«المثلث الرحمات مار اوسطاثيوس” قرياقس تنورجي” مطران” الجزيرة” و”الفرات”
«المثلث الرحمات مار اوسطاثيوس” قرياقس تنورجي” مطران” الجزيرة” و”الفرات” السابق حكيم السريان
هو احد أحبار كنيستنا السريانية الأرثوذكسية في مطلع القرن العشرين المميزين ومن الذين كان لهم باع طويل في ميادين مختلفة من حياتهم وتركوا بصمات لا تنسى ولا تمحى، لأنهم سجلوها بل طبعوها بجهودهم المتواصلة وتجاربهم العديدة وخبراتهم المتجددة على الدوام، وأخيراً بالذكريات التي تركوها بين من تعاملوا معهم وخدموهم ونشلوهم من مهاوِ سحيقة، وأنقذوهم من مطبات قاسية، فالمثلث الرحمات المذكور كان واحدا من بين هؤلاء الموهوبين بهذه الصفات .
ولد المطران مار اوسطاثيوس قرياقس في “ماردين” تركيا سنة 1902».
«ينتمي مار اوسطاثيوس قرياقس” إلى عائلة “تنورجي” المعروفة بتقواها وإيمانها وترعرع في مدرسة مدينته ودير مار “حنانيا” “دير الزعفران” على يد المرحوم الراهب “يوحنا دولباني” وغيره من الرهبان والكهنة والشمامسة الذين كانوا يخدمون الأديرة والكنائس آنذاك، وقد عرف منذ نعومة أظفاره بنشاطه، وغيرته ومحبته لكنيسته السريانية الأرثوذكسية وآبائها وعلمائها، لبس الأسكيم الرهباني، ورسم كاهنا بيد المثلث الرحمات البطريرك القديس “الياس الثالث شاكر” الذي لازمه الراهب “قرياقس” في “ماردين” ودير “الزعفران” والقدس وفيها التقى برفيقه الراهب”يشوع صموئيل” مطران الولايات المتحدة وكندا ورافقا المثلث الرحمات البطريرك “الياس” في رحلاته وزياراته بفلسطين وسورية ولبنان والعراق.
أما عن حياته كمطران فقد اقتبل الرسامة الأسقفية في كنيسة السيدة العذراء أم الزنار على يد المثلث الرحمات البطريرك “أفرام الأول برصوم” ودعي باسم مار اوسطاثيوس سنة 1938 وعاش في كنفه كنائب بطريركي نحو خمس سنين وقد لمس فيه البطريرك امائر الذكاء والحكمة والخبرة والفطنة وبعد النظر بتصريف الأمور ما جعله يتوسم فيه الخير والنجاح للكنيسة كما اخذ المطران قرياقس عن البطريرك أفرام قوة الشخصية ومحبة الكنيسة والغيرة على تقاليدها وعاداتها وطقوسها لا سيما الوطنية الصادقة تجاه الأمة العربية وكذلك الحصافة والذكاء في حل المشاكل الطائفية وتكميل حاجات المؤمنين.
وعندما اقتضت الحاجة وطلبته أبرشية “الجزيرة” و”الفرات” مطرانا رسميا لها لم يبخل قداسته به عليها بل تنازل عنه متأثرا ومتألما لابتعاده، وجاء المثلث الرحمات المطران قرياقس إلى “الجزيرة” ومركز أبرشيتها “الحسكة”
وعن المواقف الوطنية التي وصمها المطران “قرياقس” في “الحسكة”
«لم يكن المطران قرياقس بالمثقف تماما بالعلوم واللغات لكنه كان يلم باللغة السريانية والطقوس والألحان وقد أعطاه الله الحكمة والدراية في تصريف الأمور على الوجه المطلوب، وقد تميز بشخصيته التي انطبع بجزء منها من البطريرك أفرام أثناء خدمته في النيابة البطريركية بـ”حمص” وقد فتح صدره وقلبه وعقله لكل أبناء الشعب في الجزيرة بطولها وعرضها ولكل المذاهب والمنتميات والمراجع بالإضافة إلى أبناء شعبه السريان وغيرهم كما خدم العشائر من العرب والأكراد والشيشان واليزيد، وكان الجميع يقصدونه في اقسى الظروف وأحلك الليالي وأصعب الأحوال لهم، فكان يقضي حاجاتهم ويلبي دعواتهم ويفك قيود أسراهم من سجونهم، وينهي مشاكل قتلاهم المعقدة.
ولذلك أطلق عليه تسمية حكيم السريان
وهنا لابد من ذكر حادثة يتذكرها اغلب شعبنا المسيحي في منطقة الجزيرة حين تم اعتقال بعض الشباب ممن كانوا ينتموا الى احدى الأحزاب القومية , فقام بالاتصال بأكبر مسؤول بالبلد وطلب منه الافراج عنهم فوعده باطلاق سراح السريان وفعلاً تم الافراج عنهم .
أين نحن من هؤلاء العظام اليوم ؟
حيث تمر الجزيرة باصعب الاوقات وأبنائها تحت الظلم والاستبداد.

رحمه الرب الاله بواسع رحمته ورحمنا بصلواته

Samir Zako

الشاعر السرياني أبن قيقي البغدادي
الشاعر السرياني أبن قيقي البغدادي
هو إغناطيوس مرقس ابن قيقي البغدادي من أسرة ثرية كان أرخدياقون بيعة الموصل وفي رواية راهباً في دير ابن جاجي أو أنه فيه رسم مفرياناً للمشرق عام 991 وبعد أربع وعشرين سنة وقع في محنة وجحد الإيمان المسيحي سنة 1016 فسقط وذلّ , ثم ارعوى وتاب توبة نصوحا فأنشد وكان أشعر أهل عصره , قوي البراعة , بليغ البيان , فياض القريحة , شائق اللفظ وشيق المعنى , له قصيدة سروجية البحر مطولة من القصائد المختارة رثى بها نفسه باسلوب يكاد يحرك الجماد وهي 164 بيتاً فيها صنعة جميلة وفن بياني موفق استهلها بقوله : لقد عمل الشيطان بمكره عرساً للأثم , دعا إليه الأجيال والعشائر والقبائل ,( نقلها المثلث الرحمات العلامة مار اغناطيوس افرام الأول برصوم عن نسخة فريدة في ((أربو)) بطور عبدين ) وحبَّر أيضاً نشيداً أفرامي الوزن رقيقاً شجياً على الأبجدية وهومستفيض على ألسن الاكليروس أوله : لأبكين وأبكين وأُبكي الناس ( تجد القصيدة أدناه وقد ترجمتها على قدر علمي البسيط في لغتنا الحبيبة )
وأبياتاً أفرامية مقفاة مهذبة خطاباً لبعض أصحابه مطلعها :
وقفت على كتابك أيها الهمام … وينتقل إلى استثقال نير الحكام ثم يوبخ نفسه , ومات بعد أن بلغ من العمر عتياً .
يعد الشاعر ابن قيقي البغدادي من الطراز الثاني لشعراء السريان حيث جاء في الفصل التاسع من كتاب اللؤلؤ المنثور ص 40 في طبقات الشعراء السريان :
تجد بين شعراء السريانيين شعراء العبقرية وشعراء القريحة وشعراء جمعوا في الكثير الغالب بين الموهبتين وشعراء الطبقة الوسطى فالمتأخرين , فمتخلفي الشعراء .
فمن الطراز الأول : مار أفرام الشاعر الخالد الموهوب الذي فاز بإكليل العبقرية
ومن الصنف الثاني : يعقوب الرهاوي وابن العجوز وابن قيقي وابن الصابوني وابن اندراوس الذي يسبك فيحسن السبك ويصوغ فيُحكم الصوغ , والكلام في أبياته مرسل مطبوع ويمشي في كثير منها في الرعيل الأول .
(( هذا ما جاء في كتاب اللؤلؤ المنثور للعلامة المثلث الرحمات البطريرك أفرام الأول برصوم ))
يقال وقد سمعتها من صديق لي وهو أحد تلاميذ المثلث الرحمات المطران اسحق ساكا روى لهم قصة هذا الشاعر والمفريان جاء فيها :
أنه كان مفرياناً للمشرق وذاع صيته في المنطقة وله مكانته في الدولة وفي عهد الخليفة القادر بالله من خلفاء الدولة العباسية عام 1016 م حيث عند زيارته للخليفة كان يقوم الخليفة بأحسن استقبال له ويجلسه بقربه وكثيراً ما كان يستشيره في امور عديدة ومن كثرة الترحيب والاطراء والاهتمام به اصيب بداء العظمة والكبرياء والمجد الباطل فقال في نفسه إن كنت مسيحياً وهذا التعظيم والتبجيل الاحترام الذي أحظى به من لدن الخليفة فكيف لو كنتُ على دينه , فجحد الدين المسيحي وفي أول زيارة له بعد جحوده إلى الخليفة العباسي لم يقم باستقباله كما كان في السابق وحين همّ بالجلوس بقربه قال له الخليفة مكانك هناك في أخير المجلس فتعجب من سوء الاستقبال والنظرة الدونية له فقال له الخليفة : يوم كنت مفرياناً كنت سيد قومك مثلما أنا سيد قومي ولكنك بعد أن تخليت عن منصبك ودينك اصبحت من عامة الناس بل من أتباعي ولا يمكن أن تكون مساوياً لي وبما أنك حديث العهد في هذه الديانة فمكانك يكون في الأخير ويقال قد اهين وذلّ كثيراً فندم وتاب توبة نصوحا وجاء إلى الموصل ويقال أنه كان ينام أمام مدخل باب كنيسة مار توما بالموصل والمؤمنون الداخلون كانوا يدوسون عليه كي يستطيعوا أن يعبروا إلى الكنيسة ولقد حاولوا مرات عديدة أن يقيموه من أمام الباب فكان يرفض وتحلوا له اهانة أبناء جلدته عن غيرهم وفي تلك الفترة صاغ قصيدة (ܐܶܒܟܶܐ ܘܐܶܒܟܶܐ ܘܶܐܒܰܟܶܐ) (لأبكين وأبكين وأبكي الناس) . والتي تعتبر من روائع الشعر السرياني .
هذا ما وجدته في الكتب في بحثي عن هذا الشاعر الفطحل والأديب الهمام .
النبي داؤد بمعصيته عن الله وخطاياه قدم توبة نصوحا وتاب وندم فأجاد في مزاميره , هكذا شاعرنا المفريان ابن قيقي البغدادي قدم توبة نصوحا وتاب وندم عن خطيئته فأجاد شعراً عظيماً .
أتمنى من الآباء الرهبان الذين ليس لديهم دراسة أن يبحثوا في المكتبات العامرة في الدير الكهنوتي وبقية أديرتنا العامرة بقصص مثيلة وسير القديسين وأن يرفدونا بها لنتمثل بسيرهم .
الشماس سمير يونان زكو
فيينا 7 / 7 / 2019
—————————-
بعض أبيات قصيدة (ܐܶܒܟܶܐ ܘܐܶܒܟܶܐ ܘܶܐܒܰܟܶܐ) (لأبكين وأبكين وأبكي الناس) بصوت قيثارة آزخ المرنمة ريا الخوري يوسف البنا Rayia Albanna
—————————–
ܐܶܒܟܶܐ ܘܐܶܒܟܶܐ ܘܶܐܒܰܟܶܐ ؛ ܩܰܕܡܳܝܰܬ ܘܰܥܠܰܝ ܐܶܒܟܶܐ : ܐܶܒܟܶܐ ܒܠܶܠܝܳܐ ܘܒܺܐܝܡܳܡܳܐ ؛ ܥܰܠ ܥܒܳܕ̈ܰܝ ܒܺܝ̈ܫܶܐ ܘܳܝܠܺܝ ܊
ابكي وابكي وإباكي , قَدمويات علاي إبكي , إبكي بليليو وبيمومو, عال عبوداي بيشيه وويلي .
لأبكينَ وأبكينَ وأُبَكِّي (الناس) , بالبداية على نفسي أبكي ، أبكي بالليل والنهار , الويل لي على أفعالي السيئة .
ܒܰܕܡܽܘܬܶܗ ܕܒܰܪ ܚܶܠܰܩܝܳܐ ؛ ܢܒܺܝܳܐ ܓܰܒܝܳܐ ܘܰܐܠܳܝܳܐ : ܐܶܒܟܶܐ ܒܠܶܠܝܳܐ ܘܒܺܐܝܡܳܡܳܐ ؛ ܥܰܠ ܥܒܳܕ̈ܰܝ ܒܺܝ̈ܫܶܐ ܘܳܝܠܺܝ ܊
بَدموثيه دبار حِلَقيو , نبييو كَبيو والويو, إبكي بليليو وبيمومو , عال عبوداي بيشيه وويلي .
وعلى شكل ابن حلقيا , النبي المختار والمولول , أبكي بالليل والنهار , الويل لي على أفعالي السيئة .
ܓܥܳܬܳܐ ܐܶܥܒܶܕ ܕܰܬܒܳܪܳܐ ؛ ܘܰܐܡܛܰܪ ܕܶܡ̈ܥܶܐ ܐܰܟ̣ ܡܶܛܪܳܐ: ܐܶܒܟܶܐ ܒܠܶܠܝܳܐ ܘܒܺܐܝܡܳܡܳܐ ؛ ܥܰܠ ܥܒܳܕ̈ܰܝ ܒܺܝ̈ܫܶܐ ܘܳܝܠܺܝ ܊
كعوثو إعبيد دَتبورو , وَامطار ديمعيه أَخ ميطرو , إبكي بليليو وبيمومو , عال عبوداي بيشيه وُيليه .
صراخ صنعت على هذه المصيبة وكالمطر ذرفت عيناي , أبكي بالليل والنهار , الويل لي على أفعالي السيئة .
ܟܽܠܗܽܘܢ ܪܳܚܡܰܝ̈ ܘܝܳܕܽܘܥܰܝ̈ ؛ ܒܟ̣ܰܪܝܽܘܬܳܐ ܢܶܒܟ̣ܽܘܢ ܥܠܰܝ: ܕܣܰܓܺܝ ܐܰܪܫܥܶܬ ܒܰܥܒܳܕ̈ܰܝ ؛ ܘܰܒܣܽܘܪ̈ܚܳܢܰܝ ܠܺܝ ܘܳܝܠܺܝ ܊
كولهون روحماي ويودعاي , بخَريوثو نيبخون علاي , دساكي أَرشعيت بَعبوداي , وَبسورحوناي لي وُيلي .
كل أحبائي ومعارفي , بالغم يبكون عليَّ ، بأعمال كثيراً أجرمت , وعلى آثامي الويل لي،
ܥܰܝܢܰܝ̈ ܡܶܢ ܕܶܡ̈ܥܶܐ ܡܰܠܝ̈ܳܢ ؛ ܘܥܰܠ ܦܰܪܨܽܘܦܝ̱ ܗܳܐ ܡܶܫܬܰܦ̈ܥܳܢ : ܘܐܺܝܕ̈ܰܝ ܠܰܫܡܰܝܳܐ ܬܰܠܝ̈ܳܢ ؛ ܒܪ̈ܰܚܡܰܝܟ ܚܰܣܳܐ ܠܺܝ ܚܰܘܒܰܝ̈ ܊
عَيناي مين ديمعيه ماليون , وعال فَرصوف هو ميشتافعون, وإيذاي لَشمايو تاليون, برَحمَيك حاسو لي حَوباي .
عيناي من الدموع ممتلئا , وعلى شخصي هي مستفيضة , ويداي للسماء مرتفعة , وبمراحمك اغفر ذنوبي
مـار تومــــا الرســـــول
مـار تومــــا الرســـــول
تحتفل كنيستنا السريانية في 3 تموز من كل عام بعيد مار توما الرسول
من هو مار توما الرسول ؟
كان مار توما من بلاد الجليل، ولد وشقيقه أدى ـ أحد السبعين ـ توأمين ـ فدعي بالسريانية توما، أي التوأم (يو11: 16و21: 2) ويدعى أيضاً يهوذا، وهو غير يهوذا الإسخريوطي الذي أسلم الرب.
كان مار توما أحد تلاميذ الرب يسوع ، ويُعدُّ السابع بين الاثني عشر (مت10: 3) وبما أنه بشّر في الهند، فإنه يدعى رسول الهند، ولكن معرفتنا بتفاصيل أعماله التبشيرية يسيرة جداً بالمقارنة مع معرفتنا بأعمال مار بطرس ومار بولس وغيرهما من الرسل والمبشرين، ولكننا مع ذلك لا نجهل عنه كل شيء. وبتناولنا ترجمة حياته بالدرس، وحديثنا عنه، نستند إلى الإنجيل المقدس، والتقليد الكنسي السرياني الموثوق به.
هؤلاء هم سفراء المسيح الأبطال الذين تحمّلوا في سبيل تأدية الشهادة السامية صنوف الاضطهادات، والضيقات، والآلام، والعذابات وحتى الاستشهاد.
محبته للرب يسوع:
كانت محبة توما للسيد المسيح عميقة جداً، وخالصة، وصافية، حتى أنه كان مستعداً لأن يموت مع الرب، فقد ذكر الإنجيل المقدس أن الرب يسوع لما عزم على التوجّه إلى بيت عنيا لإقامة لعازر من بين الأموات حذّره تلاميذه مذكّرين إيّاه بمحاولة اليهود قتله، فقال توما لإخوانه التلاميذ: «لنذهب نحن أيضاً لكي نموت معه» (يو11: 16).
وفي العشاء الأخير، لما سمع توما الرب يسوع يتكلّم عن انفصاله عن تلاميذه، بالجسد، وأنّهم سيتبعونه، قال له: «يا سيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق؟» قال له يسوع: «أنا هو الطريق، والحق، والحياة» (يو1: 5و6) فنحن مدينون لتوما بسؤاله هذا، حيث أن جواب الرب يظهر للعالم حقيقة الدين المسيحي المؤسس على المسيح يسوع الذي هو الطريق، والحق والحياة.
وقد اشتهر مار توما بتشككه بحقيقة قيامة الرب من بين الأموات، وإيمانه بالقيامة بعد رؤيته الرب حياً. حين قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديَّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً. أجاب توما قائلاً: ربي وإلهي، فقال له يسوع لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا» (يو20: 26 ـ 29).
يقال أن إصبعي توما السبّابة والوسطى ملتصقتين منذ ولادته فانفكتا لما وضعهما توما مكان المسامير في كفي الرب. ويقال أيضاً أن توما لم يجرؤ على أن يضع إصبعه موضع المسامير في كفّي السيد المسيح، ويده في جنبه.(حديث متوارث بالتقليد الكنسي)
مار توما في التقليد الكنسي السرياني:
يذكر التاريخ الكنسي أن توما الرسول أرسل إلى الرها أخاه أدى وهو أحد المبشرين السبعين. وأما هو فقد توجه إلى المشرق حيث دعا إلى الإيمان شعوباً مختلفة، وبشّر الحامية الفارسية المجوسية التي كانت في تكريت، وختم أعماله التبشيرية في الهند على عهد كوندفر البرثي أحد ملوكها.
قصة ذهاب مار توما إلى الهند:
في التقليد الكنسي السرياني قصة شيقة، يعتبر الرسول توما بطلها، وتبدأ حوادثها بمحاولة الرسل اقتسام مناطق العالم المعروفة عصرئذ بينهم، ليذهب كل منهم إلى منطقة ينشر بشارة الإنجيل فيها. فأصابت القرعة الرسول توما للذهاب إلى الهند، فخاف توما كثيراً وارتعب وتردّد بقبول ذلك، بل كان أقرب للرفض منه إلى القبول، فيظهر له السيد المسيح ويقول له: إذا لم تذهب أنت إلى الهند فسأذهب أنا بنفسي إليها وأموت ثانيةً، فأذعن توما للأمر، بعدما نال وعداً من الرب بألاّ يتخلّى عنه تعالى، بل يكون معه حيثما يذهب. وتقول القصة أن تاجراً هندياً اسمه حابان أرسل إلى سورية في تلك الأيام من قبل أحد ملوك الهند لإيجاد بنّاء ماهر يشيد للملك قصراً منيفاً، فباع الرب يسوع تلميذه توما عبداً للتاجر حابان إلى بلاد المشرق بطريقه إلى الهند. واجتاز بلاد العراق فبشّر أهلها.
ويذكر التاريخ أن مار توما وجد في بلاد ما بين النهرين المجوس الذين كانوا قد سجدوا للرب يسوع وهو طفل في بيت لحم، فبشّرهم، معلناً لهم أن الفداء قد تمّ بموت السيد المسيح صلباً ودفنه وقيامته في اليوم الثالث، فآمنوا واعتمدوا، ورسم منهم كهنة وأساقفة، وواصل سفره إلى بلاد الهند فوصل إليها سنة اثنتين وخمسين للميلاد. ويقال أنه بدأ تبشيره بالجنوب ثم واصل العمل إلى الشمال والتقى الملك سيد التاجر حابان، وأخذ منه أموالاً طائلة لتنفق في تشييد القصر المذكور، ولكنه وزّعها على الفقراء والمعوزين. ولما سمع الملك استدعاه إليه وسأله جليّة الأمر، فقال له توما أنه قد بنى له قصراً فخماً في السماء، فغضب الملك كثيراً، وألقاه في سجن عميق وجعله تحت حراسة مشدّدة، وتعذيب مرير، ريثما يردّ إليه المال… وهكذا تحمّل توما الآلام والعذابات وحده… لما كان بطرس في السجن كانت الكنيسة تواصل الصلاة لأجله، فأخرجه ملاك الرب، ولما كان بولس في السجن كان تلاميذه يخدمونه، فكان ذلك عزاء له، أما توما فقد كان وحده في سجنه في بلاد بعيدة اعتبرت في تلك الأيام بلاد الغرائب والعجائب، ولكننا على يقين بأن الرب يسوع كان معه يشجّعه على تحمّل المشقات كجندي صالح. وقد دبّر وسيلة لإنقاذه. ونجاح مهمّته التبشيرية، ذلك أن (جاد) أخا الملك ابتلي بمرض عضال، ومات ونقلت الملائكة روحه إلى السماء حيث شاهد قصراً منيفاً، قيل له أنه القصر الذي شيّده توما لأخيه الملك، ثم أعاد اللّـه (جاد) إلى الحياة، فلما رآه أهله حياً انذهلوا، فقصّ عليهم جاد ما رآه في السماء، وطلب إلى أخيه الملك ليبيعه القصر الذي شيّده له توما في السماء… فصدّق الملك الرؤيا… وأطلق سراح الرسول توما، وآمن بالرب يسوع هو وأهل بيته، وعظماء مملكته، واعتمدوا جميعاً، بل ساعدوا توما في نشر البشارة الإنجيلية فرسم منهم كهنة وأساقفة، وغادرهم ليواصل تبشيره بالإنجيل في مناطق أخرى من بلاد الهند.
خطف توما بالروح ورؤيته العذراء مريم:
ويُحكى عن توما قصص أخرى شبيهة بقصة تشييد القصر في السماء، لا مجال لذكرها هنا، ولكن لا بدّ من التنويه في هذه العجالة بحادثة خطف توما بالروح وذهابه من الهند إلى المدينة المقدسة، للاشتراك بتجنيز السيدة العذراء والدة اللّـه مريم، وتأخير وصوله إلى هناك، ورؤيته وهو في الطريق العذراء تصعد إلى السماء بموكب ملائكي عجيب، وطلبه منها علامة يبرهن بها لإخوته التلاميذ عن صدق حديثه عندما يخبرهم عما شاهده، فأعطته زنارها، وبعدما اجتمع توما بالتلاميذ، وطلب إليهم فتح ضريح السيدة العذراء، ففعلوا ولم يجدوا الجثمان الطاهر، أخبرهم بما رأى، وعاد إلى الهند آخذاً معه الزنار المقدس.
استشهاده:
تحمّل مار توما الرسول العذاب الأليم من الوثنيين في الهند حتى أنهم سلخوا جلده كما يسلخ جلد الحمل الوديع، فوضع جلده على كتفه بصبر عجيب، وجال بين الناس يبشّر باسم السيد المسيح حتى هجم عليه كهان الوثنيين وهو يصلّي وطعنوه بالرماح في جنبه الأيمن، ففاضت روحه الطاهرة في عام 75م في مدينة ميلابور القريبة من مدراس حيث دفن جثمانه الطاهر، واقترن اسمه ببلاد الهند، فهو رسول الهند. قال كيرلس اليسوعي نقلاً عن حوادث البرتغاليين أنّهم وجدوا عند مرورهم بمسيحيي ميلبار (جنوب الهند) أن هؤلاء يقولون في كتب صلواتهم باللغة السريانية ما ترجمته «إن القديس توما اجتذب إلى الإيمان المسيحي الحبشة والصير والعجم» ويعني بالحبشة بلاد الهند، فقد جرت العادة أن يُطلق على جميع الشعوب السود لوناً، اسم الأحباش أو الكوشيين.
نقل رفاته إلى الرها:
في 3 تموز من عام 394م نقلت الجالية السريانية الرهاوية رفات مار توما الرسول من الهند إلى الرها فوصل إليها في 22 آب من السنة ذاتها، وأودع في الكاتدرائية الفخمة التي كان قورا أسقفها، قد وضع حجر أساسها وبدأ بتشييدها سنة 313م، وأنجز بناءها بعده الأسقف سعاد. وهي على اسم مار توما الرسول.
وشُيدت على اسم الرسول توما أديرة وكنائس عديدة في أماكن شتى من العالم،
ومن الكنائس القديمة العهد التي شيِّدت على اسم مار توما الرسول كنيسته في الموصل بالعراق التي ذكرت في التاريخ مركزاً للأبرشية منذ بدء القرن السابع للميلاد، ويعتقد أنها كانت داراً لأحد المجوس الذين سجدوا ليسوع وهو طفل في بيت لحم، وبشّرهم الرسول توما، فأمنوا بالرب، وحوَّل هذا المجوسي داره إلى كنيسة وهي لا تزال عامرة. (للأسف تم تخريبها من قبل عصابات داعش وتركت لحد الان مهملة بدون ترميم)
اكتشاف ذخيرة الرسول توما:
عام 1964 بينما كانت أعمال الترميم تجري في كاتدرائية مار توما الرسول في الموصل على عهد المثلث الرحمات المطران زكا (قداسة البطريرك بعدئذ) اكتشف الذخيرة المقدسة لمار توما وشيّد مقاماً لائقاً في الكاتدرائية ذاتها، ووضعت الذخيرة فيها.
لتكن صلاة الرسول توما معنا جميعاً لننال الطوبى التي أعطاها الرب للذين، وإن لم يروه، آمنوا به مخلصاً ورباً وإلهاً عظيماً، صلب، ومات بالجسد، وقام في اليوم الثالث من القبر حياً ممجَّداً.
وتهنئة قلبية لكل من تسمى على اسم هذا الرسول الجسور (توما , توماس , تومي ) وكل عام وأنتم بخير
نقلت بتصرف
المصدر : رائحة المسيح الذكية – المثلث الرحمات مار اغناطيوس زكا الأول عيواص- 2008

القديس مار إغناطيوس النّوراني 107 +
القديس مار إغناطيوس النّوراني 107 +

ولد القديس مار إغناطيوس النوراني حوالي سنة 35م، وتنصّر في أنطاكية، وتتلمذ على أيدي الرسولين بطرس ويوحنا. وتُرجم اسمه الأصيل باللاتينية «إغناطيوس» إلى السريانية فصار «نورونو» أي النوراني، واتّخذ له اسماً آخر هو «ثاوفوروس» ومعناه «حامل اللـه».
ورُسم أسقفاً بأيدي الرسولين مار بطرس ومار بولس على أنطاكية يوم كانت تجتاز ظروفاً قاسيةً، وهو ثالث بطريرك للكرسي الأنطاكي فأخذ يترجم بالعمل ما كان يكتبه إلى الكنائس وتلاميذه وخاصةً زميله الأسقف بوليقربوس، كما ناهض البدع والهرطقات التي ولَّدت الشكوك بضلالتها، وحاولت عرقلة مسيرة نشر البشارة الإنجيلية. وُشي به إلى حاكم أنطاكية بأنه زعيم المسيحيين وقد جذب عدداً كبيراً من اليهود والوثنيين إلى حظيرة المسيح، فاستقدمه الحاكم، واستجوبه، فاعترف القديس بالإيمان بشجاعة فائقة، فحكم عليه بأن يساق إلى رومية ويُطرح هناك للوحوش الضارية لتفترسه. ثم جمع تلاميذه بإكرام وتبجيل عظامه المقدسة ولفّوها بكتان نفيس وأرسلوها إلى أنطاكية ودفنت ذخائره المقدسة في أنطاكية ثم نقلها الامبراطور ثاودورسيوس الصغير إلى كنيسة بنيت في أنطاكية على اسم مار إغناطيوس وفي القرن السابع نقلت رفاته إلى روما.
مصدر أخر عن سيرة القديس مار إغناطيوس النوراني :
وقف مار إغناطيوس في وجه بدعة الفلسفة الدوسيتية التى تقول بأن المسيح شبه به ولم يصلب وقال بهذا الفيلسوف باسيليدس , وقد أخذ محمد هذه الفلسفة ووضعها فى قرآنه .
القديس إغناطيوس أطلق عليه النورانى ] ثيوفوروس Theophorus ( حامل الإله ) [ وهو ثالث أساقفة أو بطاركة أنطاكية بعد القديس بطرس و أفوديوس الذي توفي حوالي سنة 68 م ، وقد ذكر أبو التاريخ الكنسي أوسابيوس القيصري أن إغناطيوس خلف أفوديوس بشكلا جعل فيه تسلسله الرسولي أكثر قربا .
حيث ذكر بأن القديس بطرس نفسه أقامه على كرسي أنطاكية . ويقول المؤرخون أنه أحد تلامذة الرسولين بطرس و يوحنا . وتعترف جميع الكنائس الرسولية بقداسته ، فكنيستنا السريانية والكنيسة الكاثوليكية الغربية تعيد له في 17 تشرين الأول-أكتوبر .وباقي الكنائس الأرثوذكسية بالإضافة للكنائس الكاثوليكية الشرقية تعيد له في 20 كانون الأول- ديسمبر .
وقد جاء ذكره في الكلندار السرياني في عدة تواريخ تذكاره
ففي الموصل تذكاره يكون يوم الخميس بعد صوم نينوى.
وفي 16 / 11 و 29 / 12 تذكار دفن عظامه و 30 / 12 و 1 / 7

ألقى الرومان القبض على مار إغناطيوس وأرسلوه إلى روما مكبل بالأغلال وفى رسالة مار إغناطيوس إلى أهل روما (5) قال عن رحلته :
{ من سوريا إلى روما حاربت ضد مسوخ متوحشة ، على الأرض وفي البحر ، في الليل والنهار ، ملزوم بالبقاء بين عشرة نمور ، وبرفقة جنود يزدادون سوءا وجفاء كلما حاولوا إظهار اللطف } وخلال رحلته ليحاكم في روما كان مار إغناطيوس يشجع ويعضد المسيحيين الذين كانوا يتوافدون للقائه على طول الطريق ليثبتوا في إيمانهم و كتب في ذلك سبع رسائل لكنائس مر بها وواحدة منها كانت لأحد أصدقائه الأساقفة : *
الرسالة إلى أهل ماجنيسية Magnesia *
الرسالة إلى أهل قيصرية Caesarea *
الرسالة إلى أهل أفسس Ephesus *
الرسالة إلى أهل سميرنة Smyrna *
الرسالة إلى بوليكاربوس أسقف سميرنة
* الرسالة إلى أهل روما Roma *
الرسالة إلى أهل فيلادلفيا Philadelphia
نصوص الرسائل تجدونها في الرابط الموجود في نهاية المنشور ومن أهم ما قام به هو تفسير وشرح وتحديد مهام الأسقف في رعيته . فالأسقف فى رأيه هو ممثل عن الإله فبدون الأسقف لا يوجد كنيسة . ويعتبر مار إغناطيوس أول من استعمل اصطلاح / كنيسة كاثوليكية أي جامعة / للدلالة على الجماعة المسيحية .
وجاء فى رسالة القديس إغناطيوس إلى أهل روما يرجوهم فيه بأن لا يفعلوا أي شئ لإنقاذه من حكم الموت ، فهو مشتاق للشهادة عن إيمانه ولو كلفه ذلك حياته :
“أفضل ما يمكن أن تقدموه لي، هو أن تتركوني أُقّدَّم ضحية على مذبح الرب ….. لأنه ارتضى أن يجد أسقف سوريا أهلاً، فأتى به من الشرق إلى الغرب. خير لي أن أغيب عن هذه الحياة لأستقبل شروق حياةٍ جديدة مع الله”. وفي أحد المسارح الرومانية ألقيّ إلى الأسود في عهد الإمبراطور ترايانوس لأنه مسيحى .
جثا على ركبتيه وصلى لكي يوقف الله موجة الاضطهاد عن الكنيسة، وأن يزيد محبة الإخوة لبعضهم البعض. أخيرًا أسرع به الجند إلى الساحة، وأطلقت الوحوش ليستقبلها بوجه باش، فوثب عليه أسدان ولم يبقيا منه إلا القليل من العظام.
للقديس مار إغناطيوس مكانة مرموقة في كنيستنا السريانية، فهو شفيع الكرسي الرسولي الأنطاكي والجالس عليه، واسمه الكريم يسبق دائماً اسم قداسة البطريرك.
كتب القديس مار إغناطيوس سبع رسائل مشهورة تلت أسفار كتاب العهد الجديد المقدسة بالأهمية، وهو الذي أدخل عادة ترتيل المزامير بين جوقتين أسوة بالملائكة النورانيين الذين ظهروا له برؤيا.

صلواته تكون معنا جميعاً.
————————
المصادر:
– من النت
– رائحة المسيح الذكية – المثلث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص 

Samir Zako

ما هي لغة بيروت في القرن السادس الميلادي ؟

آثارات مدرسة الحقوق الرومانية قرب كاتدرائية القديس جورج في
بيروت : هذا ما تبقى من المدرسة الشهيرة التي تعرضت لزلزال كبير
سنة ٥٥١ م ثم لحريق سنة ٥٦٠ منع إعادة بنائها !

ما هي لغة بيروت في القرن السادس الميلادي ؟
هنري بدروس كيفا
طلب مني أحد الأخوة أن أعلق حول هذا الموضوع :
” يايسوع الحياة … ترتيلة رومية شهيرة … من كتبها ؟
كتبها ، باللغة الرومية – اليونانية ، القديس “الحمصي” “رومانوس المرنم” ، في القرن السادس . وعنوانها باليونانية “الحياة في قبر ، i zoi en tafo” . وقد خدم رومانوس شماساً في “بيروت” حيث كان يكتب أشعاره ويتكلم باللغة الرومية-اليونانية فقط مع روم بيروت الناطقة آنذاك بالرومية ( اليونانية ) فقط … وقد تمت ترجمتها فيما بعد إلى اللغات
الأخرى بما فيها العربية بعدما تعرب الروم المشرقيون إثر الاحتلال العربي ، فيما بقيت ترتل بالرومية في اليونان وقبرص حتى اليوم.
ما رأيك
هل اهل بيروت كانوا يتكلمون اليونانية فقط ؟”
أولا – من هو القديس رومانوس ٤٧٠ ؟- ٥٣٠ م
١- هذا القديس من الأرجح ان هذا القديس قد ولد في حمص
حوالي سنة ٤٧٠ لأننا نعرف إنه إنتقل من بيروت الى القسطنطينية
حوالي سنة ٤٩٢ م .
٢- طبعا أن إسمه رومانوس لا يعني أنه روماني و ولادته في حمص
السريانية الآرامية قد تشير الى أنه سرياني آرامي ينتمي الى عائلة تعمل في الإدارة البيزنطية و تجيد اللغة اليونانية أو متحدر من بقايا اليونانيين
و كانوا أقلية ضئيلة في سوريا .
٣- لقد إنتشر إسم هذا القديس في سوريا و لبنان و فلسطين و شرقي
الأردن خاصة بين أخوتنا أبناء كنيسة الروم : من يحمل اسم رومانوس
اليوم لا يؤكد بأنه يتحدر من بقايا اليونانيين لأننا نعلم اليوم أن الشعب
السرياني الآرامي قد إنقسم بعد مجمع خلقيدونيا بين فريقين :
* السريان الملكيون ( اليوم إسمهم روم ) و قد عرفوا في المصادر
السريانية ب ” الخلقيدونيون ” أو ” أتباع المجمع ” و ” السريان الملكيون” لأنهم تبعوا أوامر الملك البيزنطي …
* السريان المناهضون لمجمع خلقيدونيا ( السريان الأرثودكس ) و قد
عرفوا ب ” أصحاب الطبيعة الواحدة” و ” اليعاقبة ” …
ملاحظة مهمة هي أن ” أتباع دير مار مارون ” كانوا من السريان الملكيين ” أي خلقيدونيين و بعد إحتلال العرب لسوريا و هرب بطريرك
إنطاكيا الخلقيدوني , إستقلت الكنيسة السريانية المارونية .
٤ – لا شك أن هذا القديس قد عاش في فترة صعبة جدا حيث إنقسمت
الكنيسة بين مؤيد و رافض لتعاليم مجمع خلقيدونيا . لا شك أن أغلبية
ساحقة من المسيحيين كانوا من المزارعين ” بسطاء القلب ” لا يفهمون
الخلافات العقائدية التي عصفت بالكنيسة الواحدة . القديس رومانوس
قد عاش حوالي ٤٠ سنة في القسطنطينية في عهود الأباطرة :
* أناستاسيوس الأول ( ٤٨١-٥١٨ ) و كان مناهضا لتعاليم خلقيدونيا.
*يوستين الأول ( ٥١٨- ٥٢٧ ) مؤيد لمجمع خلقيدونيا.
*يوستنيان الأول ( ٥٢٧-٥٦٥) مؤيد لمجمع خلقيدونيا.
ثانيا – ما هو الفرق بين لغة محكية و لغة رسمية في بطريركية إنطاكيا؟
١ -لا شك أن القارئ المهتم يعرف أن التقسيمات الكنسية للمطرانيات
في بطريركية إنطاكيا قد إتبعت التقسيمات الإدارية للامبراطورية الرومانية و فيما للإمبراطورية البيزنطية.
٢- في القرون الأربعة الأولى كانت معظم الولايات في أسيا للصغرى و البنطس تابعة إداريا و كنسيا لإنطاكيا و لكن في القرنين الخامس و السادس كانت هذه لبطريركية تتألف من ١١ ولاية و كانت كيليكيا الأولى
و الثانية إيصوريا تقع جغرافيا خارج سوريا الآرامية .
٣- لا شك أن اللغة اليونانية هي اللغة المنتشرة في هذه الولايات الثلاث
أما في بقية الولايات : سوريا الأولى و سوريا الثانية و فينيقيا الساحلية
و فينيقية اللبنانية و منطقة الفرات و أسروهين ومسوبوتاميا و العربية
( شرقي الأردن ) فإن أكثرية ساحقة من السكان كانوا من السريان أي
الآراميين . و لغتهم الأم و اللغة المحكية و اللغة الطقسية هي اللغة
السريانية.
٤- اللغة الرسمية في الإمبراطورية البيزنطية كانت اللغة اليونانية
و هذه اللغة كانت محكية ضمن أقلية من بقايا اليونانيين و من قبل
الجنود و الموظفين في الإدارة . اللغة اليونانية كانت شبه محصورة في
العاصمة إنطاكيا و بعض المدن في سوريا . هنالك عدة مصادر سريانية
و يونانية تؤكد لنا أن أغلبية سكان المدن لا يفهمون اللغة اليونانية و كان
على الشماس أن يترجم المواعظ الى اللغة السريانية.
٥- لقد أعطى اليونانيون إسماء يونانية لجميع المدن في سوريا و لكن
هذا لا يعني أن سكان لك المدن كانوا يونانيين أو يتكلمون اللغة اليونانية.
مدينة مبوغ الآرامية ( منبج اليوم ) أصبحت هليوبوليس ! و مدينة حلب
أصبح اسمها بيروا . لك شك ان القارئ يعرف أن اسم مدينة طرابلس
هو يوناني Tripolis و يعني ” ثلاث مدن ” و لكن إسم طرابلس ليس
برهانا على أن سكان الثلاث مدن كانوا من اليونانيين !
٦ – اللغة الرسمية في بطريركية إنطاكيا كانت اللغة اليونانية و لكن اللغة
المحكية فهي اللغة السريانية الآرامية . إنطاكيا عاصمة ولاية سوريا
الأولى كانت تستخدم اللغة اليونانية بحكم إنها عاصمة الشرق و لكن
جميع السكان في ولاية سوريا الأولى كانوا يتكلمون اللغة السريانية
لأنها لغتهم الأم .
ثالثا -ما هي لغة بيروت في القرن السادس الميلادي ؟
١ – كانت بيروت مدينة أو بلدة صغيرة ضمن فينيقيا الساحلية و لم تكن
تلعب دورا مهما في التاريخ القديم .
٢- بعد إحتلال الرومان لبيروت سنة ٦١ ق٠م و تحويلها الى مستعمرة رومانية و قاعدة لهم سوف سوف تبدأ هذه المدينة في النمو و الإزدهار .
خاصة بعد بناء مدرسة الحقوق الرومانية حيث تقاطر طلاب الحقوق
من كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية خاصة من القسم الشرقي !
ملاحظة مهمة : هنالك إختلاف بين الباحثين حول تاريخ بناء هذه المدرسة فمنهم من يؤكد بداية القرن الأول و منهم من يؤكد أواخر القرن
الثاني و أول كتابة تتكلم عن هذه المدرسة تعود لسنة ٢٣٩ م.
٣- لا شك إن لغة التعليم في مدرسة الحقوق كانت اللغة اللاتينية لأنها
كانت اللغة الرسمية في الإمبراطورية الرومانية . إنتشار اللغة اليونانية
في القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية قد سمح لها أن تبقى لغة
رسمية الى جانب اللغة اللاتينية !
٤- في القرنين الثالث و الرابع أصبحت اللغة اليونانية – لغة الإدارة – بحكم الواقع في القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية و قد تعالت
بعض الأصوات تطالب بأن تكون اللغة اليونانية هي لغة التعليم في مدرسة الحقوق في بيروت .
بعض الباحثين يؤكدون أنه في أوائل القرن الخامس الميلادي بأن اللغة
اليونانية قد أصبحت لغة التعليم في مدرسة الحقوق . إنني شخصيا أشك
في ذلك لأننا نعرف من خلال المصادر السريانية بأن زكريا البليغ قد
دون حياة البطريرك ساويروس و ذكر كيف عرف عليه في مدرسة بيروت في أواخر القرن الخامس و هو يذكر أن لغة التعليم كانت اللاتينية.
٥ – لا شك أن اللغة اليونانية كانت اللغة الرسمية في مدينة بيروت
و لغة التخاطب بين طلاب مدرسة الحقوق القادمين من كل أنحاء الإمبراطورية البيزنطية . و لكن اللغة المحكية في بيروت بين عامة
الناس ظلت اللغة السريانية الآرامية .
٦- للأسف أغلب اللبنانيين يعتقدون بأن سكان فينيقيا الساحلية كانوا
يتكلمون اللغة الفينيقية و يستشهدون بالإنجيل و كيف زجر سيدنا يسوع
المسيح المرأة الكنعانية .
* اللغة السريانية الآرامية كانت قد محت كل اللغات الشرفية من أكادية
و كنعانية ( فينيقية ) و عبرية حوالي ٤٠٠ سنة قبل مجئ المسيح !
يسوع و كل الرسل قد بشروا باللغة الآرامية !
* ” فينيقيا الساحلية ” و عاصمتها مدينة صور هي تسمية رومانية
لا تؤكد إستمرارية الشعب الفينيقي لأننا نعلم أن ولاية ” فينيقيا اللبنانية”
و عاصمتها دمشق أي أن جميع سكان هذه الولاية هم آراميون في الهوية
و اللغة .
* ” فلسطين الثانية ” هي تسمية إدارية رومانية قد أطلقت على منطقة
شرقي الأردن أي بلاد الانباط و هم آراميون بالهوية و التاريخ و اللغة
و ليس لهم أي علاقة مع شعب الفلستو القديم !

سيرة حياة القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك (+ 1359م).

سيرة حياة القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك (+ 1359م).

Évêque Jean Elias

ولد القدّيس غريغوريوس بالاماس في مدينة القسطنطينية في العام 1296م. كان من عائلة من النبلاء.
أبوه وأمه مهاجران من بلاد الأناضول تركاها إثر غزوة الأتراك لها. كان أبوه عضواً في مجلس الشيوخ مقرَّباً من الأمبراطور البيزنطي اندرونيكس الثاني باليولوغوس.
يروى عن أبيه أنه كان يتعاطى الصلاة القلبية ويغيب عما حوله حتى في حضرة الأمبراطور. وقد كان يحدث أن يطرح عليه أندرونيكوس سؤالاً فلا يجيبه لأنه كان غارقاً في صلاته. ويبدو أنه صار راهباً واتخذ إسم قسطنديوس عندما أحسَّ بدنو أجله.
أما أمه فكانت هي الأخرى تقية، حادة الذكاء، تتمتع بمواهب جمة. وقد كان لها على إبنها أطيب الأثر. كما اقتبلت هي أيضاً الحياة الرهبانية.
كان لغريغوريوس أربعة إخوة، أختين وأخوين. وإثر وفاة أبيه تعهّد العائلة الإمبراطور أندرونيكوس. وهكذا تيّسر لغريغوريوس أن يحصّل قدراً وافراً من العلم الدنيوي.
أمضى سنواته حتى العشرين أو الثانية والعشرين في القصر الملكي. يروى عنه أنه كان صعباً عليه أول أمره، أن يحفظ غيباً فكان يركع ثلاث مرات ويصلي لوالدة الإله صلاة حارة. وبمعونتها توصل إلى الحفظ عن ظهر قلب بسهولة. درس البيان والخطابة والطبيعيات والمنطق. وقد أبلى في الفكر الفلسفي بلاء حسناً، لا سيما في المنطق الأرسطوي حتى كان يبدو لمعلميه كأنهم يسمعون فيه أرسطو بعينه.
لم تُغْرِ غريغوريوس نجاحاتُه ولا كانت له في دنيا الوظائف العامة طموحات. لذا حوّل طرفه ناحية أخرى تحرّك صوبها قلبُه بكليته الرهبنة.
إعتاد قبل ذلك أن يلتقي رهباناً ينحدرون من الجبل المقدّس (آثوس). وكان هؤلاء يرشدونه إلى الإبتعاد عن العالم ويشجّعونه على الذهاب إلى الجبل المقدّس. كما كانوا يوصونه بالتروّض على أتعاب الفضيلة قبل ترك العالم. وهكذا بدأ بالسلوك في الفقر إلى حدّ أن بدأ مَن حوله يظنون أنه فقد عقله. وقد كان له في شخص ثيوليبتوس، أسقف فيلادلفيا العتيد، خير أب روحي ومعلم حثّه ونشأه على يقظة القلب والصلاة النقية.
أخيراً عزم غريغوريوس على ترك العالم والإنصراف إلى الحياة الرهبانية الملائكية. ولما كان بكر إخوته وصاحب الكلمة الأولى في العائلة محل أبيه، فقد رأى أن الحل الأوفق يتمثل في أن يترك هو وأمه وأخواه وأختاه والخَدم العالمَ ويقتبلوا الحياة الديرية. وهكذا كان: توزعت الأم والأختان والخَدم في أديرة في القسطنطينية وارتحل غريغوريوس وأخواه، مكاريوس، و ثيودوثيوس، إلى الجبل المقدّس (آثوس). كان ذلك في العام 1316م.
نزل غريغوريوس وأخواه في مكان قريب من دير فاتوباذي في الجبل المقدّس، ووضعوا أنفسهم في عهدة أب هدوئي يدعى نيقوديموس. (الهدوئي).
طريقة رهبانية نسكية تتمثل في حياة نصف مشتركة يتحلق فيها الرهبان حول شيخ روحاني فيسلكون في النسك والصلاة ويذهبون في السبوت والآحاد إلى الدير الّذي يُعتبر اسقيطُهم من توابعه ليشتركوا في الخدم الليتورجية وسرّ الشكر.
أمضى غريغوريوس في هذا الوضع ثلاث سنوات قضاها في الصلاة والصوم والسهر. كان ذكر والدة الإله لديه دائماً، يستعين بها على نفسه. ويذكر مترجم سيرته أنه فيما كان يصلي مرة ظهر له يوحنا اللاهوتي، شيخاً وقوراً، وقال له: “لقد أرسلتني إليك ملكة الكل والفائقة القداسة لأسألك لما تصرخ إلى الله في كل ساعة: أنر يا رب ظلمتي! أنر ظلمتي؟؟
فأجاب غريغوريوس: وماذا أطلب أنا الممتلىء أهواء وخطايا غير الرحمة والإستنارة لأدرك مشيئة الله القدّوسة وأعمل بها؟
فقال له الإنجيلي: إن سيّدة الكل تقول لك بواسطتي أنها جعلتني معها معيناً لك في كل شيء. فسأله غريغوريوس: وأين تريد أم ربي أن تساعدني أفي الحياة الحاضرة أم في الآتية؟
فأجاب الإنجيلي: في الحياة الحاضرة والآتية معاً …”.
توفي أخو غريغوريوس الأصغر، ثيودوسيوس، وكذا نيقوديموس الشيخ فانتقل غريغوريوس وأخوه الثاني، مكاريوس، إلى دير اللافرا الكبير الذي كان أول دير في الجبل المقدس (آثوس) والذي أسسه القدّيس أثناسيوس الآثوسي في القرن العاشر الميلادي. بقي غريغوريوس في اللافرا ثلاث سنوات ساد خلالها بنعمة الله والجهاد المرير والنسك الشديد لا على أهوائه وحسب بل حتى على ضرورات الطبيعة. فلقد حارب النعاس وتغلب عليه إلى حد أنه بقي ثلاثة أشهر بلا نوم إلا قليلاً من الراحة بعد الطعام حتى لا يفقد عقلُه صوابَه.
بعد ذلك خرج غريغوريوس إلى الصحراء طالباً المزيد من الخلوة والهدوء، فاستقرّ حيناً في اسقيط يدعى “غلوسيّا” حيث تتلمذ لناسك شهير في الهدوئية اسمه غريغوريوس البيزنطي فأخذ عنه الأسرار الفائقة للصلاة العقلية ولرؤية الله السامية. وقد اكتسب خلال إقامته في هذا الاسقيط تواضعاً عميقاً اقترن بمحبة لا توصف لله والقريب. كما ساعدته الخلوة والهدوء على تركيز العقل في القلب والدعوة باسم الرب يسوع بنخس، فأضحى كلّه صلاة وصارت الدموع العذبة تتدفق من عينيه كمن معين ماء لا ينضب.
لم تطل إقامة غريغوريوس في هذا الاسقيط أكثر من سنتين أو ثلاث غادر بعدها إلى تسالونيكي بسبب غارات القراصنة الأتراك (1325م)، وكان بصحبته إثنا عشر راهباً من الإخوة.
في تسالونيكي، اشترك غريغوريوس لبعض الوقت في حلقة روحية كان يقودها إيسيدوروس، بطريرك القسطنطينية العتيد وأحد تلامذة القدّيس غريغوريوس السينائي. الفكرة من هذه الحلقة كانت أنّ الروحانية الهدوئية ليست للرهبان وحدهم بل لعامة المؤمنين أيضاً. عليه سعى غريغوريوس وإيسيدوروس إلى نشر ممارسة صلاة يسوع بين الناس من حيث هي الأداة الأولى لتفعيل نعمة المعمودية.
سيم غريغوريوس كاهناً وهو في سن الثلاثين (1326م). ثم انتقل إلى منطقة فاريا الواقعة على الحدود بين مقدونيا وتراقيا واستقر في إحدى مغاورها الجبلية نظير النساك القدامى. هناك، فيما يبدو، قسى على نفسه أشد القسوة، فكان لا يخرج من قلايته خمسة أيام كاملة في الأسبوع إلا السبت والأحد ليشترك في خدمة الأسرار الإلهية وينفع إخوته بكلام روحي. وقد تركت هذه المرحلة من حياته بصماتِها على صحته البدنية فأصيب بمرض في الأمعاء.
كان الرهبان والنسّاك في منطقة فاريا ينظرون إلى غريغوريوس كمثال لحياة الفضيلة لأنّ حياته الملائكية، “كانت تدهش الجميع وتدخلهم في نشوة”، وكذا كلامه وحكمته الإلهية الفائقة.
كما “كان يظهر في بعض الأحيان يقظاً متجهاً كله إلى الله مغتسلاً بدموعه العجيبة، وأحياناً أخرى كان وجهه يظهر بشكل فائق الطبيعة بهياً لامعاً ممجَّداً بنار الروح القدس، خاصة عندما كان يخرج من القدّاس الإلهي أو من هدوء صلاته في القلاية”.
لم يطل المقام بغريغوريوس في فاريا أكثر من خمس سنوات إذ اضطر تحت غارات الصّربيين إلى العودة للجبل المقدس (آثوس) حيث نزل في منسك القدّيس سابا التابع لدير اللافرا الكبير والرابض فوق أكمّة تعلو على الدير ويحتاج قاصدها إلى ساعة سيراً على الأقدام ليصل إليها. هناك انصرف غريغوريوس إلى تواصل أعمق وربه فبلغ معاينة الله في نور الروح القدس والتأله.
وفيما كان ذهنه مرة ملتصقاً بالله “أخذه نعاس خفيف فعاين الرؤيا التالية: ظهر وهو يمسك بيده وعاء مملوءاً حليباً. وقد اخذ الحليب فجأة يفيض كنبع وينسكب خارج الوعاء. ومن ثم ظهر وكأنه استحال خمرة ممتازة زكية الرائحة … فجأة ظهر له إنسان نوراني بلباس عسكري وقال له: لما لا تعطي يا غريغوريوس للآخرين بعضاً من هذا الشراب العجيب المنسكب بغزارة بل تركته يذهب هدراً؟ ألا تعلم أنه هبة من الله ولن ينضب أبدأً؟
فأجاب غريغوريوس: لا طاقة لي على منح مثل هذا الشراب لأحد ولا يوجد من يطلب مثل هذا النوع من الشراب.
أجابه الرجل: وإن لم يكن ثمة من يسعون في طلب مثل هذه الخمرة، في الوقت الحاضر، فإنّ عليك أن تعمل وسعك ولا تتهاون في تقديمه للآخرين. أما الإثمار فمتروك لله”.
هكذا أيقن غريغوريوس أنه قد آن الأوان لمباشرة عمل كتابي يفيد منه من يحرّك الله قلوبهم.
كتابات القدّيس غريغوريوس عظيمة الأهمية. لذا، وإكمالاً للفائدة، نورد بعض مقولاته.
يقول إنه متى اعتزل الإنسان العالم واستغرق في النشوة الكاملة للروح فإن الله يكشف له ذاته. إذ ذاك تنشقّ الظلمة ولا يبقى غير نور الله يدعونا إليه مؤطَّراً بنار معتمة. هذا النور هو الله نفسه.
فإن صلّى المرء بمنتهى البساطة في القلب وكرّر الكلمات “ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني” أيضاً وأيضاً، فإنه يؤدي، بذلك، العمل الفائق الذي من أجله خُلق، لأنه سيجد نفسه أخيراً في دائرة الضوء الذي أشرق على قمة ثابور يوم التجلي الإهلي.
كان غريغوريوس يرى الكون مشحوناً بطاقة (energy) التجسّد الإلهي وكذا بجمال العذراء مريم.
في عينيه أن الأرض موضعٌ إلهي جمالُه يكاد لا يحتمل. فإن نور التجلي لم يكف عن السطوع. وثمة قدّيسون يعاينون هذا النور، بعدما جاء المسيح في الجسد، بحراً لا حد له يفيض بصورة عجيبة من شمس وحيدة هي جسد المسيح.
يقول: “في الإسم القدوس طاقة إلهية تخترق قلب الإنسان وتغيّره متى انبثّت في جسده”.
كان يؤمن أن ثمة نَفَساً إلهياً معطى للناس يتحرك في أجسادهم المادية، والجسد يقتني القداسة بهذا النفس الإلهي المنسكب فيه، وأن الجسد كالنَفْس مخلوق على صورة الله وهو ليس شراً بحال.
وللقدّيس غريغوريوس قول مأثور عن أهمية الجسد: “إن الإنسان بفضل كرامة الجسد المخلوق على شبه الله هو أسمى من الملائكة”.
كان يقول إنه من النفس تنسكب في الجسد طاقة إلهية بصورة متواصلة وأن الملائكة وإن كانوا أدنى إلى الله فلا أجساد لهم تنسكب فيها الطاقة الإلهية على هذا النحو.
وعنده أنّ الإنسان يصبح إلهاً متى انكبّ على التأمل وعاين في موضع القلب نور التجلي المتوهج.
هذا ومع القدّيس غريغوريوس انتهى الجدل الذي طالما كان قائماً بين قائل بإمكان إدراك الإنسان لله، وقائل بخلاف ذلك.
فبما أن نعمة الله قد صار بالإمكان معاينتُها في النور غير المخلوق المتدفق في “موضع القلب”، وبما أن الرهبان، ولاسيما القدّيسين، يتمتعون بهذه النعمة، في أعمق تأملاتهم، لذا يخلص غريغوريوس إلى أن الله بات بالفعل قابلاً للمعاينة لأنه هو إياه هذا النور. ومع ذلك يبقى الله، إلى الأبد، غير منظور، يبقى في جوهره كذلك. بكلام آخر، الله معروف في ذاته، في شخصه كنور غير مخلوق، لا في جوهره.
بكلمات القدّيس غريغوريوس نفسه: “ليس لنا أن نشترك في الطبيعة الإلهية، ومع ذلك، وبمعنى من المعاني، لنا أن نشترك، وبيسر، في طبيعة الله، لأننا ندخل في شركة معه، فيما يبقى الله تماماً وفي الوقت نفسه بمنأى عنا. لذا نؤكد معاً، وفي وقت واحد، أمرين متناقضين نسرّ بهما ونعتبرهما مقياساً للحقيقة”.
على هذا توصل القدّيس غريغوريوس إلى أن التجلي الإلهي على قمة ثابور هو أعظم ما أتاه الرب يسوع من أعمال. التجلي الإلهي يفوق حتى سر الشكر. وقد كتب “أن نور ثابور هو ملكوت الله”.
لم يكن نوراً مفاجئاً لأنه لا بداية له ولا نهاية، لا يُحدّ في زمان ولا مكان ولا يمكن إدراكه بالحواس العادية. ومع ذلك صار معروفاً والذين اشتركوا في طاقة الله عرفوه وتألّهوا به. فالتلاميذ الذين وقفوا على قمة ثابور قد رأوا النور وأضحوا كائنات سماوية لأنهم لما حدّقوا فيه تروحنت أجسادهم. هذا النور المعمّي عاينه القدّيس بولس في دمشق وإيليا النبي عندما أخذته عن الأنظار عربة النار وموسى عندما وقف بالعليقة المحترقة. وكيف يلتمس المرء هذا النور؟ قبل كل شيء، بالتوبة والدعوة باسم الرب يسوع واستدعاء رحمة الإسم القدّوس.
القدّيس غريغوريوس بالاماس هو لاهوتي الروحانية الأرثوذكسية الأول.
إن كل آباء البرية والذين استغرقوا في خبرة صلاة الرب يسوع والتماس النور الإلهي قالوا واختبروا ويختبرون ما سكبه القدّيس غريغوريوس في قالب أجاد في حبكه. وقد كان التعبير عن هذا التراث الحي غاية في الأهمية في القرن الرابع عشر لأن الروحانية الأرثوذكسية تعرّضت، آنئذ، لهجمات من الداخل ومن الخارج كان يمكن أن تحوّلها عن مسارها وتغيّر ملامحها وتلقيها في خضم التيارات الفكرية التي بدأت تعبث بالغرب، آنذاك، والتي تمثلت في بعث الفكر الفلسفي الإغريقي والوثنيات القديمة وتمخضت، فيما بعد، عن التيارات العقلانية والحركة البروتستانتية، كما خلقت المجتمعات الدهرية، التي أخذت ترتكز على الفلسفة الإنسانية والأخلاقيات دون الإلهيات وأفرعت ما يعرف بفلسفة “الله مات”.
في هذا الإطار كانت المواجهة التاريخية الشهيرة بين القدّيس غريغوريوس بالاماس والراهب برلعام.
كان برلعام من كالابريا، في جنوبي إيطاليا، يوناني اللسان. جاء إلى مدينة القسطنطينية خلال العام 1338م. فذاع صيته في أوساط المفكرين فيها كعالم وفيلسوف مميز، كما خصّه الإمبراطور ورئيس وزرائه بإكرام وتقدير كبيرين.
كان برلعام أرثوذكسياً في الظاهر وقد كتب ضد اللاتين. قال في عدم إمكانية معرفة الله في ذاته، واستند في تعاطيه مع مؤلفات الآباء الشرقيين إلى تحليلاته الذهنية والفلسفية دون الخبرة الصلاتية، لذا اصطدم بما كان يدّعيه الهدوئيون من إمكان معرفة الله ومعاينة النور غير المخلوق عن طريق صلاة الذهن في القلب والتركيز والإيقاع الجسديَّين الموافقين لها. فشنّ عليهم حملة شعواء وكفّرهم بحجة الخروج على أساسية مسلّم بها في الكنيسة. إذ ذاك انبرى القدّيس غريغوريوس بالاماس للدفاع عن تراث طالما عاش الرهبان في كنفه وخبروه حياً في ذواتهم على مدى أجيال. وطبعاً كان لكل من الإثنين، غريغوريوس وبرلعام، مناصروه في كافة الأوساط: القصر والجيش والأساقفة والمفكرين والرهبان وحتى العامة. وهكذا قامت الدنيا ولم تقعد ردحاً من الزمان. في هذه الفترة بالذات كتب القدّيس غريغوريوس ثلاثيته في الدفاع عن القدّيسين الهدوئيين. وقد التأم مجمعان، خلال شهري حزيران وآب من العام 1341م، في أروقة آجيا صوفيا، وأدانا برلعام الذي تحوّل إلى الغرب وصار أسقفاً في إيطاليا.
كنيسة القدّيس غريغوريوس بالاماس في تسالونيكي حيث تربض رفاته، غير أنّ رحيل برلعام لم يكن كافياً لوضع حد للصراع، فقام أكندينوس بمتابعة الحملة ضد القدّيس غريغوريوس والرهبان وناصره في رأيه بطريرك القسطنطينية، يوحنا كاليكاس، لأسباب سياسية. ولكن، أقيل البطريرك في العام 1347م وأخذ مكانه إيسيدوروس الذي زكّى غريغوريوس وجعله أسقفاً على سالونيك.
كان أهم المجامع المنعقدة في هذا الشأن ذاك الذي التأم في شهر تموز من العام 1351م والذي أدان آخر أعداء بالاماس، الفيلسوف نقفر غريغوراس، وأعلى شأن القدّيس غريغوريوس والكتابات التي وضعها من حيث تعبيرها الصادق والصافي عن إيمان الكنيسة الأرثوذكسية.
لعل آخر وأهم حدث في السنوات الأخيرة من حياة القدّيس غريغوريوس كان وقوعه في الأسر. فبينما كان ينتقل بطريق البحر من سالونيك إلى القسطنطينية وقع في أيدي القراصنة الأتراك الذين استاقوه إلى آسيا الصغرى حيث بقي أسيراً ما يقرب من سنة (1353-1354م).
أمران أساسيان ميّزا هذه الفترة من حياة قدّيسنا، كما يتضح من الرسائل والوثائق العائدة إليها، أولهما التسامح الكبير الذي كان الأتراك يعاملون به المسيحيين، سواء الأسرى منهم أو سكان المناطق المحتلة، والثاني اهتمام القدّيس غريغوريوس بالدين الإسلامي. وقد تجلّى الأخير بصورة خاصة، في الحوار الصريح الذي كان للقدّيس غريغوريوس مع الإبن الأكبر للأمير التركي أورخان. وبنتيجة هذا الحوار عبّر قدّيسنا عن الأمل في أن “يحل يوم”، على حدّ تعبيره، “يصبح فيه بإمكاننا أن نفهم بعضنا بعضاً…”
ويبدو أن قدّيسنا عاش في هدوء خلال القسم الأكبر من هذه الفترة في دير من ديورة نيقية إلى أن إفتداه بالمال بعض الأتقياء الصرب.
أما رقاد القدّيس غريغوريوس فكان في سالونيك في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني من العام 1359 للميلاد، بعد أشهر من المرض الشديد. و “بعد أن فارقت جسدَه روحُه الطاهرة، أظهرت نعمة الروح القدس البهاء الداخلي الذي كان في نفسه وذلك بطريقة عجيبة، إذ إن نوراً ساطعاً ملأ تلك القلاية التي كانت فيها رفاته. فاستضاء وجهه وجسده لم يزل بعد جاثياً يابساً قبل الدفن … وقد لازمت نعمة الروح القدس رفاته الشريفة واستبان مسكناً للنور الإلهي ومنبعاً للعجائب والمواهب ومستشفى عاماً مجانياً. لذلك لُقِّب بالعجائبي…”.
أعلنت قداسة القدّيس غريغوريوس في مجمع عقد في القسطنطنية بعد تسع سنوات من رقاده، في العام 1368م، برئاسة تلميذه وصديقه، فيلوثاوس، البطريرك المسكوني، وهو الذي كتب سيرته. وقد وصفه المجمع بأنه “الأعظم بين آباء الكنيسة”.
تم تخصيص الأحد الثّاني من الصّوم له.
إنّ تثبيت القدّيس غريغوريوس بالاماس لتعاليم الكنيسة المقدّسة في القرن 14 اعتُبر انتصاراً ثانياً للأرثوذكسية بعد انتصارها على محاربي الأيقونات.
لهذا خصّصت الأحد الثاني من الصوم لذكراه إلى جانب عيده في 14 تشرين الثّاني الّذي هو تذكار رقاده، رغم أنّ البنية الليتورجية لهذا الأحد قد سبق إقرارها قبل القرن 14 بموجب خطوط أخرى.
“كان يمكن أن تُبتلَع الأرثوذكسيّة، ومعها الرّوحانيّة التّراثيّة، ممّا تفشّى في الوجدان الغربيّ. لكنْ، بعناية العليّ ووعي الكنيسة الأرثوذكسيّة، تأكّد لهذه الرّوحانيّة الثّباتُ واستعلتْ خبرةُ الرّهبان والمؤمنين بعامة، يومذاك، على المخاطر والهجمة الوجدانيّة الفكريّة الشّرسة الّتي تهدّدتها، وكان القدّيس غريغوريوس بالاماس بؤرة الرّوح التّراثيّة بامتياز وكلمة الكنيسة الفصل منذ أوّل تاريخها إلى ذلك الحين. فقالت الكنيسة، في مجمعَين انعقدا في القسطنطينية في حزيران وآب سنة 1341م وتمّوز سنة 1351م.
ما خبره غريغوريوس والرّهبان وما قاله وكتب عنه، في شأن المعاينة الإلهيّة، هو ما خبرته وتختبره الكنيسة الجامعة منذ البدء وهو تعليم آبائها، بلا منازع، جيلاً بعد جيل. من أهمّية القدّيس غريغوريوس وتعظيم الكنيسة له!”
فلتكن صلواته معنا أجمعين.
* تُعلِّق الهدوئية أهمية خاصة على التلاوة المتواترة لصلاة يسوع، أي “ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني أنا الخاطىء” بصيغتها الكاملة أو المختصرة. ويوصي الآباء الهدوئيون باعتماد وضع جسدي خاص أثناء الصلاة يتمثل في أمور كضبط عملية التنفس، شهيقاً وزفيراً بما يتلاءم وتلاوة الصلاة. والهدف المباشر كان ضمان وحدة الذهن والقلب: “الذهن في القلب”. إذ ذاك تصبح الصلاة صلاة القلب. وهذا بفضي بمختاري الله إلى معاينة النور الإلهي غير المخلوق الذي يمكن رؤيته، والحال هذه، بعين الجسد، على نحو ما جرى للتلاميذ في ثابور.
** المجتمع الدهري هو الذي يحيا في ذاته ومن أجل ذاته، ويعتبر هذا الدهر مكتملاً، لا يحتاج، بالضرورة، إلى ما هو خارج نطاقه.
المرجع:
الأرشمندريت توما (بيطار) (2007). لبنان، سير القدّيسين وسائر الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية (السنكسار) – الجزء الأوّل، عائلة الثالوث القدوس – دير القديس يوحنا المعمدان – دوما

أول كنيسة بنيت على وجه الارض ..

أول كنيسة بنيت على وجه الارض ..
Anton Racho

أول كنيسة بنيت على وجه الارض ..
قلائل هم يعرفون أن في مدينة حمص السورية أول كنيسة بنيت على وجه الأرض ، وهي كنيسة أم الزنار التي يعود تشييدها إلى عام / 59/ م ، وكانت عبارة عن قبو تحت الأرض تتم العبادة فيه سراً خشية من الحكم الوثني الروماني ، ثم جرى توسيع بنائها في العهد المسيحي .
كانت الكنيسة القديمة عبارة عن كهف صغير من “الكذان” يتسع لحوالي ثلاثين مصلياً ، لا توجد فيها أية علامات دينية من صليب أو أيقونة تشير إلى أنها كنيسة، وذلك بسبب الخوف من الاضطهادات التي كانت تعيشها المسيحية في القرون الأولى من انتشارها ، وعلى أثر انتشار المسيحية بُنيت إلى جانب هذه الكنيسة كنيسة أخرى من الحجر الأسود ، مارس فيها المصلون شعائرهم الدينية فترة طويلة من الزمن ، ثم ردموها وبنوا الكنيسة الحالية الضخمة التي تتسع لخمسمائة مصلٍ و تتميز بجمال أقواسها ، وفن بنائها الحجري القديم ، وقناطرها الرائعة .
وقد اهتم السريان بتجديدها عام /1852/ حيث نقلوا الزنار المقدس من الكنيسة القديمة الأولى إليها ، ووضعوه في مذبح الكنيسة وسط الهيكل ، ونقشوا رقيما ًحجرياً كتب بـ (الكرشوني) يدل على تاريخ تجديد البيعة عام /1852/ في عهد( يوليوس بطرس) مطران الأبرشية .
تضم هذه الكنيسة اليوم مجموعة ثمينة من الأيقونات والآثار الفنية لعل من أهمها :
(زنار السيدة العذراء) الذي اُكُتشف في أواسط شهر نيسان من عام / 1953/ م في جرنٍ حجري تحت مذبح الكنيسة .
بناء على المعلومات قام القيمون على الكنيسة بالكشف عن المائدة المقدسة صباح اليوم العشرين من شهر تموز/ 1953/ فوجدوا رقُيماً حجرياً طوله/46/سم وعرضه/44/ سم مكتوباً عليه بـ (الكرشوني) بخط حسن ما يلي :
” انه في سنة/59/ م بُنيت هذه الكنيسة ، وذلك في زمان البشير ملا المدعو أيضا ” إيليا ” ثم ذُكر تاريخ تجديد الكنيسة سنة /1853/ م في عهد المطران (يوليوس بطرس) ، و أورد الرُقيم أسماء البلدان والقرى التي تبرع أهلها بنفقات العمارة وعُثر خلال ذلك على جرنٍ حجري مغطى بصفحة نحاسية سميكة مدورة قديمة ، وداخله الوعاء ، وعند فتح الوعاء تكسّر لعتقه ، فظهر الزنار ملفوفاً بعضه فوق بعض وإمارات القدم بادية عليه ، ووجدت أنبوبة من معدن رقيق في طرف الوعاء الأعلى تنطوي على عظم مجوف يظهر أن في داخله قطعة ورق تُركت على حالتها وجُمعت أجزاء الوعاء لحفظها ، ويبلغ طول هذا الزنار المقدس /74/ سم وعرضه /5/ سم وسمكه /2/ مم ، وهو مصنوع من خيوط الحرير الخالص ومطرز بخيوط الذهب على سطحه الخارجي ، ولونه الذي يميل إلى البيج ..

رأس يوحنا المعمدان ܪܺܫ ܝܽܘܿܚܰܢܳܢ ܡܰܥܡܕ̥ܳܢܳܐ

رأس يوحنا المعمدان
ܪܺܫ ܝܽܘܿܚܰܢܳܢ ܡܰܥܡܕ̥ܳܢܳܐ
نضال رستم


ܒܡܕ̥ܺܝܼܢܰܬ̥ ܕܽܘܼܡܳܫܬ̊ܳܐ ܐܰܘܟܺܝܬ̥ ܕܰܪܡܣܽܘܿܩ ܐܺܝܼܬ̥ ܡܰܣܓ̊ܕ̥ܳܐ ܪܰܒܳܐ ܡܶܬ̥ܩܪܶܐ ܒܠܶܫܳܢܳܐ ܣܰܪܩܳܝܳܐ (ܐܠܔܐܡܶܥ ܐܠܐܽܡܘܝ). ܗܳܢܐ ܡܰܣܓ̊ܕ̥ܳܐ ܗ̣ܘܳܐ ܗ̱ܘܳܐ ܦ̊ܰܛܪܺܝܰܪܟ̥ܘܼܬ̥ܐ ܕ̥ܡܳܪܝ ܝܽܘܿܚܰܢܳܢ ܡܰܥܡܕ̥ܳܢܳܐ. ܘܒ̥ܶܗ ܪܺܫ ܝܽܘܿܚܰܢܳܢ ܡܰܥܡܕ̥ܳܢܳܐ. ܒܰܫܢܰܬ̥ ܫܶܬ̥ܡܳܐܐ ܘܬܶܫܥܺܝܼܢ ܠܐܠܟܣܢܕܪܘܿܣ ܡܠܶܟ̥ ܝܰܘܢܳܝܹ̈ܐ܆ ܫܰܘܝܳܐ ܠܬܠܳܬ̥ܡܳܐܐ ܘܫܰܒ̥ܥܺܝܼܢ ܘܬ̥ܫܰܥ ܡܫܺܝܼܚܳܝܬ̊ܳܐ (379), ܐܰܩܺܝܼܡܝܼܘܗܝ ܐܽܘܿܛܽܘܿܩܪܰܛܘܿܪ ܪܽܗ̱ܘܿܡܳܝܳܐ ܬ̥ܝܘܿܕ̥ܘܿܣܝܘܿܣ ܕܽܘܼܟ̊ ܒܶܝܬ̥ ܚܕܰܕ ܐܰܠܳܗܳܐ ܕܙܳܥܽܘܿܩ̈ܳܬ̊ܳܐ ܘܡܶܛܪܳܐ ܕ̥ܰܗܘܳܐ ܠܘܳܬ̥ ܐܳܪܳܡܳܝܶ̈ܐ ܘܰܟ̥ܢܰܥܢܳܝ̈ܶܐ. ܫܰܚܠܦ̥ܘܼܝܗ̱ܝ ܪܽܗ̱ܘܡܳܝ̈ܶܐ ܡܨܰܠܝܳܢܳܐ ܠܝܘܼܦ̊ܝܼܬܶܪ Iūpiter .
ܒܰܫܢܰܬ̥ ܫܒ̥ܰܥܡܳܐܐ ܘܚܰܡܶܫ (705) ܡܫܺܝܼܚܳܝܬ̊ܳܐ، ܟܕ ܣܪܰܚ ܥܰܪ̈ܰܒ̥ܳܝܶܐ ܒܰܐܬ̥ܪܰܢ ܘܰܫܠܰܛܘ ܥܰܠ ܡܕ̥ܺܝܼܢ̱ܬܳܐ، ܐܰܚܠܦ̥ܶܗ ܘܰܠܝܕ ܒܪ ܥܒܕ ܡܠܟܐ ܒܳܬ̥ܰܪ ܕܣܝܳܡ ܐܺܝܼܕ̥ܳܐ ܥܰܠ ܦܰܛܪܺܝܰܪܟ̥ܘܬ̥ܐ ܐܰܓ̥ܙܰܪ ܕܢܶܬ̊ܬ̊ܩܝܼܡ ܡܰܣܓܕ̥ܳܐ ܚܠܳܦ ܥܹܺܕ̱̊ܬ̊ܳܐ. ܘܡܶܢ ܗܳܝܕܶܝܢ ܨܒ̥ܰܘܘܼܢ ܠܡܶܠܚܳܐ ܟ̥ܘܿܠ ܢܽܘܼܩܕ̊ܬ̥ܳܐ ܥܹܺܕ̊ܬ̊ܳܢܳܝܬܳܐ ܘܰܒ̥ܥܰܘ ܠܰܡܩܰܠܳܥܘܼ ܓ̥ܽܘܿܪܢܳܐ ܕ̥ܰܥܡܳܕ̥ܳܐ ܡܶܢ ܟܽܘܼܪܣܝܶܗ. ܗܳܝܕ̊ܶܝܢ ܓܕ̥ܰܫ ܓܶܕ̥ܫܳܐ ܕܡܺܝܼܪܳܐ ܘܙܺܝܼܥܳܐ، ܟܕ̥ ܐܰܙܝܼܚܝܼܘܗܝ܆ ܡܶܢ ܫܶܠܝܳܐ ܢܦ̥ܰܪ ܪܶܕ̥ܝܳܐ ܕ̥ܰܕ̥ܡܳܐ ܘܝܽܘܼܡܳܡܳܐ ܝܰܡܶܡ ܫܽܘܼܩ̈ܶܐ ܘܐܰܕ̥ܗܶܠ ܒܢܰܝ̈ ܡܕ̥ܝܼܢܬܳܐ ܘܫܰܪܰܘ ܢܫܰܒ̊ܚܘܼܢ ܒܫܶܡ ܝܘܿܚܰܢܳܢ ܘܰܒ̥ܫܶܡ ܐܰܠܳܗܳܐ ܥܕ̥ܰܡܳܐ ܕܶܐܗܦ̊ܶܟ̥ܘ ܓܽܘܿܪܢܳܐ ܠܡܰܘܬ̊ܒ̥ܶܗ ܘܰܗ̣ܘܳܐ ܦ̥ܳܝܽܘܿܫܳܐ ܘܟ̥ܰܬ̊ܰܪ ܒܡܰܘܬ̊ܒ̥ܶܗ ܥܕ̥ܰܡܳܐ ܠܝܰܘܡܳܢܳܐ، ܘܐܳܦ ܐܺܝܼܬ̥ ܟܬ̥ܝܼܒ̥ܬܳܐ ܠܥܶܠ ܡܢ ܬܰܪܥܳܐ ܬ̥ܰܝܡܢܳܝܳܐ ܒ̥ܠܶܫܳܢܳܐ ܝܰܘܢܳܝܳܐ
ܩܒ̥ܝܼܫ ܡܢ ܟܬ݂ܳܒܳܐ ܕܡܰܙܡܽܘܖ̈ܶ ܡܙ(144:12)
βασιλεια σου βασιλεια παντων των αιωνων, και η δεσποτεια σου εν παση γενεα και γενεα
ܩܶܪܝܳܢܳܗ̇ ܘܦܽܘܼܫܳܩܳܗ ܒܠܶܫܳܢܰܢ ܣܘܼܪܝܳܝܳܐ
ܐܽܘܿܢ ܡܫܝܼܚܳܐ «ܡܰܠܟܘܼܬ̥ܳܟ̥ ܡܰܠܟܘܼܬ̥ ܟܽܠ ܥܳܠܡܺܝܼܢ ܘܫܽܘܼܠܛܳܢܳܟ̥ ܒܟ̥ܽܠ ܕܳܪܕܳܪ̈ܝܼܢ. ܡܙܡܘܿܪܐ (ܩܡܕ:ܝܒ)
ܐܶܠܳܐ ܥܰܡ ܟܘܿܠ ܬܽܘܼܘܳܝܳܐ ܘܐܰܒ̥ܺܝܼܠܽܘܼܬ̥ܳܐ ܪܰܒܬ̥ܳܐ ܥܹܺܕ̱̊ܬ̊ܳܐ ܐܶܬ̊ܬ̊ܰܡܣܰܓ̊ܕ̥ܰܬ̥.
ܒܝܰܕ ܢܶܨ̊ܐܠ ܪܽܘܣܛܳܡ
15.01.2022
———————–
راس يوحنا المعمدان
بمدينة دمشق (دوموشتو) اي دَرمسوق يوجد مسجد كبير يدعى الجامع الأموي هذا المسجد كان بطريركية مار يوحنا المعمدان. بسنة 990 لملك اسكندر المقدوني الموافقة لعام 379 م. اقامها الامبراطور الروماني ثيوذوسيوس مكان معبد حدد إله الصاعقة والمطر عند الاراميين والكنعانيين غيره الرومان لمعبد جوبيتر.
بسنة 705 م. عندما عاث العربان بارضنا وتسلطوا على المدينة غيرها وليد بن عبد الملك بعد ان وضع يده على البطريركية واقر (قطع) ان يقام مسجد بدل الكنيسة. عندئذ رغبوا محي كل اثر كنسي وارادوا قلع جرن المعمودية من كرسيه حدث عندئذ حدث عجيب ومفزع ما ان زحزحوه من مكانه نفر سيل من الدم أفاض ويمّم الازقة (الاسواق) واذهل ابناء المدينة وبدأوا يسبحون باسم يوحنا واسم الله الى ان اعادوا الجرن لموضعه ومازال باقي بموضعه الى اليوم, وايضا هناك كتابة فوق الباب الجنوبي باليونانية مقتبسة من المزمور 144:12 تفسيرها وقرائتها بالسرياني ايها المسيح (ملكك ملك كل الدهور ، وسلطانك في كل دور فدور). لكن مع كل اسف وحزن كبير الكنيسة تمسجدت .

القديس سمعان العمودي

Syria’s Expat Artifacts – الأثار السورية في المهجر
21 أغسطس 2021 ·
#الآثار_السورية_في_المهجر
إيقونة القديس سمعان العمودي
التأريخ : القرن السادس للميلاد
مكان النقب : صندوق ذخائر القديسين : كنيسة معرة النعمان
المالك الحالي : متحف اللوفر – باريس
الأبعاد : 26.9 (ارتفاع) – 25.5 (عرض)


تحمل الإيقونة وبحسب سجلات المتحف نقش يوناني ترجمته : مع الشكر للرب وللقديس سمعان، أهب (أُعطي) ..
سمعان العامودي (389-459): قديس وناسك سوري (سرياني( ولد في قرية سيسان بين سورية وقيليقية في الربع الأخير من القرن الرابع للميلاد. اتبع القديس سمعان منهج الـتأمل والزهد منذ صغره حتى بلغ عموداً في منطقة مايغرف اليوم بجبل سمعان اختاره ليقضي عليه باقي حياته بالصلاة والوعظ. بلغ طول العمود حوالي 15 متراً. وصفه تيودوريطس أسقف قورش في كتاب يتحدث فيه عن نساك سوريا، ونسب إليه الكثير من المعجزات، منها أنه كان يقضي الصوم الأربعيني منتصباً على قمة العمود ليلاً ونهاراً دون طعام أو شراب، ويقال أنه توفي بهذه الهيئة.
بلغ القديس سمعان شهرة عظيمة فخلال حياته كانت تصله مواكب المؤمنين من كافة أصقاع بيزنطة ومن أوربا المسيحية (لاحظ/ي الروابط في التعليقات) أيصاً وبعد وفاته أمر الإمبراطور الروماني في نفس المكان كاتدرائية ضخمة بشكل صليب جعل عمود تنسك القديس سمعان في مركزها. أصر بطريرك أنطاكية على نقل جثمان سمعان إلى أنطاكية بأمر من الإمبراطور ليون، ولكن الأهالي رفضوا، مما اضطر الإمبراطور البيزنطي لإرسال 600 جندي للقضاء على مقاومتهم، ولينقل الجثمان إلى كنيسة القديس قسطنطين في أنطاكية. نقل الرفات لاحقاً إلى القسطنطينية ودفن في كنيسة آياصوفيا.
#مشروع_المتحف_السوري_الإفتراضي
#مبادرة_ميراث_التراث_الثقافي_السوري

مار يعقوب الرهاوي في مقدمة علماء السريان

مار يعقوب الرهاوي في مقدمة علماء السريان

ولد في حدود سنة 633م في قرية عيندابا التابعة لولاية أنطاكية، وتهذّب في صباه في مدرسة القرية، ثم التحق بدير قنسرين
ولبس ثوب الرهبانية، ودرس على الفيلسوف الكبير مار ساويرا سابوخت، آداب اللغة اليونانية، وتعمق في الفلسفة واللاهوت ثم رحل إلى الإسكندرية لإتمام دراسته الفلسفية واللغوية، ثم عاد إلى سورية وتنسك في الرها

ورسم كاهناً. وفي سنة 684 رسمه رفيقه أثناسيوس الثاني البلدي البطريرك الأنطاكي (684ـ687) مطراناً على الرها فنسب إليها. وأقام فيها أربع سنوات. ولغيرته الوقادة على مراعاة القوانين البيعية، ورغبته الملحّة في إعادة النظام إلى أديرة أبرشيته، قاومه بعض الرهبان والإكليروس فجردهم من رتبهم، مخالفاً بذلك رأي البطريرك يوليانس وغيره من الأساقفة الذين كانوا يريدون التساهل بحفظ القوانين تبعاً لمقتضيات العصر. ويذكر عنه أنه جمع كتب القوانين البيعية أمام باب الدير الذي كان البطريرك حالاً فيه وأحرقها وهو يصرخ ويقول: ها أنذا أحرق القوانين التي تطأونها بأقدامكم ولم توجبوا حفظها وقد صارت لديكم من قبل الزيادة التي لا تجدي نفعاً
وهكذا استقال عن خدمة الأبرشية ومضى فسكن في دير مار يعقوب في كشوم بقرب شميشاط، يرافقه تلميذاه دانيال وقسطنطين. ثم انتقل إلى دير أوسيبونا في كورة أنطاكية حيث أقام إحدى عشرة سنة يدرّس رهبانه اللغة اليونانية، ثم قصد دير تلعدا شمال غربي حلب حيث مكث قرابة تسع سنوات يراجع ترجمة العهد القديم من الكتاب المقدس
وفي تلك الأثناء توفي المطران حبيب، خليفة مار يعقوب في كرسي أبرشية الرها، فالتمس الرهاويون منه ليعود إلى أبرشيته فعاد. وبعد مكثه فيها أربعة أشهر، ذهب إلى دير تلعدا ليأتي بكتبه، فوافته المنية هناك في 5 حزيران سنة 708 ودفن في الدير المذكور

يُصنَّف يعقوب الرهاوي في مقدمة علماء السريان الفطاحل في علم الإلهيات، وتفسير الكتاب المقدس، والترجمة، والفلسفة، والفقه البيعي، والتاريخ والأدب، واللغة، والنحو وغيرها من العلوم.
قال عنه المستشرق أنطون بومشترك:
«إن ما اشتملت عليه تصانيفه المنثورة من صنوف العلوم كالنحو والفلسفة والعلوم الطبيعية وقد بلغت من الدقة والجودة الغاية، وما انطوت عليه من فنون المقالات، يدع لنا مجالا لنحكم ان السريان كانوا في هذه الابواب أعلى كعباً من الغربيين»
وكان مبرزا في اللغات: السريانية واليونانية والعبرية
وكانت له قدرة فائقة على الترجمة، وفضله في ذلك معروف، حيث أن التراجمة السريان الذين سبقوه كانوا يعنون بالترجمة الحرفية، أما معاصروه فقد تعودوا العرف العلمي، وفضلوا المعنى على اللفظ، وذلك بفضل ما استنبطه هو وخدينه البطريرك أثناسيوس البلدي (+686) من اسلوب جديد في الترجمة
وما ابتكره معلمهما العلامة مار ساويرا سابوخت من طريقة فضلى في نقل العلوم الفلسفية من اليونانية إلى السريانية
وكان مراسلاً لطلاب كثيرين التمسوا مساعدته بمواضيع دينية وعلمية ولغوية مختلفة، ولذلك ولأهمية أعماله اللغوية في دراسة الأسفار المقدسة قال عنه المستشرق وليم رايت: «يعتبر يعقوب الرهاوي في أدب بلاده كهيرونيموس بين آباء اللاتين
ولكثرة أتعابه في خدمة الإنسانية والعلم والمعرفة، أُطلق عليه «محب الأتعاب»
ويجمع بومشترك ودوفال ورايت ونولدكه وغيرهم من المستشرقين الذين كتبوا في الأدب السرياني، أن مار يعقوب الرهاوي هو أشهر مَن نبغ في الدور المعروف في تاريخ الأدب السرياني بالدور العربي، يوم نضج الفكر السرياني، وبلغ عصره الذهبي حيث زهت العلوم والآداب والفنون وظهرت ثمار تلامذة مدرستي الرها ونصيبين يانعة وكان منفتحاً على العرب المسلمين، قال عنه الأستاذ أحمد أمين ما يلي: «واشتهر من هؤلاء (السريانيين) في العصر الأموي يعقوب الرهاوي (640 ـ708م تقريباً) وقد ترجم كثيراً من كتب الإلهيات اليونانية. وليعقوب هذا أثر كبير الدلالة، فقد أثر عنه أنه أفتى رجال الدين من النصارى بأنه يحل لهم أن يعلّموا أولاد المسلمين التعليم الراقي، وهذه الفتوى تدلّ من غير شك على إقبال بعض المسلمين في ذلك العصر على دراسة الفلسفة عليهم، وتردد النصارى أولاً في تعليمهم»Anton Racho