بابنيان الحمصي (142-212م)

بابنيان الحمصي (142-212م)

أمام دار العدل في روما يقف تمثال شامخ. إنه ليس شخصية رومانية بل سورية. وعلى جدارية أمام مبنى الكونغرس الأمريكي معنونة باسمه تكريما لدوره القانوني الكبير، كتب النص التالي:
‏”مؤلف أكثر من ستة وخمسين مؤلفا في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية”.
من المثير للدهشة أن قلة من السوريين يعرفون هذه الرجل العظيم الذي أعطى للعالم أولى التشريعات والقوانين التي تعد مصدرا للحقوق حتى يومنا هذا.
إنه بانيان الحمصي (بالإغريقية بافنيان)، الحقوقي السوري وشهيد العدالة التي أرسى قوانينها. اسمه ‏Aemilius Papinianus‏ (بابنيان)، ولد عام 142م في حمص، درس في بيروت التي كانت أشهر مدارس تعليم الحقوق في الإمبراطورية الرومانية.
شغل عدة مناصب في عهد الامبراطور المولود في ليبيا سبتيموس سفيروس، زوج الإمبراطورة جوليا دمنا الحمصية، وكان مقربا منهما.
كان بابنيان ضمن “الفقهاء السوريين الخمسة” الذين صاغت تشاريعهم 80% من مدونات جوستينيان في القانون والتي تتألف من خمسين كتابا، مؤلف من 2462 فقرة قانونية تعد مصدرا رئيسيا استلهمت منه الدول الأوروبية الحديثة قوانينها مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا. حيث أدخل بابنيان ما لا يقل عن 596 فقرة في “موجز جستنيان القانوني” وذكر اسمه فيه 153 مرة.
هذبت تلك القوانين التشريع الروماني الذي كان فظا قاسيا، إذ أسبغت عليه روح الرواقية المشرقية.
ألف بابنيان 19 مؤلف في المناقشات القانونية، و37 في المسائل القانونية. وتعتبر كتبه “الأسئلة” و”الأجوبة” من أشهر ما كتب، حيث كان كتاب “الأجوبة” مقررا مدرسيا في مدارس الحقوق الرومانية، وأيضا كتاب “الفتاوى”.
لكن تلك الحياة المزدهرة المليئة بالإنجاز كان ينتظرها نهاية فاجعة. وقد جاءت النهاية بعد صراع كاركلا وغيتا أبناء الإمبراطور سبتيموس، انتهى بمقتل غيتا على يد أخيه. وبعد تسلم مقاليد الحكم طلب كاركلا من بابنيان صوغ رسالة يتلمس فيها الأعذار لفعلته الشنيعة أمام مجلس الشيوخ. وما كان من بابنيان إلا أن اتخذ موقف الحق وأبى ذلك، قائلا جملته الشهيرة التي ترن في أروقة المحاكم حتى اليوم: إن ارتكاب جريمة قتل أهون من تسويغ هذا القتل.
فما كان من الإمبراطور إلا أن أمر بقتل بابنيان بالبلطة، فطلب بابنيان استعمال السيف وكان له ذلك، لتنتهي حياة هذا الرجل العظيم دفاعا عن العدالة التي لم يكتف بسن قوانينها بل آمن وعمل بها حتى نهاية حياته.
يقول المؤرخ جيبون في مقتله: لقد كان إعدام بابنيان محزنا بوصفه كارثة عامة.

جوليا دومنا(166-217)

جوليا دومنا(166-217)

سورية من مدينة حمص زوجة القيصر الروماني سپتيميوس سڤروس (139- 211 م) ووالدة القيصر كركلا (211- 217 م) وگيتا، فارقت الحياة في أنطاكية عام 217 م
النشأة
يرجح ولادتها في العام 166 م أو 170 م، في مدينة حمص في سوريا، لعائلة من الاسياد في المدينة تتوارث كهنوت عبادة الإله إل اجبل (أيل الجبل) حيث كان والدها، جوليوس باسيان، الكاهن الأعظم لهذه العبادة في حمص وفي الامبراطورية الرومانية.
حياتها الخاصة
تزوجت جوليا دومنا في العام 187 م من القائد سپتيميوس سڤروس، قائد الفرقة (المعسكر) الرابعة في الجيش الروماني، المرابطة في الولاية الرومانية السورية. في الرابع من نيسان 188 م أنجبت جوليا دومنا إبنها الأول كركلا، في ليون حيث أقامت الأسرة لعمل سپتيميوس سڤروس كحاكم لأقليم (Lugdunensis) ، أنتقلت بعدها الأسرة إلى روماحيث ولد الأبن الثاني گيتا في السابع من آذار 189 م بين 191- 193 م انتقلت الاسرة إلى كارنوتوم (Carnuntum) في النمسا شرق فينا. في 9 أبريل 193 م نادى به الجنود ليكون القيصر، وفي التاسع من حزيران دخل روما، ونالت جوليا دومنا لقب المعظمة (Augusta). القيصرة
رافقت جوليا دومنا زوجها في المعارك التي خاضها في الشرق من 195 م حتى 211 م وكانت منذ بدايات هذه الحروب قد نالت لقب الشرف أم المعسكر (mater castrorum)، وأن كان القائد بلاوتيان (Gaius Fulvius Plautianus) قد حاول الوقوف في وجهها ومنعها من تحقيق نفوذ كبير لها في الحكم، إلا أنها بعد موته (205 م) على يد كركلا استطاعت أن تمارس دورها كحاكمة إلى جانب زوحها، ألا أن السنين الاحقتين كانتا مشحونان بالخلاف بين ولديها كركلا وگيتا، الذين توجب أن يحكما معاً وفق إرادة والديهما. صراع الأخوة
بعد موت سيبتيموس سيفيروس في الرابع من شباط 211 م خلال معارك في بريطانيا، تولى الحكم -حسب رغبته- كركلا وگيتا معاً، وإن كانت لكركلا الكلمة الفصل كونه الأكبر سناً (البكر)، وبسب العداء المستحكم بينهما، أقتربت الأمور من الحرب الأهلية في الإمبراطورية الرومانية. حتى أن المؤرخ هيروديان يكتب عن انشقاق متوقع في الإمبراطورية، بحيث يحكم گيتا الجزء الشرقي، لكنه يبدو أن جوليا دومنا كانت قد عارضت هذا الفعل، وحالت دون وقوعه، إلا أن كركلا قام في الحادي عشر من كانون الثاني 211 م بقتل أخيه غيلة بعد أن كان دعاه إلى لقاء مصالحة، وذلك في أحضان جوليا دومنا التي حاولت حمايته، مما أدى إلى إصابتها هي أيضاً، كما قتل الآلاف من اتباع أخيه، كما منع إقامة مآتم أو اظهار الحزن على گيتا، بما في ذلك جوليا دومنا نفسها، التي عانت كثيراً كأم ممنوعة من الحزن على إبنها. القيصرة أم القيصر
تركت حادثة قتل گيتا جرحاً عميقاً في وجدان جوليا دومنا، كما عبر عن ذلك المؤرخ كاسيوس ديو Lucius Claudius Cassius Dio Cocceianus، ولم تعد علاقتها بكركلا كما كانت، ومع ذلك ظلت تعامل بفائق الإحترام، حتى أنها كانت المسؤولة عن شؤون الإمبرطورية الروماتية من الناحية الإدارية، حيث ركز كاراكلا جهوده في الحروب والمعارك. وقد تابعت جوليا دومنا اهتمامها بالآداب والفلسفة والفنون، من خلال عقد حلقات للأدباء والفلاسفة في قصرها، منهم الكاتب فلاڤيوس فيلوستراتوس Flavius Philostratos الذي ألف كتاب -بناء على طلب جوليا دومنا- عن حياة الفيلسوف الفيثاغوري أپولونيوس من تيانا Apollonius of Tyana والذي أنهاه بعد مماتها. في العام 214 م
كانت جوليا دمنا في سوريا مع ولدها كركلا الذي بدأ سلسة معاركه مع الفرس، وفي الثامن من نيسان عام 217 م وأثناء تواجده في الرها في شرق سوريا قتله أحد الحراس بتحريض من القائد الروماني مكرينوس Macrinus الذي أصبح قيصراً من بعده. النهاية بالرغم من حزنها الشديد الذي أضر بصحتها كثيراً، وعلى غير ما هو متوقع، فقد احتفظت جوليا دومنا بصلاحيات عديدة في زمن القيصر مكاريوس، إلا أنها عندم أخذت بممارسة هذه الصلاحيات، تنبه مكاريوس إلى إمكانية إستعادتها لمجدها السابق في حكم الامبراطورية، فأمرها بمغادرة أنطاكية، الأمر الذي يعني نهاية نفوذها، مما جعل صحتها تسوء وصولاً إلى موتها في العام 217 م،
نُقل جثمانها إلى روما وعومل وفق تقاليد تأليه القياصرة. سلالتها من اولادها لا تزال موجودة حتى يومنا هذا وهي موجودة في مدينة حمص ويقال ان هذه السلالة تسمى آل سڤروس نسبة إلى سپتيميوس سڤروس وتوجد وثائق مسجلة في كنيسة أم الزنار المشهورة تثبت نسبهم إلى هذه السلالة الامبراطورية.
لم تكن جوليا دومنا تلك الفتاة الحمصية بارعة الجمال تحلم قبل ألفي عام أن تصبح السيدة الأولى في قصر الإمبراطورية الرومانية التي كانت من أعظم الإمبراطوريات في ذلك العصر رغم أن النجوم قد بشّرتها بزواجٍ ملكي، على حد وصف المؤرخ (جان بابليون) وكان هذا كافياً لسبتيموس سيفيروس العربي الليبي أحد ثلاثة قادة للجيوش الرومانية في عهد أحد أباطرة الانطونيين (مارك أوريل أو ماركوس أوريليوس) كما يُسمى بالرومانية. كان هذا كافياً له لأن يعمل على الزواج منها، وهو العسكري المجبول على إطاعة الأوامر العليا كما يصفه بابليون وبخاصة إذا كانت تلك الأوامر آتية من السماء التي يجب اللجوء إليها في كل أمر عظيم.
كانت حمص في العصر الروماني مشهورةً بعبادة إيلا غابال (إله الشمس) الذي يرمز إليه حجر أسود مخروطي الشكل أُقيم في معبد الجبل، المعبد الكبير والهام في حمص، وهو مكان الجامع النوري الكبير حاليا، وكان الكاهن (باسيانوس الحمصي) هو المُولج برعاية هذا المعبد والعمل على خدمته، وكان لهذا الكاهن ابنة تدعى (جوليا دومنا) على قدرٍ كبيرٍ من الجمال والذكاء، وشاءت الأقدار أن يأتي إلى حمص القائد الليبي (سيبتيموس سيفيروس) بمهمة من الحكومة الرومانية للقضاء على الفوضى التي قامت فيها، ولقطع دابر الأشقياء والمفسدين، فقام بالمهمة خير قيام، وفي حمص تعرف على باسيانوس وأُعجب بابنته إعجاباً شديداً، وانتهى هذا الإعجاب بالزواج سنة 187 وجرى للعروسين احتفال أسطوري يليق بهما، ولم تأت سنة 193 حتى نادى الجيش بسيبتموس سيفيروس امبراطوراً على روما، وبذلك وُضع الأساس لصرح الأباطرة السيفيريين ذوي الأصل الحمصي عن طريق جوليا دومنا التي عملت على جلب أختها (جوليا ميسا) وابنتي اختها (جوليا سوميا) و(جوليا مامة) إلى مدينة روما حيث امتزجت أسماؤهن بتاريخ روما، واعتلين عرشها الإمبراطوري بالتتالي.

العاصي والتيبر:
لم تكن سيدة القصر الإمبرطوري في روما (جوليا دومنا) امرأة عادية بل كتلة من المواهب العبقرية التي جعلتها تصنع جزءاً كبيراً من نجاحات زوجها الإمبراطور سيفيروس، وكأن مقولة ” وراء كل عظيم إمرأة” التي تتردد كثيراً في أحاديثنا اليوم، كانت حقيقة مجسدة في ذلك العصر.

لقد اتصفت جوليا بكل الصفات التي جعلت منها أنثى استثنائية، وهي صفات كانت نادرة الوجود لدى السيدات الرومانيات آنذاك، من حدة في الذكاء، وسعة في الحيلة، وإصابة في الحس وعناد في الإرادة، وجرأة وإقدام، وقوة فكرية، واستطاعت جوليا بما أُوتيت من ذكاء وحزم وتخطيط أن تسهم مع زوجها في تصريف شؤون الإمبراطورية وأن ترافقه في رحلاته وانتصاراته حتى منحتها روما لقب “أم الوطن” ولقب “أم الشيوخ”، وأنشأت (جوليا دومنا) صالوناً ثقافياً في أثينا عرف بصالون الإمبراطورة، كان يتردد عليه عدد كبير من أدباء وفلاسفة ومفكري ذلك العصر، من أمثال الفيلسوف السفسطائي (أبولويانوس) والشاعر (أربياه) والطبيب البارع (واربا) والفيلسوف (أبوجين أرتيني) الذي أهداها كتابه (حياة الفلاسفة) والمؤرخ (أثينوس وماربوس ماكسيموس) والفيلسوف (هيرود أتيكوس) و(أبولي) أمين سر الإمبراطورية ومؤلف كتاب (الحمار الذهبي) والمؤرخ (هيبرابوليس) قنصل وحاكم أثينا الذي ألف كتاباً أسماه (تاريخ السيفيريين) و(إميل بابنياس) الذي يعتبر أشهر الفقهاء في العالم وفي كل العصور وقد ولد في مدينة حمص عام 142م وقتل عام212م بأمر من كركلا ابن جوليا لأنه رفض كتابة دفاع وتبرير لكركلا تبيح للأخير قتل أخيه غيتا دفاعا عن النفس وكان جوابه المشهور الذي قُتل بسببه (إن ارتكاب جريمة قتل الوالدين أيسر من تبريرها) ويعني تبرير قتل كركلا لأخيه وقال: (إن تبرير قتل النفس ليس أسهل من اقتراف القتل).

ساعدت جوليا على انتشار النفوذ الثقافي السوري في روما، وأحاطت نفسها بعددٍ كبيرٍ من المفكرين والعلماء والأطباء السوريين، وهذا النفوذ هو الذي دعا الشاعر اللاتيني (جوفنال) لأن يتذمر في هجائيته المسماة “بابل” بأن نهر (العاصي) السوري أصبح يصب منذ زمن بعيد في (التيبر)، والحياة أصبحت في روما لا تُطاق من كثرة هؤلاء الأغراب الذين توافدوا على العاصمة واستقروا فيها. وقد لعب الجانب الديني دوراً كبيراً في ترسيخ هذا النفوذ، فسوريا في ذلك الوقت كانت موطن الديانات الشرقية، وموئل التدين والعبادات الشرقية في الوثنية الرومانية وكانت الشمس في المعتقد السوري أقوى الآلهة، فهي تتحكم بمسار الأزمنة والأشياء وتقود دورة النجوم وهي كما يقول “شيشرون” وهو “قائد وملك كل الأنوار السماوية الأخرى والعقل المدبر للعالم كله”. ومن خلال معبد الشمس استطاعت حمص أن تتربع على عرش روما سيدة العالم في ذلك العصر لمدة خمسين عاماً تقريبا، كما استطاعت أن تفرض لفترة قصيرة عبادة إله الشمس الحمصي “إيلاغابال” الذي لا يُقهر كأعلى وأعظم الآلهة في مدينة روما ومن الأعمال العظيمة التي أنجزها سيفيروس مدرسة بيروت للحقوق التي أنشأها إكراما لزوجته جوليا دومنا وتعتبر أشهر مدرسة للحقوق الرومانية في التاريخ، وأطول المدارس عمرا رغم أنها لم تكن الوحيدة ومما يدل على أن سيفيروس هو الذي أنشأها المعبد الذي أقيم لسيفيروس في بيروت ووضع داخل المعبد تمثال له، و”اجتذبت مدرسة بيروت للحقوق كثيراً من الطلاب العرب والأجانب وذلك من مختلف مناطق الإمبراطورية الرومانية وكان من خريجيها كثير من الأباطرة ورؤساء الحرس الإمبراطوري والحكام القضائيين ورؤساء الديوان (الوزارة) وكثير من الوزراء والعظام وكان لأساتذة المدرسة شهرة فائقة وتأثير كبير في مؤلفاتهم على الحقوق الرومانية وهذا ما جعل مدرسة بيروت للحقوق أكاديمية جامعية ذات شهرة عالمية” (دراسة بعنوان الأثر الشرقي في القانون الروماني – اللاتيني بقلم أحمد غسان سبانو، مجلة التراث العربي، دمشق العدد الأول، السنة الأولى تشرين الثاني 1979).
وقد قضى زلزال حدث في عام 551 م على المدرسة وهدمها فوق طلابها وأساتذتها كما هدم مدينة بيروت وذهب ضحية هذا الزلزال ثلاثون ألف شخص من سكان بيروت ومنهم عدد كبير من الطلاب الأجانب أبناء الأسر النبيلة. وعُثر على بقايا لهذه المدرسة منذ سنوات أثناء تجديد وسط مدينة بيروت.

“أيلا غابال”:
بعد وفاة (سيبتيموس سيفيروس) في إحدى معارك الرومان في بريطانيا بقيت الأسرة السيفيرية مسيطرة على حكم روما من خلال ابني سيفيروس من جوليا دومنا(كراكلا) و(جيتا) ولكن صراعاً دموياً نشب بين الأخوين اللذين كانا يكنان لبعضهما منذ الطفولة أشد أنواع البغض والكراهية، ولذلك حاول كركلا وهو الأكبر أن يجعل نفسه الحاكم الوحيد لروما، وفي سبيل ذلك دبّر اغتيال أخيه (جيتا) وهو في جناح والدته الخاص، وكان (جيتا) قد دُعي إلى ذلك الجناح للتوفيق والصلح مع أخيه كراكلا وأُصيبت جوليا نفسها بجراحٍ في يدها أثناء محاولتها حماية ابنها، وقد حدث ذلك في سنة/112/ وهي السنة التي منح فيها (كراكلا) حق الرعوية الرومانية (المواطنة بالمفهوم المعاصر) لجميع سكان الولايات الأحرار، وكان آنئذٍ في الثالثة والعشرين من عمره، ومنذ ذلك الحين حُكم على الإمبراطورة الوالدة التعيسة أن تبكي على موت الولد الراحل وعلى حياة ابنها الآخر غريب الأطوار.

وقفت والدة كراكلا مكتوفة اليدين تجاه تصرفات ولدها، ولم تجرؤ على ذرف دمعة واحدة على ابنها الذي مات غيلةً، وبعد خمس سنوات من توليه الحكم في روما قُتل كراكلا على يد قائد الحرس القضائي (ماكران) الذي نصّب نفسه بدلاً عنه، ولما بلغ جوليا ذلك وهي في أنطاكيا أُصيبت بحالةٍ شديدة من الحزن والكآبة، وقد دفعتها هذه الحالة إلى محاولة الانتحار جوعاً، ليس بسبب موت ابنها المكروه (كراكلا) بل لأنها لم تستطع التفكير بالعودة إلى الحياة العادية بعد أن كانت تأمل أن تصبح الحاكم الوحيد لروما، وأن تجعل نفسها معادلةً لسمير أميس، ونجحت أخيرا محاولاتها المتكررة في الانتحار، وحُمل رماد جسدها، ووضع في مدفن “أوغست” في روما دلالةً على المكانة الكبرى التي تمتعت بها عند الرومان، وأعاد “ماكران” أختها وابنتيها مع حاشيتها إلى حمص، إلا أن الفرقة الرومانية الثالثة المؤلفة من الجنود السوريين أعلنت “أفيتوس” ابن كركلا ابن (جوليا سوميا) إمبراطوراً بعد إعلانه الانتصار على ماكران وتم الأمر لافيتوس الذي غلب عليه اهتمامه بالجانب الديني، وأصدر أوامره بأن تُقام الطقوس الدينية للإله (ايلاغابال) في جميع أنحاء الإمبراطورية، بل واصطحب معه الحجر الأسود من حمص إلى روما، وبنى له معبداً خاصاً على شاكلة معبد حمص في موقع كنيسة “سباستيان” الحالية كما رفع مدينة حمص إلى مصاف ميتروبول المدن الكبرى.

وقُتل أفيتوس غيلة أيضاً، فحكم من بعده الإسكندر سيفر ووالدته (جوليا مامة) ابنة شقيقة (جوليا دومنا) الذي قتل هو الآخر على يد أحد قواده، وبزواله زال حكم السلالة السورية من روما، كما زال السلم وعمّت الفوضى في أرجاء الإمبراطورية الرومانيـة.

ܝܘܣܦ
عيد سعيد  للمرأة !

عيد سعيد  للمرأة !

يتم الاحتفال في 8 مارس بيوم المرأة في جميع أنحاء العالم.

على الرغم من أن المعنى المنسوب إلى اليوم يختلف من دولة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، فإن ما يتم التأكيد عليه في الواقع هو قدسية الكرامة الإنسانية.

لأن كرامة الإنسان هي كلُّ. في هذا التكريم، الرجال والنساء على حد سواء حاضرين على قدم المساواة. فكلما كان الرجل أكثر كرامة كانت المرأة أكثر كرامة وقدسية.

هذه الحقيقة الجوهرية هي جوهرالخلق. إنها الحالة النقية للوجود.

الشيء الرئيسي هو التقاط هذا الجوهر وعدم فقدان هذه الحالة النقية.

ومع ذلك، عندما يضع الإنسان رغباته وحماسه قبل هذه الحقيقة الأساسية، يبدو الأمر كما لو أنه حبس نفسه في الداخل. هذا يغذي الأنا / أنانية الشخص. يقوي قلب الإنسان المحب في سياق الخطاب والعمل. في هذا التقسية تضيع كل القيم والفضائل الجميلة التي تخلق حقيقة الحياة وروح الحياة، ولا سيما شرف الرجال والنساء. في هذا السياق، إذا لم يتطورالوعي الفردي والاجتماعي ولم يتم اكتساب وعي جديد، فإن الجذور الفكرية لتطورالتحيزالسلبي سوف تقوي وتغذي المعارضات في المجتمع. مع استمرارهذا الوضع، فإن إنسانية الرجل، المكونة من الرجال والنساء، مشلولة. إن العوامل الأساسية التي تمكن الإنسان من التطور وتطهر الروح البشرية تتضرر.

في سياق الشفاء، يجب أن يكون للطرق التي ستحول هذا الموقف إلى وضع إيجابي نية حسنة بحيث يجب أن تنأى بالناس عن مشاعر المعارضة الحالية. يجب أن تجعله أقرب إلى نفسه. لأن النية والعمل مثل الجسد والروح. تمامًا كما يتحول الجسم الميت إلى تربة، فإن أي عمل بدون نوايا حسنة سيكون بمثابة فشل. النوايا الحسنة تجعل القليل أكثر، القليل العظيم، والذي لا قيمة له ذا قيمة. إنه يمنع الناس من أن يكونوا أنانيين. لأن الأفكار/ الأفعال المتمركزة حول الذات تجعل الناس متعجرفين. إنه يضخم الغطرسة الموجودة ويقضي على التواضع. إنه يخل بتوازن الروح. عندما يختل توازن الحياة، ينعكس الخلل الناتج في سلوك الشخص وعلاقاته وممارسته. ولسوء الحظ فإن الاختلالات المتجسدة في السلوكيات تسبب مشاكل ونتائج غير مرغوب فيها.

وجهات النظر التي يطورها الناس في أذهانهم مهمة هنا. لدرجة أن وجهة نظرهم مثل نافذة على الحياة. يمكن أن تنفتح هذه النافذة أيضًا على نفق مظلم مليء بالأحكام السلبية. كما يمكن أن يفتح على حديقة جميلة مليئة بجمال الكرامة الإنسانية. الأمر كله يتعلق بالطريقة التي تنظر بها إلى الحياة والتنشئة. لذلك، الطريقة التي ننظر بها إلى الحياة، تبدأ حياتنا في التبلور. تتحول طريقة النظر إلى الحياة إلى مواقف / سلوكيات. هؤلاء يرسمون مسار الحياة.

لا ينبغي أن ننسى أنه عندما يقترب الشخص من الحقيقة والحقيقة بنزاهة، ويعامل النساء والرجال وجميع الكائنات الحية في الكون بأخلاق، فإنه يحصل على امتياز أن يكون إنسانًا. يصبح إنسانًا ويتمتع بالحياة أكثر.

كتبت برديصان ( + 222)، أحد أساتذة الفلسفة السريانية المشهورين، في هذا الاتجاه: “الخير هو طبيعة الإنسان. الشر هو حالة شاذة.

إن جوهر وحقيقة الخيرلا يتغيران. ما يتغير هو تصور وفهم الشخص. عندما يتحول حياة الشخص وإدراكه الذاتي بطريقة إيجابية، مع تطوره، ستتغير نظرته للحياة وفقًا لذلك. سوف يتم  تتطور.

عندما ننظرإلى المرأة كشخص وليس كأنثى، يتغيرالكثيرعندما نتمكن من النظر إليهن بهذه الطريقة. نعم، حتى لو كانت المواهب والمهارات والأدوار مختلفة، فالحياة كلها. تعبرعن “كرامة الإنسان” عن جوهر هذه الوحدة. لا يوجد استغلال –  بل تسامي هنا، والمساواة ضرورية. لا تمييز بين الرجل والمرأة في هذه المساواة. إن الكرامة الإنسانية المقدسة ملك لكل من الرجل والمرأة على قدم المساواة. لذلك، فإن التمييز بين الرجل والمرأة هو شذوذ. انها لا تنتمي الى نفسها.

المهم أن كرامة الإنسان، التي تنتمي إلى الجوهر، تُمجَّد وتُقدَّر بالحب والاحترام. هذا الشرف لا يتعرض للقمع والاستغلال بمقاربات غيرإنسانية، بغض النظر عن الجنس.

لأن أحد أهم الأسباب التي تسبب المشاكل في حياة الإنسان هو التقليل من قيمة ما هو ذا قيمة. لا ينبغي لأي شخص أن يقلل من شأن الآخرين عن طريق التقليل من قيمتهم. كما في كل العلاقات يجب على الرجل احترام المرأة والمرأة احترام الرجل.

بيت القصيد هو التحرر من مشاعر الاحتجاج والمطالبة بهذا الشرف الجوهري. إنها تنحي جانبا المواقف المواربة وتقدير الذات والآخرين. بدوافع الخدمة، إنها القدرة على إكمال الآخر وفقًا للإمكانيات حتى يكون كاملاً. لأن الحب الذي  يتناسب مع الأنماط والقواعد الفكرية هو سر الخلق. الحب يخلق، الحب يعطي الحياة. لأن الرب محبة. لذلك، فإن ترياق الشرالأخلاقي وكل الشرور هو الحب الذي يخلق الفهم.

سواء أكان رجل أو امرأة، الشخص الذي يكتشف هذا السر يقبل الفروق المرئية وغير المرئية كما هي. تزداد قوة كلما تم قبولها. إنها تصبح أخف وزنا كلما أصبحت أقوى. تصبح أثقل كلما أصبحت أخف. ينضج لأنه يصبح أثقل. عندما ينضج، يصبح الانسان  على دراية بالحدود والمفاهيم الخاطئة التي تحده.عندها يدرك أن الحياة متينة مع شعور بالمسؤولية التي يخلقها.

 عيد سعيد  في 8 مارس يوم المرأة العالمي.

 

ملفونو يوسف بكداش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين

 

ܝܘܣܦ
الحقيقة لا تتغير

الحقيقة لا تتغير

جوهر الخير والحقيقة لا يتغير. وفقًا للحالة الداخلية، فإن تصورات الانسان هي التي تتغير. عمقها وضحالتها. حرارتها وبرودتها. تتراوح بين عدم النضج والنضج. إنها استيعاب. إنها تجربة. إنها أسلوب قراءة.

ليس من السهل قبول نقص المعلومات أو أن يكون لديك رأي بمعلومات حقيقية وأن تكون موضوعيًا. لأن كل انسان يرى الأمر بشكل مختلف. كل انسان يدرك من خلال فنجانه وملعقته العقلية. كل انسان يفهم وفقًا لمقياسه الخاص. كل انسان  يقوم بالتقييم حسب فهمه.

ومع ذلك، عندما  يتعرف الانسان على نفسه ويتعرف على دوافعه الشخصية، يخرج من مكتبة العقل. يبدأ في إبداء التعليقات والتقييمات، مع مراعاة الحالة الذاتية للحقيقة والمفاهيم الخاطئة. لأنه مع تحول الحياة وإدراك الذات، تتغير أيضًا نظرة الناس إلى الخيروالحقيقة. تتطورالقدرة على التقييم بشكل إيجابي وتوفر النمو. لهذا السبب يعتقد الحكماء الحقيقيون الذين يعترفون بجهلهم، والذين يقدرون المعرفة الحقيقية، أنهم لا يعرفون شيئًا، وأنه يمكنهم دائمًا تعلم أشياء جديدة، والتصرف وفقًا لذلك.

إن الانسان الصادق مع حكمته وصميميته يعلم أنه لا يوجد شيء (حدث – شخص)  كما هو ظاهرأو كما يُدرك ويُرى. هذا الوعي يقود الفكرة. قال الكاتب الفرنسي الشهيرAntoine de Saint-Exupery أنطوان دو سان إكزوبيري (1900-1944)، “وراء كل ما يظهر، هناك شيء أعمق. علينا دائمًا الاستماع إلى قوله ذي المعنى، كل شيء ليس سوى باب ، نافذة ، طريق يؤدي إلى شيء آخر غير نفسه”.

الوعي والولاء لهما آثارمهمة للغاية هنا. للقضاء على سوء الفهم أو سوء التقدير، ولإيجاد الحقيقة، يتطلب التقييم / التفسير بمقاربات موضوعية تتجاوز التصورات والقوالب النمطية الراسخة. النظرة الشمولية / الشاملة تستلزم ذلك. عندما تكون هذه النظرة صادقة، تظهر الحقيقة كما هي، ويمكن بسهولة اكتشاف الخدمة المشتقة من روح التضحية بالنفس.

ومع ذلك، فإن الغطرسة وفيرة مثل البقع العمياء في الأشخاص غير الناضجين. إنهم يقدمون تفسيرات غيركافية وغيركاملة بسبب التقديرات والأوهام التي تتحول إلى أحكام. لأنهم يقيّمون وفقًا لأنماطهم الضيقة وتصوراتهم المحدودة. يستخدمون الأحكام المسبقة التعسفية عندما لا يستطيعون فك رموز وقائع وأحداث الناس. لذلك، فإن رؤية وفهم أي روح /تكون من خلال خدمة نكران الذات بكل عريها وذلك بسبب التحيز السلبي والتحيّز / الخطأ في التحقّق المحيط بالفكروهو يتناسب طرداً بشكل مباشر مع التصورات / المناهج / المعدات في العالم الداخلي. لا ينبغي أن ننسى أن أي تقييم يتم إجراؤه بنقص المعرفة / الإدراك / الفهم / الخبرة والتكييف السلبي يؤدي إلى تفسيرات ذاتية وأخطاء. لهذا السبب ، غالبًا ما يُساء تقدير روح التماهي / الإخلاص بسبب قراءات سيئة. لأن الناس ذوي الأخلاق / الأرواح المخلصة / المتسقة لديهم رؤى ودوافع مختلفة غير موجودة في الآخرين. بالنسبة للآخرين، فهو متمايزفي القلب والروح والعقل. ليس من السهل أن نفهم هذا الانسان كما هو بنواياه الصادقة. هذا الموقف النسبي، الذي يعتمد على تغيير / و تحويل انحياز السلبية وخطأ الأحكام المسبقة، على الذات / الأنا، والتي لا تتماشى مع الذات / الأنا، والتي تتم بوعي، والتي تعتمد على الأنشطة العقلية، تتطلب وقتًا و صبراً.

عندما لا يتمكن الانسان من إجراء التجديد العقلي والروحي الضروري، فإنه يستمر في التصرف وفقًا لرغبات روحه / الأنا. سواء أراد ذلك أم لا، يقوم بالتقييم والتعليق من خلال جعل المخرجات تتماشى مع برنامجه العقلي الحالي. عندما يبدأ في فعل ما هو صعب على نفسه / غروره، وعندما يستمر في تكراره بصبر، يتعلم العقل الباطن الشيء الجديد ويقبله بعد فترة، ويسجله ويبدأ في إعطاء مخرجات في هذا الاتجاه. ونتيجة لذلك، كما قيل، يبدأ في العطاء. بعد كل شيء، كما يقول المثل، “كل ما تقوله لأربعين يومًا يصبح كما تقول”.  ويبدأ التجديد الروحي / الفكري.

على الرغم من ضرورة الجدران المحمية التي تفيد الناس في بعض الأحيان، فإن الشيء الرئيسي هو ذاك الحجاب الذاتي الذي يغطي قلب العين. ذاك الذي ينبغي إزالته. إنها القدرة على بناء جسور التفاهم / التقارب بدلاً من الجدران. لأن هناك طريقًا من انسان لآخر، ومن قلب إلى قلب، ومن الفكر إلى الفكر. يجب أن يكون هذا الطريق مفتوحًا، لا أن يغلقه من خلال التحيز السلبي. لأن كل خطأ و تحيز وتأكيد هو بئر. من الصعب رؤية الحقيقة بكل عريها أثناء وجودها في هذا البئر. لهذا السبب قال Konfucius كونفوشيوس (551 قبل الميلاد – 479 قبل الميلاد) العبارة ذات المعنى “أولئك الذين يعيشون في قاع البئر يرون السماء على أنها فم البئر”.

على الرغم من أن تغيير المفاهيم / الأحكام الخاطئة وتحويلها يستغرق وقتًا، إلا أن الحقيقة لها جانب قاس في الظهور. تعد مناهج التقييم الشخصي والتعليقات رائعة لدرجة أنه حتى لو كنا مخطئين في أحد تصوراتنا / أحكامنا، إذا لم نتسرع، فقد يصدر حكم صحيح آخر – يومًا ما -. إذا كان الشخص لا يزال يسيء الفهم، ويخطئ في الأحكام المسبقة ضمن التصورات / المناهج المتعددة للمعرفة والفهم والوعي، فهذا ليس سوى حبس وحجب للنفس في الحقيقة.

كما قيل “حتى لو أسكتّ الحقيقة ودفنتها تحت الأرض، فإنها ستحيا بالتأكيد وتنمو وتتطور.”

 

ملفونو يوسف بكداش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين

 

 

سيرة حياة القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك (+ 1359م).

سيرة حياة القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك (+ 1359م).

Évêque Jean Elias

ولد القدّيس غريغوريوس بالاماس في مدينة القسطنطينية في العام 1296م. كان من عائلة من النبلاء.
أبوه وأمه مهاجران من بلاد الأناضول تركاها إثر غزوة الأتراك لها. كان أبوه عضواً في مجلس الشيوخ مقرَّباً من الأمبراطور البيزنطي اندرونيكس الثاني باليولوغوس.
يروى عن أبيه أنه كان يتعاطى الصلاة القلبية ويغيب عما حوله حتى في حضرة الأمبراطور. وقد كان يحدث أن يطرح عليه أندرونيكوس سؤالاً فلا يجيبه لأنه كان غارقاً في صلاته. ويبدو أنه صار راهباً واتخذ إسم قسطنديوس عندما أحسَّ بدنو أجله.
أما أمه فكانت هي الأخرى تقية، حادة الذكاء، تتمتع بمواهب جمة. وقد كان لها على إبنها أطيب الأثر. كما اقتبلت هي أيضاً الحياة الرهبانية.
كان لغريغوريوس أربعة إخوة، أختين وأخوين. وإثر وفاة أبيه تعهّد العائلة الإمبراطور أندرونيكوس. وهكذا تيّسر لغريغوريوس أن يحصّل قدراً وافراً من العلم الدنيوي.
أمضى سنواته حتى العشرين أو الثانية والعشرين في القصر الملكي. يروى عنه أنه كان صعباً عليه أول أمره، أن يحفظ غيباً فكان يركع ثلاث مرات ويصلي لوالدة الإله صلاة حارة. وبمعونتها توصل إلى الحفظ عن ظهر قلب بسهولة. درس البيان والخطابة والطبيعيات والمنطق. وقد أبلى في الفكر الفلسفي بلاء حسناً، لا سيما في المنطق الأرسطوي حتى كان يبدو لمعلميه كأنهم يسمعون فيه أرسطو بعينه.
لم تُغْرِ غريغوريوس نجاحاتُه ولا كانت له في دنيا الوظائف العامة طموحات. لذا حوّل طرفه ناحية أخرى تحرّك صوبها قلبُه بكليته الرهبنة.
إعتاد قبل ذلك أن يلتقي رهباناً ينحدرون من الجبل المقدّس (آثوس). وكان هؤلاء يرشدونه إلى الإبتعاد عن العالم ويشجّعونه على الذهاب إلى الجبل المقدّس. كما كانوا يوصونه بالتروّض على أتعاب الفضيلة قبل ترك العالم. وهكذا بدأ بالسلوك في الفقر إلى حدّ أن بدأ مَن حوله يظنون أنه فقد عقله. وقد كان له في شخص ثيوليبتوس، أسقف فيلادلفيا العتيد، خير أب روحي ومعلم حثّه ونشأه على يقظة القلب والصلاة النقية.
أخيراً عزم غريغوريوس على ترك العالم والإنصراف إلى الحياة الرهبانية الملائكية. ولما كان بكر إخوته وصاحب الكلمة الأولى في العائلة محل أبيه، فقد رأى أن الحل الأوفق يتمثل في أن يترك هو وأمه وأخواه وأختاه والخَدم العالمَ ويقتبلوا الحياة الديرية. وهكذا كان: توزعت الأم والأختان والخَدم في أديرة في القسطنطينية وارتحل غريغوريوس وأخواه، مكاريوس، و ثيودوثيوس، إلى الجبل المقدّس (آثوس). كان ذلك في العام 1316م.
نزل غريغوريوس وأخواه في مكان قريب من دير فاتوباذي في الجبل المقدّس، ووضعوا أنفسهم في عهدة أب هدوئي يدعى نيقوديموس. (الهدوئي).
طريقة رهبانية نسكية تتمثل في حياة نصف مشتركة يتحلق فيها الرهبان حول شيخ روحاني فيسلكون في النسك والصلاة ويذهبون في السبوت والآحاد إلى الدير الّذي يُعتبر اسقيطُهم من توابعه ليشتركوا في الخدم الليتورجية وسرّ الشكر.
أمضى غريغوريوس في هذا الوضع ثلاث سنوات قضاها في الصلاة والصوم والسهر. كان ذكر والدة الإله لديه دائماً، يستعين بها على نفسه. ويذكر مترجم سيرته أنه فيما كان يصلي مرة ظهر له يوحنا اللاهوتي، شيخاً وقوراً، وقال له: “لقد أرسلتني إليك ملكة الكل والفائقة القداسة لأسألك لما تصرخ إلى الله في كل ساعة: أنر يا رب ظلمتي! أنر ظلمتي؟؟
فأجاب غريغوريوس: وماذا أطلب أنا الممتلىء أهواء وخطايا غير الرحمة والإستنارة لأدرك مشيئة الله القدّوسة وأعمل بها؟
فقال له الإنجيلي: إن سيّدة الكل تقول لك بواسطتي أنها جعلتني معها معيناً لك في كل شيء. فسأله غريغوريوس: وأين تريد أم ربي أن تساعدني أفي الحياة الحاضرة أم في الآتية؟
فأجاب الإنجيلي: في الحياة الحاضرة والآتية معاً …”.
توفي أخو غريغوريوس الأصغر، ثيودوسيوس، وكذا نيقوديموس الشيخ فانتقل غريغوريوس وأخوه الثاني، مكاريوس، إلى دير اللافرا الكبير الذي كان أول دير في الجبل المقدس (آثوس) والذي أسسه القدّيس أثناسيوس الآثوسي في القرن العاشر الميلادي. بقي غريغوريوس في اللافرا ثلاث سنوات ساد خلالها بنعمة الله والجهاد المرير والنسك الشديد لا على أهوائه وحسب بل حتى على ضرورات الطبيعة. فلقد حارب النعاس وتغلب عليه إلى حد أنه بقي ثلاثة أشهر بلا نوم إلا قليلاً من الراحة بعد الطعام حتى لا يفقد عقلُه صوابَه.
بعد ذلك خرج غريغوريوس إلى الصحراء طالباً المزيد من الخلوة والهدوء، فاستقرّ حيناً في اسقيط يدعى “غلوسيّا” حيث تتلمذ لناسك شهير في الهدوئية اسمه غريغوريوس البيزنطي فأخذ عنه الأسرار الفائقة للصلاة العقلية ولرؤية الله السامية. وقد اكتسب خلال إقامته في هذا الاسقيط تواضعاً عميقاً اقترن بمحبة لا توصف لله والقريب. كما ساعدته الخلوة والهدوء على تركيز العقل في القلب والدعوة باسم الرب يسوع بنخس، فأضحى كلّه صلاة وصارت الدموع العذبة تتدفق من عينيه كمن معين ماء لا ينضب.
لم تطل إقامة غريغوريوس في هذا الاسقيط أكثر من سنتين أو ثلاث غادر بعدها إلى تسالونيكي بسبب غارات القراصنة الأتراك (1325م)، وكان بصحبته إثنا عشر راهباً من الإخوة.
في تسالونيكي، اشترك غريغوريوس لبعض الوقت في حلقة روحية كان يقودها إيسيدوروس، بطريرك القسطنطينية العتيد وأحد تلامذة القدّيس غريغوريوس السينائي. الفكرة من هذه الحلقة كانت أنّ الروحانية الهدوئية ليست للرهبان وحدهم بل لعامة المؤمنين أيضاً. عليه سعى غريغوريوس وإيسيدوروس إلى نشر ممارسة صلاة يسوع بين الناس من حيث هي الأداة الأولى لتفعيل نعمة المعمودية.
سيم غريغوريوس كاهناً وهو في سن الثلاثين (1326م). ثم انتقل إلى منطقة فاريا الواقعة على الحدود بين مقدونيا وتراقيا واستقر في إحدى مغاورها الجبلية نظير النساك القدامى. هناك، فيما يبدو، قسى على نفسه أشد القسوة، فكان لا يخرج من قلايته خمسة أيام كاملة في الأسبوع إلا السبت والأحد ليشترك في خدمة الأسرار الإلهية وينفع إخوته بكلام روحي. وقد تركت هذه المرحلة من حياته بصماتِها على صحته البدنية فأصيب بمرض في الأمعاء.
كان الرهبان والنسّاك في منطقة فاريا ينظرون إلى غريغوريوس كمثال لحياة الفضيلة لأنّ حياته الملائكية، “كانت تدهش الجميع وتدخلهم في نشوة”، وكذا كلامه وحكمته الإلهية الفائقة.
كما “كان يظهر في بعض الأحيان يقظاً متجهاً كله إلى الله مغتسلاً بدموعه العجيبة، وأحياناً أخرى كان وجهه يظهر بشكل فائق الطبيعة بهياً لامعاً ممجَّداً بنار الروح القدس، خاصة عندما كان يخرج من القدّاس الإلهي أو من هدوء صلاته في القلاية”.
لم يطل المقام بغريغوريوس في فاريا أكثر من خمس سنوات إذ اضطر تحت غارات الصّربيين إلى العودة للجبل المقدس (آثوس) حيث نزل في منسك القدّيس سابا التابع لدير اللافرا الكبير والرابض فوق أكمّة تعلو على الدير ويحتاج قاصدها إلى ساعة سيراً على الأقدام ليصل إليها. هناك انصرف غريغوريوس إلى تواصل أعمق وربه فبلغ معاينة الله في نور الروح القدس والتأله.
وفيما كان ذهنه مرة ملتصقاً بالله “أخذه نعاس خفيف فعاين الرؤيا التالية: ظهر وهو يمسك بيده وعاء مملوءاً حليباً. وقد اخذ الحليب فجأة يفيض كنبع وينسكب خارج الوعاء. ومن ثم ظهر وكأنه استحال خمرة ممتازة زكية الرائحة … فجأة ظهر له إنسان نوراني بلباس عسكري وقال له: لما لا تعطي يا غريغوريوس للآخرين بعضاً من هذا الشراب العجيب المنسكب بغزارة بل تركته يذهب هدراً؟ ألا تعلم أنه هبة من الله ولن ينضب أبدأً؟
فأجاب غريغوريوس: لا طاقة لي على منح مثل هذا الشراب لأحد ولا يوجد من يطلب مثل هذا النوع من الشراب.
أجابه الرجل: وإن لم يكن ثمة من يسعون في طلب مثل هذه الخمرة، في الوقت الحاضر، فإنّ عليك أن تعمل وسعك ولا تتهاون في تقديمه للآخرين. أما الإثمار فمتروك لله”.
هكذا أيقن غريغوريوس أنه قد آن الأوان لمباشرة عمل كتابي يفيد منه من يحرّك الله قلوبهم.
كتابات القدّيس غريغوريوس عظيمة الأهمية. لذا، وإكمالاً للفائدة، نورد بعض مقولاته.
يقول إنه متى اعتزل الإنسان العالم واستغرق في النشوة الكاملة للروح فإن الله يكشف له ذاته. إذ ذاك تنشقّ الظلمة ولا يبقى غير نور الله يدعونا إليه مؤطَّراً بنار معتمة. هذا النور هو الله نفسه.
فإن صلّى المرء بمنتهى البساطة في القلب وكرّر الكلمات “ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني” أيضاً وأيضاً، فإنه يؤدي، بذلك، العمل الفائق الذي من أجله خُلق، لأنه سيجد نفسه أخيراً في دائرة الضوء الذي أشرق على قمة ثابور يوم التجلي الإهلي.
كان غريغوريوس يرى الكون مشحوناً بطاقة (energy) التجسّد الإلهي وكذا بجمال العذراء مريم.
في عينيه أن الأرض موضعٌ إلهي جمالُه يكاد لا يحتمل. فإن نور التجلي لم يكف عن السطوع. وثمة قدّيسون يعاينون هذا النور، بعدما جاء المسيح في الجسد، بحراً لا حد له يفيض بصورة عجيبة من شمس وحيدة هي جسد المسيح.
يقول: “في الإسم القدوس طاقة إلهية تخترق قلب الإنسان وتغيّره متى انبثّت في جسده”.
كان يؤمن أن ثمة نَفَساً إلهياً معطى للناس يتحرك في أجسادهم المادية، والجسد يقتني القداسة بهذا النفس الإلهي المنسكب فيه، وأن الجسد كالنَفْس مخلوق على صورة الله وهو ليس شراً بحال.
وللقدّيس غريغوريوس قول مأثور عن أهمية الجسد: “إن الإنسان بفضل كرامة الجسد المخلوق على شبه الله هو أسمى من الملائكة”.
كان يقول إنه من النفس تنسكب في الجسد طاقة إلهية بصورة متواصلة وأن الملائكة وإن كانوا أدنى إلى الله فلا أجساد لهم تنسكب فيها الطاقة الإلهية على هذا النحو.
وعنده أنّ الإنسان يصبح إلهاً متى انكبّ على التأمل وعاين في موضع القلب نور التجلي المتوهج.
هذا ومع القدّيس غريغوريوس انتهى الجدل الذي طالما كان قائماً بين قائل بإمكان إدراك الإنسان لله، وقائل بخلاف ذلك.
فبما أن نعمة الله قد صار بالإمكان معاينتُها في النور غير المخلوق المتدفق في “موضع القلب”، وبما أن الرهبان، ولاسيما القدّيسين، يتمتعون بهذه النعمة، في أعمق تأملاتهم، لذا يخلص غريغوريوس إلى أن الله بات بالفعل قابلاً للمعاينة لأنه هو إياه هذا النور. ومع ذلك يبقى الله، إلى الأبد، غير منظور، يبقى في جوهره كذلك. بكلام آخر، الله معروف في ذاته، في شخصه كنور غير مخلوق، لا في جوهره.
بكلمات القدّيس غريغوريوس نفسه: “ليس لنا أن نشترك في الطبيعة الإلهية، ومع ذلك، وبمعنى من المعاني، لنا أن نشترك، وبيسر، في طبيعة الله، لأننا ندخل في شركة معه، فيما يبقى الله تماماً وفي الوقت نفسه بمنأى عنا. لذا نؤكد معاً، وفي وقت واحد، أمرين متناقضين نسرّ بهما ونعتبرهما مقياساً للحقيقة”.
على هذا توصل القدّيس غريغوريوس إلى أن التجلي الإلهي على قمة ثابور هو أعظم ما أتاه الرب يسوع من أعمال. التجلي الإلهي يفوق حتى سر الشكر. وقد كتب “أن نور ثابور هو ملكوت الله”.
لم يكن نوراً مفاجئاً لأنه لا بداية له ولا نهاية، لا يُحدّ في زمان ولا مكان ولا يمكن إدراكه بالحواس العادية. ومع ذلك صار معروفاً والذين اشتركوا في طاقة الله عرفوه وتألّهوا به. فالتلاميذ الذين وقفوا على قمة ثابور قد رأوا النور وأضحوا كائنات سماوية لأنهم لما حدّقوا فيه تروحنت أجسادهم. هذا النور المعمّي عاينه القدّيس بولس في دمشق وإيليا النبي عندما أخذته عن الأنظار عربة النار وموسى عندما وقف بالعليقة المحترقة. وكيف يلتمس المرء هذا النور؟ قبل كل شيء، بالتوبة والدعوة باسم الرب يسوع واستدعاء رحمة الإسم القدّوس.
القدّيس غريغوريوس بالاماس هو لاهوتي الروحانية الأرثوذكسية الأول.
إن كل آباء البرية والذين استغرقوا في خبرة صلاة الرب يسوع والتماس النور الإلهي قالوا واختبروا ويختبرون ما سكبه القدّيس غريغوريوس في قالب أجاد في حبكه. وقد كان التعبير عن هذا التراث الحي غاية في الأهمية في القرن الرابع عشر لأن الروحانية الأرثوذكسية تعرّضت، آنئذ، لهجمات من الداخل ومن الخارج كان يمكن أن تحوّلها عن مسارها وتغيّر ملامحها وتلقيها في خضم التيارات الفكرية التي بدأت تعبث بالغرب، آنذاك، والتي تمثلت في بعث الفكر الفلسفي الإغريقي والوثنيات القديمة وتمخضت، فيما بعد، عن التيارات العقلانية والحركة البروتستانتية، كما خلقت المجتمعات الدهرية، التي أخذت ترتكز على الفلسفة الإنسانية والأخلاقيات دون الإلهيات وأفرعت ما يعرف بفلسفة “الله مات”.
في هذا الإطار كانت المواجهة التاريخية الشهيرة بين القدّيس غريغوريوس بالاماس والراهب برلعام.
كان برلعام من كالابريا، في جنوبي إيطاليا، يوناني اللسان. جاء إلى مدينة القسطنطينية خلال العام 1338م. فذاع صيته في أوساط المفكرين فيها كعالم وفيلسوف مميز، كما خصّه الإمبراطور ورئيس وزرائه بإكرام وتقدير كبيرين.
كان برلعام أرثوذكسياً في الظاهر وقد كتب ضد اللاتين. قال في عدم إمكانية معرفة الله في ذاته، واستند في تعاطيه مع مؤلفات الآباء الشرقيين إلى تحليلاته الذهنية والفلسفية دون الخبرة الصلاتية، لذا اصطدم بما كان يدّعيه الهدوئيون من إمكان معرفة الله ومعاينة النور غير المخلوق عن طريق صلاة الذهن في القلب والتركيز والإيقاع الجسديَّين الموافقين لها. فشنّ عليهم حملة شعواء وكفّرهم بحجة الخروج على أساسية مسلّم بها في الكنيسة. إذ ذاك انبرى القدّيس غريغوريوس بالاماس للدفاع عن تراث طالما عاش الرهبان في كنفه وخبروه حياً في ذواتهم على مدى أجيال. وطبعاً كان لكل من الإثنين، غريغوريوس وبرلعام، مناصروه في كافة الأوساط: القصر والجيش والأساقفة والمفكرين والرهبان وحتى العامة. وهكذا قامت الدنيا ولم تقعد ردحاً من الزمان. في هذه الفترة بالذات كتب القدّيس غريغوريوس ثلاثيته في الدفاع عن القدّيسين الهدوئيين. وقد التأم مجمعان، خلال شهري حزيران وآب من العام 1341م، في أروقة آجيا صوفيا، وأدانا برلعام الذي تحوّل إلى الغرب وصار أسقفاً في إيطاليا.
كنيسة القدّيس غريغوريوس بالاماس في تسالونيكي حيث تربض رفاته، غير أنّ رحيل برلعام لم يكن كافياً لوضع حد للصراع، فقام أكندينوس بمتابعة الحملة ضد القدّيس غريغوريوس والرهبان وناصره في رأيه بطريرك القسطنطينية، يوحنا كاليكاس، لأسباب سياسية. ولكن، أقيل البطريرك في العام 1347م وأخذ مكانه إيسيدوروس الذي زكّى غريغوريوس وجعله أسقفاً على سالونيك.
كان أهم المجامع المنعقدة في هذا الشأن ذاك الذي التأم في شهر تموز من العام 1351م والذي أدان آخر أعداء بالاماس، الفيلسوف نقفر غريغوراس، وأعلى شأن القدّيس غريغوريوس والكتابات التي وضعها من حيث تعبيرها الصادق والصافي عن إيمان الكنيسة الأرثوذكسية.
لعل آخر وأهم حدث في السنوات الأخيرة من حياة القدّيس غريغوريوس كان وقوعه في الأسر. فبينما كان ينتقل بطريق البحر من سالونيك إلى القسطنطينية وقع في أيدي القراصنة الأتراك الذين استاقوه إلى آسيا الصغرى حيث بقي أسيراً ما يقرب من سنة (1353-1354م).
أمران أساسيان ميّزا هذه الفترة من حياة قدّيسنا، كما يتضح من الرسائل والوثائق العائدة إليها، أولهما التسامح الكبير الذي كان الأتراك يعاملون به المسيحيين، سواء الأسرى منهم أو سكان المناطق المحتلة، والثاني اهتمام القدّيس غريغوريوس بالدين الإسلامي. وقد تجلّى الأخير بصورة خاصة، في الحوار الصريح الذي كان للقدّيس غريغوريوس مع الإبن الأكبر للأمير التركي أورخان. وبنتيجة هذا الحوار عبّر قدّيسنا عن الأمل في أن “يحل يوم”، على حدّ تعبيره، “يصبح فيه بإمكاننا أن نفهم بعضنا بعضاً…”
ويبدو أن قدّيسنا عاش في هدوء خلال القسم الأكبر من هذه الفترة في دير من ديورة نيقية إلى أن إفتداه بالمال بعض الأتقياء الصرب.
أما رقاد القدّيس غريغوريوس فكان في سالونيك في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني من العام 1359 للميلاد، بعد أشهر من المرض الشديد. و “بعد أن فارقت جسدَه روحُه الطاهرة، أظهرت نعمة الروح القدس البهاء الداخلي الذي كان في نفسه وذلك بطريقة عجيبة، إذ إن نوراً ساطعاً ملأ تلك القلاية التي كانت فيها رفاته. فاستضاء وجهه وجسده لم يزل بعد جاثياً يابساً قبل الدفن … وقد لازمت نعمة الروح القدس رفاته الشريفة واستبان مسكناً للنور الإلهي ومنبعاً للعجائب والمواهب ومستشفى عاماً مجانياً. لذلك لُقِّب بالعجائبي…”.
أعلنت قداسة القدّيس غريغوريوس في مجمع عقد في القسطنطنية بعد تسع سنوات من رقاده، في العام 1368م، برئاسة تلميذه وصديقه، فيلوثاوس، البطريرك المسكوني، وهو الذي كتب سيرته. وقد وصفه المجمع بأنه “الأعظم بين آباء الكنيسة”.
تم تخصيص الأحد الثّاني من الصّوم له.
إنّ تثبيت القدّيس غريغوريوس بالاماس لتعاليم الكنيسة المقدّسة في القرن 14 اعتُبر انتصاراً ثانياً للأرثوذكسية بعد انتصارها على محاربي الأيقونات.
لهذا خصّصت الأحد الثاني من الصوم لذكراه إلى جانب عيده في 14 تشرين الثّاني الّذي هو تذكار رقاده، رغم أنّ البنية الليتورجية لهذا الأحد قد سبق إقرارها قبل القرن 14 بموجب خطوط أخرى.
“كان يمكن أن تُبتلَع الأرثوذكسيّة، ومعها الرّوحانيّة التّراثيّة، ممّا تفشّى في الوجدان الغربيّ. لكنْ، بعناية العليّ ووعي الكنيسة الأرثوذكسيّة، تأكّد لهذه الرّوحانيّة الثّباتُ واستعلتْ خبرةُ الرّهبان والمؤمنين بعامة، يومذاك، على المخاطر والهجمة الوجدانيّة الفكريّة الشّرسة الّتي تهدّدتها، وكان القدّيس غريغوريوس بالاماس بؤرة الرّوح التّراثيّة بامتياز وكلمة الكنيسة الفصل منذ أوّل تاريخها إلى ذلك الحين. فقالت الكنيسة، في مجمعَين انعقدا في القسطنطينية في حزيران وآب سنة 1341م وتمّوز سنة 1351م.
ما خبره غريغوريوس والرّهبان وما قاله وكتب عنه، في شأن المعاينة الإلهيّة، هو ما خبرته وتختبره الكنيسة الجامعة منذ البدء وهو تعليم آبائها، بلا منازع، جيلاً بعد جيل. من أهمّية القدّيس غريغوريوس وتعظيم الكنيسة له!”
فلتكن صلواته معنا أجمعين.
* تُعلِّق الهدوئية أهمية خاصة على التلاوة المتواترة لصلاة يسوع، أي “ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني أنا الخاطىء” بصيغتها الكاملة أو المختصرة. ويوصي الآباء الهدوئيون باعتماد وضع جسدي خاص أثناء الصلاة يتمثل في أمور كضبط عملية التنفس، شهيقاً وزفيراً بما يتلاءم وتلاوة الصلاة. والهدف المباشر كان ضمان وحدة الذهن والقلب: “الذهن في القلب”. إذ ذاك تصبح الصلاة صلاة القلب. وهذا بفضي بمختاري الله إلى معاينة النور الإلهي غير المخلوق الذي يمكن رؤيته، والحال هذه، بعين الجسد، على نحو ما جرى للتلاميذ في ثابور.
** المجتمع الدهري هو الذي يحيا في ذاته ومن أجل ذاته، ويعتبر هذا الدهر مكتملاً، لا يحتاج، بالضرورة، إلى ما هو خارج نطاقه.
المرجع:
الأرشمندريت توما (بيطار) (2007). لبنان، سير القدّيسين وسائر الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية (السنكسار) – الجزء الأوّل، عائلة الثالوث القدوس – دير القديس يوحنا المعمدان – دوما

ܝܘܣܦ
Hakikat Değişmezdir

Hakikat Değişmezdir

İyiliğin ve hakikatin özü değişmezdir. İçsel duruma göre, değişen insanın algılarıdır. Derinliği ve sığlığıdır. Sıcaklığı ve soğukluğudur. Toyluğu ve olgunluğudur. İdrakidir. Tecrübesidir. Okuma tarzıdır. 

Bilgi eksikliğini kabullenmek ya da hakiki bilgi ile fikir yürütmek, objektif olmak hiç kolay değildir. Çünkü herkes farklı bir şekilde görür. Herkes zihinsel kabına ve kaşığına göre algılar. Herkes kendi ölçeğine göre anlamlandırır. Herkes anlamlandırdığı gibi değerlendirir.

Ancak kendini tanıdıkça, şahsi motivasyonlarını öğrendikçe, insan aklın kütüphanesinden dışarı çıkar. Gerçeğin sübjektif olma durumunu ve yanılgıları da göz önünde bulundurarak yorum ve değerlendirme yapmaya başlar. Çünkü yaşam ve benlik algısı dönüştükçe, insanın iyiliğe ve hakikate bakışı da değişir. Değerlendirme kapasitesi de pozitif yönde evirilir ve büyüme sağlar. Bu yüzden cehaletini kabul eden gerçek bilgeler, hakiki bilgiye değer verenler, hiçbir şey bilmediklerini, her zaman yeni şeyler öğrenebileceklerini düşünür ve öyle davranırlar.

Kendi bilgeliğine ve samimiyetine karşı dürüst davranan insan hiçbir şeyin (kişi-olgu-olay) algılandığı ve göründüğü gibi olmadığını bilir. Bu farkındalık içinde fikri yürütür. Ünlü Fransız yazar Antoine de Saint-Exupery (1900-1944)’nin ‘‘Görünen her şeyin gerisinde daha engin bir şey vardır. Her şey, kendinden başka bir şeye açılan bir yol, bir kapı, bir pencereden başka bir şey değildir’’ şeklindeki anlamlı deyişine devamlı kulak kabartır.

Burada farkındalık ve vefa çok önemli etkilere sahiptir. Yanlış anlaşılmayı veya anlaşılmamayı gidermek, doğruyu bulmak, yerleşik algıların ve kalıpların ötesinde objektif yaklaşımlarla değerlendirme/yorum yapmayı gerektirir. Bütüncül/holistik bakış bunu zorunlu kılmaktadır. Bu bakış samimi olunca, hakikat olduğu gibi görünür ve özveri ruhundan türeyen hizmet daha rahat keşfedilir.

Ancak ne var ki, gelişmemiş insanlarda kör alanlar kadar kibir de çoktur. Evhama dönüşen tahmin ve sanrılar nedeniyle yetersiz ve eksik yorum yaparlar. Çünkü dar kalıplarına ve sınırlı algılarına göre değerlendirirler. İnsanları-olayları-olguları çözemedikleri zaman gelişigüzel önyargıları kullanırlar. Dolayısıyla düşünceyi kuşatan olumsuzluk önyargısı ve doğrulama önyargısı/yanılgısı nedeniyle özverili herhangi bir ruhun/hizmetin bütün çıplaklığıyla görülmesi ve anlaşılması, içsel dünyadaki algılarla/yaklaşımlarla/donanımlarla doğru orantılıdır. Unutulmamalıdır ki, bilgi/algı/idrak/deneyim eksikliğiyle ve olumsuz koşullanmayla yapılan her değerlendirme sübjektif yorumlara ve yanlışlara sevk eder. Bu nedenle yetersiz okumalardan ötürü  özdeşleşme ruhu/özverisi çoğu kez yanlış değerlendirilir. Çünkü samimi/tutarlı ahlaka/ruha sahip insan -başkalarında bulunmayan- farklı iç görü ve güdülere sahiptir. Diğerlerine göre o kalben, ruhen ve zihnen farklılaşmıştır. O insanı samimi niyetiyle olduğu gibi anlamak kolay değildir. Olumsuzluk önyargısının ve doğrulama yanılgısının değişmesine/dönüşmesine, nefsi/egoyu zorlayan, nefse/egoya hoş gelmeyen, bilinçli olarak yapılan, zihinsel faaliyetlere bağlı olan bu göreceli durum, zaman ve sabır gerektirir.

İnsan, gerekli zihinsel-ruhsal yenilenmeyi yapamadığında nefsinin/egosunun istekleri doğrultusunda hareket etmeye devam eder. İstese de, istemese de var olan mevcut zihinsel programı doğrultusunda çıktılar alarak değerlendirme ve yorum yapar. Nefsine/egosuna zor geleni yapmaya başladığında, tekrarlara sabırla devam ettiğinde, bilinçaltı bir süre sonra yeni olanı öğrenip kabullenerek, kayda alır ve bu doğrultuda çıktılar vermeye başlar. Sonuçta, söylendiği gibi “kırk gün ne dersen o olur” misali insanda ruhsal/düşünsel yenilenme başlamış olur.

İnsana fayda sağlayan korunaklı duvarlar bazen gerekli olsa da, esas mesele, kalp gözünü kaplayan benlik perdesini çekebilmektir. Aradan çıkarabilmektir. Duvarlar yerine anlayış/yakınlaşma köprüleri inşa edebilmektir. Çünkü insandan insana, gönülden gönle, düşünceden düşünceye giden bir yol vardır. O yol açık olmalı, olumsuzluk önyargılarıyla kapatılmamalıdır. Çünkü her önyargı ve doğrulama yanılgısı bir kuyudur. Bu kuyunun içinde iken hakikati bütün çıplaklığıyla görmek zordur. Onun için Konfüçyüs (MÖ 551- MÖ 479) “Kuyunun dibinde yaşayanlar, gökyüzünü kuyunun ağzı kadar görürler” manidar sözünü söylemiştir.

Yanlış algıların/yargıların değişmesi ve dönüşmesi zaman alsa da, hakikatin gün ışığına çıkma gibi acımasız bir yönü vardır. Şahsi değerlendirmenin ve yorumların yaklaşımları o kadar çok ki, algılarımızın/yargılarımızın birinde yanılsak bile, acele etmezsek, -günün birinde- karşımıza başka bir doğru yargı çıkabilir. Bilginin, anlayışın, bilinçlenmenin çoklu algıları/yaklaşımları içinde bir insan hala yanlış anlıyorsa, önyargılarla yanlış değerlendiriyorsa, bu insanın kendini doğrulara kilitlemesinden ve bloke etmesinden başka bir şey değildir.

Denildiği üzere; ‘‘Gerçeği susturup yeraltına gömseniz bile, muhakkak dirilecek, canlanacak ve büyüyecektir.’’

Yusuf Beğtaş

Süryani Dili-Kültürü ve Edebiyatı Derneği / Mardin

الفنان موسى أبراهيم ملكي السرياني أبن محركان في الجزيرة السورية

الفنان موسى أبراهيم ملكي السرياني أبن محركان في الجزيرة السورية

George Sammas
الفنان موسى ملكي المقيم في بروكسل ولد عام ١٩٥٤ على بعد كم سطح عن بيتنا ،تشاركنا معا بالإبتدائي وبحقول وسماء ونجوم محركان ،درس بجامعة دمشق قسم الحفر إختاره ،بإشارة ذات مغزى من إستاذه الدكتور مصطفى فتحي الذي يعيش في فرنسا والذي يمثل ظاهرة فنية هناك،
تخرج عام ١٩٨١ بإمتياز ،،كان هاجسه تأكيد هذا الإمتياز بالقيام بأعمال فنية غير عادية إنتقل إلى سطح بيته في القامشلي وجعله مرسما يقوم به بتجاربه الفنية
إعتمد بأعماله الأولى على تقنية الطباعة على القماش بالأختام الخشبية التي يحفرها بنفسه ويستخدم بلوحاته ألوان يحضرها بنفسه لها خصوصيات مميزة،
إختزن في روحه فردوس فن وادي الرافدين منذ طفولته،،مزج في أعماله عدة طرق إبداعية (حفر طباعة تصوير )في لون فني صعب إطلاق تسمية عليه،الأمر يتعلق بحالة متميزة غير مألوفة ،،يشتغل على اللون والحل اللوني بتقنية لم تعتدها العين،،أقام معارض في سورية ولبنان وبلجيكا وهولندة وسويسرة والسويد وألمانيا،
الفنان موسى حالة فنية مختلفة يطرح شرقيته بأسلوب متميز يجمع الأصالة والمعاصرة
والأهم تجمعني معه ذكريات أحلى أيام الطفولة٠George Sammas
من يتعرف عليه سيعرف طيبة قلبه وأصالته السريانية فهو أبن قريتي وعشنا أجمل الأيام فيها وأمضينا طفولتنا فكان يلعب معنا برغم فارق السن فهو مع الصغير صغير ومع الكبير كبير
وآخر مرة ألتقيته في بروكسل عام 2011 كالعادة لم يسلط أبناء شعبه النور عليه والغالبية لا يعرفه ولا يعرف أعماله لليوم لم يقدر فنه وأبداعه إلى متى نبقى نهمل المبدعين والفنانين
والباحثين والكتاب من بني أمتنا؟ أتمنى لك التوفيق يا صديقي ربما يأتي يوم وتنال التقدير الذي يليق بك أخوك م. سمير روهم

هل التسمية السريانية مرادفة للمسيحية ام للارامية؟

هل التسمية السريانية مرادفة للمسيحية ام للارامية؟
هنري بدروس كيفا Henri Bedros Kifa
1995
اهدي هذا البحث للاب المؤرخ البير ابونا و ذلك لفضله و اتعابه من اجل تاريخ شعبنا السورايى.
لقد وجدنا في ابحاثه المثال الذي يجب اتباعه و هو نشر الحقائق كما هي و هو شعار كل مؤرخ نزيه .
نحن نتمنى على الاب المؤرخ ابونا المشاركة و البحث في هذا الموضوع وذلك للاسباب التالية.
ـ الموضوع مهم جدا لفهم تاريخ السورايى الاراميين.
ـ ان وحدتنا الحقيقية تتم عندما نفك هذه العقدة ، سرياني مسيحي.
ـ يعتبر الاب المؤرخ ابونا من اهم المؤرخين الذين يشتغلون على النصوص السريانية، و هو مطلع على المخطوطات السريانية غير المنشورة.
– كتب الاب المؤرخ ابونا هي مراجع علمية و هو مشهور بدقته و شجاعته الفكرية، مشاركته في هذا الموضوع مهم جدا.
لم يسبق لي شرف معرفة الاب ابونا، اتمى على قراء توصيل هذا الاهداء الى الاب البير ابونا عربون شكر لاتعابه على تراثنا. متى صارت التسمية السريانية تعني المسيحي ؟
كتب المطران منا في مقدمته المشهورة صفحة 17 الطبعة الثانية 1975 و لذا اضحت لفظة الارامي مرادفة للفظة الصابئ و الوثني و لفظة السرياني مرادفة للفظة المسيحي و النصراني الى اليوم و حسب راي المطران ان الاسم السرياني صار يعني المسيحي في الاجيال الاولى و تحديدا في اواسط الجيل الاول صفحة488.
لقد انتشرت هذه الفكرة، ترادف التسمية السريانية مع المسيحية، بشكل رهيب بين رجال الدين و بين المثقفين السريان.
سنة 1985 قام المطران اسحق ساكا بنشر كتابه كنيستي السريانية في الصفحة 9 ينقل بالتصرف بعض مقاطع المطران منا ثم ينقل نظرية المطران تقريبا يستعمل نفس التعابير اذ كتب و هكذا اضحت … لفظة السرياني مرادفة للفظة المسيحي و النصراني الى اليوم ربما سيادة المطران يقصد الى اليوم اي سنة 1985!
لقد خرج المطران ساكا بالاستنتاجات التالية فهو كتب صفحة 24 نستنتج من هذا كله،اولا ان السريانية و السريان حلت محل الارامية بفضل المسيحية، فاضحت السريانية مرادفة للمسيحي… ثانيا ـ السريان الذي هو الاسم الديني للكنيسة الانطاكية لايحمل اي مدلول سياسي او قومي .
ولم يكن يوما الاسم السرياني يشير الى امة بل الى الديانة المسيحية لا غير.
و ان ايليا مطران نصيبين النسطوري 975ـ 1046م. فسر لفظة سرياني بلفظة نصراني. لقد ذكر سيادة المطران مار سرهد جمو الموقر في احدى محاضراته التي ترجمت و نشرت في موقع عنكاوا = التسمية السريانية تعني المسيحي اي ليس لها مدلول قومي.
لا يزال المنادون بالتسمية الاشورية يستغلون هذه النظرية التي تسمح لهم حسب اعتقادهم لما اختفت التسمية الاشورية!
علما ان نظرية المطران منا تذكر الاراميين الذين دخلوا الديانة المسيحية و ليس الشعوب القديمة المنقرضة من سومريين او اكاديين او اشوريين كما يروج البعض.
هنالك شبه اجماع على القبول بهذه النظرية، فهي متفشية حتى بين السريان المنادين بجذورهم الارامية !
هذه النظرية العجيبة التي انتشرت بين المثقفين السريان بسبب انتشار قاموس المطران منا و لقبول رجال الدين في الماضي و الحاضر لهذه النظرية و ترويجهم لها بشكل مباشر المطران ساكا و غير المباشر المطران جمو.
لا يزال قسم كبير من مثقفينا يصدقون هذه النظرية لان كبار رجال الدين يؤمنون بها.
لا شك ان التاريخ العلمي النزيه الهادف الى البحث عن الحقائق استنادا الى براهين علمية لا يزال محصورا في بعض الاوساط الاكاديمية.
اولا = التناقض الكبير بين نظرية المطران منا و النصوص السريانية.
لقد قدمت اطروحة ماجيستر في التاريخ سنة 1982 بعنوان = نكبة السريان الرهاويين 1924 =.
لقد صدقت و امنت بنظرية المطران منا لانني لم ادقق و لم الاحظ ان المطران منا لم يقدم البراهين .
سوف نرى لاحقا يوجد في مقدمة المطران منا عدة نصوص تثبت ان التسمية السريانية كانت مرادفة للتسمية الارامية و لم تكن تعني المسيحي اطلعت على معظم كتب و نصوص اجدادنا التاريخية باللغة السريانية و ذلك حين كنت احضر اطروحة الدوكتورا عن تاريخ الشعب السرياني ـ
الارامي. كم كانت صدمتي قوية لم اجد اي نص يثبت نظرية المطران منا إ كنت اتمنى ان اجد نصا واحدا فقط لانني كنت مثل الاكثرية الساحقة مؤمنا بنظرية المطران منا.
لقد و جدت في ترجمة احد نصوص ايليا مطران نصيبين السرياني الشرقي صفحة 153 ـ ELIE EVEQUE DE NISIBE CHRONOLOGIE = فيها ولد برديصان النصراني، في الحادي عشر من تموز = هذا هو النص الوحيد على علمي الذي نرى فيه التسمية سورايى تترجم الى مسيحي!
هذا النص من القرن الحادي عشر الميلادي لا يثبت ان التسمية السريانية كانت مرادفة للمسيحية منذ الاجيال الاولى حسب المطران منا.
المدهش ان المطران منا صفحة 14 قد نقل نصا من تاريخ اوسابيوس القيصري يتكلم عن برديصان الارامي و قد اشتهر برديصان بانتمائه الارامي، وهذا واضح من احدى رسائل العالم سويريوس سابوخت حيث ورد فيها صفحة 10 و لكن ايضا من بعض السريان المتعمقين في الديانة المسيحية نقصد برديصان الذي عرف بالفيلسوف الارامي الرسالة نشرها العالم NAU . F NOTES D’ASTRONOMIE SYRIENNE . DANJOURNAL ASIATIQUE 1910
الجدير بذكره ان التسمية السريانية لم تعن المسيحي في هذا النص هذا النص يستخدم لفظة كريستنويو ليشير الى الديانة المسيحية لقد ذكرت سابقا ان اطلاعي على النصوص السريانية كان بمثابة صدمة فكرية، هل اصدق النصوص السريانية التي كلها تعارض نظرية المطران منا؟
ام اصدق نظرية المطران منا بدون براهين؟ هل اطبق ما تعلمته في الجامعات التي انتسبت لها اي التاريخ الاكاديمي يستند على البراهين وليس النظريات وان النصوص العلمية اهم و اقوى من الاراء غير المسندة الى براهين.
بالفعل لقد وجدت في شرائع البلدان لبرديصان صفحة 607 باسم واحد للمسيح دعينا مسيحيين النص في اللغة السريانية يستخدم تعبير كريستنوي CHRISTONOYE و ليس التسمية السريانية بمعنى مسيحي .
النص منشور في PATROLOGIA SYRIACA TOME 1 و قد وجدنا نصا مهما اخر في احدى رسائل افراهاط الحكيم الفارسي ورد فيه لقد دعاهم باسم مسيحيين CHRISTONOYE هؤلاء المسيحيين MSHIHOYE النص السرياني يستخدم اللفظة اليونانية CHRISTONOYE و اللفظة السريانية مشيحويى ليشير الى المسيحيين.
هذه نصوص من القرن الثالث و الرابع الميلادي لم تستعمل ابدا التسمية السريانية بمعنى مسيحي.
ثانيا = انتشار الفكرة في اوروبا في اواسط القرن ال19 عشر.
نظرية المطران منا هي نظرية حديثة اي ان اجدادنا لم يذكروها في كتبهم، اذن من المهم جدا، ان نعرف من اين اخذ المطران منا هذه الفكرة الجديدة ؟
و هل اعطى في مقدمته براهين تثبت النظرية التي توصل اليها او بالاحرى نقلها من بعض العلماء في اوروبا، سوف نرى لاحقا كيف دخلت هذه النظرية الى فكر المطران منا.
قد يستغرب القارئ عندما يعلم ان العالم الفرنسي QUATREMERE هو اول من ربط بين التسمية السريانية و دخول اجدادنا الاراميين الديانة المسيحية و ذلك في كتابه عن الانباط NABATEENS وقد نشر سنة 1831م.
كتب QUATREMERE في الصفحة 95 هذا الشعب الارامي تعود فيما بعد ان يسمي نفسه بهذا الاسم سريان بينما كان الواجب يحتم عليه ان يرفض هذا الاسم لانه غريب عليه، هذا الشعب LES SYRIENS رضي ان يتخلى عن اسمه الحقيقي LES ARAMEENS و يرميه في عالم النسيان، الاسم الذي حمله اجداده منذ زمن بعيد ثم يكمل QUATREMERE و يكتب كيف نستطيع اذن، ان نفسر دخول التسمية، سوريا و سريان على الشعوب التي سكنت المناطق الواقعة ما وراء نهر الفرات ؟
اذا لم اكن مخطئا، هو بسبب الديانة المسيحية، اذ ان لغة الانجيل كانت يونانية، فاقتنع الاراميون بانه يجب من كل النواحي ان يصيروا شعبا جديدا، و ان يتخلوا عن اسمهم القديم.
هذه العلاقة اي التخلي عن الاسم الارامي القديم مبرهنة اذا لم اكن مخطئا بحدث اعتقد انه مهم، في اللغة السريانية لفظة ارامي ARMOYE و التي لا تختلف عن الاسم القديم اورومي OROMOYE الا بحركة واحدة، تعني و ثني و عابد اوثان. هكذا دخلت التسمية السريانية على الاراميين ان QUATREMERE هو اول من طرح حسب علمنا نظرية قبول اجدادنا الاراميين التسمية السريانية بسبب دخولهم الديانة المسيحية من الملاحظ انه يستخدم في نصه مرتين هذا التعبير اذا لم اخطئ ثم يكتب اعتقد و هذا يوضح لنا ان QUATREMERE هو اول من اطلق هذه النظرية اي تسمية اجدادنا الاراميين بالسريان بمجرد قبولهم الديانة المسيحية.
للاسف الشديد البرهان الذي يقدمه لنا اي الفرق باللفظ بين اراماي و اورمي هو برهان واهن لانه ماخوذ من قواميس ابن بهلول و ابن علي اي من القرن العاشر الميلادي.
هذا التمييز بين اللفظتين قد تم في القرن العاشر الميلادي و ليس له اي علاقة مع قبول اجدادنا الاراميين الديانة المسيحية. لقد قدمت في محاضرتي الاخيرة في بيروت عدة نصوص تثبت ان اجدادنا لم يتخلو عن اسمهم الارامي.
اذا تمعن القارئ في مقدمة المطران منا سيجد عدة نصوص تؤكد ان التسمية السريانية هي مرادفة للارامية خاصة ما كتبه مار يعقوب السروجي عن مار افرام.
اذكر القراء ان QUATREMERE لم يكن مطلعا على كتب اجدادنا التاريخية ، لقد كتب اطروحته عن الانباط سنة 1831 و استند على المصادر اليونانية.
و لا يخفى على احد ان كتب اجدادنا قد ترجمت و نشرت في اواخر القرن ال19 عشر.
لذلك بقيت نظرية QUATREMERE بدون اية براهين علمية من كتب اجدادنا تثبت هذه النظرية. المهم ان QUTREMERE قد روج في كتابه فكرتين.
A ـ اطلق اليونانيون اسم سريان على الاراميين ، و هو مشتق من اسوريا ASSYRIE
B ـ قبول الاراميين بالتسمية السريانية مع دخولهم الديانة المسيحية و تخليهم عن اسمهم الارامي القديم اي ان التسمية السريانية اطلقت على الاراميين المسيحيين.
العالم الفرنسي رينان ـ صاحب النص المشهور الذي نقله المطران منا في مقدمته اذن رينان اخذ الفكرة الاولى من QUATREMERE و هذا ما يذكره في كتابه ، لكنه لم ياخذ الفكرة الثانية.
هنالك عالم اخر اسمه LARSOW ، اصدر كتابا سنة 1841 عنوانه DE DIALECT LINGUAE SYRIACARE لقد اخذ هذا العالم بالفكرة الثانية اي ان التسمية السريانية صارت مرادفة للاراميين المسيحيين.
لقد نقل المطران منا فكرة QUATREMERE الاولى من العالم رينان. وسوف نرى لاحقا ان فكرة QUATREMERE الثانية سوف ينقلها من العالم LARSOW. اي ان المطران منا قد نقل افكار QUATREMERE و نظريته بدون ان يطلع على كتابه .
بعبارة اخرى لقد نقل نظرية QUATRMERE بدون ان يدقق في البراهين!
هل التسمية السريانية مرادفة للمسيحية ام للارامية ؟
مختصر القسم الاول = هل سورايا تعني مسيحي ؟
ـ اهمية الموضوع اليوم.
ـ انتشار هذه النظرية بين الاوساط السريانية خاصة بين رجال الدين .
ـ استغلال البعض لهذه النظرية لاسباب سياسية .
ـ هذه النظرية هي من اواسط القرن التاسع عشر ـ العالم QUATREMER
ثالثا = بعض التناقضات في مقدمة المطران منا .
A -كتب المطران منا ان التسمية السريانية اصبحت مرادفة للمسيحية و ان التسمية الارامية مرادفة للوثنية منذ الاجيال الاؤلى.
و هو يستشد بنصوص من مار يعقوب السروجي الذي قال عن مار افرام هذا الذي اضحى اكليلا للامة الارامية جمعاء ، ثم عن الرهاويات يقول و هنا ـ
اي في مدينة الرها ـ تمجد الاراميات بمقالاتهن … كتب المطران منا صفحة 15 فترى من الشواهد الموردة و غيرها ان اهل ا لرها و الجزيرة باسرها كانوا اراميين ملة و لغة و هذا الاستنتاج صحيح و لكنه يخالف نظرية المطران منا، اذ ان الاراميين هنا هم مسيحيون
B ـ لقد نقل المطران منا نصا عن ابن الصليبي صفحة 16 اي لكنهم اعني اليونانيين يسموننا تعييرا لنا عوض السريان يعاقبة و نحن نردهم قائلين ان اسم السريان الذي سلبتموه عنا ليس عندنا من الاسماء الشريفة لكونه متاتيا من اسم سوروس …. اما نحن فاننا من بني ارام وباسمه كنا نسمى يوما اراميين بعض الملاحظات حول هذا النص الغني بالمعلومات .
ـ ابن الصليبي هو من اواخر القرن الثاني عشر ـ مات سنة 1171 م.
ـ اليونان يسموننا يعاقبة =عوض السريان
ـ اسم السريان ـ بالنسبة الى ابن الصليبي ـ ليس من الاسماء الشريفة إ
ـ ابن الصليبي يفتخر باسمه الارامي اما نحن فاننا من بني ارام و كنا نسمى اراميين إهذا النص يتناقض مع نظرية المطران منا ، فالتسمية السريانية لم تكن مرادفة للمسيحي و ليست من الاسماء الشريفة.
هذا النص يثبت لنا ان التسمية السريانية هي مرادفة للتسمية الارامية.
نود ان نؤكد للقراء ان المطران منا لم يكن مؤرخا بل عالما لغويا، له الفضل الكبير على اللغة الارامية السريانية لغة اجدادنا، لقد ارتكب اخطاء تاريخية نقدتها في العدد الاول من مجلة ارام.
لقد نقل نظرية QUATREMERE بدون ان يطالع كتابه، و نشر نظريته الحديثة التسمية السريانية هي مرادفة للمسيحية بدون اية براهين من نصوص اجدادنا تثبت تلك النظرية الغريبة.
رابعا = هل توجد نصوص سريانية تؤيد نظرية المطران منا او QUATREMERE ؟
Aهدف المؤرخ النزيه الاول هو البحث عن = الحقيقة = .
كل مؤرخ يحق له ان يطرح فكرته حول ايجاد الحلول للمشكلات التاريخية المطروحة .
المطران منا لم يدرس اصول التاريخ ، لذلك لم يحسن استخدام النصوص السريانية لنقد نظرية QUATREMERE . يجب الا يغيب عن بالنا ان اطروحة
QUATREMERE كانت عن الانباط و قد كتبها سنة 1831 م اي في بداية تطور علم التاريخ الحديث .
لم يكن QUATREMERE مختصا في تاريخ السريان وجائت نظريته حول قبول اجدادنا الاراميين التسمية السريانية حين قبلوا الديانة المسيحية بدون ان يدقق في المصادر السريانية.
لا شك ان المطران منا قد تائثر بكتاب اللمعة الشهية في نحو اللغة الارامية من تاليف المطران اقليمس داود سنة 1896م.
و هو مشهور بابحاثه التاريخية و قد كتب في الصفحة 12 ثم لما اعتنق الاراميون الديانة النصرانية اهملوا اسمهم القديم و تسموا باسم السريانيين تمييزا لهم من الاراميين الوثنيين فلم يكن اسم السرياني اسما للملة بل للديانة .. رغم تعمق المطران منا في دراسة النصوص السريانية فانه صدق نظرية QUATREMERE ربما لان المطران داود قد صدقها هو ايضا و نشرها في كتابه.
من المؤسف ان المطران منا لم ينتبه الى النصوص السريانية و هي باجمعها تناقض نظرية QUATREMERE. هل المطارنة المعاصرون و المثقفون السورايى يصدقون النصوص السريانية ام نظرية المطران منا QUATREMERE بدون براهين ؟
ـ سوف نعدد بعض النصوص ، و نحن نتمنى مشاركة المؤرخين الذين يشتغلون على المصادر السريانية، ان يقدموا نصوصا تؤيد او تدحض نظرية المطران منا QUATREMERE . في تاريخ الرهاوي المجهول C.S.C.O. T- 1 SYR ED. GUIDI PAGE 2 وولجت ايضا المياه الى هيكل المسيحيين CHRISTONOY و من المعلوم ان هذا النص قد كتب في اوائل القرن الثالث الميلادي.
ـ و في الصفحة 17 يشو يهاب … رئيس المسيحيين CHRISTONOY
ـ في تاريخ اخر C.S.C.O. T-3 SYR 3 .ED. BROOKS PAGE 116 نيرون الذي هو اول من اضطهد المسيحيين في ايامه = CHRISTONOY
ـ و في الصفحة 128 من نفس المصدر نجد اعطى قسطنطين الحرية لكل المسيحين CHRISTONOY
ـ و نرى ايضا في التاريخ الذي يعرف بالتاريخ الماروني صفحة 59 و هو من طباعة BROOKS و كان ماني يجادل اليهود و الوثنيين 7ANFE اما في الصفحة 60 فاننا نجد و ترك تعليم المسيحيين CHRISTONOY و في التاريخ المنتهي عام 724م. صفحة 134و اراد ان يشهر اسمه و يخلد الى الابد، وان يحترم شعب الله المسيحيينCHRISTONOYو عندما يذكر مار افرام في الصفحة 208 فهو يكتب مار افرام السرياني و طبعا السرياني هنا لا تعني ابدا المسيحي ، لانه لو اراد ان يقصد المسيحي لكان و جب عليه ان يكتب مار افرام CHRISTONOY في الصفحة 211 ورد ذكر اسحاق ملفان السريان اي الشعب السرياني إذكر مار يعقوب الرهاوي في احد ميامره JACQUES D EDESSE،SCOLIE dans PATROLOGIE ORIENTALIS . TOME 29 ANNEE 1960 PAGE 196 و هكذا عندنا نحن الاراميون اي السريان من الواضح جدا ان اجدادنا افتخروا باسمهم الارامي الذي ظل مرادفا للتسمية السريانية.
احد النصوص السريانية يتكلم عن العلاقات الودية بين بطريرك السريان الشرقيين، يشو يهاب والملك كسرى الفارسي و كان يشو يهاب يعامل باحترام شديد، طوال حياته، من قبل الملك، و من قبل زوجتيه المسيحيتين و هما شيرين الارامية و مريم الرومية كيف نفسر شيرين الارامية؟
طبعا ليس بشيرين الوثنية لان النص يؤكد لنا بانها مسيحية و هذا ما يعرفه المؤرخون عن شيرين. هذ النص يؤكد لنا ان التسمية الارامية لم تكن مرادفة للوثنيين في ذلك الوقت ..لقد اصدر قداسة البطريرك افرام برصوم الاول كتابا بعنوان في اسم الامة السريانية سنة 1952جمع فيه عشرات البراهين التي تثبت ترادف الاسم السرياني و الارامي. في الصفحة 10 نقل نص رسالة للبطريرك مار يوحنا توفي 649 م .
و اجابه البطريرك المغبوط ان الانجيل واحد و هو هو نفسه عند اليونان و الرومان و السريان و الاقباط و الاحباش و الهنود و الارمن و الفرس طبعا تسمية السريان هنا و في كل النصوص القديمة تشير الى الشعب السرياني و ليس الى الشعب المسيحي. ليت اخوتنا السريان المشارقة الذين هجروا تسمية اجدادهم يقدمون لنا نصوص واضحة و ليس تفسيرات مبنية على معلومات خاطئة .
الصفحة 12 ينقل البطريرك افرام نصا من مار يعقوب الرهاوي. كان ثلاثة رجال مؤلفين بهذا اللسان، لسان السريانين اعني الاراميين يسمون اسحق .. و من تاريخ الزوقيني 775م. صفحة 12و لاون هذا الذي كان سريانيا جنسا هل يوجد داعي ان نعلق على سريانيا جنسا؟ من كتاب رسائل الراهب داود بن بولس صفحة 14و وصلت اغراسه عند الفرس و السريان بصراحة هنالك عشرات البراهين غيره و لكنني سوف انقل احد نصوص انطون التكريتي 850م. صفحة 16و كذلك الفرس و السريان و الارمن و غيرهم من الامم ينظمون الاناشيد هل لا يزال يوجد مطران معاصر او مثقف شريف يشك ان التسمية السريانية تعني = الامة السريانية و ليس الامة المسيحية ؟
ـ نستنتج من تلك النصوص السريانية
ـ لا يوجد اي نص يثبت او يؤكد نظرية المطران منا و QUATREMERE
ـ كان السريان يستخدمون لفظة مشيحويو او اللفظة اليونانية كريستنويو للاشارة الى المسيحي .
ـ كان السريان يستخدمون لفظة حنفو و حنفوتو للاشارة الى الوثني و الوثنية .
ـ كان السريان يستخدمون التسمية الارامية كمرادف للتسمية السريانية.
الصورة المرفقة
سيادة المطران المطران يعقوب أفرام سمعان يحمل العلم الآرامي .
١- شكرا له لأنه يؤمن بتاريخنا العلمي .
٢-و لأنه يؤمن بتاريخنا العلمي فهو آرامي في القلب و ليس فقط في
الصورة .
٣- سألني مؤخرا هل التسمية السريانية تعني مسيحي أم آرامي ؟
٤- هذا بحث متواضع من سنة ١٩٩٥ و كما تعرفون أن إسمنا السرياني
صار حديثا يحمل مجازيا معنى المسيحي و لكن المعنى الأول له هو
الإنتماء الآرامي .
٥- ألف شكرا لكل رجال الدين السريان الذين يؤمنون بتاريخنا العلمي
الأكاديمي .

ܝܘܣܦ
Kadınlar Günü Kutlu Olsun

Kadınlar Günü Kutlu Olsun!

8 Mart günü dünyada kadınlar günü olarak kutlanıyor.

Bugüne yüklenen anlam, ülkeden ülkeye, bölgeden bölgeye göre değişkenlik arz etse de, aslında vurgulanmak istenen insan onurunun kutsallığıdır.

Çünkü insan onuru bir bütündür. Bu onurda erkek de, kadın da aynı oranda mevcuttur. Erkeğin onuru ne kadar saygınsa, kadının da o denli saygın ve kutsaldır.

Bu temel gerçek yaratılışın özüdür. Varoluşun saf halidir.

Esas mesele bu özü yakalamak ve bu saf hali kaybetmemektir.

Ancak insan heva (istek ve arzular) ve hevesini bu temel gerçeğin önüne koyduğunda özüne kilit vurmuş gibi olur. Bu da insanın egosunu/bencilliğini besler. Söylem ve eylem bağlamında insanın sevecen yüreğini katılaştırır. O katılaşma içinde kadın ve erkek onuru başta olmak üzere, yaşamın hakikatini ve yaşamın ruhunu var eden bütün güzel değerler ve erdemler kaybolur. Bu bağlamda bireysel ve toplumsal bilinç gelişmezse, yeni farkındalıklar kazanmazsa, gelişen olumsuzluk önyargısının düşünsel kökleri güçlenir, toplumdaki karşıtlıkları körükler. Bu durum devam ettikçe, kadın ve erkekten meydana gelen insanın insanlığı sakatlanır. İnsanın gelişimini sağlayan ve insanın ruhunu temizleyen temel etkenler zarar görür.

İyileştirme bağlamında bu durumu olumluya dönüştürecek yöntemler öyle güzel bir niyet taşımalı ki, insanı var olan karşıtlık duygularından çok ötelere uzaklaştırmalıdır. Özüne yakınlaştırmalıdır. Çünkü niyet ile eylem, beden ile can gibidir. Cansız bir beden nasıl toprak oluyorsa, iyi niyet taşımayan her eylem de hüsran olur. İyi niyet, azı çok, küçüğü büyük, değersizi değerli kılar. İnsanı ben merkezli olmaktan korur. Zira ben merkezli düşünceler/eylemler, insana kibir kazandırır. Var olan kibri büyütür, tevazuu yok eder. Ruhun dengesini bozar. Yaşamın dengesi bozulduğunda, oluşan dengesizlik, insanın davranışlarına, ilişkilerine ve pratiğine da yansımaktadır. Maalesef davranışlarda somutlaşan dengesizlikler, sorunların oluşmasına ve istenmeyen sonuçlara neden olmaktadır.

İnsanın zihinde geliştirdiği bakış açıları burada hayati önem taşır. O denli ki, bakış açıları hayata açılan bir pencere gibidir. Bu pencere olumsuz yargılarla dolu karanlık bir tünele de açılabilir. İnsan onurunun güzellikleriyle dolu seyre doyulmayan güzel bir bahçeye de açılabilir. Bu tamamen hayata bakış ve yetişme tarzıyla alakalıdır. Dolayısıyla hayata nasıl bakarsak, hayatımız öyle şekillenmeye başlar. Hayata bakış şekli tutumlara/davranışlara dönüşür. Bunlar da yaşam yolunu çizer.

Unutulmasın ki, insan, hak ve hakikate doğrulukla, kadına da, erkeğe de ve kâinattaki bütün canlılara da ahlakla yaklaştığında, ahlakla davrandığında insan olma ayrıcalığına kavuşur. İnsan olur ve hayattan daha çok keyif alır.

Süryani felsefesinin tanınmış üstatlarından Bardaysan ( + 222)  bu doğrultuda şöyle yazar: ‘‘İyilik insanın doğasıdır. Kötülük ise anomalidir.’’

İyiliğin özü ve hakikati değişmezdir. Değişen insanın algıları ve idrakidir. Bir insanda yaşam ve benlik algısı pozitif yönde dönüştükçe, geliştikçe, hayata bakışı da o oranda değişecektir. Evirilecektir.

Kadına dişi olarak değil, kişi olarak baktığımızda, bakabildiğimizde çok şey değişir. Evet, yetenekler, beceriler, roller farklı farklı olsa da, hayat bir bütündür. ‘‘İnsan onuru’’ bu bütünlüğün özünü ifade etmektedir. Burada hiçbir sömürü-üstünlük yok, eşitlik esastır. Bu eşitlikte kadın ve erkek ayrımı yoktur. Kutsal olan insan onuru aynı oranda hem kadına, hem erkeğe aittir. Dolayısıyla kadın erkek ayrımı anomalidir. Öze ait değildir.

Esas olan öze ait olan insan onurunun sevgi ve saygı ile yüceltilmesi ve değer görmesidir. Kadın-erkek fark gözetmeksizin gayri insani yaklaşımlarla bu onurun ezilmemesi ve sömürülmemesidir.

Çünkü insanın hayatına sorunları taşıyan en önemli nedenlerden biri, değerli olanı değersizleştirmektir. Hiçbir insan bir başkasını değersizleştirerek küçümsememelidir. Bütün ilişkilerde olduğu gibi, erkek kadını onurlandırmalı, kadın da erkeği….

Bütün mesele karşıtlık duygularından özgürleşip öze ait bu onura sahip çıkmaktır. Göreceli tutumları bir kenara bırakarak insanın kendisine ve başkasına değer vermesidir. Hizmetkâr güdülerle, tamamlanmak için başkasını imkânlara göre tamamlayabilmesidir. Çünkü düşünsel kalıplara ve kurallara sığmayan SEVGİ yaratılışın sırrıdır. Sevgi var eder, sevgi yaşatır. Çünkü Rab, sevgidir. Dolayısıyla ahlaki kötülüğün ve bütün kötülüklerin panzehri anlayan sevgidir.

Kadın veya erkek, yaratılışın bu sırrını keşfeden insan, görünen ve görünmeyen farklılıkları olduğu gibi kabul eder. Kabullendikçe güçlenir. Güçlendikçe hafifler. Hafifledikçe ağırlaşır. Ağırlaştıkça olgunlaşır. Olgunlaştıkça onu sınırlayan sınırların ve yanılgıların farkına varır. Farkına vardıkça, hayatın var eden bir sorumluluk anlayışı ile kaim olduğunu anlar.

8 Mart Dünya Kadınlar Günü Kutlu olsun.

Saygılarımla.

Yusuf Beğtaş

Süryani Dil-Kültürü ve Edebiyatı Derneği Başkanı / Mardin

ܝܘܣܦ
Hayatımızın Patronu ve Rehberi Kim

Hayatımızın Patronu ve Rehberi Kim?

Tabiatta kötülüğün kaynağı insandır. Diğer canlılar sadece içgüdüleriyle hareket ederler ve onlara karşı tedbir alınabilir, ancak kötü niyetli insanların nerede ne yapacağını kestirmek, tedbir almak her zaman mümkün değil. Her zaman kötü şeyler yaşayacağız diye bir şey yoktur. Fakat insan her türlü duruma hazır olmalıdır. Hazır olmak için ise ilahi sevgiyi kullanmak ve onu hayatımızın patronu/rehberi yapmak en emin yoldur. Kötülükleri bertaraf etmek ya da onunla güçlü bir biçimde mücadele etmek ve sabır göstermek ancak bu yolun samimiyetiyle mümkün olur.

Ne yaparsak yapalım, masumiyetimizi kaybetmememiz gerek. Masumiyet, üzüntüleri aşmada zamanı kısaltır. Kısa sürede zorlukları aşarız. Masumiyetin anlamı kötülükler karşısında iyimser olmaktır. İlahi sevgiye güveni kaybetmemektir. Kimseye kötülük yapmama düşüncesinin hayata geçmesidir. Olumlu düşünmek, ilahi sevgiye güvendir, onun koruyuculuğuna inanmaktır. Bu nedenden dolayıdır ki, Mesih, “Hiç kimse iki efendiye kulluk edemez. Ya birinden nefret edip öbürünü sever, ya da birine bağlanıp öbürünü hor görür.” (Matta: 6) sözünü söylemiş ve bir yaşam felsefesi olarak üstünde durmuştur.

‘‘İki efendiye/patrona kulluk edemezsiniz’’ söylemiyle, özgürleştirici hakikat sevgisine ve hakikatin anlamlarına vurgu yapılmaktadır.

Bu ilahi söz, hayatın anlamlarına dönük, çok kapsamlı, çok güçlü ve derin mesajlar içerir. İnsanı kendi içindeki ikiliğin, çelişkinin merkezine götürür. İnsanın/egonun içsel çatışmalarını dile getirmektedir. İnsan olarak içimizdeki karanlık ve aydınlık yanlarımızın savaşını anlatıyor.

Her şeyde olduğu gibi, kulluk etmenin de çeşitleri var. Bu da sevginin farklı türevleriyle olmaktadır. Ruhunda ilahi sevgi ve bilgisi bulunmayan hiçbir sevgi başarıya götürmez. Hayatın dar sokaklarında çıkmaza götürür. Yanıltır.

Burada esas olan özgürleştirici hakikat sevgisidir. İnsanın iç dünyasında hiçbir sevgi, hayatı var eden, yöneten ilahi, hakikat sevgisinden üstün, etkin olmamalıdır. Hayatın ana dinamiğinde ve idaresinde Rabbin ilahi sevgisi olmalıdır. Buna gönderme yapılmaktadır.

Ahlaki/insani/kalıcı değerlere göre yaşamaya, sevgi-saygı verip sevgi-saygı almaya, sorumluluk ve sahiplenme/kollama duygusuyla katkıda bulunmaya zorlayan sevgi ile bizi baltalayan, iyilik yapmaktan alıkoyan, dizginleyen, hayatımızı ve çalışmalarımızı sabote eden kötü tercihlere yönelten sevginin gücünü tanıtıyor. Tanıtırken, sakındırıyor.

Bu sakınmayı yaparken, aynı zamanda yaşamın kendisi ve özü olan gerçek sevgiye yönlendirmektedir. Bu aynı zamanda, araçların farkındalığı içinde amaca bir çağrıdır. Bu çağrı içsel beğenmişliği, korkuya dayalı, egonun esareti içinde yaşadığımız bir dünyadan çıkarıp içimizdeki SAF SEVGİ ile buluşturma çağrısıdır. Gücü, sevgiyi, mutluluğu artık dışımızda değil içimizde bulabileceğimizin davetidir. Asma ve çubuk örneğinde olduğu gibi, hayatın amacıyla özdeşleşme sevgisidir. Ruhsal manada içerdeki kavgayı sonuçlandırma çabasıdır.

13. yy’ın özgün yazarı ve Süryani Deha Barebroyo (Abulfarac) ‘‘Nehtuf lan valgav menan nethgave. Dneşkah malkuthan damtaşyo bleban: kemath dnehze lalohan = kendi kendimizi zorla çalalım, alıkoyalım, içimize odaklanalım ki, yüreğimizde saklı cennetimizi keşfedelim. Yani orada Allah’ımızı görelim’’ derken aslında bu temel gerçeği dile getirmektedir.

Maneviyat ruhla ilgilidir. Kendini tanıma, kendine ve başkalarına karşı sorumlu olma alanına bir yolculuktur. İki efendiye/iki patrona kulluk/hizmet ederek bu yolculuk yapılmıyor. Yapılsa da, sonu hüsran ve zarar olur…

Bu hüsrana ve zarara uğramamak için herkes ruhsal gelişiminden aynı oranda sorumludur. Bireysel ve toplumsal yarar için bu gelişimi yapmakla yükümlüdür.

Saygılarla.

Yusuf Beğtaş

Süryani Dili-Kültürü ve Edebiyatı Derneği / Mardin