريطانية، طبعة 11. وانظر David Oates، أوتس، (Studies in the Ancient History of Northern Iraq، دراسات في التاريخ القديم شمال العراق)، أكسفورد، لندن 1968م، ص60. وانظر M. Rostovtzeff، روستوفزيت، (A History of the Ancient World، تاريخ العالم القديم)، أكسفورد 1925م، ج1 ص117. وانظر J. Friedrich ، فريدريش، ( Extinct Languages، اللغات المنقرضة)، نيويورك 1957م، ص81. وانظر A.T.E. Olmstead، أولمستيد، (History of Assyria، تاريخ آشور)، نيويورك 1923م، ص100-111، وانظر H.R. Hal (The Ancient History of the Near East، التاريخ القديم في الشرق الأدنى)، لندن 1947م، ص458-459.
[34] انظر أدناه، ص57-58. (نيسكو: يقصد بقية كتابه).
وشكراً/ موفق نيسكو
يتبع ج2

تَخبُّط روما، جدول المطران المتكلدن سرهد جمو

تَخبُّط روما، جدول المطران المتكلدن سرهد جمو

 

تَخبُّط روما باسمي الكلدان والآشوريين المُنتحلين، الجزء الأخير، جدول المطران المتكلدن سرهد جمو

 

منذ أن تُسَمَّى السريان النساطرة بالاسمين الجديدين المنتحلين (كلداناً وآشوريين)، دخلوا في مشاكل كثيرة فيما بينهم ولا يزالوا، وأصبح الاسمان مصدر إلهام لبعض رجال دين مثقفي الكنيسة السريانية الشرقية بشقيها فانطلقت أقلامهم تُمجِّد تاريخ الآشوريين والكلدان القدماء وربط تاريخهم الحالي مع القدماء على افتراض أنهم أحفادهم وتسقيط كل التاريخ على أساس قومي وسياسي حديث، وأصدروا عدة كتب، وحوَّلوا البحث من تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية إلى تاريخ الآشوريين والكلدان القدماء، واستبدلوا كلمة السريان الشرقيين أو النساطرة من المصادر التاريخية والقواميس كل من جانبه إلى كلمة الآشوريين أو الكلدان، فترى إذا ألَّف آشوري كتاب، نقل كلمة سرياني أو نسطوري من المصدر التاريخي أو القاموس، وكتبها آشوري، أمَّا إذا كان المؤلف كلداني، فنقل نفس الكلمة من نفس المصدر، وكتبها كلداني، وبدأ الآشوريون يكتبون أن عمر السنة الآشورية 6768 سنة، وجميع ملوك العراق القديم من السومريين كنارم سين والأكديين كأسرحدون، هم آشوريون، أمَّا الكلدان، فيكتبون نفس السنين والملوك، لكنهم كلداناً.

 

من ضمن الذين ركبوا الموجة وتكلدنوا فعلاً هو مطران كاليفورنيا سرهد جمو، الزعيم السياسي بلباس ديني للكلدان الجدد، ومع أنه أكثر المتكلدنين تشدداً وحاول جاهداً وثيقة واحدة من مكتبته وبلغته تقول أنه كلداني، أو دون إثبات علمي ربط اسم الكلدان الحالي المُنتحل بالقدماء، والأمر المضحك أنه مرة أراد أن يثبت وجود الكلدان، فترك تراث آبائه ومكتبته الفارغة من اسم الكلدان واستشهد بأحد الرحالة الغربيين الذي أسوةً بالسريان والعرب وغيرهم أطلق كلمة كلدان على الوثنيين ومنهم الذين في حرَّان، وسنة 1993م وقبل أن يتكلدن البطريرك لويس ساكو أيضاً بعد سنة 2015م تحت ضغط القوميين المتكلدنين، ردَّ البطريرك ساكو (كان كاهنا) على سرهد جمو الذي كان يسعى جاهداً لاتخاذ اسم الكلدان هوية قومية سياسية بعقد مؤتمرات ولجان: كنيستنا ليست طائفية عنصرية حيث كانت تضم شعوباً متعددة، سريانياً عرباً فرساً تركاً صينيين هنوداً وغيرهم، والمسألة التي يود آباء المجمع الكلداني دراستها، آمل أنها ليست هويتنا الكلدانية (؟)،وكيف يمكن تأوين الهوية التي ورثناها بغلاف مشرقي (وليس كلدانياً أو آشورياً)، والسؤال المطروح على المؤتمر ولجانه: هل يريد الإبقاء على الطابع اليهودي السائد على طقوسنا وريازة (تصميم) كنائسنا وتعابير لاهوتية (مجلة بين النهرين 1993م، ص82-83. مع ملاحظة أن علامة الاستفهام في (ليست مسالة هويتنا الكلدانية (؟)، وعلامة القوسين (وليس كلدانياً وآشورياً) هي حرفية في المتن (وقول ساكو إن كنيستنا طابعها يهودي لأن ساكو يُقر أن الكلدان والآشوريين الحاليين الجدد هم من أصول يهودية من الذين سباهم العراقيون القدماء، وله مقالات في الموضوع، بل يفتخر بذلك، قائلاً إن لم نكن نحن من أسباط إسرائيل، فمن إذن غيرنا؟).

 

ولأن المطران جمو لا يملك وثيقة واحدة تقول إنه كلداني، لذلك اعترف عن مضض بالحقيقة الدامغة مجبراً أن تسمية الكلدان والآشوريين حديثة، وقال: إن سياج العزلة أحاط بكنيسة المشرق أجيالاً عديدة ثم جرت بعض الاتصالات مع روما منذ القرن الثالث عشر، وأوضاع الكنيسة إلى القرن السادس عشر غارقة تماماً في دياجير المحن وانعدام الوثائق يقف المؤرخ أمامها فارغ اليدين، فكنيستنا هي كنيسة أجدادنا المُلقبة أحياناً بالنسطورية، والمُسَمَّاة لاحقاً، الكنيسة الكلدانية والأثورية، وهذه الأسماء انبثقت حديثاً منتصف القرن السادس عشر بعد سنة 1553م، فاستقر الاسم الكلداني على الفئة المتحدة بروما، بينما تَبنَّى الأنكليكان اسم الأثوريين في مداولاتهم مع الفئة الغير متحدة بروما، ويُدرج خارطة كنيسة المشرق تُسَمَّي جنوب العراق، بيت الآراميين، وليس بيت الكلدان أو الآشوريين، وتظهر في الخريطة أمم باسم بيت الآراميين والعرب والجرامقة والماديين وقردو (الكورد) وحدياب والموصل ونينوى، باستثناء، الآشوريين والكلدان (سرهد جمو، مجلة بين النهرين 1996م، كنيسة المشرق بين شطريها، ص182-183، 187- 188-190، 195، 200-201، والخارطة التي استعملها جمو هي نفسها عند كل الآباء الكلدان مثل يوسف حبي والبير أبونا وغيرهم)، وندرج خارطتهُ:

https://f.top4top.io/p_1472hl5qc1.png

 

وفي محاضرة له بتاريخ 19 /10/ 2013م، قال جمو: إن أور الكلدان هي أكدية، ولأن العهد القديم كُتب في عصر متأخر أيام الدولة الكلدانية (612-539 ق.م.)، فسَمُّوها أور الكلدانيين، كمن يقول إن كريستوف كولمبس اكتشف أمريكا، بينما لم يكن اسمها أمريكا حين وصلها كولمبس.

 

ويضيف المطران جمو عن تخبط روما باسمي الآشوريين والكلدان المُنتحلين، قائلاً: اعتقدت روما بناءً على ما عُرض عليها أن رئيس الدير (أول من تكثلك في العراق) يوحنا سولاقا +1555م انتُخبَ خلفاً للبطريرك النسطوري شمعون برماما على أساس أن الأخير قد توفي، فظنَّت روما أنها أبرمت الاتحاد القانوني مع كنيسة المشرق قاطبةً، وإذ ثبت لدى روما لاحقاً أن برماما (النسطوري) لا يزال حياً يُرزق، وجدت نفسها أمام واقع جديد هو انقسام المشرق إلى مجموعتين، عائلة أبونا النسطورية، والمجموعة الكاثوليكية برئاسة خلفاء سولاقا، وكانت تلك الفترة صراع حاد بين سلالتين، لذلك في آذار 1610م كتب البطريرك إيليا النسطوري إلى البابا إلى بولس الخامس يُسَمَّي نفسه، إيليا بطريرك بابل، ويعتقد المطران جمو أن هذه أقدم وثيقة فيها ذكر بابل. (مصدر سابق، ص197-198)، ثم يُدرج جدول سلسلة جثالقة كرسي المشرق يُبيِّن فيها التخبط والاختلاط بين السلالتين، ولأن الاسمين الجديدين كلدان وآشوريين مُنتحلين، فليس روما فقط من تتخبط بهما، بل غالبية الكُتَّاب ومنهم رجال دين أيضاً، والمطران سرهد جمو نفسه أخطأ في الجدول، فقمتُ بتوضيحه وتصحيحه، وعدا خطأه في الجدول فقد حاول متعمداً البداية من سنة 1497م هروباً من الحقيقة الدامغة أن كنيسته سريانية في التاريخ وسُميِّت كلدانية حديثاً، وندرج جدول المطران وتصحيحه

جدول المطران سرهد جمو

 

https://e.top4top.io/p_1472etjea1.png

جدول المطران سرهد جمو بعد تصحيحي

https://f.top4top.io/p_1472i6pjs2.png 

 

والتصحيح والتوضيح هو:

1: إضافة كلمة السريانية إلى العنوان الرئيس للجدول الذي هو (سلسلة جثالقة كرسي المشرق)، لتصبح كرسي المشرق السريانية.

2: المطران جمو بدأ بسلسة أساقفة المدائن من شمعون الرابع الباصيدي 1497م، ونحن أضفنا تاريخ كنيسة المشرق منذ سنة 104م إلى زمن الباصيدي، وقلنا:

من 104- 300م: هم أساقفة أربيل خاضعين لبطريركية أنطاكية السريانية

فافا الآرامي المتوفى سنة 329م: هو أول أسقف للمدائن خاضع لبطريرك أنطاكية السرياني

شمعون بن الصباغين +343م: أول مطران للمدائن

مار إسحق 410م: أول جاثليق للمدائن

497م: اعتناق كنيسة المشرق النسطرة وانفصالها عن أنطاكية السريانية الأرثوذكسية (كنيسة اسمها المشرق السريانية النسطورية).

3: أضفنا كلمة النسطورية إلى قول المطران جمو، السلالة التقليدية.

4: أضفنا كلمة الكاثوليكية إلى قول المطران السلالة المتحدة بروما.

5: توضيح انشقاق بطاركة اليوسفيين في ديار بكر عن الإيليين في دير الربَّان هرمز في ألقوش بسهم رفيع وطويل من البطريرك إيليا التاسع مار أوجين (1660-1700).

6: توضيح اتحاد بطاركة اليوسفيين في ديار بكر بعد البطريرك أوغسطين الهندي (1803-1828م) بالبطريرك بمطران الموصل يوحنا الثامن هرمز (1830-1838م)، بسهم صغير وعريض، وتشكيل أول بطريركية كلدانية كاثوليكية في التاريخ في 5 تموز 1830م، في الموصل برئاسة يوحنا هرمز الذي تم رسامته بطريركاً على الطرفين.

7: شرح بسيط عن بعض البطاركة وإيمانهم مقابل أسمائهم.

8: تفصيل وتوضيح جلوس البطريرك شمعون 13 دنحا، فالمطران جمو خلط جلوسه كنسطوري وكاثوليكي معاً (1662-1700م)، والحقيقة أنه كاثوليكي من سنة (1662م- 1670م)، ونسطوري (1670-1700م).

9: المطران جمو خلط بطريركين باسم برماما، وجعلهما واحداً بشخص شمعون برماما السابع (1538-1558م)، والحقيقة هما اثنان، شمعون السادس إيشوعياب ماما كوريال (1538-1551م)، وشمعون السابع حنانيشوع مرقس ماما كوريال (1551–1558م) هو برماما أيضاً، مع ملاحظة أنه رُسم بطريركاً ولم يتجاوز عمره ثمان سنين، وسُمِّي (حنانيشوع) باسم أخيه الذي كان ولياً لعهد عمه البطريرك شمعون السادس لكنه توفي سنة 1545م، وهذا البطريرك هو الذي حرض على قتل البطريرك المتكثلك يوحنا سولاقا، ويُسَمَّى أيضاً (برماما).

10: إضافة انشقاق الكنيسة النسطورية سنة 1968م إلى قسمين، الأول اتخذ اسم (الجاثليقية القديمة)، ويرفض التسمية الآشورية بشدة، والثاني سَمَّاه البطريرك دنحا الرابع في 17 تشرين أول 1976م، آشورية، علماً أن البطريرك دنحا هو الرابع، وليس الثالث أو الرابع كما ذكر المطران جمو.

وشكرا/ موفق نيسكو