صحوة سريانية لبطريركي الآشوريين والكلدان

صحوة سريانية لبطريركي الآشوريين والكلدان

 

بدايةً أكرر ليس المقصود من كلامي الترويج لاسم معين، بقدر ما هو مقال لدليل دامغ جديد يُثبت صحة ما أقوله وأكتبه وأوثّقه منذ عشرين سنة عن تصحيح مسار والدفاع عن تاريخ العراق عموماً وتاريخ المسيحية فيه خاصةً، الذي قام بتزويره وتشويهه بعض رجال دين ومثقفين من جماعتين مسيحيتين سريانيتين، خدعمها الاستعمار الغربي لأغراض عبرية، سياسية، طائفية، تميزية، فانتحل واستورد لهما اسمين من تاريخ العراق القديم، حيث قامت روما بتسمية الطرف السرياني النسطوري المذهب الذي تكثلك، كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز 1830م، ثم قام كامبل تايت رئيس أساقفة كانتربري الإنكليزي سنة 1876م بتسمية الطرف السرياني الذي بقي نسطوري المذهب، آشوريين، وثبت اسمهم كنسياً في 17 تشرين أول 1976م، ومنذ حوالي 200 سنة، ضحك بعض رجال الدين ومثقفي الجماعتين السريانيتين على أنفسهم والناس البسطاء باستغلال اسمين منتحلين وخطف تاريخ العراق وربط أنفسهم زوراً بالآشوريين والكلدان القدماء، والادعاء أنهم الوحيدون سكان العراق الأصليين ووريثي وسليلي نابو بلاصر ونبوخذ نصر وآشور بانيبال وسنحاريب..إلخ، وتحالفوا مع روما وإنكلترا وفرنسا ثقافياً ودينياً وعسكرياً، فزوَّرا وشوهوا تاريخ العراق المدني والديني بما فيه الكتاب المقدس نفسه، لكي يقنعوا البسطاء أنهم فعلاً كلدان وآشوريون، لكن دون جدوى، حيث تصدى لهم الكتاب والباحثون الذين يعرفون حقيقتهم، ومنهم أنا، واعتقد إن ما كشفناه وقلناه وكتبناه حولهم بدأ يأتي ثماره، لأنه الحقيقة التاريخية الدامغة، فلا يمكنك أن تخدع كل الناس كل الوقت.

فقبل يومين، وبتاريخ 16/ 12/ 2022م، انتهى المؤتمر الأول لبطاركة الكنائس ذات التراث السرياني، الذي انعقد في لبنان بدعوة ورئاسة بطريرك السريان الأرثوذكس إغناطيوس أفرام الثاني كريم، وحضر وشارك في المؤتمر خمسة بطاركة سريان، منهم بطريرك الآشوريين أوا الثالث وبطريرك الكلدان ولويس ساكو اللذان وقعا على البيان الختامي (البطريرك ساكو أرسل مطران مثَّله، لكنه شارك في النقاش عبر الإنترنيت، ووقع البيان)، كما حضر المؤتمر بطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف يونان، وبطريرك الموارنة بشارة الراعي لأن الموارنة أيضاً سريان، واسم كنيستهم الرسمي في التاريخ والى اليوم (الكنيسة المارونية الأنطاكية السريانية)، وأرجو الملاحظة والانتباه أن المؤتمر شمل بطاركة السريان فقط، لذلك لم يشارك الأقباط أو الأرمن أو غيرهم من المسيحيين، علماً أنهم يشاركون في منظمة Pro Oriente المذكورة في البيان أيضاً، وهي منظمة للحوار السرياني العقائدي.

وفي كلمته تطرّق بطريرك الآشوريين آوا الثالث إلى ما يحمله هذا اللقاء من نفحة أمل وعلامة رجاء لأبناء كنائسنا، وإلى الثمار التي سيحصدونها منه.

أما بطريرك الكلدان لويس ساكو فأشار إلى التحدّيات التي تجابهها كنائسنا في بلاد الشرق، والفوائد الجمّة من نشر التراث السرياني المشترك وتعريف العالم به.

والمهم في البيان الختامي للمؤتمر الموقَّع من بطريركي الكلدان ساكو، والآشوريين آوا، كل شي هو سرياني، ولا يوجد شيء اسمه آشوري أو كلداني مطلقاً، حيث يقول البيان إن المجتمعين: تراثهم هو سرياني، الإرث السرياني، والجميع شعب واحد بتراثه السرياني، الإيمان السرياني، اللغة السريانية، تعاليم الآباء والقديسين السريان، الروحانيات السريانية، متابعة شؤون الأبناء والحضور السرياني في بلاد الانتشار، نشر الوعي لتعزيز الهوية السريانية، الدارسات السريانية، إقامة مؤتمرات سريانية Symposium Syriacum.

فهل بعد هذا البيان قيمة لكلام شخص متكلدن أو متأشور يأتي ويدعي زوراً أنه سليل الآشوريين والكلدان القدماء؟.

نتمنى من البطريركين السريانيين آوا وساكو باسميهما الحديثين الآشوري والكلداني أن تكون يتخذوا خطوات صحيحة أخرى لاحترام تاريخ العراق وتاريخهم وتراثهم ولغتهم وثقافتهم وعدم الانتباه لبعض السياسيين أو المتعصبين الذين يجهلون التاريخ فيعتقدون فعلاً أنهم آشوريون وكلدان. وشكراً/ موفق نيسكو

 

نص البيان لمن يرد قرأته

https://www.syr-cath.org/news/display/4589

 

 

بيان الأقباط والسريان والأرمن يؤكِّد كلامي عن النساطرة

https://www7.0zz0.com/2022/10/23/18/189360521.png

ذكرتُ أكثر من مرة، منها قبل عدة أيام في مقالي (مصر والأزهر والسريان)، بالحرف الواحد: إن كنيسة السريان (بضمنها الهند)، والأقباط (بضمنها أثيوبيا وأرتيريا)، والأرمن، هي كنائس بإيمان مشترك واحد عبر التاريخ منذ سنة 451م، ويأتي بيان رؤساء الكنائس الثلاثة المجتمعين في وادي النطرون قبل ثلاثة أيام 18-20 تشرين 1 الحالي اليوم، ليؤكد كلامي.

لكن المهم في مقالي هذا هو أمر آخر ربما يُخفى على الكثيرين ويجب كشفه وهو تشويه تاريخ العراق ومنه تاريخه المسيحي الذي يقوم بتزويره فئة من السريان النساطرة لأغراض عبرية وسياسية وطائفية، وأتمنى من القراء الكرام أن لا يُفهم قصد مقالي هذا أو غيره أو كتبي، أنه دعاية للديانة المسيحية، أو تفضيل مذهب مسيحي على آخر، فأنا علماني، وكل قصدي هو كشف الأهداف المخفية لمن يدَّعون زوراً أنهم آشوريين وكلدان، ليس على مستوى الاسم فقط، بل على مستوى العقيدة أيضاً.

فقد أكد بيان رؤساء كنائس السريان والأقباط والأرمن أن النسطورية هي هرطقة، قائلين: إن الكنائس الثلاثة متمسكة تمسكاً راسخاً بتراثها الروحي ووحدتها في الإيمان النابع من الكتاب المقدس، والمعبّر عنه في المجامع المسكونية الثلاثة: نيقية (325م)، القسطنطينية (381م)، وأفسس (431م)، وهي متمسكة بتعاليم آبائها القديسين، وما رفضته كنائسهم من هرطقات على مدى تاريخها، ويذكر البيان العلاقات مع جميع الكنائس: الكاثوليك، الأرثوذكس البيزنطيين، الأنكليكان، الإنجيليين، وغيرهم، باستثناء النساطرة الآشوريين لأنهم يعتبرونهم هراطقة (ملاحظة: مجمع افسس 431م هو الذي حرم نسطور وهرطقته، وكان برئاسة كيرلس بابا أو بطريرك الأقباط).

ولشرح ذلك أقول: المعروف أن أغلب سريان العراق خاصة شرق الفرات الذين كان مقرهم ساليق، قطسيفون (المدائن) اعتنقوا عقيدة نسطور وانفصلوا سنة 497م عن كنيسة أنطاكية السريانية تحت ضغط الفرس، ولذلك تُسمَّى كنيستهم في التاريخ الكنيسة الفارسية، ويقول الأب د. يوسف حبي الكلداني: إن اسم الكنيسة الفارسية طغى على كنيستنا في كثير من العهود، وكثير من قديسهم إلى اليوم لقبهم هو الفارسي، وهناك عشرات الكتب باسم، كنيسة فارس أو الكنيسة الساسانية، والمهم، هؤلاء عاشوا كل تاريخهم محرومين وفي عزلة تامة عن كنائس العالم، واشتهروا في التاريخ باسم النساطرة خاصة في ضل الحكم الإسلامي، وفي سنة 1553م انضم عدد كبير منهم إلى الكثلكة، فسمتهم روما، كلداناً، استناداً لكلمة أطلقها البابا اوجين الرابع على السريان النساطرة، وثبت اسمهم كلداناً في 5 تموز 1830م، وأصبحوا من أشد الحاقدين على النسطرة باعتبار أنهم اهتدوا إلى الصراط المستقيم الكاثوليكي، واستمر الباقون على العقيدة النسطورية، حيث سمَّاهم الإنكليز آشوريين سنة 1876م، وانشقت كنيستهم إلى قسمين سنة 1968م، وثبت اسم الآشورية على جزء واحد فقط في 17 تشرين أول 1976م، وفي كلا التسميتين كانت روما والإنكليز تقول لهم إن اسم الكلدان أو الآشوريين أفضل من نساطرة، لأن الأخير يدل على هرطقة، والمهم أن كنيسة الكلدان هي كاثوليكية، لكنها ليست نقية تماماً، بل تعتمد على الشخص سواء رجل دين أو علماني حيث يحنُّ أحياناً أو يتعلق ببعض تراثه القديم كبطريرك الكلدان الحالي ساكو الذي له أفكار نسطورية واضحة، وكثير من العلمانيين الكلدان أيضاً يحنون لتراثهم النسطوري القديم، ونترك المتكلدنين من النساطرة المتكثلكين، ونأتي للنساطرة المتأشورين، الذين هم قصد مقالنا.

منذ أن قام الإنكليز بتسميتهم آشوريين، بدؤوا بعمل سياسي وحملة دعاية قوية جداً لترويج اسمهم الآشوري المُنتحل ، باعتبار أنهم سليلو الآشوريين القدماء، ولكي يعززوا من موقفهم العقائدي النسطوري الضعيف، رافق تلك الحملة دعاية أخرى هي الترويج أنهم كنيسة رسولية عظيمة ومهمة، ونسطور كان مظلوماً، وعقيدته ليست هرطقة، واليوم أصبح معترفاً بعقيدة نسطور..إلخ، وقاموا بعمل لقاءات دعائية واستعراضية وتوقيع بيانات عقائدية مع كنيسة روما آخرها سنة 1994م الذي رغم أن النساطرة تنازلوا واعترفوا بلقب أم الله لمريم العذراء، وبطبيعة السيد المسيح حسب إيمان روما، لكن مع ذلك تأسفت روما للاشتراك معهم بالقداس لأن إيمانهم ليس كاملاً (أي لا زالوا نساطرة هراطقة)، أمَّا على الصعيد الكنسي في الشرق الأوسط، فقاموا عبر قنواتهم الإعلامية والمواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي بعمل دعاية قوية جداً للعقيدة النسطورية، مُدعين زوراً أن عقيدتهم أصبحت مقبولة، وأن الحرومات قد أُلغيت، وكنيستهم أعظم وأقدم وأصح كنائس العالم، مستدعين وكالعادة شخصيات غربية متعاطفة معهم أو شخصيات متأشورة للدفاع عن صحة العقيدة النسطورية، وقاموا بتغيير اسمهم عدة مرات في لبنان وسوريا والعراق وغيره، من نسطوري إلى آشوري، ونتيجة اختلاط اسمي آشوريين وكلدان المزورين، فإنهم في لبنان سمَّوا أنفسهم الكلدان الآشوريين النساطرة، ثم آشوريين فقط، وأرثوذكس، والطريف أن العراق والمفروض أنه الأهم لأنه هو المستهدف باعتباره بلاد آشور، لكن لأن عملية التزوير دائماً يصاحبها تخبط، فقد كان العراق آخر دولة تغير فيها الاسم من نسطوري إلى أثوري في 17/آب/ 1993م، كما في الوثائق المدرجة أسفل المقال، مع ملاحظة أنه في العراق تم تغيير اسمهم إلى أثوري، وليس آشوري، وهو الصحيح، وقد تم ذلك حسب طلبهم هم الذين يقولون فيه: (اسمنا بالسريانية هو أثوري)، وهو تأكيد آخر أنهم سريان باسم آشوري مزيف، علماً أن صيغة آشوري هي عبرية، أمَّا بالعربية والسريانية، فأثوري، ولا توجد كلمة أشوري في التراث العربي القديم مطلقاً).

وأخيراً من المعروف أن موقف الأقباط متشدد جداً منهم، حيث منعوا النساطرة من الحصول على مقعد في مجلس كنائس الشرق الأوسط، وعندما تسأل النساطرة المتأشورين لماذا لستم عضوا؟، أجابوك بسبب الفيتو القبطي، والطريف أن النساطرة غالباً يصفون الأقباط في كتابتهم بكلمات غير لائقة، ويُعيرون فقرائهم العاملين في بعض مجالات الخدمة العامة، والسؤال كيف لكنيسة الأقباط الفقيرة، تستطيع منع كنيسة عظيمة وشعب يدَّعي أنه سليل سنحاريب وآشور بانيبال وسركون الذين دوَّخوا العالم ووصلوا إلى مصر، والخلاصة أن كنيسة النساطرة المتأشورين لا تزال تعتبر هرطوقية من أهم كنائس الشرق الأوسط الذين يعيشون معهم، وهم الأقباط (بضمنهم (أثيوبيا وأرتيريا)، والسريان (بضمنهم الهند) والأرمن، وليس كما يحاول الترويج له النساطرة المتأشورون مُدَّعين أنهم مقبولون من المسيحيين الآخرين. وشكراً/ موفق نيسكو

البيان المشترك لكنائس الأقباط والسريان والأرمن
في مساء يوم الأربعاء 19 تشرين الأول 2022، ومن بعد اجتماعهم الثالث عشر، قام أصحاب القداسة رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط: قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، وقداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وقداسة الكاثوليكوس آرام الأول، كاثوليكوس بيت كيليكيا الكبير، بتوقيع البيان الرسمي المشترك، بعدها تبادل أصحاب القداسة الهدايا التذكارية، وفيما يلي نصّ البيان: اللقاء الثالث عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط بمركز لوجوس للمؤتمرات بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون- مصر 18– 20 أكتوبر / تشرين الأول 2022م.

‎باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
‎”مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.” (2كو1: 3، 4).
‎نحن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير، نشكر الله لأنه منحنا أن نجتمع معاً في الاجتماع الرسمي الثالث عشر لرؤساء كنائسنا منذ عام 1998م، وفى إطار شركة الإيمان القائمة منذ القرون الأولى للمسيحية، إن كنائسنا الثلاث منذ فجر المسيحية يجمعها التراث الرسولي المشترك والإيمان الواحد متمسكة تمسكاً راسخاً بتراثنا الروحي ووحدتنا في الإيمان النابع من الكتاب المقدس، والمعبّر عنه في المجامع المسكونية الثلاثة الأولى: مجمع نيقية (325م)، مجمع القسطنطينية (381م)، مجمع أفسس (431م)، وتعاليم آبائنا القديسين وما رفضته كنائسنا من هرطقات على مدى تاريخها، إننا ندعم مسيرة كنائسنا بالقرارات والتوجهات التي تصدرها في سياق خدمتنا المشتركة لكنائسنا في العالم وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث الشهادة المسيحية منذ العصر الرسولي، وما تسلمناه من آبائنا وقديسينا وشهدائنا ونحافظ عليه بكل حرص كوديعة مقدّسة لجميع الأجيال، ولقد تناولنا بالبحث والدراسة المواضيع ذات الاهتمام المشترك واستمعنا إلى تقرير اللجنة الدائمة:

‎أولاً: الوجود المسيحي في الشرق الأوسط.
‎إن الوجود المسيحي كان وسيبقى من أكثر همومنا ومشاغلنا. فقد تدارسنا بعمق أهمية هذا الوجود وضرورة تقويته، وبحث الآليات الممكنة لتثبيت أبنائنا في بلادهم، وتعهدهم بالرعاية التي تساهم في تثبيتهم في أوطانهم، والحدّ من نزيف الهجرة إلى دول الانتشار بسبب الصراعات القائمة والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم وبخاصة في شرقنا الأوسط، نصلي من أجل أبناء أوطاننا المتألمين بسبب هذه الأزمات التي تطال المعيشة اليومية لجميع مواطني بلادنا في الشرق الأوسط، فيما تسعى كنائسنا إلى تقديم الشهادة المسيحية عبر توفير الخدمات الاجتماعية لجميع المحتاجين. منوهين بدور أبنائنا في بلاد الانتشار في تمكين كنائسنا لتقوم بواجبها الرعائي في المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية خدمةً لأبنائنا، نستمر في الصلاة إلى الله من أجل كشف مصير المطرانَيْن المخطوفَيْن مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، وبولس يازجي مناشدين أصحاب النوايا الحسنة والمجتمع الدولي لبذل الجهود في هذا المجال.

‎ثانياً: الحوارات والعلاقات مع العائلات الكنسية الأخرى:
‎أ. الحوار مع العائلة الأرثوذكسية البيزنطية:
‎ا- توقف الحوار منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 1993م، ثم تمَّ لقاء مجموعة عمل من ممثلين رسميين للكنائس من العائلتين في أثينا ـ اليونان 24ـ25 نوفمبر 2014م، الذي وضعوا فيه خارطة طريق للعمل المستقبلي للجنة الحوار المشترك اللاهوتي الرسمي بين العائلتَيْن. إضافةً إلى الاجتماع الذي عُقد بين الرئيسَيْن المشاركَيْن نيافة المطران عمانوئيل والمُتنيّح الأنبا بيشوي في 12 نيسان\ابريل 2018م بضيافة وحضور قداسة الكاثوليكوس آرام الأول في أنطلياسـ لبنان، حيث تم فيه مناقشة التطورات الخاصة بالحوار اللاهوتي الثنائي والإعداد لِلقاءٍ لكامل أعضاء اللجنة المشتركة وذلك لتنشيط الحوار، وعليه نوصي بمتابعة هذه الجهود ونكلف نيافة الأنبا توماس، أسقف القوصية ومير بالتواصل مع نيافة المطران عمانوئيل الرئيس المشارك للحوار لمتابعة هذا الأمر.
‎2- أخذنا عِلماً باللقاءات التي تمت في لجنة التعاون بين الكنيسة الروسية الأرثوذكسية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية وذلك في مجال الخدمة الاجتماعية وخدمة الدياكونية وتبادل الزيارات الرهبانية والخدمة الرعوية للروس بمصر والأقباط الأرثوذكس في روسيا.
‎كذلك ما تم بين الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الروسية الأرثوذكسية من لقاءات في إطار لجنة العمل المشترك التي تشكلت بين الكنيستَيْن، لكي تبحث في مجالات الخدمة الاجتماعية والإنسانية، المجال الأكاديمي، المجال الثقافي والحضاري، مجال خدمة الشبيبة، الحياة الرهبانية، والمجال الإعلامي.
‎ب. الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية:
‎نُثني على تقدّم واستمرار الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية والذي تتم فيه مناقشة عدّة مواضيع تخص الأسرار السبعة للكنيسة والسيدة العذراء مريم في الكتاب المقدس والتقليد الكنسي (الماريولوجي)، ونصلّي من أجل نجاح الاجتماع المقبل الذي سينعقد بمركز لوجوس للمؤتمرات بالمقر البابوي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون- مصر، خلال المدة من 29 يناير\كانون الثاني إلى 5 فبراير\شباط 2023م.
‎ج. الحوار اللاهوتي مع الكنيسة الأنجليكانية:
‎منذ أن تم استئناف الحوار مع الكنيسة الأنجليكانية عام 2013م، تم التوصُّل إلى عدة اتفاقيات تدرسها الكنائس، ونوصي باستمرار هذا الحوار.

‎ثالثاً: المجالس المسكونية :
‎1- مجلس كنائس الشرق الأوسط:
‎نشكر الله الذي سمح أنْ تُعقد الجمعية العامة الثانية عشر لمجلس كنائس الشرق الأوسط بمصر لأول مرة خلال المدة من 16 – 20 مايو / أيار 2022م في مركز لوجوس للمؤتمرات الذي هو دليل ساطع على حيوية الكنيسة القبطية في الشرق الأوسط والعالم، وفي نفس الوقت فخر للكنيسة القبطية ولكل العائلة الأرثوذكسية الشرقية. حضر هذه الجمعية من رؤساء الكنائس ستة عشر بطريركاً ورئيس كنيسة وقد كان لهم لقاء مع فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وبحسب القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس تم انتخاب رؤساء المجلس وأعضاء اللجنة التنفيذية، إذ سيُمثّل عائلتنا في المجلس ولمدّة أربع سنوات حتى 2026م: نيافة الأنبا أنطونيوس مطران القدس والكرسي الأورشليمي رئيساً عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية، ومعه خمسة أعضاء باللجنة التنفيذية بالإضافة إلى عضوَيْن رديفَيْن، ونصلي من أجل نجاح أعمال المجلس وتوفيقه.

‎2- مجلس الكنائس العالمي:
‎نشكر الله الذي سمح بعقد الجمعية العامة الحادية عشر بمدينة كارلسرويه بألمانيا خلال المدة من 31 أغسطس/ أب – 8 سبتمبر /أيلول 2022م، وقد مثَّلت كنائسنا وفود كان لها حضورها، وخلال هذه الجمعية العامة تم انتخاب قداسة الكاثوليكوس آرام الأول كأحد رؤساء مجلس الكنائس العالمي عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية، وتم انتخاب نيافة الأنبا توماس أسقف القوصية ومير، عضواً باللجنة التنفيذية، كما تمَّ انتخاب خمسة أعضاء يمثلون كنائسنا في اللجنة المركزية، ونؤكد على دعم كنائسنا لمجلس الكنائس العالمي في رسالته المسكونية ودعوته لصنع السلام من خلال الحوار والسعي لنقل العالم إلى المصالحة، ونبذ الكراهية وقبول الآخر، كما ندعم الإجراءات التي تسهم في الحفاظ على المناخ والبيئة، وفي هذا السياق نُشيد بانعقاد مؤتمر المناخ COP 27 في شهر نوفمبر القادم في مدينة شرم الشيخ- مصر.

‎رابعاً: أخبار كنائسنا:
‎عرضنا لأهم الأنشطة التي تمت في كنائسنا والسيامات الأسقفية وتقديس الميرون وتدشين الكنائس في بلاد الشرق والمهجر، والاهتمام بالميديا المسيحية الكنسيَّة (القنوات الفضائية المسيحية) ولقاءات الشبيبة المحلّية والعالمية، والاهتمام بالمعاهد اللاهوتية والمراكز الثقافية ومراكز التربية الدينية ومدارس الأحد، والزيارات الرعوية والزيارات الرسمية للمسؤولين، وناقشنا شؤون أبنائنا في الشرق الأوسط وما يعانون منه ويكابدونه من ضغوطات وصعوبات الحياة على الأصعدة كافةً، ونهنئ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بالاحتفال بمرور ألف وخمسمائة عام على نياحة القديس مار يعقوب السروجي مِلْفان (معلِّم) الكنيسة.

‎خامساً: الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بالهند:
‎استمعنا إلى تقرير حول وضع الكنيسة السريانية في الهند واطلعنا على جهود البطريركية السريانية الأرثوذكسية من أجل الوفاق والتقارب وإيجاد حل لهذه المشكلة.
‎ونصلي من أجل نجاح جهود المصالحة وضمان حرية المؤمنين في ممارسة عبادتهم في كنائسهم

‎سادساً: الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية :
‎نشكر الله على اللقاء التاريخي الذي تمّ يوم السبت الموافق 9 يوليه / تموز 2022م، حيث التقى قداسة البابا تواضروس الثاني بقداسة أبونا كيرلس الأول بطريرك الكنيسة الإريترية وذلك بالمقر البابوي بالقاهرة وبدأت صفحة جديدة في العلاقة بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الإريترية الأرثوذكسية.

سابعاً: قضية دير السلطان بالقدس التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية:
‎تألمنا للأحداث التي تمَّت مؤخراً في قضية دير السلطان بالقدس التابع للكنيسة القبطية والذي استولى عليه رهبان إثيوبيون ومحاولات وضع العلم الإثيوبي خلال احتفالات عيد القيامة لمحاولة اثبات ملكيتهم، ونحن نؤيد ونساند الكنيسة القبطية في أحقّيتها بملكية هذا الدير القبطي التاريخي.

‎ختاماً: نشكر الرب الإله لقيادته إيانا في مناقشاتنا وقراراتنا كافة، ونسأله أن يفيض فينا دائماً قوةً وشجاعةً وحكمة لنعمل من أجل وحدة كنيسته التي اقتناها بدمه الكريم، وأن نُحافظ على قطيع المسيح الذي اؤتمنّا عليه، كما نصلّي من أجل الأمن والسلام والعدل والاستقرار في العالم أجمع، وخاصةً في شرقنا الأوسط الحبيب مهد المسيحية والذي نحن من جذوره حضارياً وثقافياً ولنا دوراً أساسياً هاماً فيه على الأصعدة كافة، ولهذا نكرّر دعوتنا لأبنائنا أن يظلّوا ثابتين ومتجذّرين كلٌ في وطنه مقدّمين شهادة حيّة عن إيماننا المسيحي بالمحبة والتسامح والعيش المشترك مع إخوتنا في الإنسانية وشركائنا في الوطن، نشكر كل الجهات التي تعاونت معنا في تسهيل إقامة هذا الاجتماع، كما نشكر أيضاً الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على استضافتها لنا، المجد للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين.

حرب المتأشورين على اسم سوريا منذ سنة 1897م

لا توجد دولة على وجه الأرض وفي كل التاريخ كُتب عن اسمها مثل سوريا، ولم تشهد دولة في التاريخ صراعاً على اسمها مثل سوريا، فقد كُتب عن اسمها مئات الكتب والمقالات والآراء، منها لعلماء ومؤرخين مشهورين مثل: نولدكه، روالنصون، كاترومير، أرنست رينان، سيلدان، فراي، جون جوزيف، جان موريس فييه، فرانس روزنثال، شفارتس، تفندتس، روبرت رولينغر، إزابيلا بيشوب، بابولا، ليتمان، فيليب حتي، جواد بولص، فولوس غبريال وكميل البستاني، أسد رستم، أنيس فريحة، يوسف الدبس، فاروق إسماعيل، شاكر خصباك، أدي شير، اسحق ساكا، وغيرهم كثيرون، والحقيقة هو ليس صراعاً، بل هي حرباً فكرية وسياسية ضد اسم سوريا شنها السريان النساطرة في أروميا إيران، وهكاري تركيا، وشمال العراق، الذين سَمَّاهم الإنكليز آشوريين سنة 1876م لأغراض سياسية وطائفية وعبرية، مطالبين بإقامة إقليم آشور شمال العراق وجزء من سوريا وتركيا أيضاً.

 

أمَّا لماذا هذا الصراع على اسم سوريا: فالمعروف أن السريان هم الآراميون تحديداً وليس غيرهم، وهم سكان سوريا القدماء التي كان اسمها بلاد آرام، وعاصمتها آرام دمشق، واسم آراميون وسريان هما اسمان مترادفان في كل التاريخ على الإطلاق مثل هنكاريا والمجر، أثيوبيا والحبشة، إيران فارس، ألمانيا تسوكلند والقوط، فرنسا بلاد الغال..إلخ، وبما أن السريان النساطرة الذين انتحلوا اسم الآشوريين حديثاً على يد الإنكليز، اسمهم كسريان مرتبط بسوريا وليس بآشور، فقد بدئوا بشن حرب ضروس على اسم سوريا، مخترعين نظرية الاشتقاق المضحكة، معتبرين أن اسم سوريا مشتق من آشور (وباللغة الانكليزية فقط، وليس بلغتهم الأم التي هي الأصل)، قائلين أن اسم سوريا الأصلي وبالإنكليزي هو (Assyria)، لكن حرفي As سقطا، وأصبحت (Syria)، لذلك فسوريا والسريان هم الآشوريون، وانتقلت عدوى التـأشور إلى بعض السريان الساكنين قرب شمال وغرب العراق في تركيا وسوريا بين ديار بكر وطور عبدين والقامشلي الذين تعاطفوا مع متأشوري العراق وإيران، فصدقوا أنهم فعلاً أحفاد الآشوريين القدماء، والحيلة الأخرى التي يعتمدها هؤلاء المتأشورين، أنهم يطبقون نظريتهم على السريان المسيحيين فقط ويُسمُّونهم آشوريين، والسؤال المحرج لهم الذي يهربون منه: إذا كان اسم سوريا والسريان مشتق من آشور، فلماذا في مقالتهم وقنواتهم الإخبارية لا يُسمُّون سوريا، الجمهورية الآشورية، ودمشق عاصمة بلاد آشور، ومثلاً قام الرئيس الآشوري بشار الأسد بزيارة حمص؟.

 

لقد بدأت الحرب على اسم سوريا عندما اعتمد المتأشورون على مقالة نُشرت في آذار 1897م في جريدة زهريرا دبهرا للكاتب السرياني النسطوري ميرزا مصروف خان كرم من أروميا في إيران، الذي ساوى بين كلمتي آشوريين وسريان لأول مرة في التاريخ، معتمداً على كتاب الرحَّالة المبشرة الإنجيلية الإنكليزية ابنة الكاهن الأنكليكاني وزميلة جمعية الجغرافية الملكية الإنكليزية، ايزابيلا بيشوب (1831-1904)، التي زارت منطقة السريان النساطرة في أورميا سنة 1889م، وألَّفت كتاب بجزين طبع في لندن سنة 1891م بعنوان: الرحلات إلى فارس وكوردستان والصيف في منطقة أعالي الكارون وزيارة النساطرة في مناطق الرايات.

Journeys In Persia And Kurdistan Including A Summer In The Upper Karun Region And A Visit To The Nestorian Rayahs

وقد لاحظت إيزابيلا أن هؤلاء السريان النساطرة لديهم اضطراب بين اسمهم الحقيقي السريان، واسم الآشوريين الذي اخترعه لهم حديثاً رئيس أساقفة كانتربيري الإنكليزي، فكتبت في ج2 ص235 فصلاً عن مدينة أورميا، سمَّتها المدينة السريانية (city Syrians)، ونتيجة اضطراب الاسم كَتبتْ في ص237 فصلاً بعنوان مثير للانتباه هو: (The Syrians or Assyrians السريان أو الآشوريون)، ركَّزت فيه بوضوح على أن الاسم الحقيقي لهؤلاء المتأشورين هو السريان، والاسم الآشوري اخترعه حديثاً لهم رئيس أساقفة كانتربيري لأغراض سياسية، وأقنعهم بأنه أفضل من اسم النساطرة الذي له مدلول هرطوقي لأنه نسبةً لنسطور المحروم من الكنيسة سنة 431م، وقالت: أنا أكتب عن مسيحيي أورميا بأنهم (سريان Syrians)، وهو الاسم الذي يطلقونه على أنفسهم، ونحن نعرفهم في المنزل أنهم نساطرة، وهذا الاسم يُطلقه عليهم الغرباء، وأنا لا أعرف لماذا يجب علينا استعمال تسمية فيها وصمة عار تدل على بدعة قديمة لإطلاقه على أمة، والرئيس الحالي لأساقفة كانتربري جاء بمصطلح الآشوريين لإطلاقه عليهم، وهذا المصطلح لا يُستعمل أبداً من قبلهم لإطلاقه على أنفسهم، كما لا يُستعمل من الآخرين، فالمسلمون يُسَمُّونهم نصارى، وهو اسم يُطلق عادة على المسيحيين السريان.

تَلقَّف عنوان الفصل المثير للانتباه أعلاه، ميرزا خان كرم (1862-1943م) وهو موظف كبير ومثقف سرياني نسطوري في أورميا/ إيران، وكتب مقالاً بالسريانية عنوانه: (ܡܠܟܘܬܐ ܕܐܬܘܪܝܐ ܝܢ ܕܐܣܘܪܝܐ ملكوتا داتوريا يان دآسورَيَا (الترجمة الحرفية: مملكة الأثوريين أو الآسوريين)، نشرهُ في جريدة زهريرا دبهارا السريانية في أورميا في 15 آذار سنة 1897م، عدد 48 ص35.

وطبعاً فُسِّر قصد ميرزا من السياسيين النساطرة أنه يعني (مملكة الآشوريين أو السريان)، وما قام به ميرزا هو أنه أضاف حرف الألف وحذف ياء النسبة من الكلمة السريانية (سُوريَيا ܣܘܪܝܝܐ، واختصرها سورَيَا ܣܘܪܝܐ) التي تعني السريان، لتصبح عنده (ܐܣܘܪܝܐ آسورَيَا)، على نهج إضافة حرفي AS بالإنكليزية لكلمة (Syrians سريان، لتصبح Assyrians أي آشوريين)، وهذه أول مرة في التاريخ كتابةً أو نُطقاً تظهر كلمة آسورَيَا بالسريانية بهذا التوصيف لتدل على الآشوريين، علماً أن كلمة آسوريا في قاموس الآشوريين والكلدان الحاليين معناها: رابط أو خشبة تُعلق في عنق الكلب (قاموس مطران الكلدان أوجين منا، دليل الراغبين في لغة الآراميين ص34)، وقد نسى المتـأشورون:   

 

أولا: إن أصل القوم هو كيف يُسمُّون أنفسهم بلغتهم، لا بلغة الآخرين كالانكليزية واليونانية، وكلمة سريان في لغتهم ونطقهم وقواميسهم هي (ܣܘܪܝܝܐ سوريَيا)، وتختلف حروفاً ونطقاً مع كلمة (أثوريين أو آشوريين ܐܬܘܪܝܐ) مثلما تختلف كلمة هندي عن صيني وياباني عن ألباني، والأمر الطريف للمتأشورين أنهم يطبقون نظرياتهم الاشتقاقية على وزن البعض أن شكسبير هو شيخ زبير، ومدينة سانت هوزي الأمريكية هي مدينة الإمام الحسين، أو يستعملون قاعدة، تعطيني غزال أعطيك غزال، تعطيني أرنب أعطيك غزال أيضاً، فهم عندما يترجمون كلمة (ܣܘܪܝܝܐ سرياني) من السريانية إلى اللغات الغربية كالإنكليزية، يترجمونها (Assyrian لتعني آشوري)، أمَّا إذا كان العكس وترجموا عبارة الملك سنحاريب الآشوري من الإنكليزية إلى السريانية، فيبقى سنحاريب (ܐܬܘܪܝܐ الآشوري، وليس ܣܘܪܝܝܐ السرياني)، وطبعاً يطبِّقون القاعدة عندما يترجمون من العربية للإنكليزية، حيث تُترجم كلمة سرياني إلى (Assyrian)، أمَّا العكس إذا ترجموا (Assyrian) للعربية، فتبقى آشوري، وللطرفة أحياناً يستعملون طرق رياضية لكن باتجاه واحد فقط، فيكتبون كلمة (ܣܘܪܝܝܐ سريان = Assyrian)، لكن عندما تُعكس المعادلة، فكلمة (Assyrian = ܐܬܘܪܝܐ آشوري).

    

ثانياً: إذا افترضنا جدلاً أن اسم سوريا مشتق من آشور، فذاك لا يعني أن السوريين والسريان هم آشوريون، فلا علاقة لاشتقاق أو تقارب الأسماء بهوية الشعب، بل حتى لو تطابق اسمان 100 بالمئة، فذاك لا يعني أن الشعب الثاني منحدر من الأول، مثل اسم الروم المشتق من الرومان وروما اللاتينية والذي أُطلق على اليونان البيزنطينيين أيضاً، لكن الروم اليونان البيزنطينيين ليسوا رومان أو لاتين، وكثير من الأسماء متقاربة أو مشتقة من بعضها، فمثلاً الراجح أن اسم العراق وإيران من كلمة فارسية واحدة هي (إيراك)، لكن العراقيين ليسوا فرساً، واسم الحبشة نسبةً لقبيلة حبشت العربية، لكن الأحباش ليسوا عرباً، واسم عبري وعربي من جذر كلمة واحدة، واسم الأفرنج يُطلق على كل الغربيين لكنه يعني حرفياً الفرنسيين، علماً أن الاسم أصلاً هو لقبائل ألمانية، واسم الكورد أو الأكراد أرمني، لكن الأكراد ليسوا أرمناً، واسم الأرمن من آرام، لكن الأرمن ليسوا آراميين أو سريان..إلخ.

 

ثالثاً: إن السريان هم الآراميون في التاريخ ويختلفون حسباً ونسباً، ثقافةً ولغةً، ملوكاً ونسلاً، جغرافيةً وتاريخاً، عن الآشوريين، بل أن الآشوريين الذين انقرضت دولتهم سنة 612 ق.م، كانوا ألد أعداء السريان الآراميين، في كل التاريخ المدني والكتاب المقدس أيضاً، فالآشوريون يفتخرون في سجلاتهم بغزو والتنكيل بالآراميين، وهنا سؤال مهم للمتأشورين: لماذا يقفون دائماً عند اسم السريان فقط لتبرير حيلتهم؟، ولماذا يهربون ولا يستطيعون الإجابة على سؤال أسوةً بإيران وفرنسا وإيطاليا وغيرها، وماذا كانت أسمائها السابقة، والسؤال المهم هو: من هم السريان وماذا كان اسمهم قبل أن يُطلق عليهم اسم السريان؟.

 

استمر التزوير على اسم سوريا والسريان حيث اعتمد المتأشورون الجدد على علماء ومستشرقين، والذين بالمناسبة لم يقل أحد منهم مطلقاً أن السريان هم الآشوريون، بل أكدوا أن السريان هم الآراميون، لكن المـتأشورين زوَّروا كلام وقصد العلماء ليغشوا القارئ والناس البسطاء، فذهبوا أولاً إلى اللغوي الفرنسي رينان الذي كان يتحدث عن آراء وعلاقات لغوية بين الأسماء، وليس عن هويات شعوب، فذكر هامشاً في كتابه (اللغات السامية/ 1858م)، إن اسم سوريا يُحتمل أنه مشتق من آشور، وأغفلوا أن كلام رينان أصلاً هو في فقرة عنوانها الرئيس والكبير هو: (الحقبة الآرامية) التي يقول فيها: (السريان هم الآراميون، وحتى بعد أن أُطلق اسم السريان عليهم، بقي استعمال الاسم الآرامي)، علماً أن رينان أدرج هذا الرأي في الهامش ص209، وهو ليس رأيه أصلاً، بل للباحث كاترومير الذي كان بدوره يناقش علاقات أسماء لغوية ببعضها أيضاً، ثم قام المتأشورون سنة 1897م بتزوير مقدمة قاموس المطران توما أودو، كنز اللغة السريانية ص9 الذي قال: (السريان هم الآراميون)، فقام أحدهم تحت اسم المدقق الذي اكتشفتُ أنا اسمه، بإضافة هامش آخر فيه هامش رينان: (إن اسم سوريا مشتق من آشور أو مختصراً له)، لكي يُفهم أن السريان هم الآشوريون، علماً أنه الهامش الوحيد في القاموس، ومن يومها انطلقت الحرب على اسم سوريا بشكل منظم وبمئات الكتب والمقالات كما ذكرتُ، وما تزال الحرب قائمة، علماً أن جميع الوثائق لميرزا وإزبيلا ورينان وكاتروميرو وغيرهم، موجودة في كتابي أسمهم سريان، لا آشوريون ولا كلدان، وسأكتفي بإدراج نص المدقق المزور ص9، وسأكتب عن الموضوع مستقبلاً.

وشكراً/ موفق نيسكو

مخطوطات جديدة لكنيسة الكلدان تُثبت أنها سريانية

مخطوطات جديدة لكنيسة الكلدان تُثبت أنها سريانية

ذكرنا عدة مرات أن الكلدان والآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء، إنما هم سريان شرقيون نساطرة قامت روما حديثاً ولأغراض سياسية وطائفية، بانتحال لقب الكلدان وإطلاقه على القسم الذي تكثلك منهم، وثبت اسم الكلدان عليهم في 5 تموز 1830م، كما هو معروف ويؤكده الجميع بمن فيهم رجال دين الكلدان ومنهم البطريرك الحالي ساكو في كتابه خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ص41، ثم قام الإنكليز سنة 1876م بانتحال اسم آشوريين وإطلاقه على القسم الذي بقي نسطوري، وقد استغل الطرفان هاتين التسميتين المُنتحلتين لتشويه تاريخ العراق والكنيسة فيه بالإدعاء زوراً أنهم ينحدرون من الآشوريين والكلدان القدماء.

وقد أدرجنا مئات الوثائق تثبت ذلك، وكلما نكتشف وثائق جديدة ومهمة دامغة سنعرضها للقاري الكريم، لذلك ندرج اليوم مخطوطات لكتب أخرى قديمة من أرشيف كنيسة الكلدان نفسها تُثبت أنها كنيسة سريانية حتى بعد أن سَمَّتها روما كلدانية، وأنها بقيت تقرن السريانية باسمها لأنه هو الاسم الحقيقي، وهذه المخطوطات هي كثيرة وغير معروفة أو مطبوعة أو متداولة، أكيد أن الكنيسة الكلدانية تعلم بها لكنها لا تريد نشرها أو طبعها لأنها تفضح تسميتها الكلدانية المزورة حديثا، وسأكتفي بنشر كتابين:

1: كتاب (تقاليد الكنيسة السريانية الكلدانية)، سنة 1863م، قدَّم له ونشره القس بطرس عزيز نائب بطريرك الكلدان في حلب فيما بعد، والحقيقة إن اسم هذا الكتاب لوحده يكفي وواضح، إذ حتى بعد التسمية الكلدانية لم تتخلى كنيسة الكلدان عن الاسم السرياني، لأنه هو الاسم الحقيقي، بل يذكر الكتاب أنهم يُسمُّون أنفسهم (الملة السريانية الكلدانية)، وأن الكلدان هم السريان الشرقيون.

https://h.top4top.io/p_2422oegux1.png

https://i.top4top.io/p_2422e9cxc2.png

2: كتاب الكنيسة الشرقية الكلدانية لسنة 1896م لمؤلفه مطران عقرة ميلس حنا إيليا، والحقيقة إن هذا الكتاب عنوانه فقط هو الكلدانية، والمؤلف يحشر كلمة الكلدان عندما يتكلم هو، لكن داخل الكتاب كله سرياني عندما يتعلق الأمر بالأمور التاريخية القديمة، ويقول المؤلف:
إن كنيسة الكلدان تأسست في سلوقية قطسيفون (المدائن)، وكانت تتبع كنيسة أنطاكية (السريانية)، وكثير من أساقفتها الأوائل رُسموا في أنطاكية، وإلى عهد جاثليق كنيسة المدائن داديشوع +456م، كانت الكنيسة لا تزال تتبع أنطاكية، ويُسمِّي المطران ميليس مركز كنيسته سلوقية وقطسيفون (المدائن)، بلاد الآراميين وبلاد السريان، ثم يقول اعتنقت كنيسته المدائن المذهب النسطوري، ومنذ حوالي 300 سنة عادت للكنيسة الجامعة (يقصد أن كثير من رعية كنيسة المدائن النسطورية اعتنقت الكثلكة سنة 1553م أي حوالي 300 سنة من تاريخ كتابه سنة 1896م، وهذه الكنيسة هي التي سيثبت اسمها لاحقاً في 5 تموز 1830م، كلدانية)، ثم يذكر المؤلف أن سيرة مار أدي مبشر كنيسة الكلدان موجودة في صلوات السريان، ويضيف أن الروايات سريانية، والمجموعات الأولى سريانية، والقوانين سريانية، والمراسلة بين السيد المسيح وأبجر ملك الرها كانت بالسريانية، والقديس الشهيد شمعون ابن الصباغين في كنيسة من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين قد أشار إلى استشهاده السريان وبالسريانية، وبرديصان الشاعر الشهير أيضاً في كنيسة المؤلف، هو مبتدع سرياني ويتكلم عن مار أفرام السرياني، ص3، 5، 7، 11، 15، 19-22، 36-37، 69، 80-81، 111، وغيرها، وهذه بعض الصفحات المهمة من كتابه.

https://j.top4top.io/p_24226ywjk3.png
https://k.top4top.io/p_2422anbsl4.png

https://l.top4top.io/p_2422w3wju5.png

وشكراً/ موفق نيسكو

فشل وحدة كنيسة المشرق بسبب اسم آشور المُنتحل

فشل وحدة كنيسة المشرق بسبب اسم آشور المُنتحل

قبل عدة أيام وبتاريخ 05/30/ 2022م أعلنت الكنيسة الشرقية القديمة على لسان المتحدث باسمها وسكرتير مجمعها أسقف شيكاغو وشرق أمريكا كوركيس يونان فشل مفاوضات الوحدة مع كنيسة المشرق الآشورية التي جرت في شيكاغو، وتم على عجل وفي غضون ثلاثة أيام انتخاب بطريرك جديد للكنيسة الشرقية القديمة، وأول وأهم سبب في بيان فشل المفاوضات هو مطالبة الكنيسة الشرقية القديمة بحذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة بعد الوحدة، حيث أن كنيسة المشرق الآشورية كانت قد انتحلت اسم الآشورية وأضافته زوراً إلى اسمها سنة 1976م، وهو ما يثبت صحة كلامي في كتبي ومقالاتي، وأوضح ذلك وأقول:

ذكرتُ مراراً وتكراراً أن الآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهما بالآشوريين والكلدان القدماء مطلقاً، إنما هم سريان آراميون انشقوا عن كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية سنة 497م واتبعوا المذهب النسطوري الذي يختلف عن مذهب الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والأنكليكان، ثم انقسموا فيما بينهم سنة 1553م حيث تكثلك قسم كبير منهم وتبعوا روما، وأن الاسمين الآشوري والكلداني الحاليين، هما اسمان منتحلان اخترعهما الغرب للسريان الشرقيين النساطرة لأغراض طائفية وسياسية وعبرية، حيث اختارت روما اسم الكلدان للقسم المتكثلك الذي خضع لها، وثبت اسم الكلدان على كنيستهم في 5 تموز 1830م، ثم اختار الإنكليز الأنكليكان سنة 1876م اسم الآشوريين للقسم الذي بقي نسطورياً، وثبت الاسم الآشوري على كنيستهم في 17 تشرين أول 1976م.

منذ سنة 1553م استمر كنيسة القسم النسطوري إلى سنة 1964م، وفي هذه السنة كان يرئس الكنيسة البطريرك إيشاي المولود سنة 1908م، والذي أصبح بطريركاً سنة 1920م وهو بعمر 12 سنة، وهذا البطريرك كان يقيم في أمريكا منذ أن نفته الحكومة العراقية سنة 1933م بسبب قيادته أحداث سميل عندما نَكرَ النساطرة معروف العراق الذي آواهم من دول الجوار بسبب الحرب العالمية الأولى، فقاموا بالتمرد على العراق حينها. (ملاحظة البطريرك إيشاي هو المقصود في البيان الأول لعبد السلام عارف في 14 تموز 1958م).

والمهم إن هذه الكنيسة اسمها في التاريخ كنيسة المشرق أو الشرقية السريانية، ولم تكن يوماً ما ولم تذكر مرة واحدة، باسم آشورية أو كلدانية مطلقاً، وقد سُمِّيت بالكنيسة النسطورية لأنها اتبعت مذهب نسطور، وسُميت أيضاً بالكنيسة الفارسية، لأنها تأسست سنة 310م في مدينة ساليق وقطسيفون (المدائن) التي كانت عاصمة الفرس، وكانت تتبع التقويم الشرقي (اليولياني) في الأعياد ومنها عيد ميلاد السيد المسيح الذي يصادف في 7 كانون الثاني أسوةً بالروس والأقباط واليونان وغيرهم، وفي سنة 1964م قرر البطريرك إيشاي اعتماد عيد الميلاد يوم 25 كانون الأول حسب التقويم الغربي (الغريغوري)، بدل 7 كانون الثاني التقويم الشرقي اليولياني، فأحدث ضجة كبيرة حيث رفض قسم كبير من رجال الدين والرعية ذلك، وهددوا البطريرك إيشاي بالانفصال إن لم يتراجع عن قراره، وأصبح كل طرف يستهزئ بالآخر، فالمتمسكون بالتقويم الشرقي 7 كانون2، يُسمُّون المتمسكين بيوم 25 كانون1 (جماعة لحم بعجين)، وبدورهم جماعة 25 بالشهر يُسمُّون المتمسكين بيوم 7 بالشهر (جماعة سفن آب)، واستمر الخلاف إلى سنة 1968م، حيث قام المتمسكون بالتقويم الشرقي 7 بالشهر، بتعيين مطران الهند توما درمو بطريركاً لهم بدل إيشاي، ومقره الدائم في بغداد، وقاموا بتسمية كنيستهم باسم: (الكنيسة الشرقية القديمة، أي بإضافة كلمة القديمة) تميزاً لها عن كنيسة إيشاي، وتوفي البطريرك توما درمو بعد حوالي سنتين، وتم تعيين البطريرك أدي الثاني خلفاً له سنة 1970م، وهذه صورة المطران توما درمو عند قدومه من الهند إلى بغداد لاستلام مهامه البطريركية.

سنة 1970م دعت الحكومة العراقية البطريرك ايشاي من أمريكا لزيارة العراق، وطلبت منه العودة والاستقرار بمقره في بغداد، ووعدته بإرجاع حقوقه الشخصية ومؤسساته الكنسية التي تم الاستيلاء عليها خلال فترة نفيه، ومنها بعض كنائسه التي استولت عليها جماعة 7 بالشهر، وهذه هي صورة البطريرك إيشاي في زيارته إلى بغداد في 24 نيسان 1970م.

وبعد انتهاء الزيارة عاد البطريرك إيشاي من بغداد إلى أمريكا، واصطحب معه فتاة بسيطة فقيرة عمرها 24 سنة لتخدمه وتعتني به، وهي الآنسة إمامة ابنة الشماس الإنجيلي شمشون شمعون، وقد أقام علاقة جسدية سرية معها، وانكشف أمره في 18/8/1973م عندما أصبحت حاملاً بطفل، فاضطر البطريرك إعلان زواجه واستقلاله من البطريركية، وفي6 تشرين الثاني 1975م قام أحد أتباعه واسمه داود ملك ياقو ملك إسماعيل باغتيال البطريرك في مدينة سانت هوزي، وقد كانت امرأته حاملاً ستة أشهر بطفل ثان. (خرج القاتل من السجن مؤخراً وتوفي قبل أكثر من سنة)، والمهم أن رعية البطريرك حددت سببان للاغتيال، فمنهم من اتهم الأحزاب الآشورية المتطرفة بسبب رفض البطريرك إضافة اسم الآشورية للكنيسة، ومنهم من اعتبر أن القاتل اغتال البطريرك بسبب زواجه وكسره نذره وقوانين الكنسية.

والمهم في 17 تشرين أول سنة 1976م تم عقد اجتماع في دير ألتون آبي في ضاحية هامبشير قرب لندن من حوالي 6 مطارنة بينهم اثنان منشقان من كنائس أخرى، تم فيه تعيين أو انتخاب مطران إيران دنحا الرابع كبطريرك خلفاً للبطريرك إيشاي، وفي هذا الاجتماع وتلبية لرغبة المتطرفين السريان النساطرة المتمسكين بالاسم الآشوري المزور والمنتحل، أعلن البطريرك دنحا أن اسم الكنيسة هو كنيسة المشرق الآشورية، وهي أول مرة في التاريخ يقترن هذا الاسم الآشوري المنتحل بالكنيسة، وقد استهجن ورفض القسم الآخر أي الكنيسة الشرقية القديمة أو جماعة 7 بالشهر التسمية الآشورية واعتبروها اسماً مزوراً، وطبعاً هم محقون بذلك لأن هذا تزوير ولم تُسمى الكنيسة يوما ما آشورية كما ذكرنا.

بقى الانقسام بين شطري كنيسة المشرق النسطورية منذ سنة 1968م وإلى اليوم، وقد جرت عدة محاولات لإعادة وحدة شطري الكنيسة، منها عند وفاة بطريرك الكنيسة الآشورية دنحا سنة 2015م، لكنها فشلت، لأنه دائماً كان أول وأهم مطلب للكنيسة الشرقية القديمة 7 بالشهر، هو حذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة المشرق بعد الوحدة، وقبل عدة أشهر وبتاريخ 22 شباط 2022م، توفي البطريرك أدي الثاني بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة، فجاءت الفرصة مناسبة مرة أخرى لإعادة توحيد شطري الكنيسة، وقد قام رجال دين ومثقفي ورعية الكنيستين بمطالبة الكنيسة الشرقية القديمة التريث وعدم انتخاب بطريرك جديد لها بغية توحيد قسمي الكنيسة، ودخلوا في مفاوضات، ومن المعروف إن أول وأهم مطلب للكنيسة الشرقية القديمة هو حذف كلمة الآشورية من اسم الكنيسة بعد الوحدة، لأنه اسم مُنتحل ومزور مُقحم حديثاً، وطبعاً هناك أمور ومطالب أخرى بسيطة، منها طلب الكنيسة الشرقية القديمة إيقاف محادثات كنيسة المشرق الآشورية مع كنيسة روما الكاثوليكية إلى ما بعد الوحدة، وعدم الاتفاق على تقويم العيد، فضلاً عن أن كنيسة المشرق الآشورية تعتبر نفسها الأصل وتتعامل بتعالي مع الكنيسة الشرقية القديمة وتعتبرها منشقة عنها، بينما الكنيسة الشرقية القديمة أيضاً تعتبر نفسها هي الأصل وأن كنيسة المشرق الآشورية منشقة عنها.

وقد أعلن أسقف شيكاغو عن فشل المفاوضات، وأُدرج نص  البيان، وأول مطلب فيه هو (تغير اسم الكنيسة الموحدة)، أي حذف اسم الآشورية:

https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034400.0.html

وقد عَجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بتصريح القس والباحث واللغوي شليمون إيشو خوشابا من كنيسة المشرق الآشورية الذي قال: إن الآشورية كتسمية أو صفة لكنيسة المشرق، كذبة اختلقها القوميون الأغبياء في أميركا، وفرضوها على البطريرك دنحا سنة 1976م.

ويقول بيان الكنيسة الشرقية القديمة إنه رغم فشل المفاوضات فإن كنيسة المشرق الآشورية طالبت الكنيسة الشرقية القديمة التريث وعدم انتخاب بطريرك إلى تموز القادم، ولكن الكنيسة الشرقية القديمة كردة فعل قوية وبعد ثلاثة أيام فقط في 2 حزيران 2022م، انتخبت بطريرك جديد لها هو مطران استراليا ونيوزلندا يعقوب دانيل، وأُدرج البيانات الرسمية وبثلاث لغات، السريانية، العربية، الإنكليزية، مع ملاحظتين مهمتين الأولى: إن مكتب إعلام الكنيسة الشرقية القديمة الذي نشر بيان انتخاب البطريرك الجديد، ذكر اللقب الصحيح وقال أنه (بطريرك ساليق وقطسيفون)، وليس آشور، والثانية  أني ذكرت مراراً إن هذه الكنيسة النسطورية بشقيها إضافة لشقيقتهما الكنيسة الكلدانية التي انفصلت عنها سنة 1553م، تاريخها وبدياتها أغلبه مشوه وغير علمي وباعتراف مؤرخيهم وآبائهم وكُتَّابهم، وأنا أيضاً كشفتُ وصححت كثيراً من الأساطير والتزويرات في تاريخهم، فمن الطريف أن كنيسة المشرق الآشورية تعتبر بطريركها الحالي آوا تسلسل 122، بينما الكنيسة الشرقية القديمة وكما في البيان أعلاه تعتبر بطريركها المنتخب يعقوب دانيل تسلسل 110.

https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1034488.0

وشكراً/ موفق نيسكو

النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية، ج١

موفق نيسكو

النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية، ج١

النصرانية، الجامعة، النسطورية، الأوطاخية، الخلقيدونية واللاخلقيدونية، الديوفيزية والمونوفيزية، مجمع اللصوص ومجمع الأثمة أو الذئاب، الروم الملكيين،، الأرثوذكسية والكاثوليكية، اليعقوبية

يختلط الأمور على كثير من الكُتَّاب باستعمال مصطلحات وألقاب ونعوت كنسية متداولة في التاريخ دون معرفة معناها، أو متى، أو كيف أطلقت، وهذا الأمر يشمل كثير من الكتاب المسيحيين أيضاً، لذلك نوضح بعض هذه المصطلحات:

(النصارى، الجامعة أو الكاثوليكية): النصارى كلمة أطلقها اليهود في بداية المسيحية على أتباع السيد المسيح من اليهود الذين اعتنقوا المسيحية حصراً، نسبة إلى مدينة الناصرة التي عاش فيها المسيح وفق التقاليد الشرقية بانتساب الشخص لمدينة نشأته، وحاول اليهود المتعصبون الذين اعتنقوا المسيحية إحداث مشاكل بتميز أنفسهم عن المسيحيين من الأمم الأخرى كاليونان والرومان والفرس وغيرهم، وعَدُّوا أنفسهم أن لهم حق السيادة والرئاسة على المسيحيين جميعاً، وامتنعوا عن الاختلاط مع المسيحيين من أصل غير يهودي، واستعملوا إنجيل متى فقط المكتوب بالسريانية، وكانوا يُسمُّونه إنجيل العبرانيين، وفرضوا شروطاً على المؤمن المسيحي مثل أن يُمارس المسيحي الناموس الموسوي القديم كحفظ السبت والختان، وتحريم بعض المأكولات، والاتجاه بالقبلة إلى أورشليم عند الصلاة بدل قبلة المسيحيين التي هي الشرق، وغيرها، وهؤلاء اليهود المتنصرين هم الذين يُسَمَّون نصارى، وهم يختلفون عن المسيحيين، وقد حدثت بينهما مشاكل كثيرة عُقد على أثرها مجمع كنسي سنة 51م (بعض المصادر 49م) لحل المشاكل، لكنه لم ينهي الخلاف بالكامل، وقد تحدث بولس الرسول عن ذلك الخلاف الذي وصل بينه وبين بطرس حيث اتهم بولس بطرس بالرياء ولامه لأنه جامل اليهود المتنصرين على حساب المسيحيين من الأمم الأخرى (رسالة بولس 2 إلى غلاطية، إصحاح 2: 11-14)، ونتيجة الخلاف اضطر بطرس أن يرسم في أنطاكية أسقفين هما أفوديوس للأمم من غير اليهود، وإغناطيوس النوراني +107م للمسيحيين من أصل يهودي، توفي أفوديوس سنة 68م وبقي إغناطيوس الذي حَلَّ المشاكل بين الطرفين وعمل اتحاداً بينهما وأعلن لأول مرة أن كنيسة أنطاكية السريانية هي كاثوليكية، أي جامعة لكل الأمم، ولا فرق بين مسيحي من أصل يهودي أو من الأمم الأخرى، وأنَّ المعمودية هي المميز الأساسي للمسيحي وليس الختان..إلخ (ملاحظة مهمة: لا علاقة لكلمة كاثوليك هنا بكنيسة روما التي اسمه في التاريخ كنيسة روما فقط، واقترن اسمها بكاثوليك في القرون الأخيرة لغرض تميزي كما سيأتي)، والجدير بالذكر إن كلمة نصارى أُطلقها العرب قبل الإسلام على المسيحيين من أصل يهودي ومنهم السريان الشرقيين النساطرة (الكلدان والآشوريين الحاليين الذين يُسمون أنفسهم نصارى لدلالة أنهم ينحدرون من أصول يهودية)، وبعد الإسلام شاع استعمالها لتعني مسيحي، واستعملها بعض الكُتَّاب المسيحيون بهذا المعنى أيضاً، باستثناء النساطرة حيث استعملوا كلمة نصراني للتأكيد على أنهم ينحدرون من بني إسرائيل.

(النسطورية): نسطور، سرياني ولد سنة 378م في قرية مرعش وترهَّبَ في دير أوبريبوس على باب أنطاكية، ورُسم كاهناً لإحدى كنائس أنطاكية، ولذكائه ولباقته اختير بطريركاً للقسطنطينية سنة 428م، وكانت لديه آراء عقائدية أخذها عن أستاذه تيودورس الأنطاكي أسقف مصيصة المعروف بالمصيصي ومُلخَّصها، أن السيد المسيح كإله متجسد، هو طبيعتان وأقنومان، إلهية وإنسانية، والسيدة العذراء لم تلد إلهاً مُتجسِّداً، بل ولدت إنساناً فقط، وهذا الإنسان حلَّت فيه الطبيعة الإلهية أو لبسَهَا أو سكنها أو اقترن بها..إلخ، وأصبح إلهاً، وفي مجمع إفسس المسكوني (العالمي) سنة 431م تم حَرمْ نسطور بسبب أفكاره، وأصبحت لنسطور عقيدة خاصة تُسَمَّى، العقيدة النسطورية، تَبنَّتها كنيسة المشرق السريانية فقط (الكلدان والآشوريون حالياً)، ولهذا دُعيتْ بالنسطورية، علماً أن أتباع كنيسة الكلدان حالياً هم السريان النساطرة الذين انشقوا عن الكنيسة النسطورية واعتنقوا الكثلكة سنة 1553م فسمتهم روما كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز1830م، بينما بقي القسم الآخر إلى اليوم نساطرة وهم الذين سَمَّاهم الإنكليز آشوريين سنة 1876م، وثبت اسم أحدى كنائسهم فقط، آشورية، في 17تشرين أول 1976م، أما الشق الآخر النسطوري فلا يزال يرفض التسمية الآشورية.

(الأوطاخية): نسبة إلى كاهن القسطنطينية أوطيخا الذي حَرَمته الكنيسة في مجمعي القسطنطينية 448م، وخلقيدونية 451م، لأنه على عكس نسطور،أي أنه ألغى الطبيعة الإنسانية للمسيح وقال بطبيعة واحدة إلهية ذابت فيها الطبيعة الإنسانية واختلطت وامتزجت وتبلبلت خواصهما، ولا يوجد في التاريخ طائفة تبنَّت العقيدة الأوطاخية.

(خلقيدونية، ولاخلقيدونية): نسبة لمجمع خلقيدونية الشهير سنة 451م الذي بسببه انقسمت المسيحية إلى اليوم، فخلقيدونية تعني الذين قبلوا قرارات مجمع خلقيدونية، وتشمل الكنيسة الكاثوليكية وكذلك الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية كاليونان، روسيا، بلغاريا، رومانيا، صربيا..إلخ، أيضاً كنيسة السريان الملكيين أي الروم..إلخ، ومصطلح لاخلقيدونية، تعني الذين رفضوا مجمع خلقيدونية، وتشمل كنائس الأرثوذكس: (السريان وبضمنها الهند، الأقباط وبضمنها أثيوبيا وأرتيريا، والأرمن)، والحقيقة إن هذا المصطلح هو الصحيح للتفريق بين أهم نقطة في العقيدة المسيحية، وليس مصطلحا، الكاثوليكية والأرثوذكسية، فكنيسة روما الكاثوليكية، وكنيسة القسطنطينية الأرثوذكسية التي تشمل (اليونان، روسيا، بلغاريا..إلخ)، كلاهما خلقيدونتيان، أي أن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، الروسية، البلغارية..إلخ، هي مطابقة لعقيدة الكاثوليك، وتختلف عن عقدة الأرثوذكس اللاخلقيدونيين، أي السريان والأقباط والأرمن.

(الديوفيزية والمونوفيزية، وأحياناً بالسين، ديوفيست، مونوفيست): كلمات يونانية الأولى تعني أصحاب الطبيعتين، أي الخلقيدونيين (الكاثوليك والأرثوذكس البيزنطيين)، والثانية تعني أصحاب الطبيعة الواحدة أي اللاخلقيدونيين (السريان، الأقباط، الأرمن، والأحباش)، وهذان اللقبان صحيحان إذا استعملا بحسن نية، أي إذا كان المقصود بالمونوفيزين من يؤمنون بالطبيعة الواحدة من اتحاد طبيعتين، فهو استعمال صحيح، أمَّا إذا كان المقصود بها العقيدة الأوطاخية المحرومة من الطرفين، للدلالة على (السريان، الأقباط، الأرمن، والأحباش) فهو استعمال خاطئ، أو أن استعماله من الخلقيدونيين على اللاخلقيدونيين هو مُتعمَّدْ وبسوء نية لغرض الاستهجان بهم. وفي نفس الوقت فإن استعمال كلمة الديوفيزية على الكاثوليك والأرثوذكس الخلقيدونيين، هو صحيح إذا كان المقصود منه أنهم يؤمنون بطبيعتين في أقنوم واحد، أمَّا إذا كان المقصود به أنهم يؤمنون بطبيعتين وأقنومين بحسب عقيدة نسطور المحروم من الطرفين، فهو خطأ، أو أن استعماله من اللاخلقيدونيين على الخلقيدونيين هو مُتعَمَّدْ وبسوء نية لغرض الاستهجان بهم، فاللاخلقيدونيون والخلقيدونيون يحرمون أوطاخي ونسطور، وتعبير الطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد استعمله الخلقيدونيون مراراً بدءاً من مجمع القسطنطينية سنة 553م، واللاخلقيدونيون يؤمنون بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد من طبيعتين ويستعملونه مراراً، فالطرفان متفقان في المعنى ومختلفان في التعبير، وكل ما في الأمر أن اللاخلقيدونيين يُركِّزون على كلمة واحدة خوفاً من تقسيم المسيح إلى اثنين كما قال نسطور، والخلقيدونيون يُركِّزون على كلمة اثنين خوفاً من اختلاط الطبيعتين بطبيعة واحدة كما قال أوطيخا.
وفي التاريخ وإلى اليوم هناك من استعمل ويستعمل المونوفيزية والديوفيزية بحسن نية، إمَّا للاختصار أو لكتابة الكلمة العربية بلفظها اليوناني، أو استعمالها بغير قصد، أي لا يعرف الحقيقة خاصة من العرب والمسلمين الذين أخذوا هذه الألقاب واستعملوها، وعموماً تم استعمال اللقبين من الكُتَّاب المسيحيين وهم يعرفون الحقيقة، وكل طرف استعملها استهجاناً بالآخر، و والملاحظة المهمة التي يجب الانتباه إليها هي أن أي كاتب يستعمل لقبي المنوفيزيين والديوفيزيين على الطرفين معاً، هو أمر طبيعي، أمَّا إذا استعمل الكاتب لقباً واحداً على فئة من دون الأخرى فيعني أنه مُتعَّمِد ومُنحاز ويستهجن الآخر، فإمَّا أن يستعملهما على الطرفين معاً، أو يستعمل تعابير أخرى مثل الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين، أرثوذكس وكاثوليك..إلخ، مع ملاحظة أن كلمة الديوفيزية تشمل العقيدة النسطورية أيضاً، لأن النسطورية هي أيضاً ديوفيزية، ولكن هناك فرق بين العقيدة الديوفيزية النسطورية، ولعقيدة الديوفيزية الخلقيدونية (الكاثوليكية والأرثوذكسية البيزنطية)، فالنسطورية هي الديوفيزية المتطرِّفة التي تُقسم المسيح إلى أقنومين واضحين، بينما الديوفيزية الخلقيدونية تقول إن في أقنوم المسيح الواحد طبيعتان، ولذلك فمصطلح النسطورية هو الدارج في التاريخ على العقيدة النسطورية، وقلما يُطلق عليها الديوفيزية النسطورية لأنه بمجرد قول النسطورية فهو واضح.

(مجمع اللصوص ومجمع الأثمة أو الذئاب): مجمع اللصوص، يُطلقه الخلقيدونيون على مجمع إفسس الثاني 449م لأنهم يرفضون المجمع وقراراته، أمَّا مصطلحات مجمع: الأثمة، الذئاب، المشؤم، الضالين..إلخ، فيُطلقها اللاخلقيدونيون على مجمع خلقيدونية 451م، وعلى الذين قبلوا به، واللقبان اللصوص والأثمة أو الذئاب، استعملا من الطرفين استهجاناً أحدهما بالآخر أيضاً.

(الروم، الملكية): الملكية، كلمة سريانية أطلقها السريان اللاخلقيدونيون على السريان الذين قبلوا قرارات مجمع خلقيدونية 451م استهجاناً بهم لأنهم رفضوا إيمان آبائهم السريان وقبلوا قرارات المجمع الذي انعقد بأمر ملك الروم مرقيانوس، فسَمَّوهم، الروم الملكيين أو منفرداً، الروم أو الملكيين، أي كنيسة ملك الروم في القسطنطينية، ولقب الروم أو الملكيين أُطلق عموماً في البداية على الجميع أي على كنيستي روما والقسطنطينية، كليونان والروس والبغار ورومانيا، وصربيا..إلخ، لكن بعد الإسلام أُطلق تحديداً على السريان الذين قبلوا مجمع خلقيدونية، أي على (روم أنطاكية الأرثوذكس والكاثوليك)، وأُطلق أيضاً على رعية بطريركية أورشليم المستقلة غير المرتبطة بروما أو اليونان، وأُطلق لقب الملكية بدون كلمة الروم على الأقباط الذين قبلوا بمجمع خلقيدونية ولكنهم مستقلون أي لم ينتموا لكنيسة روما أو غيرها. (انظر أسد رستم، كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى، ج1 ص389. والأب يوسف الشماس المخلصي، خلاصة تاريخ الكنيسة الملكية، ص19، 126-128، 146. والمسيحية عبر تاريخها في المشرق، ص295).

(أرثوذكسية وكاثوليكية): كلمات يونانية، فكاثوليكية تعني العامة أو الجامعة لكل الأمم، وقلنا أن أول من أطلقها هو بطريرك أنطاكية إغناطيوس النوراني +107م، لجمع اليهود المتنصرين والمسيحيين من الأمم الأخرى تحت سلطة وعقيدة واحدة، وأرثوذكسية تعني مستقيم الرأي، والحقيقة أن هذان المصطلحان اقترنا بأسماء الكنيسة بعد مجمع خلقيدونية 451م، فشاع استعمال الأرثوذكسية للكنائس الشرقية اللاخلقيدونية فقط: أي كنائس أنطاكية السريانية ومعها كنيسة الهند التابعة لها، وكنيسة الاسكندرية القبطية ومعها أثيوبيا وارتيريا، وكنيسة الأرمن، ثم بعد الانقسام الكبير بين روما والقسطنطينية سنة 1054م شاع استعمال كلمة أرثوذكسية على كنائس القسطنطينية البيزنطية (اليونان، روسيا، بلغاريا..إلخ)، وبالمقابل شاع استعمال الكاثوليكية على كنيسة روما وأصبح يقترن بها خاصة في بريطانيا بعد انقسام الكنيسة الأنكليكانية عن كنيسة روما في القرن السادس عشر، أي اسم الكاثوليك المقترن بروما دائماً أو المستعمل لوحده للدلالة عليها حصراً هو حديث نسبياً.
وكنيسة أرثوذكسية وكاثوليكية، هي كلمات تميزية فقط، فجميع الكنائس الأرثوذكسية تفتخر وتقول إنها كاثوليكية، أي جامعة لكل الأمم، وتُقرُّ بقانون الإيمان الذي يقول، وبكنيسة واحدة جامعة أي كاثوليكية)، والكنيسة الكاثوليكية أيضاً بدورها تفتخر وتقول إنها أرثوذكسية، أي مستقيمة الرأي، وفي مجمع خلقيدونية 451م، سَمَّت روما كنيستها أرثوذكسية، وإيمانها أرثوذكسي، وسمَّت البابا لاون عمود الأرثوذكسية، بل أن كلمة كاثوليكية استعملت في التاريخ أحياناً مرادفة لأرثوذكس أي بمعنى، قويم المعتقد (مجموعة الشرع الكنسي، أعمال مجمع خلقيدونية، ص366-367، وبعدها، وانظر المطران بولس بهنام، خمائل الريحان أو أرثوذكسية مار يعقوب السروجي الملفان، ص41).
وشكراً/موفق نيسكو- يتبع الجزء الثاني

صدور كتاب جديد وقيم جداً بعنوان ( اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان )

Wisam Momika
20 س ·
صدور كتاب جديد وقيم جداً بعنوان ( اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان ) للباحث السرياني الآرامي الغيور ملفونو “موفق نيسكو ” …اليكم مختصر ما يحويه هذا الكتاب القيم بالأحداث التاريخية المعتمدة من مصادر رصينة جداً ..
( اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان )
للكاتب والباحث – موفق نيسكو
بعد الاتكال على الله والعمل لمدة ثماني سنوات متتالية، صدر كتابي: (اسمهم سريان لا آشوريون ولا كلدان)، وهو كتاب يشرح بالتفصيل كيف سَمَّى الغرب (روما والإنكليز) السريان الشرقيين كلداناً وآشوريين.
قدَّم للكتاب نيافة مطران بغداد للسريان الأرثوذكس مار سيويريوس حاوا
الخوري إقليميس الشماني كاهن رعية السريان في السويد- سودرتاليا
الدكتور الأديب السرياني من سوريا سهيل زافاروا- ساندياغو- أمريكا
الأديب والباحث السرياني وأستاذ اللغتين العربية والسريانية، من سوريا، جوزيف أسمر ملكي، حالياً في السويد
أشرف على تدقيق الكتاب لغوياً (اللغة العربية)، الدكتور صباح إيليا القس– بغداد، ودققه أيضاً (عربياً- سريانياً) الأستاذ جوزيف أسمر ملكي.
يقع الكتاب في 973 صفحة من الحجم الكبير A4، 30×21×5.5 سم، وغلاف فني سميك ممتاز، وفي الصفحة الخلفية المُرفقة نبذة مختصرة عن مادة الكتاب، وقد استندتُ فيه إلى حوالي 550 مصدراً باللغة العربية أو مترجماً إلى اللغة العربية، و 175 مصدراً باللغات الأخرى، كالسريانية والإنكليزية واليونانية واللاتينية والفرنسية وغيرها، وكان التركيز على مصادر السريان الشرقيين أنفسهم بشقيهم واسميهم الجديدين المُنتحلين (الآشوريين والكلدان)، ومن أفواه أعلاَمهم وآبائهم الدينيين في التاريخ التي تثبت أنهم سريان، لا آشوريون ولا كلدان، ولا وجود لآشوريين وكلدان في التاريخ المسيحي مطلقاً إلى العصر الحديث، إنما انتحل الغرب لهؤلاء السريان اسمين من أسماء حضارات العراق القديم لأغراض استعمارية وسياسية عبرية إسرائيلية، وطائفية، وضمن المصادر أكثر من 50 كتاب رحلة منذ القرن 12 إلى القرن 19 بمختلف اللغات، لرحَّالة التقوا مع السريان الشرقيين قبل أن يُسمِّيهم الغرب كلداناً وآشوريين وسألوهم مباشرة ما اسمكم؟، وسمعوا منهم الإجابة مباشرةً: نحن سريان، ويحتوي الكتاب على مئات الوثائق والمخطوطات بلغات مختلفة منذ ما قبل الميلاد وإلى اليوم، وقسم كبير منها غير معروف للعامة، وينشر لأول مرة، وأرفقتُ النص الأصلي للمخطوط والوثيقة مع ترجمته للعربية.
إهداء الكتاب: إلى الأمة الآرامية السريانية، أمة الحرف والقلم والدواة، إلى ورثة باكورة حضارات العالم في بلاد الرافدين وفينيقية وآرام، أمة حمورابي وقدموس وأفرام، إلى كل إنسان يبحث عن الحقيقة، أهدي هذا الكتاب
في الصفحة الأولى أشهر اقتباسات لأشهر شخصيات في التاريخ من أسلاف من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين، يفتخرون أنهم سريان، ثم المقدمة، ونبذة مختصرة عن مادة الكتاب، ويحوي الكتاب 5 فصول رئيسة، و 4 ملاحق.
سيقوم دار بيسان-بيروت بتوزيعه، وسيتوفر في مكتبة بابل في شارع المتنبي-بغداد، وربما في إحدى مكتبات أربيل ودهوك إن شاء الله.
نزولاً عند رغبة الكثيرين هناك نية لترجمة الكتاب مستقبلاً للغتين الإنكليزية والسريانية.
وشكراً/ موفق نيسكو
لمن يرغب بالمزيد عن محتويات الكتاب، أُدرج الفهرس
الفصل الأول، كنيسة أنطاكية السريانية الرسولية
كنيسة أنطاكية السريانية، عروس المسيح وأُم الكنائس الأممية الرسولية
مدينة أنطاكية
نبذة مختصرة عن الكراسي الرسولية في المسيحية
سلطة البطريرك الأنطاكي السرياني ومقامه
1: الكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية)
2: الكنيسة السريانية الملكية (الروم الأرثوذكس والكاثوليك)
3: الكنيسة السريانية المارونية
4: الكنيسة السريانية الكاثوليكية
5: الكنيسة السريانية في الهند
6: الكنيسة السريانية في أورشليم (القدس)
7: كنائس قبرص، جورجيا، أرمينيا
النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية
النصرانية، الجامعة، النسطورية، الأوطاخية، الأرثوذكسية والكاثوليكية، الخلقيدونية واللاخلقيدونية، المونوفيزية والديوفيزية، مجمع اللصوص ومجمع الأثمة أو الذئاب، الروم الملكيين، اليعقوبيةاليعقوبية، نعتٌ دخيل على الاسم الأصيل لكنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية
الفصل الثاني، كيف سَمَّتْ روما السريان النساطرة المتكثلكين، كلداناً
نشوء أسقفية أربيل، وفقيدا أول أسقف في العراق 104م
نشوء أسقفية المدائن الأنطاكية السريانية 310م
رسالة الآباء السريان الغربيين الأنطاكيين إلى السريان الشرقيين
فافا الآرامي +329م، أول أسقف لكنيسة المدائن
شمعون بن الصباغين +341م، أول مطران لكنيسة المدائن
إسحق، أول جاثليق لكنيسة المدائن 410م
ماروثا الميافرقيني الجاثليق العام لكنيسة المشرق الأنطاكية السريانية
كنيسة المشرق هي كنيسة أنطاكية سريانية
كنيسة المشرق تعتنق النسطورية وتنفصل عن كنيسة أنطاكية 497م
علاقة السريان النساطرة بكنيسة روما الكاثوليكية قبل 1553م
كيف سَمَّت روما السريان النساطرة في قبرص، كلداناً، لأول مرة 1445م
كنيسة المشرق السريانية النسطورية وانشقاق الكاثوليك 1553م، قبل تسمية الكلدان
نشأة الكنيسة الكلدانية لأول مرة في التاريخ 1830م
النساطرة والكلدان والرحَّالة الشهير كارستن نيبور
الكنيسة السريانية الشرقية الكاثوليكية (الكلدانية منذ 5 تموز 1830م)
إعطاء لقب البطريرك للجاثليق ومنهم جاثليق الكلدان
مدينة بغداد (بابل) وسبب تسمية روما السريان النساطرة المتكثلكين، كلداناً
آباء الغرب، هم آباء كنيسة أنطاكية السريانية غرب الفرات، وليس أوربا
بطريرك السريان الشرقيين (الكلدان) ساكو ورسالة الآباء الغربيين
العلاَّمة السرياني ألفونس منكانا وتاريخ مشيحا زخا (أربيل)
كلمة كلداني تعني: هرطوقي، مُنجِّم، مجوسي، ساحر، مشعوذ، فتنة، فتَّاح فأل
مصطلح لغة وحروف كلدانية يعني، عبرية، والكلدان هم العبريون الإسرائيليون
اليهود ودانيال النبي واليونان، سَمَّوا دولة بابل الأخيرة، كلدانية
تاريخ الدولة الكلدانية، قبيلة كلدة الآرامية (612-539 ق.م.)
نابو بلاصر ملك بلاد أكد، وليس بلاد الكلدان، وآثار وصلاة نبوخذ نصر هي بالأكدية
أور الكلدانيين ليست أور ناصرية العراق، بل هي الرها، حاران في تركيا
الفصل الثالث، كيف سَمَّى الإنكليز السريان النساطرة، آشوريين
كيف سَمَّى الإنكليز السريان النساطرة، آشوريين 1876-1886م
كشف الأدلة من كل مِلَّة لإثبات العِلَّة
سورما خانم والبطريرك شمعون إيشاي داود
البطريرك السرياني النسطوري دنحا يُسَمِّي كنيسته آشورية لأول مرة، 17 تشرين1، 1976م
ندامة البطريرك السرياني النسطوري دنحا بتسمية كنيسته آشورية
كلمة آشور، صيغة عبرية، لا عربية، ولا سريانية
مصدر كلمة أثور من ثور، وتعني: متوحش، همجي، هائج، وثَّاب، قنَّاص
كلمة آشوري في التاريخ والأدب السرياني، تعني: أعداء، غزاة، برابرة، أشرار
الآشوريون القدماء ألد أعداء الآراميين (السريان)
أسماء مدينة الموصل التاريخية، ومنها اسم أثور
مار بهنام، ابن الأمير الفارسي شابور، وليس ابن سنحاريب ملك أثور الأسطوري
كيف أدرج المطران أوجين منا في قاموسه كلمة آسورَيَا (ܐܣܘܪܝܐ) المُزوَّرة 1897م
عَلَم الآشوريين (الجُدد) هو، سيباري بريطاني، لا آشوري
السوبارتيون (السوباريون) سكان بلاد آشور قبل الآشوريين
تاريخ الآشوريين القدماء
هل وصل يونان النبي إلى نينوى؟
هل المقصود بنينوى، مدينة حماه في سوريا؟
أسطورة دير يونان النبي في نينوى (النبي يونس)
صوم نينوى
الفصل الرابع، بالوثائق، السريان المتأشورون والمتكلدنون أغرب شعب في التاريخ
لغة السريان الشرقيين، الكلدان والآشوريين الحاليين
الفرق بين اللغة الآرامية أو السريانية، والأكدية بلهجتي بابل وآشور
التاريخ يكتبه الأذكياء على حساب البسطاء
المتأشورون والمتكلدنون يُزوِّرون لغة آبائهم وأجدادهم السريان
نص تعميم مطران (بطريرك) الكلدان روفائيل بيدوايد لإعادة طبع قاموس (دليل الراغبين في لغة الآراميين)، وسبب تزوير قواميس اللغة السريانية
مطران الكلدان أدّي شير وكتابه كلدو وأثور
المطران أدّي شير وورطة عبارة كلدو وأثور وسقوطها
الاسمان الآشوري والكلداني الجديدان مصدر إلهام
بين كذبة نيسان وعيد أكيتو المُنتحل
نماذج من تزوير وتمويه بعض الكُتَّاب المتأشورين والمتكلدنين (كيف يكتب الآشوريون والكلدان الحاليون الجدد تاريخهم)
1: الأسقف النسطوري عمانوئيل يوسف
2: المطران الكلداني سليمان الصائغ
3: المطران أدي شير
4: البطريرك عمانوئيل دلي
5: الأب يوسف حبي الكلداني
6: المطران الكلداني يوسف بابانا
7: الكاتب الآشوري هرمز أبونا
8: المترجم الدكتور ميخائيل عبدالله
9: الكاتب الآشوري لوقا زودو
الجهل والغموض والأساطير والخرافات في كنيسة المشرق
هل كنيسة المشرق، عربية أم سريانية؟
هل كنيسة المشرق، فارسية أم سريانية؟
هل كنيسة المشرق كوردية ميدية، أم سريانية؟
كنيسة المشرق، كنيسة مسيحية أم مقصلة دموية؟
كنيسة المشرق أقرب كنيسة للإسلام
آشور وبابل ومكانة الآشوريين والكلدان في الكتاب المقدس
معاقبة الآشوريين الأشرار وعاصمتهم نينوى/ معاقبة بابل عاصمة الكلدانيين
مذابح السريان الغربيين (الأرثوذكس) على أيدي السريان الشرقيين النساطرة أسلاف الكلدان والآشوريين الحاليين 480-484م
المطران الكلداني الأثوري أدّي شير، ومذابح السريان
الآشوريون والكلدان الحاليون أو الأسباط العشرة الضائعة من اليهود الإسرائيليين
البطريرك ساكو: الكلدان والآشوريون الحاليون، أصلهم يهودٌ إسرائيليون، لا عراقيون
سبب تأكيد البطريرك ساكو أن الآشوريين والكلدان الحاليين، أصلهم يهودٌ إسرائيليون، لا عراقيون
المطران الآشوري- الكلداني سورو: الكلدان والآشوريون الحاليون أصلهم يهودٌ إسرائيليون، لا عراقيون
الفصل الخامس، السريان (الآراميون)
الآراميون/ الممالك الآرامية/ مملكة آرام دمشق
السريانܣܘܪ̈ܝܝܐ) والسريانية (ܣܘܪܝܝܬܐ)
مصدر اسم سوريا والسريان
تسمية السريان وسوريا، بقلم البطريرك ديونيسيوس التلمحري +845م
اللغة السريانية
السريان المتأشورون
ثلاث حجج هزيلة فقط للسريان المتأشورين
أولاً: المؤرخ هيرودوتس (484-425 ق.م.)
ثانياً: البطريرك ميخائيل الكبير +1199م، وذكره مرة واحدة أن الأشوريين القدماء هم سريان
ثالثا: اسم سوريا مشتق من كلمة آشور/ لا علاقة بين اسم سوريا والسريان، وآشور
الحقيقة التاريخية بين التصريحات السياسية والآراء الشخصية
القومية هي اللغة فقط، ولا وجود لقومية بدون لغة
سرياني اسم أُمة وشعب ولغة وتراث وحضارة، وليس معناه مسيحي
السريان أمة قومية وحضارة وتراث ولغة في تواريخ العرب المسلمين
السريان، الاسم الحقيقي للآراميين والآشوريين والكلدان
طبيعة العقلية الشرقية
تاريخ السريان أمانة في أعناق المؤرخين في كل زمان
الملحق الأول: البروفسور جون جوزيف: أ- النساطرة، الكلدان، السريان الآراميون، الآشوريون، ب- الرد على مقال فراي: آشور وسوريا، المترادفات، ترجمة وتحقيق موفق نيسكو
الملحق الثاني: الأب جان موريس فييه الدومنيكي: السريان الشرقيون The Syrian East،Suryaya Madenkha ܣܘܪ̈ܝܝܐ ܡܕܢܚܐ سوريَيَا مدنخا
آشوريون أم آراميون؟ Assyrians or Arameans، ترجمة وتحقيق موفق نيسكو
الملحق الثالث: ترجمة وتحقيق مقدمة قاموس المطران العلاَّمة توما أودو (كنز اللغة السريانية)، ترجمة جوزيف أسمر ملكي، تقديم وتحقيق موفق نيسكو
الملحق الرابع: سلسلة بطاركة ومفارنة (جثالقة) الكنيسة الأنطاكية السريانية، وسلسلة بطاركة (جثالقة) الكنيسة السريانية الشرقية (الآشوريون والكلدان الجدد)، ونظراً لكثرة الانقسامات والتخبط والتداخل في التاريخ، وبعد تدقيقي الدقيق لكافة المراجع عن بطاركة المشرق عدا زيارتي الشخصية لأضرحتهم، لذلك أجزم أن سلسلتي هي الأصح في التاريخ لحد لأن.
المصادر
———————————————
ܣܘܪܝܳܝܐ ܐܪܡܝܐ
‏Suryoye Oromoye
السريان الآراميون

معنى آسور أو آشور بالأكدية والسومرية

معنى آسور أو آشور بالأكدية والسومرية

https://a.top4top.io/p_1921xsayz1.png

العراق، مجلة دورية أكاديمية تأسست عام 1934م، تصدرها جامعة كامبريدج، بريطانيا، وينشرها المعهد البريطاني لدراسة العراق، وتهتم بتاريخ وآثار العراق منها علم الآشوريات، فضلاً عن الفن والدين والحياة الاقتصادية والاجتماعية للعراق، وتهتم بدرجة أقل بالبلدان المجاورة للعراق وترتبط به من الأزمنة الأولى إلى حوالي عام 1750م، تتخللها جوانب من تاريخه من بديات الإسلام والعصور الوسطى والعصر العثماني المبكر.

المعروف أن الآشوريين القدماء أقوام أكدية نزحت من بابل بين (2500-2000 ق.م.) إلى شمال العراق الحالي الذي كان اسمه سوبارتو، وسقطت سنة 612 ق.م، وقد تطرقتُ في كتابي اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان بالتفصيل لمعنى كلمة آشور بالسومرية والأكدية، حيث قيل كثير من الآراء في أصلها ومعناها شأنها شأن أي اسم آخر، منها أنها تعني: المتوحشون، الهمج، الطغاة، البداية، خطوة أو مشية، أثر أو موقع، أو أنها كلمة أرمنية معناها: الجبل، أو أن الاسم مرتبط ومشتق من عشتار رمز الخصب والزراعة والماء، أو أن الاسم يعني: سكان المستنقعات أو البقعة المسقية بالمياه، وهناك كلمات سومرية وأكدية قريبة من صيغة آشور مثل (Issur وSeru) مرتبطة بالهور والماء أيضاً، والمهم أن المعنى الأخير، المستنقعات والمياه، له علاقة بمقالنا هذا عن دراسة أخيرة لعالم الآشوريات الأستاذ في جامعة لندن أندرو جورج Andrew R. George، مستنداً على عشرات المصادر والكتابات التاريخية القديمة كالسومرية والأكدية والآشورية، نشرته مجلة العراق عدد 77 في 5 يناير 2015م، ص175-106، على الرابط أدناه، بعنوان:
، المراحيض ومجاري المياه القذرة في بابل On Babylonian Lavatories And Sewers
Published online by Cambridge University Press: 05 January 2016
file:///C:/Users/Toshiba/Downloads/IRAQ77George.pdf
وهذه ص106منه
https://l.top4top.io/p_2226hm81f1.png

جاء فيه ما مختصره المذكور بالعربية أيضاً في نهاية الدراسة ص106: إن اسم آشور، آسور Asurrû في الكتابات الأكدية العراقية المسمارية القديمة يعني: بالوعة المياه الثقيلة القذرة sewer (مراحيض)، ويقول في ص95 إنها تقابل كلمة (Mṭwl ܡܬܦܠ) الآرامية (السريانية)، (انظر ܡܬܦܠ في قاموس المطران أوجين منا، دليل الراغبين في لغة الآراميين، ص293، وبنيامين حداد، قاموس روض الكلم، عربي سرياني، ص 1233-1234).

تبدأ الدراسة بذكر الأدلة الأثرية والوثائقية ومجاري المياه الكريهة في مساكن العراق القديم، ويمضي التحقيق في استخدام أصول وتاريخ الكلمة الأكدية آسور Asurrû في الفترة البابلية القديمة، حيث كان الاسم يستخدم أساساً كمصطلح لنوع من مجاري المياه الكريهة “بالوعة القذارة، المراحيض، الصرف الصحي”، وبدأ استعمال كلمة آسور مع استعمال سكان بلاد الرافدين جنوب العراق المرافق الصحية حوالي منتصف الألفية الثالثة ق.م (وهو في نفس وقت ظهور الآشوريين القدماء)، ومن ص90 بدأ البحث يتحدث عن ورود كلمة آسور، آسوري في المعاجم السومرية والأكدية بذلك المعنى، ثم تطور استعمال الكلمة في منتصف الألف الأولى قبل الميلاد في عصر سرجون الثاني وسنحاريب وآشور بانيبال ونبوخذ نصر ليعطي معناً آخر هو “أساس الجدار السفلي أو الجوفي للمنزل”، لمقاومة المياه الجوفية والفيضانات، وأصبح لكلمة آسوري معنيان: (أ) المجاري، (ب) قِدم الحائط أو ما شابه ذلك، والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف حدث ذلك؟ والجواب: إن التطور الدلالي لكلمة آسوري الأكدية هو أن أصل الكلمة سومري، آ-سور-را، تعني “بالوعة، بئر، تصريف المياه”، وتُطبق على المجاري التي يتم تصريفها في العراء، وبالتالي فإن تطورها الدلالي يعني أيضاً “أسس الجدار”، وهو تطور ثانوي ناشئ عن الموقع المشترك في البنية التحتية للمبنى، وهذا الأمر مدعوم من بأدلة وثائقية من غالبية الشهادات البابلية القديمة لكلمة آسوري التي تعني “المجاري”، كما اقترن أو استعمل أحياناً مصطلح آسوري للتخلص من شيء كريه، نتن، نمس أو شعوذة، ثعابين، خنازير..إلخ.

الآشوريون الجدد ونظرية الاشتقاق
إن أهمية موضوع معنى اسم آشور تكمن في أن الآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء، إنما هم سريان انتحل لهم الإنكليز اسم آشوريين سنة 1876م لأغراض سياسية، عبرية، وبما أن اسمهم الحقيقي السريان مرتبط باسم دولة سوريا ولغتها، ولكي يبرروا انتحال اسمهم الجديد (آشوريين) اخترعوا منذ سنة 1897م نظرية طريفة، مُدعين زوراً أن كلمة آشور، آشوري، القديمة بالحقيقة هي آسور، آسوري، وقد سقطت الألف من بداية الكلمة وأصبحت سوري، سرياني، لذلك فإن اسم سوريا مشتق من، آشور أو أن اسم سوريا هو مختصر لكلمة آشور عندما احتل الآشوريين القدماء بلاد سوريا، وعندما سقطت دولة آشور سنة 612 ق.م. سُميت سوريا الحالية، سوريا، ولهذا فسوريا بالحقيقة هي بلاد آشور والسوريون والسريان، هم آشوريون..إلخ من هذه التخريجات والخرافات، ومنذ بداية القرن العشرين وإلى اليوم بدؤوا استعمال كلمة، آسوري في مطبوعاتهم ومقالتهم وكتبهم حتى الرسمية منها في بعض دوائر الدولة لتعني آشوريين، علماً أن كلمة آسور لا توجد في قاموسهم مطلقاً لتعني آشوريين، بل معناها: خشبة تُعلق في عنق الكلب (قاموس أوجين منا ص34)، وقد نشرتُ في كتابي: اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان، بالوثائق الأصلية كيف بدأ التزوير وإقحام قول عالم اللغات رينان +1892م، الذي كان يناقش آراء غيره عن علاقات لغوية لأسماء أمم ببعضها، واقتباس كلام الرحَّالة الإنكليزية ابنة القس الأنكليكاني إيزابيلا بيشوب التي زارت مناطق السريان النساطرة في اروميا- إيران سنة 1889م، ثم استعمل كلامها ميرزا مصروف خان كرم في جريدة زهريرا دبهرا سنة 1897م التي كانت تصدر في أورميا، وتزوير قاموس توما أودو الذي صدر في نفس السنة، ثم إقحام التزوير في قاموس أوجين منا 1900م..إلخ، وذكرتُ في فصل (لا علاقة لاسم سوريا والسريان بآشور): إن مصدر أغلب أسماء شعوب العالم فيه عدة آراء وأسباب، منها أسباب لغوية، جيرة، احتلال، جغرافية، آلهة، صناعة، هجرة، اسم عائلة..إلخ، وأن تقارب اسمان لشعبان، أو اشتقاق اسم من آخر، أو حتى لو تطابق الاسم المشتق مع الاسم المشتق منه 100 بالمئة، فذاك لا يعني أن الشعب الثاني هو الأول، وأن هوية وقومية الشعبان هي واحدة، فكثير من أسماء الشعوب المتقاربة أو المشتق أو المطابق اسمها لبعضهما، هما شعبان عدوان تقليديان، وذكرت عدة أمثلة للآراء الراجحة في أسماء الأمم: فاسما العراق وإيران من مصدر كلمة واحدة (إيراك الفارسية)، لكن العراقيين ليسوا فرساً، والحبشة نسبةً لقبيلة حبشت العربية، لكن الأحباش ليسوا عرباً، وكوردستان كلمة أرمنية Korduth، كوردجيخ، لكن الكورد ليسوا أرمناً، واسم أرمينيا نسبة لملكهم، آرام حارم، وبعض الشعوب سَمَّتْهم خطأً آراميين، لكن الأرمن ليسوا آراميين، وكلمتا عبري وعربي تربطان بقوة لغوياً ومشتقتان من أصل واحد وتدلان على معنى واحد له علاقة بالبداوة والصحراء، وكلمة الروم مطابقة ومشتقة من مدينة روما اللاتينية وأطلقت على البيزنطيين اليونان منذ أن نقل قسطنطنين +337م عاصمته إلى القسطنطينية، حتى أن مؤرخين مثل طه باقر يضطر أحياناً لوضع كلمة الروم (لاتين ويونان) بين قوسين، ليوضِّح أنها تعني شعبين مختلفين، والعرب يُطلقون اسم الإفرنج على الأوربيين، لكنه حرفياً يعني الفرنسيين، وثلاث دول باسم غينيا، وجارتها غينيا بيساو، وغينيا الجديدة، لكنهم مختلفون لغوياً وثقافياً، واسم أمريكا في البداية كان كولومبيا (حالياً مقاطعة في واشنطن)، وخالد الكردي ليس من نسل خالد بن الوليد العربي..إلخ، كما ليس لمعنى الاسم علاقة بهوية الشعب مثلما ليس كل شخص اسمه وسيم أنه وسيم، وسأتطرق لهذا الموضوع مستقبلاً بمقال أو أكثر بعنوان: الحرب على اسم سوريا منذ 1897م.

الخلاصة: مع أن سوريا هي بلاد آرام قبل أن تُسمَّى سوريا، والطريف أن المــتأشورين أي الآشوريين الحاليين الذين سمَّاهم الإنكليز، عندما يزورون التاريخ، يذكرون عبارة على شاكلة لا تقربوا الصلاة ويسكتون، فيقولون: إن اسم سوريا مصدره آشور أو آسور، ولا يذكرون: على من أطلق اسم سوريا المشتق من آشور، أي ماذا كان اسم سوريا وشعبها قبل أن تُسمَّى سوريا؟، ثم أليس هذا اعترفاً صارخاً أن سوريا ليست آشور؟، فلماذا تم إطلاق اسم آشور على سوريا إذا كانت هي آشورية أصلاً؟، علماً أن اسم سوريا ليس مشتقاً من آشور، وهو أحد الآراء اللغوية من مجموع حوالي خمسة عشر رأياً، ولكن إذا افترضنا جدلاً صحة هذا الرأي، وهو الوحيد فقط، فذاك أيضاً لا يعني أن سوريا والسريان هم آشوريين، لأن اشتقاق أو تقارب أو تطابق اسمين لا يعني أن هويتهما وقوميتهما ولغتهما وثقافتهما واحدة، وفقد أُطلق اسم سوريا على قوم لهم وثقافة وحضارة واسم هو الآراميين، وهؤلاء يختلفون حسباً ونسباً، تاريخاً وجغرافيةً، لغةً وثقافةً ملوكاً وآلهةً..إلخ عن الآشوريين، بل أنهما شعبان عدوان تقليديان في كل التاريخ المدني والكتابي في العهد القديم، وقول هؤلاء المتـاشورين الجدد لا يختلف عن قول البعض إن شكسبير هو شيخ زبير، والعراقي توفيق السويدي هو سويدي، ووالد حاكم بولندا ستيفن باثوري (1477-1529م)، هو آشوري، ويشَبَّه البروفسور الأمريكي جون جوزيف (وهو سرياني عراقي نسطوري الأصل ممن يُسمُّون أنفسهم آشوريين) إدعاء الآشوريين الجدد إنهم من القدماء بقول أستاذ تاريخ الشرق القديم في جامعة كاليفورنيا ميخائيل موروني إنه شاهد متسولاً إيرانياً شيعياً جالساً في كرمنشاه يدعي بصوت عال أنه سليل الإمام الحسين وحفيد الرسول محمد لكي يكسب عطف الناس.

وأنا ذكرتً إن نظرية اشتقاق الأسماء وتطبيق معناها على آخرين ليست علمية، بل خرافة، وأنا شخصياً طبعاً أرفض نظرية الاشتقاق، لكني هنا أسأل: أليس من المنطق والعدل إذا أراد المتأشورون تطبيق نظرية الاشتقاق بالقول إن السوريين والسريان هم آشوريون، لأن اسم سوريا مصدره آسور، عليهم القبول بتطبيق نظريتهم أيضاً على هذه الدراسة العلمية الأكاديمية لباحث متخصص بالآشوريات عن مصدر اسم آسور، الذي سيعني أن اسم الآشوريين هو: القذرين، النتنين، الكريهين، المراحيضيين، علماً إننا نقلنا بعض الكلمات حرفياً من خلاصة البحث المترجمة بالعربية الواردة بالإنكليزية نهاية البحث أيضاً. وشكراً/ موفق نيسكو

الممالك والقبائل الآرامية في بلاد الرافدين أو بلاد ما بين النهرين

الممالك والقبائل الآرامية في بلاد الرافدين أو بلاد ما بين النهرين

(العراق الحالي)

الآراميون شعب سام استوطن وانتشر في منطقة الهلال الخصيب تشير أغلب الدراسات إلى أن سكنهم الأصلي كان جنوب البادية بين العراق والشام، وتسمية آرامي نسبة إلى آرام الابن الخامس لسام بن نوح الوارد في سفر التكوين (10: 22–23)، ومعنى آرام الأرض المرتفعة أو العالية، وأقدم ذكر للآراميين هي قبيلة سوتو ومعناها البدو، وقبيلة خبيرو أو عبيرو ومعناها العابرين، وأشهر وأقوى قبيلة آرامية هي أحلامو وهي كلمة سريانية معناها الشباب (أغلام) أو الأحلاف أو الرفاق، وأول إشارة لقبيلة سوتو في التاريخ وردت من مصر نحو سنة 3100 ق.م.، وأطلقت الوثائق الأكدية عليهم اسم سوتو في نحو سنة 2700 ق.م.F[1]F، وذُكر الآراميون في عهد الملك الأكدي نرام سين (2254–2218 ق.م.)، وورد ذكرهم مُركَّباً (أحلامو– آرام) في النصوص التي اكتشفت في مملكة ماري قرب مدينة البوكمال السورية وتعود للقرن الثامن عشر والسابع عشر قبل الميلاد، ومنذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد دخل الآراميون بصورة واضحة في منطقة الهلال الخصيب، وثبت أن بطوناً منهم استوطنوا مناطق جنوب الفرات بالقرب من الخليج العربي في هذه الحقبةF[2]F، ويظهر أن قبيلة سوتو الآرامية استوطنت شمال الهلال الخصيب قبل قبيلة أحلامو، فقد ورد في رسالتين بابليتين أن قبيلة أحلامو البدوية تركت موطنها الأصلي في الجنوب وجاءت إلى الشمال لما سمعته من نجاحات حققها إخوانها السوتو هناك، لذلك يرد اسمهم مترادفاً لاحقاً (سوتو– أحلامو) كما في أحد نصوص الملك الآشوري أرك دن إيلي (1319–1308 ق.م.)، ويمكن تتبع حركتهم من حوليات الملك الآشوري Hأدد نيراري الأولH (1307–1275 ق.م.) الذي ذكر أن أباه حارب الأحلامو في شمال بين النهرين، ومن حوليات Hحاتوشيلي الثالثH حوالي (1275–1250ق.م)، تؤيد ذلك الوثائق المعروفة Hبرسائل تل العمارنةH في مصر (أخيت – أتون) وتقول: إن قبائل الآراميين كانت تتجول على ضفاف HالفراتH من عهد HإخناتونH (1380–1362 ق.م.)، ومنذ عهد الملك الآشوري Hتغلات فلاصر الأولH (1115–1077 ق.م.) ظهر اسم (أحلامو– آرام) حيث يتباهى هذا الملك بأنه حارب الآراميين من مدينة عانة (العراق) وكركميش (جرابلس سوريا) إلى مدينة ربيقو (الرمادي العراق)، قائلاً: “بقوة سيدي آشور زحفتُ بجنودي إلى الصحراء لمقارعة قوات الأحلامو الآرامية وطاردت فلولهم ثمان وعشرين مرة”، ومنذ هذا التاريخ بدأ الآراميون بتشكيل كيانات سياسية قوية نوعاً ما، وأخذ الاسم الآرامي يطغى على بقية الأسماء المركَّبة القديمة وأصبح مألوفاً في الحوليات الآشورية، وبقيت أسماء طلائع الآراميين في بلاد الهلال الخصيب مثل سوتو وأحلامو أسماء وصفية تعني (البدو أو الشباب أو الأحلاف أو الرفاق).

ويُعدُّ الكتاب المقدس مصدراً رئيساً لأخبار الآراميين، فقد ورد ذكرهم فيه عشرات المرات، كما ذُكرت أسماء عدة ممالك آرامية وأسماء ملوكها مثل رشعتايم ملك آرام نهرين، وحزائيل وابن هدد ملكا آرام دمشق وغيرهم، وأهم ما يميز الآراميين عن الآشوريين والبابليين في الكتاب المقدس هو أن الله أرسل إيليا النبي ليمسح ملكاً آرامياً هو حزائيل قائلاً لإيليا النبي: “ادخل وامسح حزائيل ملكاً على آرام” (1 ملوك 19: 15). كما أنهم لم يوصفوا بالسوء كثيراً مثل الآخرين.

تمكّن الآراميون من تأسيس عدة ممالك سيطرت على مناطق واسعة من بلاد الرافدين والشام، وباستثناء الدولة الكلدانية الآرامية التي اشتهرت باسم قبيلتها الآرامية (كلدة) ومملكة آرام دمشق، لم تتمكن الممالك الآرامية الأخرى من تكوين كيانات كبيرة وقوية على غرار الدول البابلية والآشورية بالرغم من امتدادها على مساحات شاسعة من بلاد عيلام شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً، ومن جبال الأمانوس شمالاً إلى تخوم الخليج والحجاز جنوباً، ويعود السبب في ذلك إلى ثلاثة عوامل هي:

1: عامل تاريخي: إن الآشوريين عُرفوا تاريخياً بمعاداتهم للآراميين، في حين أن الآراميين كانوا يكافحون من أجل حريتهم ومن أجل الاستقرار وحياة أفضل، وكانت الدولة الآشورية قاسية جداً في التعامل معهم مستعملة العنف والسبي والإعدام ونهب الثروات وأخذ الجزية وغيرهاF[3]F.

2: عامل خارجي: كانت الممالك الآرامية تقع بين دول كبيرة تحاول تجنب الدول الآشورية والبابلية مثل دولة عيلام والحثيين ومصر، فكانت هذه الدول تحرض الآشوريين والآراميين وتغيّر تحالفاتها دائماً بحيث تجعل الممالك والقبائل الآرامية في مواجهة الآشوريين لتجنب شرهم.

3: عامل داخلي: إن كثيراً من القبائل الآرامية كانت تحبّذ الولاء القبَلي الداخلي على الولاء السياسي للدولة الموحدةF[4]F، ونستطيع القول: إن الآراميين شكلوا مجتمعات متحضرة ومستقرة، ويلاحظ أن الممالك الآرامية لم تكن ملتزمة كثيراً بنظام الخلافة أي الملكية الوراثيةF[5]F، ولهذا فإن الثقافة الآرامية كانت أرقى من غيرها، وإن الآراميين كانوا ذوي عقل تجاري وزراعي متطور، وكانوا أغنياء قياساً بالبقية، ومهتمين بشؤون حياتهم الداخلية أكثر من اهتمامهم بالسياسات الخارجية، والدليل الآخر على ثقافتهم الراقية هو انتشار لغتهم التي أصبحت لغة دولية للجميع دون مساندة من دولة سياسية قوية.

ومن الملاحظ أن الآراميين في بلاد الرافدين وصلوا إلى دفة الحكم السياسي قبل آراميي سوريا، وما ميّزَ آراميي جنوب بلاد الرافدين عن شماله، هو أن الشماليين كانوا مسالمين أكثر من الجنوبيين عموماًF[6]F، والسبب هو أن الآراميين كانوا على العموم مساندين لحكام بابل نتيجة لقسوة الغارات الآشورية عليهم.

إن أقدم ذكر لاسم آرام كإقليم في وادي الرافدين كان في عهد الملك الأكدي نرام سين (2254–2218 ق.م.) بصيغة Am–Ara في نسخة بابلية لكتابة أكدية تتحدث عن انتصار نارام سين على شيخ آرام اسمه خرشاماتكي، وفي وثيقة أخرى اكتشفت في مدينة خفاجة العراقية تقول إن الأحداث المذكورة وقعت في مدينتي (سيموروم وآرامي)، ويستدل من الوثيقتين أن المدينتين تقعان شرق دجلة بين نهري ديالى والزاب الأسفل، كما ظهرت وثيقة تجارية في مدينة دريهم العراقية مؤرخة في سنة ست وأربعين لحكم الملك الأكدي شولجي (2094–2047 ق.م.) من سلالة سومر الثالثة، كُتب عليها اسم (آرامي)، ووثيقة أخرى من عهد الملك شوشن (2037–2029 ق.م.) ذُكر فيها اسم (آرامو)F[7]F، ومنذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد تشير الوثائق إلى انتشار الآراميين في جنوب العراق، فقد اشتكى حاكم دلمون (البحرين) إلى والي مدينة نفر العراقية (عفك قرب الديوانية) من أن الأحلامو نهبوا تمور بلاده.

واستوطن قسم من الآراميين شمال الخليج العربي وحوض دجلة الأدنى (سوسة عاصمة عيلام، جنديسابور، شوشتر في خوزستان، الأحواز، وغيرها)، واستقروا في القسم الجنوبي الشرقي من دجلة على امتداد ضفتي شط العرب وفي السهول الممتدة بين نهري الكرخة والكارون.

وفي منتصف القرن التاسع قبل الميلاد شكَّل الآراميون قوة لا يستهان بها ويُحسب لها ألف حساب، فقد استولى أمراء آراميون على عرش HبابلH ومنهم Hنابو مكين زيريH (731–729 ق.م) Hومردك أبلا إديناH (721–705/703 ق.م)، وفي خضم هذه النزاعات طارد وشرد الآشوريون حوالي ( 208,000) آرامي في مختلف أرجاء الهلال الخصيب، وقام تغلاث فلاصر الثالث (744–727 ق.م.) بتهجير خمس وثلاثين قبيلة قائلاً: لقد أخضعتُ كل أبناء الشعب الآرامي المتواجدين على ضفاف دجلة والفرات حتى نهر الكرخةF[8]F، لكن الآراميين لم يقروا بالهزيمة، فأعيد بناء HبابلH التي سرعان ما استأنفت تصديها لمطامع الHآشورHيين، واستطاع أمير قبيلة كلدة الآرامية Hنابو بلاصرH (626–605 ق.م) أن يُعلن نفسه ملكاً على بابل وأن يشنّ على آشور حرباً لا هوادة فيها متحالفاً مع أعدائها HالميديينH المحيطين بها من الشرق والشمال، وانتهت الحرب بالقضاء على مملكة آشور سنة 612 ق.م.، وقامت على أنقاضها Hالدولة الآرامية الكلدانيةH والتي كان من العسير التفريق فيها بين الكلدانيين والآراميين فضلاً عن البابليين، فقد اختلط الجميع وتمازجوا بقوة وعمق في إطار ثقافة آرامية كانت Hاللغة الآراميةH أهم عناصرها، وتزوج الملك الآشوري بل كالا (1074–1075 ق.م.) ابنة أدد أبال أدن الآرامي (1067–1046 ق.م.)، وتزوج الملك الآشوري سنحاريب (704–681 ق.م.) من آرامية اسمها فقيا ومعناها (النقية أو الطاهرة) التي تسميها المصادر الآشورية (زاكوتو)، وبرز كثير من الكتاب والمثقفين ذوي الكفاءات في البلاط الآشوري مثل أحيقار، وعيَّن شلمنصر الثالث شاشي الآرامي حاكماً على إحدى مقاطعة قلقيلية التابعة له، وبقي الأمر على هذا النحو إلى أن سقطت الدولة الآرامية الكلدانية على يد الفرس الأخمينيين سنة 539 ق.م.، وذهب كثير من المؤرخين والمحققين إلى أن اسم الآراميين كان شاملاً للكلدان والآشوريين كما مر بنا، ويقول تقرير لجنة التحقيق الدولية التابعة لعصبة الأمم المتحدة حول رسم الحدود بين تركيا والعراق الذي صدر في 30 أيلول سنة 1924م: إن غالبية مسيحييّ وادي دجلة هم من نسل السكان الآراميين الذي كانوا أغلبية سكان القطر العراقي في زمن الأرشاقيين والساسانيين عندما بدأت العقيدة المسيحية بالانتشارF[9]F.

ومنذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد انتشر الآراميون في بلاد آشور وأصبحوا بأعداد كبيرة في المدن الآشورية موزعين على كل مرافق الحياة المدنية والعسكرية، حتى إن عددهم فاق مع الزمن عدد الآشوريين، واستطاع علماء الآشوريات في العقود الماضية كشف كثير من الحقائق بخصوص الوجود الآرامي في الدولة الآشورية غيّرت المفاهيم القديمة عن ديموغرافية الدولة الآشورية وهويتها، منهم العالم أندره لومير المختص بقراءة النقوش القديمة فكتب سنة 2004م بحثاً بعنوان “الآراميون شعب ولغة وكتابة خارج حدود الإمبراطوريات”:

Les Araméens, un peuple, une langue, une écriture, au-delà des empires

يعلّق فيه على سياسة الآشوريين في توطين الآراميين في آشور ويقول: “بالحقيقة لقد حول الملوك الآشوريون دولتهم إلى إمبراطورية آشورية –آرامية عندما دمجوا فيها أعداداً كبيرة من الآراميين”، وكذلك العلاّمة “ح. تدمر” الذي ذكر في بحثه “كيف أصبحت آشور آرامية “قائلاً: إن قلب آشور كان قد تحول إلى شبه آرامي Semi ArameanF[10]F.

ومنذ القرن العاشر قبل الميلاد بدأت اللغة الآرامية تحل محل اللغة الأكدية (الآشورية) القديمة التي كانت صعبة وتُكتب على الطين، وقد وجدت نقوش بالمسمارية الأكدية إلى جانب الآرامية مكتوبة على طين، وأصبحت الآرامية في القرن الثامن قبل الميلاد اللغة الرسمية لبلاد آشور، ويوجد على الأقل أربعة نماذج لرسائل ملوكية آشورية مكتوبة بالآرامية، وفي إحدى الرسائل الموجهة من شخص يدعى سين– أدينا في مدينة أور إلى الملك سرجون الثاني يقول له: كتبتُ لك بالآرامية على رسائل ملفوفة، فيجيبه سرجون مؤنباً له: لماذا لا تكتب لي رسائلك بالأكدية على قطعة من طينF[11]F، واستناداً إلى نص الرسالة يذهب المؤرخون إلى أن الملك سرجون كان يريد أن تأتيه الرسائل الخاصة بالبلاط الملكي من المناطق البعيدة بالأكدية المسمارية لكي تكون سرية ولا تقرأ من قِبل الآخرين بسهولة لأن الآرامية كانت قد طغت على الأكدية الآشورية القديمة وأصبحت لغة الشعب الرئيسة، ووردت في نصوص آشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد مصطلحات تدل على استعمال الآرامية، منها قوائم بأسماء تسليم حصص النبيذ في مدينة نمرود.

وهناك أسماء آرامية كثيرة كانت تعمل في البلاط الملكي وردت على منحوتات كانت تزين القصور الملكية في عهد تغلاث بلاصر وسرجون وسنحاريب وآشور بانيبال حيث يظهر في أغلبها شخصين أحدهما آشوري والآخر آرامي يقفان جنباً إلى جنبF[12]F، كما عثر على رسالة مهمة باللغة الآرامية تعود إلى عهد آشور بانيبال تسمى صدفية آشور وجهها موظف آشوري يدعى براتير إلى موظف آشوري آخر يدعى فيراورF[13]F، وهناك أدلة كثيرة منها اكتشاف نقوش باللغة الآرامية على الأوزان الرسمية وعلى أوراق عمليات البيع والشراء وغيرها، وعندما أرسل الملك الآشوري سنحاريب قائد جيشه ربشاقي إلى ملك اليهود حزقيا يطلب منه الاستسلام، أصر ربشاقي على التحدث بالعبرية لكي يفهم كل الشعب بغية إثارته على القيادات اليهودية وإحداث انشقاق وحرب أهلية بينهم، فطلب المسئولون عن قصر حزقيا اللذين تفاوضوا مع ربشاقي أن يكلمهم بالآرامية (السريانية) التي كانت لغة الدولة الآشورية: “فقال الياقيم بن حلقيا وشبنة ويواخ لربشاقى كلم عبيدك بالآرامي لأننا نفهمه ولا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور (2 ملوك 18: 26)، وهذا دليل واضح على أن ربشاقي كان يتكلم الآرامية.

بعد سقوط نينوى سنة 612 ق.م. كان سكانها آراميونF[14]F، وسمَّوها بالآرامية (السريانية) حصنا عبرايا (حسنا عبريا) معناها القلعة، ودعاها الفرس نواردشير، وبقيت مدينة نينوى والمنطقة الجغرافية المحيطة بها مثل النمرود تسمى آشور أو آثور، وهو اسم جغرافي بحت استعمله بعض المؤرخين السريان واليونان واليهود وغيرهم الذين احتفظوا بالأسماء القديمة فيما بعد وخاصة اليهود، ثم شاع اسم الموصل على نينوى بعد الإسلام، وهناك من يرى أن اسم الموصل آرامي Mespila يعني مصب الإله.

ويؤكد روبنس دوفال (1829–1911م) أن الآراميين كانوا يشكلون غالبية سكان بلاد ما بين النهرين وبابل وأربيل وكركوك وأورميا وبلاد الأهواز وأطرافهاF[15]F.

ويذكر المطران الكلداني سليمان الصائغ أن بعض المحققين ذهب إلى أن اسم الآراميين كان شاملاً للكلدان والآشوريينF[16]F.

ويقول المطران أوجين منا الكلداني: إن جميع القبائل الساكنة قديماً في البلاد الفسيحة الواسعة المحدودة ببلاد الفرس شرقاً والبحر المتوسط غرباً وبلاد الأرمن وبلاد اليونان في آسيا الصغرى شمالاً وحدود جزيرة العرب جنوباً كانت قاطبة معروفة ببني آرام أو الآراميين، نعم إن بعضاً من هذه القبائل كانت تسمى أيضاً بأسماء خصوصية كتسمية أهل بابل وما يجاورها بالكلدانيين وتسمية سكان مملكة آثور بالآثوريين وتسمية أهل الشام بالآدوميين، ولكن مع ذلك كانت تسمية الآراميين تشملهم جميعاً، كما أن تسمية الطي وقريش وحميّر وكنانة لا تخرج هذه القبائل من كونهم عرباًF[17]F.

إن اسم أحْمَتا عاصمة دولة مادي (سفر يهودت 1: 1)، هو اسم آرامي، والاسم الفارسي القديم لها هو (هجمتانا)، وسمَّاها اليونان أكبتا، وهي اليوم مدينة همدان الإيرانيةF[18]F.

إن أغلب شعب الدولتين الآشورية والكلدانية كان آرامياً من الناحية القومية والعرقية، والدليل على ذلك هو أن الكتاب المقدس يذكر أكثر من اسم لأشخاص عاديين يلقَّبون بالآرامي لم يكونوا ملوكاً ولم تكن لديهم دولة آرامية قوية تساعد في انتسابهم إليها، مثل بتوئيل ولابان ونعمان الآراميين، وكذلك هناك نساء آراميات كما جاء في (1 أخ 7: 14)، فقد كان لمنسّى سريّة آرامية، كما أنه فضلاً عن آرام بن سام نجد أن كثيرين قد تسمَّوا باسم آرام مثل، آرام بن حصرون (راعوث 4: 19، ومتى 1: 3)، وآرام بن قموئيل (تك 22: 21)، وأيضاً بنو شامر أخي آرام (1 أخ 7: 34)، بينما لا نجد هناك اسماً واحداً لشخص لقبه الكلداني أو الآشوري في الكتاب المقدس، باستثناء مرة واحدة لُقِّب فيها نبوخذ نصر بالكلداني لأنه كان من قبيلة كلدة الآرامية وملكاً للدولة الكلدانية التي كانت آرامية القومية والعرق، كما أننا نجد أن هناك تجمعات سكنية خاصة بالآراميين في كنف الدولتين الآشورية والكلدانية تدل على طابعها القومي والعرقي: “إذا قلنا ندخل المدينة فالجوع في المدينة فنموت فيها وإذا جلسنا هنا نموت، فالآن هلم نسقط إلى محلة الآراميين فإن استحيونا حيينا، وإن قتلونا متنا، فقاموا في العشاء ليذهبوا إلى محلة الآراميين فجاءوا إلى آخر محلة الآراميين فلم يكن هناك أحد (2 ملوك 7: 4–5)”، كذلك راجع آية (10 و 16) من السفر، بينما لا نجد مثل ذلك مع الآشوريين والكلدان.

ونتيجة لكثرة القبائل الآرامية التي سكنت المنطقة الواقعة من بابل وحتى الخليج العربي، فقد سمَّيت فيما بعد منطقة الكلدانيين نسبة الى قبيلة كلدة الآرامية، وقد سميت هذه المنطقة باسمهم في المصادر المسيحية (بيث آراماي) أي بيت أو بلاد الآراميينF[19]F.

وهذه المنطقة هي منطقة الكاسديين الآراميين نسبة إلى كاسد بن ناحور من امرأته مِلْكة ابنة هاران الوارد في سفر (التكوين 22: 22)، وكذلك (يشوع 24: 2)، وناحور هو أخو إبراهيم بن تارح، أي أن إبراهيم هو عم كاسد.

ومعلوم أن إبراهيم وأخوته وبنيه حسب الكتاب المقدس كانوا آراميين نسبة إلى عمهم البعيد آرام بن سام، وكذلك فإن كاسد ابن ناحور وأخوته وعشيرته كانوا آراميينF[20]F.

واستناداً إلى سفر الثنية (26: 5) كان إبراهيم آرامياً:” آرامياً تائهاً كان أبي فانحدر إلى مصر وتغرب هناك في نفر قليل فصار هناك أمة كبيرة وعظيمة وكثيرة”، وأوصى إبراهيم أن يتزوج ابنه اسحق من بنت آرامية من عشيرته: “إلى أرضي وإلى عشيرتي تذهب وتأخذ زوجة لابني اسحق (تك 24: 4)”، وفعلاً تزوج اسحق رفقة ابنة بتوئيل الآرامي، “وكان اسحق ابن أربعين سنة لما اتخذ لنفسه زوجة رفقة بنت بتوئيل الآرامي أخت لابان الآرامي من فدان آرام (تك 25: 20)”، وبتوئيل هو أخو كاسد بن ناحور (تك 22: 21–23)، أي أن بتوئيل هو ابن أخي إبراهيم أيضاً، ثم تزوج يعقوب راحيل وليئة ابنتي لابان الآرامي ابن بتوئيل الآرامي: “فصرف اسحق يعقوب فذهب إلى فدان آرام إلى لابان بن بتوئيل الآرامي أخي رفقة أُم يعقوب وعيسو (تك 28: 5)”.

أما بخصوص ناحور أبو كاسد فهو: ناحور أخو إبراهيم بن تارح، وتزوج من مِلْكة ابنة هاران في أور، ثم أقام في مدينة ناحور (حاران) في آرام النهرين (حاران)، وهي المدينة التي أرسل إليها إبراهيم عبده ليجلب رفقة زوجة لابنه اسحق، وأنجب ناحور من ملكة ثمانية أبناء هم، عوصا، بوزا، قموئيل، حزو، فلداش، يدلاف، بتوئيل، وأصبح هؤلاء الثمانية فيما بعد أجداد القبائل الآراميةF[21]F.

ويقول الأب بولس الفغالي: إن ناحور أخو إبراهيم وأبو كاسد صار بواسطة نسائه جَدّاً لاثنتي عشرة قبيلة أو مستوطنة آرامية، ثمان منها تنحدر من زوجته مِلْكة وأربع من سريته رؤومة، وفي النصوص المسمارية المتأخرة نجد اسم ناحور كاسم شخص (ناحيري، ناحور) وكاسم مكان (نحور، تل نحيري)، وهي مدينة في منطقة حاران شمال بلاد الرافدين على الضفة اليمنى لنهر خابور، اتخذت أهمية في الألف الثاني قبل الميلاد، وقد تعني العبارة مدينة ناحور الذي هو أخو إبراهيم، وذُكرت في اللوحات الكبادوكية في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ويبدو أنها لعبت دوراً هاماً في مراسلات مملكة ماري في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وكانت عاصمة مقاطعة آشورية أيضاً، وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد هاجمها الآراميون ودمروها، فولدت مدينة باسم تل نحيري في القرن السابع، وبين تلك المدتين قامت في المنطقة قبائل آرامية تذكرهم التوراةF[22]F.

وسنذكر باختصار أهم الممالك الآرامية التي قامت في بلاد وادي الرافدين أو بين النهرين (العراق الحالي) وفي شرق (بلاد الشام) القريبة.

(يتبع)

[1]: ألبير أبونا، أدب اللغة الآرامية ص12.

[2]: أ. ولنفسون، تاريخ اللغات السامية ص15.

[3]: المطران غريغوريوس صليبا شمعون، الممالك الآرامية ص 16.

[4]: سليمان بن عبد الرحمن الذييب، نقوش تيماء الآرامية ص32.

[5]: ألبير أبونا، الآراميون في التاريخ ص 149.

[6]: سليمان بن عبد الرحمن الذييب، نقوش تيماء الآرامية ص15–16.

[7]: علي أبو عساف، الآراميون ص11.

[8]: أ. دوبون سومر، الآراميون ص122.

[9]: جرجيس فتح الله، يقظة الكرد ص 584.

[10]: مجلد مسوبوتاميا وجيرانها ص450Mesopotamien und seine Nachbarn

[11]: أ. د يوسف متي قوزي، محمد كامل روكان، آرامية العهد القديم ص 18.

[12]: اندريه بارو، بلاد آشور ونينوى وبابل، ترجمة عيسى سلمان، الأشكال 17،384.

[13]: أ. دوبون سومر، الآراميون، ترجمة الأب ألبير أبونا ص 108.

[14]: المطران سليمان الصائغ، تاريخ الموصل ج1 ص 38.

[15]: روبنس دوفال، تاريخ الأدب السرياني، ترجمة الأب لويس قصاب ص22.

[16]: المطران الكلداني سليمان الصائغ، تاريخ الموصل ج2 ص 6.

[17]: المطران أوجين منا الكلداني، دليل الراغبين في لغة الآراميين ص13.

[18]: الأب بولس الفغالي، المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم ص 128.

[19]: راجع الأب يوسف حبي كنيسة المشرق الكلدانية الآشورية ص31، كذلك راجع خارطة المنطقة في كتاب مجامع كنيسة المشرق لنفس المؤلف ص7.

[20]: إبراهيم هو ابن تارح من نسل قينان بن أرفكشاد أخو آرام بن سام.

[21]: قاموس الكتاب المقدس ص 944.

[22]: الأب بولس الفغالي، المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم ص1287.

الفرق بين اللغة السريانية الآرامية والآشورية- موفق نيسكو

الفرق بين اللغة السريانية الآرامية والآشورية- موفق نيسكو
29/06/2016

ذكرنا سابقاً وفي الجزئين الأول والثاني رد اللغوي والأديب جورج حبيب بأدلة ومصادر دامغة على أدور يوخنا الذي احترم الحقيقة واعترف أن لغة الآشوريين هي السريانية الآرامية ولا علاقة لها بالآشورية القديمة التي هي لغة أكدية أصلاً.

http://baretly.net/index.php?topic=58648.0

http://baretly.net/index.php?topic=58711.0

وإضافة إلى ما ذكره جورج حبيب، كنا قد نشرنا مقالات عديدة عن اللغة السريانية أهمها: لغة السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين)، ومقال: نيافة مطران استراليا مار ميلس يُزوِّر اسم لغته الأم في اليوم العالمي للغة الأم

http://baretly.net/index.php?topic=56800.0

http://baretly.net/index.php?topic=56808.0;nowap

ولكي يكتمل الموضوع إلى حد ما نقول:
مصطلح اللغات السامية حديث أطلقه الألماني شلوتسر سنة 1781م، ورغم أنه مصطلحاً مقبولاً، إلاَّ أنه ليس تقسيماً لغوياً بحتاً، فقد اعتمد على سفر التكوين لأبناء سام اصحاح10، واستثنى العيلامين والليدين رغم أن عيلام ولود هما ابنا سام، كما أُدخلت الكنعانية في اللغات السامية رغم أن كنعان ليس من أبناء سام حسب سفر التكوين.
وهناك تفرعات وجداول عدة للغات السامية، وباختصار تقسم اللغات السامية إلى قسمين، الشرقية والغربية، الشرقية هي الأكدية (البابلية-الآشورية) فقط ولا يوجد لها أية شقيقة، أمَّا الغربية فتقسم إلى شمالية، الكنعانية (الفينيقية) والعبرية والآرامية (السريانية)، وجنوبية، العربية والحبشية، واقرب اللغات السامية لبعضهما هي السريانية والعربية، فهما ليستا شقيقتان فحسب، بل أختان تؤمان، والعربية هي أنقى اللغات السامية، لأن العربية عاشت معزولة في الصحراء ولم تدخلها مفردات كثيرة من اللغات الأخرى كاليونانية والفارسية وغيرها، وكتب كثيراً من الآباء السريان باللغتين السريانية والعربية، واقترضت اللغتان من بعضهما البعض، إلاَّ أن اقتراض السريانية من العربية قليل واقتراض العربية من السريانية كثير جداً، حوالي ألفي لفظة، وهناك أكثر من ألف أخرى سيتم نشرها مستقبلاً من قبل الأديب اللغوي بالسريانية والعربية جوزيف اسمر ملكي، والجدير بالذكر أن أغلب الألفاظ التي اقترضتها العربية من السريانية هي باللهجة السريانية الشرقية، أمَّا حركات الأعجام وبعض القواعد وغيرها فاقتبسها العرب من السريان، والخط العربي ومنه خط القران هو سرياني (آرامي نبطي)، وجميع العلوم والفلسفة تُرجمت من اليونانية إلى السريانية ومنها إلى العربية. (راجع القرآن والسريان ج1). http://baretly.net/index.php?topic=37599.0
ينقسم السريان إلى شرقيين أي شرق نهر الفرات وهم الكلدان والأشوريين، وغربيين وهم السريان الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة والروم، واللغة السريانية الآرامية هي إحدى أقدم وأشهر اللغات في العالم، وسَمَّى كثيراً من الاختصاصيين الألف الأولى قبل الميلاد بإمبراطورية اللغة الآرامية، وبعد الميلاد أصبح اسمها السريانية، وإلى جانب عشرات الآلاف من المخطوطات في كنائس ومكتبات ومؤسسات الشرق الأوسط، فقد ملأت آلاف المخطوطات السريانية المتاحف والمكتبات العالمية، لندن، الفاتيكان، برلين، باريس، اكسفورد، كامبريج، مكتبة لوران، أمريكا، وغيرها.
الحقيقة العلمية والتاريخية الثابتة هي أن البابليين والأشوريين القدماء لم تكن لديهم لغة، وإنما كانت لغتهم أكدية مسمارية تكتب على الطين، ولما كانت الدولة الكلدانية التي دامت 73 سنة فقط أساساً دولة آرامية، لذا سأركز أكثر على الأشوريين، فقدت سادت اللغة الأكدية القديمة العراق وانتشرت إلى بلاد العيلاميين والحثيين ووصلت إلى مصر، وفي القرن الثامن قبل الميلاد اضمحلت الآشورية وأصبحت لغة عسكرية خاصة بالحكام لأن الآرامية غزت دولة أشور، وأصبح الوجود الآرامي في آشور كثيف، ولسهولة كتابة الآرامية لفظاً وتصريفاً..الخ، ولأنها تكتب على الجلود والبردي، فالآرامية ألف باء عدد حروفها 22، أمَّا الأكدية مسمارية مقطعية صورية عدد رموزها حوالي 570، وتعتمد كتابتها على عدد المقاطع وعلامتها التي قد تصل إلى 8000 وكحد أدنى على الكاتب أن يستعمل من 1000-2000 مقطع لكي يكون كاتباً في شؤون الحياة التي لا تحتاج إلى مصطلحات خاصة، فالطب والكيمياء والهندسة والسحر وغيرها من الفنون الخاصة كانت لها رموز لا يكثر وردوها في اللغة العامة (حسن ظاظا الساميون ولغاتهم، ص 27)، واللغة الآرامية تكتب من اليمين إلى اليسار بينما المسمارية الأكدية بالعكس، وغيرها من الاختلافات اللغوية (الدكتور رمزي البعلبكي، الجامعة الأمريكية، بيروت، الكتابة العربية السامية، دراسات في تاريخ الكتابة وأصولها عند الساميين30 ،47).
إن الخط البابلي الذي استعمله الأكديون لم يشمل على كثير من حرف التضخيم والتفخيم كالطاء والضاد والظاد وحروف الحلق كالخاء والعين والغاء والهاء السامية، ونتيجة لاستعمال البابليين والآشوريين الخط السومري تأثر نطقهم وفقدوا النطق السامي الصحيح بمرور الزمن، والألفاظ التي وصلت من الأكدية قليلة لا يمكن للباحث أن يستخلص الصحيح منها لأنها خليط من ألفاظ سومرية وليس بالمستطاع تميز السامي عن السومري بعد أن اندمج الكل في بعضه وأصبح لغة واحدة (ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص8،39)، ويقول الراهب السرياني الشرقي النسطوري ثيودوروس بركوني سنة 600 تقريباً: لو قابلتَ اللغة البابلية القديمة مع السريانية فلن تجد فيها واحداً بالمئة من السريانية، (التأويل مج1، باريس1910م، ص113 سرياني)، وأن اللغة الأكدية (البابلية-الآشورية) تبتعد عن أخواتها السامية كثيراً، حتى أن جماعة من المعنيين بالآشوريات يرون أن اللغات السامية جميعها بما في ذلك العربية والحبشية تؤلف مجموعة مستقلة بالقياس إلى الآشورية التي فقدت الكثير من السامي القديم كفعل الماضي وأصوات الحلق، ولذلك فالآشورية تدرس مع البابلية فقط. (د. إبراهيم السامرائي، التوزيع اللغوي والجغرافي في العراق ص59-60).
وفعلاً لا يوجد أي ذكر للغة الآشورية فعندما قام المطران أدي شير الذي اخترع سنة 1912م عبارة كلدو-آثور لغرض كسب السريان الشرقيين (الآشوريين) إلى طائفته الكلدانية، وقام بتأليف كتاب الألفاظ الفارسية المعرَّبة، لم يذكر اللغة الآشورية إطلاقا لأنها غير موجودة أصلاً، فذكر 16 لغة، فإلى جانب العربية ذكر: الفارسية، التركية، الكردية، الآرامية، العبرية، اليونانية، اللاتينية، السنسكريتية، الحبشية، الجرمانية، الانكليزية، الفرنسية، الايطالية، الروسية، والأرمنية (مكتبة لبنان 1980م)، فهل يعقل أن مطران يُسمِّي نفسه كلداني-آشوري يذكر جميع لغات العالم وعلى غلاف الكتاب دون ذكر الآشورية؟، وقواميس واختصاصيو ولغويو اللغة السريانية الآرامية يختلفون عن لغويو الأكدية، فبعد اكتشاف اللغة الأكدية من قبل العلماء جورج فريدريك جورتفند، إدوارد هنكس، فريدريش ديلتش، راولنصون، جوليس اوبرت، وغيرهم، كتب فيها: شارل فوسي، تيرو دانجان، ماجي روتن، ريننية لابات، الأب شيل، فون تسودون وغيرهم، وقواميسها هي قاموس ديليش، بتسولد، ماس-أرنولت، المعجم البابلي السومري للأب دايميل، وغيرهم.
وفي محاضرة للكاتب والأديب جميل روفائيل بطي أقيمت في النادي الثقافي الآثوري بتاريخ 16/5/1971م بعنوان “دور اللغة السريانية في الحضارة الإنسانية”، قال بطي: إن الآثوريين والكلدان المعاصرين يتكلمون اللغة السريانية وليس اللغة الآشورية أو الكلدانية التي كانت إحدى اللهجات الأكدية وانقرضت قبل أكثر من 2500 سنة، مثبتاً ذلك بالأدلة اللغوية والتاريخية من مصادر الآشوريين والكلدان أنفسهم، فنهض أحد الحاضرين من الآشوريين المتعصبين، وأصر على أن اللغة التي يتكلم بها آثوريو اليوم هي الآشورية القديمة، وعدّدَ له بعضاً من الكلمات، فأجابه جميل روفائيل بطي: إن علاقة هذه الكلمات باللغة الآشورية هو كعلاقة اللغات السامية ببعضها، وفي نفس الوقت نهض أحد الحاضرين وكان آثورياً طالباً في قسم الآثار بكلية الآداب، وبدأ يقرأ في ورقة كانت في يده، ثم طلب من السائل الآشوري الأول (المتعصب) أن يُبيّن له إن كان قد فهمها أم لا؟، فردَّ عليه “بأنه لم يفهمها”، فقال له: إن هذه هي اللغة الآشورية، ولو كانت لغتنا، لكُنتَ قد فَهِمتَ ما ورد في هذه الورقة.(أضواء على قرار منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية ص64).
إن اسم اللغة تحددها خصائص كثيرة كالقواعد والاشتقاق والبيان والأفعال وتصريفها والإعراب والحركات والصوائت والصوامت والحلقيات وأسماء الإشارة وعدد الحروف والأرقام والإبدال والإدغام…الخ، وليس تقارب بعض الألفاظ في اللغات الذي هو نسبي، فالمعروف أن هناك حوالي 2500-3500 لغة في العالم (امييه وكوهين، عدد اللغات الحية في العالم 1952م، وجراي، أصول اللغة 1950م)، وجميع اللغات تنحدر من ثلاث مجاميع رئيسية هي السامية، الحامية، اليافثية (الآرية، الهندو-أوربية)، وقطعاً أن الإنسان الأول كان لغته واحدة قبلها، وهناك بعض التقارب حتى بين المجاميع اللغوية التي ليست ضمن العائلة الواحدة لدرجة أن بعض العلماء اعتبر أن الساميين انحدروا من إفريقيا نتيجة تقارب الحامية مع السامية في بعض الأمور، ومن المعروف أن معظم اللغات تشترك في الحروف الأبجدية الأولى الأبجدية ألف باء، وكذلك ما يُسمَّى بأولى الكلمات مثل أم، أب، ارض، حرف النفي لا..الخ.

سبب قيام بعض السريان الشرقيين بتزوير اسم لغتهم
نتيجة الانشقاقات الكنسية في التاريخ ظهرت أسماء عديدة للسريان كالكلدان الذين هم سريان شرقيين نساطرة اعتنقوا الكثلكة سنة 1553م وثبتت اسمهم بالكلدان نهائياً في5 تموز سنة 1830م، نتيجة قرار البابا اوجين الرابع سنة 1445م، أمَّا الذين بقوا سريان نساطرة فسمَّاهم الإنكليز أشوريين لأغراض سياسية استعمارية سنة 1876م وثبت اسم احد أقسام الكنيسة فقط رسمياً بالآشورية في 17 تشرين أول 1976م، أمَّا القسم الآخر منهم فيرفض التسمية الآشورية، والحقيقة أن الاثنين لا علاقة لهما بالكلدان والآشوريين بالقدماء سوى انتحال الاسم.

منذ بداية النهوض القومي لدى الشعوب في العصر الحديث بدأ السريان الذين سمَّاهم الانكليز آشوريين العمل السياسي بقوة مستغلين اسمهم كدعاية باعتبارهم أحفاد أولئك القدماء، ظنَّاً منهم أنه لشهرة الاسم في التاريخ سيفهمهم العالم أكثر ويستطيعون تحقيق مكاسب سياسية ويعطوهم بلاد آشور القديمة وعاصمتها الموصل التي لم تكن يوماً واحداً مقرَّاً لكنيستهم في كل التاريخ، بل إنها آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية في نهاية القرن السادس الميلادي.
بعد سنة 2003م بدأ الكلدان أيضاً وكردة فعل على الآشوريين بالعمل السياسي واستعمال اسمهم بأنهم أحفاد الكلدان القدماء، ولما كانت اللغة من أهم عوامل القومية ولإثبات وجودهم بدئوا ينقلون من الكتب القديمة كل كلمة سرياني أو نسطوري إلى آشوري وكلداني، ويزورون اسم اللغة والقواميس كل لصالحه، وتميّز في هذا الاتجاه الأشوريون أكثر من الكلدان، فعمليات التزوير بين الكلدان مقتصرة على بعض المثقفين المتعصبين، ونادراً بين رجال الدين، أمَّا الأشوريين فهم سياسيون محنكون ويشترك معهم رجال الدين في التزوير، وبصورة خاصة في أمريكا واستراليا، مثل مطران استراليا ميلس زيا الذي يُسمي لغته آشورية، وهو لا يعرف جملة وربما حرف واحد من اللغة الأشورية القديمة.

ومع أن الآشوريون الحاليين هم سريان في كل التاريخ ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء سوى انتحال الاسم من الإنكليز، وإلى جانب العهد القديم الذي يذكر اسم اللغة الآرامية (عزرا 4:7، دانيال 2:4، 2 ملوك 18:26، واشعيا 36:11، المعروفة لدى الجميع، لكننا نورد شواهد قليلة من الآثار الأشورية تحديدا على أن اللغة كانت استعملتها الدولة الآشورية بعد اضمحلال لغتها الأكدية هي الآرامية وليست الآشورية، وتسمية آشوريو اليم لغتهم آشورية هو تزوير لغرض سياسي استعماري، والشعب الآرامي يختلف عن الشعب الأشوري، بل أنهم كانوا أعداء، فقد ذكر الملك الأشوري تغلاث فلصر في سنة 1111 ق.م. أنه قاد 28 حملة على الآراميين، وألحق بهم الهزيمة وسباهم وممتلكاتهم إلى أشو، والأشوريون القدماء أنفسهم فرَّقوا بين لغتهم الأكدية القديمة والآرامية لأن الدولة الآشورية القديمة كانت في آخر قرنين قبل سقوطها دولة آرامية لغةً، وأغلبية آرامية عنصراً، وندرج عدة رسائل:
1: رسالة من سرجون الثاني يؤنب موظفه لأنه كتب بالآرامية فيقول الموظف: إذا كان مقبولا للملك دعني اكتب وابعث رسالتي بالآرامية على رسائل ملفوفة، وكان جواب الملك:

لماذا لم تكتب لي بالأكدية على رقم طيني، رسائلك التي كتبتها يجب أن تتوقف بهذا الأمر الملكي.

2: رسالة بعث بها حاكم أشوري إلى الملك يقول فيها:الرسالة الآرامية التي كتبتها للملك سيدي.

3: ورد عديد من أسماء الكتاب الآراميين في الدولة الأشورية مثل أباكو ونوريا، أحو،عوبري،حملا، أيلي.

4: ورد ذكر اللغة الآرامية في البلاط الأشوري من حاكم صور المدعو قوردي-أشور-لامور إلى الملك الأشوري يقول فيها: بعثت نابو-اوشيزب مع الرسالة الآرامية من مدينة صور.

5: رسالة تقول على الأشخاص الستة المعروفين المدونة أسمائهم في الوثائق الأشورية والآرامية دفع الضريبة في نهاية السنة.

6: عُثر في نمرود ونينوى على نقود وصكوك وأختام وتماثيل باللغتين المسمارية والآرامية قسم منها يحمل أسماء ملوك آشور.

7: عٌثر في قصر تل بارسيب على نقش يعود للعهد الملك تغلاث فلصر يظهر فيه كاتبان أحدهما آشوري يكتب بالمسمارية على طين والآخر آرامي يكتب بالآرامية على البردي.

(الدكتور يوسف متي قوزي، كليات اللغات جامعة بغداد، ومحمد كامل روكان كلية الآداب جامعة القادسية، آرامية العهد القديم، قواعد ونصوص ص15-20).

8: يقول الدكتور أ، دوبون سومر: هناك رسالة مهمة بالآرامية تعود إلى عهد أشور بانيبال تُسمَّى صدفية أشور وجَّهَهَا موظف أشوري يدعى براتير إلى موظف أشوري آخر يدعى فيراور، وتمَّ اكتشاف مصطلحات آرامية كثيرة تدل على استعمال اللغة الآرامية في أشور وبابل، منها قوائم بأسماء تسليم حصص النبيذ في مدينة نمرود، ونقوش على الأوزان وعقود البيع والشراء وغيرها. (الآراميون، ترجمة الأب ألبير أبونا ص 108).

9: يقول أستاذ اللغات السامية ولفنسون في تاريخ اللغات السامية: إن الآراميين انتشروا وتدخلوا في بلاد أشور وبابل الفرس ولم حتى صارت لغتهم لجميع الشعوب السامية من البحر المتوسط إلى بلاد فارس، وأصبحت الآرامية اسمها السريانية منذ الميلاد وغدت لهجة الرها السريانية هي لغة الحضارة المسيحية وينقسم السريان إلى يعاقبة ونساطرة، أمَّا الاختلافات اللغوية فاخترعت منهم لأغراض سياسية ودينية أكثر منها لغوية وفي العراق وطورعبدين وبحيرة أروميا توجد بطون من النساطرة يتكلمون السريانية، أمَّا لهجة أروميا فهي آرامية شرقية، ودخلت فيها كلمات فارسية وتركية وكردية. (ص117، 145-148، 159).

10: يقول الدكتور حسن ظاظا: إن اللغة الآرامية غزت الشرق وقضت على غيرها من اللغات، وان السريان الشرقيين من النساطرة والكلدان لغتهم هي سريانية الرها (حسن ظاظا، ص93،101).

11: يقول أرنست رينان الفرنسي: إن الآرامية طمست كل اللغات وغزت بلاد آشور التي أصبحت لغتها الآرامية ( langus semitiqus historie generale des، تاريخ اللغات السامية، فرنسي، باريس 1855م، ص199-201).

12: يقول عالم الآثار إدورد كييرا (1885- 1933م): إن لغة الآشوريين القدماء هي الأكدية وهي تختلف كليا عن لغتهم الدراجة في الوقت الحاضر (كتبوا على الطين رقم الطين البابلية تتحدث اليوم، ترجمة الدكتور محمد حسين الأمين بغداد 1964م).

13: يقول كارل بروكلمان: تُطلق على اللغة البابلية الأشورية القديمة بالسامية الشرقية في مقابل السامية الغربية وتشمل الكنعانية والآرامية والسامية الجنوبية وتشمل الحبشية والعربية، ونُسمي لهجات بلاد الرافدين عادة الأشورية بحسب أول مكان اكتشافها والصحيح تسميتها بالبابلية، والآراميين ومنذ القرن 14 ق.م. اكتسحوا المنطقة واندمجوا واجبروا الأشوريين والبابليين على التحدث بلغتهم، وفي القرن التاسع عشر رفعت البعثات التبشيرية الأمريكية لهجة أروميا إلى لهجة أدبية لهؤلاء السريان، ويضيف المترجم الدكتور رمضان عبد التواب أستاذ اللغات بكلية الآداب في عين شمس وجامعة الرياض: والمعروف عند الدارسين في الوقت الحاضر أن الأكدية تقسم إلى البابلية والأشورية ولكل منها خصائصها (فقه اللغات السامية ص16،22، 28).

14: يقول سليمان بن عبد الرحمن الدييب: الآرامية أقدم اللغات وأوسعها انتشاراً، وأول نقوشها هو نقش تل حلف في الألف الأول قبل الميلاد، وما زالت الآرامية مستعملة حتى الوقت الحاضر، ونعلم من الآثار والنقوش أن بداية الكتابة السومرية تعود إلى أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، وأثبتت الدراسات أن استخدام السومرية وصل إلى أدنى مستوياته عند سيطرة البابليين إن لم تكن قد اختفت تماماً، أو استمرت بشكل ضيق إلى أن صدرت شهادة وفاتها فعلياً سنة 50م، بينما الآرامية ظلت منتشرة حتى يومنا هذا، وهذا الأمر يجعلنا القول بدون تردد أن اللغة الآرامية الأطول عمراً بين اللغات القديمة. (نقوش تيماء الآرامية، طبعة الرياض ص37).

15: يقول طه باقر: إن الآرامية انتشرت انتشاراً واسعاً وعجيباً بدون سلطان سياسي وأصبحت لغة الدولة الأشورية وتركت آثاراً في البابلية والأشورية، وصارت فيما بعد لغة النبي عيسى وأتباعه. (مقدمة في تاريخ الحضارات ص496).

16: يقول الدكتور والآثاري يهنام أبو الصوف: حلَّت الآرامية في معظم بلاد الرافدين وكل بلاد آشور تدريجيا واستخدم الآشوريين الكتبة الآراميين فتجد مع الكاتب الآشوري بالمسمارية على الطين مدون آخر آرامي بيده جلد غزال يكتب بالآرامية، وفي فترة معينة أصبحت هناك لغة ثنائية (آشورية بالمسماري وآرامية بالآرامي) حتى سقوط آشور, الذين كانت تجاورهم اللغة البهلوية لغة الدولة الاخمينية المنتصرة التي احتلت بابل في 539 ق.م، وبسبب هذه الأحداث لم يتبق في بلاد الرافدين أية لغة آشورية أو كلدية بابلية عدا مخلفات قليلة كهنوتية في المراكز الدينية المحافظة, وهذه أيضاً كانت في طريقها إلى الانقراض, كما انقرضت قبلها بأكثر من ألف سنة السومرية، وآخر كيان سياسي للأشوريين بعد سقوط نينوى كان في حرّان حيث قضى عليه نبوخذ نصّر، وتأسيساً على هذا فمن كان يتكلم باللغة الآشورية، لغة الحاكمين في الإمبراطورية الآشورية، انقرضوا تماما في مطلع القرنين الخامس والرابع ق.م وما بعدهما حتى مجيء المسيحية حيث كانت اللغتين السائدتين هما الآرامية واليونانية.

17: يقول اسماعيل، والدكتورة بهيجة خليل،: كانت الآرامية لغة الدولة الأشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وصار للحكام الأشوريين كتاب آراميون ووردت عدة نقوش كنقش قصر تل بارسيب تصور كاتب أشوري يقف إلى جانب كاتب آرامي، وورد ذكر الكاتب الآرامي في النصوص الأشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد في صيغة (lu،a،ba،mes kur aramaia)، والجزء الأول يعني كُتّاب، وترجمته الحرفية (رجال ألاف باء) والثاني الآراميين، ويعني المصطلح (الكتبة الآراميون). (الكتابة، بغداد 1985، حضارة العراق ج1ص225).

18: فرض الآراميون لغتهم على الشرق كله وبلاد آشور بدل السومرية والعبرية والأكدية، والنساطرة الحاليين لغتهم السريانية. (جورج رو، العراق القديم ص371- 372)

19: يقول الدكتور وليم ويكرام وهو من لعب دورا سياسيا لصالح الانكليز بتثبيت اسم “الأشوريين” إن الآشوريين يستعملون اللغة السريانية واللغة الأشورية الحالية بلا شك هي لهجة من اللغة الآرامية. (مهد البشرية ص220).

20: لن نذكر مئات المصادر وبلغات عديدة وردت كثير منها في مقالاتنا (كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة آشوريين)، وكيف أن السريان النساطرة أنفسهم والى قبل أن يُسميهم الانكليز آشوريين يعتزون بأفواههم أنهم سريان يتكلمون اللغة السريانية، ونكتفي بما قالته مجلةplanit truth الأمريكية:

اللغة السريانية لن تموت مهما تغير الزمن لأنها لغة السيد المسيح. (المطران اسحق ساكا، السريان إيمان وحضارة السريان إيمان وحضارة ج3 ص113).

وشكراً